الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وسيد الأولين والآخرين المبعوث رحمة للعالمين محمد رسول الله صلىالله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الكرام الكبار أحسن خلق الله بعدالأنبياء قلوبا وأطهرهم بعدهم نفوسا ومن تبعهم من المفضلين من القرون الثلاثة الأولى ومن تبعهم وفهم بفهمهم واتبع سبيلهم واقتفى أثرهم ممن جاء بعدهم إلى يوم الدين .
فقد ظهر في الفترة الأخيرة الطعن في روايات الصحابي الجليل أبو بكرة الثقفي رضي الله عنه إما لجهل أو لإجتهاد باطل وإن مما شجع هؤلاء على هذا التعدي في الفترة الأخيرة بالأخص إنما هو أمر لا يتعلق بالشرع وإنما محاولة ممن يدعون الثقافة لمعايشة الغرب وعدم التنطع والتمسك بما يحيل بننا وبين مجارية هذا العصر على حد زعمهم مما جرأهم على الطعن في الأحاديث الصحيحة المجمع على صحتها لا سيما في الصحيحين فضلا عن طعنهم في الصحابة .
وأعني بذلك ظهور مثل هذا الزخم والقدح في هذا الصحابي بالأخص لكي يردوا على على علماء الإسلام حديث النبي عليه السلام الذي رواه أبو بكرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال " « لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً » رواه البخاري وأحمد والبيهقي وغيرهم فقد قدحو في هذا الحديث لأسباب لا تخفى على الجميع فحسبنا الله ونعم الوكيل وقد أغرى أمثال هؤلاء أطفال وجهلة النصارى وأيضا جهلة الشيعة بالإستعانة بأقوالهم الهابطة للطعن على ثوابت السنة .
ذكر القصة كما رواها البيهقي في سننه :
" عَنْ قَتَادَةَ : أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَنَافِعَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ كَلْدَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يُولِجُهُ وَيُخْرِجُهُ وَكَانَ زِيَادٌ رَابِعَهُمْ وَهُوَ الَّذِى أَفْسَدَ عَلَيْهِمْ فَأَمَّا الثَّلاَثَةُ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ : وَاللَّهِ لَكَأَنِّى بِأَثَرِ جُدَرِىٍّ فِى فَخِذِهَا فَقَالَ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَأَى زِيَادًا إِنِّى لأَرَى غُلاَمًا كَيِّسًا لاَ يَقُولُ إِلاَّ حَقًّا وَلَمْ يَكُنْ لِيَكْتُمَنِى شَيْئًا. فَقَالَ زِيَادٌ : لَمْ أَرَ مَا قَالَ هَؤُلاَءِ وَلَكِنِّى قَدْ رَأَيْتُ رِيبَةً وَسَمِعْتُ نَفَسًا عَالِيًا. قَالَ : فَجَلَدَهُمْ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَخَلَّى عَنْ زِيَادٍ. وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْصُولاً.
وَفِى رِوَايَةِ عَلِىِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ : أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَزِيَادًا وَنَافِعًا وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ كَانُوا فِى غُرْفَةٍ وَالْمُغِيرَةُ فِى أَسْفَلِ الدَّارِ فَهَبَّتْ رِيحٌ فَفَتَحَتِ الْبَابَ وَرَفَعَتِ السِّتْرَ فَإِذَا الْمُغِيرَةُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قَدِ ابْتُلِينَا فَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ : فَشَهِدَ أَبُو بَكْرَةَ وَنَافِعٌ وَشِبْلٌ وَقَالَ زِيَادٌ لاَ أَدْرِى نَكَحَهَا أَمْ لاَ فَجَلَدَهُمْ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ إِلاَّ زِيَادًا فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَلَيْسَ قَدْ جَلَدْتُمُونِى؟ قَالَ : بَلَى. قَالَ : فَأَنَا أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ فَعَلَ. فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَجْلِدَهُ أَيْضًا فَقَالَ عَلِىٌّ : إِنْ كَانَتْ شَهَادَةُ أَبِى بَكْرَةَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ فَارْجُمْ صَاحِبَكَ وَإِلاَّ فَقَدْ جَلَدْتُمُوهُ يَعْنِى لاَ يُجْلَدُ ثَانِيًا بِإِعَادَتِهِ الْقَذْفَ "
ومما هو نفيس جدا في الدفاع عن أبي بكرة ومروياته رسالة للعلامة عبد المحسن العباد بعنوان " الدفاع عن الصحابي أبي بكرة ومروياته والاستدلال لمنع ولاية النساء على الرجال " وهي رد على من قدح في الصحابي ومروياته وعلى حديث ولاية المرأة ( أنقل من المبحث مختصرا إياه ) قال الشيخ :
وسبب قدحه في أبي بكرة رضي الله عنه ثم في مروياته التي انفرد بها؛ أنَّ عمر رضي الله عنه جلده واثنين معه لشهادتهم على المغيرة بن شعبة بالزنى، وكونه رضي الله عنه لم يتب، وذكرت له ما بينه العلماء من أنَّ أبا بكرة شاهد ولم يكن قاذفاً، وفرق بين الشاهد والقاذف، وقد اتفق العلماء سلفاً وخلفاً على قبول مروياته، ولم يُنقل الطعن فيها عن أحد قبله .
وهذا القدح الخطير في أبي بكرة رضي الله عنه وفي صحيح البخاري، كله من أجل تسويغ وتجويز أن تتولى المرأة الولاية العامة، وهي وسيلة سيئة إلى غاية سيئة، فأبو بكرة رضي الله عنه بريء مما رماه به من الكذب، وصحيح البخاري خال مما زعم وجوده فيه من الموضوع المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، والغاية التي قصدها باطلة بالكتاب والسّنّة والإجماع .
باب : فضل أبي بكرة رضي الله عنه وثناء العلماء عليه :
أبو بكرة: هو نفيع بن الحارث، وقيل ابن مسروح الثقفي، تدلّى من حصن الطائف ببكرة، فقيل له أبو بكرة، واشتهر بها، وكان عبداً فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم وعُدّ من مواليه، وكانت وفاته في خلافة معاوية سنة (52هـ)، وكل ما جاء من ثناء على الصحابة، فأبو بكرة رضي الله عنه داخل فيه، وجاء عن جماعة من العلماء الثناء عليه على سبيل الخصوص، ومن ذلك:
1- قال الحسن البصري رحمه الله: "لم ينزل البصرة من الصحابة ممن سكنها أفضل من عمران بن حصين وأبي بكرة" (الاستيعاب مع الإصابة 4/24).
2- وقال سعيد بن المسيب: "وكان مثل النصل من العبادة حتى مات رحمه الله" (الاستيعاب مع الإصابة 4/24).
3- وقال أبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي: "لميسكن البصرة قط بعد عمران بن حصين أفضل من أبي بكرة، وكان أقول بالحق من عمران" ذكره علاء الدين مغلطاي في (إكمال تهذيب الكمال 12/76).
4- وقال ابن سعد في الطبقات (7/16): "وكان رجلاً صالحاً ورعاً".
5- وقال ابن عبد البر وابن حجر: "وكان من فضلاء الصحابة" (الاستيعاب مع الإصابة: 4/24)، و(الإصابة: 6/252).
6- وقال أبو الحسن العجلي: "كان من خيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" ذكره المزي في ترجمته في (تهذيب الكمال).
7- وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات: (1/198): "وكان أبو بكرة من الفضلاء الصالحين، ولم يزل على كثرة العبادة حتى توفي".
8- وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: (3/6): "وكان من فقهاء الصحابة".
باب : قبول العلماء مرويات أبي بكرة رضي الله عنه، وأنَّ ماحصل له لا تأثير له في روايته :
أجمع علماء المسلمين سلفاً وخلفاً طيلة أربعة عشر قرناً وزيادة على قبول مرويات أبي بكرة رضي الله عنه، وأثبتها علماء الحديث في دواوين السّنّة، ومنهم الأئمة الستّة، البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، وله في هذه الكتب الستة خمسة وخمسون حديثاً، ذكر أطرافها
المزي في تحفة الأشراف من رقم (11654) إلى رقم (11708)، وله في مسند الإمام أحمد اثنان وخمسون ومائة حديث بالمكرر، من رقم (20373) إلى رقم (20524)، وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات (1/198): "رُوي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث واثنان وثلاثون حديثاً، اتفق البخاري ومسلم منها على ثمانية أحاديث، وانفرد البخاري بخمسة ومسلم بحديث".
وأما جلد أبي بكرة رضي الله عنه في شهادته على المغيرة رضي الله عنه بالزنى، وكونه لم يتب، فذلك لا تأثير له في قبول روايته، لأنَّه لم يكن قاذفاً وإنما كان شاهداً، وفرق بين الشاهد في الزنى والقاذف فيه، وما زعمه من أنَّ آية: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}، تدمغه بالفسق والكذب، وأنَّ هذا يقتضي ردّ ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم مما انفرد به، فهو زعم باطل وفهم خاطئ، فإنَّ الآية في القذفة وليست في الشهود، فهو داخل في الشهداء في الآية وليس من القذفة .
وجلده لعدم كمال النصاب، وعدم توبته لا تأثير له في قبول روايته؛ لأنَّ كمال النصاب ليس من فعله، وعلى القول بتأثير ما حصل له في شهادته تحمُّلاً وأداءً، فإنَّ ذلك قد انتهى بوفاته رضي الله عنه، ولا تأثير له في روايته التي قبلها العلماء واحتجُّوا بها على مختلف العصور، وشذوذ الشيخ محمد الأشقر عنهم بعد أربعة عشر قرناً وجوده مثل عدمه لا اعتبار له، وقد أوضح ذلك العلماء وبينوه، ومما جاء عنهم في ذلك:
1- قال أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي في كتابه (الواضح في أصول الفقه:5/27): "قال أحمد: ولا يرد خبر أبي بكرة ولا من جُلد معه لأنَّهم جاؤوا مجيء الشهادة، ولم يأتوا بصريح القذف، ويسوغ فيه الاجتهاد ولا ترد الشهادة بما يسوغ فيه الاجتهاد".
ثم قال ابن عقيل: "ولما نص على أنَّه لا ترد الشهادة في ذلك، كان تنبيهاً على أنَّه لا يرد الخبر، لأنَّ الخبر دون الشهادة، ولأنَّ نقصان العدد معنى في غيره، وليس بمعنى من جهته".
2- قال أبو بكر الإسماعيلي في (المدخل): "لم يمتنع أحد من التابعين فمن بعدهم من رواية حديث أبي بكرة والاحتجاج به، ولم يتوقف أحد من الرواة عنه ولا طعن أحد على روايته من جهة شهادته على المغيرة، هذا مع إجماعهم أن لا شهادة لمحدود في قذف غير تائب فيه، فصار قبول خبره جارياً مجرى الإجماع، كما كان رد شهادته قبل التوبة جارياً مجرى الإجماع" ذكره علاء الدين مغلطاي في (إكمال تهذيب الكمال: 12/77).
فقد ظهر في الفترة الأخيرة الطعن في روايات الصحابي الجليل أبو بكرة الثقفي رضي الله عنه إما لجهل أو لإجتهاد باطل وإن مما شجع هؤلاء على هذا التعدي في الفترة الأخيرة بالأخص إنما هو أمر لا يتعلق بالشرع وإنما محاولة ممن يدعون الثقافة لمعايشة الغرب وعدم التنطع والتمسك بما يحيل بننا وبين مجارية هذا العصر على حد زعمهم مما جرأهم على الطعن في الأحاديث الصحيحة المجمع على صحتها لا سيما في الصحيحين فضلا عن طعنهم في الصحابة .
وأعني بذلك ظهور مثل هذا الزخم والقدح في هذا الصحابي بالأخص لكي يردوا على على علماء الإسلام حديث النبي عليه السلام الذي رواه أبو بكرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال " « لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً » رواه البخاري وأحمد والبيهقي وغيرهم فقد قدحو في هذا الحديث لأسباب لا تخفى على الجميع فحسبنا الله ونعم الوكيل وقد أغرى أمثال هؤلاء أطفال وجهلة النصارى وأيضا جهلة الشيعة بالإستعانة بأقوالهم الهابطة للطعن على ثوابت السنة .
ذكر القصة كما رواها البيهقي في سننه :
" عَنْ قَتَادَةَ : أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَنَافِعَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ كَلْدَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يُولِجُهُ وَيُخْرِجُهُ وَكَانَ زِيَادٌ رَابِعَهُمْ وَهُوَ الَّذِى أَفْسَدَ عَلَيْهِمْ فَأَمَّا الثَّلاَثَةُ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ : وَاللَّهِ لَكَأَنِّى بِأَثَرِ جُدَرِىٍّ فِى فَخِذِهَا فَقَالَ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَأَى زِيَادًا إِنِّى لأَرَى غُلاَمًا كَيِّسًا لاَ يَقُولُ إِلاَّ حَقًّا وَلَمْ يَكُنْ لِيَكْتُمَنِى شَيْئًا. فَقَالَ زِيَادٌ : لَمْ أَرَ مَا قَالَ هَؤُلاَءِ وَلَكِنِّى قَدْ رَأَيْتُ رِيبَةً وَسَمِعْتُ نَفَسًا عَالِيًا. قَالَ : فَجَلَدَهُمْ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَخَلَّى عَنْ زِيَادٍ. وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْصُولاً.
وَفِى رِوَايَةِ عَلِىِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ : أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَزِيَادًا وَنَافِعًا وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ كَانُوا فِى غُرْفَةٍ وَالْمُغِيرَةُ فِى أَسْفَلِ الدَّارِ فَهَبَّتْ رِيحٌ فَفَتَحَتِ الْبَابَ وَرَفَعَتِ السِّتْرَ فَإِذَا الْمُغِيرَةُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قَدِ ابْتُلِينَا فَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ : فَشَهِدَ أَبُو بَكْرَةَ وَنَافِعٌ وَشِبْلٌ وَقَالَ زِيَادٌ لاَ أَدْرِى نَكَحَهَا أَمْ لاَ فَجَلَدَهُمْ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ إِلاَّ زِيَادًا فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَلَيْسَ قَدْ جَلَدْتُمُونِى؟ قَالَ : بَلَى. قَالَ : فَأَنَا أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ فَعَلَ. فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَجْلِدَهُ أَيْضًا فَقَالَ عَلِىٌّ : إِنْ كَانَتْ شَهَادَةُ أَبِى بَكْرَةَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ فَارْجُمْ صَاحِبَكَ وَإِلاَّ فَقَدْ جَلَدْتُمُوهُ يَعْنِى لاَ يُجْلَدُ ثَانِيًا بِإِعَادَتِهِ الْقَذْفَ "
ومما هو نفيس جدا في الدفاع عن أبي بكرة ومروياته رسالة للعلامة عبد المحسن العباد بعنوان " الدفاع عن الصحابي أبي بكرة ومروياته والاستدلال لمنع ولاية النساء على الرجال " وهي رد على من قدح في الصحابي ومروياته وعلى حديث ولاية المرأة ( أنقل من المبحث مختصرا إياه ) قال الشيخ :
وسبب قدحه في أبي بكرة رضي الله عنه ثم في مروياته التي انفرد بها؛ أنَّ عمر رضي الله عنه جلده واثنين معه لشهادتهم على المغيرة بن شعبة بالزنى، وكونه رضي الله عنه لم يتب، وذكرت له ما بينه العلماء من أنَّ أبا بكرة شاهد ولم يكن قاذفاً، وفرق بين الشاهد والقاذف، وقد اتفق العلماء سلفاً وخلفاً على قبول مروياته، ولم يُنقل الطعن فيها عن أحد قبله .
وهذا القدح الخطير في أبي بكرة رضي الله عنه وفي صحيح البخاري، كله من أجل تسويغ وتجويز أن تتولى المرأة الولاية العامة، وهي وسيلة سيئة إلى غاية سيئة، فأبو بكرة رضي الله عنه بريء مما رماه به من الكذب، وصحيح البخاري خال مما زعم وجوده فيه من الموضوع المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، والغاية التي قصدها باطلة بالكتاب والسّنّة والإجماع .
باب : فضل أبي بكرة رضي الله عنه وثناء العلماء عليه :
أبو بكرة: هو نفيع بن الحارث، وقيل ابن مسروح الثقفي، تدلّى من حصن الطائف ببكرة، فقيل له أبو بكرة، واشتهر بها، وكان عبداً فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم وعُدّ من مواليه، وكانت وفاته في خلافة معاوية سنة (52هـ)، وكل ما جاء من ثناء على الصحابة، فأبو بكرة رضي الله عنه داخل فيه، وجاء عن جماعة من العلماء الثناء عليه على سبيل الخصوص، ومن ذلك:
1- قال الحسن البصري رحمه الله: "لم ينزل البصرة من الصحابة ممن سكنها أفضل من عمران بن حصين وأبي بكرة" (الاستيعاب مع الإصابة 4/24).
2- وقال سعيد بن المسيب: "وكان مثل النصل من العبادة حتى مات رحمه الله" (الاستيعاب مع الإصابة 4/24).
3- وقال أبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي: "لميسكن البصرة قط بعد عمران بن حصين أفضل من أبي بكرة، وكان أقول بالحق من عمران" ذكره علاء الدين مغلطاي في (إكمال تهذيب الكمال 12/76).
4- وقال ابن سعد في الطبقات (7/16): "وكان رجلاً صالحاً ورعاً".
5- وقال ابن عبد البر وابن حجر: "وكان من فضلاء الصحابة" (الاستيعاب مع الإصابة: 4/24)، و(الإصابة: 6/252).
6- وقال أبو الحسن العجلي: "كان من خيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" ذكره المزي في ترجمته في (تهذيب الكمال).
7- وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات: (1/198): "وكان أبو بكرة من الفضلاء الصالحين، ولم يزل على كثرة العبادة حتى توفي".
8- وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: (3/6): "وكان من فقهاء الصحابة".
باب : قبول العلماء مرويات أبي بكرة رضي الله عنه، وأنَّ ماحصل له لا تأثير له في روايته :
أجمع علماء المسلمين سلفاً وخلفاً طيلة أربعة عشر قرناً وزيادة على قبول مرويات أبي بكرة رضي الله عنه، وأثبتها علماء الحديث في دواوين السّنّة، ومنهم الأئمة الستّة، البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، وله في هذه الكتب الستة خمسة وخمسون حديثاً، ذكر أطرافها
المزي في تحفة الأشراف من رقم (11654) إلى رقم (11708)، وله في مسند الإمام أحمد اثنان وخمسون ومائة حديث بالمكرر، من رقم (20373) إلى رقم (20524)، وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات (1/198): "رُوي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث واثنان وثلاثون حديثاً، اتفق البخاري ومسلم منها على ثمانية أحاديث، وانفرد البخاري بخمسة ومسلم بحديث".
وأما جلد أبي بكرة رضي الله عنه في شهادته على المغيرة رضي الله عنه بالزنى، وكونه لم يتب، فذلك لا تأثير له في قبول روايته، لأنَّه لم يكن قاذفاً وإنما كان شاهداً، وفرق بين الشاهد في الزنى والقاذف فيه، وما زعمه من أنَّ آية: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}، تدمغه بالفسق والكذب، وأنَّ هذا يقتضي ردّ ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم مما انفرد به، فهو زعم باطل وفهم خاطئ، فإنَّ الآية في القذفة وليست في الشهود، فهو داخل في الشهداء في الآية وليس من القذفة .
وجلده لعدم كمال النصاب، وعدم توبته لا تأثير له في قبول روايته؛ لأنَّ كمال النصاب ليس من فعله، وعلى القول بتأثير ما حصل له في شهادته تحمُّلاً وأداءً، فإنَّ ذلك قد انتهى بوفاته رضي الله عنه، ولا تأثير له في روايته التي قبلها العلماء واحتجُّوا بها على مختلف العصور، وشذوذ الشيخ محمد الأشقر عنهم بعد أربعة عشر قرناً وجوده مثل عدمه لا اعتبار له، وقد أوضح ذلك العلماء وبينوه، ومما جاء عنهم في ذلك:
1- قال أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي في كتابه (الواضح في أصول الفقه:5/27): "قال أحمد: ولا يرد خبر أبي بكرة ولا من جُلد معه لأنَّهم جاؤوا مجيء الشهادة، ولم يأتوا بصريح القذف، ويسوغ فيه الاجتهاد ولا ترد الشهادة بما يسوغ فيه الاجتهاد".
ثم قال ابن عقيل: "ولما نص على أنَّه لا ترد الشهادة في ذلك، كان تنبيهاً على أنَّه لا يرد الخبر، لأنَّ الخبر دون الشهادة، ولأنَّ نقصان العدد معنى في غيره، وليس بمعنى من جهته".
2- قال أبو بكر الإسماعيلي في (المدخل): "لم يمتنع أحد من التابعين فمن بعدهم من رواية حديث أبي بكرة والاحتجاج به، ولم يتوقف أحد من الرواة عنه ولا طعن أحد على روايته من جهة شهادته على المغيرة، هذا مع إجماعهم أن لا شهادة لمحدود في قذف غير تائب فيه، فصار قبول خبره جارياً مجرى الإجماع، كما كان رد شهادته قبل التوبة جارياً مجرى الإجماع" ذكره علاء الدين مغلطاي في (إكمال تهذيب الكمال: 12/77).
3- قال أبو إسحاق الشيرازي في (شرح اللمع: 2/638): "وأما أبو بكرة ومن جُلد معه في القذف، فإن أخبارهم مقبولة لأنَّهم لم يُخرجوا القول مخرج القذف، وإنما أخرجوه مخرج الشهادة، وجلدهم عمر رضي الله عنه باجتهاده، فلا يجوز ردّ أخبارهم".
4- قال الإمام أبو بكر البيهقي: "كل من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ممن صحبه أو لقيه فهو ثقة لم يتهمه أحد ممن يحسن علم الرواية فيما روى" ذكره العلائي في كتابه (تحقيق منيف الرتبة ص:90).
وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم أجل من أن يقال في الواحد منهم ثقة، ويكفيه شرفاً وفضلاً ونبلاً أن يقال فيه: صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال النسائي في سفيان الثوري: "هو أجلُّ من أن يُقال فيه: ثقة، وهو أحد الأئمة الذين أرجو أن يكون الله ممن جعله للمتقين إماماً" ذكره الحافظ في ترجمته في تهذيب التهذيب، فأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بأن يُقال في أحدهم: أجل من أن يُقال فيه: ثقة.
5- قال أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني في (التمهيد:3/127): "إذا كان الراوي محدوداً في قذف فلا يخلو: أن يكون قذف بلفظ الشهادة أو بغير لفظها، فإن كان بلفظ الشهادة لم يرد خبره، لأنَّ نقصان عدد الشهادة ليس من فعله، فلم يرد به خبره، ولأنَّ الناس اختلفوا: هل يلزمه الحد أم لا؟ وإن كان بغير لفظ الشهادة ردّ خبره، لأنَّه أتى بكبيرة إلاّ أن يتوب".
6- قال ابن قدامة في (روضة الناظر:1/303): "المحدود في القذف إن كان بلفظ الشهادة فلا يرد خبره؛ لأنَّ نقصان العدد ليس من فعله، ولهذا روى الناس عن أبي بكرة، واتفقوا على ذلك وهو محدود في القذف، وإن كان بغير لفظ الشهادة فلا تقبل روايته حتى يتوب".
وقال الشيخ عبد القادر بدران في حاشيته على روضة الناظر: "المحدود بسبب كونه قذف غيره إما أن يكون قذفه بلفظ الشهادة مثل أن يشهد على إنسان بالزنا، أو بغير لفظ الشهادة مثل من قال لغيره يا زان، فإن كان قذفه بلفظ الشهادة لم يرد خبره وقبلت روايته لأنَّه إنما يُحدُّ والحالة هذه لعدم كمال نصاب الشهادة بالزنا وهو أربعة، إذ لو كملوا لحُدّ المشهود عليه دون الشهود، وعدم كمال نصاب الشهادة ليس من فعل هذا الشاهد المحدود حتى يعاقب برد شهادته، وإن كان قذفه بغير لفظ الشهادة كقوله: يا زانيا عاهر ونحوه ردت شهادته حتى يتوب؛ لأنَّ هذا القاذف كان بسبب من فعله وهو قذْفُه فعوقب عليه بالحد وسُلب منصب الشهادة، فإذا تاب قبلت شهادته قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} أي: فاقبلوا شهادتهم بعد التوبة".
وقال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في مذكرته في أصول الفقه على روضة الناظر (ص:125):
"حاصل ما ذكر في هذا الفصل أنَّ في إبطال الرواية بالحد في القذف تفصيلاً، فإن كان المحدود شاهداً عند الحاكم بأنَّ فلاناً زنى وحُدّ لعدم كمال الأربعة، فهذا لا ترد به روايته؛ لأنَّه إنما حُدّ لعدم كمال نصاب الشهادة في الزنى، وذلك ليس من فعله، وإن كان القذف ليس بصيغة الشهادة، كقوله لعفيف: يا زان ويا عاهر ونحو ذلك،بطلت روايته حتى يتوب أي ويصلح، بدليل قوله تعالى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا}، واستدل المؤلف رحمه الله لما ذكره من الفرق بين الحد على سبيل القذف والحد على سبيل عدم كمال النصاب في الشهادة بقصة أبي بكرة؛ لأنَّه متفق على قبول روايته مع أنَّه محدود في شهادته على المغيرة بن شعبة الثقفي بالزنا، والشهادة في هذا ليست كالرواية، فلا تقبل شهادة المحدود في قذف أو شهادة حتى يتوب ويصلح، بدليل قول عمر لأبي بكرة: تب أقبل شهادتك، خلافاً لمن جعل شهادته كروايته فلا ترد وهو محكي عن الشافعي، والحاصل أن القاذف بالشتم تُرد شهادته وروايته بلا خلاف حتى يتوب ويصلح، والمحدود في الشهادة لعدم كمال النصاب تقبل روايته دون شهادته، وقيل تقبل شهادته وروايته، وقصة أبي بكرة المشار إليها أنَّه شهد على المغيرة بن شعبة بالزنا هو وأخوه زياد ونافع بن الحارث وشبل بن معبد ، فتلكأ زياد أو غيره في الشهادة، فجلد عمر الثلاثة المذكورين.
قال مقيده عفا الله عنه: يظهر لنا في هذه القصة أنَّ المرأة التي رأوا المغيرة رضي الله عنه مخالطاً لها عندما فتحت الريح الباب عنهما، إنما هي زوجته ولا يعرفونها، وهي تشبه امرأة أخرى أجنبية كانوا يعرفونها تدخل على المغيرة وغيره من الأمراء، فظنوا أنَّها هي، فهم لم يقصدوا باطلاً، ولكن ظنهم أخطأ وهو لم يقترف إن شاء الله فاحشة لأنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظم فيهم الوازع الديني الزاجر عما لا ينبغي في أغلب الأحوال، والعلم عند الله".
وهذا الذي ذكره شيخنا رحمه الله من توجيه ما جاء في القصة، هو اللائق بمقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم
.
7- قال العلائي في كتابه تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة (ص:92): "وقد ذكر جماعة من أئمة الأصول في هذا الموضع قصة أبي بكرة ومن جلد عمر رضي الله عنه في قذف المغيرة بن شعبة وأنَّ ذلك لم يقدح في عدالتهم، لأنَّهم إنما أخرجوا ذلك مخرج الشهادة ولم يخرجوه مخرج القذف، وجلدهم رضي الله عنه باجتهاده، فلا يجوز ردّ أخبارهم بل هي كغيرها من أخبار بقية الصحابة رضي الله عنهم".
7- قال العلائي في كتابه تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة (ص:92): "وقد ذكر جماعة من أئمة الأصول في هذا الموضع قصة أبي بكرة ومن جلد عمر رضي الله عنه في قذف المغيرة بن شعبة وأنَّ ذلك لم يقدح في عدالتهم، لأنَّهم إنما أخرجوا ذلك مخرج الشهادة ولم يخرجوه مخرج القذف، وجلدهم رضي الله عنه باجتهاده، فلا يجوز ردّ أخبارهم بل هي كغيرها من أخبار بقية الصحابة رضي الله عنهم".
8- قال الزركشي محمد بن بهادر الشافعي في (البحر المحيط:4/299): "قال الصيرفي والقاضي أبو الطيب والشيخ أبو إسحاق وغيرهم: وأما أمر أبي بكرة وأصحابه، فلما نقص العدد أجراهم عمر رضي الله عنهم مجرى القذفة، وحدّه لأبي بكرة بالتأويل، ولا يوجب ذلك تفسيقاً، لأنَّهم جاؤوا مجيء الشهادة، وليس بصريح في القذف، وقد اختلفوا في وجوب الحدّ فيه، وسوغ فيه الاجتهاد، ولا ترد الشهادة بما يسوغ فيه الاجتهاد".
9- وهذه من إضافتي وليست من كتاب الشيخ :
قال ابن حزم في (المحلى : 9/431) :
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ " إنَّ الْمُسْلِمِينَ فَسَّقُونِي " فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَصِحَّ، مَا سَمِعْنَا أَنَّ مُسْلِمًا فَسَّقَ أَبَا بَكْرَةَ، وَلاَ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَحْكَامِ الدِّينِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
الأول: أنَّ رواية أبي بكرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مقبولةٌ عند العلماء باتفاق، ولم يخالف في ذلك واحد منهم في القديم والحديث , وتقدَّم في كلام الإسماعيلي المتوفى سنة (371هـ) قوله: "لم يمتنع أحد من التابعين فمن بعدهم من رواية حديث أبي بكرة والاحتجاج به، ولم يتوقف أحد من الرواة عنه ولا طعن أحد على روايته من جهة شهادته على المغيرة"، وتقدَّم أيضاً قول البيهقي المتوفى سنة (458هـ): "كلُّ من روى عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ممَّن صحبه أو لقيه فهو ثقة لم يتَّهمه أحد ممَّن يحسن علم الرواية فيما روى".
الثاني: أنَّ القاذفَ بلفظ الشتم كأن يقول: "يا زان! أو يا عاهر!" تُردُّ شهادته وروايته اتفاقاً، إلاَّ أن يتوب ويصلح .
الثالث : أن القاذف بلفظ الشهادة دون الشتم مختلف في رد شهادته ومن العلماء من قال بقبول شهادته كروايته , ومنهم من قال بعدم إقامة الحد عليه , والتفصيل الذي ذكره شيخنا الشيخ محمد الشنقيطي رحمه الله الذي تقدم تحرير بديع بالغ الأهمية .
وأضيف رابعا من كلامي وليس من كتاب الشيخ :
أن الذي ذهب إليه العلماء من التفريق بين القاذف والشاهد وأن الشاهد العدل الذي يرى صدق نفسه لا يقدح في عدالته عدم إكتمال النصاب هو ما أوضحته السنة من كلام الله عز وجل فمن كلام الله في الآية قال عز من قائل في آية القذف : " وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " وهنا إشارة إلى القاذف في محل السب وليس الشهادة كأن يقول فلان عاهر وفلانة عاهرة أو فلان زان وفلانة زانية دل على ذلك قول النبي عليه السلام " سباب المسلم فسوق " (رواه الشيخان ) فدل على أن الذي يفسق هو الشخص الذي قام مقام الساب وقذف الأعراض .
وبالنظر نقول أنه لا شك أن هناك فرق بين رجل فاسق فاجر يخوض في الأعراض وبين رجل عدل صالح طُلب للشهادة أو ذهب ليؤديها كما رأى وعاين ليُبرأ ذمته .
وأرجوا من أحد إخواني لو يرفع لنا كتاب الشيخ فيحمله الإخوة فيكون لهم مرجعا وأكثر فائدة
وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يوفِّق المسلمين في كلِّ مكان لتطبيق شريعة ربِّهم ليظفروا بالسعادة في دنياهم وآخرتهم .
والحمد لله رب العالمين