زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش
ويتصل بهذا الاتهام المتهافت ما تلقفه المستشرقون من رواية ضعيفة اخترعها ورواها بعض من ينتسبون إلى الإسلام ولا يقدرون المسؤولية فيما يقولون ويتناقلون،وهي الرواية التي تتعلق بزواج الرسول الأكرم بابنة عمته «زينب بنت جحش» وتتلخص هذه الرواية في أن رسول الله ذهب يوما إلى بيت زيد في أمر فلم يجده،وكلمته زوجته «زينب» من وراء الستار وهي تلبس ملابسها على عجل،فإذا بالهواء يرفع الستارة بغتة ليراها الرسول حاسرة،مما كان له تأثير طاغ على مشاعره فانصرف وهو يردد :« سبحان مقلب القلوب!» ولما جاء زيد وعلم من زوجته بما حدث فهم أن الرسول قد عَلِق زوجته،فذهب إليه وعرض عليه أن يطلقها ويتزوجها هو فأمره عليه الصلاة والسلام أن يمسك عليه زوجته ويتقي الله. ولكن الوحي ما لبث أن نزل على الرسول يكشف مشاعره التي حاول عبثا أن يخفيها،ويأمره في صراحة أن يتخذ «زينب» زوجة. هذا،وقد أضاف «واشنجتن إرفنج» من عنده بعض التوابل،إذ ذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو الذي فاجأ «زينب» وهي في مباذل البيت،وذلك حين اقتحم عليها خلوتها في بيتها بصفته أبا لزوجها بالتبني،فرأي جمالها مكشوفا أمام عينه المحملقة(90).
وأول شيء أحب أن أسارع فأقوله هو أننا لم نسمع بمثل حادثة الستار هذه في أية رواية أخري عن ذلك العهد،بل إن الستور لم ترخ في بيوت الرسول إلا بعد زواجه من زينب(91) الحقيقة أن هذه رواية من الروايات الغرامية التي هي بامرئ القيس وابن أبي ربيعة أليق. أما ادعاء «إرفنج» بأنه قد اقتحم على «زينب» خلوتها فليقل لنا أولا من أين له به،فإن مثل هذا السلوك،فضلا عن أنه يجافي خلق الرسول والصحابة،لم يرد ولا حتى في تلك الرواية التافهة التي هي محل كلامنا الآن.
وثمة نقطة هامة جدا في قصة «زينب» هذه هي أنها وأهلها كانوا قد رفضوا رفضًا باتًّا أن تتزوج «زيدًا»،الذي لم يكن إلا عبدًا للرسول أهدته إليه «خديجة» عند زواجها فأعتقه عليه السلام،بينما «زينب» هي ابنة عمة «محمد» زعيم المسلمين وحاكمهم ورسول السماء،وأسرتها من أرفع أسر قريش عزةً ومكانةً،ولولا أن وحيًا قرآنيًا شديد اللهجة قد نزل في «زينب» وأهلها يعنفهم على هذا الرفض ما رضيت ولا رضوا أبدا. والشاهد هنا أن هذه هي المرة الوحيدة تقريبا التي أرغم فيها الرسول امرأة على التزوج ممن لا تريد(92)،فإن الشريعة الإسلامية تتشدد في هذه المسألة حتى إن فتاة ذهبت إلى الرسول تشكو له من أن أباها قد زوجها من ابن عمها ليرفع بذلك الزواج خسيسته،ففكَّ الرسول عليه الصلاة والسلام عقد الزواج بسبب رفض الفتاة،التي عادت بعد فسخ العقد فأعلنت موافقتها قائلة إنها إنما فعلت ذلك ليعرف الآباء أن لبناتهم إرادة مستقلة لا يجوز لهم أن يجوروا عليها(93). بل إن الرسول نفسه عليه الصلاة والسلام لم يحاول،ولو من بعيد،إرغام زوجته التي استعاذت بالله منه( وكانت حديثة عهد بكفر) على البقاء في عصمته،وإنما سرحها تسريحا جميلًا وفضلا عن ذلك فلدينا حالة «بريرة»،وكانت أمَة فأُعْتِقت،وعندئذ أعلنت أنها لا تريد البقاء مع زوجها،الذي أخذ يجوب شوارع المدينة وراءها وهو يبكي من فرط تعلقه بها،وقلبها لا يرق له. وعبثا حاول الرسول عليه الصلاة والسلام الشفاعة له،فقد أصرت على أن ينفصلا،فكان لها ما أرادت(94). فأين «بريرة» من «زينب» سليلة العز والشرف؟ ولماذا ينزل وحي فيها هي وأهلها خاصة يرغمهم على أن يرضوا بالزوج الذي اقترحه الرسول عليهم وهو عبد عتيق؟ ألا إن في الأمر سرا سوف ينجلي حين ينزل وحي آخر يرغم الرسول عليه الصلاة والسلام بدوره على أن يتزوج «زينب» هذه. ولكن فلننتظر قليلا.
ثم لو أن الرسول كان طالب شهوة فلِمَ لمْ يدخل البيت عندما رأى «زينب» على تلك الهيئة المزعومة( فهو على كل حال ابن خالها) ويتودَّد إليها متظاهرا بأنه يريد أن يكَفِّرَ عن إرغامه إياها على الزواج من «زيد»،وبخاصة أن العلاقة بينها وبين زوجها لم تكن على ما ترام بسبب إحساسها أنها مغموطة في هذا الزواج،ثم يتخذها ( أستغفر الله) عشيقة،وهي بعد ليست إلا زوجة لمن كان في يوم من الأيام له عبدا فمنَّ عليه بالحرية وقربه منه،أما هو فزعيم الأمة وحاكمها المطلق على زعم المستشرقين،أمره مطاع ولا يتورع عن تلفيق الوحي لتسويغ ما يريد. إن القارئ يمكنه أن يتصور منطقية هذا الجدل إذا وضع في ذهنه أن مَلِكا حَسُنَتْ في عينه زوجة خادمه أو سائقه مثلًا،وكان هذا الملك لا يبالي بخلق ولا عُرْف كريم،فماذا تراه فاعلًا إلا أن يأمرها بأن تتبعه إلى فراشه فتفعل؟ وذلك بدلًا من أن يتزوجها وينزل في نظر الناس من عليائه إلى اتخاذ امرأة خادمه زوجة له. ثم إن هناك في المسألة جانبا خطيرا أشد الخطورة،فإن العرب لم تكن تُقر قط مثل هذا الزواج،لأن التبني في نظرهم كان هو والأبوة الطبيعية شيئًا واحدًا. وهذا هو لب المشكلة كلها،ومن ثمة نستطيع أن نفهم تردد الرسول وعدم رغبته في إتمام هذا الزواج،كما هو واضح من قوله تعالى { وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ }(95) الذي فهمه «رودنسون» على أنه إشارة إلى أن «محمدًا» قد خاف أن يعرف الناس تعلق قلبه بـ«زينب» ووقوعه في هواها منذ نلك النظرة المزعومة(96)،مع أن له تفسيرا آخر يتسق مع تحليلنا هذا الذي نراه أقرب تماما إلى المنطق،ولا ندري لِمَ لمْ يشر إليه بكلمة واحدة،وهو أن الرسول لم يشأ أن يواجه الناس بأن عليه أن يتزوج «زينب». لكنَّ وحي الله ينبغي أن يُبلغ للناس مهما تكن مرارته،وشرع الله لابد أن يطبق مهما يتعارض مع التقاليد الحديدية. وليكن أول من يطبق هذا التشريع هو الرسول نفسه على رغم ما سوف يثيره من لغط لما سيسببه للناس من صدمة شديدة. أما الادعاء بأن نظرة واحدة مباغتة لـ«زينب»،ولما تكن قد استكملت ارتداء ملابسها،قد زلزلت قلب «محمد» فمن الصعب جدًا قبوله. لماذا؟ لأن الرسول هو الذي أرغمها على الزواج من «زيد»،وكان ذلك منذ وقت قريب. فما الذي تغير فيها في هذه المدة القصيرة جدا حتى ترج كيانه نظرة إليها؟ لو أنه عليه الصلاة والسلام لم يرها منذ طفولتها ثم فوجئ بها امرأة ناضجة الأنوثة لقلنا: هذا معقول،فإن فترة المراهقة تُحدث من التغييرات في الفتيات الأعاجيب. أما أن تتغير امرأة ناضجة فعلا في هذا الزمن الوجيز فهو غير معقول،وبالذات إذا عرفنا أن «زينب» لم تكن راضية عن زوجها ودائما تعيره بأنها أشرف منه،لأن مثل هذه الزوجة لا تجد في حياتها الزوجية دافعًا إلى الاهتمام بشكلها أو ملابسها أو زينتها،وهي الأشياء التي يمكن أن تجعلها تبدو جميلة إذا لم تكن كذلك،أو تزيدها،إن كانت،جمالا فوق جمال.
إن القصة تمضي فتقول إن «محمدًا» عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام،عندما وقع بصره عليها وهي في حالتها تلك،قد انصرف من فوره وهو يردد:«سبحان مقلب القلوب!» فقف معي هنا أيها القارئ وقل لي: علام تدل هذه العبارة؟ ألا تدل،حتى بفرض صحة هذه الرواية،على أن الإيمان بالله كان يملأ قلب «محمد» عليه الصلاة والسلام،وأنه كان يرى ربه مطلق المشيئة؟ تُرى أهذه مشاعر دجال يزعم كذبًا أنه متصل بالله يأتيه الوحي من لدنه بينما هو في الحقيقة يلفق هذا الوحي ليحقق به شهواته؟ على أية حال لقد رجع محمد عليه الصلاة والسلام،بناء على هذه الرواية،ولم يفكر ولو لحظة في الدخول على «زينب» برغم أن البيت كان خاليا عليها. إن رد الفعل الطبيعي هنا،مادام «محمد» عليه الصلاة والسلام أسيرا لشهوته كما تصوره كتابات المستشرقين،هو أن يدخل وينفرد بمن زلزلت كيانه،حتى لو كان كل ما سيفوز منها حينذاك هو مجرد الأنس بالحديث معها ساعة وملء العين من جمالها إلى أن يعود الزوج المسكين من الخارج.
ولنفترض أن «محمدًا» عليه الصلاة والسلام قد أخطأ خطأ العمر حين ترك هذه الفرصة الغالية تفلت منه فانصرف بدلا من أن يدخل،فلم لم يهتبل تلك الفرصة الأخرى التي قدمها إليه في منديل من حرير الزوج الساذج السادر في حب سيده غفلةً منه وحمقًا،أستغفر الله،حين أتي إليه توَّ علمه بالحادثة وعرض عليه بإخلاص السذج وحرارة الحمقى أن يتنازل له عن زوجته،التي وقعت في قلبه موقعًا؟ لقد كان جواب الرسول عليه الصلاة والسلام على هذا العرض هو «أمسك عليك زوجك واتق الله » أتراه كان يتردد خوفا من كلام الناس،حتى إذا ما تهيأ الرأي العام لذلك لم يجد غضاضة في قبول العرض؟ لكن هذا الأمر قد ظل سرا بين أطراف هذا المثلث فلم يبلغ آذان الرأي العام،ولم يتهيأ من ثمة هذا الرأي العام لذلك الأمر الجلل. ثم ألم يكن أفضل من هذا كله وأسرع وأبلغ بمحمد عليه الصلاة والسلام إلى غرضه وشهوته أن يتفاهم مع زوجة عبده السابق على ترتيب لقاء سري بينهما كلما سنحت الفرصة بدلا من وجع الدماغ هذا والدخول في هذه المتاهات المعقدة والتعرض لألسنة الناس؟ أم تراه حين أخطأ وأفلت فرصة الخلوة بها قد فاته أيضا أن يلجأ إلى حيلة داود عليه السلام،على حسب ما يرويه الكتاب المقدس،الذي يتهم هؤلاء المستشرقون أنفسهم سيدنا رسول الله بالسرقة منه،فيرسل زيدًا في غزوة من الغزوات المهلكة بعد الاتفاق مع واحد من أصحابه الذين يغارون منه على أن يضعه في مقدمة الصفوف عرضة لرماح الأعداء وسهامهم وسيوفهم كي يموت،بالضبط كما فعل داود مع أوريا قائده المقرب إليه عندما وقع له شيء مشابه لما وقع لمحمد عليه الصلاة والسلام على حسب هذه الرواية الملفقة،على رغم أنه،على عكس محمد عليه الصلاة والسلام،قد أروى غلته من امرأة هذا القائد قبل أن يرسله إلى الحرب ليموت هناك ويخلو له بذلك وجه الزوجة؟ لقد فعل داود هذا بقائده المقرب إليه،فلم لمْ يفعله «محمد» عليه الصلاة والسلام مع عبده السابق؟ إن التخلص من عبد سابق لأهون ألف مرة من التخلص من قائد له مكانته الاجتماعية والسياسية الرفيعة مثل أوريا(97). أم تراه عليه الصلاة والسلام لم يكن يسرق من اليهود إلا الأفكار الطيبة بينما يعف عن الأفكار الشريرة؟
على أنني مازلت أرى أن من المستحيل أن يكون الأمر قد تم على النحو الذي تزعمه تلك الرواية المتهافتة،فقد كانت علاقة الحب المتبادلة بين «محمد» صلى الله عليه وسلم وزيد من المتانة والعمق والرسوخ حتى إن زيدًا في صباه قد فضله على أبيه وأمه وكل أهله الذين لم يكن قد رآهم منذ اختطف وبيعَ بَيْعَ العبيد وتقاذفته المقادير حتى استقر في يد محمد عليه الصلاة والسلام،ورفض أن يرجع معهم حين خيره النبي بين البقاء معه أو الذهاب مع أهله(98).ولم يؤثر عنه بعد ذلك قط أنه حنَّ إلى أهله مرة. ترى أيمكن أن يبلغ الحب من قلبه هذا المبلغ المستحيل لو أنه شام من «محمد» عليه الصلاة والسلام ريبة على مدى هذه السنوات الطويلة؟ أم ترى كان يبقى بعد هذه الحادثة معه عليه الصلاة والسلام لو أن مجرد صدى هاجس خافت قد عبر قلبه؟ أم ترى محمدًا،وهذه أبوته لزيد الذي رباه على يديه وسقاه من كـؤوس حنانه الصافية منذ كان صبيًّا حتى أصبح الآن رجلا فأرغم بنت عمته هو ،الزعيم والحاكم المطلق السلطان،على الزواج من هذا العبد السابق،يمكن أن يقع في مثل هذا الغرام المشتعل فجأة مع زوجة ابنه؟ أم تراه،بافتراض صحة وقوعه في هواها من مجرد نظرة عابرة،كان يرضى أن يتزوجها لولا أمر السماء له بأن يكون أول من يطبق ذلك التشريع الجديد على نفسه ليحطم التقليد الجاهلي الذي كان يعد الابن بالتبني مثل الابن الحقيقي تماما؟
على أن هناك شيئا فات هؤلاء المسارعين إلى تصديق كل ما من شأنه أن يلطخ سمعة الرسول الأعظم محمد،وهو أن تلك الرواية المتهافتة تقول إن زواج «محمد» من «زينب» بعد طلاقها من زيد قد أثار زوبعة شديدة لأن الناس لم يستطيعوا بسهولة أن يهضموا زواج رجل من مطلقة ابنه،حتى لو كان ابنًا سابقًا بالتبني. أفلم يكن المنطقي إذن ألا يفكر زيد في عرض تطليق زوجته على أبيه السابق ليتزوجها ما دام الناس كانوا يستنكرون مثل هذا الزواج إلى هذه الدرجة العنيفة؟ ثم أليس من المنطقي أن ننكر نحن إمكان حدوث ذلك؟
ثم عائشة ! لقد كانت زوجة غيورًا،ولو أنها أحست بشيء يحاك في الخفاء لما سكتت. ولقد سمعته عليه الصلاة والسلام يقول عن رجل جاء إلى بيته في أمر ما:« بئس أخو العشير هو!»،فلما قابله وهشَّ له وألان الكلام لم تسكت على ذلك رغم تفاهة الأمر ورغم أن هذه هي المرة الوحيدة ( فيما نعرف) التي وقع ذلك فيها من الرسول عليه الصلاة والسلام وسألته عن سر هذا التناقض التافه(99) فأحرى بها هنا ألا تسكت لو شعرت بشئ مما يتقوله المستشرقون. لكن كان لعائشة الجريئة ذات الدلال على رسول الله رأي آخر،إذ قالت: لو كان رسول الله كاتما شيئا لكتم هذه(100). ذلك أنها كانت تدرك تمام الإدراك فداحة الصدمة التي سيخلفها زواج رسول الله عليه الصلاة والسلام من «زينب» كما مرَّ بيانه.
مما سبق يتبين لنا أن المستشرق البريطاني «مونتجمري وات» كان على حق عندما اتفق رأيه في هذه القضية مع آراء المسلمين المعاصرين،وأنه لا معني لاستغراب «مكسيم رودنسون» رأي رصيفه البريطاني هذا(101).ثم فلنفترض أن وقائع القصة كلها صحيحة،فما الذي يؤخذ على الرسول فيها؟ أيؤخذ عليه أن نظره وقع عفوا على «زينب» فكان لذلك تأثيره على قلبه؟ أم يؤخذ عليه أنه بدلا من أن يدخل انصرف وهو يتمتم:« سبحان مقلب القلوب »؟ أم يؤخذ عليه نهيه زيدًا أن يطلق زوجته من أجله(102)،وقوله له:« أمسك عليك زوجك واتق الله »؟ أم يؤخذ عليه أنه تزوج «زينب» زواجًا شرعيًّا بعد أن طلقها زوجها بملء إرادته وحريته؟ ألا يرى القارئ أن الأمر كله عراك في غير معترك،وأن ما يتقوله المستشرقون إنما هو ضجة فارغة،وأن الآية محل النقاش ليست إلا وحيا إلهيا نزل يأمر الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يكون أول من يطبق على نفسه التشريع الجديد؟
(90) إرفنج /112 . وقد أورد د.محمد حسين هيكل هذه القصة في (حياة محمد) ص/322-323) على نحو قريب من هذا. كما روى مكسيم رودنسون هذه القصة أيضا (ص/205 - 208) وإن لم يرد فيها ذكر لستار بل قال إن «زينب» قد قابلته وهي شبه عارية. ولا أدري كيف واتت «زينب» الجراءة على مقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الشكل. إن هذا لبسلوك ممثلات أدوار الإغراء أشبه. وانظر إشارة لهذا الأمر ساخرة في ص 272 ،من كتاب(Comparative Religion) لبوكيه (A.C Bouquet)،وهو رجل دين نصراني بريطاني.
(91) انظر البخاري/3/177.
(92) هناك حالة أخري قابلتني في كتب الحديث التي رجعت إليها نجد فيها الرسول عليه الصلاة والسلام يتدخل لدي العروس لترضى بمن خطبها له. والطريف أن الرجل الذي رشحه الرسول في هذه المرة هو أسامة بن زيد بن حارث!( الشوكاني/ مجلد 3/ج 6 /ص 108).
(93) انظر ( فقه السنة ) لسيد سابق /2 /130. وانظر كذلك الشوكاني / مجلد3 /ج 6 /ص 120-122.
(94) انظر(( رياض الصالحين)) 92-93 و الشوكاني /مجلد 3/ج6 /ص 152.
(95) الأحزاب /37.
(96) رودنسون / 206-207.
(97) انظر،في قصة داود وأوريا،الكتاب المقدس / صموئيل الثاني/1/2-27 . واقرأ في تفنيدي لها كتابي( المستشرقون والقرآن)) /130.
(98) انظر ابن هشام /1/230-231،و إرفنج/34.
(99) انظر في هذه القصة مثلا (الموطأ)/31 /96.
(100) البخاري /41 /281.
(101) انظر رودنسون / 207.
(102) هذا ما يدعيه المستشرقون،أما الرواية القديمة ( كما في تفسير الطبري والزمخشري مثلا لهذه الآية) فتقول إن زيدا ذهب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وعرض عليه أن يفارقها،فهتف به. ( أرابك منها شيء؟ )،فقال له: ( لا والله يا رسول الله ما رابني منها شيء ولا رأيت إلا خيرا،ولكنها تتعظم على لشرفها وتؤذيني)،فقال له الرسول :( اتق الله وأمسك عليك زوجك ) فأمسكها زيد،ولكن تعاظمها عليه أشتد حتى نفد صبره فطلقها... إلخ. فانظر الفرق وافهم السبب في هذا التحريف. وأصل الرواية،كما تري،يؤكد ما قلناه قبلا من أن زيدا لم يكن ليجرؤ على أن يعرض على الرسول الزواج من زينب.
وأول شيء أحب أن أسارع فأقوله هو أننا لم نسمع بمثل حادثة الستار هذه في أية رواية أخري عن ذلك العهد،بل إن الستور لم ترخ في بيوت الرسول إلا بعد زواجه من زينب(91) الحقيقة أن هذه رواية من الروايات الغرامية التي هي بامرئ القيس وابن أبي ربيعة أليق. أما ادعاء «إرفنج» بأنه قد اقتحم على «زينب» خلوتها فليقل لنا أولا من أين له به،فإن مثل هذا السلوك،فضلا عن أنه يجافي خلق الرسول والصحابة،لم يرد ولا حتى في تلك الرواية التافهة التي هي محل كلامنا الآن.
وثمة نقطة هامة جدا في قصة «زينب» هذه هي أنها وأهلها كانوا قد رفضوا رفضًا باتًّا أن تتزوج «زيدًا»،الذي لم يكن إلا عبدًا للرسول أهدته إليه «خديجة» عند زواجها فأعتقه عليه السلام،بينما «زينب» هي ابنة عمة «محمد» زعيم المسلمين وحاكمهم ورسول السماء،وأسرتها من أرفع أسر قريش عزةً ومكانةً،ولولا أن وحيًا قرآنيًا شديد اللهجة قد نزل في «زينب» وأهلها يعنفهم على هذا الرفض ما رضيت ولا رضوا أبدا. والشاهد هنا أن هذه هي المرة الوحيدة تقريبا التي أرغم فيها الرسول امرأة على التزوج ممن لا تريد(92)،فإن الشريعة الإسلامية تتشدد في هذه المسألة حتى إن فتاة ذهبت إلى الرسول تشكو له من أن أباها قد زوجها من ابن عمها ليرفع بذلك الزواج خسيسته،ففكَّ الرسول عليه الصلاة والسلام عقد الزواج بسبب رفض الفتاة،التي عادت بعد فسخ العقد فأعلنت موافقتها قائلة إنها إنما فعلت ذلك ليعرف الآباء أن لبناتهم إرادة مستقلة لا يجوز لهم أن يجوروا عليها(93). بل إن الرسول نفسه عليه الصلاة والسلام لم يحاول،ولو من بعيد،إرغام زوجته التي استعاذت بالله منه( وكانت حديثة عهد بكفر) على البقاء في عصمته،وإنما سرحها تسريحا جميلًا وفضلا عن ذلك فلدينا حالة «بريرة»،وكانت أمَة فأُعْتِقت،وعندئذ أعلنت أنها لا تريد البقاء مع زوجها،الذي أخذ يجوب شوارع المدينة وراءها وهو يبكي من فرط تعلقه بها،وقلبها لا يرق له. وعبثا حاول الرسول عليه الصلاة والسلام الشفاعة له،فقد أصرت على أن ينفصلا،فكان لها ما أرادت(94). فأين «بريرة» من «زينب» سليلة العز والشرف؟ ولماذا ينزل وحي فيها هي وأهلها خاصة يرغمهم على أن يرضوا بالزوج الذي اقترحه الرسول عليهم وهو عبد عتيق؟ ألا إن في الأمر سرا سوف ينجلي حين ينزل وحي آخر يرغم الرسول عليه الصلاة والسلام بدوره على أن يتزوج «زينب» هذه. ولكن فلننتظر قليلا.
ثم لو أن الرسول كان طالب شهوة فلِمَ لمْ يدخل البيت عندما رأى «زينب» على تلك الهيئة المزعومة( فهو على كل حال ابن خالها) ويتودَّد إليها متظاهرا بأنه يريد أن يكَفِّرَ عن إرغامه إياها على الزواج من «زيد»،وبخاصة أن العلاقة بينها وبين زوجها لم تكن على ما ترام بسبب إحساسها أنها مغموطة في هذا الزواج،ثم يتخذها ( أستغفر الله) عشيقة،وهي بعد ليست إلا زوجة لمن كان في يوم من الأيام له عبدا فمنَّ عليه بالحرية وقربه منه،أما هو فزعيم الأمة وحاكمها المطلق على زعم المستشرقين،أمره مطاع ولا يتورع عن تلفيق الوحي لتسويغ ما يريد. إن القارئ يمكنه أن يتصور منطقية هذا الجدل إذا وضع في ذهنه أن مَلِكا حَسُنَتْ في عينه زوجة خادمه أو سائقه مثلًا،وكان هذا الملك لا يبالي بخلق ولا عُرْف كريم،فماذا تراه فاعلًا إلا أن يأمرها بأن تتبعه إلى فراشه فتفعل؟ وذلك بدلًا من أن يتزوجها وينزل في نظر الناس من عليائه إلى اتخاذ امرأة خادمه زوجة له. ثم إن هناك في المسألة جانبا خطيرا أشد الخطورة،فإن العرب لم تكن تُقر قط مثل هذا الزواج،لأن التبني في نظرهم كان هو والأبوة الطبيعية شيئًا واحدًا. وهذا هو لب المشكلة كلها،ومن ثمة نستطيع أن نفهم تردد الرسول وعدم رغبته في إتمام هذا الزواج،كما هو واضح من قوله تعالى { وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ }(95) الذي فهمه «رودنسون» على أنه إشارة إلى أن «محمدًا» قد خاف أن يعرف الناس تعلق قلبه بـ«زينب» ووقوعه في هواها منذ نلك النظرة المزعومة(96)،مع أن له تفسيرا آخر يتسق مع تحليلنا هذا الذي نراه أقرب تماما إلى المنطق،ولا ندري لِمَ لمْ يشر إليه بكلمة واحدة،وهو أن الرسول لم يشأ أن يواجه الناس بأن عليه أن يتزوج «زينب». لكنَّ وحي الله ينبغي أن يُبلغ للناس مهما تكن مرارته،وشرع الله لابد أن يطبق مهما يتعارض مع التقاليد الحديدية. وليكن أول من يطبق هذا التشريع هو الرسول نفسه على رغم ما سوف يثيره من لغط لما سيسببه للناس من صدمة شديدة. أما الادعاء بأن نظرة واحدة مباغتة لـ«زينب»،ولما تكن قد استكملت ارتداء ملابسها،قد زلزلت قلب «محمد» فمن الصعب جدًا قبوله. لماذا؟ لأن الرسول هو الذي أرغمها على الزواج من «زيد»،وكان ذلك منذ وقت قريب. فما الذي تغير فيها في هذه المدة القصيرة جدا حتى ترج كيانه نظرة إليها؟ لو أنه عليه الصلاة والسلام لم يرها منذ طفولتها ثم فوجئ بها امرأة ناضجة الأنوثة لقلنا: هذا معقول،فإن فترة المراهقة تُحدث من التغييرات في الفتيات الأعاجيب. أما أن تتغير امرأة ناضجة فعلا في هذا الزمن الوجيز فهو غير معقول،وبالذات إذا عرفنا أن «زينب» لم تكن راضية عن زوجها ودائما تعيره بأنها أشرف منه،لأن مثل هذه الزوجة لا تجد في حياتها الزوجية دافعًا إلى الاهتمام بشكلها أو ملابسها أو زينتها،وهي الأشياء التي يمكن أن تجعلها تبدو جميلة إذا لم تكن كذلك،أو تزيدها،إن كانت،جمالا فوق جمال.
إن القصة تمضي فتقول إن «محمدًا» عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام،عندما وقع بصره عليها وهي في حالتها تلك،قد انصرف من فوره وهو يردد:«سبحان مقلب القلوب!» فقف معي هنا أيها القارئ وقل لي: علام تدل هذه العبارة؟ ألا تدل،حتى بفرض صحة هذه الرواية،على أن الإيمان بالله كان يملأ قلب «محمد» عليه الصلاة والسلام،وأنه كان يرى ربه مطلق المشيئة؟ تُرى أهذه مشاعر دجال يزعم كذبًا أنه متصل بالله يأتيه الوحي من لدنه بينما هو في الحقيقة يلفق هذا الوحي ليحقق به شهواته؟ على أية حال لقد رجع محمد عليه الصلاة والسلام،بناء على هذه الرواية،ولم يفكر ولو لحظة في الدخول على «زينب» برغم أن البيت كان خاليا عليها. إن رد الفعل الطبيعي هنا،مادام «محمد» عليه الصلاة والسلام أسيرا لشهوته كما تصوره كتابات المستشرقين،هو أن يدخل وينفرد بمن زلزلت كيانه،حتى لو كان كل ما سيفوز منها حينذاك هو مجرد الأنس بالحديث معها ساعة وملء العين من جمالها إلى أن يعود الزوج المسكين من الخارج.
ولنفترض أن «محمدًا» عليه الصلاة والسلام قد أخطأ خطأ العمر حين ترك هذه الفرصة الغالية تفلت منه فانصرف بدلا من أن يدخل،فلم لم يهتبل تلك الفرصة الأخرى التي قدمها إليه في منديل من حرير الزوج الساذج السادر في حب سيده غفلةً منه وحمقًا،أستغفر الله،حين أتي إليه توَّ علمه بالحادثة وعرض عليه بإخلاص السذج وحرارة الحمقى أن يتنازل له عن زوجته،التي وقعت في قلبه موقعًا؟ لقد كان جواب الرسول عليه الصلاة والسلام على هذا العرض هو «أمسك عليك زوجك واتق الله » أتراه كان يتردد خوفا من كلام الناس،حتى إذا ما تهيأ الرأي العام لذلك لم يجد غضاضة في قبول العرض؟ لكن هذا الأمر قد ظل سرا بين أطراف هذا المثلث فلم يبلغ آذان الرأي العام،ولم يتهيأ من ثمة هذا الرأي العام لذلك الأمر الجلل. ثم ألم يكن أفضل من هذا كله وأسرع وأبلغ بمحمد عليه الصلاة والسلام إلى غرضه وشهوته أن يتفاهم مع زوجة عبده السابق على ترتيب لقاء سري بينهما كلما سنحت الفرصة بدلا من وجع الدماغ هذا والدخول في هذه المتاهات المعقدة والتعرض لألسنة الناس؟ أم تراه حين أخطأ وأفلت فرصة الخلوة بها قد فاته أيضا أن يلجأ إلى حيلة داود عليه السلام،على حسب ما يرويه الكتاب المقدس،الذي يتهم هؤلاء المستشرقون أنفسهم سيدنا رسول الله بالسرقة منه،فيرسل زيدًا في غزوة من الغزوات المهلكة بعد الاتفاق مع واحد من أصحابه الذين يغارون منه على أن يضعه في مقدمة الصفوف عرضة لرماح الأعداء وسهامهم وسيوفهم كي يموت،بالضبط كما فعل داود مع أوريا قائده المقرب إليه عندما وقع له شيء مشابه لما وقع لمحمد عليه الصلاة والسلام على حسب هذه الرواية الملفقة،على رغم أنه،على عكس محمد عليه الصلاة والسلام،قد أروى غلته من امرأة هذا القائد قبل أن يرسله إلى الحرب ليموت هناك ويخلو له بذلك وجه الزوجة؟ لقد فعل داود هذا بقائده المقرب إليه،فلم لمْ يفعله «محمد» عليه الصلاة والسلام مع عبده السابق؟ إن التخلص من عبد سابق لأهون ألف مرة من التخلص من قائد له مكانته الاجتماعية والسياسية الرفيعة مثل أوريا(97). أم تراه عليه الصلاة والسلام لم يكن يسرق من اليهود إلا الأفكار الطيبة بينما يعف عن الأفكار الشريرة؟
على أنني مازلت أرى أن من المستحيل أن يكون الأمر قد تم على النحو الذي تزعمه تلك الرواية المتهافتة،فقد كانت علاقة الحب المتبادلة بين «محمد» صلى الله عليه وسلم وزيد من المتانة والعمق والرسوخ حتى إن زيدًا في صباه قد فضله على أبيه وأمه وكل أهله الذين لم يكن قد رآهم منذ اختطف وبيعَ بَيْعَ العبيد وتقاذفته المقادير حتى استقر في يد محمد عليه الصلاة والسلام،ورفض أن يرجع معهم حين خيره النبي بين البقاء معه أو الذهاب مع أهله(98).ولم يؤثر عنه بعد ذلك قط أنه حنَّ إلى أهله مرة. ترى أيمكن أن يبلغ الحب من قلبه هذا المبلغ المستحيل لو أنه شام من «محمد» عليه الصلاة والسلام ريبة على مدى هذه السنوات الطويلة؟ أم ترى كان يبقى بعد هذه الحادثة معه عليه الصلاة والسلام لو أن مجرد صدى هاجس خافت قد عبر قلبه؟ أم ترى محمدًا،وهذه أبوته لزيد الذي رباه على يديه وسقاه من كـؤوس حنانه الصافية منذ كان صبيًّا حتى أصبح الآن رجلا فأرغم بنت عمته هو ،الزعيم والحاكم المطلق السلطان،على الزواج من هذا العبد السابق،يمكن أن يقع في مثل هذا الغرام المشتعل فجأة مع زوجة ابنه؟ أم تراه،بافتراض صحة وقوعه في هواها من مجرد نظرة عابرة،كان يرضى أن يتزوجها لولا أمر السماء له بأن يكون أول من يطبق ذلك التشريع الجديد على نفسه ليحطم التقليد الجاهلي الذي كان يعد الابن بالتبني مثل الابن الحقيقي تماما؟
على أن هناك شيئا فات هؤلاء المسارعين إلى تصديق كل ما من شأنه أن يلطخ سمعة الرسول الأعظم محمد،وهو أن تلك الرواية المتهافتة تقول إن زواج «محمد» من «زينب» بعد طلاقها من زيد قد أثار زوبعة شديدة لأن الناس لم يستطيعوا بسهولة أن يهضموا زواج رجل من مطلقة ابنه،حتى لو كان ابنًا سابقًا بالتبني. أفلم يكن المنطقي إذن ألا يفكر زيد في عرض تطليق زوجته على أبيه السابق ليتزوجها ما دام الناس كانوا يستنكرون مثل هذا الزواج إلى هذه الدرجة العنيفة؟ ثم أليس من المنطقي أن ننكر نحن إمكان حدوث ذلك؟
ثم عائشة ! لقد كانت زوجة غيورًا،ولو أنها أحست بشيء يحاك في الخفاء لما سكتت. ولقد سمعته عليه الصلاة والسلام يقول عن رجل جاء إلى بيته في أمر ما:« بئس أخو العشير هو!»،فلما قابله وهشَّ له وألان الكلام لم تسكت على ذلك رغم تفاهة الأمر ورغم أن هذه هي المرة الوحيدة ( فيما نعرف) التي وقع ذلك فيها من الرسول عليه الصلاة والسلام وسألته عن سر هذا التناقض التافه(99) فأحرى بها هنا ألا تسكت لو شعرت بشئ مما يتقوله المستشرقون. لكن كان لعائشة الجريئة ذات الدلال على رسول الله رأي آخر،إذ قالت: لو كان رسول الله كاتما شيئا لكتم هذه(100). ذلك أنها كانت تدرك تمام الإدراك فداحة الصدمة التي سيخلفها زواج رسول الله عليه الصلاة والسلام من «زينب» كما مرَّ بيانه.
مما سبق يتبين لنا أن المستشرق البريطاني «مونتجمري وات» كان على حق عندما اتفق رأيه في هذه القضية مع آراء المسلمين المعاصرين،وأنه لا معني لاستغراب «مكسيم رودنسون» رأي رصيفه البريطاني هذا(101).ثم فلنفترض أن وقائع القصة كلها صحيحة،فما الذي يؤخذ على الرسول فيها؟ أيؤخذ عليه أن نظره وقع عفوا على «زينب» فكان لذلك تأثيره على قلبه؟ أم يؤخذ عليه أنه بدلا من أن يدخل انصرف وهو يتمتم:« سبحان مقلب القلوب »؟ أم يؤخذ عليه نهيه زيدًا أن يطلق زوجته من أجله(102)،وقوله له:« أمسك عليك زوجك واتق الله »؟ أم يؤخذ عليه أنه تزوج «زينب» زواجًا شرعيًّا بعد أن طلقها زوجها بملء إرادته وحريته؟ ألا يرى القارئ أن الأمر كله عراك في غير معترك،وأن ما يتقوله المستشرقون إنما هو ضجة فارغة،وأن الآية محل النقاش ليست إلا وحيا إلهيا نزل يأمر الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يكون أول من يطبق على نفسه التشريع الجديد؟
(90) إرفنج /112 . وقد أورد د.محمد حسين هيكل هذه القصة في (حياة محمد) ص/322-323) على نحو قريب من هذا. كما روى مكسيم رودنسون هذه القصة أيضا (ص/205 - 208) وإن لم يرد فيها ذكر لستار بل قال إن «زينب» قد قابلته وهي شبه عارية. ولا أدري كيف واتت «زينب» الجراءة على مقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الشكل. إن هذا لبسلوك ممثلات أدوار الإغراء أشبه. وانظر إشارة لهذا الأمر ساخرة في ص 272 ،من كتاب(Comparative Religion) لبوكيه (A.C Bouquet)،وهو رجل دين نصراني بريطاني.
(91) انظر البخاري/3/177.
(92) هناك حالة أخري قابلتني في كتب الحديث التي رجعت إليها نجد فيها الرسول عليه الصلاة والسلام يتدخل لدي العروس لترضى بمن خطبها له. والطريف أن الرجل الذي رشحه الرسول في هذه المرة هو أسامة بن زيد بن حارث!( الشوكاني/ مجلد 3/ج 6 /ص 108).
(93) انظر ( فقه السنة ) لسيد سابق /2 /130. وانظر كذلك الشوكاني / مجلد3 /ج 6 /ص 120-122.
(94) انظر(( رياض الصالحين)) 92-93 و الشوكاني /مجلد 3/ج6 /ص 152.
(95) الأحزاب /37.
(96) رودنسون / 206-207.
(97) انظر،في قصة داود وأوريا،الكتاب المقدس / صموئيل الثاني/1/2-27 . واقرأ في تفنيدي لها كتابي( المستشرقون والقرآن)) /130.
(98) انظر ابن هشام /1/230-231،و إرفنج/34.
(99) انظر في هذه القصة مثلا (الموطأ)/31 /96.
(100) البخاري /41 /281.
(101) انظر رودنسون / 207.
(102) هذا ما يدعيه المستشرقون،أما الرواية القديمة ( كما في تفسير الطبري والزمخشري مثلا لهذه الآية) فتقول إن زيدا ذهب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وعرض عليه أن يفارقها،فهتف به. ( أرابك منها شيء؟ )،فقال له: ( لا والله يا رسول الله ما رابني منها شيء ولا رأيت إلا خيرا،ولكنها تتعظم على لشرفها وتؤذيني)،فقال له الرسول :( اتق الله وأمسك عليك زوجك ) فأمسكها زيد،ولكن تعاظمها عليه أشتد حتى نفد صبره فطلقها... إلخ. فانظر الفرق وافهم السبب في هذا التحريف. وأصل الرواية،كما تري،يؤكد ما قلناه قبلا من أن زيدا لم يكن ليجرؤ على أن يعرض على الرسول الزواج من زينب.
المصدر
كتاب مصدر القرآن...دراسة لشبهات المبشرين والمستشرقين حول الوحي المحمدي
كتاب مصدر القرآن...دراسة لشبهات المبشرين والمستشرقين حول الوحي المحمدي
تعليق