طردُ آدمَ من الجنة
استراح الله من تعب الأيام الستة فى إنجاز الخليقة ، " وفرغ الله فى اليوم السابع من عمله الذى عمل . فاستراح فى اليوم السابع من جميع عمله الذى عمل . وبارك الله اليوم السابع وقدسه . لأنه فيه استراح من جميع عمله الذى عمل الله خالقا " تك 2/2-3 ، وذلك بعد أن " رأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدا " ( تك 1/31 ) .
وبعد فجر اليوم الأول من الأسبوع ، أشرقت الشمس ، واحلو الجو ، خرج الرب الإله بأقانيمه الثلاثة " ماشيا فى الجنة عند هبوب ريح النهار " تك 3/8 ، يدوس بقدميه أوراق الشجر الجافة على الأرض ، #########.
لم يقع نظره على آدم فى جولته ، فنادى الآب : يا آدم ، يا آدم . لم يَرُدّ آدم . فالتفت إلى الإبن : يا ابنى ابحث لى عن آدم .ألم نضعه " فى جنة عدن ليعملها (= to cultivate it ليزرعها ) ويحفظها(keep it ) " تك 2/5 .
نادى الإبن مرات . لم يردّ آدم أيضا . أصابهما الإحباط . نظر الآب إلى الروح القدس نظرة استنجاد ، وقال : " الروح يفحص كل شىء حتى أعماق الله " (1) و " هكذا أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله " (2) . فتش لنا الجنة شبرا شبرا أيها الخبير، حتى تعثر عليه .
حسب قول أنطونيوس فكرى : كل شىء يتم " داخل المشورة الثالوثية للأقانيم الثلاثة " ، لا ينفرد واحد منهم برأى . اقترح الروح القدس أن ينادى الثلاثة معا بصوت واحد . نادى الجميع : " يا آدم . يا آدم . أين أنت ؟ ردّ آدم : " سمعت صوتك فى الجنة فخشيت لأنى عريان فاختبأت " .
##### يا آدم . كيف عرفت أنك عريان ؟ هل رأت حواء سوأتك ؟ " ... " نعم . ورأيت سوأتها " . . . #######مصيبة وقعت فى الجنة لم يحسب لها أحد حسابا .
" هل أكلتَ من الشجرة التى أوصيتك ألا تأكل منها ؟ " قال آدم : " المرأة التى جعلتَها معى هى أعطتنى من الشجرة فأكلتُ " . وقالت المرأة : " الحية هى غرتنى فأكلتُ " .
الحية !!! تلك المخلوق المتعدد الأرجل !!! تكلم حواء بالعبرية ؟
" هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر ( أى أصبح نصف إله ) ، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد " تك 3/22 . عندئذ يصبح آدم وحواء إلهين كاملين ، وستصبح عائلتنا الثالوثية المقدسة خاموسا ، وسوف يتناسلان وينجبان آلهة صغيرة ، ################ فى جنة عدن ، وسيهتز عرش الألوهية تحتكم .
يا للكارثة .
ما العمل يا رفـاق ؟ لندرس الأمر فى هـدوء ورويـة، و يجب أن يتم كل شىء " داخل المشـورة الثالوثيـة " كعادتنا . لقد عصى آدم ، وخالف الوصيـة .
كم عذّبنا ذلك الجهول . قضى على ربه بالشقاء وعدم الراحة آلاف السنين. لقد أفسد علينا سبوتنا . ################ بعد . " إن راحة الله فى الخليقة الأولى قد اضطربتْ بسبب الخطية ... لم يكن فى الإمكان أن يستريح الله فى مشهد الخطية والبؤس ، لأن الله محبة " (3)
إذن فليُطرَدْ آدم من الجنة فورا . كل شىء يهون إلا التفريط فى هذا العرش ، نتمسك بثالوثنا دون زيادة، لا حَقّ لآدم فى مغفرة أو عفو أو رحمة ، أو رأفة أو إحسان أو فضل أو كرم أو حنان أو حتى فى العدل ، فليحرم منها جميعا .
التفت الآب إلى ابنه المولود منه، وإلى روحه المنبثق عنه : لن ندع له فرصة، " لا تشفق أعينكم ولا تعفوا " .
" وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جـلد وألبسهما " تك 3/21 .
لقد كانت الذبـائـح تمـلأ الجنـة ، وجـلودها متوفرة ، كما يقول الذين يربطون على الأرض فيكون مربوطا فى السمـوات .
لكن لماذا الذبائح ؟ الإنسان لم يأكل اللحوم إلا بعد الطوفان ، كانت محرمة عليه قبل ذلك . " كل ما يدب على الأرض وكل أسماك البحر قد دفعت إلى أيديكم . كل دابة حية تكون لكم طعاما كالعشب الأخضر " تك 9/2 ... آه ... أدركت الآن ، إنها ذبائح لله ذاته ، إنه يحب رائحة الشواء " وأصعدَ محرقاتٍ على المذبح فتنسّم الرب رائحة الرضا " تك 8/20 – 21 . ثم ألَمْ يأكل هو والملَكان عند إبراهيم " زبدا ولبنا وخبز مَلّة ، وعجلا رخصا وجيدا " ؟ تك 18/ 6 – 8 . ############################ .
" فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ... فطُرِد الإنسان ، وأقام ( الرب الإله ) شرقى جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة " تك 3/23 - 24. خرج الإنسان مطرودا تمنعه قاذفات اللهب الإلهية من أن يقترب من جنة عدن ، لخشية الثالوث أن يأكل آدم منها فيحيا إلى الأبد .
أيها الكروب : ارم له الفأس والمحراث والطنبور ودواب زراعته ، واكسر خلفه القُلّة أو الزّير الذى كان يشرب به من نهر الجنة .
ترى أىّ نهر ذاك الذى " يخرج من عَدْن ليسقى الجنة . ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس . اسم الواحد فيشون ، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة ( شمالى اليمن ) ... واسم النهر الثانى جيحون وهو المحيط بجميع أرض كوش ... واسم النهر الثالث حداقل ( دجلة ) وهو الجارى شرقى أشور . والنهر الرابع الفرات " تك 2/10- 14 .
" والمعروف كنسيا وكتابيا أن جيحون هو نهر النيل ، وأن كوش هى الحبشة والنوبة والسودان " (4). هل حقا تتفرع هذه الأنهار من نهر واحد ؟ ؟ إن دجلة والفرات تنحدر من جبال القوقاز شمالا إلى الخليج الفارسى جنوبا ، بينما نهر النيل ينحدر من بحيرة فيكتوريا الاستوائية جنوبا إلى البحر الأبيض المتوسط شمالا .
هذه منابعها ومصباتها ، فكيف تتفرع أربعة رؤوس من نهر واحد ؟ ؟ ؟
لا تعترض . إنها الجغرافيـا الإلهية . ما أدراك ؟ أأنت أعلم أم الله ؟ - آمنت بالله .
و############# ندما أنه صنع من أجله الفـأس والمحراث والطنبور ... الخ ، إنها مهنة الإله المتأنس ( يسوع ) ، يقول جستين مارتر أحد الآباء الأوائل : " أنه كان يصنع أنيارا ومحـاريث وغيرهـا من الآلات الزراعيـة " (5) .
تلقى الشيطانُ آدمَ ، ######## أولا ، ثم قبّـله قبلة مقدسـة ، إنه ينعم بالحضرة الإلهية ، ويتسامر فى المجالس السماوية مع الرب والملائكة – برغم أنه شيطان - : " وكان ذات يوم أن جاء بنو الله ليمْثُلوا أمام الرب ، وجاء الشيطان أيضا فى وسطهم . فقال الرب للشيطان : من أين جئت ؟ فأجاب الشيطان الرب وقال : من الجَوَلان فى الأرض ، ومن التمشى فيها... ثم خرج الشيطان من أمام وجه الرب " أيوب 1/6 -12 .
" وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمْثُلوا أمام الرب ، وجاء الشيطان أيضا فى وسطهم ليمْثُل أمام الرب فقال الرب للشيطان : من أين جئت ؟ فأجاب الشيطان الرب وقال : من الجَوَلان فى الأرض ومن التمشى فيها ... فخرج الشيطان من حضرة الرب ... " أيوب 2/1 – 7 .
" أجناد الشر الروحية الآن مطلقة السراح لها مكان معين فى السماء ... الشيطان له حق الوقوف أمام الله، ليشتكى أمام الله على المؤمنين نهارا وليلا ( رؤيا 12/10 ) " (6) .
" أجناد الشر الروحية فى السماويات " (7) .
عجبا لهذا الإله ، أمره كله غريب وعجيب : " كانت الشريعة فى العهد القديم تقضى أن الأبرص يُنفَى خارج المحلة ، باعتباره ليس أهلا أن يُحصَى مع الشعب المفدِىّ ، وذلك نظير خاطىء لا يليق أن يتواجد فى محضر الله القدوس الذى يبغض الخطية " (8) .
ما باله يأنس بوجود إبليس ، أبى الخطايا كلها ، ويهيىء له مكانا فى محضره ، ويجعل له ولأجناد الشر الروحية مكانا معينا فى السماء ؟ ؟
أعد على مسامعنا هذه الفكرة الإلهية الفذة : " الأبرص ينفى خارج المحلة .... الذى يبغض الخطية " الأبرص خاطىء ؟ ليس أهلا أن يُحصَى مع شعب الله المفْدىّ ؟ ليس له حق فى رحمة الله ومعونته؟ والبرص نتيجة للخطية؟ مع أنه ليس وباء ُيعدِى حتى يُعزَل المريض. نظرة جامحة ، تجنح إلى اللامعقول . وا أسفاه !! ################## .
بدا لآدم أن يقول للرب الإله : كيف تُبكّـتُنى على عمل حين كنت لا أعرف الخير و الشر ، ولا الطاعة من المعصية ، ولا إن كنت عاريا أم كاسيا ؟ هل معرفة الخير و الشر خطيئة ؟
هل ثالوث العقل ، والعاقل ، والمعقول ، ينقصه التعقل ؟
هل نُطْقُ الله وحكمته ، تنقصه الحكمة والمنطق ؟
ولِمَ لا ؟ إن الله تخفى عليه أشياء كثيرة لا يعرفها ولا يراها ، منها مكان اختبائى منه بين أشجار الجنة ، وربما خفى عليه المنطق والتعقل أيضا .
كيف يعتقد الإله أن الألوهية تكتسب بالأكل ؟ إنها فكرة لا تخطر إلا على بال مأفون أومخمور .
ولِمَ لا ؟ فهو سكير دنيا وأخرى : " الحق أقول لكم ، إنى لا أشرب من نتاج الكرمة إلى ذلك اليوم حينما أشربه جديدا فى ملكوت الله " مر 14/26 . " لأنى أقول لكم لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتى ملكوت الله " لو 22/18 . " أكول وشريب خمر " لو 7/34 . ويحول الماء خمرا ، ويشربها كأسا فى إثر كأس . ويأكل العجول ويحب رائحة الشواء .
أليس الأكل من الشجرة أكثر قداسة من " وتأكل كعكا من الشعير على الخرء الذى يخرج من الإنسان " ؟ حزقيال 4/12 . إنه ثالـوث ###### ، يتـلذذ بإطعـام أنبيائـه البـراز والروث .
الحمد لله ، أصبح النصارى الآن فى عهـد النعمـة ، يتـلذذون بأكل جسـد المسيـح وشرب دمـه ( فى فطيرة القـربان المقـدس ) .
لقد أقام شرقى جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب . كيف لم يخطر بباله انه يمكن ان أََدخلََها من الشمال أو الغرب ... ؟ أم أنه حقا لم يعرف عند بدء الخليقة من الجهات الأربع إلا جهة الشرق ؟
آمن فقط لتفوز بالحياة الأبدية ، " إن عدم الإيمـان يقيـد يـد الله " (9). لم تخلق الجهات الأخرى إلا على عهـد بطليمـوس . - آمنت بالله ، ولا بـد أن أومـن .
إن ديان السموات والأرض لا يحكم عدلا . ها هو الشيطان برىء لم يعاقب ، ######### مع " غافر الإثم والمعصية والخطية ، ماحى الذنب ... ولا يذكر الخطايا " . وأنا طُرِدتُ ، ولُعِنَتْ الأرض بسببى ، وكُتِب على حواء التعب والشقاء فى الحمل والولادة ، والخضوع للرجل ، وسيادته عليها ، مع حرقة التشـوق إليه. وعوقبت الحية بأن تسعى على بطنها ، فقدتْ أرجلَها ، وتأكل التراب .... ( تك 3 ) .
يا مثبّت العقل والدين .
" إن إلها تتطلب عدالته معاوضة عن كل سقطة وخطيئة من الإنسان ، ليس بأفضل من ###### " .
لم يُمنَح آدم الفرصة ليجهر بذلك ، فتمتم عند خروجـه : " أنا عطشـان " ، هزأ به كروب ، وأحضر له آخر شربة ماء وسكبها على الأرض أمام عينيه . قال آدم : " قـد أكمل " ، ونكّـس الـرأس ، ولكنـه أضاف :
رغم أننى لم أرتكب كبيرة ولا صغيرة ، فإن دين التوحيـد المطلق يعلّم أن الله " غافر الذنب وقابـل التـوب " .
وأنه " من يعمل سـوءا أو يظلم نفسـه ثم يستغفـر الله يجد الله غفـورا رحيمـا " .
و " لا تقنطوا من رحمـة الله إن الله يغفر الذنوب جميـعا ، إنه هو الغفـور الرحيـم " .
" قال ربّ إنى ظلمتُ نفسى فاغفـر لى فغفـر له ، إنه هو الغفـور الرحيـم " .
" والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون . أولئك جـزاؤهم مغفـرة من ربهـم وجنات تجرى مـن تحتهـا الأنهـار خـالدين فيهـا ونعـم أجـر العـاملين " .
صرخ الروح القدس ، مانح السلام ، ومعزى البشر ، ومجدد النفوس ، فى فـزع كأنه #### :
أدرك آدم أيها الآب . يا أبا الآب . أسـلم آدم . آدم مسـلم !!!
المراجع :
1 – رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 2/10 .
2 - رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 2/11 .
3 – دراسات فى إنجيل متى عن مجلة كنوز الكتاب المقدس صـ 94 .
4 – أطلس الكتاب المقدس صـ 24 – عدلى اسكندر مرقص .
5 – دراسات فى الأناجيل صـ 53 - وليم ج. مورهيد.
6 – دراسات فى إنجيل متى صـ 68 - للأنبا إثناسيوس .
7 – رسالة بولس إلى أهل إفسوس 6/12 .
8 - دراسات فى إنجيل متى صـ 60 - للأنبا إثناسيوس .
9 - دراسات فى الأناجيل صـ 64 - وليم ج. مورهيد .
تعليق