أبو الأنبياء

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أبو إسحاق النَّظَّام مسلم اكتشف المزيد حول أبو إسحاق النَّظَّام
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 7 (0 أعضاء و 7 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أبو إسحاق النَّظَّام
    2- عضو مشارك
    • 26 فبر, 2009
    • 127
    • باحث في الرياضيات
    • مسلم

    أبو الأنبياء

    أبو الأنبياء (الجزء الأول: صحف إبراهيم)


    (1) إبراهيم:
    إبراهيم عليه السلام هو أبو الأنبياء، ويطلق عليه في اللسان العبراني القديم لفظ (أَفْرَاهَام) ورسمه ـ بالخط المربع والتنقيط المازوريتي ـ هكذا: אַבְרָהָם، حيث يتكون من ثلاثة مقاطع عند التلفظ به هي: (أَفْـ) ـ تنطق كحرف v الإنجليزي وليس كحرف f ـ و(رَا) و(هَام). أما المقطع الأول (أَفْـ) فيعني بالعربية (أب)، وأما التركيب (رَاهَام) فربما يدل على (أرحام)، والرحم هو موضع تكوين الولد، ثم سميت القرابة وصلة الدم رحما. من ذلك نعلم أن كلمة (أَفْرَاهَام) العبرية تقابل في العربية تركيب (أبو الأرحام) للدلالة على كونه أبا لنسل كبير تقوم بينهم وشائج الأرحام. يؤكد هذا المعنى ما ورد في سفر التكوين:

    (3… وَتَكَلَّمَ الإِلهُ مَعَهُ قَائِلاً: 4 “أَمَّا أَنَا فَهُوَذَا عَهْدِي مَعَكَ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ، 5 فَلاَ يُدْعَى اسْمُكَ بَعْدُ أَبْرَامَ بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِبْرَاهِيمَ، لأَنِّي أَجْعَلُكَ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ…”) (التكوين / 17 / 3 - 5)

    (2) صحف إبراهيم:
    يخبر البلاغُ المبين بوجود صحفٍ لإبراهيم عليه السلام:

    (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى. صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) (الأعلى : 18 - 19)

    (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى. وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى. أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى. أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى. وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى. أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى …) (النجم : 33 - 38).

    أما العهدُ القديم فقد خلا من الإشارة إلى صحف إبراهيم. أما الأبحاث العلمية فتدل فعلاً على وجود صحف لإبراهيم أو صحف عن إبراهيم - بغض النظر عن موقف الكنيسة منها لأن الذي يهمنا هنا هو موقف العلم وليس موقف الكهنوت - حيث تحتوي على مواد وثيقة الصلة بما هو مذكور في القرآن الكريم.

    كتبَ البروفيسور Guenter Lanczkowski أستاذ علم الأديان المقارنة بالجامعات الألمانية - في موسوعته التي أصدرها - تحت عنوان (عهد أبرهام) ما يلي:

    (عهد أبراهام مخطوطة مزورة ترجع للقرن الأول / الثاني الميلادي، تحتوي على وصف معراج أبراهام للسماء، وعودته، وموته. لا تعترف الكنيسة الكاثوليكية بتلك المخطوطة وتعتبرها ضمن المخطوطات المشكوك فيها [أبوكريفا]) إنتهى.

    نلاحظ أولاً أن زمن تلك المخطوطة / المدونة المنسوبة لإبراهيم عليه السلام يعود لعصر يسبق مولد النبي العربي المحمّد صلى الله عليه وآله وسلم بنحو 5 قرون، وتشير إلى وجود “صحف” منسوبة لإبراهيم عليه السلام، وهي الحقيقة التي أغفلها العهد القديم، والعهد الجديد ولم يجليها إلا العهد الأخير الحق أي القرآن الكريم. نلاحظ ثانياً أن تلك المخطوطة تنسب صراحة لإبراهيم عليه السلام “معراجا” سماويا، وربما كان ذلك هو ما تشير إليه الآية الكريمة التالية:

    (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ. فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ. فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ. فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ. إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام : 75 - 79).

    إضافة إلى "عهد إبراهيم" Testament Abrahams ذكر البروفيسور Lanczkowski صحيفةً أخرى اسمها "رؤيا إبراهيم" Apokalypse Abrahams اكتشفت نحو سنة 100 بعد الميلاد، وتتكون من نحو 32 فصلاً. تهاجم الفصول (1 - 8) عبادةَ الأوثان والأصنام، وتذكر الفصول (9 - 32) رؤيا أو كشفاً مستقبلياً وقع لإبراهيم عليه السلام.

    إضافة لما تقدم ذكرَ البروفيسور Johann Maier أستاذ الدراسات اليهودية بكلية اللاهوت بجامعة كولونيا بألمانيا في موسوعته عن اليهودية نقلاً عما هو مسطور في تلك الصحف أن حاكم العالم في ذلك الوقت واسمه نمرود Nimrod أراد إحراق إبراهيم بإلقاءه في النار لكن تلك المحاولة فشلت [أخبرنا القرآن عما حدث بدقة وهو إلقاء إبراهيم في النار فعلاً لكن الله سبحانه جعلها برداً وسلاماً عليه].

    من خلال ما كتبه علماء الأديان في الغرب - ذكرت منهم عالمَيْنِ معتبَريْنِ - ندرك مدى قرب النتائج التي توصل إليها البحثُ العلمي من الحقائق التي ذكرها القرآن كصحف إبراهيم وإلقاءه في النار والكشف الكوني وغير ذلك من الأمور التي غفل عن ذكرها الكتاب المقدس وأشار إليها - مخلِّداً ذكراها - القرآن الكريم.

    (3) القرآن الكريم وتعاليم الصحف الأولى
    ولئن أغفل التاريخُ الكنسي الإشارة إلى صحف إبراهيم، وإذ لا تعترف الكنيسة بصحف إبراهيم - لأن اعتراف الكنيسة بها يسحب البساط من تحت أقدامها فتهوي - فإن القرآن الكريم لم يحرمنا من معرفة بعض تعاليم تلك الصحف، فسجل لنا منها ما يلي باللسان العربي المبين:

    (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى: أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى. ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الأَوْفَى. وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى. وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا. وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى. مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى. وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى. وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى. وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى. وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى. وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى. وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى. وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى. فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى) (النجم : 36 - 54)
    كَتَبَه:

    أبو إسحاق النَّظَّام

    _________


    (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (محمد : 19)


    (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) (الفتح : 29)
  • ساجد لله
    1- عضو جديد
    • 3 ديس, 2008
    • 37
    • طالب
    • مسلم

    #2
    سبحان الله،كيف يعترف النصارى بسيدنا إبراهيم-عليه السلام- ولايعترفون بكتبه؟ربنا يهديهم.
    جزاك الله كل خير أخي الفاضل.




    تعليق

    • أبو إسحاق النَّظَّام
      2- عضو مشارك
      • 26 فبر, 2009
      • 127
      • باحث في الرياضيات
      • مسلم

      #3
      أخي الكريم ساجد لله

      شكراً لك على المرور الكريم

      يقول الله سبحانه من خلال البلاغ المبين:

      (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة : 146)

      تحياتي

      والسلام
      كَتَبَه:

      أبو إسحاق النَّظَّام

      _________


      (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (محمد : 19)


      (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) (الفتح : 29)

      تعليق

      • أبو إسحاق النَّظَّام
        2- عضو مشارك
        • 26 فبر, 2009
        • 127
        • باحث في الرياضيات
        • مسلم

        #4
        أبو الأنبياء (الجزء الثاني: صحف إبراهيم)

        آزر .. والد إبراهيم أم أبوه؟

        من الأخطاء الكثيرة التي يقع فيها البعض عدم الإنتباه للفروق الدقيقة للسان القرآن، وقد ظهرت تلك الآفة بفعل تبني نظرية الترادف في لسان العرب. من هذا المنطلق زعم كثير من الناس أن والد إبراهيم عليهما السلام كان كافرا وذلك من خلال الخطأ في فقه قوله تعالى:

        (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (الأنعام : 74)

        أما العلماء المحققون الذين تصدوا لتلك النظرية الترادفية الفاسدة انتبهوا أن تلك الآية الكريمة تتحدث عن (أبي) ابراهيم وليس عن (والده) ودعوا لضرورة الإنتباه الدقيق بين لفظي الأب والوالد على النحو التالي: كل والد هو أب لكن ليس كل أب والد، وبالمثل كل والدة هي أم لكن ليست كل أم هي والدة.

        الوالد والأب
        الوالد هو الأب الطبيعي للمولود سواء قام بتربية مولوده أم لا، أما الأب فهو كل من قام بتربية مولود ما سواء كان ولده أم لا. نلاحظ في هذا السياق التشابه الكبير بين لفظ (أب) ولفظ (رب) حيث يشترك كل منهما في حرف الباء وهو من حروف الإطباق وكأن ذلك يوحي بنوع من التلاحم بين شيئين هما المربِّى والمربَّى. أما لفظ (رب) فيدل على الزيادة والنمو لذلك سميت الهضبة المرتفعة (ربوة) وسميت الزيادة على رأس المال (ربا) وسميت التنشئة (تربية) وهكذا. من هنا نفهم أن الأب هو كل من قام بالإنماء والرعاية والحضانة والتنشئة ولا يدل اللفظ بالضرورة على الوالدية، فالوالد أب بالضرورة، لكن الأب ليس والداً بالضرورة. إذا فهمنا ذلك جيدا حق لنا أن نفقه دعاء إبراهيم الخليل بعد أن صار شيخا لوالده بالغفران:

        (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء. رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء. رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) (إبراهيم : 39 - 41)

        في الآية الأولى (سورة الأنعام) يصف إبراهيم الشاب أباه بأنه في ضلال مبين، وفي الآية الثانية (سورة إبراهيم) يدعو إبراهيم الشيخ لوالديه، ومن هنا نعلم أن لفظ (الأب) لا يرادف بالضرورة لفظ (الوالد)، بل بينهما فارق كبير جدا لا ينتبه له كثير من الناس.

        أما عن تفسير تلك الآية فأقول:

        لقد كان (والد) إبراهيم مؤمنا وقد مات على الإيمان لذلك إستحق أن يدعو له إبراهيمُ الشيخ بالغفران وهو على مشارف الآخرة بعد أن وهب الله له إسماعيلَ واسحقَ. ويبدو أن والد إبراهيم قد توفي وإبراهيم مازال جنيناً أو رضيعاً أو صبياً أو غلاماً فتولى شخص آخر - ربما كان عمه أو خاله أو غير ذلك - اسمه آزر تربيته فصار أبا له، ذلك الأب لم يكن مؤمنا بل كان كافرا ومات على الكفر لذلك تبرأ إبراهيم منه لما تبين له أنه عدو لله:

        (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (التوبة : 114)

        نلاحظ هنا كذلك أن اللفظ المستخدم هو (أبيه) وليس (والده)، وطبيعي أن وعد إبراهيم لأبيه بالإستغفار له كان وإبراهيم في مقتبل العمر، وقد سجل القرآن تلك الموعدة:

        (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا. قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا. وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا) [مريم : 46 - 48]

        من هنا نرى أن تسلسل الأحداث كان كالتالي: مات والد إبراهيم على الإيمان وإبراهيم لا يزال صغيرا. تولى شخص يدعى آزر تربية إبراهيم فكان أباً له ولكنه لم يكن أباً طبيعيا أي لم يكن والداً له. ظل أبو إبراهيم على الكفر فدعاه إبراهيم للإيمان لكنه أبى فوعده إبراهيم بالاستغفار له واستغفر له فعلا. أنبأ الله إبراهيمَ أن أباه آزر عدوٌ لله فتبرأ ابراهيم من أبيه ذاك. وهب الله إبراهيم إسماعيل وإسحق. استغفر إبراهيم وهو على مشارف الآخرة لوالده ووالدته لعلمه أنهما ماتا على الإيمان سلام الله عليهما. من هنا نفقه الفارق اللساني الدقيق بين مفهوم (الأب) ومفهوم (الوالد).

        الوالدة والأم
        ما قيل في الفارق بين الوالد والأب يقال كذلك في الفارق بين الوالدة والأم: الوالد هو الأب الطبيعي للمولود سواء قام بتربية مولوده أم لا، أما الأب فهو كل من قام بتربية مولود ما سواء كان ولده أم لا.

        الوالدة هي الأم الطبيعية للمولود سواء قامت بتربية مولودها م لا، أما الأم فهي كل من قامت بتربية مولود ما سواء كان ولدها أم لا ولنأخذ لذلك مثالاً: مريم إبنة عمران عليها السلام. مريم الصديقة هي والدة المسيح كما نعلم:

        (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا. وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا. وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا. ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) (مريم : 30 - 34)

        هي والدته من حيث أنه خرج من رحمها أي تولد عنها. ولما كانت مريم نفسها هي من تولت تربيته وحضانته وصفت لذلك بأنها أيضا أمه:

        (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (المائدة : 75)

        هي والدته من حيث أنه خرج من رحمها، وهي كذلك أمه من حيث هي التي تولت حضانته ورعايته، فالقرآن الكريم يطلق لفظ (أم) ليس فقط على الوالدة ولكن كذلك على كل من / ما يحتضن شيئا أو يحتويه سواء كان حياً أم ميتاً:

        (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ. فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ. نَارٌ حَامِيَةٌ) (القارعة : 11)

        حيث وصف النار الحامية تلك بأنها (أم) لكونها تحتضن من خفت موازينه بين جنباتها أي الأم الجافية وقانا الله شرها آمين. أما قول الله تعالى:

        (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ الَّلائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (المجادلة : 2)

        فواضح من السياق أنها تتحدث عن الأم (الطبيعية) أي عن الوالدة وليس عن مطلق الأم سواء كانت الأم الوالدة أم الأم الحاضنة أم الأم المرضعة أم الأم الحانية أم غير ذلك.

        هذه الخاطرة تمثل إشارةً وجيزةَ العبارة ظاهرةَ الإشارة لضرورة الإنتباه للفروق اللسانية الدقيقة لمفاهيم القرآن الكريم.
        كَتَبَه:

        أبو إسحاق النَّظَّام

        _________


        (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (محمد : 19)


        (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) (الفتح : 29)

        تعليق

        • ummabdu
          2- عضو مشارك
          • 23 ديس, 2008
          • 171
          • .
          • muslim

          #5
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          أخي الكريم، زادك الله من العلم ونفع بنا وبك، اللهم آمين
          سلمت يمينك أخي على البحب القيم والاستنتاجات الشيقة، أسأل الله الكريم أن يعظم لك بها الأجر.

          لي ثلاثة أسئلة أخي:
          1- هل كلمة رحم العربية تقابلها "رهم" بالعبرية؟ وأرحام = راهام؟
          2- هل استنتاجك بأن آزر ليس والد سيدنا إبراهيم عليه السلام، شخصيا؟ وما المشكلة في أن يكون والد سيدنا إبراهيم عليه السلام كافرا؟ فقد كان ابن سيدنا نوح وامرأته كافريْن، وامرأة لوط أيضا كانت كافرة، ولم يضر النبيان الكريمان عليهما السلام كفر البعض من الأهل.
          3- كما تفضلت بالذكر أن الله تعالى أشار إلى مريم عليها السلام بأنها أم و والدة، فلم لا يكون الأمر كذلك مع إبراهيم عليه السلام أيضا؟

          جزاك الله خيرا على مجهودك الرائع وبارك لك في وقتك وأولادك.

          تعليق

          • القبطان المسلم
            مُشْرِف في أجازة

            • 18 ماي, 2008
            • 491
            • مسلم

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة أبو إسحاق النَّظَّام
            من الأخطاء الكثيرة التي يقع فيها البعض عدم الإنتباه للفروق الدقيقة للسان القرآن، وقد ظهرت تلك الآفة بفعل تبني نظرية الترادف في لسان العرب. من هذا المنطلق زعم كثير من الناس أن والد إبراهيم عليهما السلام كان كافرا وذلك من خلال الخطأ في فقه قوله تعالى:
            (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (الأنعام : 74)


            الأخ الكريم أبا إسحاق النظام ..
            ليس بالضرورة إذا تعدّدت الأقوال، أن يُقال هذا صواب وهذا خطأ بالجزم، وإلاّ فقد كان أبو بكر الصديق يقول قولته الشهيرة: ((أي أرض تقلّني وأي سماء تظلني إذا قلتُ في كتاب الله ما لا أعلم!)).

            وافتراض الفروق بين "والد" و "أب" هو افتراض متعسّف بخلاف الأصل، لأنه تحميل للألفاظ فوق ما تحتمل! لأن الأصل في كلمة "أب" هو حَملها على الوالد، ولا يجوز إخراجها عن دلالتها إلاّ بقرينة. فكيف نقلب الآية ويكون الاستثناء هو الأصل .. ويكون الأصل خطأ!

            مِن هنا لا أوافق - أخي الكريم - على قولك:

            المشاركة الأصلية بواسطة أبو إسحاق النَّظَّام
            أما العلماء المحققون الذين تصدوا لتلك النظرية الترادفية الفاسدة انتبهوا أن تلك الآية الكريمة تتحدث عن (أبي) ابراهيم وليس عن (والده)


            فأولاً: وصفتَ الترادف بأنه نظرية فاسدة، فأتيتَ بنظرية أشدّ وطأة!
            وثانياً: مَن هم هؤلاء العلماء المحققون؟
            وثالثاً: مَن الذي قال إن الآية لا تتحدث عن والد إبراهيم سلام الله عليه؟

            المشاركة الأصلية بواسطة أبو إسحاق النَّظَّام
            إذا فهمنا ذلك جيدا حق لنا أن نفقه دعاء إبراهيم الخليل بعد أن صار شيخا لوالده بالغفران:
            (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء. رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء. رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) (إبراهيم : 39 - 41)


            أخي الكريم .. القرآن يُفسّر بعضه بعضاً، وما يُجمَل في موضعٍ يُفصَّل في آخـَر. وسأوضّح لك موطن الزلل في تأويلك الذي جعلك تزعم - أكرمك الله - وجود شخصيتين في قصة إبراهيم:
            (1) والده: مات مؤمناً وإبراهيم صغير.
            (2) أبوه: وهو بطل القصة القرآنية، ومات كافراً.

            أولاً: على نظريتك يلزمك الإقرار بالآتي:
            - أن يعقوب ليس والد يوسف، لأن نفس الصيغة التي وردت في قصة إبراهيم هي نفسها التي جاءت في قصة يوسف، كقوله تعالى (إذ قال يوسف لأبيه) ولم يقل "لوالده"! وقوله (يا أبتِ) ولم يقل "يا والدي"! ثم (إن له أباً شيخاً كبيراً) ولم يقل "والداً"! وقوله (سنراود عنه أباه) ولم يقل "والده"!
            - أن يعقوب ليس أيضاً والد إخوة يوسف لقوله تعالى (قالوا يا أبانا) و (من حيث أمرهم أبوهم)!
            - أن شيخ مدين ليس والد المرأتين لقوله (وأبونا شيخ كبير) ولم يقل "والدنا"! وقوله (إن أبي يدعوك) ولم يقل "والدي"!
            - أن أبا الغلامين اليتيمين في قصة الخضر ليس والدهما لقوله (وكان أبوهما صالحاً) ولم يقل "والدهما"!

            ثانياً: متى بدأ استغفار إبراهيم لأبيه؟
            يقول تعالى (.. واهجرني ملياً. قال سلامٌ عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً. وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألاّ أكون بدعاء ربي شقياً. فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلاً جعلنا نبياً) سورة مريم.

            فاتضح أنه عليه السلام بدأ يستغفر لأبيه قبل أن يعتزل قومه ويهاجر إلى الشام.

            ثالثاً: متى توقف إبراهيم عن الاستغفار لأبيه؟
            يقول تعالى (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدة وعدها إياه فلما تبيّن له أنه عدوٌّ لله تبرأ منه) سورة التوبة.

            أي أن إبراهيم ظلّ ملتزماً بوعده لأبيه بأن يستغفر له، حتى كان أنْ تبيّن إبراهيمُ أن مصيره جهنّم لموته كافراً بالله، فتبرّأ منه. ومعنى ذلك أن إبراهيم ظلّ زمناً طويلاً يستغفر لأبيه طمعاً في رحمة الله. وهذا يعني أنه لم يتبرأ من أبيه وهو فتىً قبل هجرته، بل ظل يستغفر له حتى بعد نزول الرسالة عليه وبعد أن وهبه الله إسماعيل وإسحاق.

            يقول تعالى (رب هب لي حُكماً وألحقني بالصالحين. واجعل لي لسان صدق في الآخرين. واجعلني من ورثة جنة النعيم. واغفر لأبي إنه كان من الضالين. ولا تخزني يوم يبعثون. يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلا مَن أتى الله بقلب سليم) سورة الشعراء.

            والسؤال: متى دعا إبراهيم بهذا الدعاء؟
            والجواب: بعد اعتزاله لقوله وهجرته إلى الشام. ودليله قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبَنيَّ أن نعبد الأصنام - لقوله - ربنا إني أسكنتُ من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرّم ربنا لقيموا الصلاة - لقوله - الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء. ربّ اجعلني مقيم الصلاة ومِن ذريتي ربنا وتقبل دعاء. ربنا اغفر لي ولوالدَيَّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) سورة إبراهيم.

            أما دعاؤه في الشعراء (يوم يبعثون) فيقابله في إبراهيم (يوم يقوم الحساب)، وأما دعاؤه في الشعراء (واغفر لأبي) فيقابله في إبراهيم (اغفر لي ولوالدَيَّ).

            وأما قوله (واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين)، فيقابل قوله في البقرة (وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا بلداً آمناً - لقوله - وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم. ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم).

            فاتضح أن (الآخرين) الذين أشار إليهم في الشعراء هم (الأمة المسلمة) التي أشار إليها في البقرة، ولم يخبر عنها إبراهيم إلا عند رفع القواعد من البيت.

            من هنا تجد أن استغفار إبراهيم لأبيه امتدّ معه حتى بعد ولادة إسماعيل وإسحاق ورفع القواعد من البيت عندما كان إبراهيم في سن الكِبَر الذي أشار إليه القرآن. أي أنه طوال هذه الفترة لم ينهَ الله إبراهيم عن استغفاره لأبيه. فاتضح أن قوله تعالى (فلما تبيّن له أنه عدو لله تبرأ منه) كان بعد دعاء إبراهيم هذا الذي قاله عند رفع القواعد من البيت، وامتنع الخليل بعدها عن الاستغفار لأبيه.

            فكيف بربّك أخي العزيز نترك ربط الآيات القرآنية بعضها ببعض، ونمشي وراء الخيالات والاحتمال التي تفضلتَ بها في قولك:

            المشاركة الأصلية بواسطة أبو إسحاق النَّظَّام
            ويبدو أن والد إبراهيم قد توفي وإبراهيم مازال جنيناً أو رضيعاً أو صبياً أو غلاماً فتولى شخص آخر - ربما كان عمه أو خاله أو غير ذلك - اسمه آزر تربيته فصار أبا له


            فهذا رجم بالغيب واتباع للظن ناهيك عن أن فيه عُدولاً عن القرآن فيما لا دليل نقليّ عليه!

            وأريد أن أسجّل هنا بكل صراحة أخي العزيز - والاختلاف في الرأي لا يفسد للودّ قضية أكرمني الله وإياك - تحفظي على منهج اللسانيات في التعامل مع النصّ القرآني، لأنه قائم على افتراضات ونظريات فيها الكثير من الخروج عن أعراف اللغة وعلم الدلالة، لا سيما اختلاف تاريخية النص ومرجعية التأثيل اللغوي.

            بارك الله فيك ونفعنا وإياك بما علّمنا .. ولا أخفي إعجابي بثرائك اللغوي رغم الملاحظات التي أبديها، بل ينبغي أن ننزل الناس منازلهم، وأنت رفيع المكانة حفظك الله.

            ولك خالص التقدير

            تعليق

            • أبو إسحاق النَّظَّام
              2- عضو مشارك
              • 26 فبر, 2009
              • 127
              • باحث في الرياضيات
              • مسلم

              #7
              الأخت الكريمة أم عبده

              الأخ الكريم القبطان المسلم

              سلام الله عليكما ورحمة الله وبركاته

              تحية عاطرة، ثم أما بعد:

              خالص شكري وثنائي على المرور الكريم والنقاط الهامة التي تفضلتما بإثارتها في تعليقكما، والتي سأعود إليها بالتفصيل تدريجياً حتى مساء يوم الأحد القادم إن شاء الله تعالى إن كان في العمر بقية

              فحتى ذلك الحين أتركما وسائر الإخوة والأخوات في حفظ الله وأمنه

              والسلام
              كَتَبَه:

              أبو إسحاق النَّظَّام

              _________


              (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (محمد : 19)


              (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) (الفتح : 29)

              تعليق

              • احمد الصياد
                2- عضو مشارك
                • 18 سبت, 2007
                • 239
                • محاسب
                • مسلم - سنى

                #8
                ما شاء الله
                الواحد كل يوم يستفيد منك والله
                بارك الله فيك اخى أبو إسحاق النَّظَّام
                وبارك فيك اخينا القبطان المسلم

                تعليق

                • أبو إسحاق النَّظَّام
                  2- عضو مشارك
                  • 26 فبر, 2009
                  • 127
                  • باحث في الرياضيات
                  • مسلم

                  #9
                  الأخت الكريمة أم عبده

                  هل كلمة رحم العربية تقابلها "رهم" بالعبرية؟ وأرحام = راهام؟

                  جذر "رحم" العربي يقابله تماماً بنفس الحروف جذر رحم רחם العبري، وكلمة رِحِم רֶחֶם العبراية تدل على البطن "أي بتعبير أدق: الرحم البيولوجي للمرأة". أما جذر "رهم" العربي فمعناه - كما يقول ابن منظور في لسان العرب - "المطر الضعيف الدائم الصغير القَطْر"، ويقال: "أَرْهَمَتِ السماء إرْهاماً: أَمطرت". أما لفظ "راهام" רָהָם العبري (برجاء ملاحظة التقارب الشديد بين حرف الحاء ח وحرف الهاء ה في العبرية) فمعناه - كما يقول عالم الساميات الألماني البروفيسور جيزينيوس Gesenius - مجموعة من الناس / جمع / مجاميع / ... الخ، وهو قريب من المعنى العربي إذ المشترك بينهما هو وجود "كمية" ما من قطرات المطر كما في العربية، أو من الناس كما في العبرية. وعليه فإن الترجمة الصحيحة للفظ "أف - راهام" هي أبو الناس أو أبو الأمم أو أبو الجمع الغفير وهكذا، ولما كان أباً لجمعٍ غفير جاز أن يسمى أباً للأرحام باعتبار أن ذلك الجمع خرج في الأصل من بذرة ذكرية واحدة، وإن لم يخرج من رحم أنثوي واحد، والله أعلم.

                  هل استنتاجك بأن آزر ليس والد سيدنا إبراهيم عليه السلام، شخصيا؟

                  نعم هي رؤية ذاتية قابلة للصواب وقابلة للخطأ كغيرها من الرؤى الفكرية لأي إنسان لا يوحى إليه.

                  وما المشكلة في أن يكون والد سيدنا إبراهيم عليه السلام كافرا؟

                  المشكلة وجود تعارض مع ظاهر لسان القرآن الذي نص على أن آزر هو أبو إبراهيم (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ ...) (الأنعام : 74) وليس والده، إذ قال "لأبيه" ولم يقل "لوالده"، هذا من ناحية، وعلى أن إبراهيم قد استغفر في شيخوخته لوالديه (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) (إبراهيم : 39 - 41)، فقال "لوالدي" ولم يقل "لأبوي". ولما كان القرآن محكماً في حروفه وألفاظه علمنا أن هناك فارقاً بين "الوالد" و"الأب" على النحو الذي أوضحته أعلاه بتوفيق الله.

                  فقد كان ابن سيدنا نوح وامرأته كافريْن ...

                  نعم نص القرآن على أن إبن نوح - وليس ولده - مات على الكفر (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ...) (هود : 45)، فسماه نوحٌ إبناً ولم يقل إنه ولده، والظاهر أنه كان - ذلك الإبن الكافر - ابن زنى وكان نوحٌ يظن أنه ابنه الطبيعي أي ولده، بدليل قوله تعالى من بعد ذلك مباشرة (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ...) (هود : 46)، وهذا يتفق مع لفظ "الخيانة" في قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ...) (التحريم : 10)، حيث يدل لفظ الخيانة هنا - والله أعلم - على فاحشة السفاح، وهذا لا يضير نوحاً عليه السلام، لأن المسافِح هنا هو امرأته الكافرة وليس هو، وإن كان المفسرون يرون أن الخيانة هنا خيانة عقيدة، ظناً منهم أن سفاح امرأته يتعارض مع عصمته كنبي، وهذا ليس صحيحاً، والله أعلم، لأن نوحاً النبي المعصوم لم يخن، وإنما الذي خان هي أمرأته وكانت مكلفة كغيرها فاستحبت الضلال على الهداية، أما ما يتعارض مع عصمة النبي فعلاً هي مقالة العهد القديم التي افترت على نوح أنه زنا بابنتيه، أو بصورة أدق زنت ابنتاه به، بينما يبرئ العهد القديم امرأة نوح من الكفر، فما أكفر مدونو تلك الإفتراءات.

                  كما تفضلت بالذكر أن الله تعالى أشار إلى مريم عليها السلام بأنها أم و والدة، فلم لا يكون الأمر كذلك مع إبراهيم عليه السلام أيضا؟

                  للأسباب التي شرحتها فيما تقدم

                  والله أعلم

                  تحياتي الأخوية

                  تحية خاصة للأخ الفاضل أحمد الصياد على كريم مروره، أما تعليقه فلا أستحقه، وله مع ذلك الشكر على حسن ظنه، ثم لله سبحانه الفضل والحمد على عظيم مننه.

                  وإلى اللقاء يوم الأحد مساءاً إن شاء الله مع جوابي على أسئلة أستاذي وأخي المفضال جناب القبطان المسلم


                  والسلام
                  كَتَبَه:

                  أبو إسحاق النَّظَّام

                  _________


                  (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (محمد : 19)


                  (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) (الفتح : 29)

                  تعليق

                  • ummabdu
                    2- عضو مشارك
                    • 23 ديس, 2008
                    • 171
                    • .
                    • muslim

                    #10
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                    جزاك الله خيرا وبارك فيك وفي وقتك وأهلك، أسأل الله أن يزيدك وإيانا من العلم وينفع بك..


                    1- فهمت ما قصدت بالخيانة بالنسبة لامرأة نوح، فهل الأمر كذلك بالنسبة لامرأة لوط؟ أي من خلال هذ الشرح هل نفهم أيضا أن امرأة لوط خانته في الفراش؟ وما قولك أخي فيما قاله عبد الله بن عباس "والله ما بغت امرأة نبي قط".

                    2- لم أفهم إجابة سؤال : "الله تعالى أشار إلى مريم عليها السلام بأنها أم و والدة، فلم لا يكون الأمر كذلك مع إبراهيم عليه السلام أيضا؟ أبيه ووالده."

                    3- لو أن كل والد هو أب وليس كل أب والد .. وكل ولد هو ابن وليس كل ابن ولد .. فلماذا نرى الاستثناء في حالة سيدنا إبراهيم وحده .. هل جاء مثل هذا الاستثناء في حالات أخرى؟

                    جزاك الله خيرا وزادك من العلم وعظم لك الأجر.

                    تعليق

                    • ابو عمر المصرى
                      اللجنة العلمية
                      مشرف شرف المنتدى

                      • 1 أبر, 2007
                      • 826
                      • مسلم

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة أبو إسحاق النَّظَّام
                      ..

                      نعم نص القرآن على أن إبن نوح - وليس ولده - مات على الكفر (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ...) (هود : 45)، فسماه نوحٌ إبناً ولم يقل إنه ولده، والظاهر أنه كان - ذلك الإبن الكافر - ابن زنى وكان نوحٌ يظن أنه ابنه الطبيعي أي ولده، بدليل قوله تعالى من بعد ذلك مباشرة (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ...) (هود : 46)، وهذا يتفق مع لفظ "الخيانة" في قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ...) (التحريم : 10)، حيث يدل لفظ الخيانة هنا - والله أعلم - على فاحشة السفاح، وهذا لا يضير نوحاً عليه السلام، لأن المسافِح هنا هو امرأته الكافرة وليس هو، وإن كان المفسرون يرون أن الخيانة هنا خيانة عقيدة، ظناً منهم أن سفاح امرأته يتعارض مع عصمته كنبي، وهذا ليس صحيحاً، والله أعلم، لأن نوحاً النبي المعصوم لم يخن، وإنما الذي خان هي أمرأته وكانت مكلفة كغيرها فاستحبت الضلال على الهداية، أما ما يتعارض مع عصمة النبي فعلاً هي مقالة العهد القديم التي افترت على نوح أنه زنا بابنتيه، أو بصورة أدق زنت ابنتاه به، بينما يبرئ العهد القديم امرأة نوح من الكفر، فما أكفر مدونو تلك الإفتراءات.

                      الزميل ابو اسحاق النظام سَمي ابراهيم بن سيار ( او لعلك تفضل ان اقول ابراهيم ولد سيار للتأكيد على انه ابن حلال )

                      تقول ان نوحاً هو من سماه ابنه ( رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ), و تناسيت ان الله عز و جل قبلها بآيات هو من سماه بابنه ( َنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ) فأثبت له البنوة

                      ألست تؤمن ان هذه الآية هي كلام الله حكايةً عما حدث؟!


                      اتراني اترك قول ربنا عز و جل (و نادى نوحٌ ابنه) و أخذ بقولك : لم يكن ابنه بل كان ابن زنا
                      [frame="2 90"]



                      [/frame]

                      تعليق

                      • عُمير المصري
                        1- عضو جديد

                        • 12 مار, 2009
                        • 36
                        • القانون
                        • مُسلم

                        #12
                        لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..
                        قال تعالى :

                        (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ

                        أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ) النمل 64

                        تعليق

                        • أبو إسحاق النَّظَّام
                          2- عضو مشارك
                          • 26 فبر, 2009
                          • 127
                          • باحث في الرياضيات
                          • مسلم

                          #13
                          أخي العزيز القبطان المسلم

                          سلام الله عليك ورحمته وبركاته

                          تحية طيبة وعذراً على التأخر في الرد على جنابك

                          ثم أما بعد:

                          ليس بالضرورة إذا تعدّدت الأقوال، أن يُقال هذا صواب وهذا خطأ بالجزم ...


                          معك الحق وسأراعي ملاحظتك تلك القيمة إن شاء الله، فلك الشكر

                          ... افتراض الفروق بين "والد" و "أب" هو افتراض متعسّف بخلاف الأصل، لأنه تحميل للألفاظ فوق ما تحتمل! لأن الأصل في كلمة "أب" هو حَملها على الوالد، ولا يجوز إخراجها عن دلالتها إلاّ بقرينة. فكيف نقلب الآية ويكون الاستثناء هو الأصل .. ويكون الأصل خطأ!


                          هنا اسمح لي أن اختلف مع جنابك في تحديد ما هو "الأصل" القائم بنفسه وما هو "الفرع" الذي يحتاج إلى قرينة، حيث أن حضرتك قد افترضت ترادف "الوالد" و"الأب" وجعلته أصلاً باعتبار العادة الجارية، ولكن متى كانت العادة الجارية هي معيار الحكم على الأشياء؟ إن معيار الحكم الصحيح على الأشياء هو الإستدلال العقلي أي الوصول لنتائج معينة من خلال تفاعل العقل مع مقدمات ومعطيات موجودة. من هذا المنطلق أقول: يدل لسان القرآن من خلال البيان الوظيفي للمفاهيم المختلفة أن "الوالد" و"الأب" لفظان مختلفان يعبران عن وظيفتين مختلفتين: أما الوالد فهو من أولدَ، وأما الأب فهو من ربَّى، سواء كان والداً أم غير والد. صحيحٌ أن العادة الطبيعية قد جرت على أن يتولى الوالدُ نفسُه تربية ولده، لكن قد يحدث ويموت الوالد فيتولى العم مثلاً تربية ولد أخيه، فيصيرُ العمُ أباً لولد أخيه، لكنه لا يصير والداً له. إن تتبع لسان القرآن المبين يدل على أن ألفاظ القرآن ليست كلمات تحمل دلالات جرت حسب عادات الناس وأعرافهم، لكنها مفاهيم لها دلالات لسانية ووظيفية متميزة.

                          وصفتَ الترادف بأنه نظرية فاسدة، فأتيتَ بنظرية أشدّ وطأة!


                          سأستصحبُ الآن ملاحظتك الكريمة أعلاه وأصوغ عبارتي بشكل آخر يخلو من الجزم، فأقول إن نظرية الترادف هي نظرية غير مقبولة عندي، ولجنابك الحق في عدم قبول نظرية اللاترادف، بشرط أن تقف على أدلتها وتقارن تلك الأدلة مع أدلة النظرية الأخرى.

                          مَن هم هؤلاء العلماء المحققون؟


                          الأسماء لا تعنينا أخي المفضال، فالحق لا يعرف بالرجال، ولكن بالإستدلال، واستدلال اللاترادفيين أقوى - فيما أرى وقد أكون مخطئاً - من استدلال الترادفيين، ومع ذلك فإليك بعض الأسماء لأعلام القائلين باللا ترادف: العالم اللغوي ابن فارس، والعالم اللغوي أبو هلال العسكري، والعالم اللغوي أبو علي الفارسي، والعالم الأصولي محمد بن إدريس الشافعي، والعالم الأصولي تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية، رحمهم الله، وإن كان ابن تيمية يقصر اللاترادف على لسان القرآن خصوصاً وليس على عموم اللسان العربي كما يعلم المتتبع لكتبه وآثاره.

                          مَن الذي قال إن الآية لا تتحدث عن والد إبراهيم سلام الله عليه؟


                          تتحدث الآية عن شخص كافر اسمه "آزر" ووصفته بأنه "أبو" إبراهيم ولم تقل أبداً إنه "والدُ" إبراهيم، بل لم تطلق الآية لفظ الأب، منعاً للبس في عقول البعض، بل قيدته، فقالت "لأبيه آزر" ولم تقل "لأبيه"، ولفظ "آزر" في هذا السياق - فيما أظن والعلم عند الله - ليس بدلاً من "أبيه" ولكنه تمييز، وفارق كبير بين البدل والتمييز كما تعلم أخي الأكرم.

                          أولاً: على نظريتك يلزمك الإقرار بالآتي: أن يعقوب ليس والد يوسف، لأن نفس الصيغة التي وردت في قصة إبراهيم هي نفسها التي جاءت في قصة يوسف، كقوله تعالى (إذ قال يوسف لأبيه) ولم يقل "لوالده"! ...


                          هناك بيان وظيفي في مفاهيم القرآن كما مر، لكن ذلك البيان الوظيفي لا يعني بطبيعة الحال أن الوالد والأب بالضرورة مختلفان، كلا، بل الأمر الإعتيادي، ولا أخالفك في ذلك، أن يتبادر إلى أذهاننا أن الوالد هو الأب، والأب هو الوالد، ما لم توجد قرينة بغير ذلك، كما تفضلت (مع ملاحظة أننا نحتاج القرينة لبيان الفارق الإعتيادي فقط، وإلا فالفارق الوظيفي قائم بنفسه لا يحتاج إلى قرينة)، وهذه القرينة غير متوفرة في مثال يعقوب ويوسف عليه السلام، والأمثلة الأخرى، أما في مثال إبراهيم عليه السلام فهناك قرينة عقلية تضطرنا للخروج عما هو معتاد والإنتباه للفارق الوظيفي، وذلك أن إبراهيم أعلن في شبابه البراءة من المشركين (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ) (الأنعام : 78)، وفي براءته من المشركين براءه من أبيه آزر المشرك بالضرورة، لكنا نرى إبراهيم في شيخوخته يستغفر لوالديه (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء. رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء. رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) (إبراهيم : 39 - 41)، ولا يستقيم في العقل أن يتبرأ إبراهيم الشاب من شخص مشرك ثم يدعو إبراهيم الشيخ لذلك المشرك بعد أن تبرأ من المشركين قبل عشرات أو مئات السنين. لهذه القرينة العقلية أرى إختلافاً كبيراً بين مثالي إبراهيم وحفيده يعقوب سلام الله عليهما.

                          ثالثاً: متى توقف إبراهيم عن الاستغفار لأبيه؟ يقول تعالى (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدة وعدها إياه فلما تبيّن له أنه عدوٌّ لله تبرأ منه) سورة التوبة. أي أن إبراهيم ظلّ ملتزماً بوعده لأبيه بأن يستغفر له، حتى كان أنْ تبيّن إبراهيمُ أن مصيره جهنّم لموته كافراً بالله، فتبرّأ منه. ومعنى ذلك أن إبراهيم ظلّ زمناً طويلاً يستغفر لأبيه طمعاً في رحمة الله. وهذا يعني أنه لم يتبرأ من أبيه وهو فتىً قبل هجرته، بل ظل يستغفر له حتى بعد نزول الرسالة عليه وبعد أن وهبه الله إسماعيل وإسحاق.


                          لم تنتبه أخي المفضال لحرف الفاء في قوله تعالى "فلما" في السياق الذي استشهدتَ به:

                          (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (التوبة : 114)

                          حيث يدل حرف الفاء على الترتيب والتعقيب، بعكس حرف "ثم" الدال على الترتيب والتراخي، ومن هنا يتبين أن فترة الإستغفار كانت قصيرة جداً، والظاهر أنها بدأت وانتهت خلال ساعات أو سويعات قبيل اعتزاله، والله أعلم.

                          أما نظرتك لتوقيت الدعاء (واغفر لأبي إنه كان من الضالين. ولا تخزني يوم يبعثون. يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلا مَن أتى الله بقلب سليم) والحكم عليه بأنه بعد اعتزاله لقومه وهجرته إلى الشام، واستدلالك بقوله تعالى (وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبَنيَّ أن نعبد الأصنام - لقوله - ربنا إني أسكنتُ من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرّم ربنا لقيموا الصلاة - لقوله - الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء. ربّ اجعلني مقيم الصلاة ومِن ذريتي ربنا وتقبل دعاء. ربنا اغفر لي ولوالدَيَّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) سورة إبراهيم، والربط بين ألفاظ ذلك السياق وألفاظ سياقات أخرى، فمجهود تشكر عليه، ومحاولة رائعة بلا شك، لكن حرفَ الفاء التعقيبي قد أغنانا عن كل ما ذكرتَ والله أعلم.

                          خلاصة ما حدث كما أتصوره من خلال فهمي للخطاب القرآني:

                          - مات والد إبراهيم وهو طفل صغير فقام عمه آزر بتربية ولد أخيه إبراهيم وصار له أباً بحكم تربيته.

                          - كفر أبو إبراهيم آزر بالله فوعده إبراهيم بأنه سيستغفر له ربه

                          - عقب ذلك الوعد تبين لإبراهيم أن آزر عدوٌ لله فتبرأ منه وعاداه في الله

                          - مرت حياة إبراهيم الطويلة الحافلة بتوحيد الله وعبادته وأشرف على لقاء ربه

                          - لم ينسَ إبراهيم في تلك اللحظات وهو على مشارف الآخرة أن يحمد الله الذي وهب له على الكبر إسماعيل وإسحاق، وأن يستغفر لنفسه ولوالده الطبيعي الذي مات مؤمناً، ولوالدته الطبيعية التي ماتت مؤمنة

                          فنعلم أن إبراهيم ووالديه وولديه ماتوا جميعاً على الإيمان، وأن أباه آزر الذي تولى تربيته ورعايته مات على الكفر، والله أعلم.

                          أكتفي بهذا القدر وفي انتظار تعليق جنابك شاكراً لك صبرك معي وحسن أدبك وخلقك، أكرمك الله، فأنت مثل رائع للمسلم صاحب العلم النافع والخلق الشافع، فأكثر الله من أمثالك ... آمين

                          والسلام
                          كَتَبَه:

                          أبو إسحاق النَّظَّام

                          _________


                          (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (محمد : 19)


                          (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) (الفتح : 29)

                          تعليق

                          • أبو إسحاق النَّظَّام
                            2- عضو مشارك
                            • 26 فبر, 2009
                            • 127
                            • باحث في الرياضيات
                            • مسلم

                            #14
                            الأخ الكريم أبا عمر المصري ... "مشرِف المنتدياتِ الإسْلامي"

                            أُحيِّيك بتحية الإسلام، وتحية الإسلام السلام، فالسلام عليك ورحمة الله وبركاته

                            في أول نقاش لي مع جنابك اسمح لي أن أشكرك وإخوانك وأخواتك على المجهود الرائع الذي تقومون به في الدعوة إلى الله سبحانه، أسأل الله العلي القدير أن يجعلها في ميزان حسناتكم ... آمين

                            ثم أما بعد:

                            تقول ان نوحاً هو من سماه ابنه ( رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ) و تناسيت ان الله عز و جل قبلها بآيات هو من سماه بابنه

                            لم أتناسى أخي الأكرم ولم أنسَ، وبافتراض أنني لم أذكر ذلك حيثُ كنت أركز على نقطة محددة دون ما عداها، فلا يسعني إلا أن أشكرك على التنبيه والتذكير، فلك خالص الشكر

                            الله عز و جل قبلها بآيات هو من سماه بابنه ( نَادَى نُوحٌ ابْنَهُ) فأثبت له البنوة ألست تؤمن ان هذه الآية هي كلام الله حكايةً عما حدث؟!


                            بلى أؤمن أن الله سبحانه قد قال "نَادَى نُوحٌ ابْنَهُ"، وأؤمن أن الله سبحانه قد قال على حكاية عن نوح عليه السلام "رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي". إن السؤال الصحيح ليس ما إن كنت أؤمن بذلك أم لا، فما كان لمسلم ألا يؤمن بكلام الله، وإنما السؤال هو:

                            هل حكى الله عن ذلك الشخص الكافر أنه ولدُ نوح عليه السلام أم إبنه؟

                            اتراني اترك قول ربنا عز و جل (و نادى نوحٌ ابنه) و أخذ بقولك : لم يكن ابنه بل كان ابن زنا


                            أطلب منك أخي الكريم أن تأتيني بالدليل من كلامي على صحة ما نسبتَه إليَّ بقولك:

                            " و أخذ بقولك : لم يكن ابنه".

                            إن لم تجد دليلاً يؤيد كلامك فاعلم أنني ما قلت ذلك، وكيف أقول ما يخالف القرآن؟ إن ما قلتُه، وأرجو من جنابك الإنتباه، معناه إن ذلك الشخص لم يكن ولدَ نوح - والله أعلم - لكنه كان ابنه، وكيف لا يكون ابنه ونوح قد ربَّاه ظانَّاً أو شاكَّاً - الله أعلم - أنه ولده؟

                            هذا هو لب القضية أن الإبن لا يرادف الولد، والأب لا يرادف الوالد، وعليه فإني لا أطلبُ منك أن تترك قول ربنا، والعياذ بالله، بل أطلبُ منك فقط أن تفهم قولي ولا تقوِّلني ما لم أقله وأكن لك من الشاكرين

                            أكتفي بهذا التوضيح

                            والله ولي التوفيق

                            والسلام
                            كَتَبَه:

                            أبو إسحاق النَّظَّام

                            _________


                            (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (محمد : 19)


                            (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) (الفتح : 29)

                            تعليق

                            • ابو عمر المصرى
                              اللجنة العلمية
                              مشرف شرف المنتدى

                              • 1 أبر, 2007
                              • 826
                              • مسلم

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة أبو إسحاق النَّظَّام
                              لم تنتبه أخي المفضال لحرف الفاء في قوله تعالى "فلما" في السياق الذي استشهدتَ به:

                              (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (التوبة : 114)

                              حيث يدل حرف الفاء على الترتيب والتعقيب، بعكس حرف "ثم" الدال على الترتيب والتراخي، ومن هنا يتبين أن فترة الإستغفار كانت قصيرة جداً، والظاهر أنها بدأت وانتهت خلال ساعات أو سويعات قبيل اعتزاله، والله أعلم.

                              (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ)

                              ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ . فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ)

                              على كلامك فإن موسى قضى الأجل بعد سويعات, و ان الشيطان و الكافر دخلا النار بعد كفرهما بساعات ............ يا أبا اسحاق
                              [frame="2 90"]



                              [/frame]

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                              ردود 0
                              12 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                              ردود 0
                              11 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
                              ردود 0
                              10 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 29 نوف, 2024, 01:40 ص
                              ردود 11
                              41 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة الفقير لله 3
                              بواسطة الفقير لله 3
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 نوف, 2024, 04:09 م
                              رد 1
                              32 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                              يعمل...