من قتل يوحنا المعمدان؟

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أبو إسحاق النَّظَّام مسلم اكتشف المزيد حول أبو إسحاق النَّظَّام
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أبو إسحاق النَّظَّام
    2- عضو مشارك
    • 26 فبر, 2009
    • 127
    • باحث في الرياضيات
    • مسلم

    من قتل يوحنا المعمدان؟

    من قتل يوحنا المعمدان؟



    I
    ولكن … من قال إنه قُتِلَ من الأصل؟


    “يوحنا المعمدان” تسمية يسمي بها أهل العهد الجديد Neues Testament نبي الله يحيى بن زكريا عليهما السلام وذلك لتعميده أتباعه وغسلهم بماء نهر الأردن. يصف مَتَّى الإنجيلي يحيى عليه السلام بما يدل على زهده وتقشفه: أما لباسه فكان (مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ) (مَتَّى : 3 : 4)، وأما طعامه فكان (جَرَادًا وَعَسَلاً بَرِّيًّا) (مَتَّى : 3 : 4)، وأما صفته في سفر اشعياء فهي (صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً) (مَتَّى : 3 : 3). أما صفته في الكتاب المبين فقد أخبرنا الله عنها بقوله سبحانه: (فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران : 39) وغير ذلك من الصفات الرائعة فسلام على يحيى في العالمين.

    الزعم بقتل يحيى عليه السلام
    يقال أن الملك هيرودس كانت له ابنة أخ حسناء فأراد أن ينكحها، وكانت ـ وكذلك أمها ـ توافق على ذلك وتطلبه. كان القراءون من اليهود لا يرون بأسا في ذلك الزواج ولا يعتبرونه محرما في الشريعة الموسوية، بينما وقف الربانيون من اليهود ضد ذلك الزواج وعلى رأسهم يحيى عليه السلام كبير معلمي الشريعة ومرجعها وعارضه معارضة شديدة. بعد إحدى الرقصات ذات الإيحاءات الجنسية قامت بها سالومي في قصر عمها طلبت منه أن يكون مهرها هو رأس يوحنا المعمدان، فوافق على طلبها وزعموا أنه كان لها ما طلبت، فتم تقديم رأس يوحنا المعمدان لها على طبق من فضة وهكذا تم التخلص من زعيم الربانيين الرافضين لذلك النكاح المحرم وهو أن ينكح الرجل ابنة أخيه. إنها بالفعل قصة مؤثرة وقد صورها الرسامون بطريقة شديدة الإيحاء. لكن ما مدى صحة تلك القصة؟ أو على الأقل ما مدى صحة زعم قتل يحيى عليه السلام سواء أكان بسبب معارضته لذلك النكاح المحرم أم لسبب آخر؟ لنستجلي آيات الذكر الحكيم للوقوف على إجابة نطمئن إليها.

    هل قُتِلَ يحيى أم مات؟
    يفرق القرآن الكريم بين صورتين من صور الوفاة: الوفاة بالموت وهي الوفاة الطبيعية، والوفاة بالقتل وهي الوفاة الغير طبيعية. لذلك يقول الحق سبحانه في الكتاب: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ …) (آل عمران : 144) حيث فرق بين (القتل) و(الموت). إذا رجعنا مرة أخرى لدراسة الأخبار عن يحيى عليه السلام في الكتاب فإننا نقرأ ـ ضمن ما نقرأ ـ قول الله تعالى مخبرا عن يحيى عليه السلام: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا. وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا. وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) (مريم : 12 - 15) والشاهد فيه قوله تعالى ـ والذي نزل بعد أكثر من خمسة أو ستة قرون على وفاة يحيى عليه السلام: (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) والتركيز فيه على (وَيَوْمَ يَمُوتُ) ربط ذلك بقوله تعالى (سَلامٌ عَلَيْهِ) بما يوحي بأمرين، أولهما: أن يحيى عليه السلام توفي وفاة طبيعية بالموت وليس بالقتل. ثانيهما: أنه مات في حالة سلام وبسلام. من خلال استنطاقنا لآيات الكتاب المبين نطمئن إلى أن يحيى عليه السلام مات ولم يقتل ومن ثم فإننا نرفض تلك الأقاصيص والأساطير والأعمال الفنية التي تزعم قتل يحيى عليه السلام.


    II
    (… سَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران : 39)

    يحيى النبي الصالح والعبد الرباني
    ميز الله سبحانه عبده يحيى بن زكريا عليهما السلام بمميزات رائعة تبعث في العقل والقلب تيارا من المحبة والاحترام والتبجيل لذلك السيد الجليل سلام الله عليه في الخالدين. من هذه المميزات في قوله تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا. وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا. وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) (مريم : 12 - 15) أن الله سبحانه (آتاه الحكم صبيا) أي أنه وصل لمرحلة الحاكمية الشرعية / المرجعية الشرعية وهو في سن الصبا. يقول الله سبحانه عن تلك (الحاكمية) ما يلي: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء …) (المائدة : 44). فالله سبحانه وتعالى أنزل التوراة على واحد من خيرة المرسلين على الإطلاق، وهو عميد أنبياء بني إسرائيل، وجبل الشريعة ومرجعها وأستاذها، الجبل الأشم والبحر الخضم موسى عليه الصلاة والسلام. أنزلها وفيها هدى ونور ليسير عليها بنو إسرائيل وكان موسى عليه السلام يحكم بها ما حيا، وبعد موته انتقلت الحاكمية إلى النبيين الذين ساروا على هدي إمامهم عليه السلام في الحكم بالشريعة. استمر الأمر هكذا إلى أن وصلت تلك الحاكمية لنبي لم يجتز مرحلة الصبا إلا بعد أن أصبح حاكما بالتوراة ومرجعا إليها ومستفتى فيها ومن حكمائها ومحكميها وهو في تلك السن المبكرة … ذلكم هو يحيى بن زكريا عليهما السلام. إضافة لذلك الجانب النبوي والحاكمي والفكري في شخصية يحيى عليه السلام ميزه الله سبحانه بفيوضات ربانية قدسية، حيث آتاه (… حَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا. وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) فسلام الله عليه في الصالحين.

    يحيى السيد والحصور
    أما لفظ (سيدا) فيدل على السؤدد والسادة وهو الشرف والرئاسة القائمة على نبل الأصل وطيب المنبع ورفعة السلوك وعلو الأخلاق. وأما لفظ (حصورا) على وزن فعولا للمبالغة في (الحصر). يدل مفهوم (حصر) في لسان القرآن على معنى (الإحاطة) بالشيئ، ومنه قوله تعالى: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ …) (البقرة : 196) أي: فإن أحيط بكم، بمعنى فإن أحاط بكم مرض أو عدو بعد أن شرعتم بالإحرام، فما استيسر من الهدي. فكلمات مثل: حصر، حصار، محصور، … الخ تدل كلها على معنى واحد أصيل هو الإحاطة. لذلك وصف الله سبحانه عبده يحيى عليه السلام بكونه (حصورا) بعد وصفه بكونه (سيدا) فعطف الأول على الثاني عطف خاص على عام لأن المنعة والحماية جزء من السيادة. إضافة للإحاطة والمنعة يدل اللفظ نفسه على الحيطة والحذر وهي الملكة التي تحيط بصاحبها فتحجزه عن الاندفاع والتسرع. امتدح الله سبحانه عبده يحيى عليه السلام بأنه سيد وحصور للدلالة على رئاسته في الخلق القويم، والسلوك المستقيم، والشرف والمنعة، فكأنه كالليث الهزبر يمنع الأذى عن أصحابه ويمنع الشرور عنهم، ويحيط بهم في موضع سؤدده ويمنعهم من الإضرار بالآخرين كما يمنع الآخرين من الإضرار بهم. هذا هو مفهوم (حصورا) كما جاء به الكتاب، وكل معنى آخر يخالف هذا المفهوم الأصيل مما فيه تعريض أو انتقاص فهو وهم من الأوهام إن لم يكن تخرص اللئام، لمخافته خير الكلام، كلام الحكيم العلام.

    سلام على يحيى بدر التمام، سلام عليه في الأولين، وسلام عليه في الآخرين، وسلام عليه في الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
    كَتَبَه:

    أبو إسحاق النَّظَّام

    _________


    (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (محمد : 19)


    (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) (الفتح : 29)
  • مسلم للأبد
    مشرف الأقسام العامة

    • 20 ماي, 2008
    • 11698
    • محاسب
    • مسلم

    #2
    بارك الله فيك أخى الكريم / أبو إسحاق النَّظَّام

    فعلا فإن قصه موت سيدنا يحى عليه السلام يختلف فيها كثيرون والأكثر يرجعها للقصه التى ذكرتها عن بنت أخ الملك هيرودس
    فجزاك الله كل خير على موضوعك المفيد

    إستوقفتنى آية ( ليشارك الجميع ) -- أستوقفنى حديث رسول الله ... متجدد

    من كلمات الإمام الشافعى رحمة الله عليه
    إن كنت تغدو في الذنوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيــدا
    فلقـد أتاك من المهيمن عـفـوه
    ... وأفاض من نعم عليك مزيــدا
    لا تيأسن من لطف ربك في الحشا
    ... في بطن أمك مضغة ووليــدا
    لو شـاء أن تصلى جهنم خالـدا
    ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيـدا
    ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●
    أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
    ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●

    تعليق

    • عبد الله بن يس
      2- عضو مشارك
      • 24 يون, 2007
      • 179
      • مسلم

      #3
      قال ابن كثير في تفسيره
      قال القاضي عياض في كتابه الشفاء:اعلم أن ثناء الله تعالى على يحيى أنه كان (
      حَصُورًا ) ليس كما قاله بعضهم:إنه كان هيوبا، أو لا ذكر له، بل قد أنكر هذا حُذَّاقُ المفسرين ونقاد العلماء، وقالوا:هذه نقيصة وعيب ولا تليق بالأنبياء، عليهم السلام، وإنما معناه:أنه معصوم من الذنوب، أي لا يأتيها كأنه حصر عنها، وقيل:مانعا نفسه من الشهوات. وقيل:ليست له شهوة في النساء.
      وقد بان لك من هذا أن عدم القدرة على النكاح نقص، وإنما الفضل في كونها موجودة ثم قمعها:إما بمجاهدة كعيسى أو بكفاية من الله عز وجل، كيحيى، عليه السلام. ثم هي حق من أقدر عليها وقام بالواجب فيها ولم تشغله عن ربه درجة علياء، وهي درجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يشغله كثرتهن عن عبادة ربه، بل زاده ذلك عبادة، بتحصينهن وقيامه عليهن، واكتسابه لهن، وهدايته إياهن. بل قد صرّح أنها ليست من حظوظ دنياه هو، وإن كانت من حظوظ دنيا غيره، فقال:
      « حُبِّبَ إليَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ » .
      هذا لفظه. والمقصود أنه مدح يحيى بأنه حصور ليس أنه لا يأتي النساء، بل معناه كما قاله هو وغيره:أنه معصوم عن الفواحش والقاذورات، ولا يمنع ذلك من تزويجه بالنساء الحلال وغشيانهن وإيلادهن، بل قد يفهم وجود النسل له من دعاء زكريا المتقدم حيث قال: (
      هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ) كأنه قال:ولدًا له ذرية ونسل وعَقِب، والله سبحانه وتعالى أعلم. إنتهى كلامه رحمه الله


      وجميع الأخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله تعالى (حصورًا) بأن ذكره كان صغيرًا فلا يستطيع معاشرة النساء أخبارٌٌ ضعيفةٌ وواهيه ولا يثبت بها دليل

      تعليق

      • احمد الصياد
        2- عضو مشارك
        • 18 سبت, 2007
        • 239
        • محاسب
        • مسلم - سنى

        #4
        بارك الله فيكم ايها الاخوه
        وزادكم علما

        تعليق

        • ummabdu
          2- عضو مشارك
          • 23 ديس, 2008
          • 171
          • .
          • muslim

          #5
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          أبو إسحاق النظام، الأخ الكريم الفاضل، زادك الله من العلم وبارك لك في وقتك وأهلك.

          أخي الفاضل، نعلم أن نبينا صلى الله عليه وسلم أمرنا بعدم تصديق أهل الكتاب وعدم تكذيبهم. ولم يرد من انبي الكريم صلى الله عليه وسلم شيئا بشأن وفاة نبي الله يحيى بن زكريا عليهما السلام.

          وقولك بشأن الألفاظ ودلالاتها أقدره تماما، لكن .. ألم يقل الله تعالى عن يوسف عليه السلام مثلا :

          "وَلَقَدۡ جَآءَڪُمۡ يُوسُفُ مِن قَبۡلُ بِٱلۡبَيِّنَـٰتِ فَمَا زِلۡتُمۡ فِى شَكٍّ۬ مِّمَّا جَآءَڪُم بِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا هَلَكَ قُلۡتُمۡ لَن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِهِۦ رَسُوۚلاً۬ ڪَذَٲلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٌ۬ مُّرۡتَابٌ"

          فهل "هلك" هنا مرادفة لـ "مات" ؟ إن كانت الاجابة بنهم فلماذا لا يكون الأمر كذلك بالنسبة ليحيى عليه السلام؟ أي أن يكون استـُشهـِد

          مادة هلك في القرآن تدل على الخراب..أرجو من حضرتك تصويبي إن كنت على خطأ فمثلا يقول الله تعالى:

          "وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّہۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيہَا فَفَسَقُواْ فِيہَا فَحَقَّ عَلَيۡہَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَـٰهَا تَدۡمِيرً۬ا" الاسراء 16

          " فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلَا تَسۡتَعۡجِل لَّهُمۡ‌ۚ كَأَنَّہُمۡ يَوۡمَ يَرَوۡنَ مَا يُوعَدُونَ لَمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَةً۬ مِّن نَّہَارِۭ‌ۚ بَلَـٰغٌ۬‌ۚ فَهَلۡ يُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ " الأحقاف 35

          فأرجو من حضرتك توضيح الفرق بين هلك ومات وما للفعلين من دلالات وشرحها في حالة يوسف عليه السلام ثم ربط هذا بقولك بموت يحيى عليه السلام موتا طبيعيا وليس قتلا (استشهادا).

          وجزاكم الله كل خير.

          تعليق

          • أبو إسحاق النَّظَّام
            2- عضو مشارك
            • 26 فبر, 2009
            • 127
            • باحث في الرياضيات
            • مسلم

            #6
            الأخت الفاضلة والقارئة المدققة الأستاذة / أم عبده

            سلام الله عليك

            كلمات مثل الوفاه والموت والقتل والهلاك غير مترادفة كما تعلمين، بل بينها فروق دقيقة قد تظهر للعيان وقد تخفى عن الجنان، فإليك بيانها في عجالة سريعة بإذن الله:

            أما (الوفاة) فهي استيفاء الشيئ، فإن كان الشيئ المستوفَى هو الروح فهنا يلزم أن نفرق بين حالتين: إستيفاء مؤقت للروح فيكون مدلول الوفاة هو (النوم)، واستيفاء دائم للروح فيكون مدلول الوفاة هو (الموت)، وعليه فإن الموتَ هو أحد صور الوفاة، أما الوفاة فلا يلزم بالضرورة أن تكون موتاً.

            وأما (الموت) فهو إستيفاء دائم للروح تم بطريق طبيعي كموت الشيخ أو مريض القلب أو ما شابه ذلك من الصور المختلفة للموت الطبيعي.

            وأما (القتل) فهو إستيفاء دائم للروح تم بطريق غير طبيعي كالطعن بالسكين أو جز العنق أو التردي أو تجرع السم أو ما شابه ذلك من الصور المختلفة للقتل.

            وأما (الهلاك) فيعني الذهاب والغيبة أو الإذهاب والتغييب ولا يدل اللفظ بالضرورة على الموت، فالهالك هو إنسان غائب، سواء غاب غياباً دائماً بسبب الموت، أو غياباً دائماً بسبب القتل، أو غير ذلك من صور الغياب، وعليه فكل من مات فقد غاب، ولكن ليس كل غائبٍ ميِّتاً.

            من هنا نرى الفروق الدقيقة بين تلك المفاهيم وغيرها، فلفظ الهلاك في الآية الشريفة حول يوسف عليه السلام يحتمل ثلاثة أمور: إما أن يكون قد مات، وما أن يكون قد قتل، وإما أن يكون قد هاجر بعيداً دون عودة، ولفظ الموت في الآية الشريفة حول يحيى عليه السلام يدل على أن روحه قد فارق جسمه فراقاً - إلى يوم يبعثون - مفارقة طبيعية دون أي تدخل بشري، أي دون قتل، ونفس الشيئ يجري على صنوه عيسى بن مريم بنت عمران عليه وأمه الصلاة والسلام

            أكتفي بهذا القدر آملاً أن يكون حوى قدراً ولو ضئيلاً من الفائدة

            تحياتي الأخوية

            والسلام
            كَتَبَه:

            أبو إسحاق النَّظَّام

            _________


            (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (محمد : 19)


            (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) (الفتح : 29)

            تعليق

            • ummabdu
              2- عضو مشارك
              • 23 ديس, 2008
              • 171
              • .
              • muslim

              #7
              وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

              جزاك الله خيرا على الإطراء الذي لستُ أنا أهلا له. وبارك الله فيك.

              فهمت من كلمات حضرتك أن هلاك سيدنا يوسف عليه السلام المشار إليه في الآية لا يعنى بالضرورة الموت. التفاسير أشار بعضها للهلاك في آية يوسف بالموت والبعض الآخر لم يُشِر، على اعتبار أن اللفظ مفهومه واضح وهو الموت.

              سؤال آخر إن تكرمت أخي الفاضل

              يقول تعالى في سورة مريم:

              عن يحيى عليه السلام : "وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا"

              وعن عيسى عليه السلام: "وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا"

              إن كان الفعل المضارع (أموت) في الآية الخاصة بعيسى عليه السلام يُفهم منه أن عيسى عليه السلام لم يمت بل رفعه الله إليه حيا، وعندما يعود سيموت موتا طبيعيا. فكيف نفهم الفعل المضارع (يموت) في آية يحيى عليه السلام؟

              أرجو من حضرتك التوضيح من وجهة نظرك اذا توفر لك الوقت،

              جزاك الله خيرا على التوضيح وزادك من العلم ونفع بك.

              تعليق

              • أبو إسحاق النَّظَّام
                2- عضو مشارك
                • 26 فبر, 2009
                • 127
                • باحث في الرياضيات
                • مسلم

                #8
                جناب الأخت الكريمة أم عبده

                سلام عليك

                لا يوجد فارق جوهري بين ما أجراه الله على لسان عيسى عليه السلام، وبين ما أخبر به زكريا عن وليده المنتظر آنذاك يحيى عليه السلام، حيث بين الله سبحانه المراحل الثلاثة التي تمر بأي إنسان أو التي يمر بها أي إنسان:

                - الولادة (وما يعقبها من حياة)

                - الموت (الخروج النهائي من الحياة الدنيا)

                - البعث (وما يعقبه من خلود)

                الفارق الوحيد هو استخدام الشخص الأول (أي: ضمير المتكلم) في حالة عيسى عليه السلام لأنه هو الذي نطق بهذه الكلمات وهو في مهده صبياً كآية من آيات الله أجراها على لسان عبده عيسى، واستخدام الشخص الثالث (أي: ضمير الغائب) في حالة يحيى عليه السلام.

                إن لفظ (الموت) في السياقين يدل دلالة قاطعة على أن أياً منهما لم يفارق الدنيا بطريق القتل، ويؤكد ذلك لفظ (سلام) إذ ليس من البلاغة أن يوصف القتل بأنه سلام، بل السلامة تقتضي الوفاة الطبيعية دون غيرها، وجل الله الحكيم الذي لا يوحي إلا بالحكمة والبلاغ المبين.

                أما قولك عن لفظ الهلاك: (على اعتبار أن اللفظ مفهومه واضح وهو الموت)، فمن قال إن اللفظ مفهومه واضح بهذه الصورة؟ إن الشائع عند الناس هو المرادفة بين الهلاك والموت وهذا خطأ، والصحيح أن الهلاك هو الذهاب والغياب أو التغييب، وربما الأقرب له ليس الموت وإنما القتل بطريق أفعال العباد أو الكوارث الطبيعية التي تجري وفق السنن الإلهية. جدير بالذكر أن لفظ ( هلك ) في الأصول السامية لا يعني الموت وإنما يعني الذهاب والغيبة والله أعلم

                أكتفي بهذا القدر على أمل أن تكون الصورة قد اتضحت، ويسعدني دوماً الإجابة على أسئلتك الحصيفة النبيهة، أكثر الله من أمثالك ونفعنا بعقلك القويم، وفضلك المقيم

                والسلام

                أبو إسحاق
                كَتَبَه:

                أبو إسحاق النَّظَّام

                _________


                (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (محمد : 19)


                (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ) (الفتح : 29)

                تعليق

                • ummabdu
                  2- عضو مشارك
                  • 23 ديس, 2008
                  • 171
                  • .
                  • muslim

                  #9
                  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                  نعم أخي اتضحت الصورة فجزاك الله خيرا ونفع بك.

                  تعليق

                  مواضيع ذات صلة

                  تقليص

                  المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                  ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 5 يوم
                  ردود 3
                  17 مشاهدات
                  0 ردود الفعل
                  آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                  بواسطة *اسلامي عزي*
                  ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ 2 أسابيع
                  ردود 2
                  22 مشاهدات
                  0 ردود الفعل
                  آخر مشاركة الفقير لله 3
                  بواسطة الفقير لله 3
                  ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 2 أسابيع
                  ردود 5
                  28 مشاهدات
                  0 ردود الفعل
                  آخر مشاركة الفقير لله 3
                  بواسطة الفقير لله 3
                  ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ 3 أسابيع
                  ردود 0
                  13 مشاهدات
                  0 ردود الفعل
                  آخر مشاركة الفقير لله 3
                  بواسطة الفقير لله 3
                  ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 9 سبت, 2024, 08:31 م
                  ردود 0
                  29 مشاهدات
                  0 ردود الفعل
                  آخر مشاركة زين الراكعين
                  يعمل...