[frame="1 98"]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
** أختاه ، إنهم يريدونكِ أن تتبرجي فهل تعلمين لماذا **
إنهم يقولون لكِ : إنّ الطاقة الجنسية في الإنسان طاقة كبيرة وخطيرة ، وخطورتها تكمن في كبتها ، وزيادة الضغط يولّد الانفجار ، وحجاب المرأة يغطّي جمالها ، وبالتالي فإنّ الشباب يظلون في كبت جنسيّ يكاد أن ينفجر ، أو ينفجر أحيانًا على شكل حوادث الاغتصاب وغيرها ، والعلاج لهذه المشكلة إنما يكمن في تحرير المرأة من هذا الحجاب ، وذلك حتى ينفس الشباب الكبت الذي فيهم، وبالتالي يحدث التشبع لهذه الحاجة ، فيقلّ طبقًا لذلك خطورة الانفجار بسبب الكبت والاختناق هكذا يقولون ، يريدون لكِ الشر ، يريدون لكِ النار ، فهل ستستجيبين لهم أختاه ...؟
إن الله - تبارك وتعالى - أمرك بالحجاب ، ولزوم البيوت والدور .
إن الله - تبارك وتعالى - حذّرك من التبرج والسفور .
إن الله تعالى نهاكِ من الخضوع بالقول للرجال ، وذلك صيانة لكِ عن الفساد ، وتحذيرًا لكِ من أسباب الفتنة .
أختاه ، إن الإسلام حرّم جميع الوسائل ، والذرائع ، الموصلة إلى الأمور المحرّمة ، تأملي قول الله تبارك وتعالى : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا }{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } . وقوله تعالى : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } قال مجاهد - رحمه الله تعالى - : كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال ، فذلك تبرج الجاهلية .
وقال قَتادة - رحمه الله تعالى - : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } يقول : إذا خرجتن من بيوتكن - وكانت لهن مشية وتكسر وتغنُّج - فنهى الله - عز وجل - عن ذلك .
وقال مقاتل بن حيان - رحمه الله تعالى - : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } والتبرج : أنها تلقي الخِمار على رأسها ، ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ، ويبدو ذلك كله منها ،وذلك التبرج .
** أختاه ، الإسلام يُغلق أبواب الشر حتى لا تقولي : آآآه **
تأملي أختاه ، تأملي هذا النداء : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ } يا نساء النبي الكريم - صلوات الله وسلامه وبركاته عليه- يا أمهات المؤمنين ، يا خير النساء ، ويا أطهر النساء ، قال العلماء - رحمهم الله تعالى - ([1]) : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ } خطاب لهن كلهن { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } اللّه ، فإنكن بذلك ، تفقن النساء ، ولا يلحقكن أحد من النساء ، فكملن التقوى بجميع وسائلها ومقاصدها .
فلهذا أرشدهن إلى قطع الوسائل المحرمة ، فقال : { فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } أي : في مخاطبة الرجال ، اجتنبوا الخضوع بالقول للرجال ، وهو تليين القول وترقيقه . أو بحيث يسمعون فَتَلِنَّ في ذلك ، وتتكلمن بكلام رقيق يدعو ويطمع : { الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } أي : مرض شهوة الزنا ، فإنه مستعد ينتظر ، ينظر أدنى محرك يحركه ، لأن قلبه غير صحيح ، وأما القلب الصحيح ليس فيه شهوة لما حرم اللّه - عز وجل - فإن ذلك لا تكاد تُمِيلُه ولا تحركه الأسباب ، لصحة قلبه ، وسلامته من المرض . بخلاف مريض القلب ، الذي لا يتحمل ما يتحمل الصحيح ، ولا يصبر على ما يصبر عليه ، فأدنى سبب يوجد ، يدعوه إلى الحرام ، يجيب دعوته ، ولا يتعاصى عليه ، فهذا دليل على أن الوسائل ، لها أحكام المقاصد . فإن الخضوع بالقول ، واللين فيه ، في الأصل مباح ، ولكن لما كان وسيلة إلى المحرم ، منع منه ، ولهذا ينبغي للمرأة في مخاطبة الرجال، أن لا تلِينَ لهم القول . ولما نهاهن عن الخضوع في القول ، فربما توهم أنهن مأمورات بإغلاظ القول، دفع هذا بقوله: { وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا } أي : فلا ترققن الكلام ، ولا تنطقن به بطريقة لينة متكسرة تثير شهوة الرجال ، وتجعل مريض القلب يطمع في النطق بالسوء معكن ، فإن من محاسن خصال المرأة أن تنزه خطابها عن ذلك ، لغير زوجها من الرجال .
إن هذه الآية تقول لكِ : أختاه ، إن التحفّظ والسلامة مع الاختلاط صعبٌ صعب ، فاحذري من أن تنخدعي ، احذري من الاستجابة فإنهم { يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا }. عليكِ أن لا تخاطبي الأجانب بكلام فيه ترخيم ولا بكلام ِلَيِّنٍ خاضع ، وكما أنه ليس عليك أن تخاطبيهم بكلام غليظ جاف - بل عند الضرورة بكلام وسط جاد وبقدر الحاجة وباختصار - نعم فالمرأة لا تخاطب الأجانب كما تخاطب زوجها ، فالزوج له حقوق منها : التلذذ بخطاب زوجته الجميل ، وهذا حق الزوج وحده لا يشاركه فيه أحد ، نسأل الله تعالى العفة ، والسلامة من الشهوات والفتن .
وتأملي كيف قال: { فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } ولم يقل: { فلا تَلِنَّ بالقول } وذلك لأن المنهي عنه ، القول اللين ، الذي فيه خضوع المرأة للرجل ، وانكسارها عنده ، والخاضع ، هو الذي يطمع فيه
* يحذر أمهات المؤمنين مع صلاحهن وطهارتهن فغيرهن أولى *
{ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } تحذير للطاهرات العفيفات الطيبات العابدات وذلك لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة الزنا ويظن أنهن يوافقنه على ذلك وأمر بلزومهن البيوت ونهاهن عن تبرج الجاهلية ، وهو إظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك من الزينة لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا ، وإذا كان الله سبحانه تعالى يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن ، وإيمانهن ، وطهارتهن ، فغيرهن أولى وأولى بالتحذير والإنكار ، والخوف عليهن من أسباب الفتنة . عصمنا الله وإياكم من مضلات الفتن ، ويدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن قوله سبحانه في هذه الآية : { وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } فإن هذه الأوامر أحكام عامة لنساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وغيرهن .
وقال عز وجل : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } تأمل : { مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } أي : يكون بينكم وبينهن ستر ، يستر عن النظر ، لعدم الحاجة إليه ، { مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } حتى لا تتمكن الخواطر الشيطانية وتزداد ، فخاطبوهن عند الضرورة من وراء حجاب ، ولا تنسوا أن الناس أيضًا لهم أوهام وظنون .
هكذا صار النظر إليهن ممنوعًا بكل حال .{ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } أي : ذلك أقوى طهارة لقلوبكم وقلوبهن نعم لأنه أبعد عن الريبة والشك ، والعين جند من جنود القلب ، يخدم القلب ويساعده ، فالقلب إذا لم تر العين لا يشتهي ، نعم لا يشتهي القلب إلا إذا تمكن العين من النظر ، ولذا جاء الأمر من الله تعالى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } قال العلماء - رحمهم الله تعالى - : { إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } أي: لا يُظهرْنَ شيئًا من الزينة للأجانب، إلا ما لا يمكن إخفاؤه ... الظاهر من الثياب .
وقال ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - : كالرداء والثياب.
أرأيت أختاه ، أرأيت كيف يأمرك الإسلام ، أرأيت كيف يقول لكِ : احذري التبرج احذري الاختلاط ، احذري الزينة خارج بيتكِ حتى لا تفسدين الشباب ، إن العين باب إلى القلب فإن رأت العين فقد يشتهي القلب وقد لا يشتهي ، ولكن القلب عند عدم الرؤية أطهر ، وعدم الفتنة حينئذ أظهر ، وكلما بعد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر، فإنه أسلم له، وأطهر لقلبه. وهذه الآية الكريمة { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال ، وتسترهن منهم ، وقد أوضح الله - سبحانه تعالى - في هذه الآية أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء ، وأنه طهارة وسلامة ، وأبعد عن الفاحشة وأسبابها ، وأن السفور وعدم التحجب خبث وفساد ، نعم لأنه ضد العفاف والطهر وإن قالوا غير ذلك .
أختاه ، إن التبرج معصية وإثم عظيم ، و كذلك دليل على سوء خلق المرأة ، وقلة حيائها ؛ إذ كيف ترضى المرأة العفيفة الحييّة أن ينظر الناس إليها ، ويستمتعوا بمحاسنها ...؟
[/frame]
[1] - عندما نقول : قال العلماء - رحمهم الله تعالى - يعني : أن هذه الفقرة مقتبسة من عدة مراجع .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
** أختاه ، إنهم يريدونكِ أن تتبرجي فهل تعلمين لماذا **
إنهم يقولون لكِ : إنّ الطاقة الجنسية في الإنسان طاقة كبيرة وخطيرة ، وخطورتها تكمن في كبتها ، وزيادة الضغط يولّد الانفجار ، وحجاب المرأة يغطّي جمالها ، وبالتالي فإنّ الشباب يظلون في كبت جنسيّ يكاد أن ينفجر ، أو ينفجر أحيانًا على شكل حوادث الاغتصاب وغيرها ، والعلاج لهذه المشكلة إنما يكمن في تحرير المرأة من هذا الحجاب ، وذلك حتى ينفس الشباب الكبت الذي فيهم، وبالتالي يحدث التشبع لهذه الحاجة ، فيقلّ طبقًا لذلك خطورة الانفجار بسبب الكبت والاختناق هكذا يقولون ، يريدون لكِ الشر ، يريدون لكِ النار ، فهل ستستجيبين لهم أختاه ...؟
إن الله - تبارك وتعالى - أمرك بالحجاب ، ولزوم البيوت والدور .
إن الله - تبارك وتعالى - حذّرك من التبرج والسفور .
إن الله تعالى نهاكِ من الخضوع بالقول للرجال ، وذلك صيانة لكِ عن الفساد ، وتحذيرًا لكِ من أسباب الفتنة .
أختاه ، إن الإسلام حرّم جميع الوسائل ، والذرائع ، الموصلة إلى الأمور المحرّمة ، تأملي قول الله تبارك وتعالى : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا }{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } . وقوله تعالى : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } قال مجاهد - رحمه الله تعالى - : كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال ، فذلك تبرج الجاهلية .
وقال قَتادة - رحمه الله تعالى - : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } يقول : إذا خرجتن من بيوتكن - وكانت لهن مشية وتكسر وتغنُّج - فنهى الله - عز وجل - عن ذلك .
وقال مقاتل بن حيان - رحمه الله تعالى - : { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } والتبرج : أنها تلقي الخِمار على رأسها ، ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ، ويبدو ذلك كله منها ،وذلك التبرج .
** أختاه ، الإسلام يُغلق أبواب الشر حتى لا تقولي : آآآه **
تأملي أختاه ، تأملي هذا النداء : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ } يا نساء النبي الكريم - صلوات الله وسلامه وبركاته عليه- يا أمهات المؤمنين ، يا خير النساء ، ويا أطهر النساء ، قال العلماء - رحمهم الله تعالى - ([1]) : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ } خطاب لهن كلهن { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } اللّه ، فإنكن بذلك ، تفقن النساء ، ولا يلحقكن أحد من النساء ، فكملن التقوى بجميع وسائلها ومقاصدها .
فلهذا أرشدهن إلى قطع الوسائل المحرمة ، فقال : { فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } أي : في مخاطبة الرجال ، اجتنبوا الخضوع بالقول للرجال ، وهو تليين القول وترقيقه . أو بحيث يسمعون فَتَلِنَّ في ذلك ، وتتكلمن بكلام رقيق يدعو ويطمع : { الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } أي : مرض شهوة الزنا ، فإنه مستعد ينتظر ، ينظر أدنى محرك يحركه ، لأن قلبه غير صحيح ، وأما القلب الصحيح ليس فيه شهوة لما حرم اللّه - عز وجل - فإن ذلك لا تكاد تُمِيلُه ولا تحركه الأسباب ، لصحة قلبه ، وسلامته من المرض . بخلاف مريض القلب ، الذي لا يتحمل ما يتحمل الصحيح ، ولا يصبر على ما يصبر عليه ، فأدنى سبب يوجد ، يدعوه إلى الحرام ، يجيب دعوته ، ولا يتعاصى عليه ، فهذا دليل على أن الوسائل ، لها أحكام المقاصد . فإن الخضوع بالقول ، واللين فيه ، في الأصل مباح ، ولكن لما كان وسيلة إلى المحرم ، منع منه ، ولهذا ينبغي للمرأة في مخاطبة الرجال، أن لا تلِينَ لهم القول . ولما نهاهن عن الخضوع في القول ، فربما توهم أنهن مأمورات بإغلاظ القول، دفع هذا بقوله: { وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا } أي : فلا ترققن الكلام ، ولا تنطقن به بطريقة لينة متكسرة تثير شهوة الرجال ، وتجعل مريض القلب يطمع في النطق بالسوء معكن ، فإن من محاسن خصال المرأة أن تنزه خطابها عن ذلك ، لغير زوجها من الرجال .
إن هذه الآية تقول لكِ : أختاه ، إن التحفّظ والسلامة مع الاختلاط صعبٌ صعب ، فاحذري من أن تنخدعي ، احذري من الاستجابة فإنهم { يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا }. عليكِ أن لا تخاطبي الأجانب بكلام فيه ترخيم ولا بكلام ِلَيِّنٍ خاضع ، وكما أنه ليس عليك أن تخاطبيهم بكلام غليظ جاف - بل عند الضرورة بكلام وسط جاد وبقدر الحاجة وباختصار - نعم فالمرأة لا تخاطب الأجانب كما تخاطب زوجها ، فالزوج له حقوق منها : التلذذ بخطاب زوجته الجميل ، وهذا حق الزوج وحده لا يشاركه فيه أحد ، نسأل الله تعالى العفة ، والسلامة من الشهوات والفتن .
وتأملي كيف قال: { فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } ولم يقل: { فلا تَلِنَّ بالقول } وذلك لأن المنهي عنه ، القول اللين ، الذي فيه خضوع المرأة للرجل ، وانكسارها عنده ، والخاضع ، هو الذي يطمع فيه
* يحذر أمهات المؤمنين مع صلاحهن وطهارتهن فغيرهن أولى *
{ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } تحذير للطاهرات العفيفات الطيبات العابدات وذلك لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة الزنا ويظن أنهن يوافقنه على ذلك وأمر بلزومهن البيوت ونهاهن عن تبرج الجاهلية ، وهو إظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك من الزينة لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا ، وإذا كان الله سبحانه تعالى يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن ، وإيمانهن ، وطهارتهن ، فغيرهن أولى وأولى بالتحذير والإنكار ، والخوف عليهن من أسباب الفتنة . عصمنا الله وإياكم من مضلات الفتن ، ويدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن قوله سبحانه في هذه الآية : { وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } فإن هذه الأوامر أحكام عامة لنساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وغيرهن .
وقال عز وجل : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } تأمل : { مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } أي : يكون بينكم وبينهن ستر ، يستر عن النظر ، لعدم الحاجة إليه ، { مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } حتى لا تتمكن الخواطر الشيطانية وتزداد ، فخاطبوهن عند الضرورة من وراء حجاب ، ولا تنسوا أن الناس أيضًا لهم أوهام وظنون .
هكذا صار النظر إليهن ممنوعًا بكل حال .{ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } أي : ذلك أقوى طهارة لقلوبكم وقلوبهن نعم لأنه أبعد عن الريبة والشك ، والعين جند من جنود القلب ، يخدم القلب ويساعده ، فالقلب إذا لم تر العين لا يشتهي ، نعم لا يشتهي القلب إلا إذا تمكن العين من النظر ، ولذا جاء الأمر من الله تعالى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } قال العلماء - رحمهم الله تعالى - : { إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } أي: لا يُظهرْنَ شيئًا من الزينة للأجانب، إلا ما لا يمكن إخفاؤه ... الظاهر من الثياب .
وقال ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - : كالرداء والثياب.
أرأيت أختاه ، أرأيت كيف يأمرك الإسلام ، أرأيت كيف يقول لكِ : احذري التبرج احذري الاختلاط ، احذري الزينة خارج بيتكِ حتى لا تفسدين الشباب ، إن العين باب إلى القلب فإن رأت العين فقد يشتهي القلب وقد لا يشتهي ، ولكن القلب عند عدم الرؤية أطهر ، وعدم الفتنة حينئذ أظهر ، وكلما بعد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر، فإنه أسلم له، وأطهر لقلبه. وهذه الآية الكريمة { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال ، وتسترهن منهم ، وقد أوضح الله - سبحانه تعالى - في هذه الآية أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء ، وأنه طهارة وسلامة ، وأبعد عن الفاحشة وأسبابها ، وأن السفور وعدم التحجب خبث وفساد ، نعم لأنه ضد العفاف والطهر وإن قالوا غير ذلك .
أختاه ، إن التبرج معصية وإثم عظيم ، و كذلك دليل على سوء خلق المرأة ، وقلة حيائها ؛ إذ كيف ترضى المرأة العفيفة الحييّة أن ينظر الناس إليها ، ويستمتعوا بمحاسنها ...؟
[/frame]
[1] - عندما نقول : قال العلماء - رحمهم الله تعالى - يعني : أن هذه الفقرة مقتبسة من عدة مراجع .
تعليق