ابن شهاب الزهري
" فقتل علماؤه يوم اليمامة , فلم يعلم بعدهم ولم يكتب" ....!!!!!
81 - حدثنا أبو الربيع قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال : « بلغنا أنه كان أنزل قرآن كثير ، فقتل علماؤه يوم اليمامة ، الذين كانوا قد وعوه فلم يعلم بعدهم ولم يكتب ، فلما جمع أبو بكر وعمر وعثمان القرآن - ولم يوجد مع أحد بعدهم وذلك فيما بلغنا - حملهم على أن يتبعوا القرآن فجمعوه في الصحف في خلافة أبي بكر خشية أن يقتل رجال من المسلمين في المواطن معهم كثير من القرآن ، فيذهبوا بما معهم من القرآن ، ولا يوجد عند أحد بعدهم ، فوفق الله عثمان فنسخ تلك الصُّحف في المصاحفِ ، فبعث بها إلى الأمصار وبثها في المسلمين »[1]
أوّلاً : لابُدّ من النظَرِ في سندِ الحديثِ لِنَحْكُمَ عليْهِ من حيْثُ القبولِ والرد.
ثانِياً : لابُدّ من النظَرِ في متْنِ الحديثِ مِن حيْثُ القبولِ والرد
ثانِياً : لابُدّ من النظَرِ في متْنِ الحديثِ مِن حيْثُ القبولِ والرد
أوّلاً : لابُدّ من النظَرِ في سندِ الحديثِ لِنَحْكُمَ عليْهِ من حيْثُ القبولِ والرد.
أولاً : صيغة بلغنا التي بدأت بها الرواية = قيل , ويُقال , وزعموا ... فهل نُحاجّنا يا طيِّب بِما زعموا ؟!!
ثانِياً: هذا الحديثُ ضعيفُ السند ... ونحنُ لا يُحْتَجُّ عليْنا بالضعيف..!!
وإليْك تفصيل علةِ السند ....
هذا الأثَرُُ صحّ إسْنادُهُ إلى الزهْرِيِّ .. لأن الإمام الزهْري رحِمَهُ الله لا مطْعَن فيه ... ولكِنّ هذا الحديثُ ضعيفٌ سنداً ...لأنه من بلاغاتِ الزهري , ففيهِ اسقاطٌ في أوّل السندِ , حيْثُ قال بصيغةِ التمْريضِ "بلغني " ..والأصْلُ في البلاغاتِ الضعْف ... وصيغة التمريض نحو (بلغنا , أو قيلَ , نقل بعْضُهُم ..الخ) تدل على الشك في صحته ... وكان الزّهْرِيُّ رحِمَهُ الله يروي أحاديث كثيرة منها الصحيح ومنها الضعيف ...
وبلاغات الزهري تحديداً قالَ عنها يحيى بن سعيد: " مرسل الزهري شر من مرسل غيره لانه حافظ وكلما قدر أن يسمى سمى، وانما يترك من لا يستجيز أن يسميه."[2] ويقول الذهبي في سيَر أعلام النبلاء " مراسيل الزهري كالمعضل، لانه يكون قد سقط منه اثنان، ولا يسوغ أن نظن به أنه أسقط الصحابي فقط، ولو كان عنده عن صحابي لاوضحه ولما عجز عن وصله، ولو أنه يقول: عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن عد مرسل الزهري كمرسل سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ونحوهما، فإنه لم يدر ما يقول: نعم مرسله كمرسل قتادة ونحوه."[3]
ثانِياً : لابُدّ من النظَرِ في متْنِ الحديثِ مِن حيْثُ القبولِ والرد
وقد كفانا السَنَدُ أعْلاهُ مؤْنَةَ النظرِ إلى المتنِ ... ومع ذلِك فإننا نُوضِّح أنه حتى لو صحّ سندُهُ فلا يوجد في المتنِ أي عيْبٍ أو شبهة
لأنهُ يُمْكِن توجيه هذا القول الذي رواه ابن شِهاب ... وعموماً فإن فهم المتن يتضِح بالآتي:
1- بتوضيح مدلولِ قوْلِهِ "القرآن" الذي يعنيهِ الراوي .. فهو لايعني به نص القرآن المتعبّدِ بِهِ وإنما يُصْرَف على الأحرف والقراءات.
2- ولو فرضنا جدلاً أنه عنى به القرآن المتعبد به , لسقطت الرواية لأنها بذلِك تناقِض الرواياتِ الأخرى الصحيحة عن ابن شهابٍ وغيره ...
3-بذِكْرِ ما رُوِيَ عن ابنِ شِهابٍ من رِواياتٍ صحيحة تُوضِّحُ رأْيَهُ في المسْألة وتُوجِّه لنا فهمنا لهذه الرواية.
2- ولو فرضنا جدلاً أنه عنى به القرآن المتعبد به , لسقطت الرواية لأنها بذلِك تناقِض الرواياتِ الأخرى الصحيحة عن ابن شهابٍ وغيره ...
3-بذِكْرِ ما رُوِيَ عن ابنِ شِهابٍ من رِواياتٍ صحيحة تُوضِّحُ رأْيَهُ في المسْألة وتُوجِّه لنا فهمنا لهذه الرواية.
1- بتوضيح مدلولِ قوْلِهِ "القرآن" الذي يعنيهِ الراوي ... فهل يعني به نص القرآن المتعبّدِ بِهِ أم غير ذلِك من الأحرف والقراءات؟!!
أولاً: المراد بالقرآن في عصر الصحابة والتابعين:
أولاً: المراد بالقرآن في عصر الصحابة والتابعين:
قد يُطْلَقُ القرآن :
1-حقيقةً ويقيناً : على النص القرآنِيِّ الواحِدِ المتعبّد بهِ الثابِتُِ بإجماعِ الصحابةِ والمتواتُر , المدون في الصُّحُف البكرية والمصاحِفِ العثمانِية إلى يومنا.
2-تجوُّزاَ ومجازاً : على القراءاتِ المخْتلِفة والأحْرُف المتعدّدةِ لهذا النصِّ القرآنِيِّ .
3-ظنّاً : على ما صنّفَهُ العلماءُ من المنسوخِ تِلاوةً وحُكْماً ... ولم يثْبُت في حقيقتِهِ قُرْآناً.
1-حقيقةً ويقيناً : على النص القرآنِيِّ الواحِدِ المتعبّد بهِ الثابِتُِ بإجماعِ الصحابةِ والمتواتُر , المدون في الصُّحُف البكرية والمصاحِفِ العثمانِية إلى يومنا.
2-تجوُّزاَ ومجازاً : على القراءاتِ المخْتلِفة والأحْرُف المتعدّدةِ لهذا النصِّ القرآنِيِّ .
3-ظنّاً : على ما صنّفَهُ العلماءُ من المنسوخِ تِلاوةً وحُكْماً ... ولم يثْبُت في حقيقتِهِ قُرْآناً.
فالقرآن بمعنى (النصّ القرآنِيُّ) الواحِدِ الوحيدِ...
هو نصٌّ واحِدٌ ثابِتٌ وهو المُنْزَلُ بِلِسانِ قُريْشٍ والذي دوّنهُ الصحابةُ في المصاحِفِ ... وهو الذي عليْهِ إجْماعُ الصحابةِ جميعاً ... وبِهِ نزل القرآنُ وعليْهِ العرْضة الأخيرة على رسولِ الله ... وعليْهِ إجماعُ الأمّةِ سلفاً وخلفاً ... وهو الذي أثْبتوهُ في الصُّحُفِ البكْرِيّةِ ونسخوهُ في المصاحِفِ العُثْمانِيّة ....وهذا أمْرٌ ثابِتٌ واضِحٌ لا خِلافَ عليْهِ ..
هو نصٌّ واحِدٌ ثابِتٌ وهو المُنْزَلُ بِلِسانِ قُريْشٍ والذي دوّنهُ الصحابةُ في المصاحِفِ ... وهو الذي عليْهِ إجْماعُ الصحابةِ جميعاً ... وبِهِ نزل القرآنُ وعليْهِ العرْضة الأخيرة على رسولِ الله ... وعليْهِ إجماعُ الأمّةِ سلفاً وخلفاً ... وهو الذي أثْبتوهُ في الصُّحُفِ البكْرِيّةِ ونسخوهُ في المصاحِفِ العُثْمانِيّة ....وهذا أمْرٌ ثابِتٌ واضِحٌ لا خِلافَ عليْهِ ..
القرآن بمعنى (القِراءات والأحرُف القرآنِيّةِ) ...
فهي قِراءاتُ متعدِّدة أجازها النبيُّ صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم ... وسماها العلماء في كِتاباتِهِم بأسماء ثلاثة :
1-مصـاحِف : لايعنون أنها مكتوبة , وإنما كِناية عن اختِلافِ رسْمِ أحرُفِها عن رسْمِ المصْحَفِ العثْمانِي
2- أو قِراءات : سواءاً اتّفَقَت مع الرسْمِ الذي ارتضاهُ الصحابة أو لم تتفِق (تواترت أو صحّت أو شذّت).
3-أو أحْرُف : ككلمة جامِعةٍ للنوْعيْنِ السابِقيْنِ (الرسْم والقراءةِ واللغاتِ).
فهي قِراءاتُ متعدِّدة أجازها النبيُّ صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم ... وسماها العلماء في كِتاباتِهِم بأسماء ثلاثة :
1-مصـاحِف : لايعنون أنها مكتوبة , وإنما كِناية عن اختِلافِ رسْمِ أحرُفِها عن رسْمِ المصْحَفِ العثْمانِي
2- أو قِراءات : سواءاً اتّفَقَت مع الرسْمِ الذي ارتضاهُ الصحابة أو لم تتفِق (تواترت أو صحّت أو شذّت).
3-أو أحْرُف : ككلمة جامِعةٍ للنوْعيْنِ السابِقيْنِ (الرسْم والقراءةِ واللغاتِ).
ثانِياً: متى نرد أو نقبل الأثر؟
فنرُد هذا الأثَر عن الزهْرِيِّ ولا نقبله متناً : إن كان لا يعني بـ"القرآنِ" أي النص نفْسُه فيكون مردود وغير مقبول : لأنّهُ حينَئِذٍ يُخالِف المعلوم من الدين بالضرورة , ويقْتضي كُفْر من قالهُ ... ولا نُصدِّقُ ذلِكَ على ابنِ شهابٍ الزهري فضْلاً عن كل من رووا عنهُ ...
فنرُد هذا الأثَر عن الزهْرِيِّ ولا نقبله متناً : إن كان لا يعني بـ"القرآنِ" أي النص نفْسُه فيكون مردود وغير مقبول : لأنّهُ حينَئِذٍ يُخالِف المعلوم من الدين بالضرورة , ويقْتضي كُفْر من قالهُ ... ولا نُصدِّقُ ذلِكَ على ابنِ شهابٍ الزهري فضْلاً عن كل من رووا عنهُ ...
ونقبل هذا الأثَر عن الزهْرِيِّ متناً : إن كان يعني بقولِهِ "القرآن" أي القراءاتِ والاحْرُف أو ما نُسِخ حكمه وتلاوته فهذا ما تقولُ بِهِ الأمة .. لأن الأمة أمرت بحفظ القرآن لا القِراءاتِ ، وخُيِّرت في قراءةِ القرآنِ وحفظه بأي حرْفٍ شاءَت... ولأن هناك من المنسوخِ ماذهب علمه بذهابِ أصحابِهِ.
ثالِثاً: ترجيح مراد الزهري من هذه الرواية , وماعناه بقوله "القرآن" تحديداً:
الأثَرُ عن الزهْرِيِّ يعني بالقرآنِ الذي ذهب مع علمائِهِ أي القراءاتِ والأحْرُفِ المقروءة وليْسَ نصّ القرآن :
1- فالصحيحُ الثابِتُ عن الزهْرِيُّ ... أنّهُ هو نفْسُه من أثْبَتَ أن نصّ القرآنَ كُلّهُ جُمِعَ .... وآخِر آيةٍ لم يجدوها قد وجدوها مع خُزيمة ...
فقال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } [الأحزاب: 23] ، فألحقناها في سورتها في المصحف"[4]
فقال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } [الأحزاب: 23] ، فألحقناها في سورتها في المصحف"[4]
2- وروى ابنُ شِهابٍ عن ابنِ مسْعود أنه أعلمُ الناسِ بكِتاب الله ولا يوجَد من هو أعْلَمُ بِهِ منه:
" والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته."[5] فهذا لا يعْني إلا أن كل من قُتِلوا لم يكونوا أعْلَمَ بابنِ مسْعودٍ بالقُرْآن ...فموتهم لاشيء طالما بقي ابن مسعود حياً يؤْخَذُ عنه القرآن ... فينتفي ضياع النص .. مما يؤكِّدُ مرّة أخرى أن المراد ليْسَ نصّ القرآنَ نفْسُهُ وإنّما القِراءات والأحْرُف التي أجازها النبي صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم.
إذاً يتبين مما سبق من ترجيح وتوضح :
" والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته."[5] فهذا لا يعْني إلا أن كل من قُتِلوا لم يكونوا أعْلَمَ بابنِ مسْعودٍ بالقُرْآن ...فموتهم لاشيء طالما بقي ابن مسعود حياً يؤْخَذُ عنه القرآن ... فينتفي ضياع النص .. مما يؤكِّدُ مرّة أخرى أن المراد ليْسَ نصّ القرآنَ نفْسُهُ وإنّما القِراءات والأحْرُف التي أجازها النبي صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم.
إذاً يتبين مما سبق من ترجيح وتوضح :
أن ما عناه القائِلُ بقوْلِهِ "القرآن " يُصْرَفُ على أنه القراءاتُ والأحْرُف التي أجاَزَها النبيُّ صلى الله عليْهِ وسلّمَ لبعْض أصْحابِهِ – ونقولُ أجازها لا فرضها عليْهِم ولا على الأمّة - ليقرأوا بِها هذا النص المُدوّن أعلاه بلسانِ الجماعةِ فهو الذي يتكلمُ عليْهِ الزهْرِيُّ هنا ويُسمِّيِهِ قُرْآناً ... وبلُغتِنا اليوْم نُسمِّيه تجوّزاً قراءات ... وهذه القراءات التي أجيزَ بِها بعْض الصحابةِ إن ضاعَت كُلُّها , فلا علاقةَ لِذلِكَ بالنصِّ القرآنِيِّ ... فالنصُّ القرآنِيُّ واحِدُ بيْنما تعدّدت قراءاتُهُ ... ولم نؤْمَر بأن نقرأ نصّ القرآن كما قرأوه , وإنما أمِرْنا أن نقرأ القرآن كما عُلِّمنا ... وقد عُلِّمنا ما ارتضاهُ الله ورسولهُ وعليْهِ إجْماعُ الأمةِ ... فيظلُّ النصّ القرآنِي المدون في المصاحِفِ بالقراءاتِ التي عليْها عامة الصحابةِ هو المُعوّلُ عليْهِ .
__________________________________________________ ________________________
تعليق