إنجيل بارْنَبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الإنجيل برواية بارْنَبا الليوي القبرصي
ترجمة مقارنة جديدة
تتضمن معطيات غير معروفة من قبل
بالاعتماد على
مخطوطة المكتبة الوطنيّة بڨيينا
ومخطوطة مكتبة فيشر بجامعة سيدني
د. أحمد إيبش
تتضمن معطيات غير معروفة من قبل
بالاعتماد على
مخطوطة المكتبة الوطنيّة بڨيينا
ومخطوطة مكتبة فيشر بجامعة سيدني
د. أحمد إيبش
ما هو إنجيل بارْنَبا؟
كثيرون جداً سمعوا بهذا الإنجيل (مغلوطاً باسم: إنجيل برنابا).. وما أكثر الأبحاث التي جزمت تلقائياً بأنه إنجيل مزوّر لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة، وأنه من وضع بعض اليهود أو المسلمين الذين ارتدّوا عن الدين المسيحي.. فأين تكمن حقيقته؟
وما حقيقة ذكر هذا الإنجيل (على لسان المسيح عليه السلام) لسيدنا محمد بالاسم صراحة، على أنه خاتم الأنبياء المنتظر؟
مئة عام مضت على ظهور أول ترجمة إنكليزية لهذا الإنجيل الهام المثير للجدل، على يد القس الإنكليزي لونسديل راگ وزوجته لورا Lonsdale & Laura Ragg. ولكن، هل كانت تلك الترجمة على المستوى العلمي المطلوب؟ هل نجحت ومثلها الترجمة العربية المنقولة عنها (بقلم د. خليل سعادة) – دون الرجوع إلى المخطوط – في فك رموز إنجيل بارْنَبا؟!
في هذه الترجمة العربيّة الجديدة المقارنة التي نقوم بها حالياً، يتمّ الكشف للمرّة الأولى عن الأصول القديمة لهذا الإنجيل، وإثبات الدليل النصّي الدّامغ على أن أصلاً أوّليّاً له باليونانيّة قد تمّت ترجمته إلى اللاتينيّة، وبعدها إلى الإيطاليّة والإسپانيّة، وأن ذلك كان ضمن سلسلة تاريخيّة مطوّلة من الإخفاء والتّحريم التّام.
هذه الترجمة اليوم تسلّط الأضواء على معطيات بالغة الأهميّة في المخطوطتين، سواء من الناحية النصيّة أو العقائديّة. ففيها يتجلّى الجوهر الأقرب إلى حقيقة المسيح عليه السلام، وبعثته وإنكاره الشديد لدعوة تأليهه، وأنه رُفع لم يُصلب.. والجديد الآن حسب المخطوطة الإسپانيّة التي ظهرت قبل 30 عاماً: ما الذي كان يعرفه بطرُس؟
كذلك من أهمّ محاور إنجيل بارْنَبا حول سيرة المسيح (عليه السّلام)، حربه الضارية على اليهوديّة الهيكليّة الفريسيّة المنحرفة عن شريعة موسى (عليه السّلام)، والتي تمخض عنها التلمود فيما بعد.
أمّا ما يتوّج هذه الوثيقة المسيحيّة القديمة النقيّة، فهو بشارة المسيح (عليه السّلام) بنبوّة سيّد البشر نبيّنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام. وأن الدّين الحق كما أنزله الله تعالى على سيّدنا موسى ثم عيسى ثم محمّد (عليهم الصلاة والسّلام) إنما كان سلسلة مستمرّة متوافقة متوائمة لا انقطاع فيها، كان جوهرها ولُحمتها وسُداها: التوحيد!
في هذا المجلس، سأقوم بنشر المقدمة النقدية الكاملة، التي صدّرت بها ترجمتي المقارنة الجديدة لإنجيل بارْنَبا، حسب المخطوطتين المذكورتين، بالإيطاليّة و الإسپانيّة. وأرجو من قرّاء الورّاق الكرام إبداء آرائهم التي سأتلقاها بكل اهتمام وتقدير.
إنجيل بارنبا:
أمّا حول موضوع »إنجيل بارْنَبا«، فنُضيف: من خلال اهتمامنا بإعداد دراسة علميّة حول هذا الإنجيل، قمنا باستطلاع موادّ كثيرة عنه في شبكة الإنترنت فهالَنا أن نُطالع ردوداً وهجمات حادّة عنيفة، لم تكتفِ بمحاولة نقض مصداقيّة هذا الإنجيل فحسب، بل راحت تتطاول على مصداقيّة قُرآننا الكريم، وعلى مقام رسولنا الصّادق الأمين، بعبارات ينقصها الكثير من الموضوعيّة!
فلمّا قرأنا بعض ما جاء في هذه التّخريصات، عقدنا العزم على بذل غاية الجهد العلمي والطاقة الفكريّة، لإثبات أن هذا الإنجيل بالفعل هو وثيقة أصيلة صادقة، تظهر فيها حقيقة نبوّة سيّدنا محمّد (عليه أطيب الصّلاة والسّلام) وتثبت فيها مُعجزة »القرآن الكريم« الخالدة، وأنه الوحي الإلهيّ الوحيد المنزّه والمحفوظ، وأنه دعوة الله الدّائمة لبني البشر أجمعين لكي يؤمنوا ويتّبعوا الحقّ بدين الإسلام الحنيف!
وبمجرّد أن بدأنا بمطالعة الدّراسات الغربيّة (العلميّة الرّصينة منها)، لاحظنا مجموعةً من الإشكاليّات العلميّة واللغويّة حول نصّ »إنجيل بارْنَبا« ومخطوطيه الباقيين (مخطوط الأصل بمكتبة ڤيينّا الوطنية، العائد إلى القرن السّادس عشر، ومخطوط مكتبة فيشر بسيدني العائد إلى القرن الثامن عشر، الذي عُثر عليه مؤخّراً في السبعينيّات). فعلى الفور تبادر إلى ذهننا السّؤال التالي:
ما هي مصداقيّة التّرجمة الأولى للإنجيل (بالإنكليزيّة) عن نسخة ڤيينّا الأم المكتوبة باللغة الإيطاليّة؟ هذه التّرجمة التي أشرنا إليها أعلاه وقام بها لونسْديل راگ وزوجته لورا Lonsdale & Laura Ragg، وصدرت عن مطبعة كلارندون پرسّ Clarendon Press في أوكسفورد عام 1907.
والسّؤال الأهمّ هنا:
جميع الدّراسات العربية التي تناولت »إنجيل بارْنَبا«، قد رجعت ولا تزال إلى مصدر أوّلي وحيد لا ثاني له، هو الترجمة العربيّة لنصّ الزوجين راگ، التي قام بها الطبيب اللبناني د. خليل سعادة (عن الترجمة الإنكليزيّة دون أصلها الإيطالي)، فصدرت بمصـر عام 1908 بمطبعة مجلة المنار مع مقدّمة للسيّد محمّد رشيد رضا صاحب المجلّة، ثم أُعيد نشرها ثانية عام 1958.
أفلا يُلاحظ المرء نقصاً فادحاً في الأمر على الصّعيد العلمي؟ فإلى اليوم نستند إلى ترجمة ناقصة مبتورة، لم تعتمد الأصل الإيطالي بل ترجمته الإنكليزيّة وقد مضى على زمن صدورها اليوم 99 عاماً، ظهرت خلالها عشرات الأبحاث النّقدية والتّرجمات والدّراسات (الجادّة منها والمُجرّحة).. هذا فضلاً عن العثور على نسخة مخطوطة جديدة في مكتبة فيشر بأوستراليا!
دوماً نكرّر ونُعيد: إن لترجمة النّصوص المخطوطة القديمة - وبخاصّة الدّينيّة منها - أصولاً لا ينبغي تعدّيها بأي شكل، وإلاّ كان البحث تافهاً لا يرقى بحال من الأحوال إلى مستوى العمل الأكاديمي الجادّ. فما بالك بترجمة نصٍّ خطيرٍ كهذا الإنجيل؟! إنّ من أدنى معايير الترجمة الصّحيحة الرّجوع إلى كافّة المخطوطات المتوفّرة أولاً، ثم تحقيق المتن بالكلمة والعبارة والحرف، بنصّ لغته الأصليّة (وهي هنا الإيطاليّة)، مع وجوب مُقارنته بالمخطوطة الإسپانيّة التي كتبها مُصطفى دي آراندا Mostafá de Aranda (من آمبيل Ambel التابعة لإقليم آراگون Aragon في إسپانيا)، في نُسختيها: الأولى التي كانت بحوزة بعض علماء أوروپا وضاعت، والثانية التي اكتُشفت في مكتبة فيشر بسيدني.
الموضوع مثير جدا، ولا أدري هل تطرقتم إلى هذا الموضوع أم لا، والباحث الكريم الدكتور أحمد قد وضعه بحثه على الرابط التالي:
هــــــنـــــــــــــا
000
تعليق