" ولا يؤودُهُ حِفْظُهما "
* ربى وإلهى يسوع : يقرأ علينا المسلمون قولَ ربهم : " ... وسعَ كرسيّـه السمواتِ والأرضَ ولا يؤوده حفظهما وهو العلىّ العظيمُ " ثم يقولون : صدق الله العظيم . ( يؤوده : يعجزه ، يشق عليه ، يثقله ، يرهقه ) .
لكأنى بهم ينتزعون منك حفظَ السمواتِ والأرضِ ، كأنهم ما قرأوا قولَ القديس إثناسيوس الرسولى عنك فوق صليبك الممجد : " مضى الرب إلى أسافل الجحيم ليس بجسده بل بنفسه . دمه أهرق على الأرض ليحفظَ الأرضَ ومَن عليها. وجسده كان مرفوعا على الصليب ليحفظَ العناصر . ونفسُه مضت إلى أسافل الجحيم وخلصت الذين هناك " (1).
· بدمِك المهـرقِ فى جلجثـة حفظـتَ الأرضَ ومَن عليهـا ؟
بإنسها وجنها ، وجبالها وبحارها ، وشجرِها ومَدَرِها ، وطيرِها وحيواناتها ، وزحافاتها ودباباتها ، حتى هوائها ورياحها . حفظ دمـُك هذا كلّه !!!!
إنها إحدى الوظائف العظيمة لهذا الدم اليسوعى ، " يقول الكتاب المقدس عن دم المسيح أنه دم أزلى ( عب 9/14 ) وأنه دم الله كما يقول بولس الرسول لقسوس أفسس أن يهتموا برعاية كنيسة الله التى اقتناها بدمه ( أع 20/28 ) فإذا كان الدم الذى سال على الصليب يوصف بأنه دم الله ... " (2) .
دم الله الأزلى ، ينسـاب فى شرايينه الأزليـة ، فلا يتصور عقـل وجـود دم أزلـى دون أوعيـة دموية أزليـة ، يكسوها لحـم وجلـد أزليـان أيضا ، فضلا عن قلب ينبض .
* ولكنْ ربى وإلهى ، اصْـدُقـنى القولَ : هل حفظها دمُـك ، أم يحفظها إلهُ المسلمـين بقدرته العليـة ، التى لا يعجـزها شىء ، كما يقـولون ؟ ؟ .
أنا لا أرتاب فيك مثل تـوما المرتاب ، أو أنكرك وأحلف وألعن مثل بطرس ، أو لا أعرفك فى غباء مطبق مثل نثنـائيل ، أو أشـك فيـك مثل جميعهم " كلكم تشكون فىّ فى هذه الليلة " مت 26/ 31 ، " صدقونى أنى فى الآب والآب فىّ ، وإلا فصدقونى لسبب الأعمال نفسها " يو 14/11 ( كارثة . ما كانوا يصدقونه ) .
ولكنْ أَطلبُ الحقيقةَ على لسانك ، لأن الكذبَ صنـاعةٌ نصرانيـة ، فتلاميذَُك فقط هم القادرون على الكذب : " إن كان صدق الله قد ازداد بكـذبـى لمجـده ، فلماذا أدان أنا بعد كخاطىء " رو 3 / 7 .
* " ... فى ذلك الموقع نفسه ، حتى سال دمُه على جمجمة آدم ، وطهّرها" (3)
بربك : من الذى شـاهد الأرض وقد تشـربت الدم المتخثـر ؟ ؟ حتى وصل فى ظلمة أعمـاقها إلى جمجمـة آدم ؟ ؟ فغسـلها وطهّـرها .
ما أعجب هذا القول يا ربى يسوع !!! هل كانت جمجمـة آدم نجسـة حتى يطهرَها دمك ؟ ؟ إن الكلبَ والخنزيرَ وكل ما خلق اللهُ طاهر ، قلت أنت ذلك (4) ، وقاله بولس (5) ، وقاله بطرس (6) ، وقاله القساوسة واللاهوتيون (7) . كل ذلك طاهر ، إلا جمجمة آدم ، نجسـة ؟ ؟ ما أحقرَ وأنجـسَ الإنسان ... عندك وعند تلاميذك ... يا ابن الإنسان !!! .
يقول بعضهم : وهل دم الملعون ، " ملعون كل من عُلّقَ على خشبة " ، يطهـّر أم يدنـّس وينجـّس ؟ ؟ لقد عَجّـلوا بدفنـك قبل السبت حتى تَطهُـرَ الأرض من رجسـك يا ربـى ، هكـذا يقـولـون !!!!! .
* خبّرنى أيها المعلم الصالح : كيف تعـَرّف النصارى على جمجمـة آدم ، ولمـّا يعـرفوا قبـرَ ربى يسـوع بعـد ؟ ؟
وكيف اكتشفـوا هذا التطهيـر ، الذى تم فى رَحِمِ الأرض ، ولم يطّلعْ عليه بشـر ؟ ؟
ولماذا الجمجمـة دون سائـر الأعضـاء البشـرية الأخرى ؟ ؟
لو صدّقـتْ الهيئاتُ العلميـةُ هذا ، لكانت أعجـلَ إلى اكتشـاف أولِ مَن كلمـه اللهُ من البشر ، وأسكنه جنة عدْن .
غير أن للعلمـاء عقـولا يعقـلون بهـا .
بل يبدو أنك ما تعرفْتَ على آدم ولا حتى من الإصحاحات الأولى من سفر التكوين . إنك لم تذكر أبا البشـرية بكلمة واحـدة ، بينما يذكـره محمـدٌ كثيـرا .
· ربـى وإلهـى يسـوع : هل حقـا حفظ دمـُك الكريمُ الأرضَ ومَن عليها حين أهـرق فوقهـا ؟ ؟
وهل حقا سال على جمجمـة آدم وطهـّرها فى أعمـاق الثـرى ؟ ؟
أم أنه لو سقـط على الأرض لاحترقـت وصارت حطامـا ، وفَنِىَ الأحيـاء والحيـاة كما يقول آخـرون؟ ؟
أيهمـا نصـدّق ؟ وبينهمـا ما بيـن المشـرق والمغـرب ؟ ؟
بين هذا وذاك يتحيـر العقل النصرانى ، يضرب أخماسـا لأسـداس ، لذا صار أتبـاعُك فى عقـيدتهم أتْيـَهَ من قـوم مـوسى .
· دعنى من الدم ، " فما أهون الدم على مَن يمثل فى عبادته أكلَ الدم ، وعلى من يعتقد أن خلاص العالم الإنسـانى من الخطيئـة إنما كان بسفـك الدم البرىء على يد المعتدى الأثيم " (8) .
· حدّثنى عن " وجسده كان مرفوعا على الصليب ليحفظ العناصر (الأجرام السماوية : heavenly bodies ) " ، رفعه على الصليب أحقرُ خليقته : اليهود .
" فكان الرب يُسمّر ، وفى نفس الوقت يحفظ البشريةَ والخليقةَ كلها ويسوسها "(9)
رفعوك ربى وإلهى عريانا كيوم ولدتك أمك ، مكشوف السوأتـين ، قُبـُلك ودُبـُرك ، ترمقك النسوة ، ويراك الجنـد والرجال والمارة ، ولا يخلو المشـهد من الشـواذ: الزنـاة والمأبونيـن ، يتلذذون بإمعـان النظر إلى عورات المصلوبين الثلاثـة ( يسـوع بين اللصين ) .
· لهفى عليك ربى وإلهى !!! ومن عجب أن الله " ... يعود فيرحمهم استجابة لطلبة الرب يسوع ( يا أبتاه اغفر لهم فإنهم لا يعلمون ماذا يفعلون . لو23/34 ) ، فإن الله قد اعتبرهم قاتلين سهوا للرب يسوع " (10) .
إنه تصرف يليـق بالمعتـوهـين ، يا لها من بلاهـة ، قاتليـن سهـوا ؟ عبارة يصدّقها الحمـقى دون تعقـل . فالنصـرانيـة لا عقـل لهـا .
* أما هؤلاء المسلمين الذين يقولون إنهم لم يقتـلوك ، وينزهـونك عن هذه النقائص ، ويطمعون فى دخول الجنـة ، فلا تشفـق عينـك عليهم ، " فأتـوا بهم واذبحـوهم قـدامى " لو 19/27 ، ألقِهِمْ فى قيـود أبديـة فى بحـيرة النـار والكبـريت ، جـزاء وفـاقا ، إنه العـدل الإلهى ، كما أن " البـار تألـم من أجـل الأثمـة " 1 بط 2/24 ، 3/18 ، إنى أبغضـهم هكـذا بلا سـبب ، وهكـذا أحب الله يعقـوب وأبغض عيسـو .
* هل حقا كان جسـدك المعلق على الصليب هو الذى يحفظ السمواتِ أن تزولَ كواكبها ، وتحترق أجرامُها ، وتنْحـلّ نجومُها ، وتتـزعزع قواتُـها ، وينتثـر كل جنـدِها ، وتضطرمَ فى سيـرها ، وتظلم الشمـس ، ويضمحـلّ نور القمـر ، وتتسـاقط النجـوم ؟ ؟
هلا اقتصروا على مجموعتنا الشمسيـة ، بدلا من الأجـرام السمـاوية : ملاييـن الكواكب والنجوم تدركها أبصـارنا فى صفحـة السمـاء . فالعاقـل يحـدّث بما لا يستطـاع تكذيبـه .
لقد أسرفـوا فى مبالغـاتهم كثـيرا ربى وإلهـى ، وإذا بالغ الناس ، استعـاروا للقـط شـوارب النمـر .
* ربى يسـوع : هل وزّعـتَ العملَ والاختصـاصات بين أعضـائك وتراكـيب جسـمك :
فصار دمـك : يختـص بالأرض ومَـن عليهـا ؟
وجسـدك : له السمـوات بمـا فيهـا ، ومَـن فيهـا ؟
ونفسـك : لأسـافـل الجحـيم ؟
إنها أشبـه بتقسـيم العمـل والاختصاصات بين أقـانيم اللاهـوت الأقدس (11) . ما أعظـم هذا يا ربى يسـوع ، ليس هـذا من فكـر بشـر ، حـاشـا ، بل هو فكـر الإله العظيـم المثـلث الأقـانيم .
· يقول المسلمون عن القديس إثناسيوس : إنه أراد أن يرفعـك فـوق قـدرك ، فشنقـك بحبـل جـدلتْـه يـداه .
أخرجك عن طبيعتـك وقدراتـك الإنسانيـة ، إلى صفـات الذات الإلهيـة .
وماذا تفيـد وسـادة من ريش النعـام ، لسمكـة أخرجـت من المـاء ؟
إن زوايـا المسيحيـة مشحـونة بالـرزايـا .
ولولا جهـالة الجهـال ، ما أشـرقت أنـوار الحـكمة .
* ربى يسـوع : ماذا أقـول لهـؤلاء المعـترضين ؟ ألا تسـاعـدنى ؟
دافـع عن نفسـك ، فإن من جعل نفسـه عسـلا أكله الذبـاب .
فيم كان الرب إذن ، إذا لم ينصف نفسـه ، ويـدرك عبيـده ؟
أليس الله بكاف عبده ؟
أدعـوك ربـى ، " إنك سميـع الدعـاء " ، " ادعـونى أستجـب لكـم " .
المراجع :
1 – علم اللاهوت – القمص ميخائيل مينا صـ 152 .
2 – عقيدة المسيحيين فى المسيح – الأنبا يوأنس صـ 215 .
3 – الجوهرة النفيسة فى علوم الكنيسة – ابن سباع صـ 19 .
4 – مر 7/18 – 19 ، أع 15/28 – 29 ، هامش الكاثوليكية مت 15/ 18 – 19 .
5 – الرسالة إلى تيطس 1/15 ، 1 تيموثاوس 4/ 1 – 5 ، كولوسى 2/ 16 ، أف 2/15 .
6 – أع 10/ 9 – 16 .
7 – عقيدة المسيحيين فى المسيح – الأنبا يوأنس صـ 28 ، هامش الطبعة الكاثوليكية عن أع 10/ 9 – 16 ، هامش مت 15 / 1 – 20 .
8 – الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية – الشيخ محمد عبده صـ 44 .
9 – تفسير الأناجيل الأربعة معا – د. شماس حمدى صادق صـ 276 .
10 – دراسات فى إنجيل متى – ترجمة وهيب ملك صـ 35 .
11 – " وفق ما اقتضى تقسيم العمل بين أقانيم اللاهوت " - تفسير الأناجيل الأربعة معا – د. شماس حمدى صادق صـ 253 ، " بين أقانيم الثالوث الأقدس تمييزا أيضا فى الوظائف والعمل " حقائق أساسية فى الإيمان المسيحى – القس فايز فارس صـ 53 ، " كل أقنوم ... له خاصية وقواما يميزه عن الأقنوم الآخر ، وعملا خاصا به ينسب إليه ، لا يشاركه فيه غيره " الثالوث الذى نؤمن به – مفيد كامل صـ 24 .
تعليق