حوار فضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني مع البروفيسور "كيث ل. مور"
أطوار خلق الإنسان (أ)
لقد أرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً للعالمين.قال تعالى: ﴿وَمَا أرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ﴾ )سورة الأنبياء، الآية:107 (فهو رسول إلى البدوي في الصحراء، ورسول إلى العالم وراء مختبراته في عصرنا، ورسول إلى كل العصور.
فالرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم كان كل رسول منهم يرسل إلى قومه خاصة ﴿وَلِكِلِّ قَوْمٍ هَاد﴾ [الرعد:7]أما رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهي للناس جميعاً. ولذلك جعل الله بينة محمد صلى الله عليه وسلم مختلفة عن بينات الرسل قبله. فبينات الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم يراها المعاصرون لهم ومن جاء بعدهم من أجيال متقاربة، ثم يبعث الله رسولاً جديداً فيجدد الدين ويجدد المعجزة، لكن محمداً صلى الله عليه وسلم هو الرسول الخاتم إلى يوم القيامة جعل الله معجزته باقية.فلو طلبنا من يهودي أو نصراني أن يرينا معجزة موسى أو عيسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام لقال كل من اليهودي والنصراني لا أملك ذلك. لا أستطيع أن أحضر عصا موسى، ولا أستطيع أن أحضر عيسى ليحيي الموتى أمامكم هذا الأمر ليس لنا فيه إلا الخبر التاريخي.لكن المسلم لو سئل عن أكبر معجزة لمحمد صلى الله عليه وسلم لأجاب: إنها معجزة القرآن الكريم لأنها معجزة باقية بين أيدينا ويمكن للناس أن يتفحصوا ما فيها كما قال تعالى: ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ﴾ [الأنعام:19] وطبيعة المعجزة في هذا الكتاب هي العلم الذي فيه كما قال تعالى: ﴿لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه﴾ [النساء: :166] ويمكن لأهل عصرنا للباحثين للأساتذة في الجامعات لقادة الفكر الإنساني أن يفصحوا العلم الذي في كتاب الله سبحانه وتعالى، إنهم في عصرنا قد تفرقوا في الكشوف الكونية، ولقد تكلم القرآن عن الكون وعن النفس الإنسانية فماذا كانت النتيجة؟ هذا هو البروفيسور "كيث ل. مور" أحد كبار العلماء في العالم في مجال (التشريح وعلم الأجنة). طلب منه أن يكون مستشاراً علمياً لإبداء رأيه من الجانب العلمي حول بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بمجال تخصصه، هذا الأستاذ مؤلف لكتاب (The Developing Human) (أطوار خلق الإنسان) وهذا الكتاب مترجم بثمان لغات: الروسية، واليابانية، والألمانية، والصينية، والإيطالية، والبرتغالية، والإنجليزية، واليوغوسلافية، وعندما طلبنا منه أن يبدي رأيه فيما سمع من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية اندهش وأعلن دهشته هذه، كيف يكون لمحمد صلى الله عليه وسلم قبل 1400 عام أن يصف الجنين وأطواره هذا الوصف الدقيق الذي لم يتمكن العلماء من معرفته إلا منذ ثلاثين عاماً؟ وسرعان ما تحولت دهشته إلى إعجاب بهذا البيان وهذا الهدي فتبنى هذه الآراء في المجامع العلمية وقدم محاضرة بعنوان "مطابقة علم الأجنة لما في القرآن والسنة.
"وقد قدمه الدكتور عبد الله نصيف مدير جامعة الملك عبد العزيز سابقاً والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي حالياً لإلقاء محاضرته بقوله: محاضرنا اليوم هو الأستاذ كيث مور أستاذ علم التشريح والأجنة في جامعة تورنتو بكندا وقد تدرج فيها حتى وصل إلى هذه المرتبة في جامعات عديدة منها جامعة توينابك في الغرب الكندي حيث كان هناك لمدة 11 سنة ورأس العديد من الجمعيات الدولية، منها على سبيل المثال جمعية علماء التشريح والأجنة في كندا وأمريكا، ومجلس اتحاد العلوم الحيوية الأخرى.
كما انتخب عضواً بالجمعية الطبية الملكية بكندا، والأكاديمية الدولية لعلوم الخلايا، والاتحاد الأمريكي لأطباء التشريح، وعضواً في إتحاد الأمريكتين في التشريح أيضاً، وقد ألف العديد من الكتب، بعض هذه الكتب في مجال التشريح الأكلينكي وعلم الأجنة، وله ثمانية كتب تعتبر مرجعاً لطلاب كليات الطب، وقد ترجمت إلى ست لغات: الإيطالية، والألمانية، والبرتغالية، والإسبانية، واليونانية، والصينية.وتحدث الدكتور مور فقال: لقد أسعدني جداً أن أشارك في توضيح هذه الآيات والأحاديث التي تتحدث عن الخلق في القرآن الكريم والحديث الشريف، ويتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله لأن كل هذه المعلومات لم تكتشف إلا حديثاً وبعد قرون عدة وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله،.
وقد عقب الشيخ الزنداني بقوله: تأمل ما قاله هذا الأستاذ الكبير من مشاهير علماء العالم في الأجنة عندما درس الآيات المتعلقة بمجال اختصاصه في هذا الكتاب تأمل ماذا قال: إنه لا بد أن يكون محمد رسولاً من عند الله، وعندما شاهد البروفيسور كيث مور العلقة التي توجد في البرك وقارن بينها وبين الجنين في مرحلة العلقة وجد تشابها كبيراً بين الاثنين ثم قال بعد ذلك: إن الجنين في مرحلة العلقة يشبه هذه العلقة تماماً، وتبنى هذه القضية وجاء بعد ذلك بصورة لهذه العلقة التي تعيش في البرك ووضعها بجوار صورة أخرى للجنين وجمع بينهما في شكل توضيحي وعرضه على الأطباء في عدد من المؤتمرات، وبين البروفيسور كيث مور أيضاً أن الجنين في مرحلة العلقة يكون معلقاً في رحم أمه، وكذلك فإن العلقة في لغة العرب تعني الدم المتجمد، وقد ذكر البروفيسور كيث مور أن الجنين في مرحلة العلقة تكون الدماء فيه محبوسة في العروق الدموية قبل أن تتم الدورة بين الجنين وبين المشيمة فيظهر شكل الجنين كشكل الدم المتجمد، وهكذا تشمل كلمة (العلقة) جميع أوصاف الجنين فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا؟.ثم تحدث البروفيسور كيث مور عن المضغة، وجاء بقطعة من الطين الصلصال ومضغها بفمه ثم جاء بصورة من جنين وقارن بين الاثنين وقال: إن الجنين يشبه المضغة.ولقد نشرت بعض الصحف الكندية كثيراً من تصريحات البروفيسور كيث مور، وأخيراً قدم كيث مور ثلاث حلقات في التلفزيون الكندي عن التوافق بين ما ذكره القرآن قبل 1400 عام وما كشف عنه العلم في هذا الزمان.وعلى أثر ذلك وجه له هذا السؤال: يا أستاذ مور معنى ذلك أنك تؤمن بأن القرآن كلام الله؟ فأجاب: لم أجد صعوبة في قبول هذا، فقيل له: كيف تؤمن بمحمد وأنت تؤمن بالمسيح؟ فأجاب: أعتقد أنهما من مدرسة واحدة، وهكذا يمكن لعلماء العالم في عصرنا أن يعلموا أن هذا الكتاب قد نزل بعلم الله، كما قال تعالى﴿ لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً ﴾ [ النساء:166].فيعلمون إذاً أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
﴿ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾[ سبأ:6].
المصدر: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
تعليق