رأي شيخ الإسلام في من أعان الكفار على المسلمين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد :
احتج بعض الإخوة بأن شيخ الإسلام يرى أن إعانة الكافر على المسلم مخرج من الملة بما يلي :
أنه جاء في الدرر السنية في الكتب النجدية - (ج 12 / ص 212) :
(( وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في "الاختيارات": من جمز إلى معسكر التتر ولحق بهم، ارتد، وحل دمه وماله; فإذا كان هذا في مجرد اللحوق بالمشركين، فكيف بمن اعتقد مع ذلك أن جهادهم، وقتالهم لأهل الإسلام، دين يدان به، هذا أولى بالكفر والردة )).
وحين رجعت لكلام شيخ الإسلام نفسه كان كالتالي :
(( وكل من قفز إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام وإذا كان السلف قد سموا مانعى الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلا للمسلمين مع أنه والعياذ بالله لو استولى هؤلاء المحاربون لله ورسوله المحادون لله ورسوله المعادون لله ورسوله على أرض الشام ومصر فى مثل هذا الوقت لأفضى ذلك إلى زوال دين الإسلام ودروس شرائعه )) كذا في مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 530) .
وقال شيخ الإسلام :(( وقتال التتار ولو كانوا مسلمين هو قتال الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة ويأخذ مالهم وذريتهم وكذا المقفز إليهم ولو ادعى إكراها )) انتهى كلامه من الفتاوى الكبرى 5/528 . وهذا نص كلامه هو الموجود في الاختيارات .
ووجدت كلاما لشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 535) نصه كما يلي :
(( وغاية ما يوجد من هؤلاء يكون ملحدا نصيريا أو إسماعيليا أو رافضيا وخيارهم يكون جهميا إتحاديا أو نحوه فإنه لا ينضم إليهم طوعا من المظهرين للإسلام إلا منافق أو زنديق أو فاسق فاجر ومن أخرجوه معهم مكرها فانه يبعث على نيته ونحن علينا ان نقاتل العسكر جميعه إذ لا يتميز المكره من غيره )) انتهى كلامه
وفي مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 552) أيضا يقول شيخ الإسلام :
(( وأيضا لا يقاتل معهم غير مكره إلا فاسق أو مبتدع أو زنديق )) .
وجاء في الدرر السنية في الكتب النجدية - (ج 10 / ص 328) :
(( ص -317- ... وقد يقع التعزير بالقتل، كما في حديث شارب الخمر: "فإن شربها في الرابعة، فاقتلوه" 1. وقد أفتى شيخ الإسلام، رحمه الله، بقتل من شرب الخمر في نهار رمضان، إذا لم يندفع شره إلا بذلك، وأفتى بحل دم من جمز إلى معسكر التتار، وكثر سوادهم، وأخذ ماله؛ وكل هذا من التعازير، التي يرجع فيها إلى ما يحصل به درء المفسدة، وحصول المصلحة. وأفتى في التعزير بأخذ المال إذا كان فيه مصلحة)). انتهى كلامه .
من خلال ما سبق يتين أن كلام شيخ الإسلام لم يتعارض مع كلامه الآخر الواضح في المسألة وهو كالتالي: )) أن شعب الإيمان قد تتلازم عند القوة ولا تتلازم عند الضعف فإذا قوي ما فى القلب من التصديق والمعرفة والمحبة لله ورسوله أوجب بغض أعداء الله كما قال تعالى: ولو كانوا يؤمنون بالله والنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء . وقال: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه وقد تحصل للرجل موادتهم
لرحم أو حاجة فتكون ذنبا ينقص به إيمانه ولا يكون به كافرا كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبى وأنزل الله فيه: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة. وكما حصل لسعد بن عبادة لما أنتصر لابن أبي في قصة الإفك فقال لسعد بن معاذ: كذبت والله لا تقتله ولا تقدر على قتله. قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية. ولهذه الشبهة سمى عمر حاطبا منافقا فقال: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال: إنه شهد بدرا فكان عمر متأولا فى تسميته منافقا للشبهة التى فعلها. وكذلك قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه إنما أنت منافق تجادل عن المنافقين. هو من هذا الباب وكذلك قول من قال من الصحابة عن مالك بن الدخشم منافق وإن كان قال ذلك لما رأى فيه من نوع معاشرة ومودة للمنافقين انتهى كلامه من مجموع الفتاوى - (ج 7 / ص 522) .
وجاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام - (ج 20 / ص 33) :
(( فصل والخطأ المغفور في الاجتهاد هو فى نوعي المسائل الخبرية والعلمية كما قد بسط فى غير موضع كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه مثل من اعتقد أن الذبيح إسحاق لحديث اعتقد ثبوته ....... أو اعتقد ان من جس للعدو وعلمهم بغزو النبى صلى الله عليه وسلم فهو منافق كما اعتقد ذلك عمر فى حاطب وقال دعنى اضرب عنق هذا المنافق أو اعتقد أن من غضب لبعض المنافقين غضبة فهو منافق كما اعتقد ذلك أسيد بن حضير فى سعد بن عبادة وقال إنك منافق تجادل عن المنافقين أواعتقد أن بعض الكلمات أو الآيات أنها ليست من القرآن لأن ذلك لم يثبت عنده بالنقل الثابت كما نقل عن غير واحد من السلف أنهم أنكروا ألفاظا من القران .... )) انتهى كلامه .
وقال أيضا رحمه الله في (اقتضاء الصراط المستقيم ) - (ج 1 / ص 83) :
(( وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله: ومن يتولهم منكم فإنه منهم . وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفرا أو معصية أو شعارا للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك. انتهى كلامه .
وما سبق من كلام شيخ الإسلام يقضي على الإجمال الذي في كلامه التالي :
(( فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة فكيف بالمشابهة في أمور دينية فإن إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين. وقال تعالى فيما يذم به أهل الكتاب: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون. فبين سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزم لعدم ولايتهم فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم. وقال سبحانه وتعالى: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه. فأخبر سبحانه وتعالى أنه لا يوجد مؤمن يواد كافرا فمن واد الكفار فليس بمؤمن فالمشابهة الظاهرة مظنة المودة فتكون محرمة كما تقدم تقرير مثل ذلك واعلم أن وجوه الفساد في مشابهتهم كثيرة فلنقتصر على ما نبهنا عليه والله أعلم انتهى كلامه من اقتضاء الصراط - (ج 1 / ص 221) .
فكلام شيخ الإسلام هنا مجمل وهو أسلوب قرآني يجمل في موضع ويفصل في موضع آخر .
وعندنا رسالة جامعية هي ( منهج ابن تيمية في مسألة التكفير ) تأليف عبد المجيد بن سالم بن عبد الله المشعبي أشرف عليها الأستاذ الشيخ صالح بن سعد السحيمي :
في المجلد الأول ص 150 : بين فيها المؤلف أن رأي شيخ الإسلام أن من نواقض الإسلام موالاة الكفار ولاء مطلقا .
وأقول إن عدم تكفير المسلم لكونه أعان كافرا دون أن يحب دينه أو يوافقه في معتقده وكفره لا يخرج من الملة عند من يلي :
1- الأئمة الأربعة لكونهم لم يحكموا بكفر الجاسوس بل جمهورهم لم ير قتله .
2- جمهور المفسرين حتى ان ابن الجوزي الذي يجمع أقوال المفسرين قال :
(( قوله تعالى : { ومن يتولّهم منكم فإنه منهم } فيه قولان .
أحدهما : من يتولهم في الدين ، فإنه منهم في الكفر .
والثاني : من يتولهم في العهد فإنه منهم في مخالفة الأمر )). انتهى كلامه من زاد المسير - (ج 2 / ص 223) .
وابن سعدي يقول في تفسير هذه الآية ما يلي :
(( { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } لأن التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم. والتولي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرج شيئا فشيئا، حتى يكون العبد منهم)). كذا جاء في تفسيره رحمه الله .
ويقول ابن عثيمين أيضا في تفسيره سورة المائدة : (( إذا ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) في إيش في الظاهر وربما يؤدي ذلك إلى الباطن ومشاركتهم في عقائدهم وفي أعمالهم وأخلاقهم ... فهو كقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من غش فليس منا ) إذا اتخاذ اليهود والنصارى أولياء من كبائر الذنوب )) انتهى كلامه .
وهذا رأي الألباني رحمه الله فقد سألته على الهاتف هذا السؤال فقال الموالاة كغيرها من الكبائر أو نحو ذلك
وقال الشيخ صالح الفوزان في دروس في شرح نواقض الإسلام :
(( من يعين الكفار على المسلمين وهو مختار غير مكره مع بغضه لدين الكفار وعدم الرضا عنه ، فهذا لا شك أنه فاعل كبيرة من كبائر الذنوب ويخشى عليه من الكفر ولولا أنه يبغض دينهم ولا يحبهم لحكم عليه بالكفر ، فهو على خطر شديد )) انتهى كلامه .
نتيجة البحث :
تبين من البحث السابق أن آراء شيخ الإسلام في هذا الموضوع المهم كما يلي :
1- الجاسوس لمصلحة الكافر على المسلم ليس بكافر خارج من الملة .
2- من واد الكافر لرحم أو حاجة هو ذنب ينقص الإيمان وليس كفرا كما فعل حاطب بن أبي بلتعة .
3- معنى قوله تعالى : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) من تولاهم التولي المطلق فهو كافر أو هو منهم في القدر المشترك الذي والاهم فيه فإن كان معصية فهو معصية وإن كان كفرا فهو كفر .
4- من ينضم طوعا إلى جيش الكفار ممن يظهر الإسلام فهو إما منافق أو زنديق أو فاسق فاجر ولكن يكون حكمه في القتال كحكم الكفار من باب التعزير ودرء المفسدة . وهذا البيان بينه شيخ الإسلام في حال وجود دولة إسلامية تقاتل طائفة أو دولة كافرة لا في قتال لا تتوفر فيه شروطه الشرعية فتنبه .
وعدم الحكم بكفر من أعان الكفار على المسلمين لا يعني تحسين ما فعل بل هو جريمة نكراء ومعصية تتزلزل لهولها الجبال أعاذنا الله وإخواننا المسلمين في كل مكان منها .
ولكن رضى الله باتباع الدليل والإنصاف والعدل لا بالعاطفة والحماس المجرد .
وإليك هذه الفتوى للعلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك في هذا الموضوع الخطر :
جاء في ( فتاوى واستشارات الإسلام اليوم) - (ج 16 / ص 431) ما يلي :
(( مظاهرة الكفار على المسلمين رهبةً لا كرهاً للمسلمين!
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 01/02/1427هـ
السؤال
فضيلة شيخنا عبد الرحمن بن ناصر البراك -حفظه الله- أفيدك بأني قد قرأت كتابًا بعنوان: (مسائل العذر بالجهل) تحت إشراف فضيلتكم، وفهمت منه أن إعانة الكفار بالقتال معهم ضد المسلمين لا تكون كفراً، إلا بشرط الرغبة في إظهار دينهم، أو المحبة لدينهم، وعبَّر أن القتال مع الكفار ضد المسلمين -حمية ولمصالح دنيوية- ليس كفراً مخرجاً من الملة، فهل هذا الفهم صحيح؟ وهل قال به أحد من أهل السنة؟ وما رأي فضيلتكم في اشتراط ما ذُكِر أعلاه للحكم بتكفير من قاتل المسلمين مع الكافرين؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا شك أن أسباب مظاهرة بعض الكافرين على بعض المسلمين تختلف، فتارة يكون الباعث بغض الإسلام وأهله، وتارة يكون عن رغبة في مصلحة أو رهبة من ضرر يلحق بهذا المظاهر، ومعلوم أنه لا يستوي من يحب الله ورسوله ودينه -ولكن حمله غرض من الأغراض على معاونة بعض الكفار على بعض المسلمين- لا يستوي هذا ومن يبغض الإسلام وأهله، وليس هناك نص بلفظ المظاهرة أو المعاونة يدل على أن مطلق المعاونة ومطلق المظاهرة يوجب كفر من قام بشيء من ذلك لأحد من الكافرين.
وهذا الجاسوس الذي يجس على المسلمين وإن تحتم قتله عقوبة فإنه لا يكون بمجرد الجس مرتداً، ولا أدل على ذلك من قصة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- فقد أرسل لقريش يخبرهم بمسير النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم، ولما أطلع اللهُ نبيَه على ما حصل من حاطب، وعلى أمر المرأة التي حملت الكتاب عاتب النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حاطباً على ذلك، فاعتذر بأنه ما حمله على ذلك إلا الرغبة في أن يكون ذلك يداً له عند قريش يحمون بها أهله وماله، فقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- عذره، ولم يأمره بتجديد إسلامه، وذكر ما جعل الله سبباً لمغفرة الله له، وهو شهوده بدراً. صحيح البخاري (3983)، وصحيح مسلم (2494).
وهذه مظاهرة أي مظاهرة، فإطلاق القول بأن مطلق المظاهرة -في أي حال من الأحوال- يكون ردة ليس بظاهر. فإن المظاهرة تتفاوت في قدرها ونوعها تفاوتاً كثيراً، وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51]، لا يدل على أن أي تولٍّ يوجب الكفر، فإن التولي على مراتب، كما أن التشبه بالكفار يتفاوت وقد جاء في الحديث: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أحمد (5093)، وأبو داود (4031) ، ومعلوم أنه ليس كل تشبه يكون كفراً فكذلك التولي.
والحاصل أن ما ورد في الكتاب المسؤول عنه من التفصيل هو الصواب عندي. والله أعلم )) انتهى كلامه .
وقد جمعت في المسألة جمعا طيبا من أدلة الكتاب والسنة وبيان الأئمة والعلماء والمفسرين في كتابي ( التنوير في نقض الغلو في التكفير والتفجير ) حبذا الاطلاع عليه .
وأسأل الله تعالى أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
كتبه أبو معاوية غالب أحمد المشرف على موقع ( روضة السلفيين ) www.salafien.com .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد :
احتج بعض الإخوة بأن شيخ الإسلام يرى أن إعانة الكافر على المسلم مخرج من الملة بما يلي :
أنه جاء في الدرر السنية في الكتب النجدية - (ج 12 / ص 212) :
(( وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في "الاختيارات": من جمز إلى معسكر التتر ولحق بهم، ارتد، وحل دمه وماله; فإذا كان هذا في مجرد اللحوق بالمشركين، فكيف بمن اعتقد مع ذلك أن جهادهم، وقتالهم لأهل الإسلام، دين يدان به، هذا أولى بالكفر والردة )).
وحين رجعت لكلام شيخ الإسلام نفسه كان كالتالي :
(( وكل من قفز إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام وإذا كان السلف قد سموا مانعى الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلا للمسلمين مع أنه والعياذ بالله لو استولى هؤلاء المحاربون لله ورسوله المحادون لله ورسوله المعادون لله ورسوله على أرض الشام ومصر فى مثل هذا الوقت لأفضى ذلك إلى زوال دين الإسلام ودروس شرائعه )) كذا في مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 530) .
وقال شيخ الإسلام :(( وقتال التتار ولو كانوا مسلمين هو قتال الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة ويأخذ مالهم وذريتهم وكذا المقفز إليهم ولو ادعى إكراها )) انتهى كلامه من الفتاوى الكبرى 5/528 . وهذا نص كلامه هو الموجود في الاختيارات .
ووجدت كلاما لشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 535) نصه كما يلي :
(( وغاية ما يوجد من هؤلاء يكون ملحدا نصيريا أو إسماعيليا أو رافضيا وخيارهم يكون جهميا إتحاديا أو نحوه فإنه لا ينضم إليهم طوعا من المظهرين للإسلام إلا منافق أو زنديق أو فاسق فاجر ومن أخرجوه معهم مكرها فانه يبعث على نيته ونحن علينا ان نقاتل العسكر جميعه إذ لا يتميز المكره من غيره )) انتهى كلامه
وفي مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 552) أيضا يقول شيخ الإسلام :
(( وأيضا لا يقاتل معهم غير مكره إلا فاسق أو مبتدع أو زنديق )) .
وجاء في الدرر السنية في الكتب النجدية - (ج 10 / ص 328) :
(( ص -317- ... وقد يقع التعزير بالقتل، كما في حديث شارب الخمر: "فإن شربها في الرابعة، فاقتلوه" 1. وقد أفتى شيخ الإسلام، رحمه الله، بقتل من شرب الخمر في نهار رمضان، إذا لم يندفع شره إلا بذلك، وأفتى بحل دم من جمز إلى معسكر التتار، وكثر سوادهم، وأخذ ماله؛ وكل هذا من التعازير، التي يرجع فيها إلى ما يحصل به درء المفسدة، وحصول المصلحة. وأفتى في التعزير بأخذ المال إذا كان فيه مصلحة)). انتهى كلامه .
من خلال ما سبق يتين أن كلام شيخ الإسلام لم يتعارض مع كلامه الآخر الواضح في المسألة وهو كالتالي: )) أن شعب الإيمان قد تتلازم عند القوة ولا تتلازم عند الضعف فإذا قوي ما فى القلب من التصديق والمعرفة والمحبة لله ورسوله أوجب بغض أعداء الله كما قال تعالى: ولو كانوا يؤمنون بالله والنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء . وقال: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه وقد تحصل للرجل موادتهم
لرحم أو حاجة فتكون ذنبا ينقص به إيمانه ولا يكون به كافرا كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبى وأنزل الله فيه: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة. وكما حصل لسعد بن عبادة لما أنتصر لابن أبي في قصة الإفك فقال لسعد بن معاذ: كذبت والله لا تقتله ولا تقدر على قتله. قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية. ولهذه الشبهة سمى عمر حاطبا منافقا فقال: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال: إنه شهد بدرا فكان عمر متأولا فى تسميته منافقا للشبهة التى فعلها. وكذلك قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه إنما أنت منافق تجادل عن المنافقين. هو من هذا الباب وكذلك قول من قال من الصحابة عن مالك بن الدخشم منافق وإن كان قال ذلك لما رأى فيه من نوع معاشرة ومودة للمنافقين انتهى كلامه من مجموع الفتاوى - (ج 7 / ص 522) .
وجاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام - (ج 20 / ص 33) :
(( فصل والخطأ المغفور في الاجتهاد هو فى نوعي المسائل الخبرية والعلمية كما قد بسط فى غير موضع كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه مثل من اعتقد أن الذبيح إسحاق لحديث اعتقد ثبوته ....... أو اعتقد ان من جس للعدو وعلمهم بغزو النبى صلى الله عليه وسلم فهو منافق كما اعتقد ذلك عمر فى حاطب وقال دعنى اضرب عنق هذا المنافق أو اعتقد أن من غضب لبعض المنافقين غضبة فهو منافق كما اعتقد ذلك أسيد بن حضير فى سعد بن عبادة وقال إنك منافق تجادل عن المنافقين أواعتقد أن بعض الكلمات أو الآيات أنها ليست من القرآن لأن ذلك لم يثبت عنده بالنقل الثابت كما نقل عن غير واحد من السلف أنهم أنكروا ألفاظا من القران .... )) انتهى كلامه .
وقال أيضا رحمه الله في (اقتضاء الصراط المستقيم ) - (ج 1 / ص 83) :
(( وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله: ومن يتولهم منكم فإنه منهم . وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفرا أو معصية أو شعارا للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك. انتهى كلامه .
وما سبق من كلام شيخ الإسلام يقضي على الإجمال الذي في كلامه التالي :
(( فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة فكيف بالمشابهة في أمور دينية فإن إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين. وقال تعالى فيما يذم به أهل الكتاب: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون. فبين سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزم لعدم ولايتهم فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم. وقال سبحانه وتعالى: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه. فأخبر سبحانه وتعالى أنه لا يوجد مؤمن يواد كافرا فمن واد الكفار فليس بمؤمن فالمشابهة الظاهرة مظنة المودة فتكون محرمة كما تقدم تقرير مثل ذلك واعلم أن وجوه الفساد في مشابهتهم كثيرة فلنقتصر على ما نبهنا عليه والله أعلم انتهى كلامه من اقتضاء الصراط - (ج 1 / ص 221) .
فكلام شيخ الإسلام هنا مجمل وهو أسلوب قرآني يجمل في موضع ويفصل في موضع آخر .
وعندنا رسالة جامعية هي ( منهج ابن تيمية في مسألة التكفير ) تأليف عبد المجيد بن سالم بن عبد الله المشعبي أشرف عليها الأستاذ الشيخ صالح بن سعد السحيمي :
في المجلد الأول ص 150 : بين فيها المؤلف أن رأي شيخ الإسلام أن من نواقض الإسلام موالاة الكفار ولاء مطلقا .
وأقول إن عدم تكفير المسلم لكونه أعان كافرا دون أن يحب دينه أو يوافقه في معتقده وكفره لا يخرج من الملة عند من يلي :
1- الأئمة الأربعة لكونهم لم يحكموا بكفر الجاسوس بل جمهورهم لم ير قتله .
2- جمهور المفسرين حتى ان ابن الجوزي الذي يجمع أقوال المفسرين قال :
(( قوله تعالى : { ومن يتولّهم منكم فإنه منهم } فيه قولان .
أحدهما : من يتولهم في الدين ، فإنه منهم في الكفر .
والثاني : من يتولهم في العهد فإنه منهم في مخالفة الأمر )). انتهى كلامه من زاد المسير - (ج 2 / ص 223) .
وابن سعدي يقول في تفسير هذه الآية ما يلي :
(( { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } لأن التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم. والتولي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرج شيئا فشيئا، حتى يكون العبد منهم)). كذا جاء في تفسيره رحمه الله .
ويقول ابن عثيمين أيضا في تفسيره سورة المائدة : (( إذا ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) في إيش في الظاهر وربما يؤدي ذلك إلى الباطن ومشاركتهم في عقائدهم وفي أعمالهم وأخلاقهم ... فهو كقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من غش فليس منا ) إذا اتخاذ اليهود والنصارى أولياء من كبائر الذنوب )) انتهى كلامه .
وهذا رأي الألباني رحمه الله فقد سألته على الهاتف هذا السؤال فقال الموالاة كغيرها من الكبائر أو نحو ذلك
وقال الشيخ صالح الفوزان في دروس في شرح نواقض الإسلام :
(( من يعين الكفار على المسلمين وهو مختار غير مكره مع بغضه لدين الكفار وعدم الرضا عنه ، فهذا لا شك أنه فاعل كبيرة من كبائر الذنوب ويخشى عليه من الكفر ولولا أنه يبغض دينهم ولا يحبهم لحكم عليه بالكفر ، فهو على خطر شديد )) انتهى كلامه .
نتيجة البحث :
تبين من البحث السابق أن آراء شيخ الإسلام في هذا الموضوع المهم كما يلي :
1- الجاسوس لمصلحة الكافر على المسلم ليس بكافر خارج من الملة .
2- من واد الكافر لرحم أو حاجة هو ذنب ينقص الإيمان وليس كفرا كما فعل حاطب بن أبي بلتعة .
3- معنى قوله تعالى : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) من تولاهم التولي المطلق فهو كافر أو هو منهم في القدر المشترك الذي والاهم فيه فإن كان معصية فهو معصية وإن كان كفرا فهو كفر .
4- من ينضم طوعا إلى جيش الكفار ممن يظهر الإسلام فهو إما منافق أو زنديق أو فاسق فاجر ولكن يكون حكمه في القتال كحكم الكفار من باب التعزير ودرء المفسدة . وهذا البيان بينه شيخ الإسلام في حال وجود دولة إسلامية تقاتل طائفة أو دولة كافرة لا في قتال لا تتوفر فيه شروطه الشرعية فتنبه .
وعدم الحكم بكفر من أعان الكفار على المسلمين لا يعني تحسين ما فعل بل هو جريمة نكراء ومعصية تتزلزل لهولها الجبال أعاذنا الله وإخواننا المسلمين في كل مكان منها .
ولكن رضى الله باتباع الدليل والإنصاف والعدل لا بالعاطفة والحماس المجرد .
وإليك هذه الفتوى للعلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك في هذا الموضوع الخطر :
جاء في ( فتاوى واستشارات الإسلام اليوم) - (ج 16 / ص 431) ما يلي :
(( مظاهرة الكفار على المسلمين رهبةً لا كرهاً للمسلمين!
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 01/02/1427هـ
السؤال
فضيلة شيخنا عبد الرحمن بن ناصر البراك -حفظه الله- أفيدك بأني قد قرأت كتابًا بعنوان: (مسائل العذر بالجهل) تحت إشراف فضيلتكم، وفهمت منه أن إعانة الكفار بالقتال معهم ضد المسلمين لا تكون كفراً، إلا بشرط الرغبة في إظهار دينهم، أو المحبة لدينهم، وعبَّر أن القتال مع الكفار ضد المسلمين -حمية ولمصالح دنيوية- ليس كفراً مخرجاً من الملة، فهل هذا الفهم صحيح؟ وهل قال به أحد من أهل السنة؟ وما رأي فضيلتكم في اشتراط ما ذُكِر أعلاه للحكم بتكفير من قاتل المسلمين مع الكافرين؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا شك أن أسباب مظاهرة بعض الكافرين على بعض المسلمين تختلف، فتارة يكون الباعث بغض الإسلام وأهله، وتارة يكون عن رغبة في مصلحة أو رهبة من ضرر يلحق بهذا المظاهر، ومعلوم أنه لا يستوي من يحب الله ورسوله ودينه -ولكن حمله غرض من الأغراض على معاونة بعض الكفار على بعض المسلمين- لا يستوي هذا ومن يبغض الإسلام وأهله، وليس هناك نص بلفظ المظاهرة أو المعاونة يدل على أن مطلق المعاونة ومطلق المظاهرة يوجب كفر من قام بشيء من ذلك لأحد من الكافرين.
وهذا الجاسوس الذي يجس على المسلمين وإن تحتم قتله عقوبة فإنه لا يكون بمجرد الجس مرتداً، ولا أدل على ذلك من قصة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- فقد أرسل لقريش يخبرهم بمسير النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم، ولما أطلع اللهُ نبيَه على ما حصل من حاطب، وعلى أمر المرأة التي حملت الكتاب عاتب النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حاطباً على ذلك، فاعتذر بأنه ما حمله على ذلك إلا الرغبة في أن يكون ذلك يداً له عند قريش يحمون بها أهله وماله، فقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- عذره، ولم يأمره بتجديد إسلامه، وذكر ما جعل الله سبباً لمغفرة الله له، وهو شهوده بدراً. صحيح البخاري (3983)، وصحيح مسلم (2494).
وهذه مظاهرة أي مظاهرة، فإطلاق القول بأن مطلق المظاهرة -في أي حال من الأحوال- يكون ردة ليس بظاهر. فإن المظاهرة تتفاوت في قدرها ونوعها تفاوتاً كثيراً، وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51]، لا يدل على أن أي تولٍّ يوجب الكفر، فإن التولي على مراتب، كما أن التشبه بالكفار يتفاوت وقد جاء في الحديث: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أحمد (5093)، وأبو داود (4031) ، ومعلوم أنه ليس كل تشبه يكون كفراً فكذلك التولي.
والحاصل أن ما ورد في الكتاب المسؤول عنه من التفصيل هو الصواب عندي. والله أعلم )) انتهى كلامه .
وقد جمعت في المسألة جمعا طيبا من أدلة الكتاب والسنة وبيان الأئمة والعلماء والمفسرين في كتابي ( التنوير في نقض الغلو في التكفير والتفجير ) حبذا الاطلاع عليه .
وأسأل الله تعالى أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
كتبه أبو معاوية غالب أحمد المشرف على موقع ( روضة السلفيين ) www.salafien.com .