أخي المهتدي, تحية طيبة, وبعد:
هنيئًا لك ما غدوت به من نعمة الإسلام, وكفى بها من نعمة. هنيئًا لك خير الجنَّةِ ونعيمُها, ومساكنها الطيبة, ]وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[, (التوبة: 72). أَكْرِمَ بِكَ أَنْ ينطبق عليك قول الله Y: ]وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ[, (الزمر: 18). مباركٌ لك ما يثيبك به ربُّك: ]فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ[, (المائدة: 85).
أتعلمُ مَلِكَ الحُبشِ أن محمداً *** نَبيُّ كموسى والمسيحِ ابنِ مريمِ؟
أتى بهُدى مثل الذي أتيا به *** وكلٌّ بـأمر الله يَهْدي ويَعصمُ
وإنكمو تَتْلونَهُ في كتابِكم *** بصدقِ حديثٍ لا بصدْقِ الترجُّمِ
فلا تَجُعلوا لله نِداً وأسلمِوا *** وإن طـريقَ الحـقِّ ليسَ بمُظُلمِ
أيَّها المهتدي, لقد رَبِحَتْ تِجَارَتُكَ يا هذا!
وهذه هي قصَّتك بأسلوب تعبير رائق يخلو من الأخطاء الإملائية والنحوية:
قصة دخولي في الاسلام
بناءً على طلب بعض الإخوة والأخوات بنشر قصة دخولي في الإسلام, عزمت على نشرها نزولا عند رغبتهم, وراجيًا اللهَ أن يوفِّقني إلى طريق الخير, وأن يهديني إلى أرشد الأمر.
الحمد لله, الحمد لله لا خير في غيره هداه, ولا عزة بغيره رضاه, ولا راحة لمن تنكَّب عن أمره وعصاه.الحمد لله الذي اختص هذه الامة بأنه لا تزال فيها طائفة على الحق, لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمره, يدعون من ضل إلى الهدى, ويُبَصِّرون بنور الله أهلَ العمى, ويُحيون بكتابه الموتى, فهم أحسنُ الناس هديًا وأقومُهُم قيلا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن نبيَّنا وحبيبنا محمَّدًا عبد الله ورسوله, وصفيُّه من خيرة خلقه وخليله, فتح به أعينا عميا, وآذانا صُمًّا, وقلوبا غلفًا, فلم يزل e قائما بأمر الله لا يرده عنه راد, وداعيًا إلى الله لا يصده عنه صاد, إلى أن أشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها, وتآلفت القلوب بعد شتاتها. وأشهد أنَّ أخاه عيسى بن مريم عبد الله ورسوله. وبعد:
بادئ ذي بَدْءٍ, أنا من عائلة مسيحية شرقية, (طائفة الروم الأرثذوكس). متزوِّجٌ, وقد وهبني الله Y ذكورًا وإناثًا. وبدهيًّا قد ترعرعت في عائلتي المسيحية, وعشت في كنفها وهي محافظة على التقاليد والعادات المسيحية الموروثة من الأجداد.
ولا جرمَ أنَّ عائلتي تعدُّ من العائلات الراقية الرائقة الثرية في مجتمعنا المسيحي. وقد عملت في أملاك والدي قبل أن يبزغ نور الإسلام في قلبي, وكنت أتقاضى, شهريًّا مبلغًا من المال لا يُستهان به ولا يُستخفُّ. إذن, ظاهر حياتي الدنيويَّةِ السعادةُ والحبورُ, والهناءةُ والسرورُ؛ ذلك أنَّي حِزْتُ زينةَ الدنيا وزُخْرُفَها؛ مالٌ ومنزلٌ وعمل, وجاه وزوجٌ, وبنات وأولاد. بيد أنَّه ينتابني ضيق وعسر في نفسي!! كيف لا وأنا لست على دين الفطرة؟!
ولخليقٌ بي وحقيقٌ أَنْ أذكر أَنَّني كنت مواظبًا على الصلاة في الكنيسة, ومنتسبًا للشبيبة فترةً زمنيَّةً غيرَ يسيرةٍ. وكنت مقتنعًا بكلِّ أمرٍ صغيرٍ أم كبيرٍ يُعًلِّمُنَا الخوارنة إيَّاه في الكنيسة؛ ذلك أنَّ كلامهم من وِجْهَةِ نظرنا ثقةٌ تامَّةٌ لا مجالَ فيه للشك, وعلى هذا نشأنا.
وبحكم عيشنا في بلد غالبيَّتُه من المسلمين, فضلاً عن احتكاكنا بهم من حيث إنَّهم جيراننا, وحياتنا مربوطة فيهم, بحكم ما سبق ما لنا بُدٌّ من مناقشتهم في معظم الأحيان, مع ملاحظة أنَّنا نُحَثُّ على عدم خوض مثل هذه المناقشات الدينية مع المسلمين, ظنًّا منَّا أنَّنا على حقٍّ, وأنَّهم على زيغٍ وضلال. وطبائع الأمور تقتضي أن أهيمَ قليلاً وأسرحَ أثناء خلوتي ببعض ما تبادلناه من أطراف الجدل العقدي, وفي كلِّ مرَّةٍ كنت أقنع نفسي بما استقرَّ فيها من زيغ المسلمين وضلالهم.
ولعلَّ من أبرز الأمور التي علقت في ذهني من تلك المناقشات (قضيَّةَ التَّثْليثِ), و(وهل نُعمَّد لأنَّنا ولدنا مسلمين؟), و(هل الله خاطئ حتى نطهِّر أنفسنا؛ لنولد من جديد؟), وغير هذا كثير, ولكن هذه أهمُّها.
لمَّا زادت نفسي حيرةً وقلقًا عزمت على معرفة الحقيقة لهذه الأمور, فبدأت البحث جادًّا فيما ترنو له عيناي من الهداية للحق, وقد كانت قناعاتي أنَّ الله لا يُميِّز بين يهوديٍّ ومسيحيٍّ ومسلم؛ لكونه قد خلقنا بشرًا من آدم وحوَّاء u. وهو يحبُّنا بنفس القدر؛ لهذا خلقنا بالمستوى نفسه, وكلٌّ منَّا يعبد اللهَ حسب ما تعلَّم على طريقته. ولكن, مَنْ منَّا يعبد الله بالطريقة الصحيحة, فالأصل أن نعبد الله كما يريد هو لا كما نريد.
ومن هنا, شَرَعْتُ برحلة البحث عن الحقيقة, والتَّقصي الجادِّ من أجل النَّجاة والفوز. وخلال هذه الانطلاقة المباركة راودني سؤال, ألا وهو: آلمسلمون على حقٍّ في عبادتهم أم نحن؟ وكنت أميل إلى أنَّنا نحن مَنْ نَعْبُدُ الله حقَّ عبادته.
وحتى يتأتَّى لي معرفة الحقيقة دون تزييفٍ من أحدٍ, وضعت الأمرَ أمامي, وغذذت السير, باحثًا ممحِّصًا غيرَ مستشيرٍ أحدًا؛ ليرشدني قلبي وفكري إلى أهل الحق.
ولمَّا كان يحظر التفكير في دخول الإسلام, ويعتبر جريمةً نكراء, وذنبًا ما بعده ذنب, وإذا كشف أمرك ستعاقب عقابًا وخيمًا, وستكون متسبِّبًا في فضيحة كبرى ليس بعدها فضيحة للأسرة والعائلة, وستنبذ من الكنيسة ومجتمعك المسيحي نَبْذَ النَّوى, لمَّا كان كلُّ هذا اعتمدت السِّريَّة التامَّة المطلقة في التَّقصي والتَّتبُّع, وبعد المقارنة التي أقمتها على مَنْ نعبد ومَنْ يعبد السلمون, تبيَّن لي الآتي:
1. نحن_ المسيحيين _نعبد المخلِّص المسيح, الأوَّل والآخر, الأب والابن روح القدس, كلُّهم متساوون في إلهٍ واحدٍ.
2. ومن صفات الرَّبِّ عندنا أنَّه ضعيف هرب من اليهود وهو خالقهم, وصلب وأهين, وتعذَّب وبكى, وتشرَّد وجاع, وجرب من الشيطان, ومات وقام, ويتوسَّل لنفسه أن يرحم نفسَه.
3. المسلمون يعبدون اللهَ القويَّ القادرَ, الرحمنَ الرحيمَ, الجبارَ المتكبِّرَ, الرَّؤوفَ بعباده الصالحين.
4. رأس الأمر أن نعبد الله الحقيقيَّ الخالقَ حسب ما أراد, وليس كما نريد.
وبعد هذه النتائج التي حصلت عليها من عملية المقارنة التجأت لعدَّةِ أشخاص مسلمين ملتزمين بأمور دينهم؛ لأناقشهم وألتمسَ منهم الحقيقة في المعتقد الإسلامي عن بعض الأمور في معتقدي المسيحي: الإله, والخلاص, وأسرار الكنيسة, والتثليلث. ولأتعرَّفَ منهم على البديل المقنع لهذه المعتقدات. وقتئذٍ أبى الله إلا أن يُدخل نورَ الإيمان في قلبي, فعلمت أنَّ الله واحد: ]فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ[, وأنَّ الدين واحد: ]إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ[, وأنَّ الإسلام هو الحقُّ: ]وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[.
لما تجلَّى لي الحقُّ, وعزمت على اعتناق الإسلام أتت اللحظة الحاسمة التي أدخلتني في امتحان صعب؛ ذلك أنَّه إمَّا أن أختار الإسلام, وإمَّا أن أختار عملي وبيتي وزوجي وأولادي وميراثي. فاخترت ما به عزُّ الدارين: الدنيا والآخرة, وما به نجاتي وفلاحي, وما هو خير لي. اخترت أن أكون مسلمًا, وأشهرت إسلامي لله ربِّ العالمين طواعيةً عن عقيدةٍ, ورغبةً بعد دخولي في الإسلام.
ولمَّا بدأت أصلِّي وجدت راحةً وسعادةً ولذَّةً عجيبةً لم أذقها طوال حياتي, وصدق الله I: ]أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[, (الأنعام: 122).
وها أنا لي عشر سنوات أو يزيد في نعمة الإسلام, وقد منَّ الله عليَّ أَنْ أسلم على يدي عدَّة أشخاص, وها أنا من أسعد الناس في هذا الدين؛ لأنَّني على يقينٍ وبيِّنةٍ من أمري, مرتاح البال, قرير العين.
غدًا, لن ينفعني أحدٌ: ]يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ[, (عبس: 34_37). وإنَّ الخالق الحقَّ بادٍ من صفاته التي لا لَبْسَ فيها.
وأنصح من يقرأ قصَّتي من المسيحيِّن أن يتعرَّفوا على صفات الله من آية الكرسي, أعظم آية في كتاب الله: ]اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[, (البقرة: 255). ما أعجبها من آية!!
وهذه تساؤلاتٌ أثيرها لكلِّ مسيحيٍّ يقرأ قصَّة دخولي للإسلام: هل_ حقًّا _المسيح هو الله؟ هل مارلياس يحيٌّ يرزق؟ هل العذراء شفيعة وصاحبة عجائب؟ لماذا تعمدت, ولأيِّ سبب حقيقي؟ هل الخلاص بأكل جسد المسيح, وشرب دمه؟ هل المسيح هو الله عندما هرب من اليهود؛ لكي لايهلكوه.
ولا يسعني هاهنا إلا أن أفصح لكم عن أمنيتي, وهي: أن أموت وأولد من جديد ألفَ مرَّةٍ لعائلة مسيحيَّةٍ متعصِّبةٍ جدًّا؛ لأشهر إسلامي من جديد, لأنال هذا الشعور الرائع, وأتذوَّق حلاوة الإيمان.
بسم الله الرحمن الرحيم
]وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55)[.وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين
تعليق