شرح قصة سليمان عليه السلام
في آية الفتنة الكرسي والجسد
قال تعالى ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب ذكر أصحاب المقالات في
أشبه أقوالهم في هذه القصة أن سليمان عليه السلام كانت له امرأة من كرائمه اسمها
جرادة وكان أبوها ملكا من ملوك الجزائر البحرية وكان كافرا فمنهم من قال إنه خطبها إليه
وتزوجها ومنهم من قال إنه سباها عنفا وكان لها جمال بارع فكان يحبها ويقدمها على
جميع نسائه وكانت عند أبيها تعبد صنما فلما فقدت ذلك عنده اكترثت وحزنت وتغير
حسنها فسألها عن حالها فأخبرته أن ذلك من وحشتها
لأبيها ورغبت إليه أن يصنع لها الجن تمثال أبيها حتى تنظر إليه وتتشفى بعض الشفاء مما
تجد من وحشتها لأبيها ففعل ذلك لها فكانت تدخل هي وجواريها في بيت التمثال وتسجد
له وتعبده هي وجواريها خفية من سليمان عليه السلام ففعلت ذلك أربعين يوما فسلبه
الله ملكه أربعين يوما
وقيل أيضا إنه كان لها أخ وكان بينه وبين رجل من بني إسرائيل خصومة فسألته أن يحكم
لأخيها على خصمه فأنعم لها بذلك
وهاتان القصتان على خلل فيهما أسلم من سواهما في حق سليمان عليه السلام فإنه
يتصور الحق فيهما على وجوه سنذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى
قالوا وكان عقبى أمره معها في هذه القصة أنه كان إذا دخل الخلاء وضع عندها الخاتم
تنزيها له أن يدخل به الخلاء لما تضمن من أسماء الله تعالى فلما أراد الله تعالى سلب
ملكه تمثل لها على صورة سليمان عليه السلام شيطان يسمى صخرا وأراها أنه خارج من
الخلاء فأعطته الخاتم فطار به ورماه في البحر فخرج سليمان عليه السلام فطلب منها
الخاتم فأخبرته بما كان من أمره فعلم أنه قد فتن من أجلها فخرج على وجهه إلى الصحراء
يبكي ويرغب وينيب
ثم إن الشيطان تصور على صورة جسد سليمان عليه السلام وقعد على كرسيه الذي كان
يقعد عليه لفصل القضاء بين الناس وهو معنى قوله وألقينا على كرسيه جسدا أي جسدا
مثل جسد سليمان عليه السلام وبقي يخلفه على كرسيه ويعبث ببني إسرائيل غاية
العبث بأحكام فاسدة وأوامر جائرة أربعين يوما حتى وجد سليمان عليه السلام خاتمه في
بطن حوت كان قد التقمه حين ألقاه صخر في البحر فلما فطن الشيطان بذلك فر على
وجهه فجاء سليمان عليه السلام فأخبروه بما فعل الشيطان بعده فأمر الجن بطلبه فجاؤوا
به فأمر أن يعمل له بيت منقوب في حجر صلد وجعله فيه وأطبق عليه بحجر آخر وألقاه في
البحر فبقي فيه إلى يوم البعث
وهذا أسلم ما قالوه في قصته عليه السلام وزاد فيها الفجرة أن الشيطان كان يقع على
نساء سليمان عليه السلام وهن حيض ولذا تفطنوا أنه لم يكن سليمان وحاشى وكلا من
هذه الوصمة الخسيسة أن يفعلها الله تعالى مع أنبيائه عليهم السلام وكيف والأمة
مجمعة على أنه ما زنت امرأة نبي قط كانت مؤمنة او كافرة وخيانة امرأة نوح وامرأة لوط
عليهما السلام إنما كانت في إظهارهما الإيمان وإخفائهما الكفر لا غير وكل ما ذكروه في
هذه القصة تجوز له على أوجه سنذكرها بعد إن شاء الله تعالى سوى هذه القولة الخبيثة
وأما قصة التمثال الذي صنع لها وما قيل أنه حكم لأخيها فيتصور فيها الجواز من وجهين
أحدهما أن يكون صنع التمثال مباحا له كما كان مباحا لعيسى عليه السلام قال تعالى وإذ
تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني فصح من هذه الآية أن
عيسى عليه السلام كان يصور التماثيل بإذن الله وكذلك سليمان عليه السلام إذا صح أنه
لم يحرم عليه فعله في شرعه والأظهر فيه أنه لم يحرم بدليل قوله تعالى
يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل والتماثيل قد تكون على صور الأناسي قال امرؤ
القيس
ويا رب يوم قد لهوت وليلة ... بآنسة كأنها خط تمثال
وأما إن عبدت هي صنما من غير أن يشعر به سليمان عليه السلام فلا بأس عليه في
ذلك فإن الأنبياء عليهم السلام عنوا بالظواهر وأمر البواطن إلى الله تعالى وقد كان
المنافقون يصلون خلف رسول الله ويعبدون الأصنام في بيوتهم خفية منه جاء في الصحيح
عنه عليه السلام أنه قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله الحديث . . . . . . .
. . إلى قوله وحسابهم على الله يعني فيما أبطنوه
وأما قولهم إنها طلبت منه أن يحكم لأخيها على خصمه فقال لها نعم فيجوز له أن يقولها
وهو يضمر في نفسه إذا كان الحق له لا عليه ثم طيب نفسها ب نعم لكون النساء تطيب
أنفسهن بمثل هذه المشتبهات لضعف عقولهن وجهلهن بالحقائق ولا يجوز في حقه سوى
هذا بدليل أنه لو أضمر في نفسه أن يحكم له والحكم عليه لوقع في كبيرة محرمة وهي
أن ينوي أن يحكم بالجور وحاشاه من ذلك وهو لا يجوز عليه ذلك كما تقدم
وأما كون الشيطان يخلفه على كرسيه ويحكم بالباطل فليس على نبي
الله عليه السلام لو صح في ذلك دقيق ولا جليل من الإثم وهذا بمثاب عيسى عليه
السلام حين عبد من دون الله كما جاء في الصحيح عنه عليه السلام قال فيأتون عيسى
ولم يذكر ذنبا فيقول لست هناكم وقد عبدت أنا وأمي من دون الله فامتنع عنها حياء من
الله
ومع ذلك فالخبر باطل من وجه آخر وهو أنه لو جاز أن يخلف النبي شيطان على صورته
ويستنبط في شريعته أحكاما فاسدة لكان ذلك إخلالا بالنبوة إذ كان يتخيل الناس ذلك في
سائر أحكام الأنبياء حتى لا يتميز حكم النبي من حكم الشيطان فيشكل الأمر على
المكلفين ولا يتقون أمر بعد وهذا بمثابة تقدير خرق العادة على أيدي الكذابين في ادعاء
النبوة وهذه الألقية في هذه القصة من دسائس البراهمة في إبطال النبوات والله أعلم
وأما ما يليق بسليمان عليه السلام في باب الأولى والمباح في هذه القصة فهو أنه ما كان
يقول لامرأته في طلب الحكومة لأخيها نعم حتى يتبين له الحق أو يتبين لها ما أضمر
فيقول لها نعم إذا وجب له الحق فيها فإنه لا يحكم بجور ولا يجوز عليه ذلك
وأما صنعه لها التمثال على الوجه الذي تقدم فما عليه في ذلك ذنب ولا عتب ولو كان أيضا
صنعه محرما لما صنعه لها أصلا فإن صنع التمثال
من الكبائر التي أتى فيها الوعيد الكثير في الحديث المشهور في الثلاثة الأصناف الذين
تلتقطهم أعناق النار في المحشر
ومنهم من قال إنما وقع العتاب عليه من جهة اشتغاله بعرض الخيل عليه حتى غربت
الشمس وفاتته صلاة العشاء وهذا أيضا إذا صح فليس له في تركها كسب ولا علقة طلب
فإنه ناس والناسي لا طلب عليه فيما نسيه بالإجماع قال تعالى مخبرا عن موسى عليه
السلام أنه قال لا تؤاخذني بما نسيت وجاء عنه عليه السلام أنه قال إنما أنا بشر كما
تنسون
ومنهم من قال إنما كانت وهلته لما ورد به الخبر في قوله لأطيفن الليلة بمئة امرأة تلد كل
امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل ونسي فأطاف
بهن ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان قال النبي عليه السلام لو قال إن شاء الله لم
يحنث وكان أرجى لحاجته
قالوا وهو الجسد الذي ألقي على كرسيه وهذا يعضده الخبر الصحيح ويتصور العتاب فيه
من ترك الاستثناء فإنه أولى فإن كان تركه بعدما أمر به فتركه ناسيا
وقد ذكر المفسرون أن النبي لما طلب منه اليهود أن يخبرهم عن قصة أصحاب الكهف فقال
غدا أخبركم بها ونسي الاستثناء أبطأ الوحي عنه أياما حتى نزلت عليه القصة وقيل له مع
ذلك ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت معناه إذا
نسيت الاستثناء ثم تذكرت فاستثن بالمشيئة وفي هذا أن الاستثناء بعد مدة يرفع الحرج
ولا يرفع الكفارة ولذا أجازه ابن عباس بعد سنة
فخرج من عموم ما ذكرناه في جميع القصة أن العتاب من الله تعالى لسليمان عليه
السلام إذا صح إنما كان على تركه الأولى من المباحات
والأظهر في هذا الحديث أنه ترك مندوبا إليه ومن ترك المندوب فلا إثم عليه فهو بمثابة ترك
المباح في نفي الذنب كما تقدم والله الموفق للصواب
في آية الفتنة الكرسي والجسد
قال تعالى ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب ذكر أصحاب المقالات في
أشبه أقوالهم في هذه القصة أن سليمان عليه السلام كانت له امرأة من كرائمه اسمها
جرادة وكان أبوها ملكا من ملوك الجزائر البحرية وكان كافرا فمنهم من قال إنه خطبها إليه
وتزوجها ومنهم من قال إنه سباها عنفا وكان لها جمال بارع فكان يحبها ويقدمها على
جميع نسائه وكانت عند أبيها تعبد صنما فلما فقدت ذلك عنده اكترثت وحزنت وتغير
حسنها فسألها عن حالها فأخبرته أن ذلك من وحشتها
لأبيها ورغبت إليه أن يصنع لها الجن تمثال أبيها حتى تنظر إليه وتتشفى بعض الشفاء مما
تجد من وحشتها لأبيها ففعل ذلك لها فكانت تدخل هي وجواريها في بيت التمثال وتسجد
له وتعبده هي وجواريها خفية من سليمان عليه السلام ففعلت ذلك أربعين يوما فسلبه
الله ملكه أربعين يوما
وقيل أيضا إنه كان لها أخ وكان بينه وبين رجل من بني إسرائيل خصومة فسألته أن يحكم
لأخيها على خصمه فأنعم لها بذلك
وهاتان القصتان على خلل فيهما أسلم من سواهما في حق سليمان عليه السلام فإنه
يتصور الحق فيهما على وجوه سنذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى
قالوا وكان عقبى أمره معها في هذه القصة أنه كان إذا دخل الخلاء وضع عندها الخاتم
تنزيها له أن يدخل به الخلاء لما تضمن من أسماء الله تعالى فلما أراد الله تعالى سلب
ملكه تمثل لها على صورة سليمان عليه السلام شيطان يسمى صخرا وأراها أنه خارج من
الخلاء فأعطته الخاتم فطار به ورماه في البحر فخرج سليمان عليه السلام فطلب منها
الخاتم فأخبرته بما كان من أمره فعلم أنه قد فتن من أجلها فخرج على وجهه إلى الصحراء
يبكي ويرغب وينيب
ثم إن الشيطان تصور على صورة جسد سليمان عليه السلام وقعد على كرسيه الذي كان
يقعد عليه لفصل القضاء بين الناس وهو معنى قوله وألقينا على كرسيه جسدا أي جسدا
مثل جسد سليمان عليه السلام وبقي يخلفه على كرسيه ويعبث ببني إسرائيل غاية
العبث بأحكام فاسدة وأوامر جائرة أربعين يوما حتى وجد سليمان عليه السلام خاتمه في
بطن حوت كان قد التقمه حين ألقاه صخر في البحر فلما فطن الشيطان بذلك فر على
وجهه فجاء سليمان عليه السلام فأخبروه بما فعل الشيطان بعده فأمر الجن بطلبه فجاؤوا
به فأمر أن يعمل له بيت منقوب في حجر صلد وجعله فيه وأطبق عليه بحجر آخر وألقاه في
البحر فبقي فيه إلى يوم البعث
وهذا أسلم ما قالوه في قصته عليه السلام وزاد فيها الفجرة أن الشيطان كان يقع على
نساء سليمان عليه السلام وهن حيض ولذا تفطنوا أنه لم يكن سليمان وحاشى وكلا من
هذه الوصمة الخسيسة أن يفعلها الله تعالى مع أنبيائه عليهم السلام وكيف والأمة
مجمعة على أنه ما زنت امرأة نبي قط كانت مؤمنة او كافرة وخيانة امرأة نوح وامرأة لوط
عليهما السلام إنما كانت في إظهارهما الإيمان وإخفائهما الكفر لا غير وكل ما ذكروه في
هذه القصة تجوز له على أوجه سنذكرها بعد إن شاء الله تعالى سوى هذه القولة الخبيثة
وأما قصة التمثال الذي صنع لها وما قيل أنه حكم لأخيها فيتصور فيها الجواز من وجهين
أحدهما أن يكون صنع التمثال مباحا له كما كان مباحا لعيسى عليه السلام قال تعالى وإذ
تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني فصح من هذه الآية أن
عيسى عليه السلام كان يصور التماثيل بإذن الله وكذلك سليمان عليه السلام إذا صح أنه
لم يحرم عليه فعله في شرعه والأظهر فيه أنه لم يحرم بدليل قوله تعالى
يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل والتماثيل قد تكون على صور الأناسي قال امرؤ
القيس
ويا رب يوم قد لهوت وليلة ... بآنسة كأنها خط تمثال
وأما إن عبدت هي صنما من غير أن يشعر به سليمان عليه السلام فلا بأس عليه في
ذلك فإن الأنبياء عليهم السلام عنوا بالظواهر وأمر البواطن إلى الله تعالى وقد كان
المنافقون يصلون خلف رسول الله ويعبدون الأصنام في بيوتهم خفية منه جاء في الصحيح
عنه عليه السلام أنه قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله الحديث . . . . . . .
. . إلى قوله وحسابهم على الله يعني فيما أبطنوه
وأما قولهم إنها طلبت منه أن يحكم لأخيها على خصمه فقال لها نعم فيجوز له أن يقولها
وهو يضمر في نفسه إذا كان الحق له لا عليه ثم طيب نفسها ب نعم لكون النساء تطيب
أنفسهن بمثل هذه المشتبهات لضعف عقولهن وجهلهن بالحقائق ولا يجوز في حقه سوى
هذا بدليل أنه لو أضمر في نفسه أن يحكم له والحكم عليه لوقع في كبيرة محرمة وهي
أن ينوي أن يحكم بالجور وحاشاه من ذلك وهو لا يجوز عليه ذلك كما تقدم
وأما كون الشيطان يخلفه على كرسيه ويحكم بالباطل فليس على نبي
الله عليه السلام لو صح في ذلك دقيق ولا جليل من الإثم وهذا بمثاب عيسى عليه
السلام حين عبد من دون الله كما جاء في الصحيح عنه عليه السلام قال فيأتون عيسى
ولم يذكر ذنبا فيقول لست هناكم وقد عبدت أنا وأمي من دون الله فامتنع عنها حياء من
الله
ومع ذلك فالخبر باطل من وجه آخر وهو أنه لو جاز أن يخلف النبي شيطان على صورته
ويستنبط في شريعته أحكاما فاسدة لكان ذلك إخلالا بالنبوة إذ كان يتخيل الناس ذلك في
سائر أحكام الأنبياء حتى لا يتميز حكم النبي من حكم الشيطان فيشكل الأمر على
المكلفين ولا يتقون أمر بعد وهذا بمثابة تقدير خرق العادة على أيدي الكذابين في ادعاء
النبوة وهذه الألقية في هذه القصة من دسائس البراهمة في إبطال النبوات والله أعلم
وأما ما يليق بسليمان عليه السلام في باب الأولى والمباح في هذه القصة فهو أنه ما كان
يقول لامرأته في طلب الحكومة لأخيها نعم حتى يتبين له الحق أو يتبين لها ما أضمر
فيقول لها نعم إذا وجب له الحق فيها فإنه لا يحكم بجور ولا يجوز عليه ذلك
وأما صنعه لها التمثال على الوجه الذي تقدم فما عليه في ذلك ذنب ولا عتب ولو كان أيضا
صنعه محرما لما صنعه لها أصلا فإن صنع التمثال
من الكبائر التي أتى فيها الوعيد الكثير في الحديث المشهور في الثلاثة الأصناف الذين
تلتقطهم أعناق النار في المحشر
ومنهم من قال إنما وقع العتاب عليه من جهة اشتغاله بعرض الخيل عليه حتى غربت
الشمس وفاتته صلاة العشاء وهذا أيضا إذا صح فليس له في تركها كسب ولا علقة طلب
فإنه ناس والناسي لا طلب عليه فيما نسيه بالإجماع قال تعالى مخبرا عن موسى عليه
السلام أنه قال لا تؤاخذني بما نسيت وجاء عنه عليه السلام أنه قال إنما أنا بشر كما
تنسون
ومنهم من قال إنما كانت وهلته لما ورد به الخبر في قوله لأطيفن الليلة بمئة امرأة تلد كل
امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل ونسي فأطاف
بهن ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان قال النبي عليه السلام لو قال إن شاء الله لم
يحنث وكان أرجى لحاجته
قالوا وهو الجسد الذي ألقي على كرسيه وهذا يعضده الخبر الصحيح ويتصور العتاب فيه
من ترك الاستثناء فإنه أولى فإن كان تركه بعدما أمر به فتركه ناسيا
وقد ذكر المفسرون أن النبي لما طلب منه اليهود أن يخبرهم عن قصة أصحاب الكهف فقال
غدا أخبركم بها ونسي الاستثناء أبطأ الوحي عنه أياما حتى نزلت عليه القصة وقيل له مع
ذلك ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت معناه إذا
نسيت الاستثناء ثم تذكرت فاستثن بالمشيئة وفي هذا أن الاستثناء بعد مدة يرفع الحرج
ولا يرفع الكفارة ولذا أجازه ابن عباس بعد سنة
فخرج من عموم ما ذكرناه في جميع القصة أن العتاب من الله تعالى لسليمان عليه
السلام إذا صح إنما كان على تركه الأولى من المباحات
والأظهر في هذا الحديث أنه ترك مندوبا إليه ومن ترك المندوب فلا إثم عليه فهو بمثابة ترك
المباح في نفي الذنب كما تقدم والله الموفق للصواب
من كتاب
تنزيه الأنبياء
عما نسب إليهم حثالة الأغبياء
أبي الحسن علي بن أحمد السبتي الأموي
تعليق