تواصل المذيعة الحوار:
المذيع: وهذا سيقودنا إلى الجزء الثانى من السؤال وهو علاقة الخطية بالفداء ؟
الإجابة: عرفنا سابقاً أن الله خلق الإنسان فى أحسن صورة ومثال . بالحب أوجده فى الجنة والإنسان بغواية الحية سقط فى الخطية وكانت نتيجة الخطية أن أجرتها موت وطرد من حضرة الله وصارت الخطية للبشرية بما فيهم من أنبياء . إذن فى عقوبة . لماذا باعتبار أن الله حاكم عادل . فقال أجرة الخطية موت إذن لا مبدل لكلمات الله ... فى مزمور 7 آية 11 يوضح هذه الحقيقة أن الله قاضى عادل . وفى سورة النحل آية 90 أن الله يأمر بالعدل وفى سورة الرعد 41 يقول أن الله يحكم ولا معقب لحكمه إذن الله عدله مطلق لا يتجاوزه ولا يمكن أن يمس وبما أن أجرة الخطية موت إذن ما هو الموت . للموت ثلاث أنواع : جسدى وأدبى وأبدى .. أخطر موت هو الانفصال عن الله وهذا هو الموت الروحى .
من الذى قال إن عقاب الخطية هو الموت؟ أليس هو بولس؟ وإن بولس لكذاب ، ولا يوثق فى كلمة قالها أو كتبها ، ناهيك عن أن مؤرخيكم أقروا أن هذه الرسائل لم يكتبها بولس ، لأنه لم يكتب إلا بضعة أسطر، أى نُسبت هذه الرسائل له بالخطأ أو التدليس. الأمر الذى يعنى أن كاتبها مجهول. فهل تؤخذ عقيدة من كتاب مجهول؟
فيقول المؤرخ الكنسى يوسابيوس القيصرى عن بولس ورسائله الأربعة عشر ناقلاً عن أوريجانوس: ”أما ذاك الذى جعل كفئًا لأن يكون خادم عهد جديد ، لا الحرف بل الروح ، أى بولس ، الذى أكمل التبشير بالإنجيل من أورشليم وما حولها إلى الليريكون ، فإنه لم يكتب إلى كل الكنائس التى علمها ، ولم يرسل سوى أسطر قليلة لتلك التى كتب إليها.“ (يوسابيوس 6: 25)
ومن أين لك قولك: (.. أخطر موت هو الانفصال عن الله وهذا هو الموت الروحى)؟ وكيف يتفق فى عقولكم عدل الله المطلق مع تحميل البشرية إثم خطيئة لم ترتكبها؟ وأليس الإنفصال عن الله هو البعد عنه؟ لقد طالبكم الله عن طريق أنبيائه بالإستغفار، والبعد عن المعاصى. وهذا البعد ينتهى بمجرد التوبة وعمل الصالحات. فأخبرنى أنت: كيف ربطتَ هذا البعد عن الله بموت الإله نفسه؟
إن طريق الخلود فى الجنة والحياة الأبدية هو أن تترك معاصيك وتتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة: (21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ.) حزقيال 18: 21
فماذا سيحدث له يارب يا رحمن يا رحيم؟ (22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا.) حزقيال 18: 22
(16كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً.) حزقيال 33: 16
كل المعاصى يا رب ستغفرها؟ يقول الرب، طبعًا: (23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 23
نعم كل المعاصى. ألم تقرأ كم أفرح بعودة عبدى الضال؟ (7أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ».) لوقا 15: 4-7
يقول لك الرب: ألم تقرأ يا عبدى أننى أنا: («الرَّبُّ إِلَهٌ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الْإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ. 7حَافِظُ الْإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ. غَافِرُ الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْخَطِيَّةِ.) خروج 34: 6-7
ألم تعرف أننى: (25أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا.) إشعياء 43: 25
ألم يخبرك عبدى نحميا أننى إله غفور كثير الرحمة: (وَأَنْتَ إِلَهٌ غَفُورٌ وَحَنَّانٌ وَرَحِيمٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ.) نحميا 9: 17
ألم تقرأ قول عبدى المعصوم إشعياء أننى غفرت له كل ذنوبه: (فَإِنَّكَ طَرَحْتَ وَرَاءَ ظَهْرِكَ كُلَّ خَطَايَايَ.) إشعياء 38: 17
وذلك لأن عدل الله يأبى أن يحمل إنسان إثم خطيئة لم يرتكبها: (20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ) حزقيال 18: 20
وهل بسبك للإله ولعنك له تتقرب إليه؟ انظر إلى أثر من آثار إيمانك بأسطورة صلب الإله وموته كفارة عن البشرية بسبب الخطيئة التى لم ترتكبها:
لقد انتزع بولس منه المحبة والشفقة، ووصمه بعدم الرحمة ، وأنتم تسيرون فى ركبه: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32
واختار له ميتة يظل بها عند مصدقيها ملعونًا إلى قيام الساعة: (اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
وبذلك تكون قد علمت أن الموت الروحى ، الذى يعنى البعد عن الله ، لا يتلاشى إلا بالتوبة والعمل الصالح ، وليس بموت الإله أو ابنه.
تواصل المذيعة فيبى عبد المسيح لقاءها:
المذيع: هذه نقطة صعبة على أخواننا فى الإسلام نريد التوضيح .. ما معنى الانفصال عن الله ؟
الإجابة: مثال : هناك أثنين من الناس وبينهم علاقة ابن وأبيه . وأبيه يحبه وعايش فى عز أبيه . وإذ بالابن يخطأ إلى أبيه ويقول له لا أريد المعيشة معك مثل : الابن الضال فى الكتاب المقدس .. الابن أتى إلى أبيه وقال له أعطينى ميراثى رغم حياة أبيه وصمم على ذلك فأعطى الرجل المحب ميراث ابنه فأخذ الولد ميراثه وبدده على الزوانى والفجور والخمور إلى آخره فأنفصل عن أبيه ولم تعد هناك علاقة .
هكذا الانفصال عن ربنا فالله موجود فى كل مكان ولكن علاقة الحب الذى بينه وبين الإنسان … الخاطئ رفض هذه العلاقة لا يريد الله ولا يريد الخضوع له بل يريد الحياة بمزاجه ويسير حسب أهوائه وملذاته وغرائزه وشهواته فإذن أين الله فى حياته فذها هو الانفصال ! ومعناه بعد عن الله وحضرته وبعد عن وصيته وهذا هو الموت الروحى لأن الله روح وحياة والذى ينفصل عن الحياة يموت بمعنى أن روح فى القلب والقلب أنفصل عن الله أصبح فى حالة موت .
فى الكتاب المقدس يقول فأخرجه الرب الإله من جنة عدن وهذا أجتاز الموت إلى جميعنا .
إذن فهو يعنى من المثال الذى ضربه أن الإنفصال عن الله أى البعد عن الله. ومستحيل أن يقصد أن العبد سيقول لله إنى لا أريد أن أعيش تحت رحمتك أو حمايتك أو سمائك أو على أرضك. ولكنه يرفض بمعصيته العيش فى ظل قانون الله وشريعته. ولو تتمعَّن جيدًا فى هذا المثال لترى أن بولس أخرجك من شريعة الله ، وألغى الناموس ، وجعلك أنت الابن الضال.
إن المثال الذى تذكره يوجد فى إنجيل لوقا الإصحاح الخامس عشر، وقد استعمل يسوع الإصحاح كاملاً للتدليل على رحمة الله ، ونفى ما تسمونه بالإثم المتوارث، فرحمة الله أكبر من ذلك ، ويفرح الله تعالى بعودة عبده الضال ، كما يفرح الإنسان منا بعثوره على الدرهم الذى فقده ، أو الشاة التى تاهت منه، على الرغم من امتلاكه لتسع وتسعين غيره. فيقول يسوع: (7أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ».) لوقا 15: 4-7
وهى نفس نتيجة مثل الابن الضال، الذى تعلم أن العز فى طاعة الله فرجع نادمًا وأقر بذنبه وعزم على المعيشة فى ظل رضى الله: (20فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. 21فَقَالَ لَهُ الاِبْنُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. 22فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ وَاجْعَلُوا خَاتَماً فِي يَدِهِ وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ 23وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ 24لأَنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ.) لوقا 15: 20-24
إذن لم يُحزنه الله تعالى بتوبته ، بل غفر له كل ما كان، وأكرمه بعطايا أخرى ، ما كان ليستحقها لولا توبته. فلماذا لم يقتله ، أو يقل له إن أجرة الخطية الموت؟
الأمر الذى يعنى أن الإنفصال عن الله ، الذى تتكلم عنه يعنى بعد العبد بمعصيته عن الله ، وما إن يتوب ويرجع حتى يجد الله تعالى فى انتظاره ، بل ويفرح بعودته، كما يفرح الإنسان منا بعودة شاته أو ابنه الضال أو نقوده التى فقدها. وهذا هو ما انتهى إليه الأب الحكيم بقوله لابنه الآخر: (32وَلَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ لأَنَّ أَخَاكَ هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ) لوقا 15: 32
لقد سمَّى الأب المعصية موت وضلال، وسمَّى التوبة والعمل بكتاب الله الحياة. وغفر له دون أن يحتاج لتجسُّد وقتل ابنه. ولو كان تحليل القمص وفهمه صحيح ، لكان الأب قد ذبح ابنه البار الذى يعيش فى كنفه فداءًا للابن الضال ليغفر له.
يواصل القمص تعليقه:
وفى الإسلام يقول فى سورة طه 124 اهبطا منها جميعاً أى من الجنة . والإمام النسفى علق على هذا الموضوع وقال المراد هما وذريتهما وهذا هو الانفصال .
يقول الإمام النسفى فى تفسيره «مدارك التنزيل وحقائق التأويل»: ({قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً} يعني آدم وحواء {بَعْضُكُمْ} يا ذرية آدم {لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} بالتحاسد في الدنيا والاختلاف في الدين {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى} كتاب وشريعة {فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ} في الدنيا {وَلاَ يَشْقَىٰ} في العقبى. قال ابن عباس : ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة يعني أن الشقاء في الآخرة هو عقاب من ضل في الدنيا عن طريق الدين، فمن اتبع كتاب الله وامتثل أوامره وانتهى عن نواهيه نجا من الضلال)
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=0&tTafsirNo=17&tSoraNo=20&tAya hNo=124&tDisplay=yes&UserProfile=0
والأمر واضح جدًا أن العداوة هى بين البشر وبعضه بسبب التحاسد والتباغض للأسباب الدنيوية. ولا علاقة لهذا بإثم خطيئة حواء وآدم. ولم تكن جديدة على الأرض هذا التباغض والتحاسد ، فهذه معيشة أهل الأرض، والدليل على ذلك قول الملائكة لله تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } (30) سورة البقرة
وبالطبع لم يذكر القمص وعد الله لمن يتبع هداه أى كتابه وتعاليمه بعدم الضلال أو الشقاء. وهذا أيضًا خاص لكل إنسان ، ولا علاقة له بتوارث الخطيئة. فكل نفس بما كسبت رهينة: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ} (108) يونس
{وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ} (92) سورة النمل، وقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} (41) الزمر
والإسلام يفهم أنه لو انتحر أب، فسوف تتأثر الأسرة بموته من ناحية دخل الأسرة، وقد يتسبب هذا فى فشل بعض الأولاد من ناحية التعليم،لأن بعضهم سيترك الدراسة ويخرج للعمل. لكن هل معنى هذا أن الذرية ستتحمل وزر ما فعله الأب؟ لا. لن تُعاقب على انتحاره. وما تسبب فيه هذا الانتحار من عذاب للأسرة ، فهو فى ميزان حسناتها ، أى يُكافىء الرب الأسرة بصبرها وتحملها هذا البلاء. وهذه هى رحمة الله تعالى ومحبته المتوقعة.
يواصل القمص إجابته:
الموت الثانى وهو العار أو الموت الأدبى والكتاب المقدس يقول عار الشعوب الخطية والإنسان الخاطئ شبه يقال أنت تعرف فلان ؟ لا لا ده سيرته مش تمام وهذا عار وهل فى الإسلام اعتراف بأن الخطية عار فى سورة الزمر آية 26 ( وإذا فهم الله الخزى فى الحياة الدنيا والعذاب الآخرة أكبر ) . وهذا عن آدم وحواء ونسلهم الخطاة ويقول الشيخ عبد الله يوسف المترجم القرآن للإنجليزية فى شروحاته صفحة 1188 يعلق بقوله غالباً ما تثمر الخطية خزياً وعاراً فى الدنيا ولكن العقوبة الأكبر فى الآخرة وهى جهنم الأبدية
الآية القرآنية تقول: {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (26) سورة الزمر
ولو يُدقق القارىء سيجد أن الموت الروحى هو البعد عن الله بسبب الآثام، وهو نفسه الموت الأدبى. لكنه سمَّى الموت الأدبى الخزى والعار.
ما علاقة هذه الآية بتوارث إثم الخطيئة الأولى؟
وما علاقة العار بالموت؟ هل تخترع مسميات وتبنى عليها عقيدة؟
ولو اتبعنا أهواءهم لاخترعنا أصنافًا لا تُحصى من الموت ، للتضليل أيضًا. منها الموت العلمى ، لمن يرسب فى الإمتحان نهائيًا. ومنها الموت الصحى ، والموت النفسى ، والموت الإجتماعى، والموت المادى ، وهكذا. هل لكل هذا الكلام أصول فى كتابك عزيزى القمص؟ فأنت أو أمثالك من الدعاة مهما كان دينهم يقفون خطباء أو معلمين ليقولوا فقط ما أَمَرَ الله. أى أنت ناقل لما يقوله الله ورسوله ، ولست مبتدعًا ، ولا يجب أن تكون ناقلاً عن مبتدع!
نعم إن الخطية عار فى الدنيا إذا علمها أحد ، أو إذا استشعر الإنسان بضميره بقبح هذا العمل ، وهو أيضًا عار فى الآخرة إذا لم يسترها الله عليه. وانظر إلى رحمة الله تعالى: هذه الكبيرة وهذه الخطية تتحول إلى حسنات وقربات إذا تاب العبد وأقلع عنها وندم على فعلها.
وقبل أن نتطرق للآية نقرأها فى سياقها الذى بتره القمص الأمين:
{كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} (25) سورة الزمر
{فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (26) سورة الزمر
أى يضرب الله المثل للمسلمين أن الذين من قبل قريش كذبوا برسل الله وبكتابه، فعاقبهم الله تعالى بالخزى فى الحياة الدنيا ، وينتظرهم عذاب الآخرة الأكبر. وذلك لمن مات على كفره وتكذيبه دون توبة نصوح. واستشهاد القمص بالآية على أن الإسلام يعترف أن الخطية عار، لا علاقة له بالآية. لكن الله يذيق المكذبين بكتابه ورسله الخزى فى الحياة الدنيا، وسيعاقبهم عليها أيضًا فى الآخرة. الأمر الذى ينفى توارث إثم الخطية الأصلية أو الفرعية أو حتى الجانبية. فلطالما أن هناك دينونة ، فالحساب سيكون لكل إنسان على إيمانه وأعماله.
(3أَلَيْسَ الْبَوَارُ لِعَامِلِ الشَّرِّ وَالنُّكْرُ لِفَاعِلِي الإِثْمِ! 4أَلَيْسَ هُوَ يَنْظُرُ طُرُقِي وَيُحْصِي جَمِيعَ خَطَوَاتِي. 5إِنْ كُنْتُ قَدْ سَلَكْتُ مَعَ الْكَذِبِ أَوْ أَسْرَعَتْ رِجْلِي إِلَى الْغِشِّ 6لِيَزِنِّي فِي مِيزَانِ الْحَقِّ فَيَعْرِفَ اللهُ كَمَالِي.) أيوب 31: 3-6
(حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-13
(29فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ.) يوحنا 5: 29
(9يَعْلَمُ الرَّبُّ أَنْ يُنْقِذَ الأَتْقِيَاءَ مِنَ التَّجْرِبَةِ وَيَحْفَظَ الأَثَمَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ مُعَاقَبِينَ) بطرس الثانية 2: 9
(20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ)حزقيال 18: 20
المذيع: وهذا سيقودنا إلى الجزء الثانى من السؤال وهو علاقة الخطية بالفداء ؟
الإجابة: عرفنا سابقاً أن الله خلق الإنسان فى أحسن صورة ومثال . بالحب أوجده فى الجنة والإنسان بغواية الحية سقط فى الخطية وكانت نتيجة الخطية أن أجرتها موت وطرد من حضرة الله وصارت الخطية للبشرية بما فيهم من أنبياء . إذن فى عقوبة . لماذا باعتبار أن الله حاكم عادل . فقال أجرة الخطية موت إذن لا مبدل لكلمات الله ... فى مزمور 7 آية 11 يوضح هذه الحقيقة أن الله قاضى عادل . وفى سورة النحل آية 90 أن الله يأمر بالعدل وفى سورة الرعد 41 يقول أن الله يحكم ولا معقب لحكمه إذن الله عدله مطلق لا يتجاوزه ولا يمكن أن يمس وبما أن أجرة الخطية موت إذن ما هو الموت . للموت ثلاث أنواع : جسدى وأدبى وأبدى .. أخطر موت هو الانفصال عن الله وهذا هو الموت الروحى .
من الذى قال إن عقاب الخطية هو الموت؟ أليس هو بولس؟ وإن بولس لكذاب ، ولا يوثق فى كلمة قالها أو كتبها ، ناهيك عن أن مؤرخيكم أقروا أن هذه الرسائل لم يكتبها بولس ، لأنه لم يكتب إلا بضعة أسطر، أى نُسبت هذه الرسائل له بالخطأ أو التدليس. الأمر الذى يعنى أن كاتبها مجهول. فهل تؤخذ عقيدة من كتاب مجهول؟
فيقول المؤرخ الكنسى يوسابيوس القيصرى عن بولس ورسائله الأربعة عشر ناقلاً عن أوريجانوس: ”أما ذاك الذى جعل كفئًا لأن يكون خادم عهد جديد ، لا الحرف بل الروح ، أى بولس ، الذى أكمل التبشير بالإنجيل من أورشليم وما حولها إلى الليريكون ، فإنه لم يكتب إلى كل الكنائس التى علمها ، ولم يرسل سوى أسطر قليلة لتلك التى كتب إليها.“ (يوسابيوس 6: 25)
ومن أين لك قولك: (.. أخطر موت هو الانفصال عن الله وهذا هو الموت الروحى)؟ وكيف يتفق فى عقولكم عدل الله المطلق مع تحميل البشرية إثم خطيئة لم ترتكبها؟ وأليس الإنفصال عن الله هو البعد عنه؟ لقد طالبكم الله عن طريق أنبيائه بالإستغفار، والبعد عن المعاصى. وهذا البعد ينتهى بمجرد التوبة وعمل الصالحات. فأخبرنى أنت: كيف ربطتَ هذا البعد عن الله بموت الإله نفسه؟
إن طريق الخلود فى الجنة والحياة الأبدية هو أن تترك معاصيك وتتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة: (21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ.) حزقيال 18: 21
فماذا سيحدث له يارب يا رحمن يا رحيم؟ (22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا.) حزقيال 18: 22
(16كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً.) حزقيال 33: 16
كل المعاصى يا رب ستغفرها؟ يقول الرب، طبعًا: (23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 23
نعم كل المعاصى. ألم تقرأ كم أفرح بعودة عبدى الضال؟ (7أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ».) لوقا 15: 4-7
يقول لك الرب: ألم تقرأ يا عبدى أننى أنا: («الرَّبُّ إِلَهٌ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الْإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ. 7حَافِظُ الْإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ. غَافِرُ الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْخَطِيَّةِ.) خروج 34: 6-7
ألم تعرف أننى: (25أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا.) إشعياء 43: 25
ألم يخبرك عبدى نحميا أننى إله غفور كثير الرحمة: (وَأَنْتَ إِلَهٌ غَفُورٌ وَحَنَّانٌ وَرَحِيمٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ.) نحميا 9: 17
ألم تقرأ قول عبدى المعصوم إشعياء أننى غفرت له كل ذنوبه: (فَإِنَّكَ طَرَحْتَ وَرَاءَ ظَهْرِكَ كُلَّ خَطَايَايَ.) إشعياء 38: 17
وذلك لأن عدل الله يأبى أن يحمل إنسان إثم خطيئة لم يرتكبها: (20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ) حزقيال 18: 20
وهل بسبك للإله ولعنك له تتقرب إليه؟ انظر إلى أثر من آثار إيمانك بأسطورة صلب الإله وموته كفارة عن البشرية بسبب الخطيئة التى لم ترتكبها:
لقد انتزع بولس منه المحبة والشفقة، ووصمه بعدم الرحمة ، وأنتم تسيرون فى ركبه: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32
واختار له ميتة يظل بها عند مصدقيها ملعونًا إلى قيام الساعة: (اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
وبذلك تكون قد علمت أن الموت الروحى ، الذى يعنى البعد عن الله ، لا يتلاشى إلا بالتوبة والعمل الصالح ، وليس بموت الإله أو ابنه.
* * *
تواصل المذيعة فيبى عبد المسيح لقاءها:
المذيع: هذه نقطة صعبة على أخواننا فى الإسلام نريد التوضيح .. ما معنى الانفصال عن الله ؟
الإجابة: مثال : هناك أثنين من الناس وبينهم علاقة ابن وأبيه . وأبيه يحبه وعايش فى عز أبيه . وإذ بالابن يخطأ إلى أبيه ويقول له لا أريد المعيشة معك مثل : الابن الضال فى الكتاب المقدس .. الابن أتى إلى أبيه وقال له أعطينى ميراثى رغم حياة أبيه وصمم على ذلك فأعطى الرجل المحب ميراث ابنه فأخذ الولد ميراثه وبدده على الزوانى والفجور والخمور إلى آخره فأنفصل عن أبيه ولم تعد هناك علاقة .
هكذا الانفصال عن ربنا فالله موجود فى كل مكان ولكن علاقة الحب الذى بينه وبين الإنسان … الخاطئ رفض هذه العلاقة لا يريد الله ولا يريد الخضوع له بل يريد الحياة بمزاجه ويسير حسب أهوائه وملذاته وغرائزه وشهواته فإذن أين الله فى حياته فذها هو الانفصال ! ومعناه بعد عن الله وحضرته وبعد عن وصيته وهذا هو الموت الروحى لأن الله روح وحياة والذى ينفصل عن الحياة يموت بمعنى أن روح فى القلب والقلب أنفصل عن الله أصبح فى حالة موت .
فى الكتاب المقدس يقول فأخرجه الرب الإله من جنة عدن وهذا أجتاز الموت إلى جميعنا .
إذن فهو يعنى من المثال الذى ضربه أن الإنفصال عن الله أى البعد عن الله. ومستحيل أن يقصد أن العبد سيقول لله إنى لا أريد أن أعيش تحت رحمتك أو حمايتك أو سمائك أو على أرضك. ولكنه يرفض بمعصيته العيش فى ظل قانون الله وشريعته. ولو تتمعَّن جيدًا فى هذا المثال لترى أن بولس أخرجك من شريعة الله ، وألغى الناموس ، وجعلك أنت الابن الضال.
إن المثال الذى تذكره يوجد فى إنجيل لوقا الإصحاح الخامس عشر، وقد استعمل يسوع الإصحاح كاملاً للتدليل على رحمة الله ، ونفى ما تسمونه بالإثم المتوارث، فرحمة الله أكبر من ذلك ، ويفرح الله تعالى بعودة عبده الضال ، كما يفرح الإنسان منا بعثوره على الدرهم الذى فقده ، أو الشاة التى تاهت منه، على الرغم من امتلاكه لتسع وتسعين غيره. فيقول يسوع: (7أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ».) لوقا 15: 4-7
وهى نفس نتيجة مثل الابن الضال، الذى تعلم أن العز فى طاعة الله فرجع نادمًا وأقر بذنبه وعزم على المعيشة فى ظل رضى الله: (20فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. 21فَقَالَ لَهُ الاِبْنُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. 22فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ وَاجْعَلُوا خَاتَماً فِي يَدِهِ وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ 23وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ 24لأَنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ.) لوقا 15: 20-24
إذن لم يُحزنه الله تعالى بتوبته ، بل غفر له كل ما كان، وأكرمه بعطايا أخرى ، ما كان ليستحقها لولا توبته. فلماذا لم يقتله ، أو يقل له إن أجرة الخطية الموت؟
الأمر الذى يعنى أن الإنفصال عن الله ، الذى تتكلم عنه يعنى بعد العبد بمعصيته عن الله ، وما إن يتوب ويرجع حتى يجد الله تعالى فى انتظاره ، بل ويفرح بعودته، كما يفرح الإنسان منا بعودة شاته أو ابنه الضال أو نقوده التى فقدها. وهذا هو ما انتهى إليه الأب الحكيم بقوله لابنه الآخر: (32وَلَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ لأَنَّ أَخَاكَ هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ) لوقا 15: 32
لقد سمَّى الأب المعصية موت وضلال، وسمَّى التوبة والعمل بكتاب الله الحياة. وغفر له دون أن يحتاج لتجسُّد وقتل ابنه. ولو كان تحليل القمص وفهمه صحيح ، لكان الأب قد ذبح ابنه البار الذى يعيش فى كنفه فداءًا للابن الضال ليغفر له.
* * *
يواصل القمص تعليقه:
وفى الإسلام يقول فى سورة طه 124 اهبطا منها جميعاً أى من الجنة . والإمام النسفى علق على هذا الموضوع وقال المراد هما وذريتهما وهذا هو الانفصال .
يقول الإمام النسفى فى تفسيره «مدارك التنزيل وحقائق التأويل»: ({قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً} يعني آدم وحواء {بَعْضُكُمْ} يا ذرية آدم {لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} بالتحاسد في الدنيا والاختلاف في الدين {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى} كتاب وشريعة {فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ} في الدنيا {وَلاَ يَشْقَىٰ} في العقبى. قال ابن عباس : ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة يعني أن الشقاء في الآخرة هو عقاب من ضل في الدنيا عن طريق الدين، فمن اتبع كتاب الله وامتثل أوامره وانتهى عن نواهيه نجا من الضلال)
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=0&tTafsirNo=17&tSoraNo=20&tAya hNo=124&tDisplay=yes&UserProfile=0
والأمر واضح جدًا أن العداوة هى بين البشر وبعضه بسبب التحاسد والتباغض للأسباب الدنيوية. ولا علاقة لهذا بإثم خطيئة حواء وآدم. ولم تكن جديدة على الأرض هذا التباغض والتحاسد ، فهذه معيشة أهل الأرض، والدليل على ذلك قول الملائكة لله تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } (30) سورة البقرة
وبالطبع لم يذكر القمص وعد الله لمن يتبع هداه أى كتابه وتعاليمه بعدم الضلال أو الشقاء. وهذا أيضًا خاص لكل إنسان ، ولا علاقة له بتوارث الخطيئة. فكل نفس بما كسبت رهينة: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ} (108) يونس
{وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ} (92) سورة النمل، وقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} (41) الزمر
والإسلام يفهم أنه لو انتحر أب، فسوف تتأثر الأسرة بموته من ناحية دخل الأسرة، وقد يتسبب هذا فى فشل بعض الأولاد من ناحية التعليم،لأن بعضهم سيترك الدراسة ويخرج للعمل. لكن هل معنى هذا أن الذرية ستتحمل وزر ما فعله الأب؟ لا. لن تُعاقب على انتحاره. وما تسبب فيه هذا الانتحار من عذاب للأسرة ، فهو فى ميزان حسناتها ، أى يُكافىء الرب الأسرة بصبرها وتحملها هذا البلاء. وهذه هى رحمة الله تعالى ومحبته المتوقعة.
* * *
يواصل القمص إجابته:
الموت الثانى وهو العار أو الموت الأدبى والكتاب المقدس يقول عار الشعوب الخطية والإنسان الخاطئ شبه يقال أنت تعرف فلان ؟ لا لا ده سيرته مش تمام وهذا عار وهل فى الإسلام اعتراف بأن الخطية عار فى سورة الزمر آية 26 ( وإذا فهم الله الخزى فى الحياة الدنيا والعذاب الآخرة أكبر ) . وهذا عن آدم وحواء ونسلهم الخطاة ويقول الشيخ عبد الله يوسف المترجم القرآن للإنجليزية فى شروحاته صفحة 1188 يعلق بقوله غالباً ما تثمر الخطية خزياً وعاراً فى الدنيا ولكن العقوبة الأكبر فى الآخرة وهى جهنم الأبدية
الآية القرآنية تقول: {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (26) سورة الزمر
ولو يُدقق القارىء سيجد أن الموت الروحى هو البعد عن الله بسبب الآثام، وهو نفسه الموت الأدبى. لكنه سمَّى الموت الأدبى الخزى والعار.
ما علاقة هذه الآية بتوارث إثم الخطيئة الأولى؟
وما علاقة العار بالموت؟ هل تخترع مسميات وتبنى عليها عقيدة؟
ولو اتبعنا أهواءهم لاخترعنا أصنافًا لا تُحصى من الموت ، للتضليل أيضًا. منها الموت العلمى ، لمن يرسب فى الإمتحان نهائيًا. ومنها الموت الصحى ، والموت النفسى ، والموت الإجتماعى، والموت المادى ، وهكذا. هل لكل هذا الكلام أصول فى كتابك عزيزى القمص؟ فأنت أو أمثالك من الدعاة مهما كان دينهم يقفون خطباء أو معلمين ليقولوا فقط ما أَمَرَ الله. أى أنت ناقل لما يقوله الله ورسوله ، ولست مبتدعًا ، ولا يجب أن تكون ناقلاً عن مبتدع!
نعم إن الخطية عار فى الدنيا إذا علمها أحد ، أو إذا استشعر الإنسان بضميره بقبح هذا العمل ، وهو أيضًا عار فى الآخرة إذا لم يسترها الله عليه. وانظر إلى رحمة الله تعالى: هذه الكبيرة وهذه الخطية تتحول إلى حسنات وقربات إذا تاب العبد وأقلع عنها وندم على فعلها.
وقبل أن نتطرق للآية نقرأها فى سياقها الذى بتره القمص الأمين:
{كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} (25) سورة الزمر
{فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (26) سورة الزمر
أى يضرب الله المثل للمسلمين أن الذين من قبل قريش كذبوا برسل الله وبكتابه، فعاقبهم الله تعالى بالخزى فى الحياة الدنيا ، وينتظرهم عذاب الآخرة الأكبر. وذلك لمن مات على كفره وتكذيبه دون توبة نصوح. واستشهاد القمص بالآية على أن الإسلام يعترف أن الخطية عار، لا علاقة له بالآية. لكن الله يذيق المكذبين بكتابه ورسله الخزى فى الحياة الدنيا، وسيعاقبهم عليها أيضًا فى الآخرة. الأمر الذى ينفى توارث إثم الخطية الأصلية أو الفرعية أو حتى الجانبية. فلطالما أن هناك دينونة ، فالحساب سيكون لكل إنسان على إيمانه وأعماله.
(3أَلَيْسَ الْبَوَارُ لِعَامِلِ الشَّرِّ وَالنُّكْرُ لِفَاعِلِي الإِثْمِ! 4أَلَيْسَ هُوَ يَنْظُرُ طُرُقِي وَيُحْصِي جَمِيعَ خَطَوَاتِي. 5إِنْ كُنْتُ قَدْ سَلَكْتُ مَعَ الْكَذِبِ أَوْ أَسْرَعَتْ رِجْلِي إِلَى الْغِشِّ 6لِيَزِنِّي فِي مِيزَانِ الْحَقِّ فَيَعْرِفَ اللهُ كَمَالِي.) أيوب 31: 3-6
(حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-13
(29فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ.) يوحنا 5: 29
(9يَعْلَمُ الرَّبُّ أَنْ يُنْقِذَ الأَتْقِيَاءَ مِنَ التَّجْرِبَةِ وَيَحْفَظَ الأَثَمَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ مُعَاقَبِينَ) بطرس الثانية 2: 9
(20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ)حزقيال 18: 20
* * *
تعليق