تناقض الكتاب المقدس وإبطال عقيدة الصلب

تقليص

عن الكاتب

تقليص

AL-ATHRAM اكتشف المزيد حول AL-ATHRAM
هذا موضوع مثبت
X
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • AL-ATHRAM
    2- عضو مشارك

    • 8 يول, 2006
    • 162

    #76
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وهذه السطور تكملة لما مضى ..


    شهادة التواتر ..

    يذكر لنا التاريخ، أن أئمة الدين العلماء، الذين كانوا معاصرين للرسل، أو الذين خلفوهم في رعاية الكنيسة، اقتبسوا في مواعظهم ومؤلفاتهم من الكتب المقدسة، وخصوصاً من الأناجيل, وذلك ليقينهم بأنها كتب إلهية موحى بها من الله، لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها, نذكر منهم:

    أكلمندس، أسقف رومية، وكان عاملاً مع الرسول بولس، كما هو مذكور في رسالة فيلبي 4: 3,
    ديونسيوس، أسقف كورنثوس الذي توفي سنة 100 ميلادية, هرماس، المعاصر لبولس، والذي ألف كتاباً في ثلاثة مجلدات، ضمَّنها الكثير من الاقتباسات من العهد الجديد, أغناطيوس، الذي تعيَّن أسقفاً على أنطاكية، بعد صعود المسيح بسبعة وثلاثين عاماً, بوليكاربوس الشهيد، تلميذ يوحنا الرسول، الذي تعين أسقفاً على إزمير، واستشهد عام 166, ولم يبق من مؤلفاته سوى رسالة مفعمة بالشواهد من الأناجيل الأربعة, وكذلك أئمة القرن الثاني الميلادي، اقتبسوا من الأسفار الإلهية لدعم تعاليمهم, منهم:

    بابياس، الذي كان أسقفاً على كنيسة هيارابوليس، في فريجيا، ونبغ سنة 110, واجتمع ببوليكاربوس، وألف تفسيراً للكتاب المقدس، في ستة مجلدات, وقال هذا العالم إن الأناجيل كانت متداولة في الكنائس باللغة اليونانية، وشهد بأن البشير مرقس كان مرافقاً لبطرس، وأن إنجيله كان متداولاً بين المسيحيين, يوستين الشهيد، وُلد سنة 89 ميلادية، وكان قبل الاهتداء فيلسوفاً وثنياً, وإنما بحثه عن الحق قاده إلى المسيحية, وهذا المفكر الشهير ألَّف عدة كتب في دفاعه عن الدين المسيحي، وقد ارتكز في دفاعه على الأناجيل الأربعة, وذكر في أحد مؤلفاته أنه زار الكنائس في رومية والإسكندرية وأفسس، ورأى أن المسيحيين كانوا يتعبدون بتلاوة الأناجيل في كنائسهم,
    هيجيوس، الذي نبغ بعد يوستين بثلاثين سنة, ولشهادته أهمية كبرى لأنه سافر من فلسطين إلى رومية ورأى أساقفة كثيرين, وقال إنه رأى المسيحيين في كل مكان يعلّمون تعاليم واحدة، حسب الناموس والأنبياء والرب يسوع المسيح,

    إيرينيوس، يوناني الأصل، من آسيا الصغرى وُلد سنة 140 ميلادية، وتتلمذ على بوليكاربوس، تلميذ يوحنا الرسول, وكان مركز أعماله ليون، حيث رُسم أسقفاً بعد بونيتيوس، الذي استشهد عام 177, وألَّف رسالة ملأها بالاقتباسات من الأناجيل, وقد قال في أحد فصولها:

    إننا لم نقبل خلاصنا إلا من الذين أبلغونا الإنجيل الذي كرزوا به أولاً, وبعد ذلك دوَّنوه بإرادة الله ومشيئته ليكون أساس إيماننا وعموده, لأن بعد قيامة المسيح من الأموات منح الله الرسل قوة الروح القدس، فعرفوا كل شيء معرفة تامة, وحينئذ ذهبوا إلى أقاصي الدنيا، وبشَّروا الناس ببركات السلام السماوي, ومع كل واحد منهم إنجيل الله, فدوَّن متى إنجيله لليهود لما كان بطرس وبولس في رومية يكرزان بإنجيل السلام، ويؤسسان كنيسة هناك, وبعد ارتحالهما، دوَّن مرقس تلميذ بطرس ورفيقه الإنجيل، وهو خلاصة كرازة بطرس, وكذلك دوَّن لوقا الطبيب، رفيق بولس الإنجيل بحسب كرازة بولس، وبعد ذلك دوَّن يوحنا، تلميذ الرب، الذي اتكأ على صدره، إنجيله لما كان في أفسس ,

    ثم أضاف هذا العلامة قائلاً:

    إن تعاليم الرسل المأثورة انتشرت في جميع أنحاء العالم, وكل من يفتش على مصادر الحق يجد أن كل كنيسة محافظة على هذه التعاليم وتعتبرها مقدسة ,

    وقال أيضاً:

    في وسعنا أن نذكر الذين عيَّنهم الرسل أساقفة على هذه الكنائس، والذين خلفوهم إلى يومنا هذا, وبهذا السند المتصل أخذنا الروايات الموجودة في الكنيسة، وتعاليم الحق أيضاً، حسب ما كرز بها الرسل ,

    أكليمندس أسقف الاسكندرية، وكان بعد إيرينيوس بست عشرة سنة, فشهد أن جميع الكنائس، تعتقد بالأناجيل الأربعة, واستشهد هذا العالم المدقق بالأناجيل في تعليمه ومؤلفاته, وقال إن الأناجيل الأربعة مؤكدة عندنا,


    ترتليانوس، وُلد سنة 160 ميلادية، وتوفي حوالي سنة 220, وقال هذا العالم، عن الرسل: إن يوحنا ومتى يعلّماننا الإيمان, أما رفقاء الرسل، فلوقا ومرقس ينعشاننا , وبعد أن عدَّد الكنائس التي أسسها بولس في كورنثوس وغلاطية وأفسس وفيلبي وتسالونيكي، والكنائس التي أسسها يوحنا، وكنيسة رومية، التي أسسها بولس وبطرس، قال:

    إن الأناجيل الأربعة هي في يد الكنيسة، منذ البداية , وقال أيضاً: نحن المسيحيين نجتمع معاً لنطالع الكتب الإلهية ونغذي إيماننا، ونرفع رجاءنا، ونؤيد وديعتنا بالكلمة المقدسة ,
    فينتج مما تقدم:


    1 - إن أئمة الديانة المسيحية، سواء الذين عاصروا الرسل أو الذين أتوا بعدهم بالتسلسل، من العلماء الأعلام، كانوا يقتبسون من أقوال الكتب المقدسة، ويستشهدون بها في أثناء كلامهم,

    2 - إن استنادهم عليها واستشهادهم بآياتها، يدل على يقينهم بأنها الحكم الفصل في جميع المسائل، التي يختلفون عليها,

    3 - إنهم كانوا يقرأونها في اجتماعاتهم الدينية العمومية، ويشرحونها,

    4 - إنهم كتبوا عليها تفاسير في عدد عديد من المجلدات، مؤكدين اتفاق البشيرين في ما كتبوه، مسوقين من الروح القدس,

    5 - إن جميع المسيحيين منذ البدء، اعتقدوا بهذه الكتب المقدسة، على اختلاف شعوبهم ومذاهبهم,

    يتبع ....

    تعليق

    • AL-ATHRAM
      2- عضو مشارك

      • 8 يول, 2006
      • 162

      #77
      بسم الله الرحمن الرحيم




      شهادة النُسخ القديمة


      يوجد بين الذخائر التي يحتفظ بها المسيحيون نسخ مخطوطة، يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام بعدة أجيال, منها:

      1 - النسخة الإسكندرية:

      وقد دعيت بهذا الاسم نسبة إلى مدينة الاسكندرية، التي خُطَّت فيها، ولها المرتبة الأولى بين النسخ الثلثية, وقد أهداها كيرلس لوكارس، بطريرك القسطنطينية إلى ملك انكلترة شارل الأول سنة 1628, وكان قد أحضرها معه من الاسكندرية حيث كان بطريركاً سابقاً, وهي مكتوبة باليونانية، وتحتوي كل أسفار الكتاب المقدس من العهدين القديم والجديد, وعلى أول صفحة منها حاشية مدوَّن فيها أن كل هذا الكتاب نسخ بيد سيدة شريفة مصرية اسمها تقلا, وذلك في نحو سنة 325 ميلادية, وقد علق البطريرك كيرلس على هذه الحاشية بخط يده أن هذا التاريخ حسب رأيه صحيح, والنسخة مكتوبة بالحرف الثلثي، على رق قُسمت كل من صفحاته إلى حقلين, وفي كل حقل خمسون سطراً, ولم تزل هذه النسخة محفوظة بعناية في المتحف البريطاني بلندن,


      2 - النسخة الفاتيكانية:

      سُميت بالفاتكيانية نسبة إلى مكتبة الفاتيكان المحفوظة فيها, وهي مكتوبة على رق جميل جداً, وحرفها ثلثي صغير, وفي كل صفحة منها ثلاثة حقول، يحتوي كل منها على اثنين وأربعين سطراً, وتشتمل كل أسفار الكتاب المقدس باللغة اليونانية, ويرجح العلماء أنها خُطت حوالي العام 300 بعد الميلاد,


      3 - النسخة السينائية:

      وهي تعادل النسخة الفاتيكانية بالقدم، بل لعلها أقدم منها, ولها أهمية كبرى في مقابلة المتون, وقد سُميت بالسينائية نسبة إلى جبل سيناء حيث اكتشفها العلامة تشندورف الألماني، في دير القديسة كاترينا بسيناء, وذلك في عام 1844, وهذه النسخة مكتوبة بحرف ثلثي كبير، وعلى رق، في كل من صفحاته أربعة حقول, وكل ما فيها يدل على القدم, وقد أهداها مكتشفها إلى الإسكندر، قيصر روسيا, وبقيت في روسيا إلى أن حدثت الثورة البلشفية، فبيعت للمتحف البريطاني بلندن، حيث لا تزال محفوظة,


      4 - النسخة الافرائمية:

      وهي محفوظة في دار الكتب الوطنية بباريس، وتشمل على كل الأسفار المقدسة باللغة اليونانية، ومكتوبة على رق بحرف حسن، بدون فواصل، ولا حركات, والحرف الأول من كل صفحة فيها، أكبر من بقية الحروف, ويرجح أنها كتبت حوالي عام 450 ميلادية,


      كل هذه النسخ تتيح رد الادِّعاء بالتحريف بعد شهادة القرآن بصحتها، لأن النسخ التي ذُكرت أعلاه كُتبت قبل القرآن، والنسخ المتداولة بين أيدينا اليوم لا تختلف في شيء عن نصوص تلك المخطوطات القديمة,




      يتبع ...

      تعليق

      • AL-ATHRAM
        2- عضو مشارك

        • 8 يول, 2006
        • 162

        #78
        Saif
        شهادة المخطوطات القديمة

        ـ 1 ـ مخطوطات قمران:

        من بين الكنوز التي عثر عليها في مغاور قمران بالأردن عام 1947 مخطوطة كاملة لسفر إشعياء النبي، باللغة العبرية, وهي مكتوبة على رقوق جلد على شبه درج, ويستدل من شكل الكتابة والمفردات اللغوية، أن هذه المخطوطة كُتبت في القرن الثاني قبل الميلاد, وقد قال العلماء الذين دققوا فيها إنها لا تختلف في نصوصها عن النص الموجود بين أيدينا,

        وعثر أيضاً في كهوف قمران على نسخة من أسفار اللاويين وأيوب والمزامير وحبقوق, وقد وجدت النصوص المدوَّنة في هذه المخطوطات مطابقة لنصوص الأسفار المتداولة بيننا حالياً,
        وكذلك وجد إلى جانب هذه المخطوطات قائمة بأسفار العهد القديم شملت كل الأسفار التي لدينا، ما عدا سفر أستير,

        ـ 2 ـ مخطوطات أرسينوي:

        في العام 1877 عثر في أرسينوي الواقعة جنوب مدينة القاهرة، على عدد عديد من الوثائق المكتوبة على ورق البردي، مطمورة في الرمال, ومن بينها نسخة للإنجيل بحسب يوحنا، أكد العلماء أن تاريخ كتابتها يعود إلى عام 125 بعد الميلاد, وهي لا تختلف في نصوصها، عن النسخة التي بين أيدينا,


        ـ 3 ـ مخطوطات سيناء:

        اكتُشف مؤخراً في دير القديسة كاترين بسيناء نسخة للأناجيل الأربعة باللغة السريانية, ويعود تاريخ كتابتها إلى ما قبل القرن الخامس الميلادي, وهي منقولة عن ترجمة قام بها المسيحيون في القرن الثاني الميلادي, ونصوصها لا تختلف عن البشائر المتداولة حالياً في العالم,


        فالحفريات والمخطوطات القديمة إذن، أيدت الكتاب المقدس بصورة مذهلة, لأنه ما كان ليصدق أن الكتاب الإلهي يتفق مع التاريخ بهذه الدقة، وما زلنا نتوقع اكتشافات أخرى، لأن العلماء جادّون بالتنقيب, وتدل كل البراهين على أنه لم يعد هناك موضع لناقد أو معترض على أسفار العهد الجديد، وعلى التواريخ التي كتبت فيها,

        ولا ريب في أن هذا التوافق بين الاكتشافات ونصوص الكتاب العزيز، يشكّل أقوى برهان على سلامة الوحي الإلهي وصدق أولئك الذين دوَّنوه,


        قال العالم الأثري الدكتور أُلبرايت:

        بفضل اكتشافات قمران نستطيع أن نتيقن أن العهد الجديد هو كما كتب بمعرفة الأقدمين، وهو الذي يحوي تعاليم المسيح ورسله, وكلها يتجاوز تاريخ كتابتها الفترة ما بين 25 إلى 80 للميلاد ,
        شهادة علم الآثار

        منذ القديم كانت الأسفار المقدسة عرضة لتهجُّمات الكفرة والملحدين، لأنها تتعارض مع أفكارهم، وتكشف مساوئهم, ولهذا حاول كثيرون منهم أن يجدوا في الآثار والنقوش القديمة ما يخالف النصوص المقدسة, ولكن الاكتشافات جاءت مخيبة لآمالهم، لأن النقوش التي عثر عليها الباحثون في فلسطين وما بين النهرين كلها تؤيد ما ورد في الكتب المقدسة، حتى أن كثيرين من الملاحدة رجعوا إلى الإيمان، لأن الآثار التي اكتُشفت شهدت بصحة النصوص الكتابية,


        كان الاعتقاد السائد لدى الباحثين أن الكتابة لم تكن مستعملة في فلسطين قبل العام 540 قبل الميلاد, أي أن موسى وعدداً آخر من رجال العهد القديم لم يكتبوا أسفارهم بأيديهم, كما أن الملحدين ادَّعوا بأن كَتَبة التوراة قد بالغوا في وصف أحداث وحضارة الشرق إلى حد يفوق التصديق، نظراً لمغايرة هذه الأسفار لأقوال المؤرخين القدماء,


        ولكن الاكتشافات الحديثة نقضت نظرياتهم تماماً، لأنها جاءت مؤيدة تماماً لصحة الأسفار الإلهية في كل ما ورد فيها عن حضارة مصر وبابل وأشور, وقد ثبتت كل ما ذكرته عن سنحاريب، وتغلث فلاسر، ونبوخذ نصر، وغيرهم,

        وإنه ليبهجنا أن تتيح لنا هذه الاكتشافات أن نرى لوحات نُقشت فيها الحروف التي كان يكتب بها موسى ويشوع وعزرا وصموئيل وغيرهم, وأن نتأكد أن الكتابة كانت معروفة في عهد إبراهيم وموسى وأيوب ونحميا، كما في أيامنا,

        ومما يسعدنا أنه تم في زمننا قول المسيح إن الحجارة تتكلم, والواقع أنها تكلمت بما حوته من نقوش سجل فيها معظم الحوادث المهمة التي جاء الكتاب المقدس على ذكرها,


        ـ 1 ـ قصة التكوين:

        لقد جاء في النقوش البابلية والأشورية كتابات مذهلة عن رواية التكوين، لأنها جاءت متفقة مع ما جاء في الكتاب المقدس ولا تختلف عنها إلا ببعض الألفاظ, فمثلاً، يقول الكتاب المقدس إن الله عمل النورين العظيمين، النور الأكبر لحكم النهار، والنور الأصغر لحكم الليل والنجوم ـ تكوين 1: 16 ـ وتقول النقوش البابلية إن الله صنع السدوم والكواكب,

        الكتاب المقدس يقول إن الله خلق البهائم والدبابات كأجناسها ـ تكوين 1: 24 ـ واللوحات البابلية تقول إن مجمع الآلهة خلق هذه الحيوانات,

        الكتاب المقدس يقول إن الله خلق الإنسان من تراب الأرض ـ تكوين 2: 7 ـ , وقصة بابل تقول إن الإله مردوخ خلق الإنسان من اللحم والعظام,


        ـ 2 ـ تعدد الآلهة:

        يقول الكتاب المقدس إن البشر ارتدوا عن الله الحي وعبدوا آلهة متعددة، مما حدا بالأنبياء إلى بذل المحاولات لإرجاع الناس إلى عبادة الإله الواحد, أما العلماء الملحدون فزعموا أن الإنسان منذ البداية يعتقد بتعدد الآلهة, وبقيت هذه النظرية سائدة لدى الكثيرين إلى أن دحضها الدكتور س, هربرت, وهو أحد أعلام الحفريات وأستاذ الدراسات الأشورية في جامعة أكسفورد فقد قال هذا العلامة إن عقيدة الوحدانية في الديانات السامية والسومرية قد سبقت العقيدة بتعدد الآلهة,

        وكذلك الاكتشافات الحديثة دحضت الرأي الذي كان سائداً في بعض الأوساط العلمية، والذي مفاده أن عقيدة التوحيد في الديانة اليهودية لم تكن موجودة قبل أن ينادي بها أنبياء القرن السابع أو الثامن قبل المسيح, فأكدَّ عدد عديد من النقوش أن موسى نادى بعقيدة التوحيد قبل أن يدخل العبرانيون أرض كنعان,


        ـ 3 ـ قصة الطوفان:

        قدَّم عِلم الآثار من الحفريات البابلية قصة رائعة للطوفان، تتفق مع ما جاء عنها في سفر التكوين، فقد ذكر في كل من النصين، التوراتي والبابلي، أن الطوفان وقع بترتيب إلهي, وفي كل من الروايتين، يحذر بطل القصة من كارثة مزمعة أن تقع على العالم, وبعد التحذير بنى فلكاً له ولعائلته, ثم أخذ معه حيوانات إلى الفلك، اثنين من كل جنس ذكراً وأنثى لاستبقائها, وحين هدأت العاصفة وانسدت ينابيع الغمر استقر الفلك على قمة جبل، فأرسل البطل طيوراً للاستكشاف, وفي نهاية الطوفان قدم قرباناً لله، فاستجاب الله له، وأكّد له الأمان,


        ـ 4 ـ أور الكلدانيين:

        قبل التنقيب في أراضي العراق، لم يكن علماء الكتاب المقدس يعلمون مدى الحضارة التي وُجدت هناك، والتي دلت على أن تلك الأرض القفراء كانت يوماً جنة تجري من تحتها الأنهار, وقد قامت في وسطها عاصمة لأمة عريقة في الحضارة, ومما أكدته الحفريات هناك، أنه في أحقاب التاريخ البعيدة، وفد السومريون إلى تلك البقعة واستوطنوها، وأنشأوا فيها حضارة عظيمة,


        أما عن ديانتهم فكانوا يؤمنون بتعدد الآلهة, وكان لكل عائلة صنمها الخاص, وهذا يفسر لنا تصرُّف راحيل حين سرقت آلهة لابان أبيها، قبل هربها مع زوجها يعقوب ـ تكوين 31: 27-32 ـ ,

        وقد أثبتت لنا تلك الحفريات أن إبراهيم لم يكن مجرد شيخ قبيلة بدوية، من سكان الخيام، بل كان ينتسب إلى شعب عريق في مدنيته، كان يسكن في حاران, وهذا يتفق تماماً مع نص الكتاب المقدس ـ تكوين 11: 28-31 ـ ,

        وإذا تأملنا في رحلة إبراهيم الطويلة، نرى أن أبا المؤمنين مر بدوثان وبيت إيل وشكيم, وهي مدن ورد ذكرها في الكتاب المقدس,

        ودلَّت الآثار المكتشفة في فلسطين على صحة ما جاء في الكتاب المقدس عن المنطقة الواقعة جنوب البحر الميت، التي قضى فيها إبراهيم ردحاً من الزمن، والتي كانت مزدهرة ومزدحمة بالسكان، في عهد إبراهيم,

        ـ 5 ـ قصة يوسف:

        كان يوسف فريسة لمكيدة قاسية دبرها إخوته، فقد باعوه إلى إحدى قوافل مصر, ولكن إذ كان باراً، جعل الله الأشياء تعمل معاً لخيره, فقد وجد نعمة في عيني فرعون، فرفعه وجعله وزيراً لخزانة مصر, وقد تأكدت هذه القصة، بتأييد لوحة اكتُشفت في مقبرة أحد عظماء مصر، المدعو ألقاب والذي كان معاصراً ليوسف, فقد قرأ العلماء في هذه اللوحة أن مجاعة رهيبة حدثت في أيامه وأن الدولة وزعت على الشعب الغلال التي اختزنها وزير الخزانة في سني الخصب, ومقابل ذلك، استولت الدولة على أملاكه, وهذه الرواية توافق تماماً ما جاء في ـ تكوين 47: 18-22 ـ ,


        ـ 6 ـ عبودية العبرانيين في مصر:

        اكتشفت في مصر منحوتة، يعود تاريخها إلى تحتمس الثالث، تمثّل العبرانيين وهم يقومون ببناء هيكل لفرعون, وكذلك اكتُشفت عدة خرائب تبلغ سماكة جدران الأبنية فيها ثمانية أقدام, وهي مبنية باللبن الممزوج بالتبن، والمجفف بحرارة الشمس, وهذا الاكتشاف يؤيد ما جاء في خروج 5: 7,

        ـ 7 ـ خروج العبرانيين من مصر:

        عثر في تل العمارنة عام 1888 على لوحة منقوشة بالخط المسماري، كان حكام فلسطين قد أرسلوها إلى فرعون مستنجدين به لمساعدتهم ضد غزوات شعب خطير، دُعي باسم عبيرو، الذي معناه العبرانيون,


        ـ 8 ـ موسى والناموس:

        كان الاعتقاد السائد لدى بعض العلماء أن الناموس يعود إلى فترة لاحقة لزمن موسى, إلا أن التنقيب عن الآثار، الذي قام به العالم ده مورجان عام 1884 أيد الكتاب المقدس في قوله إن الناموس أُعطي بموسى, فقد اكتشف هذا الباحث كنزاً من المخطوطات في قصر شوشن، المذكور في سفر أستير، أيَّدت ما جاء في الكتاب المقدس عن ناموس موسى,


        ـ 9 ـ قصص الكتاب عن بعض الشعوب القديمة:

        اكتُشف في رأس الشمرة، على بعد عشرة أميال شمال اللاذقية بقايا مدينة أوغاريت، التي تأسست عام 2000 قبل الميلاد, وعثر فيها على مئات من الألواح تؤيد قصص الكتاب المقدس عن الفرزيين والحيويين والحثيين,


        ـ 10 ـ لوحات مصرية تثبت وجود الحثيين:

        إلى عهد قريب كان علماء التاريخ يشكون في وجود الحثيين، الذين اشترى إبراهيم منهم مغارة المكفيلة وجعلها مقبرة لزوجته سارة ـ تكوين 23: 8-9 ـ وبقي هذا الشك إلى أن عثر على أخبارهم في لوحات أثرية مصرية, وتذكر إحدى هذه اللوحات أن معركة دارت بينهم وبين قوات رمسيس الثاني بالقرب من قادش، عام 1287 قبل الميلاد,


        يتبع ....

        تعليق

        • AL-ATHRAM
          2- عضو مشارك

          • 8 يول, 2006
          • 162

          #79
          شهادة الإسلام


          شهد القرآن للأسفار الإلهية بالصحة، وكل من يطالعه يندهش لشهادته الصريحة لصحة ما جاء فيها, وهي شهادة من الوضوح بمكان حتى أنها لا تقبل التأويل، وقد وردت في عدد من السُّور, منها:


          إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا والرَّبَّانِيُّونَ والأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ـ سورة المائدة 5: 44 ـ ,

          وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ـ سورة المائدة 5: 46 ـ ,

          وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ـ سورة المائدة 5: 48 ـ ,


          ففي الآية الأولى يشهد القرآن لصحة التوراة، وأنها هدى من الضلالة، ونور لبيان الأمور التي يحكم بها النبيون بموجب ما استحفظهم الله من كتابه، وكانوا شهوداً أنه حق,


          وفي الآية الثانية بيان أن المسيح صدَّق على التوراة أنها حق, وكذلك إنجيله، الذي فيه هدى ونور وموعظة جاء مصدقاً لما قبله من الكتب الإلهية,


          وفي الآية الثالثة يؤكد القرآن أنه أُنزل إلى محمد مصدِّقاً لما بين يديه من الكتاب, وأنه مُعيَّن حارساً له, وأنه يوصيه بأن يحكم بموجب ما أنزل الله فيه من تأييد للتوراة والإنجيل,


          ويذهب القرآن في تأييده للتوراة والإنجيل إلى حضّ أهلهما على إقامة ما جاء فيهما من تعاليم إذ يقول:


          قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ والإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ـ سورة المائدة 5: 68 ـ ,


          وكذلك يحض أهل الإنجيل على إقامة أحكام ما جاء في كتابهم، ويصف الذين يهملون ذلك من أهل الإثم، إذ يقول:


          وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ـ سورة المائدة 5: 47 ـ ,


          يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ والكِتَابِ الذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ والكِتَابِ الذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً ـ سورة النساء 4: 136 ـ ,


          فمما تقدم يتبين لنا:


          أولاً: يحثُّ القرآن أهل الكتاب على إقامة أحكام التوراة والإنجيل، وهذا اعتراف ضمني بصحتهما وسلامتهما من التحريف، لأنهما يحكّمان المؤمن للخلاص الذي في البر,


          ثانياً: يأمر القرآن جميع المؤمنين بمن فيهم المسلمون أن يؤمنوا بالقرآن وبالكتاب الذي أّنزل من قبل، أي التوراة والإنجيل, وهذه دعوة صريحة للمسلم لكي يؤمن بما جاء في التوراة والإنجيل وهذه الدعوة متفقة فعلاً مع نص القرآن الآتي:


          أُولَئِكَ الذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ والحُكْمَ والنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ أُولَئِكَ الذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ـ سورة الأنعام 6: 89 و90 ـ ,


          ويعترف القرآن بصلاح الكتاب المقدس للحكم في الأمور الروحية إذ يقول محمد:


          وَكَيْفَ يَحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بَا لْمُؤْمِنِينَ ـ سورة المائدة 5: 43 ـ ,


          فهذه الآية تبين أن الذين يقيمون أحكام الكتاب المقدس لا يحتاجون إلى كتب أخرى للتحكيم, أما من يتولى عن الكتاب الإلهي بعد معرفة الحق الذي فيه فليس بمؤمن,
          قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ـ سورة القصص 28: 49 ـ ,


          ففي هذه الآية إرشاد لمحمد إلى ما يجب قوله للذين رفضوا الرسالة التي نادى بها، كما رفضوا موسى من قبله, وذلك بأن يقدموا له كتاباً من عند الله أهدى من الكتاب المقدس والقرآن,


          وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَا سْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ـ سورة النحل 16: 43 ـ ,


          جاء في تفسير الجلالين أن أهل الذكر هم العلماء بالتوراة والإنجيل, فإن كنتم لا تعلمون ذلك، فإنهم يعلمونه, وأنتم إلى تصديقهم أقرب من تصديق المؤمنين بمحمد ـ الجلالين ص 357 ـ ,


          والذِّكر هو التوراة والإنجيل، كما جاء في سورة الأنبياء 21: 105

          وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ وأيضاً: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ ـ سورة الأنبياء 21: 48 ـ ,


          في الواقع أن سورة النحل 16: 43 شهادة صريحة بأن رسل الله وأنبياءه الذين كتبوا الذكر إنما كتبوه بالوحي، مسوقين من الروح القدس, إنها مع مجموعة الآيات التي استشهدنا بها لتؤكد أن القرآن اعتبر كتابنا المقدس هدى ونوراً، وذكراً وحكم الله، ووحياً, وقد أمر المسلمين أن يسألونا في ما لا يعلمون, أليس هذا اعترافاً صريحاً من القرآن بأن أسفارنا المقدسة صحيحة، وبالتالي لم تُحرَّف؟


          وأنها لتتفق مع شهادة رسل المسيح، بصحة الكتاب المقدس ووحيه, فقد قال رسول الجهاد العظيم بولس:

          كُلُّ الكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللّهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ والتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ والتَّأْدِيبِ الذِي فِي البِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللّهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّباً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ ـ 2تيموثاوس 3: 16 و17 ـ ,


          لهذا قبل المسيحيون أسفار العهد القديم، التي اكتملت حوالي العام 400 قبل الميلاد, وكان اليهود قد قسموها إلى ثلاثة أقسام:


          1 - التوراة، وهي مؤلفة من أسفار موسى الخمسة: التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية, وهي منذ البدء معتبرة ومحترمة ومقدسة، لاحتوائها على وصايا الله العشر، ومواعيده لبني البشر,


          2 - الأنبياء، وهو قسمان:


          الأول:

          ويتألف من أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك,


          الثاني:

          ويتألف من أسفار: إشعياء، إرميا، حزقيال، هوشع، يوئيل، عاموس، عوبديا، يونان، ميخا، ناحوم، حبقوق، صفنيا، حجي، زكريا وملاخي,


          3 - المكتوبات:

          وتشمل: المزامير، الأمثال، أيوب، دانيال، عزرا، نحميا، أخبار الأيام، نشيد الأنشاد، راعوث، مراثي إرميا، الجامعة وأستير,


          أما أسفار العهد الجديد، فقد أجمع العلماء على أنها كتبت، ونشرت أيام كان كثيرون من خاصة المسيح الذين سمعوه ورأوه لا يزالون أحياء, وهي:

          الأناجيل الأربعة، سفر أعمال الرسل، رسائل بولس، رسائل بطرس، رسالة يعقوب رسائل يوحنا، رسالة يهوذا وسفر الرؤيا,


          هذا موجز عن محتويات الكتاب، الذي أوحى به الله إلى رجاله القديسين, وقد حفظه الله، بعناية فائقة, وكما اختار رجالاً أمناء لكتابة وحيه، هكذا اختار رجالاً أمناء ليترجموه إلى لغات العالم, ومما لا ريب فيه أن وجوده الآن، في ما يقرب الألف وأربعمائة لغة ولهجة دليل على أن الله ساهر على كلمته وحافظ لها إلى الأبد,


          نعم وستمضي الأمم، وتنتهي اللغات، ويتغير العالم بأسره, أما الكتاب المقدس


          العزيز فيبقى حياً إلى الأبد، لأن فيه رسالة الله لكل رجل وامرأة لكل ولد وفتاة، في كل زمان ومكان, أعني بذلك، رسالة الخلاص بيسوع المسيح, وهذه الرسالة، هي للجميع، لا فرق بين أبيض وأسود، أو جنس أو لسان أو أمة, إذ توجد قوة حية في الكتاب الإلهي، تعطي كل من يقبل يسوع مخلّصاً بالإيمان أن يصير ابناً لله,



          يتبع ....

          تعليق

          • AL-ATHRAM
            2- عضو مشارك

            • 8 يول, 2006
            • 162

            #80
            سؤال لا بد منه ....

            بعد ما تقدم، يحق لنا أن نسأل المدَّعين بتحريف الأسفار المقدسة دليلهم العلمي والتاريخي، عن الزمن الذي جرى فيه هذا التحريف؟

            إن قالوا إنه حصل قبل المسيح، قلنا لهم إن المسيح قد صادق على صحة الكتب المقدسة,

            أولاً:

            بالاستشهاد بما جاء فيها من نبوات تتكلم عنه، ومن أبرزها نبوة إشعياء التي تلاها المسيح في مجمع الناصرة حيث مكتوب:

            رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لِأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لِأُبَشِّرَ المَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لِأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي القَلْبِ، لِأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِا لْإِطْلَاقِ. لِأُنَادِيَ بِسَنَةٍ مَقْبُولَةٍ لِلرَّبِّ، وَبِيَوْمِ انْتِقَامٍ لِإِلَهِنَا. لِأُعَزِّيَ كُلَّ النَّائِحِينَ ـ إشعياء 61: 1 و2 ـ ,

            ويخبرنا لوقا البشير أن المسيح بعد أن تلا هذه النبوة الخاصة به قال للسامعين:

            ا لْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هذا المَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ ـ لوقا 4: 21 ـ ,


            ثانياً:

            بحضِّه اليهود على تلاوة الأسفار المقدسة ودرسها، إذ قال لهم:

            فَتِّشُوا الكُتُبَ لِأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ التِي تَشْهَدُ لِي ـ يوحنا 5: 39 ـ ,


            ثالثاً:

            بتوبيخه الصدوقيين لجهلهم الأسفار المقدسة وعدم إقامة أحكامها إذ قال لهم:

            تَضِلُّونَ، إِذْ لَا تَعْرِفُونَ الكُتُبَ وَلَا قُوَّةَ اللّهِ ـ مرقس 12: 24 ـ ,


            رابعاً:

            باتخاذها سلاحاً ضد تجارب إبليس, إذ نقرأ في الإنجيل المقدس، أن يسوع صدَّ التجارب التي هاجمه بها إبليس في برية الأردن بآيات من الكتاب المقدس, ففي صد التجربة الأولى قال:

            مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِا لْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللّهِ ـ لوقا 4: 4 مأخوذة عن سفر التثنية 8: 3 ـ

            وفي صد التجربة الثانية، قال

            مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ ـ لوقا 4: 8

            مأخوذة عن سفر التثنية 6: 13 ـ ,

            وفي صد التجربة الثالثة قال:

            قِيلَ: لَا تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلهَكَ ـ لوقا 4: 12 مأخوذة عن سفر التثنية 6: 16 ـ ,


            وكذلك رسل المسيح، حذوا حذو معلمهم في الاستشهاد بنبوات العهد القديم لدعم كتاباتهم، كقولهم عن هلاك يهوذا الاسخريوطي:

            لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ المَزَامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَاباً وَلَا يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ، وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آَخَرُ ـ أعمال 1: 20 مزمور 69: 25، مزمور 109: 8 ـ ,


            وكقولهم عن حلول الروح القدس، في يوم العنصرة يَقُولُ اللّهُ:

            وَيَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ أَنِّي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤىً وَيَحْلُمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلَاماً. وَعَلَى عَبِيدِي أَيْضاً وَإِمَائِي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي فِي تِلْكَ الأَيَّامِ فَيَتَنَبَّأُونَ ـ أعمال 2: 17 و18، يوئيل 2: 28 و29 ـ ,


            فهل يعقل أن المسيح ورسله الأمناء الموحى إليهم يستشهدون لإثبات رسوليتهم وتعاليمهم بآيات من كتب محرفة، ثم يحضّون الناس على تلاوتها وإقامة أحكامها؟

            أو هل يتجاسر أحد على القول بأن المسيح ورسله لم يكونوا عالمين بتحريفها، فاستشهدوا بها وهم لا يدرون؟


            لو تجرأ إنسان أياً كان مذهبه على الأخذ بزعم كهذا، لطعن في صحة الوحي إلى الرسل والأنبياء, وبالتالي ينسب إلى الله الإهمال في حفظ كلمته, ولعل الطعن يكون أشد على القرآن، لأن القرآن يتضمن عدداً عديداً من الشهادات لصحة الأسفار المقدسة,


            وإن قال المدَّعون بالتحريف إن اليهود عبثوا بنصوص العهد القديم بعد المسيح، نقول لهم إن هذا مستحيل، لأن جميع أسفار العهد القديم كانت موجودة في أيدي المسيحيين, فلو أقدموا على مسِّها، لشهَّر المسيحيون بهم,


            وإن قال المدَّعون بالتحريف إن المسيحيين هم الذين حرفوها، نقول لهم إن شيئاً كهذا لا يمكن أن يحدث, ولو بالفرض حدث، أما كانت تقوم قيامة اليهود على المسيحيين؟


            وإن قال المدعون بالتحريف، إن المسيحيين واليهود تواطأوا معاً على تحريف الكتب المقدسة، لألقوا أنفسهم في السخرية، لأن اليهود المقاومين المسيحية منذ البدء والمنكرين مجيء المسيح، لا يمكن أن يتقربوا من المسيحيين والاتفاق معهم,


            ولو افترضنا أن المستحيل حصل، أفما كان اليهود يشترطون حذف كل النصوص التي تمجد المسيح وتتكلم عن لاهوته، وكل النبوات التي تتكلم عن تجسُّده وولادته المعجزية من عذراء، وكل الأقوال النبوية عن آلامه وموته وقيامته؟ أما وكل هذه النصوص التي تمجِّد المسيح ما زالت باقية، فكل ادعاء في هذا الأمر يسقط,


            وهناك حقيقة لا يستطيع أي مدَّعٍ بالتحريف أن يتجاهلها، وهي أنه منذ فجر المسيحية كانت أسفار العهد القديم موجودة لدى اليهود والمسيحيين بذات اللغة التي كتب بها رجال الله القديسون, وقد أجرى العلماء عدة مقابلات دقيقة بين النسخ المحفوظة عند الفريقين، فوجدوا أنها في غاية الاتفاق,


            وكذلك لنا الحق أن نسأل مَن يدعون التحريف:

            متى حدث تحريف الإنجيل، هل قبل القرآن أم بعده؟


            إن قالوا قبل القرآن، يوقعهم القرآن نفسه في إشكال، لا قِبَل لهم على الخروج منه، لأن القرآن يأمر محمداً أن يستعين بالذين يقرأون الكتاب المقدس للتخلص من الشكوك,

            إذ يقول: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الذِينَ يَقْرَأُونَ الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ـ سورة يونس 10: 94 ـ ,

            وبما أن الله محيط علماً بكل شيء، فلا يليق بجلاله أن يحيل محمداً إلى قارئي كتاب محرف لكي يزيل الشكوك,


            ويمضي القرآن في شهادته لصحة الكتاب المقدس فيقول:

            وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِا لْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ـ سورة المائدة 5: 48 ـ ,


            فالهيمنة هي الحراسة، والحراسة تعني الحفاظ على ما في كتاب الله من حقائق وشرائع إلهية, فإن كان التحريف المزعوم حصل بعد القرآن، فإن المدعي التحريف، يعني بقوله، إن القرآن أحبط في وظيفته كحارس,


            وفي تعبير آخر، إن كان الإنجيل والتوراة قد حرفا بعد القرآن، يكون الادعاء بذلك اتهاماً صريحاً لأهل القرآن في التفريط بأهم الواجبات التي جاء القرآن لتأديتها, إذ كان عليهم على الأقل، أن يحتفظوا بنسخة أو أكثر من التوراة والإنجيل قبل تحريفهما، لأن الحراسة توجب وجود ما يُحرَس,


            هكذا فعل المسيحيون، لما رأوا في التوراة نبوات عن المسيح سيدهم، فأقاموا أنفسهم حراساً عليها، وبذلوا الجهد في سبيل نشرها في العالم, حتى صارت اليوم تُقرأ بأكثر من 1400 لغة, فلماذا لم يفعل المسلمون هكذا، طالما هم يعتقدون بأن التوراة والإنجيل يحتويان على نبوات ودلائل عن محمد؟


            إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ـ سورة الحجر 15: 9 ـ ,
            وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ـ سورة الأنعام 6: 34 ـ ,


            لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ـ سورة يونس 10: 64 ـ ,


            سُنَّةَ اللَّهِ التِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ـ سورة الفتح 48: 23 ـ ,


            وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ـ سورة الأنعام 6: 115 ـ ,


            وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ـ سورة الكهف 18: 27 ـ ,
            هذه المجموعة من الآيات تحتوي وعوداً من الله بأنه لا يستطيع أحد أن يبدل كلمته، لأن الله أنزلها وهو حافظ لها,


            ولعلنا بعد ما تقدم يجب أن نطرح هذا السؤال:

            لو أن نفراً من المسلمين الذين يقيمون القرآن بدقة أرادوا الذهاب إلى أهل الكتاب ليسألوهم عن بعض الأمور الإلهية، صادفوا في طريقهم فريقاً من المدعين بالتحريف، وقالوا لهم إننا وفقاً لتعليم القرآن ذاهبون إلى أهل الذكر لنسألهم عن بعض الأمور، فهل يتجاسر أولئك المدَّعون على القول لهم:

            لا تذهبوا لأن ذكرهم محرف؟

            ولو بالفرض أنهم تجاسروا، فماذا يكون موقف أولئك الأتقياء؟

            هل يصدقون مَن يدعون التحريف، أم يصدقون قول القرآن:

            فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ـ سورة النحل 16: 43 ـ ,


            والسؤال الأول يفرض أن نطرح سؤالاً آخر وهو:

            ماذا يكون حال المدعين بالتحريف، لو أن الملحدين، الذين بثوا فيهم فكرة تحريف التوراة والإنجيل، رموا القرآن بما رموا به التوراة والإنجيل، وقالوا إنه محرف؟

            فبماذا يردّون عليهم، وأي سلاح يشهرونه في وجه الملاحدة، بعد أن يكونوا قد طرحوا السلاح الوحيد الذي أوجده الله في أيديهم، وهو وعده بحفظ كتبه المقدسة من كل عبث وتحريف؟


            وهناك سؤال ثالث وهو:

            ما هو موقف عامة المسلمين الذين أخذوا بادعاء المدعين بالتحريف من قول القرآن:


            الم ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِا لْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ والذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلكَِ وَبِا لَآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَّبِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ـ سورة البقرة 2: 1-5 ـ ,


            قُولُوا آمَنَّا بِا للَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ والأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ـ سورة البقرة 2: 136 ـ ,


            فكيف يأمر القرآن الذين آمنوا بما أنزل فيه بأن لا يفرقوا بين قرآنهم وبين الكتاب الذي من قبل، وهو عارف بأن الذي أنزل من قبل محرف ومتغير ألا يكون الادعاء بالتحريف اتهاماً لبر الله وصدقه وأمانته؟



            يتبع ....

            تعليق

            • AL-ATHRAM
              2- عضو مشارك

              • 8 يول, 2006
              • 162

              #81
              خذ الحقيقة من التاريخ

              كل من قرأ التاريخ رأى أن المسيحيين منذ بداية العصر الرسولي إلى بداية القرن الرابع الميلادي عانوا الاضطهاد والتنكيل من الوثنيين واليهود, واحتملوا العذابات بأقسى ألوانها بصبر أدهش العالم، حتى معذبيهم أنفسهم, وهذا الاحتمال العجيب نشأ عن إيمانهم بالإنجيل المقدس، وتمسكهم بمبادئه الإلهية,

              والتاريخ يروي لنا أنهم أقبلوا على الاستشهاد بفرح حباً بالمسيح، وطاعة لأمره القائل:

              كُنْ أَمِيناً إِلَى المَوْتِ ـ رؤيا 2: 10 ـ

              وأن كثيرين منهم ضوعفت عذاباتهم، لأنهم أبوا أن ينكروا المسيح، أو يرفضوا إنجيله، حباً بالنجاة, مفضلين بالأحرى، أي نوع من الموت، على التمتع الوقتي بالحياة,


              افتح سجلات المسيحية، ترى ذكراً لسحابة من الشهود، الذين عُذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل, فهل يصدق أحد أن المسيحيين الذين قدموا هذه التضحيات الرائعة وتجرعوا مر الآلام لأجل مبادئ الإنجيل، يقدمون على تحريف إنجيلهم؟

              وهل يسمح المسيحيون لأحد، أياً كان شأنه، أن يبدل كلمة من إنجيل الله، ولهم تلك الوصية الرسولية القائلة:

              وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلَاكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا أي مرفوضاً ـ غلاطية 1: 8 ـ ,


              وإني لأسأل كل مدَّعٍ بالتحريف:

              ما هو الباعث للمسيحيين على تحريف كتبهم المقدسة؟

              هل يكون هذه الباعث أفضل من حياتهم الأبدية؟

              إن ربهم وفاديهم الذي عبدوه بأرواحهم ودمائهم، وكل عزيز وثمين لديهم، قد ختم عهده معهم برسالة بلغها بواسطة رسوله الأمين يوحنا:

              لِأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذا الكِتَابِ:

              إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذا يَزِيدُ اللّهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ المَكْتُوبَةَ فِي هذا الكِتَابِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذهِ النُّبُوَّةِ يَحْذِفُ اللّهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الحَيَاةِ، وَمِنَ المَدِينَةِ المُقَدَّسَةِ، وَمِنَ المَكْتُوبِ فِي هذا الكِتَابِ ـ رؤيا 22: 18 و19 ـ ,


              أما إذا قالوا إن التحريف حدث بعد القرآن، فإن الواقع يدحض زعمهم بالاستناد على الحقائق التالية:

              ـ 1 ـ إن الديانة المسيحية كانت منتشرة في بلدان عديدة، كالأناضول وبلاد العرب، وشمالي إفريقيا وإيران، والهند، وإيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، وإنجلترا، وألمانيا،

              فهل يسلم العقل السليم بأن المسيحيين المنتشرين في هذه البلدان المتعددة والمتباعدة، اجتمعوا يوماً في مكان واحد للاتفاق على تحريف الإنجيل؟


              ـ 2 ـ إن الذين اعتنقوا المسيحية في تلك البلدان، لم تكن لهم لغة واحدة، بل لغات مختلفة, والكتاب العزيز كان منتشراً في لغاتهم مما يجعل اتفاقهم على تزوير الكتابات المقدسة أمراً مستحيلاً, سيما أنهم كانوا يجهلون لغات بعضهم البعض,


              ـ 3 ـ إن المسيحيين في القرن الرابع، كانوا منقسمين إلى طوائف عديدة ، يباعد بينها بعض العقائد المذهبية, وكل فريق يجتهد لدعم وجهة نظره بآيات الكتاب المقدس, فكثرت المناقشات حول التفسير, وعقدت مجامع بحثت فيها الخلافات العقائدية، وأشهرها مجمع نيقية الذي انتهى بشجب بدعة آريوس وأتباعه, ولهذا يسقط الادعاء بأن المسيحيين اتفقوا على تحريف الإنجيل, ولعله من الحق الصريح أن نسأل المدعين بالتحريف أن يذكروا لنا متى وأين حصل التحريف، ومن هم الذين حرفوه، وكيف حصل الاتفاق بينهم؟


              إن العالم لم يخل يوماً من مؤرخين أمناء، دأبهم أن يدوّنوا الحوادث في سجلاتهم, فهل يستطيع أحد أن يذكر لنا اسم مؤرخ وثني أو يهودي أو مسلم، ذكر ولو تلميحاً أن مؤتمراً عُقد بين شعوب العالم المعتنقة اليهودية والمسيحية والمختلفة في العقيدة واللغة، وجرى فيه العبث بكلام الله؟

              وإن كان هذا قد حدث، أفلم يكن في استطاعة أحد أن يحتفظ ولو بنسخة واحدة، لتبقى شاهداً على تواطؤ اليهود والمسيحيين؟

              ويقيناً أنه لو حدث تواطؤ كهذا، لكان معناه أن الخصومات بين اليهود والمسيحيين قد زالت، وكان الثمن تحريف شريعة الله,



              يتبع ...

              تعليق

              • AL-ATHRAM
                2- عضو مشارك

                • 8 يول, 2006
                • 162

                #82
                قول أعلام المسلمين في موضوع التحريف


                رأينا في ما تقدم، أن القرآن يعتبر التوراة والإنجيل كلام الله, وأنه أكد أن كلام الله لا يمكن أن يبدل أو يغير, فإن كانت هاتان الشهادتان صحيحتين، كانت النتيجة ضرورة عدم تحريف التوراة والإنجيل، لا قبل القرآن ولا بعده,


                والواقع أن علماء المسلمين في الهند، لما فحصوا هذه المسألة بتدقيق، على ضوء معطيات القرآن، اقتنعوا بأن أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد لم تتبدل ولم تتغير، ولم تتحرف حسب مفهوم العامة, وإنما هناك إشارات إلى تصرف بعض اليهود بالتفسير تصرفاً سيئاً,
                ولعل هؤلاء العلماء الأمناء، بنوا اقتناعهم على تفاسير العلماء لبعض آيات القرآن، كالرازي والجلالين وأبي جعفر الطبري,

                منها:

                مِنَ الذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بَأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ ـ سورة النساء 4: 46 ـ ,

                وخلاصة تفسير الرازي لهذه الآية، أن قوماً من اليهود اعتادوا أن يدخلوا على محمد ليسألوه المسألة، فيجيبهم عليها, ومتى خرجوا من عنده يحرفون كلامه,

                ونقرأ في تفسير الجلالين لهذه الآية، أن قوماً من اليهود، يغيرون الكلام الذي أنزل الله في التوراة، من نعت محمد، عن مواضعه التي وضع عليها, يقولون له إذا أمر بشيء سمعنا قولك وعصينا أمرك واسمع غير مسمع، بمعنى الدعاء, أي لا سمعت, ويقولون له راعنا، وهي كلمة سب في لغتهم, ليّاً أي تحريفاً بألسنتهم وطعناً في الإسلام ـ الجلالان 112 ـ ,


                ونقرأ في تفسير الطبري أن اليهود كانوا يسبون محمداً ويؤذونه بأقبح من القول, ويقولون له:

                اسمع منا غير مسمع، كقول القائل للرجل يسبه:

                اسمع لا أسمعك الله, أما كلمة راعنا فقد فسرها بالإسناد عن ابن وهب، بأن الراعن هو الخطأ من الكلام,


                وبناء على هذه التفاسير، لا يكون اليهود حذفوا شيئاً من نصوص الكتاب، أو زادوا شيئاً، بل حوروا معنى الكلام بلي اللسان ـ الطبري ـ ,

                يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ـ سورة المائدة 5: 15 ـ ,


                قال الإمام الرازي في تفسير هذه الآية إن اليهود فيما يقرأون التوراة ـ تثنية 22: 23 و24 ـ لووا ألسنتهم وبدلوا معنى الرجم بالجلد,

                أما الطبري فيقول في تفسير هذه الآية إن اليهود جاءوا إلى محمد يسألونه عن الرجم، واجتمعوا في بيت, قال: أيكم أعلم؟

                فأشاروا إلى ابن صوريا، فقال:

                أنت أعلمهم؟

                قال:

                سل عما شئت! قال: أنت أعلمهم؟

                قال:

                إنهم ليزعمون ذلك! فناشده بالذي أنزل التوراة على موسى، ورفع الطور، وناشده بالمواثيق التي اتخذت عليهم، حتى أخذه أفكل ـ رعدة ـ فقال إن نساءنا نساء حسان فكثر فينا القتل، فاختصرنا، فجلدنا مئة جلدة وحلقنا الرؤوس, فحكم عليهم بالرجم ـ الطبري ـ ,


                وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الكِتَابَ الذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً ـ سورة الأنعام 6: 91 ـ ,


                يتفق البيضاوي والرازي والطبري أن المراد بالتحريف هنا تشويه الحقائق بكتمان بعضاً من نصوص التوراة, بمعنى أنهم يعزون إلى اليهود أنهم كتبوا التوراة في قراطيس وأظهروا للناس كثيراً مما كتبوا, وأخفوا كثيراً مما ثبتوه في القراطيس فيُسرِّونه ويكتمونه الناس,


                ونحن نقول إن عملهم شائن وممقوت، ولكن إخفاء القراطيس يختلف عن تبديل النص,


                أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ـ سورة البقرة 2: 75 ـ ,


                جاء في تفسير الطبري أن بعض أهل العلم، قالوا لموسى:

                يا موسى قد حيل بيننا وبين رؤية الله عز وجل، فاسمِعنا كلامه حين يكلمك, فطلب ذلك موسى إلى ربه، فقال: نعم، فمُرهم فليتطهروا وليطهروا ثيابهم، ويصوموا, ففعلوا, ثم خرج بهم حتى أتى الطور, فلما غشيهم الغمام أمرهم موسى فوقعوا سجوداً, وكلّمه ربه، فسمعوا كلامه، يأمرهم وينهاهم حتى عقلوا ما سمعوا, ثم انصرف بهم إلى بني إسرائيل, فلما جاءوهم حرَّف فريق منهم ما أمرهم به,


                فمما تقدم نفهم أن فريقاً من علماء اليهود حوروا معنى الكلام الذي سمعوه وعقلوه, ولكن الفريق الآخر تقيد بما سمع ـ الطبري ـ ,


                وَمِنَ الذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ـ سورة المائدة 5: 41 ـ ,


                جاء في تفسير الجلالين أن هذه الآية قيلت في جماعة من يهود خيبر، زنى فيهم محصنان، فكرهوا رجمهما, فبعثوا جماعة من قريظة ليسألوا محمداً عن حكمهما الذي في التوراة كآية الرجم, والتحريف الذي اتهموا به، هو أن يهود خيبر قالوا للذين أرسلوهم، إن أفتاكم محمد بالجلد فاقبلوه, وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا أن تقبلوه ـ الجلالان 150 ـ ,


                ولعله من المناسب أن نطرح هذا السؤال:

                مَن مِنَ اليهود حرف التوراة، وفي أي عصر؟

                يقول الإمام الرازي، إنهم معاصرو محمد بالذات, إلا أنه يقول في المجلد الثالث من تفسير القرآن، إن المراد بالتحريف هو إلقاء الشُّبه الباطلة والتأويلات الفاسدة، وصرف اللفظ عن معناه الحق إلى معنى باطل بوجوه الحيل اللفظية، كما يفعل أهل البدع في كل زمان بالآيات المخالفة لمذاهبهم,
                نحن لا ندافع هنا عن نزاهة اليهود، وإنما نود أن يعلم الناس أن اليهود لم يتجاسروا على تبديل آيات التوراة, وهذا الأمر لم يرد في اتهامات القرآن, وهنا أمر يجب أن نشير إليه، وهو أن القرآن لم يتهم المسيحيين، بأنهم حرفوا الإنجيل,


                وعلى أي حال نقول لكل إنسان يدعي بتحريف الكتاب المقدس في نصوصه، أو يزعم أن الكتاب الصحيح غير موجود، نقول له إن مزاعمه تجعله مخالفاً لنصوص القرآن الصريحة التي تشهد بالكتاب المقدس بأنه حق، لا يأتيه الباطل، من بين يديه، ولا من خلفه, وقد تأكدنا أن من أهم أغراض القرآن أنه جاء ليكون مصدقاً للكتاب المقدس,


                ويقيناً أنه ليس من أحد، يؤمن بالله وكتبه ورسله، يقدر أن ينسب إليه تعالى أنه أنزل القرآن مصدقاً لكتاب مزور ومشوش، في العقائد الدينية التي جاءت فيه.



                أخوكم ( .......... )



                على ان لنا عودا حميدا مع مسألة الصلب


                و مسائل أخرى لا تحصى إن شاء الله


                انتهى ...

                تعليق

                • AL-ATHRAM
                  2- عضو مشارك

                  • 8 يول, 2006
                  • 162

                  #83


                  وهذه مداخلة لنفس النصرانية ...


                  أخي الكريم الأثرم ...

                  بداية أنا فعلاً أستغرب من قولك : (والرد على جزء وترك الباقي .. فما معناها .. )

                  وأنت حتى الآن لم تجب ولا على سؤال واحد !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

                  أما هذا الهجوم على اليهود لأنهم لوثوا سيرة الأنبياء .. فيبدو بأن الأنبياء لم يسلموا أيضاً من كلام القرآن ..

                  ففي حين أن التوارة لم تذكر ليوسف الصديّق أي خطيئة .. نجد أن القرآن ينسب له خطيئة لم يقترفها .( كما بين الأخ سينسر)

                  وابراهيم بحسب القرآن يأتي عملاً منكر وحرام , ويكذب أيضاً :

                  " فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ .فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ "( الصافات 88-89 )

                  وقال علماء الإسلام:

                  النظر في علم النجوم حرام ، وحكمه بأنه سقيم كذب (الرازي )

                  يقول الطبري :

                  " قال أرسل إليه ملكهم فقال إن غدا عيدنا فاحضر معنا قال فنظر إلى نجم فقال إن ذلك النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي فقال إني سقيم "


                  ويتابع الطبري ويقول :

                  " حدثنا أبو كريب قال ثنا أبو أسامة قال ثني هشام عن محمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لم يكذب إبراهيم غير ثلاث كذبات ثنتين في ذات الله قوله إني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا وقوله في سارة هي أختي "

                  وإن كانت التوراة تذكر خطايا الأنبياء .. فليس الغاية من الكتاب المقدس تمجيد الأشخاص , وإنما تمجيد الله الكلي القداسة , الذي لم يترك خطيئة لا صغيرة ولا كبيرة إلا وبين شناعتها وبشاعتها ومرارتها وعقابها ..






                  ملاحظة ..

                  ستأتي لها مداخلة أخرى .. مباشرة بعد هذه السطور التي كتبتها ... بصراحة انا غبت عن المنتدى فترة ...


                  ولما دخلت المنتدى .... .. وجدت اسمها .. على موضوعي .. قرأت ما كتبته أعلاه .. ثم خرجت ولم أعلق .. أي إني لم أنتبه للردود التي جاءت قبلها ... على أساس ان الحوار ما زال بيننا .. وعندما عدت لأكتب .. ذهبت مباشرة على ( اضافة رد ) .. فكتبت .. .. ولم انتبه لردها الثاني .. إلا عندما نزل ذاك الزميل الذي أثار شبهات وأكاذيب ... وتركت له المجال ولم أقاطعه .. فعدت إلى قراءة موضوعي من الأول استعدادا للرد عليه فانتبهت لردودهم ..

                  تعليق

                  • AL-ATHRAM
                    2- عضو مشارك

                    • 8 يول, 2006
                    • 162

                    #84
                    هنا تكلم من اثار وسيثير شبهات ..

                    أخي ( ......) .. بداية أرحب بك , وأشكرك على هذا المقال الممتاز( حتى لو كان نسخ / لصق , فهذا هو أسلوبهم على كل حال ) .. فما جاء فيه من أدلة وبراهين علمية وتاريخية وشهادات لآباء الكنيسة الأوائل وأقوال لبعض علماء المسلمين البارزين , تدحض مزاعم كل المدعين بتحريف الكتاب المقدس .

                    ولكن المشكلة أن بعضاً من أمة أقرأ ,لا تقرأ .. ولا تريد أن تقرأ .

                    واسمح لي أن أضيف على مقالك ما قاله بعض علماء المسلمين بخصوص تهمة التحريف هذه :

                    " وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه أي يتأولونه على غير تأويله من بعد ماعقلوه أي فهموه " ( تفسير ابن كثير )


                    " ويعني بقوله ثم يحرفونه , ثم يبدلون معناه وتأويله ويغيرونه " .( تفسير الطبري )

                    " يسمعون كلام الله ثم يحرفونه أي يسمعون التوراة ويؤولونها تأويلا فاسدا حسب أغراضهم ".( تفسير الألوسي - روح المعاني )


                    وكذلك هو موقف البخاري : " يحرفون الكلم عن مواضعه , أي يزيلونه , وليس أحد يزيل لفظ كتاب من الله تعالى , ولكنهم يتأولونه على غير تأويله "
                    وكذلك ينقض الرازي معنى التحريف بتغيير اللفظ في النص المنزل فيقول : " لأن الكتاب المنقول بالتواتر لا يتأتى فيه تغيير اللفظ "


                    وهذا أيضاً ما يراه أحمد أمين في ضحى الإسلام 1 : 358 :

                    " وذهبت طائفة أخرى من أئمة الحديث والفقه والإسلام إلى أن التبديل وقع في التأويل لا في التنزيل ....... وحجة هؤلاء أن التوراة قد طبقت مشارق الأرض ومغاربها ( قبل ظهور القرآن ) ولا يعلم عدد نسخها إلا الله , ومن الممتنع أن يقع التواطؤ على التبديل والتغيير في جميع تلك النسخ , بحيث لا تبقى في الأرض نسخة إلا مبدلة , مغيرة , والتغيير على منهاج واحد . وهذا ما يحيله العقل ويشهد ببطلانه .. "

                    فالقرآن وكبار علماء المسلمين يقولون بأن المقصود بالتحريف هو في تأويل معنى النص وليس في حرف النص المنزل .. وأن هذا الكلام موجه لفريق من اليهود , وليس كل اليهود , لأن أن الفريق الآخر " يتلونه حق تلاوته " أي " يقرؤونه كما أنزل " ( الجلالان ) .


                    إضافة إلى أنهم أجمعوا بأن التحريف ( تحريف التأويل ) هو حصراً في آية واحدة وهي الرجم , وقد يضيف بعض المفسرين صفة محمد " النبي الأمي " ..

                    وبعد كل هذا يأتي من يدعي بتحريف الكتاب المقدس ... والأدهى من هذا هو اتهامهم الإنجيل بالتحريف علماً بأن لا يوجد آية واحدة في القرآن تذكر النصارى وإنجليهم بالتحريف ...
                    وهذا طعن في القرآن .. وافتراء على الإنجيل والمسيحيين .

                    بانتظار تتمة موضوعك ..


                    لك التحية والسلام

                    تعليق

                    • AL-ATHRAM
                      2- عضو مشارك

                      • 8 يول, 2006
                      • 162

                      #85
                      بسم الله الرحمن الرحيم


                      يا أخت ..... كل شيء في وقته حلو ...

                      إن قصة لوط عليه الصلاة والسلام في التوراة المحرفة تمثل منتهى الإسفاف والحقارة التي وصل إليها الأحبار الذين حرّفوا التوراة ولوثوا الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام . وتبلغ هذه الحقارة والدناءة أقصى دركاتها حطة ، في قصة لوط رسول الله الذي تزعم التوراة المحرفة أنه زنى بابنتيه .. وأنجب من كل واحدة منها ولداً .. أحدهما يدعي بن عمون والآخر موآب . وتزعم التوراة المحرفة أن ذلك حدث بعد أن أهلك الله قرى سدوم وعمورة نتيجة لفسادها ، ونجّا الله لوطاً مع ابنتيه . فلما نجاهم من القوم الفاسقين ، التجأ لوط وابنتاه إلى مغارة في الجبل .

                      وهناك تقدمت الفتاتان وسقتا أباهما خمراً ، واضطجعت معه الكبرى في الليلة الأولى ، فلم يشعر باضطجاعها ولا بقيامها . لأنه كان مخموراً لدرجة لا يميز فيها الأشياء .



                      وفي الليلة التالية سكر أيضاً واضطجعت معه الصغرى ، ولم يشعر باضطجاعها ولا بقيامها .وحبلت الفتاتان وأنجبت الكبرى موآب وهو أبو الموآبيين _ الذين عاشوا في منطقة الأردن _ وأنجبت الصغرى بن عمون ، وهو أبو بني عمون الذين عاشوا أيضاً في الأردن.

                      صورة حقيرة موغلة في البذاءة والشر ..


                      أهذا هو المنطق ..؟ ..

                      أهذا هو الطريق الحقيقي المؤدي إلى الجنة؟؟!!

                      رأوبين يزني بامرأة أبيه :


                      " ثم رحلً إسرائيل ونصب خيمتهُ وراء مجدل عِدْرَ. وحدث إذ اسرائيل ساكناً في تلك الأرض أن رأوبين _ بكر يعقوب _ ذهب واضطجع مع ( بلهة ) سرية أبيه وسمع إسرائيل . وكان بنو يعقوب اثني عشره . بنو ليتة رأوبين بكرُبعقوب وشمعون ولاوي ويهوذا ويساكرُ وزبولونُ . وابنا راحيل يُوسفُ وبنيامين . وابنا ( بلهة ) جارية راحيل دانُ ونفتالي . وابنا زلفة جارية ليئةَ جادُ وأشيرُ . هؤلاء بنو يعقوب الذين وُلدوُوا لهُ في فدان أرام . " ( التكوين 35 : 21 36 )


                      لم يعلن إسرائيل _يعقوب_ غضبه على هذه الفعلة الشنعاء بل سكت عليها وبارك ابنه البكر رأوبيين :

                      " رأوبيين أنت بكري قوتي وأول قدرتي . فضل الرفعة وفضل العز ، فائراً كالماء لا تتفضّل لأنك صعدت على مضجع أبيك . حينئذ دنسته . على فارشي صَعِدَ " ( تكوين 49 : 3 – 5 )


                      يهوذا يزني بكنته ثمارا زوجة ابنه عير :


                      قصة طويلة : يهوذا هو أحد الأسباط وأشجع أبناء يعقوب .... ( سفر التكوين 38 : 6 – 27 )


                      " .... ولما طال الزمان ماتت امرأة يهوذا فصعد يهوذا إلى جُزاز ... فأخبرت ثامارا وقيل لها هو ذا حموك صاعد .... تغطت ببرقع وتلففت وجلست في مدخل عينايم .. فنظرها يهوذا وحسبها زانية .... فمال إليها على الطريق وقال هاتي أدخل عليك . لأنه لم يعلم أنها كنته فقالت : ماذا تعطيني لكي تدخل علي؟ ... هل تعطيني رهناً حتى ترسله ؟ ... خاتمك وعصابتك وعصاك التي في يدك . فأعطاها ودخل عليها فحبلت منه ..ولما كان نحو ثلاثة أشهر أُخبر يهوذا وقيل قد زنت ثامارا كنتك .. .. فقال يهوذا أخرجوها فتحرق ..

                      وقالت :

                      حقق لمن الخاتم والعصابة والعصا هذه. فحققها يهوذا .

                      وقال :

                      (( هي أبرُّ مني )) لأني لم أعطها لشيلة ابني ."



                      صورة بشعة ووقحة وقذرة ، تجمع أخلاق يهوذا من التظاهر بالدين ، حيث يطلب يهوذا المجرم الزاني أن تخرج ثامارا وتحرق لأنها زانية، فلما تحقق أنها حبلى نتيجة زناها قال : هي أبرُّ مني . ((( والأصح ))) أن يقول (( أنا أفجر منها وأفسق )) . فهو فاجر فاسق متظاهر بالدين حسب نصوص التوراة المحرفة التي ألزمكم بها ربكم يسوع .


                      " زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس " ( لوقا 16 : 17 ) .



                      وولدت ثامارا من زناها بيهوذا توأمين : أحدهما فارص والآخر زارح هؤلاء التوأمين هم أجداد الرب يسوع )) .


                      وتحدّر من فارص ولد الزنى داود كما يزعمون . أما سليمان بن داود فكان أيضاً حسب قولهم ابن زنى .. عندما قام داود _ حسب زعمهم _ (( بالاعتداء على حليلة جاره أوريا الحثّي )) وقائد جيشه {{ وأنجبت من زناها بداود }} حسب افترائهم سليمان .



                      يقول متى :


                      " كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم . إبراهيم ولد اسحق . واسحق ولد يعقوب . ويعقوب ولد يهوذا واخوتهُ . ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار ( زانية ) وفارص ولد حَصْرون وحصْرون ولد ارام . وأرام ولد عمّيناداب. وعمّيناداب ولد نَحْشون . ونَحْشون ولد سلمون . وسَلْمون ولد بوعز من راحاب ( زانية سفر يوشع 6 : 17 ) . وبوعز ولد عوبيد من راعوث. وعوبيد ولد يَسََّى . ويَسَّى ولد داود الملك . وداود الملك ولد سليمان من التي لاوريََا ( زانية ) . وسليمان ولد رَجَعْام . ...... ومتَّان ولد يعقوب . ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي وُلدي منها يسوع الذي يُدْعَي المسيح .... " ( 1 – 17 ) .

                      هؤلاء هم أجداد الله ( الرب يسوع ) ..

                      وزوج أم الله ( الرب يسوع ) يوسف .. ينحدر من هذه السلسلة ..


                      أهذا هو المنطق ..


                      سبحان الله .. فأي نسب شريف هذا الذي تنسبونه للمسيح .. وأي تعظيم أو تشريف أو حتى تأليه تقصدونه .. فهل يعقل أن يكون أحد أجداد المسيح الذي تقدسونه زانياً ثلاثة منهما أولاد زنا من زانية . {{ ثم ترفعونه بعدها إلى مصاف الآلهة }} ؟!

                      هل هذا من الدين والأخلاق والمنطق ؟!


                      وهم ( كتبة الاناجيل ) بهذا يريدون فقط أن يقنعونا بأنه من نسب داود ، لأن في ذلك أهمية كبيرة .. وهي محاولة إثبات أنه ملك اليهود المنتظر ، الذي يجب أن يكون من صلب ونسب داود ، ليرث ملك أجداده .. فهل رأيتم تحريفاً أكثر من هذا ..


                      إن هذا ليؤكد أن عيسى ليس من نسل داود .. وانه بشر .. وليس بإله ..

                      وهذا الإله استغفر الله خالق الأرض والسماوات والملائكة والبشر والمجموعات الشمسية وكل شيء كما صوره كتبة الاناجيل .. ينزل من علياءه وعظمته ليدخل رحم امرأة هو خالقها ويعيش داخلها تسعة أشهر .. ويخرج هذا الإله من فرجها ملطخ بالدماء فاتحا فاه ليلقف ثديها ليشرب الحليب .. فتضمه هذه الأم المخلوقة إلى صدرها لتطعمه الحليب وتعطيه الحنان وتربيه وتعلمه .. ثم يختن هذا الإله وتقطع من عظوه الذكري قطعة صغير من اللحم ( غلفة الذكر ) على يد أحد خلقه ..

                      وللحديث بقية ..

                      أخوكم : الاثرم

                      تعليق

                      • AL-ATHRAM
                        2- عضو مشارك

                        • 8 يول, 2006
                        • 162

                        #86
                        ]أخي الأثرم

                        مجاراة لك قي طريقتك في النقاش ، أطرح بين يديك و أيدي كل الخراف الضالة من المسلمين هذا المبحث الذي فيه إن شاء الله شفاء لصدرك و رحمة. فاقرأ و تدبر القول عسى أن يجعل الله لك مخرجا و يثبتك و يهديك صراطا مستقيما، إنه كان على ذلك قديرا



                        الفصل الأول

                        عصمة الوحي

                        اعترض (صاحبنا) على التوراة لأنها ذكرت خطايا بعض الأنبياء, مع أن القرآن الذي يعوّل عليه المسلمون في العبادات والاعتقادات والمعاملات اقتبس من التوراة والإنجيل، وذكر أغلب خطايا الأنبياء تارة بالبيان الصريح وأخرى بالكناية والتلميح, وورد شيء من ذلك في الأحاديث (السُّنة), فلذا نورد اعتراضهما ثم نردُّ عليه من القرآن والحديث، لنجاوب بالأدلة المسلَّمة عنده التي يعتقد بصحتها, ونحن لا نعتقد بصحة المنقول عنه, ولكن لما كانت الغاية إقناع المسلم أوردنا له ما يعتبره الحكم الفصل,


                        قال صاحب السيف الحميدي: ما نرى من نبي ذُكر في الكتب المقدسة من نوح إلى المسيح إلا ويكون فاسقاً أو كافراً أو كاذباً أو زانياً أو من أولاد الزنا , أعاذنا الله من أمثال هذه الاعتقادات الفاسدة في حق أنبياء الكرام ,

                        وقال: اني أتبرأ من اعتقادها بالقلب واللسان، واستغفر الله العظيم, وليس نقلها إلا كنقل كلمات الكفر، ونقل الكفر ليس بكفر ,


                        وللرد نقول:

                        1 - إن ادعاءه أن الكتاب المقدس نسب للأنبياء الكفر والفسق وغيرهما افتراء محض، فهم منزهون عن الكفر والكذب, إنهم معصومون عن كل عيب ونقص في إبلاغ ما أوحي إليهم, وكتاب الله ناطق بأن الروح القدس هو الذي كان يرشدهم إلى ما يقولون, ومع ذلك لا ننكر أنهم كانوا كسائر الناس في الأمور العادية، فكان يقع منهم الخطأ والسهو والنسيان,


                        2 - مما يدل على بطلان قوله، إن الكتاب المقدس ذكر أخنوخ و إيليا ويوسف الصديق ودانيال النبي وغيرهم، ولم ينسب إليهم أي خطأ, بل أن القرآن نسب إلى يوسف ما لم يفعله، فقال: ولقد همَّت به وهمَّ بها (يوسف 12:24) - أي قصدت مخالطته وقصد مخالطتها, والهمُّ بالشيء قصده والعزم عليه، ومنه الهمام وهو الذي إذا همَّ بشيء فعله,

                        أما التوراة فقالت إنها لما طلبت مخالطته قال لها: كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟ (تكوين 39:9) ,

                        فتأمل في العبارتين، وانظر أي الكتابين نسب إلى يوسف الخطية, وقد قال الإنجيل إن من اشتهى كان كمن اقترف ذات الفعل، والقرآن لم يقل إنه اشتهى فقط، بل عزم على الفعل,


                        3 - يقول الكتاب المقدس إن المسيح وحده هو القدوس المنزَّه عن النقص والعيب،


                        حتى

                        لم

                        يجد

                        أعداؤه

                        فيه

                        أدنى

                        عِلَّة
                        ،


                        فإنه كلمة الله الأزلي، الذي داس الشيطان بقوته وقدرته وقداسته, وقد ورد في آل عمران 3 : 36 إني سمَّيتها مريم، وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم وللبخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: ما من بني آدم من مولود إلا نخسه الشيطان حين يُولد، فيستهلُّ صارخاً من نخسه إياه، إلا مريم وابنها

                        ثم يقول أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم:

                        وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم (صحيح البخاري كتاب التفسير - باب سورة آل عمران), وعن أبي هريرة أيضاً: كل ابن آدم يطعنه الشيطان في جنبيه بإصبعيه حين يولد، غير عيسى بن مريم، ذهب ليطعن فطعن في الحجاب (أي لم يمسَّه بشيء)(مشكاة المصابيح تحقيق الألباني - حديث رقم 5723), فمن هنا يظهر عدم صحة القول إن الكتاب المقدس لم يذكر نبياً ولا غيره إلا نسب إليه الفسق,


                        4 - مع ذلك فقد ذكرت التوراة أن بعض الأنبياء اقترفوا الآثام، فانهم بشر، والنقص ملازم للإنسان مهما كانت درجته ومنزلته وتقواه، والله وحده هو المنفرد بالكمال, وأما الإنسان فهو محل النقص و النسيان، ولا يُستثنَى من هذا الحكم أحد، لا عالم ولا جاهل، ولا كبير ولا صغير، ولا أمير ولا مأمور ومن ذا الذي ما ساء قط, ومن له الحسنى فقط ,

                        ومع ذلك فقد عصم الله الأنبياء الذين اصطفاهم لتبليغ رسالته وإعلان مشيئته وإرادته، فحفظهم من الخطأ والنسيان، وهداهم بروحه إلى ما يجب أن يقولوه ويبلغوه, فهم معصومون من الخطأ في تبليغ الرسالة، ولكنهم غير معصومين في الأعمال العادية، دلالة على ضعف الطبيعة البشرية، وافتقار العالم قاطبة إلى فادٍ كريم يخلّصهم من الخطية ونتائجها فانه لما أخطأ آدم الذي خلقه الله في أحسن تقويم، وفي غاية القداسة والطهارة والفهم وسعة الإدراك، دخلت الخطية إلى العالم ببلاياها فأخطأت ذريته ولا عجب إذا أخطأ إبراهيم وموسى وداود وسليمان كما سنذكره, ولكن لما وقع أولئك الأفاضل في الخطايا اعترفوا بذنوبهم وصرحوا بتوبتهم واستغفارهم وبكائهم,


                        5 - توهَّم المعترض الغير مؤمن أن النبي ينبغي أن يكون معصوماً عن كل خطية، والحقيقة هي غير ذلك، فالنبي معصوم في تبليغ الأقوال الإلهية فقط، فلا يخطئ فيها مطلقاً,


                        قال فخر الدين الرازي: اختلف الناس في عصمة الأنبياء, وضبط القول فيها يرجع إلى أربعة أقسام:

                        أ - ما يقع في باب الاعتقاد، وهو اعتقاد الكفر والضلالة، فإن ذلك غير جائز عليهم,

                        ب - ما يتعلق بالتبليغ، فقد أجمعت الأمة على كونهم معصومين عن الكذب، مواظبين على التبليغ والتحريض، وإلا ارتفع الوثوق بالأداء, واتفقوا على أن ذلك لا يجوز وقوعه منهم عمداً ولا سهواً, ومن الناس من جوّز ذلك سهواً، وقالوا: لأن الاحتراز عنه غير ممكن ,

                        ج - ما يتعلق بالفتيا، فأجمعوا على أنه لا يجوز خطأهم فيها على سبيل العمد، وأجازه بعضهم على سبيل السهو,

                        د - ما يقع في أفعالهم, فقد اختلفت الأمة فيه على خمسة أقوال:

                        * قول من جوّز عليهم الكبائر,

                        * قول من منع من الكبائر وجوّز الصغائر على جهة العمد، وهو قول أكثر المعتزلة,

                        * لا يجوز أن يأتوا بصغيرة ولا كبيرة البتة، بل على جهة التأويل وهو قول الجبائي,

                        * لا يقع منهم الذنب إلا على جهة السهو والخطأ,

                        * لا تقع منهم كبيرة ولا صغيرة، لا على سبيل العمد ولا على سبيل السهو، ولا على سبيل التأويل, وهو قول الشيعة, وغير ذلك من الاختلافات (عصمة الأنبياء - فخر الدين الرازي تقديم ومراجعة محمد حجازي),


                        ومن جرد نفسه من الهوى جزم بجواز وقوعهم في الخطية كما هو نص القرآن والأحاديث، ولكنهم معصومون في تبليغ أقول الله، ولا يجوز أن يخطئوا فيها لا عمداً ولا سهواً، لأن الله هو الحافظ لهم في ذلك، وهو الناطق على ألسنتهم بروحه القدوس، وهم آلات في يده,

                        تعليق

                        • AL-ATHRAM
                          2- عضو مشارك

                          • 8 يول, 2006
                          • 162

                          #87
                          الفصل الثاني


                          خطية آدم ..

                          ابتدأنا بذكر خطية آدم لأنها من الحقائق الجوهرية في الديانة المسيحية، فنقول إنه كان نائباً عن ذريته، فأخذ الله عليه العهد والميثاق، فنكثه بمعصيته، فاستوجبت ذريته القصاص لأنه كان نائباً عنهم, فلما نقض العهد، نقضت ذريته العهد أيضاً,

                          ورد في القرآن ما يدل على أن آدم كان نائباً عن ذريته, جاء في الأعراف 7: 172 ، 173 :


                          وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم، ألستُ بربكم قالوا بلى، شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم، أفتهلكنا بما فعل المبطلون؟ ,

                          فقوله: أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ولم يقل ظهر آدم لأن الله أخرج ذرية بعضهم من ظهر بعض، وهم كلهم بنو آدم وأُخرجوا من ظهره,

                          رُوي عن ابن عباس من طرق مختلفة، أن محمداً قال:

                          أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان، يعني عرفه، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر ، ثم كلمهم وقال:

                          ألست بربكم؟

                          قالوا: بلى شهدنا أن يقولوا يوم القيامة إنّا كنا عن هذا غافلين ,

                          وعن ابن عباس قال:

                          أول ما أهبط الله آدم إلى الأرض أهبطه بدهناء أرض الهند، فمسح ظهره فأخرج منه كل نسمة هو بارئها إلى يوم القيامة بنعمان الذي وراء عرفه، فكلمهم الله وأنطقهم، وأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً بعد أن ركَّب فيهم عقولًا وتكفَّل لهم بالأرزاق وكتب آجالهم ومصائبهم وغيرها، ثم أعادهم في صُلبه، فلن تقوم الساعة حتى يُولد كل من أُعطي الميثاق يومئذ ,

                          وقال محمد: أُُخذوا من ظهره كما يُؤخذ بالمشط من الرأس، وأخذ عليهم العهد , والأحاديث كثيرة في ذلك (انظر الطبري في تفسير الأعراف 172),


                          وقال الشيخ القزويني إنه استخرجهم من مسام شعرات ظهره, ومما يدل على أن ذريته أخطأت بخطيته، ما رُوي عن أبي هريرة، قال محمد: لما خلق الله سبحانه وتعالى آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل انسان وبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم فقال:

                          'أي رب ، من هؤلاء؟`

                          قال:'هؤلاء ذريتك` فرأى رجلًا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه فقال:'يا رب من هذا ؟`

                          قال:'داود`, قال: 'رب كم جعلت عمره؟` قال:'ستين سنة` قال:'يا رب زده من عمري أربعين سنة` قال محمد:'

                          فلما انقضى عمر آدم إلا أربعين، جاءه ملك الموت، فقال آدم:

                          أولم يبق من عمري أربعون سنة؟

                          قال: أوَلم تعطها ابنك داود؟`

                          فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فأكل من الشجرة فنسيت ذريته، وخطئ آدم فخطئت ذريته (اخرجه الترمذي وغيره)(ابن كثير في تفسير الأعراف 173 ، 174),


                          وهذا الكلام لم يجئ في الكتاب المقدس، إلا أنه كاف في الدلالة على أن آدم كان نائباً عن ذريته، وأن الله أخذ عليه العهد, ولما أخطأ أخطأت ذريته نعم إن المعتزلة ذهبوا إلى غير ذلك، ولكن ردّ عليه الشيخ الشعراني فقال:

                          إن المعتزلة زعموا أن معنى الآية المتقدمة هو أنه أخذ بعضهم من ظهر بعض بالتناسل في الدنيا إلى يوم القيامة، وأنه ليس هناك أخذ عهد ولا ميثاق حقيقة، وأن المراد بالعهد والميثاق هو إرسال الرسل, ولا يخفى ما في هذا المذهب من الخطأ, وكيف يصحّ للمعتزلة هذا القول؟

                          ومعظم الاعتقاد في إثبات الحشر والنشر مبنيّ على هذه المسألة, والذي يظهر لي أنهم أنكروا ذلك فراراً من غموض مسائل هذا البحث، فَرَضوا بالجهل عوضاً عن العلم, والحق أن الله أخذ عليهم العهد في ظهر آدم حقيقة، لأنه على كل شيء قدير ,


                          وقد كتب الشيخ محيي الدين ابن العربي مقالة على هذا الحديث (في الباب 305), فالمسلمون يعترفون بأن الله أخذ على آدم عهداً يسمّيه اليهود عهد الأعمال, لكن المسيحيين ينادون بعهدٍ جديدٍ هو عهد النعمة, ومن المؤسف ان المسلمين لا يعرفون عهد النعمة هذا، فذكروا الداء ولم يذكروا الدواء والخلاص، مع وجوده والمناداة به أما المسيحيون فيعرفون عهد الأعمال وعهد النعمة، الذي أوضحه الرسول بولس في رومية 5:18-20 فإذاً كما بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة, لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعل الكثيرون خطاة، هكذا أيضاً بإطاعة الواحد سيُجعل الكثيرون أبراراً, وأما الناموس فدخل لكي تكثر الخطية, ولكن حيث كثُرت الخطية ازدادت النعمة جداً , فعهد النعمة هو تجسُّد المسيح، وحفظه للناموس، وتقديمه ذاته كفارة عن المؤمنين، وهي نعمة عظمى,


                          كان آدم يعرف بعض المعرفة رحمة الله التي لم يكن ممكناً ظهورها بغير فداء المسيح، فلا شك أن خطيته أظهرت محبة الله في المسيح، وكانت السبب في هذا الخير العظيم,


                          أما خطية آدم كما ورد في التوراة، فهي أن الله نهاه عن الأكل من شجرة معرفة الخير والشر، فخالف واستوجب الموت في جهنم، لأن كل نفس تخطئ موتاً تموت، لاستلزام عدل الله ذلك، فاقتبس القرآن هذا وصرح بسقوطه:


                          (1) اقتبس القرآن فكرة التوراة عن سقوط آدم، فورد في طه 20 : 121 :

                          " وعصى آدم ربه فغوى "


                          قال المفسرون: عصى ربه بأكله من الشجرة ، وقال البيضاوي: فَضَلَّ عن المطلوب وخاب، حيث طلب الخُلد بأكل الشجرة، أو عن المأمور به، أو عن الرشد، حيث اغترَّ بقول العدو ,

                          وقرر علماء الإسلام إن العصيان من الكبائر بدليل قوله:

                          ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم (الجن 72:23),

                          وكلمة الغواية الواردة في الآية السابقة تؤكد ذلك، لأنها اتباع الشيطان، لقوله:

                          إلا من اتبعك من الغاوين , فآدم استوجب الموت لعصيانه,


                          (2) ورد في طه 20:122 قوله:

                          فتاب عليه , ولا تكون التوبة إلا عن الذنب لأنها الندم على المعصية، والعزيمة على ترك العَوْد إليها, ومن المؤكد انه لا يمكن مغفرة خطيئة بدون سفك دم، فالتوبة وحدها لا تفي العدل الإلهي حقه,

                          (3) مخالفته النهي عن الأكل من الشجرة وارتكاب المنهى عنه ذنب

                          ورد في البقرة 35:

                          " ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين "

                          (4) ورد في الاعراف 7:23 قالا:

                          " ربنا ظلمنا أنفسنا، وإنْ لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "

                          (5) قوله في البقرة 36

                          " فأزلَّهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه "

                          وقد دافع علماء الاسلام عن آدم بقولهم إنه وقع في هذه المعصية قبل النبوّة قال محيي الدين ابن العربي:

                          عصى من كان في ظهره من ذريته، الذين هم أهل الشقاء، لأن ظهره كان كالسفينة لسائر أولاده ,
                          والعبارات القرآنية ناطقة بأنه هو الذي عصى، ونُسبت معصيته الى ذريته أيضاً، لأنه كان نائباً عنهم وعلى كل حال فالنفس التي تخطئ موتاً تموت، وهو حكم إلهي وقالوا إن آدم لما أكل من الشجرة أسودَّ جسده، لأن المعصية أثرَّت فيه، فالسواد علامة المعاصي، حتى قالوا نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضاً من اللبن، فسوَّدته خطايا بني آدم


                          ذكرت التوراة أن آدم سقط وخرج من الجنة لأكله من الشجرة التي نهاه الله عنها فقط، ولم تذكر له غير ذلك وبما أنه كان نائباً عن ذريته أخطأت ذريته بخطيته، ودخلت الخطية الى عالمنا هذا، لأنه إذا كان آدم الذي خلقه الله طاهراً خالف الأمر الالهي، فكم بالحري ذريته، فالجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله، فأتى الفادي ليخلِّص كل من يؤمن به (رومية 3:23),




                          يتبع ....

                          تعليق

                          • د.أمير عبدالله
                            حارس مؤسِّس

                            • 10 يون, 2006
                            • 11247
                            • طبيب
                            • مسلم

                            #88
                            جئت مُتأخراً ولكن سأقرأ بتأني وأتابع ....

                            استمر بارك الله فيك.
                            "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                            رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                            *******************
                            موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                            ********************
                            "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                            وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                            والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                            (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                            تعليق

                            • taha2025
                              0- عضو حديث
                              • 25 يون, 2007
                              • 5
                              • مراقب مالى
                              • مسلم الحمد لله

                              #89
                              بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين و الصلاة و السلام علي اشرف المرسلين سيدنا محمدا و علي آله و أصحابه أجمعين أما بعد.
                              برجاء أخوتي في هذا المنتدي ارجو أن توصلوا رسالتي هذه الي اي مسيحي يستطيع الرد عليها فأنا لدي أسئلة لم يستطع اي مسيحي الرد عليها الي الآن.
                              1- عندما أخطأ آدم ألم يتم عقابه؟ و ماذا كان عقابه ؟ و أعتقد أننا كلنا مسلمين و مسيحيين متفقين في هذه النقطة انه تم عقابه بإخراجه من الجنة تمام؟!!!!!!
                              إذا فكلنا اتعاقبنا بأننا نعيش علي الأرض طولة فترة الحياة الدنيا الي ان يأت أجل أحدنا فيذهب حسب أعماله الي الجنة أو النار صح؟ تمام يبقي احنا مازلنا معاقبين علي خطيئة آدم صح؟
                              يبقي فين الفداء؟ ما لو كان المسيح فدانا بنفسه زي ما بيقولوا كان زمان ربنا غفر خطيئة آدم و رفع عقابه عن الجنس البشري و رجعنا الجنة تاني فأنا مش قادر أفهم احنا ليه لسة قاعدين علي الأرض.
                              2- لما المسيح مات و قبر و لاهوته لم يفارقه ابدا و كان الله يدير شئون الكون وحده فما حاجته و ما حاجة الكون للمسيح.
                              3- بالنسبة للفداء ليه ربنا اختار المسيح و لم يختار الروح القدس للفداء و هل كان الاختيار للمسيح ام ان الله فرضه عليه كما يفرض الضمير علي شخص انه يصنع شيئا لا يستحسنه.
                              4- سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم لما هو حسب اعتقادكم كاذب و ليس بنبي و لا رسول فلماذا لم يأمر الناس بعبادته أليس كل المدعين النبوة لا يأتون بكلام من عند الله لماذا هو حسب عقيدة الكتاب المقدس لم يقل شيئا يخالف الشريعة.
                              برجاء الرد بأسرع و سيلة ممكنة و شكراً

                              تعليق

                              • ام مــلاك
                                0- عضو حديث
                                • 6 ماي, 2007
                                • 19

                                #90
                                يعطيك العافيه
                                بارك الله فيك يا خي الاثرم
                                بصرحه مجهود كبيرورائع واثابك الله بما قدمة

                                استمر وانا ايضا من المتبعين لك في الموضوع


                                مع التحيه
                                اختكم \ ام ملاك

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة كريم العيني, 4 أغس, 2024, 04:57 م
                                ردود 0
                                32 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة كريم العيني
                                بواسطة كريم العيني
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 13 يول, 2024, 03:38 م
                                ردود 11
                                104 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 29 يون, 2024, 02:40 ص
                                ردود 3
                                58 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 19 ماي, 2024, 01:27 ص
                                ردود 0
                                41 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 5 ماي, 2024, 03:09 ص
                                ردود 0
                                36 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله
                                يعمل...