السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الذي أرسله الله إلينا بدين الحق ولم يُضَيع لأي مخلوق أي حق
يتشدق أعداء الإسلام في كل وقت وحين بادعاءات كاذبة نبعت من أدمغة خربة
لا تفقه شيئاً ولا يجد الإيمان القويم ولا السلوك السوي أي طريق إلى قلوبهم أو عقولهم
بجمل عقيمة تدعي أن الإسلام يأمر بقتالهم في كل وقت وفي كل حين
وأن الإسلام يأمر بالقعود لهم كل مرصد فينادي بإبادتهم وإزالة شقفتهم
بغض النظر عن تفاهة عقولهم وتفسيراتهم لآيات الله بالكذب والتدليس المعتاد
فلو كان هذا صحيحاً ما رأينا مسيحياً واحداً على البسيطة
وأقربها عندما دخل الإسلام مصر وبيت المقدس وبلاد الشام
لو كان هذا صحيحاً ما كان لك وجود أيها القارئ النصراني ولا لكنيستك
ولكي نوضح الصورة ونوضح لليهود والنصارى كيف ينظر إليهم الإسلام
علينا أن نعرف ما هي حقوقهم في الإسلام؟
هل لهم حقوق؟
نعم لأهل الذمة حقوق في الإسلام عليك أيها القارئ المنصف أن تقرأها بإنصاف وحيادية
وبعدها عليك أن تجيب
أين هي حقوقنا عليكم وكيف حققتموها لنا ومن وضعها لكم ومن حددها؟
أين هي حقوقنا عليكم وكيف حققتموها لنا ومن وضعها لكم ومن حددها؟
حدد الإسلام حقوق أهل الذمة وذكرها الدكتور القرضاوي في عدة نقاط رائعة وذكر عليها العديد من الأمثلة التي تم تنفيذها على أرض الواقع
حق الحماية
( أ ) الحماية من الاعتداء الخارجي
(ب) الحماية من الظلم الداخلي
حماية الدماء والأبدان
حماية الأموال
حماية الأعراض
التأمين عند العجز والشيخوخة والفقر
حماية الدماء والأبدان
حماية الأموال
حماية الأعراض
التأمين عند العجز والشيخوخة والفقر
حرية التدين
حرية العمل والكسب
تولي وظائف الدولة
وصايا نبوية بأقباط مصر خاصة
ضمانات الوفاء بهذه الحقوق
ضمان العقيدة
ضمان المجتمع المسلم
تولي وظائف الدولة
وصايا نبوية بأقباط مصر خاصة
ضمانات الوفاء بهذه الحقوق
ضمان العقيدة
ضمان المجتمع المسلم
نتناول هذه النقاط بالتفصيل وبالأمثلة
ولكن قبل تناولها علينا أن نلقي نظرة على أوضاع المسلمين في بلاد أهل الذمة من اليهود والنصارى
فما هو حال المسلم بين اليهود وحاله بين النصارى؟
حال المسلم بين اليهود لا يخفى عليكم وأقربها همجية اليهود على المسلمين في غزة
هذه نبذة بسيطة مصورة عن الواقع ولا تحتاج تعليق
هذا عن حقوق المسلمين بين اليهود
فما حقوقهم بين النصارى؟
لنلقي نظرة أخرى مصورة على حال المسلمين في بلاد النصارى
مثلاً في البوسنة
مقابر جماعية تحوي أجساد شهداء المسلمين بالبوسنة
مذابح سربيرنيتشا
وما حال المسلمين في الفلبين وكشمير والشيشان؟
المقابر الجماعية في البوسنة (للقراءة)من موقع البي بي سي
أهنئكم يا أتباع الكتاب المدعو مقدس012:
فقد نفذتم كل ما جاء فيه بالحرف015:
فعلاً لقد كُتِبتم من المؤمنين حقاً بيسوع 015:015:
فعلاً قتلتم للهلاك
فعلاً لم ترحموا رجلاً ولا طفلاً رضيعاً ولا رجلاً ولا شيخاً ولا امرأة
فعلاً حطمتم رؤوس الأطفال وشققتم بطون الحوامل
هنيئاً لكم ملكوت يسوعكم
ولكن ما هي حقوقكم علينا التي أمرنا بها ديننا يا من تدعون محبة أعدائكم؟
نعود سوياً مرة أخرى إلى حقوق أهل الذمة من اليهود والنصارى على المسلم
ولنرى الحكم في النهاية لأصحاب العقول والقلوب الصادقة
أيهما حفظ حق الآخر المسلم أم الذمي؟
أيهما احترم بشرية وإنسانية الآخر المسلم أم الذمي؟
أيهما يحسن للآخر المسلم أم الذمي؟
حق الحماية
فأول هذه الحقوق هو حق تمتعهم بحماية الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي .
وهذه الحماية تشمل حمايتهم من كل عدوان خارجي، ومن كل ظلم داخلي، حتى ينعموا بالأمان والاستقرار.
( أ ) الحماية من الاعتداء الخارجي
أما الحماية من الاعتداء الخارجي، فيجب لهم ما يجب للمسلمين،
وعلى الإمام أو ولي الأمر في المسلمين، بما له من سُلطة شرعية،
وما لديه من قوة عسكرية، أن يوفر لهم هذه الحماية،
وعلى الإمام أو ولي الأمر في المسلمين، بما له من سُلطة شرعية،
وما لديه من قوة عسكرية، أن يوفر لهم هذه الحماية،
قال في "مطالب أولي النهى" ـ من كتب الحنابلة ـ : "يجب على الإمام حفظ أهل الذمة ومنع مَن يؤذيهم، وفك أسرهم، ودفع مَن قصدهم بأذى إن لم يكونوا بدار حرب، بل كانوا بدارنا، ولو كانوا منفردين ببلد".
وعلل ذلك بأنهم: "جرت عليهم أحكام الإسلام وتأبد عقدهم، فلزمه ذلك كما يلزمه للمسلمين" (مطالب أولي النهى ج ـ 2 ص 602 - 603).
وينقل الإمام القرافي المالكي في كتابه "الفروق" قول الإمام الظاهري ابن حزم في كتابه "مراتب الإجماع":
"إن من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح، ونموت دون ذلك، صوناً لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة". (الفروق ج ـ 3 ص 14 - 15 - الفرق التاسع عشر والمائة). وحكى في ذلك إجماع الأمة.
وعلق على ذلك القرافي بقوله: "فعقد يؤدي إلى إتلاف النفوس والأموال -صوناً لمقتضاه عن الضياع- إنه لعظيم". (نفس المصدر السابق).
ومن المواقف التطبيقية لهذا المبدأ الإسلامي،
موقف شيخ الإسلام ابن تيمية،
حينما تغلب التتار على الشام، وذهب الشيخ ليكلم "قطلوشاه" في إطلاق الأسرى،
حينما تغلب التتار على الشام، وذهب الشيخ ليكلم "قطلوشاه" في إطلاق الأسرى،
فسمح القائد التتري للشيخ بإطلاق أسرى المسلمين، وأبى أن يسمح له بإطلاق أهل الذمة،
فما كان من شيخ الإسلام إلا أن قال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسارى من اليهود والنصارى، فهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيراً،
لا من أهل الذمة، ولا من أهل الملة،
فلما رأى إصراره وتشدده أطلقهم له.
فما كان من شيخ الإسلام إلا أن قال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسارى من اليهود والنصارى، فهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيراً،
لا من أهل الذمة، ولا من أهل الملة،
فلما رأى إصراره وتشدده أطلقهم له.
(ب) الحماية من الظلم الداخلي
وأما الحماية من الظلم الداخلي، فهو أمر يوجبه الإسلام ويشدد في وجوبه، ويحذر المسلمين أن يمدوا أيديهم أو ألسنتهم إلى أهل الذمة بأذى أو عدوان،
فالله تعالى لا يحب الظالمين ولا يهديهم، بل يعاجلهم بعذابه في الدنيا، أو يؤخر لهم العقاب مضاعفاً في الآخرة.
وقد تكاثرت الآيات والأحاديث الواردة في تحريم الظلم وتقبيحه، وبيان آثاره الوخيمة في الآخرة والأولى،
وجاءت أحاديث خاصة تحذر من ظلم غير المسلمين من أهل العهد والذمة.
وقد تكاثرت الآيات والأحاديث الواردة في تحريم الظلم وتقبيحه، وبيان آثاره الوخيمة في الآخرة والأولى،
وجاءت أحاديث خاصة تحذر من ظلم غير المسلمين من أهل العهد والذمة.
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " من ظلم معاهدًا أو انتقصه حقًا أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة" .(رواه أبو داود والبيهقي . انظر: السنن الكبرى ج ـ 5 ص 205).
ويروى عنه: "من آذى ذِمِّياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة" .(رواه الخطيب بإسناد حسن).
وعنه أيضًا: "من آذى ذميًا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله" .(رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن).
وفي عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجران أنه: "لا يؤخذ منهم رجل بظلمِ آخر" .(رواه أبو يوسف في الخراج ص 72 - 73).
ولهذا كله اشتدت عناية المسلمين منذ عهد الخلفاء الراشدين، بدفع الظلم عن أهل الذمة،
وكف الأذى عنهم، والتحقيق في كل شكوى تأتي من قِبَلِهم.
وكف الأذى عنهم، والتحقيق في كل شكوى تأتي من قِبَلِهم.
كان عمر رضي الله عنه يسأل الوافدين عليه من الأقاليم عن حال أهل الذمة،
خشية أن يكون أحد من المسلمين قد أفضى إليهم بأذى، فيقولون له:
" ما نعلم إلا وفاءً" (تاريخ الطبري ج ـ 4 ص 218)
أي بمقتضى العهد والعقد الذي بينهم وبين المسلمين، وهذا يقتضي أن كلاً من الطرفين وفَّى بما عليه.
خشية أن يكون أحد من المسلمين قد أفضى إليهم بأذى، فيقولون له:
" ما نعلم إلا وفاءً" (تاريخ الطبري ج ـ 4 ص 218)
أي بمقتضى العهد والعقد الذي بينهم وبين المسلمين، وهذا يقتضي أن كلاً من الطرفين وفَّى بما عليه.
وعليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: "إنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا"
(المغني ج ـ 8 ص 445، البدائع ج ـ 7 ص 111 نقلاً عن أحكام الذميين والمستأمنين ص 89).
(المغني ج ـ 8 ص 445، البدائع ج ـ 7 ص 111 نقلاً عن أحكام الذميين والمستأمنين ص 89).
وفقهاء المسلمين من جميع المذاهب الاجتهادية صرَّحوا وأكدوا بأن على المسلمين دفع الظلم عن أهل الذمة والمحافظة عليهم؛
لأن المسلمين حين أعطوهم الذمة قد التزموا دفع الظلم عنهم،
وهم صاروا به من أهل دار الإسلام،
وهم صاروا به من أهل دار الإسلام،
بل صرَّح بعضهم بأن ظلم الذمي أشد من ظلم المسلم إثمًا (ذكر ذلك ابن عابدين في حاشيته، وهو مبني على أن الذمي في دار الإسلام أضعف شوكة عادة، وظلم القوي للضعيف أعظم في الإثم).
حماية الدماء والأبدان
وحق الحماية المقرر لأهل الذمة يتضمن حماية دمائهم وأنفسهم وأبدانهم،
كما يتضمن حماية أموالهم وأعراضهم ..
كما يتضمن حماية أموالهم وأعراضهم ..
فدماؤهم وأنفسهم معصومة باتفاق المسلمين، وقتلهم حرام بالإجماع ؛ يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
"من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا"
.(رواه أحمد والبخاري في الجزية، والنسائي وابن ماجة في الديات من حديث عبد الله بن عمرو .
.(رواه أحمد والبخاري في الجزية، والنسائي وابن ماجة في الديات من حديث عبد الله بن عمرو .
والمعاهد كما قال ابن الأثير:
أكثر ما يطلق على أهل الذمة، وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب -فيض القدير ج ـ 6 ص 153).
أكثر ما يطلق على أهل الذمة، وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب -فيض القدير ج ـ 6 ص 153).
ولهذا أجمع فقهاء الإسلام على أن قتل الذمي كبيرة من كبائر المحرمات لهذا الوعيد في الحديث ولكنهم اختلفوا: هل يُقتل المسلم بالذمي إذا قتله؟.
ذهب جمهور الفقهاء ومنهم الشافعي وأحمد إلى أن المسلم لا يُقتل بالذمي مستدلين
بالحديث الصحيح: "لا يُقتل مسلم بكافر"، (رواه أحمد والبخاري والنسائي وأبو داود والترمذي من حديث علي، كما في المنتقى وشرحه .انظر: نيل الأوطار ج ـ 7 ص 15 ط .دار الجيل)
والحديث الآخر: "ألا لا يُقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده" (رواه أحمد والنسائي وأبو داود عن علي أيضًا، والحاكم وصححه في المنتقى وشرحه المرجع السابق).
وقال مالك والليث: إذا قتل المسلم الذمي غيلة يُقتل به وإلا لم يُقتل به (نيل الأوطار ج ـ 7 ص 154)
وهو الذي فعله أبَان بن عثمان حين كان أميرًا على المدينة،
وقتل رجل مسلم رجلاً من القبط، قتله غيلة، فقتله به،
وأبَان معدود من فقهاء المدينة. (انظر: الجوهر النقي مع السنن الكبرى ج ـ 8 ص 34).
وأبَان معدود من فقهاء المدينة. (انظر: الجوهر النقي مع السنن الكبرى ج ـ 8 ص 34).
وذهب الشعبي والنخعي وابن أبي ليلى وعثمان البتي وأبو حنيفة وأصحابه
إلى أن المسلم يُقتل بالذمي، لعموم النصوص الموجبة للقصاص من الكتاب والسنة،
ولاستوائها في عصمة الدم المؤبدة،
ولما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل مسلمًا بمعاهد. وقال: "أنا أكرم من وفَّى بذمته"
(رواه عبد الرزاق والبيهقي) (ضعَّف البيهقي هذا الخبر كما في السنن ج ـ 8 ص 30، وانظر تعقيب ابن التركماني في "الجوهر النقي" حاشية السنن الكبرى"، وانظر: المصنف ج ـ 10 ص 101).
(رواه عبد الرزاق والبيهقي) (ضعَّف البيهقي هذا الخبر كما في السنن ج ـ 8 ص 30، وانظر تعقيب ابن التركماني في "الجوهر النقي" حاشية السنن الكبرى"، وانظر: المصنف ج ـ 10 ص 101).
وما روي أن عليًّا أُتي برجل من المسلمين قتل رجلاً من أهل الذمة،
فقامت عليه البيِّنة، فأمر بقتله، فجاء أخوه فقال:
إني قد عفوت، قال: فلعلهم هددوك وفرقوك، قال: لا، ولكن قتله لا يرد علَيَّ أخي، وعوَّضوا لي ورضيتُ .
إني قد عفوت، قال: فلعلهم هددوك وفرقوك، قال: لا، ولكن قتله لا يرد علَيَّ أخي، وعوَّضوا لي ورضيتُ .
قال: أنت أعلم؛ من كانت له ذمتنا فدمه كدمنا، وديته كديتنا. (أخرجه الطبراني والبيهقي) .(السنن الكبرى ج ـ 8 ص 34).
وفي رواية أنه قال: "إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا".
وقد صح عن عمر بن عبد العزيز: أنه كتب إلى بعض أمرائه في مسلم قتل ذميًّا،
فأمره أن يدفعه إلى وليه، فإن شاء قتله، وإن شاء عفا عنه . . فدُفِعَ إليه فضرب عنقه . (المصنف لعبد الرزاق ج ـ 10 ص 101، 102).
فأمره أن يدفعه إلى وليه، فإن شاء قتله، وإن شاء عفا عنه . . فدُفِعَ إليه فضرب عنقه . (المصنف لعبد الرزاق ج ـ 10 ص 101، 102).
قالوا: ولهذا يُقطع المسلم بسرقة مال الذمي، مع أن أمر المال أهون من النفس،
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُقتل مسلم بكافر"، فالمراد بالكافر الحربي، وبذلك تتفق النصوص ولا تختلف .
(يراجع في ذلك ما كتبه الإمام الجصاص في كتابه "أحكام القرآن" ج ـ 1 باب قتل المسلم بالكافر ص 140 144 ط . استنابول طبعة مصورة في بيروت).
وهذا هو المذهب الذي اعتمدته الخلافة العثمانية ونفذته في أقاليمها المختلفة منذ عدة قرون، إلى أن هُدِمت الخلافة في هذا القرن، بسعي أعداء الإسلام.
وكما حمى الإسلام أنفسهم من القتل حمى أبدانهم من الضرب والتعذيب
فلا يجوز إلحاق الأذى بأجسامهم، ولو تأخروا أو امتنعوا عن أداء الواجبات المالية المقررة عليهم كالجزية والخراج،
هذا مع أن الإسلام تشدد كل التشدد مع المسلمين إذا منعوا الزكاة.
ولم يُجِزْ الفقهاء في أمر الذميين المانعين أكثر من أن يُحبَسوا تأديبًا لهم، بدون أن يصحب الحبس أي تعذيب أو أشغال شاقة،
وفي ذلك يكتب أبو يوسف: أن حكيم بن هشام أحد الصحابة رضي الله عنه رأى رجلاً
(وهو على حمص) يشمِّس ناسًا من النبط (أي يوقفهم تحت حر الشمس) في أداء الجزية
فقال: ما هذا! سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله عز وجل يُعذِّب الذين يعذبون الناس في الدنيا"، وقد رواه مسلم في الصحيح . (الخراج لأبي يوسف ص 125، وانظر: السنن الكبرى للبيهقي ج ـ 9 ص 205).
وكتب عليٌّ رضي الله عنه إلى بعض ولاته على الخراج:
"إذا قدمتَ عليهم فلا تبيعن لهم كسوة شتاءً ولا صيفًا،
ولا رزقًا يأكلونه، ولا دابة يعملون عليها، ولا تضربن أحدًا منهم سوطًا واحدًا في درهم،
ولا تقمه على رجله في طلب درهم، ولا تبع لأحد منهم عَرضًا (متاعًا) في شيء من الخراج،
فإنما أُمِرنا أن نأخذ منهم العفو، فإن أنت خالفتَ ما أمرتك به، يأخذك الله به دوني،
وإن بلغني عنك خلاف ذلك عزلتك" . قال الوالي:
فإنما أُمِرنا أن نأخذ منهم العفو، فإن أنت خالفتَ ما أمرتك به، يأخذك الله به دوني،
وإن بلغني عنك خلاف ذلك عزلتك" . قال الوالي:
إذن أرجع إليك كما خرجت من عندك! (يعني أن الناس لا يُدفعون إلا بالشدة) قال: وإن رجعتَ كما خرجتَ"
. (الخراج لأبي يوسف ص 15 - 16، وانظر: السنن الكبرى أيضًا ج ـ 9 ص 205).
حماية الأموال
ومثل حماية الأنفس والأبدان حماية الأموال، هذا مما اتفق عليه المسلمون
في جميع المذاهب، وفي جميع الأقطار، ومختلف العصور.
في جميع المذاهب، وفي جميع الأقطار، ومختلف العصور.
روى أبو يوسف في "الخراج" ما جاء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجران: "ولنجران وحاشيتها جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أموالهم وملتهم وبِيَعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير... ". (الخراج ص 72).
وفي عهد عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح أن:
"امنع المسلمين من ظلمهم والإضرار بهم، وأكل أموالهم إلا بحلها".
"امنع المسلمين من ظلمهم والإضرار بهم، وأكل أموالهم إلا بحلها".
وقد مرَّ بنا قول علي - رضي الله عنه - "إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا"
وعلى هذا استقر عمل المسلمين طوال العصور.
وعلى هذا استقر عمل المسلمين طوال العصور.
فمَن سرق مال ذمي قُطعت يده، ومَن غصبه عُزِّر، وأعيد المال إلى صاحبه، ومَن استدان من ذمي فعليه أن يقضي دينه، فإن مطله وهو غني حبسه الحاكم حتى يؤدي ما عليه، شأنه في ذلك شأن المسلم ولا فرق.
وبلغ من رعاية الإسلام لحرمة أموالهم وممتلكاتهم أنه يحترم ما يعدونه -حسب دينهم- مالاً وإن لم يكن مالاً في نظر المسلمين.
فالخمر والخنزير لا يعتبران عند المسلمين مالاً مُتقَوَّمًا،
ومَن أتلف لمسلم خمرًا أو خنزيرًا لا غرامة عليه ولا تأديب،
بل هو مثاب مأجور على ذلك، لأنه يُغيِّر منكرًا في دينه،
يجب عليه تغييره أو يستحب، حسب استطاعته،
ولا يجوز للمسلم أن يمتلك هذين الشيئين لا لنفسه ولا ليبيعها للغير.
ومَن أتلف لمسلم خمرًا أو خنزيرًا لا غرامة عليه ولا تأديب،
بل هو مثاب مأجور على ذلك، لأنه يُغيِّر منكرًا في دينه،
يجب عليه تغييره أو يستحب، حسب استطاعته،
ولا يجوز للمسلم أن يمتلك هذين الشيئين لا لنفسه ولا ليبيعها للغير.
أما الخمر والخنزير إذا ملكهما غير المسلم، فهما مالان عنده، بل من أنفس الأموال، كما قال فقهاء الحنفية، فمن أتلفهما على الذمي غُرِّمَ قيمتهما . (اختلف الفقهاء في ذلك، والذي ذكر هو مذهب الحنفية).
حماية الأعراض
ويحمي الإسلام عِرض الذمي وكرامته، كما يحمي عِرض المسلم وكرامته،
فلا يجوز لأحد أن يسبه أو يتهمه بالباطل، أو يشنع عليه بالكذب، أو يغتابه، ويذكره بما يكره، في نفسه، أو نسبه، أو خَلْقِه، أو خُلُقه أو غير ذلك مما يتعلق به.
يقول الفقيه الأصولي المالكي شهاب الدين القرافي في كتاب "الفروق":
"إن عقد الذمة يوجب لهم حقوقًا علينا، لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا (حمايتنا)
وذمتنا وذمة الله تعالى، وذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودين الإسلام،
فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة، فقد ضيَّع ذمة الله، وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم -،
وذمة دين الإسلام" .(الفروق ج ـ 3 ص 14 الفرق التاسع عشر والمائة).
وفي الدر المختار -من كتب الحنفية-: " يجب كف الأذى عن الذمي وتحرم غيبته كالمسلم".
"إن عقد الذمة يوجب لهم حقوقًا علينا، لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا (حمايتنا)
وذمتنا وذمة الله تعالى، وذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودين الإسلام،
فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة، فقد ضيَّع ذمة الله، وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم -،
وذمة دين الإسلام" .(الفروق ج ـ 3 ص 14 الفرق التاسع عشر والمائة).
وفي الدر المختار -من كتب الحنفية-: " يجب كف الأذى عن الذمي وتحرم غيبته كالمسلم".
ويعلق العلامة ابن عابدين على ذلك بقوله: لأنه بعقد الذمة وجب له ما لنا،
فإذا حرمت غيبة المسلم حرمت غيبته، بل قالوا: إن ظلم الذمي أشد . (الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه ج ـ 3 ص 244 - 246 ط . استانبول).
فإذا حرمت غيبة المسلم حرمت غيبته، بل قالوا: إن ظلم الذمي أشد . (الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه ج ـ 3 ص 244 - 246 ط . استانبول).
ملحوظة:
هذا للذمي المسالم أما الذمي المعتدي فيُعاقَب على أفعاله ضد المسلمين
فكما لا يجوز للمسلم سب الذمي المسالم أو أكل حقه لا يجوز للذمي التعرض للمسلم بالأذى في القول والفعل
التأمين عند العجز والشيخوخة والفقر
وأكثر من ذلك أن الإسلام ضمن لغير المسلمين في ظل دولته،
كفالة المعيشة الملائمة لهم ولمن يعولونه، لأنهم رعية للدولة المسلمة
وهي مسئولة عن كل رعاياها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
كفالة المعيشة الملائمة لهم ولمن يعولونه، لأنهم رعية للدولة المسلمة
وهي مسئولة عن كل رعاياها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته" . (متفق عليه من حديث ابن عمر).
وهذا ما مضت به سُنَّة الراشدين ومَن بعدهم.
ففي عقد الذمة الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق، وكانوا من النصارى:
"وجعلت لهم، أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات،
أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وعِيل من بيت مال المسلمين هو وعياله" .
أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وعِيل من بيت مال المسلمين هو وعياله" .
.(رواه أبو يوسف في "الخراج" ص 144) وكان هذا في عهد أبي بكر الصِّدِّيق، وبحضرة عدد كبير من الصحابة، وقد كتب خالد به إلى الصِّدِّيق ولم ينكر عليه أحد،
ومثل هذا يُعَد إجماعًا.
ومثل هذا يُعَد إجماعًا.
ورأى عمر بن الخطاب شيخًا يهوديًا يسأل الناس، فسأله عن ذلك،
فعرف أن الشيخوخة والحاجة ألجأتاه إلى ذلك، فأخذه وذهب به إلى خازن بيت مال المسلمين،
وأمره أن يفرض له ولأمثاله من بيت المال ما يكفيهم ويصلح شأنهم، وقال في ذلك:
فعرف أن الشيخوخة والحاجة ألجأتاه إلى ذلك، فأخذه وذهب به إلى خازن بيت مال المسلمين،
وأمره أن يفرض له ولأمثاله من بيت المال ما يكفيهم ويصلح شأنهم، وقال في ذلك:
ما أنصفناه إذ أخذنا منه الجزية شابًا، ثم نخذله عند الهرم! (المصدر السابق ص 126).
وعند مقدمهِ "الجابية" من أرض دمشق مَرَّ في طريقه بقوم مجذومين من النصارى،
فأمر أن يعطوا من الصدقات، وأن يجرى عليهم القوت (البلاذري في فتوح البلدان ص 177 ط . بيروت) .
فأمر أن يعطوا من الصدقات، وأن يجرى عليهم القوت (البلاذري في فتوح البلدان ص 177 ط . بيروت) .
ـ أي تتولى الدولة القيام بطعامهم ومؤونتهم بصفة منتظمة.
وبهذا تقرر الضمان الاجتماعي في الإسلام، باعتباره "مبدأً عامًا" يشمل أبناء المجتمع جميعًا،
مسلمين وغير مسلمين، ولا يجوز أن يبقى في المجتمع المسلم إنسان محروم من الطعام أو الكسوة أو المأوى أو العلاج،
فإن دفع الضرر عنه واجب ديني، مسلمًا كان أو ذميًا.
مسلمين وغير مسلمين، ولا يجوز أن يبقى في المجتمع المسلم إنسان محروم من الطعام أو الكسوة أو المأوى أو العلاج،
فإن دفع الضرر عنه واجب ديني، مسلمًا كان أو ذميًا.
وذكر الإمام النووي في "المنهاج" أن من فروض الكفاية: دفع ضرر المسلمين ككسوة عار، أو إطعام جائع إذا لم يندفع بزكاة وبيت مال.
ووضح العلامة شمس الدين الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج"
أن أهل الذمة كالمسلمين في ذلك، فدفع الضرر عنهم واجب.
أن أهل الذمة كالمسلمين في ذلك، فدفع الضرر عنهم واجب.
ثم بحث الشيخ الرملي رحمه الله في تحديد معنى دفع الضرر فقال:
"وهل المراد بدفع ضرر مَن ذكر، ما يسد الرمق أو الكفاية؟ قولان،
أصحهما ثانيهما ؛ فيجب في الكسوة ما يستر كل البدن على حسب ما يليق بالحال من شتاء وصيف،
ويلحق بالطعام والكسوة ما في معناهما، كأجرة طبيب، وثمن دواء، وخادم منقطع .. كما هو واضح".
أصحهما ثانيهما ؛ فيجب في الكسوة ما يستر كل البدن على حسب ما يليق بالحال من شتاء وصيف،
ويلحق بالطعام والكسوة ما في معناهما، كأجرة طبيب، وثمن دواء، وخادم منقطع .. كما هو واضح".
قال: "ومما يندفع به ضرر المسلمين والذميين فك أسراهم" . نهاية (المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي ج ـ 8 ص 46 كتاب "السير").
يتبع إن شاء الله
تعليق