نشرت جريدة "المصري اليوم" المصرية هذه المقالة للأستاذ "محمد سلماوي" -وهو كاتب مصري مشهور بإنتماءاته العلمانية الليبرالية-. والمقالة منشورة في العدد 1741 الصادر يوم الجمعة بتاريخ 20 مارس 2009. وتجدونها على موقع الجريدة على الرابط الآتي
http://www.almasry-alyoum.com/articl...0&IssueID=1350
وأهدي هذه المقالة إلى كل أعداء الإسلام من الصليبيين والصهاينة والرافضة والعلمانيين وغيرهم. عسى الله أن يهدينا ويهديهم إلى سواء الصراط
أين «الإرهاب الإسلامى»؟
بقلم محمد سلماوى ٢٠/ ٣/ ٢٠٠٩
بحثت جاهداً عن ذلك الإرهاب الذى نسبوه فى الغرب إلى الإسلام باعتباره الخطر الأكبر، الذى يتهدد مستقبل الحضارة الغربية والذى تحول بمقتضاه الدين الحنيف الذى نعرفه إلى دين عنف ودماء، وصار الجهاد الذى يعبر عن أسمى معانى الدفاع عن الحق مرادفاً لمعنى الإرهاب فى اللغات الأجنبية.
أقول إننى بحثت جاهداً عن ذلك الإرهاب الإسلامى فى الإحصائيات الغربية، لأعرف ما مدى انتشار تلك الظاهرة التى يقال إنها ستدمر العالم، فوجدت مثلاً فى معلومات أصدرتها المخابرات البريطانية M.I.S فى العام الماضى فقط أن ٦٠٪ من الرسائل التى تمكنت أجهزة M.I.S من رصدها فى عام ٢٠٠٧ وأحبطت مخططاتها لم تكن تابعة لذلك الإرهاب الإسلامى المزعوم وإنما لحركة المتطرفين من أيرلندا الشمالية.
على أن هذا التواجد المتواضع للإرهاب المحسوب على الإسلام ليس مقصوراً على بريطانيا وحدها، فبالرجوع إلى إحصائيات البوليس الدولى «الإنتربول» فى أوروبا نجد أن هذا الإرهاب أشد تواضعاً، فمن بين ٥٤٣ عملية إرهابية وقعت فى العام نفسه كان ٨٩٪ منها بأيدى جماعتى كورسيكا والباسك الانفصاليتين فى كل من فرنسا وإسبانيا على التوالى.
وفى الإحصائيات نفسها نجد أن من بين ١٠٤٤ شخصاً تم إلقاء القبض عليهم فى مختلف الدول الأوروبية بتهم تتعلق بالإرهاب كانت نسبة مَنْ ينتسبون منهم إلى جماعات إسلامية ١٩٪ فقط.
وبالإضافة إلى ذلك نلحظ انخفاضاً واضحاً فى نسبة المنتسبين للحركات الإسلامية فيمن تم إلقاء القبض عليهم تصل نسبته إلى ٢٢٪ عن الأعوام السابقة خاصة فى الدول الأوروبية الكبرى مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا.
وإزاء تلك الأرقام المذهلة الصادرة عن أجهزة الأمن الأوروبية نفسها فإنى مازلت أبحث عن ذلك التهديد الخطير الذى دعا الولايات المتحدة لأن تقود حرباً شعواء ضد دولة ذات سيادة هى العراق درءاً للخطر الذى يحدق بالحضارة الغربية، ولقد تعودنا أن نتحدث عن الغزو الأمريكى للعراق، لكن الحقيقة كما نعرف جميعاً أنه لم يكن غزواً أمريكياً فقط، بل كان غزواً قادته الولايات المتحدة لكن شاركت فيه دول أخرى من أوروبا مثل بريطانيا ودول من خارج أوروبا مثل كندا وأستراليا واليابان وغيرها.
ولسنا بحاجة لأن نكرر ما أصبح الآن حقيقة مؤكدة لا تناقشها المصادر الغربية ذاتها، وهى أن الحرب العراقية، علاوة على التخريب والدمار اللذين أحدثتهما فى البلاد قد فتحت الباب أمام ما يسمى بالإرهاب الإسلامى فى بلد لم يكن يعرف مثل هذه الظاهرة قبل الحرب، وفى رأى بعض المحللين أن العراق أصبح الآن بفضل تلك «الفوضى الخلاقة» التى ابتدعها الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، أحد المراكز المعترف بها لتنظيم القاعدة وأن غزو العراق فتح مجالاً جديداً أمام القوة الإيرانية التى كانت الولايات المتحدة تسعى لتطويقها.
وإذا تعقبنا الإحصائيات نفسها الخاصة بالإرهاب داخل الولايات المتحدة نفسها والتى بدأت تلك الحرب التى سماها بوش فى زلة لسانه الشهيرة «الحرب الصليبية»، فسنجد ما هو أشد عجباً حيث تشير إحصائيات مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI على سبيل المثال وفى تقرير لها صادر عام ٢٠٠٨ إلى أن نسبة من تم إلقاء القبض عليهم بتهمة «الإرهاب الإسلامى» عام ٢٠٠٧ لم تتعد الـ١٥٪ من مجموع من تم إلقاء القبض عليهم فى مختلف أنحاء الولايات المتحدة، إلا أن من ثبت أن لهم علاقة مؤكدة بذلك الإرهاب لم تزد على ١٪ فقط.
وإزاء ذلك لا يسعنا إلا أن نسأل: أين هو هذا «الإرهاب الإسلامى» الذى تتضاءل قوته ويتواضع خطره أمام عمليات الإرهاب الأخرى، والتى تكون وراءها دوافع وأيديولوجيات غير تلك المتعلقة بالتطرف الإسلامى؟
ولا شك أن هناك عمليات إرهابية تتم فى مختلف أنحاء العالم متخذة من الإسلام اسماً لها وإن كان الإسلام منها براء لأن وراءها أهدافاً أخرى لا تمت للدين بصلة، لكن حين ننظر إلى نسبتها بين ما يشهده الغرب من أعمال إرهابية بشكل عام نجد أن الخطر الحقيقى الذى يحدق بالعالم لا يأتى من دين الرحمة والتسامح الذى نعرفه وإنما من جهات أخرى لم تشن الإدارة الأمريكية السابقة عليها حرباً صليبية.
http://www.almasry-alyoum.com/articl...0&IssueID=1350
وأهدي هذه المقالة إلى كل أعداء الإسلام من الصليبيين والصهاينة والرافضة والعلمانيين وغيرهم. عسى الله أن يهدينا ويهديهم إلى سواء الصراط
أين «الإرهاب الإسلامى»؟
بقلم محمد سلماوى ٢٠/ ٣/ ٢٠٠٩
بحثت جاهداً عن ذلك الإرهاب الذى نسبوه فى الغرب إلى الإسلام باعتباره الخطر الأكبر، الذى يتهدد مستقبل الحضارة الغربية والذى تحول بمقتضاه الدين الحنيف الذى نعرفه إلى دين عنف ودماء، وصار الجهاد الذى يعبر عن أسمى معانى الدفاع عن الحق مرادفاً لمعنى الإرهاب فى اللغات الأجنبية.
أقول إننى بحثت جاهداً عن ذلك الإرهاب الإسلامى فى الإحصائيات الغربية، لأعرف ما مدى انتشار تلك الظاهرة التى يقال إنها ستدمر العالم، فوجدت مثلاً فى معلومات أصدرتها المخابرات البريطانية M.I.S فى العام الماضى فقط أن ٦٠٪ من الرسائل التى تمكنت أجهزة M.I.S من رصدها فى عام ٢٠٠٧ وأحبطت مخططاتها لم تكن تابعة لذلك الإرهاب الإسلامى المزعوم وإنما لحركة المتطرفين من أيرلندا الشمالية.
على أن هذا التواجد المتواضع للإرهاب المحسوب على الإسلام ليس مقصوراً على بريطانيا وحدها، فبالرجوع إلى إحصائيات البوليس الدولى «الإنتربول» فى أوروبا نجد أن هذا الإرهاب أشد تواضعاً، فمن بين ٥٤٣ عملية إرهابية وقعت فى العام نفسه كان ٨٩٪ منها بأيدى جماعتى كورسيكا والباسك الانفصاليتين فى كل من فرنسا وإسبانيا على التوالى.
وفى الإحصائيات نفسها نجد أن من بين ١٠٤٤ شخصاً تم إلقاء القبض عليهم فى مختلف الدول الأوروبية بتهم تتعلق بالإرهاب كانت نسبة مَنْ ينتسبون منهم إلى جماعات إسلامية ١٩٪ فقط.
وبالإضافة إلى ذلك نلحظ انخفاضاً واضحاً فى نسبة المنتسبين للحركات الإسلامية فيمن تم إلقاء القبض عليهم تصل نسبته إلى ٢٢٪ عن الأعوام السابقة خاصة فى الدول الأوروبية الكبرى مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا.
وإزاء تلك الأرقام المذهلة الصادرة عن أجهزة الأمن الأوروبية نفسها فإنى مازلت أبحث عن ذلك التهديد الخطير الذى دعا الولايات المتحدة لأن تقود حرباً شعواء ضد دولة ذات سيادة هى العراق درءاً للخطر الذى يحدق بالحضارة الغربية، ولقد تعودنا أن نتحدث عن الغزو الأمريكى للعراق، لكن الحقيقة كما نعرف جميعاً أنه لم يكن غزواً أمريكياً فقط، بل كان غزواً قادته الولايات المتحدة لكن شاركت فيه دول أخرى من أوروبا مثل بريطانيا ودول من خارج أوروبا مثل كندا وأستراليا واليابان وغيرها.
ولسنا بحاجة لأن نكرر ما أصبح الآن حقيقة مؤكدة لا تناقشها المصادر الغربية ذاتها، وهى أن الحرب العراقية، علاوة على التخريب والدمار اللذين أحدثتهما فى البلاد قد فتحت الباب أمام ما يسمى بالإرهاب الإسلامى فى بلد لم يكن يعرف مثل هذه الظاهرة قبل الحرب، وفى رأى بعض المحللين أن العراق أصبح الآن بفضل تلك «الفوضى الخلاقة» التى ابتدعها الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، أحد المراكز المعترف بها لتنظيم القاعدة وأن غزو العراق فتح مجالاً جديداً أمام القوة الإيرانية التى كانت الولايات المتحدة تسعى لتطويقها.
وإذا تعقبنا الإحصائيات نفسها الخاصة بالإرهاب داخل الولايات المتحدة نفسها والتى بدأت تلك الحرب التى سماها بوش فى زلة لسانه الشهيرة «الحرب الصليبية»، فسنجد ما هو أشد عجباً حيث تشير إحصائيات مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI على سبيل المثال وفى تقرير لها صادر عام ٢٠٠٨ إلى أن نسبة من تم إلقاء القبض عليهم بتهمة «الإرهاب الإسلامى» عام ٢٠٠٧ لم تتعد الـ١٥٪ من مجموع من تم إلقاء القبض عليهم فى مختلف أنحاء الولايات المتحدة، إلا أن من ثبت أن لهم علاقة مؤكدة بذلك الإرهاب لم تزد على ١٪ فقط.
وإزاء ذلك لا يسعنا إلا أن نسأل: أين هو هذا «الإرهاب الإسلامى» الذى تتضاءل قوته ويتواضع خطره أمام عمليات الإرهاب الأخرى، والتى تكون وراءها دوافع وأيديولوجيات غير تلك المتعلقة بالتطرف الإسلامى؟
ولا شك أن هناك عمليات إرهابية تتم فى مختلف أنحاء العالم متخذة من الإسلام اسماً لها وإن كان الإسلام منها براء لأن وراءها أهدافاً أخرى لا تمت للدين بصلة، لكن حين ننظر إلى نسبتها بين ما يشهده الغرب من أعمال إرهابية بشكل عام نجد أن الخطر الحقيقى الذى يحدق بالعالم لا يأتى من دين الرحمة والتسامح الذى نعرفه وإنما من جهات أخرى لم تشن الإدارة الأمريكية السابقة عليها حرباً صليبية.