السحر...

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ستوتة الاسلام اكتشف المزيد حول ستوتة
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ستوتة
    0- عضو حديث
    • 19 فبر, 2009
    • 23
    • لا اعمل
    • الاسلام

    السحر...

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال النبي :
    (( اجتنبوا السبع الموبقات )) . قالوا : يا رسول الله وما هُنَّ ؟
    قال (( الشرك بالله ، والسحرُ وقتلُ النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكلُ مال اليتيم ، وأكلُ الربا ، والتولي يوم الزحف وقذفُ المحصناتِ الغافلاتِ المؤمنات ))



    (( السحر ))




    والسحرُ عالم عجيب تختلط فيه الحقيقة بالخرافة .. والعلم بالشعوذة .. كما تختلط فيه الدوافعُ والبواعث .. والغاياتُ والأهداف !!
    وهو عالمُ ظاهرهُ جميلُ خلاب يفتن القلوب البسطاء ويخدعُ السذج والرعاع !!
    وباطنه قذرَّ عفن يتجافى عنه أولوا الألباب وينأى عنه أصحابُ القلوب المستنيرة والفطر السليمة !!

    وعرف السحر الإمام ابن قدامة في كتاب المغني مع الشرح الكبير في المجلد العاشر فقال : السحر هو عُقدّ ورُقي وكلامّ ستكلم به ( أي الساحر) ويكتبه أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له وله ( أي الساحر ) حقيقة فمنه ما يقتل وما يُمرض وما يأخذُ الرجل عن إمرأته فيمنعُهُ وطأها ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغضُ أحدُهما إلى الآخر أو يُحبب بين اثنين . أ . هـ .
    وهنا يجب أن نفرق بين السحر والكرامة والمعجزة فالسحر اتفاق بين الساحر والشيطان على أن يقوم الساحر بفعل الكفر والشرك وكل ما هو محرم في مقابل أن يساعده الشيطان وأن يعينه في كل ما يطلبه منه الساحر .
    وكلما ازداد الساحر كفراً بالله وعبادة الشيطان كلما ازداد الشيطان له طاعة .
    أما الكرامة فلا تكون إلا للولي .




    وأما المعجزة فلا تكون إلا للنبي .
    وجماعهما الأمر الخارق للعادة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في المجلد الحادي عشر .
    حقيقة السحر وأنواعه




    بعد أن تعرفنا على معنى السحر لغة واصطلاحاً نقف الآن على حقيقة السحر .
    يقول الإمام القرطبي ( (( ومذهب أهل السنة والجماعة أن السحر ثابت وله حقيقة وقد اتفق على هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع ولا عبرة مع اتفاقهم للمخالفين )) .
    وقال الإمام النووي : (( قال بعض أصحابنا أي من الشافعية : بأن السحر لا حقيقة له وإنما هو تخييل والصحيح أن السحر له حقيقة وبه قطع الجمهور وعليه عامة العلماء ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة ))


    واستدل القائلون بأن السحر تخييل لا حقيقة له بقول الله عز وجل: { يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى } [طه:66]
    ويقول جل وعلا: {سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف:116]
    واستدلوا بأن السحرة لا يقدرون أبداً على قلب حقائق الأعيان كتحويل الحصى إلى ذهب أو كتحويل الورق إلى أموال وغير ذلك ولو كانوا يملكون ذلك لكانوا أغنى الناس وما تحايلوا على أكل أموال الناس بالباطل .
    استدلوا أيضاً بأن السحرة لو قدروا على فعل ذلك لاختلط الحقُ بالباطل والسحرُ بالمعجزة.


    واستدل الجمهور من أهل العلم على أن السحر حقيقة لا تخييل بأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة
    كقول الله عز وجل في سورة البقرة : {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [البقرة:102]




    فقد أخبر الحق تبارك وتعالى في هذا النص القرآني الكريم أن الشياطين يعلمون الناس السحر وأن الناس يتعلمون منهم .
    وإذا لم يكن للسحر حقيقة فماذا يُعَلمون وماذا يتعلم الناس ؟!!




    وأن النص القرآني قد صرح بأن الساحر يفرق بسحره بين المرء وزوجه ، واستدلوا بقول الله عز وجل : {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق:4]
    والنفاثات في العقد هن الساحراتُ اللواتي يعقدن السحر وينفثن عليه .

    قال الجمهور : ولولا أن السحر حقيقة ما أمر الله بالاستعاذة منه واستدلوا على حقيقة السحر بوجوده في الواقع .








    فالسحر الحقيقي: هو الذي يعتمد فيه الساحر على الجن والشياطين وعبادة الكواكب والنجوم .



    وكلما ازداد الساحر كفراً وزندقة ازداد الجن والشيطان له طاعة .
    وسحر التخييل الذي لا حقيقة له في الواقع ، مبني على الأخذ بالعيون فترى الشيء على خلاف ما هو عليه ، في الحقيقة .



    يقول الحافظ ابن كثير :
    وإن سحر سحرة فرعون كان من هذا النوع وقد جاءت النصوص القرآنية صريحة بأنه كان تخييلاً وأخذاً بالعيون قال تعالى: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه:66] .
    وفي قوله تعالى: {فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف:116] .



    لأن إيقاع السحر في أعين الناس يدل على أن أعينهم تخيلت غير الحقيقة الواقعة .
    ومن ثم نخلص إلى أن السحر منه ما هو حقيقي وما هو تخييل والله أعلم .














    وهنا يثور هذا التساؤل الخطير : هل سُحر النبي حقاً ؟



    والحديث رواه البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجة والنسائي والبيهقي وغيرهم من عدة طرق عن عدد من أصحاب النبي وهذا لفظ حديث عائشة في صحيح البخاري في كتاب الطب قالت :



    سحر رسول الله رجل من بني زُريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله يخيلُ إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي لكنه دعا ودعا ثم قال: ((يا عائشة أشعرت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟)).
    قلت وما ذاك يا رسول الله ؟ فقال: ((أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه ما وجعُ الرجل ، فقال مطبوب (أي مسحور) قال ومن طَّبه ؟ قال لبيد بن الأعصم اليهودي قال في أي شيء ؟ قال : في مُشط ومُشاطَة)) والمشاطة أي الشعر المتساقط من الرأس واللحية عند ترجيلهماً (( وجُفَّ طلعة ذكر )) ( أي على الغشاء الذي يكون على الطلع ) قال أين هو ؟
    قال في بئر ذي أروان ومن الرواة من قال في بئر ذروان ، قال : وذروان : بئر في بني زريق – فذهب النبي في أناس من أصحابه إلى البئر فنظر إليها ، وعليها نخل .
    قال: ثم رجع إلى عائشة، فقال: (( والله لكأن ماءها نُقاعةُ الجفَّاء ولكأن نخلها رؤوس الشياطين ، قلت : يا رسول الله أفأخرجته ؟
    قال: ((لا ، أما أنا فقد عافاني الله وشفاني ، وخشيت أن أثُوَر على الناس منه شراً وأُمر بها فدفنت))
    وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : سحر النبي رجلٌ من اليهود ، فاشتكى لذلك أياماً فأتاه جبريل فقال : إن رجلا من اليهود سحرك ، عقد لك عُقداً في بئر





    كذا وكذا ، فأرسل رسول الله فاستخرجها فَحلَّها ، فقام رسول اله r كأنما أُنْشِطَ من عِقَلٍ ، فما ذكر ذلك لذلك اليهودي ولا رآه في وجهه قط ))
    .
    وقد ردّ كثير ممن ينسبون إلى العلم هذا الحديث الصحيح وتبعهم في ذبك من يقدمون العقل على النقل ويردون النصوص التي لا تقبلها عقولهم .
    ويرون عقولهم ميزاناً يعرفون به صحيح الحديث من سقيمه معرضين عن منهج المحدثين من سلف الأمة الذين أرسوا قواعد علم الحديث ومصطلحة .
    ولو كانت العقول وحدها ميزاناً لمعرفة الصحيح المنقول من سقيمه لكان خبر دائراً بين القبول والرد .



    نعم فهؤلاء يرونه موافقاً لعقولهم فيقبلونه وآخرون يرونه مخالفاً لعقولهم فيردونه .
    ورضي الله عن عَليَّ إذ يقول : لو أخذ الدين بالعقل لكان المسح على باطن الخف أولى من المسح أعلاه !!
    فالعقل له دوره وله وظيفته وله أيضاً حدوده ونور الوحي لا يطمسُ نور العقل أبداً بل يباركه ويقويه ويزكيه .



    وليس ابداعُ العقل في الجانب المادي والعلمي دليلاً على صوابه ودقته في الجانب الديني الذي لابد من التقيد بنور الوحي








    فالعقل له حدوده وله دوره ولا ينبغي أن يتعدى هذه الحدود أو يتخطاها وأن يحكم على النصوص الصحيحة الصريحة بعقله القاصر وحكمه الضيق .











    فالذين ردّوا حديث سحر النبي ادَّعوا بأن الحديث باطل ومقدوح في سنده والحديث مخرج في أصح كتابين بعد كتاب الله عز وجل في صحيح البخاري ومسلم .



    وإذا مجدت الحديث قد اتفق عليه الشيخان فإنه يكون في ذروة قمم الصحة ، وإذا وجدت الرجل يطعن في حديث رواه الشيخان فاعلم بأن بضاعته في علم الحديث مزجاه .. هذا إن أحْسَنّْا الظن به !!



    أما دعواهم بأن الحديث يقدحُ في مقام النبوة ويتنافى مع العصمة التي منحها الله لنبيه في قوله {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67]
    وأن هذا الحديث يصدق المشركين الذين اتهموا الرسول بأنه مسحور كما قال عز وجل منهم : يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } [الإسراء:47]
    والجواب على هذا أن الرسول معصوم باتفاق في جانب التبليغ والتشريع : {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} } [النجم:4]
    وأما بالنسبة إلى الأعراض البشرية كأنواع المرض والآلام والإصابة في المعارك فهذا لا يقدح في مقام النبوة ولا ينافي العصمة وجميع الأنبياء يعتريهم من ذلك ما يعتري البشر جميعاً: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } [ابراهيم:11]
    وقال جل وعلا مخاطباً رسول الله r : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } [الكهف:110]



    والسحر علة من علل الدنيا ومن أمراضها كسائر الأمراض .
    وهذه قدَّر الله أن تكون للنبي كما تكون لغيره .










    فقد أثَّرت فيه الحمَّى وأثر فيه السُّم وجرح وجهه في غزوة أحد ، وكٌسرت رُباعيته
    .
    وسبقه من إخوانه من الرسل من قُتل ، ومن عذّب ، وأوذي .




    وفي سنن الترمذي وقال حسن صحيح من حديث سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله أي الناس أشد بلاءً ؟ قال : (( الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صُلْباً اشتدَّ بلاؤهُ ، وإن كان في دينه رقَّةٌ ابتلاه على حسب دينه ، فما يبرح البلاءُ بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ))

    وأما قولهم بأنه موافق لقول المشركين: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الفرقان:8].
    فمن المعلوم لكل أحد أن المشركين أرادوا بذلك أن ما يتلوه محمدٌ من قرآن نزل عليه من عند الله إنما هو سحر يفرق بين الإبن وأبيه والأخ وأخيه والزوج وزوجه .
    كما حكي منهم ذلك في سورة المدثر حكاية عن الوليد بن المغيرة : {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ{18} فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ{19} ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ{20} ثُمَّ نَظَرَ{21} ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ{22} ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ{23} فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ{24} إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ{25} [المدثر : 18-25].






    وأخيراً : علاج السحر والوقاية منه .










    أما عن حكم السحر .



    فقد قال الحافظ ابن حجر :




    وقد دلت آية البقرة وهي قول الله تعالى :
    {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [البقرة:102]



    على أن السحركفرٌ ومتعلمة كافرُ أي الساحر وهو واضح في بعض الأنواع وهو التعبُد للشياطين أو للكواكب وأما النوع الآخر الذي هو من باب الشعوذة فلا يكَّفر به أصلاً.


    وهنا يثور سؤال خطير وهو : من الذي كفَّر سليمانَ ولماذا ؟





    وأود أن أتوقف قليلاً مع آيات السحر في سورة البقرة باعتبارها العمدةُ في الأحكام التي تتعلق بالسحر ولأن بعض كتب الت
    فسير قد شحنت بكثير من الأخبار الموضوعة المكذوبة في تفسير هذه الآيات .
    وسببُ نزول هذه الآيات أن الله تعالى أنزل إلى بني إسرائيل شريعة مباركة طيبة هي شريعة التوراة فتركوها ونبذوها وإشتغلوا بالسحر الذي يعبدّهم للشيطان .
    فلما جاءتهم الشريعة الغراء التي أنزلها الله على رسوله محمد استمروا على ضلالهم في إتباع السحر والإعراض عن الشريعة وزعموا أن نبي الله سليمان إنما سُخرت له الجن والإنس والطير بالسحر فأنزل الله هذه الآيات ذاماً لهم مبيناًَ كفرهم وضلالهم مبرئاً عبده ونبيه سليمان مما رماه به أهل الضلال والبهتان .






    وذكر ابن الجوزي في زاد المسير قولاً عن ابن إسحاق في سبب نزولها فقال : إنه لما ذكر سليمان في القرآن قالت يهود المدينة ألا تعجبون لمحمد يزعم أن ابن داود كان نبياً ؟ والله ما كان إلا ساحراً فنزلت الآية .
    قال الحافظ ابن حجر العسقلاني :



    اختلف في المراد بالآية فقيل إن سليمان كان قد جمع كتب السحر والكهانة فدفنها تحت كرسيه فلم يكن أحد من الشياطين ليستطيع أن يدنو من الكرسي فلما مات سليمان وذهبت العلماء الذين يعرفون الأمر جاءهم الشيطان في صورة إنسان فقال لليهود هل أدلكم على كنز سليمان الذي لا نظير له ؟!
    قالوا : نعم .
    قال : فأحضروا تحت الكرسي فحضروا فوجدوا تلك الكتب .
    فقال لهم : إن سليمان كان يضبط الجن والإنس بهذا فَفَشَا بينهم أن سليمان كان ساحراً.
    فلما نزل القرآن يذكر سليمان في الأنبياء أنكرت اليهود ذلك وقالوا ألا تعجبون لمحمد يزعم أن ابن داود كان نبياً ؟ والله ما كان إلا ساحراً ، فنزلت هذه الآية .
    والأثر أخرجه الطبري وغيره عن السُدى ومن طريق سعيد بن جبير نحوه بسند صحيح ومن طريق عمران بن الحارث عن ابن عباس موصولاٍ بمعناه .
    وأما ما ذكره أهل الأخبار ونقله المفسرون في قصة هاروت وماروت وما روى عن علي وابن عباس وغيرهما فهذا كله من كذب اليهود وافترائهم وبم يُنقل في هذا خبرُ صحيحُ عن رسول الله .



    يقول الحافظ ابن كثير:





    والأحاديث والآثار الواردة في قصة هاروت وماروت حاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل فيها حديثُ مرفوع صحيحُ متصلُ الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى .



    وظاهر سياق القرآن هو إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى والله أعلم بحقيقة الحال .
    وأما تعليمُ الملكين السحرَ للناس بصريح النص القرآني فهذا من باب الفتنة والاختبار والابتلاء .



    ولله أن يختبر عباده بما يشاء وقد خلق الله إبليس الذي هو أصلُ الشر كله ونهى العباد عن متابعته وحذر منه واختبر جيش طالوت بعدم الشرب من النهر والملكان ليسا بعاصيينّ لله في حال تعليمهما السحر للناس بل هما مطيعان لله ، وذلك أنهما مكلفان بهذا من الله تعالى ابتلاءً واختباراً من الله لعباده .



    والخلاصة أن الآية قد دلت على أن السحر كفر وأن الساحر كافر وهذا بلا خوف متعلق بالسحر الحقيقي الذي يعتمد فيه الساحر على الكفر بالله العظيم والاستعانة بعبادة الجن والشياطين والنجوم والكواكب وكلما ازداد الساحر كفراً أو شركاً ازداد الجني والشيطان له طاعة .




    ومن ثم كان حدَّ الساحر في الإسلام هو القتل .










    وقد يسأل الآن سائل ويقول فلماذا لم يقتل النبي لبيد بن الأعصم الذي سحره والجواب أن النبي كان بينه وبين يهود عهدُّ فلو قتله لنقضيه مع كل ما أظهروه من كيد للمسلمين وطعن فيهم وفي دينهم حتى لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ومن المعلوم أن لبيد بن الأعصم كان حليفاً ليهود وكان مناقضاً كما ثبت في الرواية الصحيحة في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أما حكمُ ساحرِ أهل الكتاب فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى عدم قتل ساحر أهل الكتاب إلا إذا قتل بسحره


    فماذا عن حكم من يذهبُ إلى السحرة والعرافين والكهان :



    والجواب من رسول الله ففي صحيح مسلم من حديث حفصه رضي الله عنها أن النبي قال: ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء ( وفي لفظ أحمد ) فصدقه بما يقول، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)



    وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والبيهقي والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي وصححه شيخنا الألباني في الإرواء من حديث أبي هريرة أن النبي r قال: ((من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد r))(.



    قال صاحب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد : وظاهر الحديث أنه يكفر متى اعتقد صدق العراف أو الكاهن بأي وجه كان .
    وفي الحديث الذي رواه البزار بإسناد جيد كما قال الحافظ في الفتح ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن وهذا لفظ رواية البزار عن عمران بن حصين أن النبي قال :
    (( ليس منا من تطيّر أو تطيّر له أو تكهن أو تُكُهِّن له أو تسحر أو سُحر له ومن أنى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ))












    ونقول بقد سئل رسول الله هذا السؤال ففي صحيح مسلم من حديث عائشة قالت سأل أُناس رسول الله عن الكهان .
    فقال لهم رسول الله : (( ليسوا بشيء ))
    قالوا : يا رسول الله فإنهم يحدثونا أحياناً الشيء يكون حقاً ؟
    فقال رسول الله : ((تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقذفها ، وفي رواية – فيقرها في أذُن وليه قرَّ الدجاجة [أي يرددها في أذن الكاهن] فيخلطون فيها مائة كذبة)) .






    وأخيراً نحني جباهنا ذلاً وشكراً لله جل وعلا أن جعلنا موحدين نعلم يقيناً أن الأمر كله لله وأن الملك لله وأنه لا يقع شيء في هذا الكون كله إلا بأمره وتحت سمعه وبصره بل وما من ورقة تسقط من شجرة في هذا الكون كله إلا بعلمه جلا وعلا .
    قال تعالى : {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [الأنعام:59].



    نعلم يقيناً أنه لا تستطيع قوة على ظهر الأرض أن تضر ولا تنفع إلا بإذن الله جل وعلا .
    والأصل في هذا كله قول الله جل وعلا والنص يريح القلوب المطمئنة ويطمئن النفوس الحائرة .
    قالا تعالى : {وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ} [البقرة:102]
    الله أكبر ... ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .
    ولو اجتمع سحرة أهل الأرض لا يستطيعون أن يؤثروا بسحرهم في مخلوق إلا بإذن الله .
  • يوسف المصري
    10- عضو متميز

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 28 سبت, 2008
    • 1839
    • مرشد سياحى
    • مسلم جداااااا

    #2
    جزاكى الله خيرا على الموضوع

    رجاء الاضطلاع على الموضوع التالى

    https://www.hurras.org/vb/member.php?u=35


    ملحدون في الجنة

    لتحميل كتاب لماذا اله النصارى خروف؟ مباشرة من هنـــــــــــــــــــــــــــــــــا

    تعليق

    • ستوتة
      0- عضو حديث
      • 19 فبر, 2009
      • 23
      • لا اعمل
      • الاسلام

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة يوسف المصرى
      جزاكى الله خيرا على الموضوع

      رجاء الاضطلاع على الموضوع التالى

      https://www.hurras.org/vb/member.php?u=35

      لم افهمك يا اخى

      انا جديدة فى المنتدى وتايهة فيه

      ماذا يوجد هنا

      تعليق

      • يوسف المصري
        10- عضو متميز

        حارس من حراس العقيدة
        عضو شرف المنتدى
        • 28 سبت, 2008
        • 1839
        • مرشد سياحى
        • مسلم جداااااا

        #4
        ]عنى اضغطى على الرابط اللى بعتهولك الكلام اللى بالانجلش و اقرأيه هيفديك ان شاء الله فى الموضوع


        ملحدون في الجنة

        لتحميل كتاب لماذا اله النصارى خروف؟ مباشرة من هنـــــــــــــــــــــــــــــــــا

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 15 يون, 2024, 04:22 م
        ردود 0
        26 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة وداد رجائي
        بواسطة وداد رجائي
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 9 يون, 2024, 03:56 ص
        ردود 0
        27 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
        ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
        ردود 0
        50 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة عاشق طيبة
        بواسطة عاشق طيبة
        ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
        ردود 0
        82 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة عطيه الدماطى
        ابتدأ بواسطة د. نيو, 24 أبر, 2022, 07:35 ص
        رد 1
        83 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة د. نيو
        بواسطة د. نيو
        يعمل...