بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني .. " عمود الاسلام " و " موحد بالله "
جزاكم الله خير .. وشاكر لكم على هذا المرور .. وعسى الله أن يجمعنا في الفردوس الاعلى من الجنة .. اجمعين .. آمين ..
القيامة والظهور
لقد انتهينا من دراسة قضية الصلب .. وهي واحدة من أخطر القضايا المسيحية باعتبارها صارت ركيزة من ركائز العقيدة التي تبناها بولس .. وصار لها السيادة فيما بعد . ولم تكن على الإطلاق من وصايا المسيح ولا من رسالته .. وماذا رأينا فيها ؟
رأينا أن هذه المصادر المسيحية _ وهي الأناجيل _ قد اختلفت تماماً في كل جزئية تتعلق بموضوعات الصلب .. وقلنا _ من قبل _ إننا نتبع في دوائرنا القضائية في كل بلد من بلاد العالم .. أنه عندما تختلف شاهدة الشهود .. ترفض على الفور شهاداتهم ..
كذلك فإن السمة الواضحة والعامل المشترك بين هذه المصادر المسيحية .. شيء واحد .. هو أن كل ما كتب قام على ظن وعلى تناقض يتناقض بعضه مع بعض .. وينقض بعضه بعضاً ..
وقد عبَّر القرآن الكريم عن هذه الحالة في آية من آياته .. وذلك من معجزات القرآن فقد قال :
" وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ( 157 ). " سورة النساء .
لقد وجدنا أن كل ما كتب وخاصة ابتداء من قضية الصلب .. وملحقاتها وهي القيامة والظهور .. قد اختلف فيه كتبة الأناجيل جمعياً من الألف إلى الياء ..
ونبدأ الآن في دراسة قضية القيامة التي تقول _ وفق التعليم المسيحي _ إن المسيح صلب ومات ودفن وقام في اليوم الثالث .. وبعد ذلك ظهر لبعض الناس ..
ولقد عرفنا مما سبق أنه لم يدفن في الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال .. كما قالت الأناجيل .. إذ أن المصلوب دفن في الأرض لمدة يوم واحد وليلتين على أحسن الفروض ...
القيامة ..
بدأت روايات قيامة المسيح من الأموات وظهوره بعد الموت تنشر ببطء شديد وسط المجموعة المسيحية الأولى .. بسبب إنكار تلاميذه وحوارييه _ وعلى رأسهم بطر س _ لتلك الروايات .. وشكهم فيها .. وعدم إيمانهم بوجود أدنى صلة بين رسالة المسيح الحقة التي تلقوها من معلمهم .. وبين فكرة القيامة من الأموات هذه التي صارت واحدة من ركائز العقائد المسيحية .. من أجل ذلك تأخر الإعلان عن قيامة المسيح وظهروه سبعة أسابيع .. فلم يذع خبرها بين عامة المسيحيين إلا بعد 50 يوماً .. كما تقول رسالة الإعمال التي سطرها (( لوقا )) بعد أكثر من 60 عاماً من رفع المسيح .
وإذا كان هذا هو مجمل حديث القيامة .. كما سجلته الأناجيل .. فمن الواجب ألا يغيب عن البال _ كما يقول جورج كيرد:
" إن أول شهادة عن القيامة لم تعطها الأناجيل .. لكن جاءت من رسائل بولس .. وعلى وجه الخصوص رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس ( الإصحاح 15 ) التي كتبت قبل أقدم الأناجيل بعشر سنوات على الأقل . ففي هذا الإصحاح نجد بولس يقتبس تعليماً تسلمه من أولئك الذين كانوا مسحيين قبله " . ( تفسير إنجيل لوقا صفحة 255 ) .
ولقد رأينا أن ما تقوله الأناجيل عن صلب المسيح وما امتلأت به من اختلافات ومتناقضات يكفي لرفضها .. وبالتالي كان ذلك مبرراً كافياً لرفض ما قام على الصلب وهو القيامة والظهور . ومع ذلك فلسوف نتجه إلى الأناجيل لنناقش من خلالها قضية القيامة والظهور بعناصرها الرئيسية .
زيارة النساء للقبر :
يقول مرقس :
" وبعد ما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطاً ليأتين ويدهنه . وباكر جداً في أول الأسبوع أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس وكن يقلن في أنفسهن من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر . فتطلعن ورأين الحجر قد دحرج لأنه كان عظيماً جداً . ولما دخلن القبر رأين شاباً جالساً عن اليمين لابساً حلة بيضاء فاندهش .. فقال لهن لا تندهشن .. أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب .. قد قام .. ليس هو ههنا هو ذا الموضع الذي وضعوه فيه .. لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل .. هناك ترونه كما قال لكم . فخرجن سريعاً وهربن من القبر لان الرعدة والحيرة أخذتاهن . لم يقلن لأحد شيئاً لأنهن كن خائفات . " ( 16 : 1 – 8 ) .
يقول نينهام :
" إن الدافع المقترح لهذه الزيارة يدعو على أي حال إلى الدهشة . وإذا صرفنا النظر عن التساؤل الذي أثير ( عمن يدحرج الحجز ) فمن الصعب أن نثق في أن الغرض من زيارة النسوة كان دهان جسم إنسان انقضى على موته يوم وليلتان .
إن أغلب المعلقين يرددون ما يقوله مونتفيوري من أن السبب الذي تعزى إليه هذه الزيارة غير محتمل البتة ..
وفي الواقع نجد أنه حسب رواية القديس مرقس ( 15 : 37 – 47 ) .. فإن جسد يسوع لم يدهن أبداً بعد الموت .. خلافاً لما جاء في ( يوحنا 19: 40 ) الذي يقول :
" فأخذا _ يوسف ونيقوديموس _ جسد يسوع ولفاه بأكفان مع الأطياب .. كما لليهود عادة أن يكفنوا ) ..
إن كثير من القراء سيتفقون في الرأي مع ما انتهى إليه فنسنت بيلور من أنه : من المحتمل أن يكون وصف مرقس محض خيال .. إذ أنه يصور لنا في وصفه بما يعتقد أنه حدث ". ( تفسير إنجيل مرقس صفحة 443 – 444 )
وقد انفر متى ( 27 : 62 – 66 ) بما ذكره عن طلب اليهود من الحاكم الروماني بيلاطس أن يرسل حراساً لضبط القبر .. فاستجاب لهم " فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر ."
بعد ذلك تكلم عن زيارة النساء للقبر بصورة مختلفة فقال :
" وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر. وإذا زلزلة عظيمة حدثت لن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه .. وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج . .
فأجاب الملاك وقال للمرأتين لا تخافا .. اذهبا سريعاً قولا لتلاميذه إنه قام من الأموات ... فخرجتا سريعاً من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه ". ( 28 : 1 – 8 )
ويقول جون فنتون :
" إن حدوث الزلزلة .. ونزول الملاك من السماء .. ودحرجة الحجر بعيداً .. وخوف الحراس .. كلها إضافات من عمل متى .. كذلك نجد في إنجيل مرقس ان النساء لا تطعن الرسالة .. أما في متى فإنهن يطعنها ( فيخبرن التلاميذ بالقيامة ) . ( تفسير إنجيل متى : صفحة 449 – 450 ) .
ويقول لوقا :
" في أول الأسبوع أول الفجر أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهن أناس .. فوجدن الحجر مدحرجاً عن القبر . فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع.
وفيما هن محتارات في ذلك إذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة .. وإذ كن خائفات ومنكسات وجوههن إلى الأرض قالا لهن .. ليس هو ههنا لكنه قام .. اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل .. فتذكرن كلامه ورجعن من القبر وأخبرن الأحد عشر الباقين بهذا كله . وكانت مريم المجلية ويونا ومريم أم يعقوب والباقيات معهن اللواتي قلن هذا للرسل " ( 24 : 1 – 10 )
ويقول جورج كيرد :
" إن قصة لوقا عن القبر الخالي تسير بمحاذاة مرقس .. لكنها تختلف عنها في أربع نقاط :
فبينما يذكر مرقس شاباً واحداً عند القبر .. نجد لوقا يذكر رجلين . وحسبما جاء في ( مرقس 16: 7 ) قيل للنسوة : ولكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس أنه يسبقكم إلى الجليل هناك ترونه كما قال لكم _ لكن لوقا يشير بدلا من ذلك إلى تعليم سبق إعطاؤه في الجليل . ذلك أنه حسب مصدر المعلومات الذي استقى منه لوقا فإن ظهور ( المسيح ) بعد القيامة لم يحدث في الجليل .. لكنه حدث فقط في أورشليم وما حولها ) . ( لوقا 24: 13 – 35 )
كذلك نجد حسب رواية مرقس أن النسوة قد حملن برسالةٍ فشلن في توصيلها لأنهن كن خائفات .. بينما يخبرنا لوقا أنهن قدمن تقريراً كاملاً عما رأينه وسمعنه إلى التلاميذ الآخرين .
وأخيراً فإن قائمة الأسماء مختلفة .. إذا أن لوقا بذكر يونا بدلا من سالومي التي ذكرها مرقس ." ( تفسير إنجيل لوقا صفحة 256 ) .
أما رواية يوحنا عن القيامة فإنها مختلفة عما روته الأناجيل الثلاثة في عناصرها الرئيسية .. ذلك أن يوحنا يقول :
" في أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً والظلام باقٍ .. فنظرت الحجر مرفوعاً عن القبر . فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما أخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه .
فخرج بطرس والتلميذ الآخر وأتيا إلى القبر . وكان الاثنان يركضان معاً . فسبق التلميذ الآخر بطرس وجاء أولا إلى القبر . وانحنى فنظر الأكفان موضوعة ولكنه لم يدخل .. ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودخل القبر ونظر الأكفان موضوعة والمنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعاً مع الكفان . بل ملفوفاً في موضع وحده فحينئذ دخل أيضاً التلميذ الأخر الذي جاء أولا إلى القبر ورأى آمن .. لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغي أن يقوم من الأموات.
أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجاً تبكي .. فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحد عند الرأس والآخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعاً ." ( 20: 1 – 10 ) .
اختلاف الأناجيل في روايات الزيارة :
من الواضح أن هناك اختلافاً بين ما ترويه الأناجيل عن زيارة النساء للقبر وملابساتها كما يتضح مما سبق .. بالإضافة إلى الآتي :
1- يذكر مرقس أن توقيت زيارة النساء للقبر كان بعد طلوع الشمس .. بينما يقول الآخرون أن الزيارة كان قبل طلوعها _ فيه في متى ولوقا عند الفجر .. وفي يوحنا : " الظلام باق " .
2- يذكر " مرقس " أن الزائرات كن ثلاث نسوة , لكن " متى " يذكر اثنتين فقط .. بينما يقول " لوقا " إنهن كن جمعاً من النساء .. أما " يوحنا " فيجعل بطلة الزيارة هي مريم المجلية بمفردها التي تذهب لتحضر معها بطر ويوحنا ( التلميذ المحبوب ) .
ولا يتفق كتبة الأناجيل على شيء من العناصر الرئيسية لقصة الزيارة قدر اتفاقهم على جعل مريم المجدلية في موضع الصدارة بين الزائرات .. حتى أن يوحنا يجعلها الزائرة الوحيدة .
وبذلك صارت مريم المجدلية _ التي أخرج منها المسيح سبعة شياطين _ هي المصدر الرئيسي لكل ما قيل عن قيامة المسيح من الأموات.
3- وعند القبر رأت النساء شاباً جالساً عن اليمين لابساً حلة بيضاء _ حسب مرقس _ بينما هو في متى: " ملاك الرب .. وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج " .. أما في لوقا: " رجلان بثياب براقة " .. وفي يوحنا : " ملاكين بثياب بيض جالسين واحد عند الرأس والآخر عند القدمين ".
هذا بالإضافة إلى ما سبق بيانه بخصوص قضية القيامة التي اختلفت فيها الأناجيل اختلافاً يكفي لرفض شهاداتها جمعياً ..
لقد انفرد إنجيل متى بقوله :
" وفي الغد الذي بعد الاستعداد اجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون إلى بيلاطس : قائلين يا سيد قد تذكرنا أن ذلك المضل قال وهو حي إني بعد ثلاثة أيام أقوم _ فمر بضبط القبر إلى اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلاً ويسرقوه ويقولوا للشعب إنه قام من الموات . فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولى . فقال لهم بيلاطس عندكم حراس .. اذهبوا واضبطوه كما تعلمون . فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر " ( 27 : 62 – 66 ) .
وبذلك تكون الإجراءات التي تمت هي حراسة القبر وختم الحجر.
وإذا صرفنا النظر عن كيفية دحرجة الحجر واختلاف الأناجيل فيها .. فإننا نقرأ في " متى " بعد ذلك الآتي :
" وفيما هما ذاهبتان ( مريم المجدلية ومريم الأخرى ) إذا قوم من الحراس جاءوا إلى المدينة وأخبروا رؤساء الكهنة بكل ما كان. فاجتمعوا مع الشيوخ وتشاوروا وأعطوا العسكر فضة كثيرة .. قائلين : قولوا إن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ونحن نيام .. وإذا سمع ذلك عند الوالي فنحن نستعطفه ونجعلكم مطمئنين . فأخذوا الفضة وفعلوا كما علموهم . فشاع هذا القول عند اليهود إلى هذا اليوم ." ( 28 : 11 – 15 ) .
من ذلك يتبن كما قلت أن خصوم المسيح وهم رؤساء الكهنة والشيوخ وكذا الحراس لم يشاهدوا قيامة المسيح .. ولم يشاهدوه بعد القيامة .. لكن الشيء الوحيد الذي اتفقوا عليه هو وجود القبر _ الذي قيل إنه دفن فيه _ خالياً .
وإذا رجعنا إلى قصة دانيال أثناء السبي البابلي لوجدنا نظيراً لقصة المقبرة التي وضع عليها حراس وسدت بحجر مختوم . فلقد حدث أن تأمر خصوم دانيال عليه ووشوا به عند الملك لأنه لا يتعبد له .. إنما بتعبد للإله الواحد خالق الأكوان . آنذاك غضب الملك وأمر بوضع دانيال في جب الأسُود .. وقفله بحجر وختمه . وفي هذا يقول سفر دانيال :
" قولوا قدام الملك إن دانيال الذي من بني سبي يهوذا لم يجعل لك أيها الملك اعتباراً .. فلما سمع الملك هذا الكلام اغتاظ على نفسه جداً .. حينئذ أمر الملك فأحضروا دانيال وطرحوه في جب الأسُود. أجاب الملك وقال لدانيال إن إلهك الذي تعبده دائماً هو ينجيك . وأتى بحجر ووضع على فم الجب وختمه الملك بخاتمه وخاتم عظمائه.
ثم قام الملك باركاً عند الفجر وذهب مسرعاً إلى جب الأسُود . فلما اقترب إلى الجب نادى دانيال بصوت أسف. أجاب الملك وقال لدانيال . يا دانيال عبد الله الحي هل إلهك الذي تعبده دائماً قدر على أن ينجيك من الأسُود ؟ فتكلم دانيال مع الملك .. أيها الملك عش إلى الأبد . إلهي أرسل ملاكه وسد أفواه الأسُود فلم تضرني لأني وجدت بريئاً قدامه وقدامك أيضاً . أيها الملك لم أفعل ذنباً .
حينئذ فرح الملك به وأمر بأن يصعد دانيال من الجب .. فأصعد دانيال من الجب ولم يوجد فيه ضرر لأنه آمن بإلهه.
فأمر الملك فأحضروا أولئك الرجال الذي اشتكوا على دانيا وطرحوهم في جب الأسُود هم وأولادهم ونساءهم . ولم يصلوا إلى أسف الجب حتى بطشت بهم الأسُود وسحقت كل عظامهم " ( 6: 13 – 24 )ة
هنا حدثت المعجزة حقاً .. إذ رفعت الأختام في وجود شهود عاينوا دانيال قائماً بينهم حياً .. قد انتصر على الموت الذي كان ينتظره في فم الأسُود .. وشهد بذلك أعداء دانيال وأصدقاؤه على السواء .
فلو كان المسيح هو ذلك الذي صلبوه .. ثم وضعوه في القبر .. ثم أقاموا عليه حراساً وختموه .. لكان الأولى به حين يقوم من الموت _ كما يدعون _ أن يحدث ذلك على مرأى ومسمع من أعدائه قبل أصدقائه .. حتى تتحقق المعجزة بشهادة الشهود .. خاصة وأن المسيح مارس معجزاته كلها أمام الناس سواء المؤمنين به أو المكذبين له .
أما أن توجد مقبرة خالية .. فيقال إن المسيح الذي دفن فيها قد قام ولم يره أحد .. فذلك شيء لا يقوم على أي أساس بسبب التضارب الواضح فيما ترويه الأناجيل عن القيامة التي تعتبر ركيزة من ركائز العقائد المسيحية والتي تفوق في أهميتها خروج دانيال حياً من جب الأسُود ألاف المرات .
هذا ويقول جون فنتون :
" لقد كانت الكنيسة الأولى ترى في خروج دانيال حياً من جب الأسُود نوعاً من المشابهة لقيامة يسوع ..
كما يلاحظ أن " متى " غيّر قول مرقس أن المرأتين اشترتا حنوطاً . ليأتين ويدهنه .. إلى قول أخر هو : ( لتنظرا القبر ) . ولعل السبب في ذلك هو أنه ما دام " متى " قد أدخل قصة ختم الحجر إلى روايته .. فلا بد أن يقوم بهذا التعديل ". ( تفسير إنجيل متى صفحة 448 – 450 ) .
وإذا كانت الكنيسة قد اعتبرت خروج دانيال من جب الأسُود شبيهاً بقيامة المسيح .. أما كان ضرورياً للإقرار بتلك المشابهة أن يتوافر العنصر الضروري والكافي لتحقيق الحدث .. وهو شهادة الشهود من الأصدقاء والأعداء على السواء ؟ وهو الشي الذي اكتمل في قصة دانيال .. وفقد تماماً في قصة المسيح .
ونستطيع أن ندرك الآن قيمة هذه الفقرة المختصرة التي قررها أدولف هرنك :
" إن هناك عدداً من النقاط مؤكدةٌ تاريخياً منها : أن أحداً من خصوم المسيح لم يره بعد موته ". ( تاريخ العقيدة : جـ 1 .. صفحة 85 ) .
نعم .. إن رؤية الخصوم قبل الأصدقاء دليل هام ومفقود كان من اللازم تواجده _ أولا _ عند كل من يؤمن بحديث القيامة .. ولسوف يبقى مفقوداً إلى الأبد..
وللحديث بقية ...
اخوكم / الاثرم
تعليق