بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين و على آله و صحبه و سلم، الحمد لله الذي خلقنا مسلمين و جعلنا من خير أمة أخرجت للناس.
اخترت هذا العنوان لدرء تلك الشبهة و هو أن الإسلام هو دين العنف و الإرهاب و سفك الدماء ووو إلى آخر الإسطوانة المشروخة المعروفة، فهل بالفعل الإسلام كما يدعي أعداؤه هو دين العنف و الإرهاب؟؟؟
لنأتي أولا للبحث عن الكلمة المتداولة على ألسنة كثير من الناس بدون معرفة أصلها اللغوي و هي الإرهاب.
تفيد معاجم اللغة أن مادة (رهب) تدل على أصلين: أحدهما: الخوف. والآخر: الدقة والخفة. فالأول: الرهبة، تقول: رهبتُ الشيء رُهْباً ورَهَباً ورَهْبَة، أي: خفته. وأَرْهَبْت فلاناً: أخفته. ومن الباب: إرهاب الإبل، وهو منعها من الحياض .
إذن الإرهاب ليس هو المقصود بالمعنى المتعارف عليه، و هو القتل و التدمير و الهجوم على الآمنين و ترويعهم و إنما المقصود به في اللغة هو الردع.
الإرهاب في الشريعة الإسلامية لا يختلف عن معناه اللغوي و هو ردع العدو عن مهاجمة ديار المسلمين، و الإعتداء على الآمنين منهم و استحلال دمائهم و أموالهم، ليس فقط ديار المسلمين و لكن كل من كان تحت حكم المسلمين سواء كان ذميا أو مشركا أو كافرا لا يؤمن بأي دين.
وردت مادة رهب في القرآن الكريم في أثنى عشر موضعا و قد وردت بصيغ مختلفة فمرة فعل مضارع و مرة أمر و مرة مصدر و هكذا و إليكم بعضها
1-قوله تعالى: { لأنتم أشـد رهبـة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون } (الحشر:13)، جاءت في ذم المنافقين، الذين يخافون من المخلوق أكثر من خوفهم من الخالق. ومعنى الآية: أن المنافقين يخافون من المسلمين أكثر من خوفهم من الله؛ فـ (الرهبة) هنا بمعنى: المرهوبية أو الخوف.
2- وجاءت في صيغة الأمر في موضعين: أحدهما: في سياق خطاب بني إسرائيل، وتذكيرهم بنعم الله عليهم، وأمرهم بالالتزام بما شرعه الله لهم من أحكام، قال تعالى: { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون } (البقرة:40)، وثانيهما: وردت في سياق بيان قدرة الخالق سبحانه، وأن جميع المخلوقات خاضعة لقدرته ومشيئته، وذلك قوله تعالى: { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون } (النحل:51). والأمر بـ (الرهب) في هاتين الآيتين معناه: الخوف والخشية، فالمفسرون شبه مجمعين على أن هاتين الآيتين تأمران المكلفين عموماً بالخوف من الله، والخشية من عقابه، إن هم لم يلتزموا ما أمر به، ولم ينتهوا عما نهى عنه .
3-وجاءت بصيغة الماضي المزيد في موضع واحد كذلك، في قوله سبحانه: { واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم } (الأعراف:116)، وذلك في سياق الحديث عن سحرة فرعون وما كان لموسى معهم. ومعنى الفعل هنا: أن السحرة أرهبوا الناس وأفزعوهم، وأدخلوا الرهبة في قلوبهم إدخالاً شديداً .
4- جاءت بصيغة المضارع المبني للمعلوم في موضع واحد، وهو قوله تعالى: { ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون } (الأعراف:154)، وذلك في سياق الحديث عن قوم موسى عليه السلام واتخاذ قومه العجل معبوداً لهم. ومعنى هذا الفعل في الآية: يخافون ربهم، كما قال الطبري ، أو بمعنى: يخضعون، كما قال ابن كثير ، والمعنيان متقاربان.
5- وردت مادة رهب في الآية التالية و هي الآية التي يفسرها أعداء الإسلام على هواهم و هي (و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم و آخرون من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم و ما تنفقوا من شيئ في سبيل الله يوف إليكم و أنتم لا تظلمون)(الأنفال60)، والآية قد يَفهم منها البعض معنى (الإرهاب) بالمعنى الشائع اليوم والمتداول، لا، بل المراد بـ (الإرهاب) في الآية: جعل الغير راهباً، أي: خائفاً، فإن العدو إذا علم استعداد المسلمين لقتاله خافهم، ولم يجرؤ على مهاجمتهم، فيكون الاستعداد والتخويف وقاية للمسلمين، وردعاً لعدوهم. فـ (الترهيب) في الآية أشبه ما يسمى اليوم بـ (القوة الرادعة)، التي تعني تخويف الطرف الآخر عن طريق خلق شعور لديه بأن مخاطر الإقدام على عمل يضر بالآخرين، ستكون له نتائج سيئة تفوق بكثير ما يريد تحقيقه من مصالح .
ثم إن في الآية نفسها ما يدل على أن المقصود منها ليس ما يتبادر إلى ذهن البعض من القتل والتدمير، وذلك قوله سبحانه: { ومن رباط الخيل }، و(المرابطة) مأخوذة من ربط الخيل، وهي عبارة عن المقام على حدود دولة الإسلام؛ إعزازاً للدين، ودفعاً لشر المعتدين، فالأمر بها واضح فيه أيضاً معنى الردع والدفع .
على أن الآية هنا تفيد معنى آخر أيضاً، يستلزمه معنى (التخويف)، وهو حمل العدو على قبول السلم، والدخول في مفاوضات مع الجانب الإسلامي، وهذا عند التأمل فيه حقن لدماء المسلمين، ولدماء عدوهم في آن معاً. ويُرشح هذا المعنى الآية التالية لهذه الآية، وهي قوله تعالى: { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها } (الأنفال:61)، فهي تدل بشكل صريح وواضح على أن المقصود بقوله تعالى: { ترهبون به عدو الله وعدوكم }، ليس القتل والتدمير والاعتداء على الآخرين، وإنما الردع والوقاية، ومن ثَمَّ الحمل على قبول الصلح والسلم.
و مم سبق أن الإرهاب في الإسلام، ليس هو اجتياح البلاد الآمنة و سفك الدماء بغير حق مثلما فعل التتار بكل البلاد التي اجتاحوها أو مثلما فعل الصليبيون القدامى ببلاد الإسلام في القرون الوسطى، أو ما فعله الصليبيون الجدد بالعراق و أفغانستان و غيرها من بلاد المسلمين، أو القتل لمجرد تجريب أسلحة جديدة مثل قصف هيروشيما و ناجازاكي اليابانيتان، بالقنابل الذرية و كانت اليابان على وشك إعلان الإستسلام قبل القصف.
أرجو أن أكون قد وفقت في ذلك العرض الموجز و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
اخترت هذا العنوان لدرء تلك الشبهة و هو أن الإسلام هو دين العنف و الإرهاب و سفك الدماء ووو إلى آخر الإسطوانة المشروخة المعروفة، فهل بالفعل الإسلام كما يدعي أعداؤه هو دين العنف و الإرهاب؟؟؟
لنأتي أولا للبحث عن الكلمة المتداولة على ألسنة كثير من الناس بدون معرفة أصلها اللغوي و هي الإرهاب.
تفيد معاجم اللغة أن مادة (رهب) تدل على أصلين: أحدهما: الخوف. والآخر: الدقة والخفة. فالأول: الرهبة، تقول: رهبتُ الشيء رُهْباً ورَهَباً ورَهْبَة، أي: خفته. وأَرْهَبْت فلاناً: أخفته. ومن الباب: إرهاب الإبل، وهو منعها من الحياض .
إذن الإرهاب ليس هو المقصود بالمعنى المتعارف عليه، و هو القتل و التدمير و الهجوم على الآمنين و ترويعهم و إنما المقصود به في اللغة هو الردع.
الإرهاب في الشريعة الإسلامية لا يختلف عن معناه اللغوي و هو ردع العدو عن مهاجمة ديار المسلمين، و الإعتداء على الآمنين منهم و استحلال دمائهم و أموالهم، ليس فقط ديار المسلمين و لكن كل من كان تحت حكم المسلمين سواء كان ذميا أو مشركا أو كافرا لا يؤمن بأي دين.
وردت مادة رهب في القرآن الكريم في أثنى عشر موضعا و قد وردت بصيغ مختلفة فمرة فعل مضارع و مرة أمر و مرة مصدر و هكذا و إليكم بعضها
1-قوله تعالى: { لأنتم أشـد رهبـة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون } (الحشر:13)، جاءت في ذم المنافقين، الذين يخافون من المخلوق أكثر من خوفهم من الخالق. ومعنى الآية: أن المنافقين يخافون من المسلمين أكثر من خوفهم من الله؛ فـ (الرهبة) هنا بمعنى: المرهوبية أو الخوف.
2- وجاءت في صيغة الأمر في موضعين: أحدهما: في سياق خطاب بني إسرائيل، وتذكيرهم بنعم الله عليهم، وأمرهم بالالتزام بما شرعه الله لهم من أحكام، قال تعالى: { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون } (البقرة:40)، وثانيهما: وردت في سياق بيان قدرة الخالق سبحانه، وأن جميع المخلوقات خاضعة لقدرته ومشيئته، وذلك قوله تعالى: { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون } (النحل:51). والأمر بـ (الرهب) في هاتين الآيتين معناه: الخوف والخشية، فالمفسرون شبه مجمعين على أن هاتين الآيتين تأمران المكلفين عموماً بالخوف من الله، والخشية من عقابه، إن هم لم يلتزموا ما أمر به، ولم ينتهوا عما نهى عنه .
3-وجاءت بصيغة الماضي المزيد في موضع واحد كذلك، في قوله سبحانه: { واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم } (الأعراف:116)، وذلك في سياق الحديث عن سحرة فرعون وما كان لموسى معهم. ومعنى الفعل هنا: أن السحرة أرهبوا الناس وأفزعوهم، وأدخلوا الرهبة في قلوبهم إدخالاً شديداً .
4- جاءت بصيغة المضارع المبني للمعلوم في موضع واحد، وهو قوله تعالى: { ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون } (الأعراف:154)، وذلك في سياق الحديث عن قوم موسى عليه السلام واتخاذ قومه العجل معبوداً لهم. ومعنى هذا الفعل في الآية: يخافون ربهم، كما قال الطبري ، أو بمعنى: يخضعون، كما قال ابن كثير ، والمعنيان متقاربان.
5- وردت مادة رهب في الآية التالية و هي الآية التي يفسرها أعداء الإسلام على هواهم و هي (و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم و آخرون من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم و ما تنفقوا من شيئ في سبيل الله يوف إليكم و أنتم لا تظلمون)(الأنفال60)، والآية قد يَفهم منها البعض معنى (الإرهاب) بالمعنى الشائع اليوم والمتداول، لا، بل المراد بـ (الإرهاب) في الآية: جعل الغير راهباً، أي: خائفاً، فإن العدو إذا علم استعداد المسلمين لقتاله خافهم، ولم يجرؤ على مهاجمتهم، فيكون الاستعداد والتخويف وقاية للمسلمين، وردعاً لعدوهم. فـ (الترهيب) في الآية أشبه ما يسمى اليوم بـ (القوة الرادعة)، التي تعني تخويف الطرف الآخر عن طريق خلق شعور لديه بأن مخاطر الإقدام على عمل يضر بالآخرين، ستكون له نتائج سيئة تفوق بكثير ما يريد تحقيقه من مصالح .
ثم إن في الآية نفسها ما يدل على أن المقصود منها ليس ما يتبادر إلى ذهن البعض من القتل والتدمير، وذلك قوله سبحانه: { ومن رباط الخيل }، و(المرابطة) مأخوذة من ربط الخيل، وهي عبارة عن المقام على حدود دولة الإسلام؛ إعزازاً للدين، ودفعاً لشر المعتدين، فالأمر بها واضح فيه أيضاً معنى الردع والدفع .
على أن الآية هنا تفيد معنى آخر أيضاً، يستلزمه معنى (التخويف)، وهو حمل العدو على قبول السلم، والدخول في مفاوضات مع الجانب الإسلامي، وهذا عند التأمل فيه حقن لدماء المسلمين، ولدماء عدوهم في آن معاً. ويُرشح هذا المعنى الآية التالية لهذه الآية، وهي قوله تعالى: { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها } (الأنفال:61)، فهي تدل بشكل صريح وواضح على أن المقصود بقوله تعالى: { ترهبون به عدو الله وعدوكم }، ليس القتل والتدمير والاعتداء على الآخرين، وإنما الردع والوقاية، ومن ثَمَّ الحمل على قبول الصلح والسلم.
و مم سبق أن الإرهاب في الإسلام، ليس هو اجتياح البلاد الآمنة و سفك الدماء بغير حق مثلما فعل التتار بكل البلاد التي اجتاحوها أو مثلما فعل الصليبيون القدامى ببلاد الإسلام في القرون الوسطى، أو ما فعله الصليبيون الجدد بالعراق و أفغانستان و غيرها من بلاد المسلمين، أو القتل لمجرد تجريب أسلحة جديدة مثل قصف هيروشيما و ناجازاكي اليابانيتان، بالقنابل الذرية و كانت اليابان على وشك إعلان الإستسلام قبل القصف.
أرجو أن أكون قد وفقت في ذلك العرض الموجز و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.