اعلموا ان الله قد تنزه عن ان يدركه احدا اويتصوره عقل فلا تحيط به الافكار والظنون ولا مجال للعقل فى تصورحقيقته وكنه ذانه تعالى
فالاعتماد فى ذلك وفى الايمان به انما هو على ما جاء به الشرع بالسند الصحيح من بيان صفاته وما يليق بذاته تعالى
وما يستحيل عليه كالشريك والولد والصاحبه وغير ذلك
ومع ذلك نذكر الدلائل على امتناع هذه الثلاثة فهى من باب تنبيه الغافل عن الحقيقة اذ العقل التام يدرك بطلان ذلك بالبداهة
وانكار البداهة مكابرة وتعصب
فالله سبحانه وتعالى هو الواحد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد
وهو المبدئ المعيد الفعال لما يريد ذو العرش المجيد له الاسماء الحسنى
وليس بجسم مصور ولاجوهر محدود ومقدر
...الله لايماثل الاجسام لافى التقدير و لافى قبول الانقسام وانه ليس بجوهر ولا تحله الجواهر ولابعرض ولاتحله الاعراض
الله تعالى لايماثل موجودا ولايماثله موجود (ليس كمثله شئ) ولاهو مثل شئ
الله تعالى لايحده المقدار ولا تحويه الاقطار ولاتحيط به الجهات ولا الاراضين والسماوات
والله تعالى على العرش الذى قاله وبالمعنى الذى اراده استواءا منزها عن المماسة والاستقرار والتمكين والحلول والانتقال
لايحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ومقهورن فى قبضته وهو فوق العرش وفوق كل شئ
رفيع الدرجات استواءه معلوم والكيف مجهول وهو قريب من كل شئ موجود وهو اقرب الى العبد من حبل الوريد وهو على كل شئ شهيد
ولايماثل قربه قرب الاجسام كما لا تماثل ذاته ذات الاجسام وانه لايحل فى شئ ولايحل فيه شئ سبحانه وتعالى وتنزه على ان يحويه مكان
كما تقدس عن ان يحده زمان بل كان قبل خلق الزمان والمكان وهو الان على ماكان عليه وانه تميز عن مخلوقاته بذاته وصفاته وليس فى ذاته ولافى صفاته نقص
وتقدس عن التغير والانتقال وتنزه عن الشريك والولد والصاحبة لاتحله الحوادث ولاتعتريه العوارض
ولايزال فى نعوت جلاله منزها عن كل نقص وزوال وفى صفات كماله مستغن عن زيادة الاستكمال
والله تعالى فى ذاته معلوم الوجود بالعقول وله القدرة التامة لايعتريه عجزولاسهوولاخطأولانسيان
ولاتاخذه سنة ولانوم ولايعارضه فناء ولاموت ذو الملك والملكوت والعزِّ والجبروت
له الامر والقهر والسماوات مطويات بيمنه وانه المنفرد بالخلق والاختراع متوحد فى الاجاد
خلق العالم واعمالهم وقدر ارزاقهم واجالهم
لاتعزب عن قدرته تصاريف الامورلاتحصى مقدوراته ولاتتناهى معلوماته ولاتتعلق قدرته بالممتنع والمستحيل
وهو العليم والمحيط بجميع ما يجرى فى الارض الى اعلى السماء لايعزب عن علمه مثقال ذرة فى الارض ولافى السماء
يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء سميع بصير يسمع ويرى
ولا يغيب عن سمعه مسموع وان خفى ولايعزب عن بصره مرئى وان دق
متكلم بكلام قديم ازلى قائم بذاته لايشبه كلام الخلق ليس بمخلوق
له جميع الافعال وكل موجود بفعله وقدرته الغنى بذاته فلا يأكل ولايشرب ولايحتاج الى شئ مطلقا
ولايتغير ولاتعرض له الافات من الهرم والمرض والنوم والنسيان والندم والخوف ولا يماثل مخلوقاته فى شئ
جلَّ جلاله ليس كمثله شئ فى ذاته ولا في صفاته وهو السميع البصير
سبحانه وتعالى علوا كبيرا
تعليق