الحكمة من وراء وجود الشيطان في أن يكون هو مصدر للشر في العالم..

تقليص

عن الكاتب

تقليص

محبة الاسلام اكتشف المزيد حول محبة الاسلام
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محبة الاسلام
    6- عضو متقدم

    حارس من حراس العقيدة
    • 12 يول, 2008
    • 1048

    الحكمة من وراء وجود الشيطان في أن يكون هو مصدر للشر في العالم..

    موقف الشيطان من الانسان
    منقول



    قد يتساءل البعض ما هى الحكمة من وراء وجود الشيطان فى ان يكون هو مصدر للشر فى هذا العالم وللعلماء فى ذلك بيان :-
    من المتفق عليه انه يوجد مصدران للشر فى هذا الكون المصدر الأول هو ( هوى النفس ) والثانى هو ( وسواس الشيطان )
    الله خلق الانسان بنازعين نازع خير ونازع شر قال تعالى( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) ( الشمس)
    فكل إنسان مغروز في قلبه مكان للخير ، وهو نازع الخير وباعث التقوى يدعوه وَيُحِثُّهُ ويحضه على فعل الخيرات والابتعاد عن المهلكات ، ومغروز في قلبه أيضا مكان للهوى ، وهو نازع الشر وباعث الفجور يدعوه وَيُحِثُّهُ ويحضه على فعل الشهوات بأنواع المهلكات
    ( ولهذا قالت الملائكة ) {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} قالت ذلك قياسا وليس كما قال البعض قالو ذلك لما رأو فعل الجن من قبل ذلك .
    نعم ان الجن اسبق فى الوجود قبل الانسان لكن الانسان خلقه الله بنازعين خير وشر وهوى نفس ولقد بين القرآن ذلك فقال تعالى {فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} ابتلاءنا فى هوانا فانت تشتهى ما تشاء والله لن يحقق لك الا ما شاء

    المصدر الثانى للشر هو وسواس الشيطان الذى امتنع من السجود لآدم لحقده على الانسان لأنه وصل للمكانة التى بها يصبح خليفة عن الله وشاهد مظاهر تغير الكون وتهيئته لإستخلاف الله لهذا الانسان فلما تيقن خلوده فى النار طلب من الله شيئا ان لم يحدث لم تتحقق الحكمة وقال ان هذا الانسان سيفسد فى الارض ويسفك الدماء اتركنى اوسوس له وسأثبت لك ذلك .
    كان من الممكن ان يقول الله عز وجل ( لا )

    لكن حكمة الله اقتضت ان يتركه ليتحقق الكمال من خلال الابتلاء للإنسان ويتحقق عدل الله مع ابليس بالرغم من عدم سجوده فأمهله.
    لأنه لو منع إبليس من هذه المسألة ، لصحت دعوته بأن الإنسان لا يستحق هذه المنزلة ، وأصبح للشيطان حجة على العقول المبصرة ، فاقتضت حكمة الله أن يبتلي الشيطان بهذه المسألة ، وأن يرفع من شأن الإنسان لو تخطي هذه المشكلة ، ليعطيه مزيدا من التكريم على تكريمه السابق حيث استخلفه في الأرض وخوله فيها .


    فإذا سمح الله للشيطان أيضا أن يوسوس للإنسان ، فإن الشيطان سيقوي نازع الهوى والشر في الإنسان ، وكلاهما سيتفقان في دعوته إلي الكفر والعصيان ، وعند ذلك ستكون دواعي الشر في الإنسان أقوي من نازع الخير فيه ؟


    أليس للعاصي عند ذلك أن يحتج على الله يوم القيامة بأنه لا يستحق العذاب ، لأن نازع الخير فيه كان وحيدا ، وكانت دواعي الشر في الإنسان لها ركنان ، أحدهما نازع الشر والآخر الشيطان ، فهي بذلك أقوي في الإنسان من باعث التقوى والإيمان وداعي الخير في الإنسان ، من أجل ذلك يطالب ربه بإسقاط العذاب عن الكفر العصيان ؟


    لكن الله عز وجل الذى هو احكم الحاكمين كلف الحق سبحانه وتعالى بكل انسان ملك من الملائكة يقترن به يهتف له بالخير والايمان فى مقابل هتاف الشيطان ففى الحديث روي الإمام مسلم من حديث عبد الله بن مسعود t أن رَسُول الله صلي الله عليه وسلم قال: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا وَقَدْ وُكِّل بهِ قَرِينُهُ مِنَالجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ المَلائِكَةِ ، قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُول الله ، قَال: وَإِيَّايَ وَلكِنَّ الله أَعَانَنِي عَليْهِ فَلا يَأْمُرُنِي إِلا بِحَقٍّ) ، وروي الترمذي أيضا وحسنه من حديث عبد الله رضي الله عنه أن رَسُول الله صلي الله عليه وسلم قال: (إِنَّ للشَّيْطَانِ لمَّةً بِابْنِ آدَمَ ، وَللمَلكِ لمَّةً ، فَأَمَّا لمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالحَقِّ ، وَأَمَّا لمَّةُ المَلكِ فَإِيعَادٌ بِالخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالحَقِّ ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلكَ فَليَعْلمْ أَنَّهُ مِنَ الله فَليَحْمَدِ الله ، وَمَنْ وَجَدَ الأخرى فَليَتَعَوَّذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، ثُمَّ قَرَأَ: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا وَاللهُ وَاسِعٌ عَليمٌ) .

    حتى لا يأتى احد يوم القيامة ويقول ان جانب الشر عندى كان اكثر لهذا وضع الله العوامل التى تمنع الانسان من ذلك فقد قال تعالى {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} متلخصة فى ستة اشياء حباها الانسان حتى يستطيع التغلب بها على وسواس الشيطان وكيده



    الاولى :- ان الله وكل بكل انسان ملك قرين يهتف له بالخير مقابل هتاف الشيطان بالعصيان
    فقد قال تعالى فى سورة ق عن موقف الانسان الذى كان عاصيا لربه فى الدنيا يوم القيامة ( وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ{23} ) القرين هنا هو الملك يقول ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ{24} مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ{25}) )
    مناع هنا تعنى كثير التمنع عن الطاعة والايمان ادعوه فيتمنع دور الملك الدعوة فقط بالخير والايمان بأمر الله عز وجل يدعو الانسان فيتمنع فسماه مناع للخير ( الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ (26)
    الشيطان وهوى النفس لآن الآلهة الباطلة مردها إما هوى النفس و الشهوات أو الطاغوت ( الشيطان )
    ( {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ }ق27 )
    الشيطان يقول انا ليس لى دخل فى اضلاله ليثبت وجهة نظره السابقة فى الانسان هذا الذى كرمته وهذه هى النهاية !!!
    فيقول الله ( {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ }ق28 28) الشياطين والانس
    فالشيطان يريد ان يجعل المسئولية على الانسان.


    الثانى :- ان الله عز وجل سيحاسب المؤمنين بفضله والكافرين بعدله:-
    المؤمن طالما تسلط عليه الشيطان من فضل الله انه سيحاسبه الحسنة بعشر امثالها والسيئة بواحدة .
    والعدل يقول ان الحسنة بواحدة لكن من كرم الله أنه عامل المؤمن بكرمه وإحسانه فإذا وسوس الشيطان 10مرات حسنة واحدة تمحو كل ما فعل .
    وتأمل معى ثواب وأجر قرآءة حرف واحد من القرآن بعشر حسنات ولا اله الا الله عند الموت تدخل الجنة .
    الشيطان مهما صنع مع الانسان ممكن فى لحظة يعود الى ربه


    الثالث:- تكفل الله عز وجل من فوق عرشه عند استعاذتك من الشيطان ان يسكته ويسكت وسواسه قال تعالى {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }فصلت36
    المفترض من ناحية العدل ان تقف انت أمام وسوسته لكن من رحمة الله عز وجل وفضله أنه يوقف لك هذا .


    الرابع :- ان الله تبارك وتعالى فتح باب التوبة الى يوم القيامة ما لم تغرغر الروح حتى تطلع الشمس من مغربها .
    فلو ان انسانا اتبع الشيطان لزمن وبعد ذلك رجع الى ربه وأناب واستغفر الله بصدق ويقين فى التوبة قبل الله توبته وخاصة اذا قام فى الثلث الاخير من الليل وهو الوقت الذى ينادى فيه رب العزة ( هل من تائب فأتوب عليه هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له )
    كل هذا الكرم الالهى بسبب تسليط الشيطان على الانسان


    الخامسة :- ان الله سيبدل للتائب عدد ما فات من السيئات حسنات يوم القيامة :-
    فلو كان هناك شخص حياته كله عصيان لله وقبل موته تاب الى الله وقال لا اله الا الله فالأعمال التى اخذ عليها سيئات ستبدل الى حسنات وذلك لرد كيد الشيطان بالانسان


    السادسة: _ أن الله تعالى يفرح بتوبة عبده ورجوعه اليه من أحدكم اذا وجد ضالته فى أرض فلاة .
    ففى الحديث عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة) متفق عليه .
    ان الله يفرح عز وجل بتوبة عبده ورجوعه اليه.


    السابعة :- أن الله لن يعذب احدا إلا بعد الإنذار اليه قال تعالى ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الاسراء(15).

    هل علمت الأن ما الحكمة من وجود الشيطان ان الله عز وجل ارحم الراحمين و أحكم الحاكمين بل كل ما فى الكون انما وضع فى مكانه الصحيح الذى يتحقق منه حكمة الله عز وجل فى خلقه سواء علم الانسان هذه الحكمة ام لا يعلمها وانما دور الانسان تجاه ذلك هو التسليم لأمر الله عز وجل والانقياد لأمره فهو الذى أرحم بعباده من الأم بولدها ولعل ما قرأته يكون دافعا ومعينا لك على طاعة الله وسببا فى زيادة يقينك بسعة رحمة الله عز وجل مهما اوقعك الشيطان فى الذنوب فباب التوبة لله لم يغلق ولن يغلق ما دام فى عمرك بقية .
    أسال الله التوفيق والسداد و الدوام على طاعة الله الى الممات.
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 13 أغس, 2020, 05:25 م.
    سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم..
    عدد خلقه.. ورضا نفسه.. وزنة عرشه.. ومداد كلماته..

  • ظل ظليل
    مشرف قسم الإستشراق والتغريب والتبشير

    • 26 أغس, 2008
    • 3506
    • باحث
    • مسلم

    #2
    موضوع ممتااااز , بارك الله فيك ...

    تعليق

    • صفي الدين
      مشرف المنتدى

      • 29 سبت, 2006
      • 2596
      • قانُوني
      • مُسْلِم حُرٍ لله

      #3
      السَلام عَليكُم
      بارك الله فيكِ و جَزاكِ كُل خَيِر
      {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }
      مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ. كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ

      تعليق

      • فارس الميـدان
        مشرف عام أقسام
        المذاهب الفكرية الهدامة
        ومشرف عام قناة اليوتيوب

        • 17 فبر, 2007
        • 10117
        • مسلم

        #4
        جزاكم الله خيرا .. موضوع متميز ..
        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 13 أغس, 2020, 05:26 م.
        الحمد لله الذى جعل فى كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى .. الإمام أحمد ..

        تعليق

        • ابو عمر المصرى
          اللجنة العلمية
          مشرف شرف المنتدى

          • 1 أبر, 2007
          • 826
          • مسلم

          #5
          يقول ابن القيم في كتابه (مدارج السالكين) في مَعْرض حديثه عن الحكمة من خلق الله عز و جل لما لا يحبه و لا يرضاه:

          مثال ذلك أنه سبحانه خلق إبليس الذي هو مادة لفساد الأديان والأعمال والاعتقادات والإرادات وهو سبب شقاوة العبيد وعملهم بما يغضب الرب تبارك وتعالى وهو الساعي في وقوع خلاف ما يحبه الله ويرضاه بكل طريق وكل حيلة فهو مبغوض للرب سبحانه وتعالى مسخوط له لعنه الله ومقته وغضب عليه ومع هذا فهو وسيلة إلى محاب كثيرة للرب تعالى ترتبت على خلقه وجودها أحب إليه من عدمها:


          - منها: أن تظهر للعباد قدرة الرب تعالى على خلق المتضادات المتقابلات فخلق هذه الذات التي هي أخبث الذوات وشرها وهي سبب كل شر في مقابلة ذات جبريل التي هي أشرف الذوات وأطهرها وأزكاها وهي مادة كل خير فتبارك الله خالق هذا وهذا كما ظهرت لهم قدرته التامة في خلق الليل والنهار والضياء والظلام والداء والدواء والحياة والموت والحر والبرد والحسن والقبيح والأرض والسماء والذكر والأنثى والماء والنار والخير والشر, وذلك من أدل الدلائل على كمال قدرته وعزته وسلطانه وملكه فإنه خلق هذه المتضادات وقابل بعضها ببعض وسلط بعضها على بعض وجعلها محال تصرفه وتدبيره وحكمته فخلو الوجود عن بعضها بالكلية تعطيل لحكمته وكمال تصرفه وتدبير مملكته


          - ومنها: ظهور آثار أسمائه القهرية مثل القهار والمنتقم والعدل والضار وشديد العقاب وسريع الحساب وذي البطش الشديد والخافض والمذل فإن هذه الأسماء والأفعال كمال فلا بد من وجود متعلقها ولو كان الخلق كلهم على طبيعة الملك: لم يظهر أثر هذه الأسماء والأفعال ومنها: ظهور آثار أسمائه المتضمنة لحلمه وعفوه ومغفرته وستره وتجاوزه عن حقه وعتقه لمن شاء من عبيده فلولا خلق ما يكره من الأسباب المفضية إلى ظهور آثار هذه الأسماء لتعطلت هذه الحكم والفوائد وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله: ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)



          - ومنها: ظهور آثار أسماء الحكمة والخبرة فإنه سبحانه الحكيم الخبير الذي يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها اللائقة بها فلا يضع الشيء في غير موضعه ولا ينزله غير منزلته التي يقتضيها كمال علمه وحكمته وخبرته فلا يضع الحرمان والمنع موضع العطاء والفضل ولا الفضل والعطاء موضع الحرمان والمنع ولا الثواب موضع العقاب ولا العقاب موضع الثواب ولا الخفض موضع الرفع ولا الرفع موضع الخفض ولا العز مكان الذل ولا الذل مكان العز ولا يأمر بما ينبغي النهي عنه ولا ينهى عما ينبغي الأمر به فهو أعلم حيث يجعل رسالته وأعلم بمن يصلح لقبولها ويشكره على انتهائها إليه ووصولها وأعلم بمن لا يصلح لذلك ولا يستأهله وأحكم من أن يمنعها أهلها وأن يضعها عند غير أهلها فلو قدر عدم الأسباب المكروهة البغيضة له لتعطلت هذه الآثار ولم تظهر لخلقه ولفاتت الحكم والمصالح المترتبة عليها وفواتها شر من حصول تلك الأسباب فلو عطلت تلك الأسباب لما فيها من الشر لتعطل الخير الذي هو أعظم من الشر الذي في تلك الأسباب وهذا كالشمس والمطر والرياح التي فيها من المصالح ما هو أضعاف أضعاف ما يحصل بها من الشر والضرر فلو قدر تعطيلها لئلا يحصل منها ذلك الشر الجزئي لتعطل من الخير ما هو أعظم من ذلك الشر بما لا نسبة بينه وبينه

          - ومنها: حصول العبودية المتنوعة التي لولا خلق إبليس لما حصلت, فإن عبودية الجهاد من أحب أنواع العبودية إليه سبحانه ولو كان الناس كلهم مؤمنين لتعطلت هذه العبودية وتوابعها: من الموالاة فيه سبحانه والمعاداة فيه والحب فيه والبغض فيه وبذل النفس له في محاربة عدوه وعبودية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعبودية الصبر ومخالفة الهوى وإيثار محاب الرب على محاب النفس



          - ومنها: عبودية التوبة والرجوع إليه واستغفاره فإنه سبحانه يحب التوابين ويحب توبتهم فلو عطلت الأسباب التي يتاب منها لتعطلت عبودية التوبة والاستغفار منها ومنها: عبودية مخالفة عدوه ومراغمته في الله وإغاظته فيه وهي من أحب أنواع العبودية إليه فإنه سبحانه يحب من وليه أن يغيظ عدوه ويراغمه ويسوءه وهذه عبودية لا يتفطن لها إلا الأكياس



          - ومنها: أن يتعبد له بالاستعاذة من عدوه وسؤاله أن يجيره منه ويعصمه من كيده وأذاه ومنها: أن عبيده يشتد خوفهم وحذرهم إذا رأوا ما حل بعدوه بمخالفته وسقوطه من المرتبة الملكية إلى المرتبة الشيطانية فلا يخلدون إلى غرور الأمل بعد ذلك



          - ومنها: أنهم ينالون ثواب مخالفته ومعاداته الذي حصوله مشروط بالمعاداة والمخالفة فأكثر عبادات القلوب والجوارح مرتبة على مخالفته



          - ومنها: أن نفس اتخاذه عدوا من أكبر أنواع العبودية وأجلها قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً} [ فاطر: 6 ] فاتخاذه عدوا أنفع شىء للعبد وهو محبوب للرب



          - ومنها: أن الطبيعة البشرية مشتملة على الخير والشر والطيب والخبيث وذلك كامن فيها كمون النار في الزناد فخلق الشيطان مستخرجا لما في طبائع أهل الشر من القوة إلى الفعل وأرسلت الرسل تستخرج ما في طبيعة أهل الخير من القوة إلى الفعل فاستخرج أحكم الحاكمين ما في قوى هؤلاء من الخير الكامن فيها ليترتب عليه آثاره وما في قوى أولئك من الشر ليترتب عليه آثاره وتظهر حكمته في الفريقين وينفذ حكمه فيهما ويظهر ما كان معلوما له مطابقا لعلمه السابق وهذا هو السؤال الذي سألته ملائكته حين قالوا: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [ البقرة: 30 ] فظنت الملائكة أن وجود من يسبح بحمده ويطيعه ويعبده أولى مِن وجود مَن يعصيه ويخالفه فأجابهم سبحانه بأنه يعلم من الحكم والمصالح والغايات المحمودة في خلق هذا النوع ما لا تعلمه الملائكة


          - ومنها: أن ظهور كثير من آياته وعجائب صنعه: حصل بسبب وقوع الكفر والشر من النفوس الكافرة الظالمة كآية الطوفان وآية الريح وآية إهلاك ثمود وقوم لوط وآية انقلاب النار على إبراهيم بردا وسلاما والآيات التي أجراها الله تعالى على يد موسى وغير ذلك من آياته التي يقول سبحانه عقيب ذكر كل آية منها في سورة الشعراء: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [ الشعراء: 68-9 ] فلولا كفر الكافرين وعناد الجاحدين لما ظهرت هذه الآيات الباهرة التي يتحدث بها الناس جيلا بعد جيل إلى الأبد


          - ومنها: أن خلق الأسباب المتقابلة التي يقهر بعضها بعضا ويكسر بعضها بعضا: هو من شأن كمال الربوبية والقدرة النافذة والحكمة التامة والملك الكامل وإن كان شأن الربوبية كاملا في نفسه ولو لم تخلق هذه الأسباب لكن خلقها من لوازم كماله وملكه وقدرته وحكمته فظهور تأثيرها وأحكامها في عالم الشهادة: تحقيق لذلك الكمال وموجب من موجباته فتعمير مراتب الغيب والشهادة بأحكام الصفات من آثار الكمال الإلهي المطلق بجميع وجوهه وأقسامه وغاياته
          وبالجملة: فالعبودية والآيات والعجائب التي ترتبت على خلق ما لا يحبه ولا يرضاه وتقديره ومشيئته: أحب إليه سبحانه وتعالى من فواتها وتعطيلها بتعطيل أسبابها فإن قلت: فهل كان يمكن وجود تلك الحكم بدون هذه الأسباب قلت: هذا سؤال باطل إذ هو فرض وجود الملزوم بدون لازمه كفرض وجود الابن بدون الأب والحركة بدون المتحرك والتوبة بدون التائب فإن قلت: فإذا كانت هذه الأسباب مرادة لما تفضي إليه من الحكم فهل تكون مرضية محبوبة من هذا الوجه أم هي مسخوطة من جميع الوجوه)
          انتهى كلامه
          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 13 أغس, 2020, 05:26 م.
          [frame="2 90"]



          [/frame]

          تعليق

          • محبة الاسلام
            6- عضو متقدم

            حارس من حراس العقيدة
            • 12 يول, 2008
            • 1048

            #6
            بسم الله الرحمن الرحيم
            الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            بارك الله في الجميع، وجزاكم كل خير
            سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم..
            عدد خلقه.. ورضا نفسه.. وزنة عرشه.. ومداد كلماته..

            تعليق

            • محبة الاسلام
              6- عضو متقدم

              حارس من حراس العقيدة
              • 12 يول, 2008
              • 1048

              #7
              بسم الله الرحمن الرحيم
              الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
              للرفع..
              سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم..
              عدد خلقه.. ورضا نفسه.. وزنة عرشه.. ومداد كلماته..

              تعليق

              • محبة الاسلام
                6- عضو متقدم

                حارس من حراس العقيدة
                • 12 يول, 2008
                • 1048

                #8
                بسم الله الرحمن الرحيم
                الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
                للرفع..
                سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم..
                عدد خلقه.. ورضا نفسه.. وزنة عرشه.. ومداد كلماته..

                تعليق

                مواضيع ذات صلة

                تقليص

                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                ابتدأ بواسطة أحمد هاني مسعد, منذ 2 يوم
                ردود 0
                18 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة أحمد هاني مسعد
                ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 3 أسابيع
                ردود 0
                15 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة أحمد الشامي1
                بواسطة أحمد الشامي1
                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 أكت, 2024, 01:29 ص
                رد 1
                12 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                بواسطة *اسلامي عزي*
                ابتدأ بواسطة محمد,,, 3 أكت, 2024, 04:46 م
                رد 1
                36 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة الراجى رضا الله
                ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 29 سبت, 2024, 08:36 م
                ردود 0
                387 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة أحمد الشامي1
                بواسطة أحمد الشامي1
                يعمل...