بسم الله الرحمن الرحيم
الشبهة معروضة هنا:
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=13252
ولطول هذا الجواب رأيتُ أن الأفضل عرضه في موضوع مستقل.
بعد ما تفضل به الأفاضل، سأقوم بتحليل الكلام المنقول في الشبهة حسب منطق قائله؛ لمعرفة هل هو استدلال صحيح من حيث بناء النتائج على المقدمات؟ أم هناك خلل وقفز وسقط يُفسد الاستدلال ويُبطله؟
يقول صاحب الشبهة:
الله واحد له ذات واحدة ولكن له ثلاث خواص ونسميها اقانيم
قلتُ: فهمتُ من هذا الكلام أن الخواص لذات واحدة، يعني أن ذات الله قائم بها ثلاث خواص أو صفات
@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ثم يقول صاحب الشبهة:
خاصية الوجود :
فالله موجود وواجب الوجود . وإذا لم تكن لله صفة الوجود يكون عدماً
فالله موجود وواجب الوجود . وإذا لم تكن لله صفة الوجود يكون عدماً
قلتُ: صاحب الشبهة صرح بأن الصفة الأولى هي صفة [الوجود]، وهي ضد [الانعدام - العدم]
النتيجة إلى الآن: ذات الله تعالى لها وجود وليست منعدمة.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ثم يقول صاحب الشبهة:
خاصية الوجود :... هذه الصفة نسميها ( الآب )
قلتُ: هنا يصرح صاحب الشبهة بأن (الآب) معناه: خاصية الوجود.
ومن المعلوم أن الصفة تُضاف إلى المتصف بها.
فنقول: وجود ذات الله. (أضفنا صفة الوجود إلى الذات).
وحيث إن كلمة (آب) معناها (وجود)
فالنتيجة هي:
وجود ذات الله = آب ذات الله
وبعبارة أخرى:
ذات الله لها وجود = ذات الله لها آب
وبذلك لابد أن يتفق معنا المخالف على أنه يصح أن نقول حسب اصطلاحه:
الذات لها (وجود) = الذات لها (آب)
إلى هنا كل شيء يسير سيرا صحيحا، ولا مشاحة في الاصطلاح؛ يعني: لن نختلف بسبب التسميات، فالمهم هو الاتفاق على المعنى (طبعا هذا خارج ما يتعلق بالله عز وجل، لكننا الآن إنما نتكلم على سبيل التنزل والتسليم وفرض الجواز؛ لأن الخصم لا يؤمن بأن صفات الله عز وجل وأسمائه توقيفية نقف فيها مع النص، فلا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه سبحانه، إنما الغرض أن نقول للخصم: حتى لو وافقناك على اصطلاحاتك فلن يصح استدلالك).
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ثم يقول صاحب الشبهة:
خاصية الوجود :... هذه الصفة نسميها ( الآب ) ومعناها: الأصل أو الوجود
قلتُ: هنا يوجد خلل وخلط وخبط (عجين الفلاحة)؛ فصفة (الوجود) ليس معناها: الأصل.
فـ (الأصل) و(الوجود) كلمتان لهما معنيان متغايران.
الأَصْل : أَسْفَلُ كل شيء، يُقال : قَعَدَ في أَصْل الجَبَلِ .. وقَلَعَ أَصْلَ الشَّجَرِ .. وقال الرّاغِبُ : أَصْلُ كُلِّ شَيءٍ: قاعِدَتُه التي لو تُوُهِّمَتْ مُرتَفِعَةً ارْتَفَعَ بارْتِفاعَها سائِرُه. وقالَ غَيرُه : الأَصْلُ : ما يُبنَى عليه غَيرُه .. ، أَصَّلْتُه تَأْصِيلاً : جَعَلْتُ له أَصْلاً ثابِتًا يُبني عليه غَيرُه.
اسْتَأْصَلَه : قَلَعَه مِنْ أَصْلِه أَو بأُصُولهِ. (انظر: تاج العروس)
الوجود: خلاف العدم، الموجود خِلافُ المَعْدُومِ .. وأَوْجَد اللهُ الشيْءَ من العَدَمِ فوُجِدَ فهو مَوْجُود. (تاج العروس).
الخلاصة:
(الوجود) له معنى مغاير لمعنى (الأصل).
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ثم يقول صاحب الشبهة:
وإذا لم يكن الله عاقلا فليس له وجود
فالذات إذا فقدت العقل سيكون لها وجود؛ لكنها لا تصلح أن توصف بالألوهية.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ثم يقول صاحب الشبهة:
فالله عاقل .. الله عقل كله وليس فيه جسم
قلتُ: لا يصح هذا القول؛ لأن صاحب الشبهة ذكر أن الله له روح، فكيف يزعم هنا قائلا: الله عقل كله؟!!!
فحسب تقرير صاحب الشبهة: هناك (روح) تُعطي للذات الإلهية صفة الحياة، وهناك (عقل) يُعطي للذات الإلهية صفة الحكمة.
@@@@@@@@@@@@@@@@@
ثم يقول صاحب الشبهة:
وأقنوم العقل فى الله نسميه ( الأبن ) او ( الكلمة ) إذ هو الأقنوم الذى أعلن لنا عن الله فهذا الأقنوم هو عقل الله الناطق
قلتُ: من السفاهة تسمية (العقل) كلمة.
لماذا؟
لأن (الكلمة) ما هي إلا واحدة من الكلمات التي ينطق بها (العقل) حسب ما زعمه من أن العقل ناطق [أم هو يرى أن العقل نطق كلمة واحدة ثم أصبح أخرسا؟!! أم يرى أن العقل لا يزال يُكرر نفس هذه الكلمة فلا ينطق إلا بها؟!!!].
فـ (الكلمة) صادرة من (العقل)، وليست هي (العقل) نفسه.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ثم يقول صاحب الشبهة:
فهذا الأقنوم هو عقل الله الناطق او نطق الله العاقل
قلتُ: هنا يوجد خلل وخلط وخبط (عجين الفلاحة)؛ لأن العقل الناطق يختلف عن النطق العاقل.
النطق: هو عملية يقوم بها العقل (حسب زعم صاحب الشبهة).
العقل الناطق: هو الفاعل الذي يقوم بعملية (النطق).
مثال:
هل (الإنسان الناطق ) = نطق الإنسان؟!!!
النطق ما هو إلا عملية يقوم بها الإنسان الناطق.
أما تلبيسه لإمرار هذا الخلط والخبط والعجن بأن يقول: (نُطق عاقل)، فهذا إنما معناه أن عملية (النطق) تتصف بالعقلانية؛ يعني هذه العملية يَحكُمها العقل ويتحكم فيها.
لذلك نقول له:
عليك أن تُحدد لنا: هل الأقنوم هو العقل نفسه؟ أم هو عملية النطق التي يقوم بها العقل؟
يعني: هل الأقنوم هو (الفاعل) أم (الفعل)؟
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ثم يقول صاحب الشبهة:
فهذا الأقنوم هو عقل الله الناطق .. وسبب تسميته بالأبن لأن الفكر أو النطق صادر من الكيان الإلهى والشئ الصادر عن شئ يسمى مولود منه.. وكذلك الأفكار تسمى وليدة العقل
وخروج الأبن من عند الآب للتجسد إنما هو خروج من غير أنفصال مثل خروج الفكرة من عقل صاحبها وتذهب إلى أقاصى الأرض مع بقائها فى عقله
وخروج الأبن من عند الآب للتجسد إنما هو خروج من غير أنفصال مثل خروج الفكرة من عقل صاحبها وتذهب إلى أقاصى الأرض مع بقائها فى عقله
عندنا مصطلحات لابد من التفريق والتمييز بينها:
الأول: العقل: وهو القائم بعمليتي (الفكر) و(النطق) حسب زعمه.
الثاني: الفكر: وهو عملية التفكير التي يقوم بها العقل.
الثالث: الفكرة: وهي الثمرة التي تُثمرها عملية التفكير.
الرابع: الكلمة المنطوقة: وهي الحروف المنطوقة المسموعة، وهي الوسيلة للتعبير عن الفكرة؛ لإظهارها خارج العقل.
الخامس: النطق: وهو العملية التي يقوم بها العقل لإنتاج الكلمة المسموعة.
ولنبدأ – بعونه تعالى - ببيان المغالطات والأباطيل في المقطع الأخير
1 – قوله:
الفكر أو النطق صادر من الكيان الإلهى
اتفقنا سابقا – حسب مزاعمه – على أن النطق والفكر إنما هما صادران من العقل، والعقل صفة من صفات الذات الإلهية.
ويؤيد ذلك قوله بعد ذلك:
الأفكار تسمى ( وليدة العقل)
2 – قوله:
فهذا الأقنوم هو عقل الله .. تسميته بالأبن لأن الفكر أو النطق صادر من الكيان الإلهى.. وكذلك الأفكار تسمى وليدة العقل
وخروج الأبن .. مثل خروج الفكرة من عقل صاحبها
وخروج الأبن .. مثل خروج الفكرة من عقل صاحبها
فقد قرر أولا أن أقنوم الابن هو (العقل)
ثم علل تسميته بـ (الابن) بأن الفكر والنطق صادران من الكيان الإلهي!!
ثم قرر أن خروج (الابن) هو خروج (الفكرة) من (العقل).
فنسأله:
هل (الابن) هو العقل نفسه؟
أم هو (الفكرة) التي تخرج من العقل بعد أن نتجت عن عملية (الفكر)؟ (سيأتي نقد خروج الفكرة)
أم هو عملية (الفكر) التي يقوم بها العقل؟
أم هو عملية (النطق) التي تأتي بعد عملية (الفكر) لإظهار نتائج عملية الفكر؟!!!
الفاصوليا هي الباذنجان الذي هو الطماطم التي هي الخيار!! وجميع هذه الأشياء تُكَون واحدا فقط هو (الكشري)!!!
هل رأيتم الآن فن الخلط والخبط والعجن؟!!!
3 – قوله:
وخروج الأبن من عند الآب للتجسد
قلتُ: هذا الكلام لا يتفق مع ما سبق تقريره من أن:
(الآب) معناه (الوجود)
و(الابن) هو (العقل)
فقوله: [الابن يخرج من الآب] يساوي قوله: [العقل يخرج من الوجود]!!!
ومقولة [العقل يخرج من الوجود] هي مقولة فاسدة؛ لسبين:
السبب الأول:
أن صاحب الشبهة نفسه قد قرر أن أقنوم (العقل) يختلف عن أقنوم (الوجود)، فكل منهما خاصية من خواص الذات الإلهية، وليس أحدهما منبثقا من الآخر.
فالقائل بأن [العقل يخرج من الوجود] كالقائل بأن [الخيار يخرج من البطاطس]!!
السبب الثاني:
أن العقل لا ينبثق من الوجود؛ لأن المجنون له وجود، وليس له عقل.
3- قوله:
مثل خروج الفكرة من عقل صاحبها وتذهب إلى أقاصى الأرض مع بقائها فى عقله
قلتُ: الفكرة قائمة في العقل، ولا تخرج منه، وإنما الذي يخرج هو الكلمات (المكونة من حروف) التي يُستدل بها على الفكرة التي في العقل.
مثال:
الماء الذي في إناء مُغطى على النار، إذا سمعنا صوت الماء وهو يغلي، فذلك يدل على وصول الماء إلى درجة الغليان.
فما الذي خرج إلينا؟
الجواب: الصوت فقط.
ومن خلاله استدللنا على حالة الماء داخل الإناء، والماء نفسه لم يخرج من الإناء.
@@@@@@@@@@@
ثم يقول صاحب الشبهة:
(3) خاصية الحياة :فالله حي ... هذه الخاصية أو هذا الأقنوم ندعوه (الروح القدس ) . وسميت بالروح القدس لأنها روح الله
قلتُ: (الروح) ليست هي (الحياة)، وإنما ينتج عنها (الحياة).
وفقدان الذات للروح ينتج عنه (الموت).
والسؤال الآن:
هل صاحب الشبهة يعتقد أن الأقنوم الثالث هو: (الروح) نفسها؟ أم هو (الحياة) التي هي ثمرة لوجود الروح؟
@@@@@@@@@@@@@@
ثم يقول صاحب الشبهة:
نجد أن الآب هو الله والأبن هو الله والروح القدس هو الله
قلتُ: هذا يتعارض تماما مع المقدمات السابقة التي قررها وأسسها صاحب الشبهة.
1 - فقد قرر سابقا أن (الآب) هو (الوجود) الذي يتصف به الله، وأنه خاصية من ثلاث خواص لله؛ فهو خاصية قائمة بالذات الإلهية.
فكيف يزعم الآن أن (الآب) هو الله نفسه؟!!!
هل صفة (الوجود) هي الله نفسه؟!!!
هل وجود إسماعيل هو إسماعيل نفسه؟!!!
2 – كذلك قد قرر سابقا أن (الابن) هو (العقل) الذي يتصف به الله، وأن (العقل) خاصية من ثلاث خواص لله. فهي خاصية قائمة بالذات الإلهية.
فكيف يزعم الآن أن (الابن) هو الله نفسه؟!!!
هل صفة (العقل) هي الله نفسه؟!!
هل عقل إسماعيل هو إسماعيل نفسه؟!!!
3 - كذلك قد قرر سابقا أن (الروح) خاصية من ثلاث خواص الله؛ فهي خاصية قائمة بالذات الإلهية.
فكيف يزعم الآن أن (الروح) هي الله نفسه؟!!!
هل روح إسماعيل هي إسماعيل نفسه؟!!!
إسماعيل له عقل وروح وجسد.
إسماعيل ليس هو العقل فقط
إسماعيل ليس هو الجسد فقط
إسماعيل ليس هو الروح فقط
فإذا مات إسماعيل فلا يصح أن يُقال: [صعد إسماعيل إلى السماء]
وإنما نقول: [صعدت روح إسماعيل].
كذلك لا يصح أن يُقال: [قام الطبيب الشرعي بتشريح إسماعيل].
وإنما نقول: [قام الطبيب الشرعي بتشريح جثة إسماعيل].
وإذا أصابه الجنون، فلا يصح أن يُقال: [فُقد إسماعيل]
وإنما نقول: [فُقد عقل إسماعيل].
كذلك إذا أصابه الجنون، لا يصح أن يُقال: [فقد إسماعيل إسماعيل].
وإنما نقول: [فقد إسماعيل عقله].
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الخلاصة:
يتضح أن كلام صاحب الشبهة ما هو إلا مجموعة من الهلوثات والخزعبلات والخبط والخلط والعجن.
فهل هذا يُقال عنه: دليل عقلي؟!!!!!!!!!!!!
@@@@@@@@@@@@@@@@@
وأخيرا:
نصوص العهد الجديد صريحة جدا في التغاير التام بين أقنوم (الابن) وأقنوم (الآب)
ومن ذلك ما نسبوه إلى يسوع الابن أنه قال مخاطبا الآب:
مرقس 14/36:
كل شيء مستطاع لك، فأجز عني هذه الكأس، ليكن لا ما أريد أنا، بل ما تريد أنت.
فإرادة الآب هي التي ستنفذ، وليس إرادة الابن
فكيف يقول صاحب الشبهة: الآب هو الله، والابن هو الله؟!!!!!!
ومن ذلك أيضا:
مرقس 13/32:
أما ذلك اليوم و تلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن؛ إلا الآب
فالابن يجهل، لكن الآب يعلم
فكيف يقول صاحب الشبهة: الآب هو الله، والابن هو الله؟!!!!!!
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الخلاصة النهائية:
ما ذكره صاحب الشبهة ليس دليلا عقليا، بل إنه هلوثة وخزعبلات وأضغاث أحلام لا تَـمُت للعقل بِِصِلة.
فليس أمامنا استدلال عقلي يحتاج إلى رد
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
قوله:
عند تحليل الضوء الطبيعى أكتشف أنه يتكون من ثلاث أشعة يمكن تمييزها وتمييز عملها عن بعضها مع أستحاله الفصل بينها وهى :
1. شعاع حرارة ..2- شعاع نور .. .
3. شعاع كيميائى
1. شعاع حرارة ..2- شعاع نور .. .
3. شعاع كيميائى
قلتُ: هذا مجرد هلوثة وأضغاث أحلام، بل الثابت علميا أن شعاع الضوء ما هو إلا إشعاع كهرومغناطيسي (له مجال كهربي ومجال مغناطيسي).
ثم اختلفوا: هل هو ذو طبيعة موجية، كما ذهب إليه كريستيان هيجنز (معاصر لنيوتن)؟
أم إنه عبارة عن جسيمات، كما ذهب إليه نيوتن؟
(المرجع: أساسيات الفيزياء (ص638)، تأليف: بوش – أستاذ الفيزياء بجامعة دايتون، ترجمة: الدكتور/ سعيد الجزيري، الأستاذ الدكتور/محمد أمين سليمان – أستاذ فيزياء الجوامد - قسم الفيزياء – كلية العلوم – جامعة القاهرة، مراجعة: الأستاذ الدكتور/ محمد عبد المقصود النادي – أستاذ الفيزياء النووية – كلية العلوم – جامعة القاهرة، ونائب رئيس جامعة المنصورة سابقا
الناشر: الدار الدولية للنشر والتوزيع – القاهرة، الطبعة السابعة، مترجم عن الطبعة الإنجليزية لدار ماكجروهيل للنشر).
@@@@@@@@@@@@@@@@
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
تعليق