نظرات فى القصة الإنجيلية عن زواج مريم وحملها وولادة يسوع

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • abubakr_3
    مشرف عام
    • 15 يون, 2006
    • 849
    • مسلم

    نظرات فى القصة الإنجيلية عن زواج مريم وحملها وولادة يسوع

    نظرات فى القصة الإنجيلية بشأن

    زواج مريم وحملها وولادة يسوع



    إن ميلاد عيسى عليه السلام قد اختلفت فيه الديانات الكبرى الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام. فلم يعترف اليهود بعيسى عليه السلام، واتهموا أمه الطاهرة بالزنى والعهارة، وأنها كانت على علاقة آثمة بجندى رومانى يُدعى بانديرا، ومنه أنجبت يسوع. ويرى المسلمون فى ميلاده إعجاز أتم الله به سلسلة معجزات خلق الإنسان: فقد خلق آدم بدون أب أو أم، وخلق حواء بدون نُكاح، من رجل فقط، وخلق البشر من التزاوج بين الرجل والمرأة، وخلق عيسى عليه السلام من امرأة عذراء دون زواج. فكيف يراه المسيحيون من واقع كتابهم الذى يقدسونه؟

    يحكى متى أن الله تعالى أرسل ملاكه جبريل إلى يوسف خطيب مريم، عندما لاحظ عليها علامات الحمل، وهمَّ بتطليقها سرًا: (18أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هَكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 19فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارّاً وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً. 20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». 22وَهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: 23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا). 24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. 25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.) متى 1: 18-25

    ويحكى لوقا لنا أن الله تعالى أرسل ملاكه جبريل (جبرائيل) إلى عذراء مخطوبة لرجل يُدعى يوسف بن هالى، وأخبرها أنها ستحمل وتلد ابنًا: (26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. 28فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». 29فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ وَفَكَّرَتْ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ التَّحِيَّةُ! 30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» 35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. 36وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا وَهَذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِراً 37لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». 38فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.39فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا 40وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. 41فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا وَامْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 42وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! 43فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. 45فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ».) لوقا 1: 26-41


    1- نبدأ بالتذكير بقولهم (إن الآب والابن والروح القدس ثلاثة أقانيم فى شخص واحد، ولا ينبغى على أى إنسان أن يفهم أنهم ثلاثة آلهة، بل هم إله واحد). وعلى ذلك فإن الذى حبَّل مريم يكون هو إذًا الابن الذى هو نفسه الأب والروح القدس. أى الابن حبَّل أمه،وهذا زنى محارم، فأى أخلاق يتعلمها شعب الكنيسة؟هل على شعب الكنيسة أن يتعلم مثلا زنى المحارم، وأن معاشرة الابن لأمه أنجبت خير المخلوقات؟ ولا يجب أن تنسوا أن الابن جاء من نسل داود أيضًا عن طريق أجداد اقترفوا زنى المحارم، منهم يهوذا، الذى أنجب فارص وزارح من زوجة ابنه ثامار.


    2- نفهم من قصة الميلاد عند لوقا أن ملاك الرب نزل إلى مريم وأخبرها بالحمل، ولكنها تعجبت أن تحمل وتلد ابنًا، دون أن تعرف رجل. فكيف لم يتبادر إلى ذهنها أن الملاك يزف إليها بشارة إتمام الزواج من خطيبها يوسف وأنها ستجنى ثمرة منه، هذا لو كانت مخطوبة؟ بل كيف لم تحرص على اخبار خطيبها الذى هو زوجها فى عرف اليهود؟ وكيف لم تبلغ الكاهن أو لم تُعلم زكريا أو حتى أليصابات؟ ولكنك تُفاجأ أن أليصابات نفسها تعلم أن مريم حامل، ولا تجد تعجب من حمل الفتاة الصغيرة، ولا شك من احتمال وقوع الزنى حتى لو مع خطيبها أو اغتصابها!


    3- لا تعرف مريم شيئًا بالمرة عن نزول ملاك الرب فى حلم ليوسف خطيبها كما يحكى متى، ولا يوجد نص واحد يُشير إلى حديث ثنائى بينها وبين خطيبها فى كل الكتاب. أليس من المنطق أن يجلس الاثنان للتشاور فى هذا الأمر الذى يخص كيان الأسرة بأكملها وتتعلق به حياتهما؟ لكن العجيب أن الاثنين لم يبديا خوفًا من أن يحكم عليهما المجمع بالرجم، ولا قلق على سمعة العائلة أو سمعتهما الشخصية.


    4- لا يوثق إلا فى رؤيا نبى، وبما أن يوسف لم يكن نبيًا، فكيف تأكد من أن الهاتف أو الشبح أو الشخص الذى زاره فى المنام هو ملاك، وعلى الأخص أنه قد جاوز التسعين، وأنه قد نام مهمومًا بسبب معرفته لحملها وهو لم يمسسها؟ ولم يخبر ملاك الرب مريم أنه قد أخبر خطيبها أو سيخبره، ولم تفكر هى فى خطيبها، كما لو كان الأمر يحدث يوميًا مع العديد من البنات،أو لا يوجد خطيب أو رجل فى حياتها.


    5- إن من يقرأ ما يكتبه متى 1: 18-19 يرى أن حمل مريم كان بالنسبة لها شىء غير ملاحظ، أو شىء طبيعى أن تحمل من مجهول، ولا تخبر به أحد، وعلى الأخص زوجها!! فلم يبيِّن متَّى كيف استقبلت مريم بمفردها خبر الحمل هذا، فهى لم يخبرها أحد عنده، ولم ينزل الملاك إلا على يوسف فقط، الأمر الذى تداركه لوقا، وضرب بيوسف عرض الحائط، فقد كانت عنده صاحبة الحمل أهم، وإلا لظنت نفسها مريضة، ولعرضت نفسها على الأطباء!!


    6- يدعى متى أن ملاك الرب عنده قال ليوسف: (20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.) متى 1: 20، أليس من الغريب أن ينادى الملاك يوسف باسمه ولقب العائلة؟ إن مثل هذا النداء يُستخدم عند وجود أكثر من يوسف فى نفس المجلس! إنها حركة مصطنعة جدًا تبين أن الكاتب تعمدها ليثبت أن يوسف من نسل داود.


    7- أليس من الملفت للنظر أن يأتى ملاك الرب ليوسف يأمره بالخروج وسفر إلى مصر يستغرق 14 يومًا فى ذلك الوقت، دون أن يسأله يوسف عن أيسر الطرق وأسرعها للوصول إلى مصر فى سلام وأمان أو حتى فى أى مكان فى مصر ينبغى عليهم الإقامة فيه أو النزول به؟ ثم إذا كان أمر سلامة الرب والحفاظ عليه تهم هذا الملاك، فلماذا لم يرفعهما على أحد جناحيه ويطير بهم إلى مصر؟ أين نجد بر الرب بأمه التى أنجبته وبأبيه الذى رباه فى أن يتركهما فى معاناة السفر وسط الصحراء بحرارة شمسها، وبرد ليلها، وعطش نهارها، ومشقة التعب والخوف من قُطَّاع الطرق والحيوانات المفترسة دون أن يأمر ملاكه بحملهم إلى مصر؟


    8- لم يظهر يوسف النجار فى الكتاب إلا نادرًا، وعلى الأخص فى قصة ميلاد يسوع، ثم ظهر بعد ذلك فى تعريف الناس ليسوع أنه ابن النجار أو ابن يوسف. ولم نجد لفظًا يُشير به الناس إليه على أنه ابن مريم العذراء. ولو سلمنا أن يسوع تربى فى بيت يوسف ومريم زوجته لكان من مجافاة البر ألا يتذكر لهم الرب فى كتابه ذكرى طيبة يشير بها إلى شكره العميق على ولادة أمه له وتربية الاثنين له. فقد كان هذا أولى من ذكر دخوله أورشليم على جحش وأتانة.


    9- وأول ذكر له خارج ما يُسمَّى بالعهد الجديد كان عام 850 تقريبًا، ومنذ ذلك الوقت وبدأت يزداد النظر إليه كقديس. بل إن إحاطته بهالة القداسة نبعت فقط من زواجه بمريم، كما يقول ليو الثالث عشر. ارجع إلى:
    Schmid, W.: Die Würde des hl. Josef, S. 4-5

    ولا نعرف عنه من الكتاب أو من خارجه إلا أنه كان نجارًا، وتزوج مريم أم يسوع، وكان مطيعًا للرب، وتولى رعاية وتربية يسوع حتى مات، بعد أن بلغ يسوع الثانية عشرة، ولا نعرف متى على وجه التحديد.

    ويُقام له احتفالان فى الغرب: العيد الكبير، ويتم الاحتفال به فى 19 مارس، وأدخلته الكنيسة الكاثوليكية ضمن قائمة الأعياد فى عام 1479، والعيد الثانى هو يوم تخليد ذكراه، ويوافق اليوم الأول من شهر مايو، وهذا اخترعه البابا بيوس الثانى عشر. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن البابا يوحنا الثالث والعشرين قد أقحم اسم يوسف فى الصلاة الكبرى الخاصة بالقربان المقدس وذلك ابتداءً من عام 1962. (ارجع إلى Mass-Ewerd: Joseph. II. Liturgie-West, S. 437)

    وعلى الرغم من أن حياته تعتبر هامشية من الناحية التاريخية، إلا أنه بين عامى 1517 و1980 تسمَّت 172 جمعية دينية باسمه، كما أن البابا بيوس التاسع اعتبره فى عام 1870 الشفيع الحامى للكنيسة، وفى عام 1955 أصبح الشفيع الحامى لطائفة النجارين والصناع، ثم اعتبره يوحنا الثالث والعشرين شفيع المجمع الفاتيكانى الثانى. (Rovira: Joseph. III Theologiegeschichte, S. 438)


    10- ذكر متى أن اسم أبى يوسف رجل مريم هو يعقوب، وذكر لوقا أن اسمه هالى، وفى الحقيقة إن هذه المشكلة التى نلمسها فى اختلاف اسم أبى يوسف بين متى ولوقا ليس لها حل، وكل ما لدى علمائهم هى تخمينات لا دليل على صحتها، بنيت على اعتبار أن هذا الكلام كلام الرب، وبالتالى بدأت عملية افتراض احتمالات وحلول غير منطقية:

    فبينما يفترض أحدهم أن يعقوب وهالى كانوا أخوين، وتزوج هالى امرأة ولم ينجب منها، ومات، وبموته تزوج أخوه يعقوب نفس المرأة لينجب لأخيه نسلا، ويُسمَّى باسم هالى. وعلى ذلك فهو ابن يعقوب على وجه الحقيقة، وابن هالى عن طريق القانون الذى يسمح بذلك.

    ومثل هذا الإفتراض مقضى عليه فى مهده، إذ تختلف أسماء أبوى يعقوب وهالى وجديهما وجدى أبويهما، الأمر الذى يوضح أنهما لم يكونا أخين ليصح هذا الافتراض المزعوم.


    ويفترض آخرون أن نسب يسوع جاء عند متى ليوسف بن يعقوب، بينما كان عند لوقا نسب مريم. وهنا تواجهنا عدة مشاكل:
    أولا: إن يسوع ليس له علاقة جسديًا بيوسف هذا ، وعلى ذلك فإن نسبه عند متى يخص يوسف فقط.

    ثانيًا:إن النسب الذى يدعون أنه لمريم غير محتمل مطلقًا لأن اليهود كانوا يكتبون النسب للأب، ولا علاقة لهذا بالأم. والدليل عل ذلك قولهم إن المرأة التى يموت زوجها دون ذرية تتزوج أخيه وتُسمَّى الذرية باسم الزوج المتوفى لتستمر سلالاته. ولو جاز أن يكون النسل عن طريق الأم، لتزوجت المرأة التى يموت زوجها دون ذرية بأى رجل من أى قبيلة ونسبت الذرية أيضًا للزوج المتوفى.

    ثالثًا: لو كان هذا النسب لمريم فلماذا أقحم يوسف فيه؟ ولو كان هالى أبو مريم لكان لوقا بذلك يسب مريم ويتهمها بالزنا من أبيها أو أن ابنها جاء من سفاح فنسبته إلى عائلتها، كما يحث اليوم فى أوروبا وأمريكا. ومع ذلك مازالت مشكلة إقحام يوسف فى النسب تقف عقبة كؤود أمام العلماء.

    لكن أليس من الغريب ألا يُسمَّى يسوع باسم أمه طالما أنهم يؤمنون بميلاده الإعجازى دون رجل؟ لقد أهلكوا أنفسهم فى تبريرات وأضاعوا وقتهم ووقتنا فى مماحكات، أليس من الأفضل لنا ولكم لو كان الرب قد ذكر أن يسوع ابن مريم، وتظل مريم دون زواج أو خطوبة لإبراز هذه المعجزة وتخليدها؟


    11- وكما اختلفوا فى اسمه اختلفوا أيضًا فى وظيفته، فبينما تذكر الأناجيل أنه كان نجارًا، إلا أن القديس إيزيدور قد ذكر أنه كان حدادًا. وهناك تخمينات لغوية بنيت على اللفظة اللاتينية تحاول أن تؤكد أنه كان نجارًا، وتُنسب الخطأ لكل من قال إنه حداد.

    12- كانت الخطوبة عند اليهود بمثابة الزواج بمفهومنا اليوم،دون إقامة علاقة جنسية، وذلك بمجرد التوقيع على عقد الخطوبة. وإذا مات الخطيب (الزوج) بعدها أصبحت الخطيبة (الزوجة) أرملة، وترثه فيما تركه.


    13- تدعى بعض الكتب الأبوكريفا وبعض الكتابات اليونانية أن يوسف النجار قد سبق له الزواج من قبل زواجه بمريم، بل أنجب من زواجه الأول ستة أولاد، وهم الذين ذكرهم مرقس باسم اخوة يسوع (مرقس 3: 31-35).

    ويقول المفسرون الكاثوليك إن من بين هذه الأسماء أولاد عمومته وأشخاص ينتمون لقرابة بعيدة. إلا أن البروتستانت يرون أن اخوته هم ذرية يوسف ومريم بعد يسوع، وهذا الرأى يقول به أيضًا ترتليان، أحد آباء القرن الثالث. ويرى الأرثوذكس أن اخوة يسوع هم من يوسف الذى سبق له أن تزوج من قبل وأنجبهم، وقد بنوا رأيهم هذا على إنجيل البروت Protoevangelium الذى يرجع إلى القرن الثانى الميلادى، وهو من الكتب غير المعترف بها من قانون الكنيسة.


    14- ما الذى جعل يوسف يؤجل زواجه ودخوله بمريم؟ فقد كان الخطيب اليهودى صغير السن يؤجل دخوله بخطيبته إلى حين بناء نفسه، أو تجهيز شقة لعروسه أو ما إلى ذلك. فإما كان يوسف هذا صغير السن، وتم تأجيل الدخول بزوجته، وإما كان كبير السن ويملك مقومات الزواج وبنى على الفور بزوجته. إلا أن الكتب الأبوكريفا تصف يوسف بأنه كان شيخًا فى التسعينات من عمره. ومع ذلك يميل العقل إلى اعتباره شابًا يتحمل السفر إلى مصر والغربة والعودة إلى فلسطين مرة أخرى.

    يؤيدنا فى ذلك الأعمال الفنية من الرسومات وغيرها التى تنتمى إلى العصر المسيحى الأول. وابتداءً من القرن الخامس أو السادس ابتدأ الفنانون فى اعتباره رجلاً مسنًا.


    15- لماذا وافق التقليد الكنسى على اعتبار يوسف زوج مريم شيخًا مسنًا قد جاوز التسعين من عمره؟ فلو وافقت الكنيسة على زواج مريم، لكان من المنطق أن تتزوج من يناسبها سنًا ودينًا وعقلاً، إلا أن الكنيسة تحاول استبعاد هذا الحل لتنفى أدنى شبهة عن مجامعة الرجل لزوجته. لهذا نجد أن تقليد الآباء يعتبر الزواج دنس، وأن القديس هو من حرم النساء على نفسه، أو خصى نفسه كما فعل جيروم وغيره.


    16- أما عن سبب خطوبة العذراء ليوسف النجار فقد تبنى أوريجانوس الرأى القائل إن الرب أراد أن يخبىء الميلاد العذرى للمسيح عن الشيطان. وقد استند فى رأيه هذا على رأى أغناطيوس الأنطاكى. كما ذكرها جيروم فى تعليقه على إنجيل متى. وربما ترجع أيضًا إلى أوريجانوس.

    ونحن نرى أن هذا كفر بيِّن، إذ أنهم نسبوا بذلك إلى الرب الضعف والخوف من الشيطان. نعم الخوف من الشيطان! فكتبة الأناجيل الثلاثة الأولى المتوافقة كانوا يؤمنون أن الشيطان أعظم من الرب وأحكم منه، أو هكذا أرادوا أن يؤمن أتباع هذا الكتاب، فذكروا أنه بعد أن امتلأ يسوع من الروح القدس وتعمَّد فى نهر الأردن، أسره الشيطان لمدة أربعين يومًا فى الصحراء!! (متى 4: 1-9، لوقا 4: 1-11)

    وإذا كان الرب هو خالق السماوات والأرض، فقد اقتسم معه الشيطان هذا الملكوت، فأصبح الشيطان هو إله هذا الدهر وسيد ورئيس هذا العالم: (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31، (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، ....) كورنثوس الثانية 4: 4

    كما بيَّنوا عظمة الشيطان ومساواته فى القدرة مع الرب، الأمر الذى جعل الرب يتحايل على الشيطان بأن خلط الأنساب أو هكذا تراءى الأمر لكل الناس، وجاء من امرأة مخطوبة لرجل آخر، تتويهًا للشيطان وتعمية له. وبالتالى انتصر الشيطان فى النهاية، إذ شوَّه سمعة الرب، وجعل المؤمنين به يظنون أنه جاء من نسل يوسف أى من نسل زنى، واعتقل يسوع لمدة أربعين يومًا، فى رسالة موجهة لكل البشر الذين يقرأون هذا الكتاب الذى يقدسونه، ويؤمنون أن الشيطان قادر على كل شىء، وأن مهما فعل الرب ليحمى مسيحه، فهو قادر ليس فقط على اعتقاله، بل على الخلاص منه، وذلك بأن جعل أسافلة القوم من اليهود يقتلونه!! وهذه هى آراء آباء الكنيسة والتقليد الذى يتمسكون به.


    17- ويرى آخرون أن سبب زواج مريم من يوسف هو حماية مريم نفسها التى لم تكن متزوجة، وحتى يحمى المخلص الذى سيأتى منها، كى لا يتقول عليه الناس، أو يتهمونه بتهمة الابن غير الشرعى. ونجد مثل هذه الأفكار أيضًا فى التقليد القديم للكنيسة اليونانية، التى تعتبر مريم كتابًا مغلقًا مختومًا، وعهد إلى يوسف بحمايته فقط. وإضافة إلى ذلك اعتبر البعض يوسف نفسه شاهدًا على الميلاد العذرى لمريم. ونتعجب من تفكيرهم هذا: فكيف يكون المتهم أو المدعى عليه شاهدًا لصالح نفسه؟

    ونتعجب أيضًا من قولهم إن سبب زواج مريم بيوسف هو حماية سمعة مريم من تهمة الزنى وحماية ابنها من أن يقول إنسان عليه إنه ابن زنى. وسبب تعجبنا أن الكتاب نفسه يثبت هذه التهمة. إن اقتران مريم بيوسف ليثبت هذه التهمة، وعلى الأخص أن الكتاب لا يدعو يسوع بابن مريم، بل بابن النجار أو ابن يوسف! فهل كان هذا أيضًا تتويهًا للشيطان؟

    إن الحل الذى قدمه القرآن الكريم وهو حديث عيسى عليه السلام فى المهد لهو إعجاز أتى بالدليل معه: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا *فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا *يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلوةِ وَالزَّكَوةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ *مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ * وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) مريم 16-37


    18- من النقاط الهامة التى ينبغى تدبرها هى: كيف علم يوسف بحمل خطيبته ومتى؟ فلو رأى منها هذا الحمل، لرآه غيره من الناس أو الجيران أو الأهل، أو الأصدقاء، أو غيرهم. على الأخص أن التعبير المستخدم هنا يشير إلى أن مريم لم تكن قد انتقلت بعد إلى بيت زوجها. وعلى ذلك فهى قد كانت فى بيت والديها أو من يرعاها.


    الأمر الذى دعا بعض معلمى الكنيسة إلى القول بأن هذا يُعد إشارة إلى انتقال مريم إلى بيت يوسف وعلاقتهما الجنسية كزوجين. (راجع فى ذلك Lutz: Das Evangelium nach Matthäus, S. 103) ويقول آخرون بأن يوسف لاحظ بنفسه علامات الحمل عليها، (راجع Trilling: Das Evangelium nach Matthäus, S. 24 - 25)، ويقول آخرون إن أمر مريم اكتشف من أهل دائرتها (Dillersberger: Matthäus, S. 66)، وربما لاحظ ذلك بعض أفراد عائلة مريم، وذلك بأن يكون زكريا وأليصابات قد أخبرا والدى مريم بشكوكهم فى الحمل أو بيقينهم منه (Willam: Das Leben Jesu im Lande und Volke Israel, S. 22) وترتب عليه تهنئة الأقرباء ليوسف على الحمل (Patsch: Maria, die Mutter des Herrn, S. 79)، وربما أخبر أحد أصدقاء العريس بالحمل أو هنئه عليه (Willam: Das Leben Jesu im Lande und Volke Israel, S. 22)


    إلا أن بعض الكتب الأبوكريفا تقول بمفاجأة يوسف بهذا الحمل، وتسوق حديث ثنائى بينهما، مفاده:(”الفصل 13“ وفى شهرهما السادس وبعد عودة يوسف من أبنيته ودخوله بيته وجدها حامل، فأخفض وجهه إلى الأرض وبكى بكاءً مريرًا، واندلع فى صراخ وعويل، نادبًا عفة العذراء التى تدنست. حيث كان قد تركها بمفردها كما فعل آدم مع حواء من قبل. وبعد ذلك نهض (من شواله [ربما يقصد مقعده]) ونادى مريم: أنت يا حبيبة الله: لماذا فعلت ذلك ونسيت الرب إلهك؟ ... إلا أنها اندلعت فى البكاء المرير وقالت: إننى طاهرة ولا أعرف رجلا.) (Seitz: Die Verehrung des hl. Joseph, S. 8)


    19- إن شخصية يوسف هذا تكاد تكون شخصية وهمية، وقد يكون شخص ما عُرف عنه التقوى، أو أحد أقربائها، فدبروا له هذه القصة، خاصة وأن هذه الأناجيل كُتبت بعد مماته. إن مرقس والذى هو الأصل الذى بنى عليه متى قبل وضع أساطيره، لا يعرف شخصية يوسف هذا، ولا يذكر فى كتابه كله إلا يوسف الذى من الرامة، والذى تسلم جثة المصلوب. بل لم يعلم أن أم يسوع تزوجت أو كانت حتى مخطوبة. فهو لا يعرف يسوع إلا باسم ابن مريم: (3أَلَيْسَ هَذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ ...) مرقس 6: 3


    20- كما لا يعرف يوحنا أن مريم كانت مخطوبة أو متزوجة من شخص يُدعى يوسف، وكل ما يعرفه أن يسوع كان معروفًا بابن داود عند العامة.

    ففى يوحنا 1: 45 يقول فيلبس: (45فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ: يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ».46فَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟» قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «تَعَالَ وَانْظُرْ».) فأين تكلم موسى أو ذكر الأنبياء أن نبيًا سيأتى من الناصرة؟ ابحث فى أى ماكينة بحث للكتاب المقدس عن كلمة (الناصرة) ستجد أنها لم تذكر إلا عند متى ابتداءاً، ثم لوقا، وذكرت عند يوحنا فى هذين الموضعين فقط، ومرة أخرى فى سفر الأعمال. أى لم يعرفها مرقس أيضًا، الذى هو الأساس الذى بنى عليه متى إنجيله. فمن أين أتى متى بهذه المعلومة؟

    كما أن مدينة الناصرة هذه لم يكن لها وجود فى زمن موسى أو الأنبياء أو يسوع، ولم تُعرف إلا فى القرن الرابع الميلادى؟ وهذا ما تعترف به أيضًا دائرة المعارف الكتابية مادة (الناصرة) حيث تقول إنها تُذكر لأول مرة فى الكتاب المقدس فى العهد الجديد: ((2) ذكرها فى الكتاب المقدس: تذكر الناصرة - لأول مرة فى العهد الجديد - بأنها المدينة التى سكن فيها يوسف ومريم العذراء ومعهما الطفل يسوع، بعد عودتهم من مصر (مت 2: 23)). فكيف عرف فيلبس أو نثنائيل بمثل هذه النبوءة التى زعموا أن كتب موسى والأنبياء تقولها؟

    والمرة الثانية التى ذكر فيها يوحنا أن يسوع ابن يوسف، الذى لا يعرف شيئًا عن طفولة المسيح، ولم يذكر أمه باسم مريم، ولم يذكر يسوع باسم ابن مريم، كان من اليهود الذين يضيقون به ذرعًا أى من أعدائه. وذلك فى يوحنا 6: 41-43 (41فَكَانَ الْيَهُودُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَيْهِ لأَنَّهُ قَالَ: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ». 42وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هَذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ. فَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ؟» 43فَأَجَابَ يَسُوعُ: «لاَ تَتَذَمَّرُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ.)

    وفى الحقيقة لا يعرف التاريخ أو الكتاب المقدس شيئًا عن يوسف هذا إلا ما ذكره متى، ونقله عنه لوقا، ولا تعرف الأناجيل عنه شيئًا بعد رحلتهم إلى أورشليم. لكن الغريب أن تذكر دائرة المعارف الكتابية مادة (يوسف) أنه عندما: (عرف أن مريم ستصبح أما لمسيا إسرائيل بعمل الروح القدس، لم يتخل عنها، بل رافقها إلى بيت لحم حيث ولدت الطفل يسوع.) بمعنى أن الموضوع كان مجد شخصى أراد أن يصيبه منه شيئًا.


    21- وهنا نرى أنفسنا مضطرين لتأصيل هذه المعلومة، قبل أن نسلم بصحتها: فكيف عرف يوسف أن الولد الذى تحمله مريم فى رحمها سيكون هو المسِّيَّا؟ فهذا هو نص كلام الملاك الذى زعم يوسف أنه رآه فى منامه: (20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».) متى 1: 20-21

    لقد قال له الملاك إن يسوع سيخلص شعبه من خطاياهم! والمسِّيَّا نبى مرسل للعالمين باعتراف يوحنا نفسه: (7لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. 8وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ. 9أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. 10وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضاً. 11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 7-10

    وهو الذى قال عنه دانيال: (كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. 14فَأُعْطِيَ سُلْطَاناً وَمَجْداً وَمَلَكُوتاً لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ.) دانيال 7: 13-14

    وها هو متى يقر أن دعوة يسوع كانت مرة أخرى للخراف الضالة فقط من بيت إسرائيل، أى ليست حتى لكل بنى إسرائيل، لكن للضالين منهم فقط: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-10

    وهذا إقرار ثالث على لسان يسوع أيضًا: («لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 24

    والضالة هنا صفة للخراف، وليس لبيت إسرائيل، يؤكد ذلك قول يسوع: (11فَلَمَّا نَظَرَ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟» 12فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى.) متى 9: 11-12

    فكيف علم يوسف المزعوم هذا بمسِّيَّانية يسوع؟ وهل معلومة بمثل هذه الأهمية لا تُقال إلا ليوسف سرًا فى منامه دون شهود، ولا يعرفها من تسمونه المسِّيَّا نفسه؟ ويتملكك العجب أكثر أن تعلم أن يوسف هذا ليس بنبى يوحى إليه، ولا قيمة له فى موضوع ميلاد يسوع، إلا أنه يقوم بدور الغطاء على معجزة الرب فى إنجاب العذراء لابنها!!

    وفى الحقيقة قد جمع متى كل نبوءات وأوهام اليهود فى مسيحهم المزعوم، ووضعوها لتنطبق على يسوع، بحيث لا يكون لديهم أدنى مبرر للإيمان بالمسيح الحق، النبى الخاتم (المسِّيَّا). وكان هناك من اليهود السامرة من يؤمن أن المسِّيَّا سيأتى من نسل نبى الله يوسف، ومنهم من آمن أنه سيأتى من نسل داود، فجمعوا بين الاثنين.

    أما قول الكتاب عنه بأنه ابن الله، ونبى الله، الابن الصالح، والبارناس أى الإنسان البار، وابن الإنسان، وروح القدس، وروح الحق، والكامل، والمخلص، والفادى لبنى إسرائيل من ذنوبهم إن آمنوا به، والمعزى لبنى إسرائيل فى ذهاب النبوة من عندهم، فقد جعلوها كلها ليسوع: فهو نبى،وإنسان ابن الإنسان،وفى نفس الوقت إله ابن إله، وهو الكامل الذى لم يقترف إثمًا، الذى تحمَّل أخطاء بنى إسرائيل والعالم كله (لأن المسِّيَّا نبى للعالمين). وبذلك وفقوا كونه ابن الله، وأنه روح القدس ووحدوهم مع الله ليتكون الثالوث، الذى لم يسمع عنه يسوع أو تلاميذه فى حياتهم.

    وربما عمد متى إلى ذلك وغيَّره لعدم الاعتراف بالميلاد الإعجازى، وإثبات أنه نبى من عند الله، الأمر الذى يدين اليهود لعدم إيمانهم به.
  • abubakr_3
    مشرف عام
    • 15 يون, 2006
    • 849
    • مسلم

    #2
    22- لكن ربما يقول قائل: إن يوسف عرف هذه المعلومة من زوجته مريم التى نزل عليها ملاك الرب وأخبرها قائلاً: (30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».) لوقا 1: 30-33

    وفى الحقيقة هذا ظن لا يقوم على دليل. بل هناك أدلة على عدم صحته، منها أن المواصل لقراءة الفقرة المذكورة أعلاه، يدرك أن مريم ذهبت بسرعة إلى أليصابات ومكثت عندها ثلاثة أشهر، ولم تلتق بيوسف إلا عند ذهابهما للإكتتاب، اللهم إلا إذا كانت أليصابات تسكن بالقرب من مريم ويوسف. والنقطة الأهم من ذلك أنه لما رأى يوسف علامات الحمل على زوجته أراد تخليتها سرًا، ثم نزل إليه ملاك الرب (عند متى) ولم يخبره إلا بأن يسوع سيخلص شعبه، وليس العالم. الأمر الذى يدل على أن مريم لم تُخبره مُطلقًا عن أمر الوحى الذى جاءها، ولا بأمر حملها.


    23- لماذا نسبته الأناجيل إلى يوسف سواء ابن يعقوب عند متى أو ابن هالى عند لوقا؟ فإذا كانت الولادة دون مجامعة ذكر، فلماذا لم ينسبه إلى أمه مباشرة إظهارًا لعفافها والمعجزة الإلهية؟ ألم أقل لكم إن كاتب هذا الإنجيل عدو للمسيح عيسى ابن مريم وأمه ودعوته؟ إن التآمر على إخفاء هذه المعجزة واضح ويرمى إلى عدم تساؤل الناس عما قاله هذا الطفل الرضيع وهو فى المهد. إن التآمر واضح فى الابتعاد عما حكاه القرآن، حتى لا يصدق القرآن فى عيون أتباع يسوع.

    إن كتاب هذه الأناجيل أرادوا إقصاء يسوع هذا عن ملكوت الله، فقالوا إنه ابن داود لعلم علمائهم أن نسل داود محروم من وراثة عرش داود، ودليل علمهم أن متى أسقط اسم يهوياقيم من نسل يسوع، لعلمه أن يوياقيم محروم أيضًا من وراثة عرش داود. وقالوا بخطوبة يوسف ومريم، وأنها وجدت حبلى قبل أن يتزوجا رسميًا، لتشوب يسوع شبهة ابن الزنى، وبذلك يُحرم من النبوة ومن التدريس فى المعبد، وتذهب كل تعاليمه هباءًا منثورًا. كما أظهر متى أن يسوع سليل عائلة مجرمين زناة ليكون من ناحية ثالثة محرومًا من وراثة عرش داود.

    (2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) تثنية 23: 2

    (21فَإِنَّ عَهْدِي أَيْضاً مَعَ دَاوُدَ عَبْدِي يُنْقَضُ فَلاَ يَكُونُ لَهُ ابْنٌ مَالِكاً عَلَى كُرْسِيِّهِ وَمَعَ اللاَّوِيِّينَ الْكَهَنَةِ خَادِمِيَّ.) إرميا 33: 21

    (30لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: لاَ يَكُونُ لَهُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَتَكُونُ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً لِلْحَرِّ نَهَاراً وَلِلْبَرْدِ لَيْلاً.) إرميا 36: 30


    24- لكن كيف ظهرت براءة مريم، والبراءة لا تظهر إلا على شهادة اثنين أو أكثر؟ وهل يريد الرب منا أن نصدق يوسف فى حلمه هذا دون وجود شاهدين؟ فلو كان هذا مراده، لنسخ ما ذكره من أوامر بشأن الشهادة، ولكان كلام يسوع نفسه وتجديد هذا الأمر لا معنى له إلا أن الرب ضعيف لا حجة له، ويلعب بالناس! وإلا ما معنى أن يأمر بأمر ما، ثم يأتى هو بعكسه، ثم يُرجعه مرة ثانية؟ (17وَأَيْضاً فِي نَامُوسِكُمْ مَكْتُوبٌ: أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ حَقٌّ.) يوحنا 8: 17

    ولو أراد الرب منا أن نصدق حلم يوسف لكان بذلك قد فتح الباب على مصراعيه ليدعى كل إنسان ما يمليه عليه شيطانه، ولضاع الحق بين الناس!!

    والغريب أن بولس دخل المسيحية أيضًا برؤيا وهمية لا دليل عليها بالمرة، وتضاربت قصته فى المرات الثلاثة التى قيلت فيها فى سفر أعمال الرسل. (ارجع إلى كتابى «بولس يقول: دمروا المسيح وأبيدوا أهله»)

    ولماذا ضن الرب على عفاف مريم وشرف أمه وإظهار معجزته وذلك بأن أرسل ملاكه مرات ومرات إلى رئيس الكهنة ومعلمى الشريعة أو بعض المؤمنين الذين لا رابط بينهم، تطهيرًا لسيرتها ورفعًا لشأنها وشأن ابنها ودعوته؟

    وما رأيكم بديلاً لكل هذا فى كلام الطفل فى المهد وتبرئته لأمه، وإعلان نبوته وعبوديته لله؟ وسيتضح لنا هذا فى عرضنا لباقى مواضع نقدنا لإنجيل متى.

    نكرر مرة أخرى: كيف تركها اليهود ولم يقيموا عليها الحد؟ فلو كان هذا الكتاب من وحى الرب، فلماذا أغفل الرب أن يثبت براءة أمه أمام العالمين، ويُصلح ما فعله فى الخفاء؟ فهل عرض الناس هين على إله المحبة؟ بل لماذا لم ينتق امرأة عذراء غير مخطوبة لرجل، وكانت فى هذه الحالة الخسارة أقل؟

    وما حكمة الرب أن تحدث معجزة ثم يطمسها بنسب الابن إلى يوسف؟ ألا تتوافر لدى الرب النية بذلك ليفضح أمه أمام العالمين؟ أم تراه أنزل ما يبرأها وطمسته الكنيسة فى كتبها أو تحاربه بدعوى أنه ليس كتاب الله ولا من وحيه؟

    وأُطمئن القارىء المسيحى: إن عمل يسوع فى الكهنوت وتدريسه فى المعبد ليدل على براءة أمه وطهارتها فى عيونهم، لأنه لو شاب نسبه شائبة لما تركوه يدرس فى المعبد. ولطالما لم يرجمها اليهود ولم يُعاقب يوسف، فهما قد أثبتا إذًا براءتهما من الزنى. فكيف أثبتت مريم ذلك؟ أى أين دليل براءتها الذى تكتمته الأناجيل؟ ألم أقل لكم إن كتاب هذه الأناجيل هم أعداء يسوع؟


    25- إن قول لوقا فى نسبة يسوع إلى يوسف بن هالى وتعبيره بقوله (وهو على ما كان يُظن) ليدل على اجتهاد شخصى منه، وأنه نفسه لم يقف على الحقيقة، أو إنه كان يعرفها وأراد بث الشك فى قلوب القراء تجاه يسوع. مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه العبارة أُضيفت إلى النص، وليست منه. أى إن لوقا كان يعلم تمام العلم أن يسوع ابنًا ليوسف بن هالى. ولو صدق هذا لكفر لوقا بتطاوله على نبى الله عليه السلام.

    26- تزوج يوسف من مريم عندما كان عمره 92 تبعًا لدائرة المعارف الكاثوليكية، وهى لم تتعد بعد الحادية عشر من عمرها، وذلك لأنها أنجبت يسوع عندما كان عمرها 12 سنة (وفى التسعين من عمره، وكانت هى فى العقد الثانى من عمرها كما تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (مريم أم يسوع)) ونتفق مع كل عاقل أن الله تعالى حكيم وعلمه أزلى. فهل رأى الرب أن رجل فى مثل هذا العمر كان قادرًا على الهرب إلى مصر والعمل على رعاية مريم وابنها؟ ألم يكن من الأليق والأحكم أن يختار الرب لها شابًا يتحمل مصاعب الهرب والغربة والدفاع عنهما؟ أم أراد الرب أن يرهق الأم وجنينها وزوجها؟ فهل هذا جزاء يوسف على عدم تطليقه أم الرب وتحمل سوء ظن الناس به أو تهكمهم عليه؟ ثم من أين أتيا بالنقود اللازمة لطعامهم وطعام الحمار والإنفاق على رحلة تستغرق 14 يومًا حتى يصل إلى مصر وهما من الفقراء؟ ويتبين فقرهما من نوع القربان الذى قدمته مريم للمعبد بعد انتهاء فترة تطهيرها (لوقا 2: 24).


    27- إن الإناجيل الأبوكريفا تحكى عن رحلة هذه العائلة إلى مصر، ولا نجد من يعمل إلا يسوع وأمه. فلماذا يعذب الرب أمه بما دبره هو وفعله وهى من أكرم النساء وأشرفهم لديه؟ على الرغم من أن يوسف كان يتمتع بصحة جيدة، حيث عاد معهما من هذه الرحلة، ومارس عمله كنجار، وكان يسوع نفسه يساعده فى العمل. وهل فارق العمر بين يوسف ويسوع، وهو حوالى (93 سنة أو أكثر) كان يسمح له بمتابعة ابنه وتربيته؟ وخاصة أن يوسف النجار مات عندما كان يسوع ابن 18 سنة، كما أشارت دائرة المعارف الكتابية مادة (مريم أم يسوع) بقولها: (وتقول التقاليد القديمة أن يوسف مات عندما كان الرب يسوع في الثامنة عشرة من عمره في بيت إيل.) على الرغم من أن آخر مرة ذكرته الأناجيل (لوقا 2: 48) كان يسوع ابن 12 سنة. وعلى الرغم من قولهم من قبل بأنهم لا يعلمون بالضبط متى مات.


    28- ولو يسوع هو الذى أوحى هذه الأناجيل لكان غير بار بأمه وأبيه الذى رباه. إذ لم يذكر متى دليلا واحدًا على براءة أمه، وشهود نفى التهمة عنها، ولم يذكر فضلها وفضل يوسف عليه فى تربيته وتعليمه.


    29- وإذا فكرنا فى شعور مريم وهى تعترض على هذا الحمل دون أن تعرف رجلاً، ألا تشعر معى أنها تحملت عبء لا ناقة لها فيه ولا جمل؟ فلماذا هربت وكان من الأفضل لها أن يقتل هيرودس الطفل قبل أن يُفتضح أمرها، وخاصة أن الرب لم يقف بجوارها فى هذه المحنة، وتركها للقيل والقال، وتجسد فى صورة طفل رضيع، ولا تعرف لمن تلجأ فى محنتها هذه؟ وكيف وثقت مريم فى حلم زوجها المزعوم وتقبلت أن تقطع كل هذه المسافة معه وتتحمل كل المخاطرة، وخاصة أنه كان يشك فيها وأراد تطليقها؟ لماذا لم يأت لها الملاك مرة أخرى، فالولد شأنها وحدها؟


    30- وكيف سافرت معه لوحدها دون أن يعلنا زواجهما رسميًا؟ ولو كان هذا الرجل الذى جاوز التسعين سنة مازالت لديه القدرة الجنسية والرغبة فى ذلك، هل كان ليتركها دون أن يتمتع بحقوقه الشرعية؟ وهل نفهم من ذلك أن الرب أمن مكر الشيطان على عباده فأباح الخلوة بين الخطيب وخطيبته، وأن يسافرا معًا، ويبيتا سويًا؟ ولو أمن الرب مكر الشيطان على يوسف بالذات لكبر سنه، فلماذا أرسل ملاكه ليمنع يوسف من عدم الاقتراب من زوجته؟


    31- ألم يعلم الرب أنه إذا جامع الرجل امرأة حامل لا يحدث اختلاط فى الأنساب؟ فلماذا منع الرجل من التمتع بزوجته وفى الوقت نفسه رفض أن يطلقها أو على الأقل يعتزلها أو يتركها؟


    32- أليس بُعدِ يوسف عن زوجته وعدم إنجابه منها لدليل على أنه مازال الشك يساوره تجاه ما فعلت وأنه هجرها فى الفراش كأقل عقوبة لها؟ وهذا بمفرده يُكذب متى فى ظهور ملاك ليوسف، أو يُظهر يوسف بمظهر الكافر غير المؤمن الذى لم يصدق ملاك الرب.


    33- ولو لم تنجب مريم من يوسف لتساءل الناس عن السبب، أو لذهبوا بها لمن يعالجها. والمجتمع العربى القديم، والحديث أيضًا، يحب الذرية وكثرة الإنجاب، ولا يكتفى بولد واحد. فإما كانت مريم منذورة لله تعالى ولا يحق لها أنتتزوج،بلتتفرغ بقية عمرها لخدمة الله تعالى، وفهم الناس ذلك، ولم يطالبوها بذرية أكثر من عيسى u،فهل لو كانا حكيا للناس أن الرب منع يوسف من الإقتراب من مريم زوجته، لصدق الناس هذه الحكاية؟ إن هذه الروايات لا يقوم عليها دليل من وجود شاهدين.


    34- ولو أفهما الناس أن هذا مراد الرب لسألوهما الناس: وماذا عن يسوع؟ كيف أنجبتماه؟ هل برضى الرب أم بسخط منه؟ فلو كان بسخط منه لكانا كافرين منبوذين من المجتمع، ولا يستحق أن يُطلق على أحدهما كلمة قديس! ولو برضى من الله لتساءل الناس عما اقترفوه ليمنعهما الله من إلتقائهما فى الفراش، ولظنوا فيهما الظنون. إن ما فعله الرب لديهم (سبحانه وتعالى) كان عملاً غير مدروس، لم يتسبب إلا فى آلام نفسية وجسمانية وسوء ظن بعضها فوق بعض.


    35- لقد وصلنا تقليد يرجع إلى أوغسطينوس يقول إن مريم وعدت الرب أن تظل كعذراء، ويجب أن يكون هذا الوعد قد حدث قبل زواجها بيوسف، إذ لا يُعقل أن تنذر نفسها بعد خطوبتها، وأن عمرها لم يكن قد جاوز الاثنى عشر. لأنه لم يكن يُعتدّ بالنذر فوق هذا السن. (Willam: Das Leben Marias der Mutter Jesu, S. 30 - 31) وبناءً على تقاليد ذلك العصر كان يجب على مريم أن تكون قد قصت على يوسف موضوع النذر هذا قبل خطوبتها عليه، حيث إن لذلك تأثير على زواجهما. (Willam: Das Leben Marias der Mutter Jesu, S. 69).

    لذلك أصبح حمل مريم مثير للتعجب لدى يوسف، ويتناقض مع النذر الذى خالفته. ويبدو أن يوسف قد استبعد فكرة أن تكون مريم قد اغتصبت، لأنه لو حدث لما كان من الممكن تبرير ذلك مع سكوتها على هذا الحمل. (Willam: Das Leben Marias der Mutter Jesu, S. 118)


    36- وعلينا أن نعى النقطة الثانية وهى زمان ومكان هذه الأحداث. أين كانت تعيش مريم وقت أن جاءها الملاك؟ فقد كانت مريم تعيش فى الناصرة (لوقا 1: 26)، وتعيش نسيبتها أليصابات فى بيت لحم (مدينة يهوذا) (لوقا 1: 39). فكم احتاجت مريم من الوقت لتصل إلى نسيبتها، التى أخبر الملاك فى الناصرة أنها حامل فى الشهر السادس؟

    يقول قاموس الكتاب المقدس الألمانى(ص886) إن بين الناصرة وأرض اليهودية آلاف الأميال، وقد قطعتها مريم فى ثلاثة أشهر. وهنا يدفعنا هذا التحديد الزمنى والمكانى للتساؤل: Lexikon zur Bibel, Fritz Rienecker, 1988


    37- كيف سافرت مريم بمفردها وخاطرت بنفسها وبسمعتها طوال هذه الأشهر وخاصة أن يوسف لم يعلم بحملها إلا بعد أن عادت من سفرها هذا؟ بمعنى أنه يملك أرضية من الظنون والوساوس الشيطانية تجعله يشك أنها اغتصبت فى الطريق أو كانت على علاقة ما مع أحد الشباب أو غير ذلك.


    38- هل كانت تعيش قبل السفر مع خطيبها؟ بالطبع لا، فهو ليس بزوجها. ولو كانت تعيش معه، فكيف سافرت دون أن تخبره أو يرسلها فى صحبة آمنة؟


    39-وعلى الجانب الآخر نجد أن يسوع نفسه يؤكد ظنون الناس فى أمه بسوء معاملته إياها، وهذا وحده كفيل برجمه تبعًا للناموس، فهو لم يكن بارًا بالمرة بأمه، وكان يعاملها كما لو أنه كان يشك فى سلوكها، ولا يثق فيما ترويه عن حملها من الروح القدس، أو على الأقل لا يريد أن تظهر أثناء حواراته مع اليهود ودعوته لهم، كما لو كان لسان حاله يقول لها، لماذا ظهرت الآن، وفى هذا التوقيت؟ ستفضحينى، وتذكرى الناس بفعلتك التى نسوها، ياليتك تختفى من حياتى. وإليك النصوص التى أستند إليها:

    فقد تجاهلها تمامًا أمام الناس، ولم يخرج لمحادثتها:(46وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. 47فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ». 48فَأَجَابَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتِي؟» 49ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي. 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».) متى 12: 46-50

    وصدق حسنى يوسف الأطير فى تعجبه قائلا: ما هذا الموقف الذى نستشعر فيه بتضاعف الآلام على قلبه، وبضيق الدنيا به، وبظلم الكون، واختلال الموازين، وانقلاب القيم، كلما ظهرت أمه فى حياته أمام الناس؟

    وها هو ينهرها أمام الناس فى عرس قانا، واضطرت أمه حفاظًا على ماء وجهها أن تقول للناس أن يفعلوا كل ما يرضيه. وكما لو كان فى ثورته لا يستطيع أن يتحكم فى تصرفاته، ولا فى كلامه، فخشت على ابنها أن يثور أحد الناس عليه: (3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». 5قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ».) يوحنا 2: 3-4

    بل صور متى موقفًا عدائيًا له، لا يستطيع إنسان سوىٌّ بارٌ بأبيه أن يتخيله. فقد رفض أن يقوم إنسان بدفن أبيه، قائلا له دع الأموات يدفنوا موتاهم، ضاربًا ببر الوالدين عرض الحائط، متجاهلاً كل سلوك طيب، وكل بر ضرورى: (21وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَا سَيِّدُ ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 22فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ».) متى 8: 21-22

    ما هذا الموقف العدائى الذى يتخذه يسوع الإنجيلى تجاه كل أب وأم؟ ومن أين جاء بهذا الحكم الشيطانى؟ فهذا بالطبع لا يمت للكتاب بصلة، بل يُخالف تعاليم الكتاب نفسه. لماذا يصور متَّى يسوع بهذه الصورة المخزية؟

    وقد يكون هذا الأمر سببًا دفعه لأن يأمر الرجال لإخصاء أنفسهم، للتخلص من اشتهاء الرجل لإمرأة ما: (12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 12

    أو قد يكون الغرض منها هو التخلص من أتباع يسوع، وعدم تكاثرهم، لأن المجبوب برضى لا يدخل فى جماعة الرب. بمعنى أن كاتب هذا الكلام أراد أن يعظ اليهود أن يسوع وتلاميذه وأتباعهم مطرودين من رحمة الله، ولن يدخلوا ملكوته: (1«لا يَدْخُل مَخْصِيٌّ بِالرَّضِّ أَوْ مَجْبُوبٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 1-3

    وقد اجتمعت الثلاث صفات فى يسوع: فالكتاب يصوره أنه ابن زنى، أو على الأقل من نسل زناة، وأن زوجة سليمان جد الرب وأم رحبعام هى نعمة العمونية، وبوعز أحد أجداد الرب ولد عوبيد من راعوث (متى 1: 5)، ويقول الكتاب إن راعوث هذه موابية (راعوث 4: 5)

    وقد يكون هذا الأمر هو الذى دفعه لاعتبار كره الأم والأب من القربات التى يتقرب بها المرء للرب، ليكون تلميذًا ليسوع، قال يسوع للجموع: (26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25

    على الرغم من أنه قد طالبكم بالأدب التام مع الآخرين، حتى منع التضجر أو العبوس فى وجوههم، فكيف سيكون الحال إذا مع الوالدين؟ وكيف يكون حاله مع أمه وهو نبى الله قدوة البشر وإمامهم (ناهيكم عن قولكم عنه إنه إله العالمين)، على الأخص رحمة بأمه وبما عانته من تعنت اليهود وسوء دينهم وأخلاقهم؟ أليس هو القائل: (إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 22، فكيف تبررون سوء أدبه مع أمه غير الذى قلت؟

    وها هو حكم الرب فى تصرف يسوع هذا: (18«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلا لِقَوْلِ أُمِّهِ وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلا يَسْمَعُ لهُمَا. 19يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلى بَابِ مَكَانِهِ 20وَيَقُولانِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هَذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. 21فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيل وَيَخَافُونَ.) تثنية 21: 18-21


    وأكرر السؤال: لماذا كان يسوع يضيق ذرعًا بأمه وسط الناس؟




    40- لقد وجد يوسف مريم حُبلى، وأراد تخليتها، أى تطليقها، ولكن منعه ملاك الرب من تطليقها، ومنعه من الاقتراب منها، ومجامعتها، فما حكمته من ذلك؟ هل كان يوسف بمثابة غطاء على فعلة الرب أمام الناس؟ وإن لم تكن مريم بالفعل زوجة الرب (وأمه طبعًا)، فلماذا منعه من معاشرتها بعد إنجاب نفسه منها؟ وما حكمة الرب من زواج أمه بيوسف النجار، لو كانت نيته أن يمنع اقترابه منها، وعدم مجمعتها إلى أن يموت؟ أليس هذا الزواج تدليس من الرب على الناس؟ أليس هذا أشبه بالمحلل الذى لعنه رسول الله عليه السلام؟ والأغرب من ذلك أنهم نسبوا الغلام ليوسف، الذى لا ناقة له ولا جمل فى الموضوع!!

    أليس هذا هو ما دفع بعض الآباء القدماء إلى اعتبار الزواج دنس يجب الابتعاد عنه، واستندوا فى ذلك أيضًا إلى نص إنجيل متى الذى يحث فيه يسوع المؤمنين على إخصاء أنفسهم؟ (12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 12


    فهل هناك علاقة بين أوامر يسوع للمؤمنين بإخصاء أنفسهم، وبين مولده الإعجازى غير المؤكد فى الكتاب أو زواج أمه بيوسف؟



    41- أليس من الأفضل والأحكم لو اختار الرب امرأة عذراء غير مخطوبة أى غير متزوجة ليتجسد منها، حتى لا يظهر بمظهر المتعد على زوجة رجل آخر؟ أليس الإنجاب من زوجة رجل آخر هو زنى، ونتيجته ذرية سفاح؟ وهل هذا التعدى على زوجات الآخرين مباح للرب فقط أم هو قانون استنه الرب وعليكم اتباعه؟


    42- إن مدة حمل أليصابات وقت وصول مريم إليها هو الشهر التاسع، حيث تُقطع هذه المسافة بين الناصرة وبيت لحم فى ثلاثة أشهر، وكان ملاك الرب قد أخبرها قبل السفر أن إليصابات حامل فى الشهر السادس. (41فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا وَامْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ) لوقا 1: 41 فكيف تشعر المرأة الحامل بدبيب جنينها فى الشهر التاسع؟


    43- عند بداية حمل مريم، سافرت لمدة ثلاثة أشهر إلى قريبتها. فهل من الطبيعى أن تشقى المرأة فى الأشهر الأولى للحمل؟ ألا يُسقط هذا الجنين؟


    44- ومن الطبيعى ألا ترجع مريم مباشرة من عند أليصابات، فقد مكثت بالفعل عند قريبتها مدة ثلاثة أشهر حتى ولدت أليصابات واستردت صحتها، وتهيأت مريم مرة أخرى للعودة. (56فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.) لوقا 1: 56 وعلى ذلك فإن حمل مريم لا بد أن يكون فى نهاية الشهر التاسع تقريبًا عند عودتها إلى الناصرة مرة أخرى. فكيف تجرؤ فتاة سافرت وابتعدت عن زوجها طوال هذه المدة دون أن تخبره بحملها من الروح القدس، ثم تعود إليه حاملاً فى طفل فى أحشائها، لا تملك دليل تبرهن به على حملها هذا؟ إن هذا لا تفعله إلا نوعية معينة من النساء، حاشا أن تكون مريم منهن!! وعلى هذا لاينفع ما يفعله يوسف من أن يمسك عليه زوجه، حتى يتوه هذا الحمل، لأن الفضيحة ستكون على أعلى مستوى، وفى كل بيت وعلى كل لسان.


    45- والغريب أنها انتقلت من الناصرة إلى بيت لحم للتعداد السكانى (1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. 2وَهَذَا الاِكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. 3فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. 4فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضاً مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ 5لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. 6وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. 7فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ.) لوقا 2: 1-7

    ومعنى ذلك أنها سافرت من الناصرة إلى أليصابات فى بيت لحم فى مدة ثلاثة أشهر، ثم استراحت عندها ثلاثة أشهر من عناء هذه الرحلة (لوقا 1: 56)، ثم عادت مرة أخرى إلى الناصرة فى مدة ثلاثة اشهر، ثم سافرت مرة أخرى مع زوجها إلى بيت لحم فى ثلاثة أشهر أخرى، بمعنى أن الحمل استمر فى بطنها (12) شهرًا على أقل تقدير. أليس هذا ضد كل المعطيات العلمية للحمل والولادة؟


    46- بالتأكيد لم يعلم يوسف موعد ولادة مريم لابنها بدقة، وعلى ذلك فأسطورة ذهابهما لتسجيل نفسيهما وهى فى نهاية الشهر التاسع لأمر لا يصدق. لأنه ببساطة شديدة: ماذا كانا سيقولان فى التعداد؟ هل كانا سيكتتبان على أنهما خطيبان؟ لو حدث هذا لأفشيا السر، ولأثبتا جريمة الزنا عليهما، ولرجمهما اليهود، ولانتفت عنهما صفة البر والقداسة، لأن مثل هذه الجريمة تفسد المجتمع بأكلمه. ولما سمحوا له بالتدريس فى معبدهم.


    47- وبعد أن حدثت الولادة ترى كيف قدم يوسف نفسه ومريم ويسوع فى التعداد؟ هل قال إنها خطيبته وابنهما، فيكون بذلك قد أثبت على نفسه وعلى خطيبته تهمة الزنى وأفسد على الرب أمنيته فى ستر هذا الميلاد عن الشيطان؟ أم قال إنها خطيبته وابنها، فيكون رماها لوحدها بالزنى؟


    48- ألست معى أن هذا التعداد لا غرض منه إلا فضح مريم ويوسف ويسوع؟ إذ كيف قدم يوسف يسوع للمجتمع؟ هل سمَّاه فعلا باسمه؟ فلو سماه باسمه لانتفت صفة القداسة عن يوسف ومريم التى وافقته على الكذب وإطفاء برهان الرب وقدرته فى الخلق!

    ولو سمَّاه باسمه فما هو دليلكم على الميلاد العذرى وإعجاز الله تعالى فى ميلاد عبده يسوع؟ وعلى أى أساس إذن يُطلق عليه بارًا، وهو يشارك ملاك الرب فى الكذب ويطمس معجزة أحدثها الرب لتعجيل عباده بالتوبة وعودتهم إليه؟

    ولو لم يسمه باسمه لكان قد فضح ما أمره ملاك الرب أن يكتمه، ولانتفت عنه صفة البر، وكان يجب عليه فى هذه الحالة أن يطلقها! وإلا ما هو الدافع الذى جعله يقبل هذا الوضع وهو يرفض الولد جملة وتفصيلا بدليل أنه لم ينسب الولد إليه؟ ولتساءلنا بأى صفة إذن سافر معها وجمعهما سقف بيت واحد؟ وكيف ستكون مريم قد وثقت به بعد أن رفض الوقوف بجوارها فى محنتها، وفضحها وابنها؟


    49- أما بالنسبة للعلاقة الزوجية بين مريم ويوسف فلها عدة احتمالات: إما أن مريم كانت تعيش مع يوسف قبل أن تحمل من الروح القدس، بمعنى أنهما تزوجا قبل الحمل، لأنه لا يعقل أن تحمل عذراء مخطوبة، ولا يكون للخطوبة أدنى معنى فى هذا الأمر، إلا طمس الحمل العذرى. وفى هذه الحالة ينتفى عنها العذرية، لأنها كانت بالفعل زوجة لرجل من حقه الطبيعى مجامعة زوجته، ولم ينزل ملاك الرب ليمنعه من بدء زواجهما أن يقترب منها. فقد جاء المنع بعد أن اكتشف يوسف حملها. بل لما شك فيها يوسف، لأن الشك ناتج عن عدم مساسه بها. فكيف تكون زوجته ولا يقربها إلا إذا كان مخصيًا، أو قضت شهوته فى النساء نحبها، ولو هذا صحيح لعزف عن الزواج من أساسه!

    وإما كانت مخطوبة له ولا علاقة جنسية بينهما، فيكون حملها معجزة ومسارعة يوسف بالزواج هو طمس للمعجزة والولادة من عذراء.


    50- لم نعلم بزيارة يوسف إلى مريم للإطمئنان عليها، وعلى حملها، ليتأكد من أن الذى جاءه فى الحلم ليس شيطان أو أضغاث أحلام، وليهدىء من روعها. فقد كانت بالتأكيد تخشى غضبه إذا علم ذلك. ولم يظهر بجوارها أثناء الحمل مرة واحدة. الأمر الذى يدفع الناس للتقوُّل عليها، وربما ظنوا أنه تركها لسوء سلوكها. والغريب أنه لا يوجد أى رد فعل غير طبيعى من الجيران. فقد كان الكل يعلمون أنهما خطيبان وليسا بزوجين. فما الدور الذى لعبه يوسف خلال فترة الحمل هذه؟ فقد وصلت خطيبته إليه وهى حامل فى الشهر التاسع، ثم بدأ الاثنان الاستعداد لرحلة أخرى تستغرق ثلاثة أشهر جديدة بعد استراحة من وعثاء السفر، وعندما وصلت إلى بيت لحم أنجبت هناك يسوع، أى إن حملها استغرق 12 شهرًا. وعلى ذلك لا بد أن تكون الولادة تمت فى الناصرة لتتم النبوءة الغريبة والتى لا يعرفها الكتاب المقدس كله، وهى أنه سيُدعى ناصريًا. وعلى ذلك لم يكن هناك أدنى داعٍ إلى سفرهما إلى بيت لحم، حيث التعداد خاص بأهل بيت لحم، وهم من سكان الناصرة!


    51- على القارىء أن يختار من عدة أشياء:
    أ) إما لم يكن يوسف ومريم يسكنان فى الناصرة، وبالتالى يكون متى قد كذب بشأن النبوءة التى تقول إن المسيح سيُدعى ناصريًا (2: 23)

    ب) وإما تمت الولادة فى بيت لحم، فتكون مريم قد حملته لمدة اثنى عشر شهرًا، ويكون متى قد صدق فى نبوءته التى تقول إن المسيح سيولد فى بيت لحم (2: 6)

    ت) وإما حملت مريم ابنها لمدة تسعة أشهر، فيكون متى قد كذب بشأن النبوءة السابقة أعلاه (متى 2: 6)

    ث) أيما اخترت فأنت قد حكمت على متى بأنه ليس من زمرة التلاميذ ولا يعرف شيئًا عن يسوع. وكل ما يقوله هو وهم وليس وحى.

    تعليق

    • abubakr_3
      مشرف عام
      • 15 يون, 2006
      • 849
      • مسلم

      #3
      52- أكرر مرة أخرى: ما الدور لذى لعبه يوسف بالضبط فى حياة مريم وابنها؟ لقد تخلى عن مريم وتركها تسافر من الناصرة إلى بيت لحم لمدة ثلاثة أشهر بمفردها، وتركها تعمل هى وابنها فى مصر، ولم يؤثر عنه أنه عمل بها، على الرغم أن التقليد يقول إن يوسف مات عندما بلغ يسوع من العمر 18 سنة. كما تخلى عنها من قبل أثناء حملها.

      ثم ألا تتعجب معى من تصرف يوسف النجار تجاه خطبته من مريم؟ فهو رجل تحمل خطيبته من الروح القدس، ولا تخبره هى بذلك، وعندما يكتشف الأمر يظهر له الروح القدس فى حلم، لا دليل عليه، فصدق رؤياه، وصدق الرب الذى أوحى له. لكن كيف سترها يوسف، وستر هذا الميلاد الإعجازى؟ ألا ترى أنك لو كنت مكانه لأعلنت زواجك مباشرة منها؟ ولو فعل يوسف ذلك وسترها كما أمر الرب، فكيف وصل إليكم هذا الميلاد الإعجازى؟ هل تكلم يوسف أم وضعت هى نفسها موضع الشبهات دون أن يأتى الرب بدليل علانية أمام البشر؟

      53- وصل الاستخفاف بلوقا أن يكتب أن يوسف وخطيبته والطفل ذهبا ليكتتبا، وفى الطريق أنجبت يسوع، الأمر الذى يؤكد أن يوسف لم ينقذ سمعة خطيبته، ولم ينفذ أمر ملاك الرب إليه، وتركها حتى ولدت طفلها!! (5لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى.) لوقا 2: 5 فباسم من كانوا يريدون الإكتتاب؟ فلو وافق يوسف لأثبت عليها وعلى نفسه جريمة الزنى! ونعيد مرة أخرى أين كان أهل مريم وقتها ليتركوها تسافر مع طفلها وخطيبها؟

      54- يصور لوقا مريم بصورة طفلة ساذجة رعناء، كل ما أهمها أن قريبتها المتزوجة ستلد، على الرغم من أن مريم كمؤمنة تعلم أن الله على كل شىء قدير، وقد أنجبت سارة من قبل فى سن متأخرة جدًا.فكيف يتفق قلقها عند إبلاغ الملاك لها بالحمل دون زواج، مع لهفتها وفرحتها أن تبلغ أليصابات دون أدنى اهتمام للمصيبة التى ستحل بها فيما بعد؟ ألم يكن على مريم أن تهتم بالشىء غير الطبيعى الذى سيتسبب ربما فى حرقها أو رجمها هى وخطيبها، وتدنيس سمعة العائلة كلها. فلو لم تدرك أنها ستكون فى مأزق، وستقع بسبب هذا الحمل فى مشكلة لكانت رعناء!

      55- يُظهر كتبة الأناجيل مريم بالبنت المتسيبة التى لا أهل لها ترجع إليهم وقت الشدة، ولا يهمها كبير أو صغير فى العائلة أو السبط، ولا تخشى على أخلاق أو دين أو ناموس. وذلك لأنها تعاملت مع هذا الحمل بصورة توحى أنه من الطبيعى أن تحمل الخطيبة من خطيبها. وما أسهل على البنات المتسيبات أن يدعين أى شىء. فلمن لجأت الطاهرة مريم العذراء لتخبره بهذا الحمل؟ فهى لم تخبر ما تسمونه خطيبها، ولم تخبر زكريا. ولم يعى الوحى أن الارتكان إلى كبير أو حكيم فى العائلة وقت الشدة من ضروريات الحياة، ومن أسس تعليم البنات بالذات. فهل قصد كاتب الإنجيل تسيب الأسر التى تقتدى بمريم وبسيرتها؟

      56- ما هو رد فعل أهل مريم عندما علموا بحملها؟ أم كانت من بيت لا تفرق معه عفة ابنتهم؟ فقد علمت أليصابات بحملها قبل أن يعلم ذلك يوسف نفسه: (44فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي.) لوقا 1: 44

      57- وما هو رد فعل الكهنة حراس الناموس؟ هل ناموا عن ابنة من بناتهم؟ أم تقاضوا أمر كتمانهم هذا الجريمة التى لم تُثبت لديهم وليس عندهم دليل على براءتها؟

      58- ما هو الدليل الذى قدمته مريم لليهود حتى لا تقع عليها عقوبة الرجم أو الإعدام حرقًا؟ لا يوجد دليل. فقد خالف الوحى والرب نفسه تعاليمه، التى تقضى بأنه لا تقوم شهادة إلا على فم اثنين أو أكثر.

      59- إن ولادة العذراء دون رجل لهى معجزة أتم الله بها سلسلة معجزات، فقد خلق آدم دون رجل أو امرأة، وخلق حواء من رجل دون امرأة، وخلق البشر من رجل وامرأة، وخلق عيسى u من امرأة دون رجل. أليس من الأليق أن يكون هذا الحمل قد تم دون أن تكون مريم مخطوبة لرجل آخر؟ إنه الأليق لإظهار معجزة الرب كاملة، لأن الكل سيظن أن المخطوبة قد حملت من خطيبها. والأليق حتى لا يكون الرب قد اعتدى على زوجة أو خطيب رجل آخر، فما الحكمة؟ هل لم يكن هناك عذراوات غير مريم؟ ولماذا لم يُعرقل الرب هذه الخطوبة حتى يتم مراده؟ ألم يكن من السهل عليه أن يرسل ملاكه لرئيس الكهنة أو لزكريا أو حتى ليوسف ليمنع هذه الزيجة أو الخطوبة؟

      60- الغريب أن يوسف أتى بعروسه إلى بيته. فمعنى هذا أنه أعلن زفافهما. وبالتالى طمس الميلاد العذرى، ولا يحق لرئيس الكهنة أو غيره أن يشك فى نسب الطفل. ولذلك نسبه متى ولوقا إلى يوسف، على اختلافهما فى نسب يوسف هذا! فما الحكمة من أن تلد عذراء والناس لا تعرف ذلك؟ كيف تمم الرب النبوءة التى استخدمها متى أن العذراء ستلد ابنًا يدعونه عمانوئيل، إذا كان يوسف قد أتى بعروسه إلى بيته؟

      (18أَمَّا يَسُوعُ الْمَسِيحُ فَقَدْ تَمَّتْ وِلادَتُهُ هَكَذَا: كَانَتْ أُمُّهُ مَرْيَمُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ؛ وَقَبْلَأَنْ يَجْتَمِعَا مَعاً، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 19وَإِذْ كَانَيُوسُفُ خَطِيبُهَا بَارّاً، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُشَهِّرَ بِهَا، قَرَّرَ أَنْيَتْرُكَهَا سِرّاً. 20وَبَيْنَمَا كَانَ يُفَكِّرُ فِي الأَمْرِ، إِذَا مَلاَكٌمِنَ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ يَقُولُ: «يَايُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ. لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْتِيَ بِمَرْيَمَ عَرُوسِكَ إِلَى بَيْتِكَ، لأَنَّ الَّذِيهِيَ حُبْلَى بِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.21فَسَتَلِدُ ابْناً،وَأَنْتَ تُسَمِّيهِ يَسُوعَ، لأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْخَطَايَاهُمْ».22حَدَثَ هَذَا كُلُّهُ لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ بِلِسَانِ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: 23«هَا إِنَّ الْعَذْرَاءَ تَحْبَلُ،وَتَلِدُ ابْناً،وَيُدْعَى عِمَّانُوئِيلَ!» أَيِ «اللهُ مَعَنَا»24وَلَمَّا نَهَضَ يُوسُفُ مِنْنَوْمِهِ، فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْمَلاكُ الَّذِي مِنَ الرَّبِّ؛ فَأَتَى بِعَرُوسِهِ إِلَى بَيْتِهِ. 25وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْناً، فَسَمَّاهُ يَسُوعَ.....) متى 1: 18-25

      61- متى تزوج يوسف بمريم، أو أخذها إلى بيته؟ فنفهم من متى أن يوسف أمسك خطيبته وضمها إلى بيته فور ظهور الحمل، وإخبار ملاك الرب له بذلك. أما عند لوقا فتجدهما خطيبين حتى ولدت يسوع أثناء ذهابهما للإكتتاب!!

      62- ونقطة أخرى: متى أخذ يوسف عروسه إلى بيته؟ لقد عادت إليه تبعًا لرواية لوقا وهى حامل فى نهاية الشهر التاسع. ومعنى أنها كانت عروسه أنه أقام لها عرسًا، فلك أن تتخيل أن العروسة العذراء حامل!! وأن غرضه من إتمام هذه الزيجة وبسرعة هو الحفاظ على سمعتها! فكيف لم يفكر الوحى أن ما سيقوم به يوسف سيفضح مريم على الملأ: وسط الكهنة والجيران والأقرباء من أهلها ومن أهل يوسف!! والأغرب من ذلك أن مريم وافقته على هذه الفضيحة!!

      63- وهذا يدفعنا لسؤال آخر: كيف أتى يوسف بعروسه إلى بيته؟ فهى لم تكن فى البيت فى ذلك الوقت، بل كانت عند أليصابات. فلو سافر إليها لاستغرق ذلك ثلاثة أشهر، وتكون مريم وقتها حاملاً على أقل تقدير فى الشهر السادس، وإذا استراح أسبوعًا واحدًا ورجع بها إلى بيته، لكانت أنجبت فى الطريق قبل أن تصل إلى بيته بأسبوع على أقل تقدير. ولو أقام عرسًا لكانت العروسة تجلس أمام الضيوف والمدعوين حاملة لطفلها!! وهذا الأمر دفع معظم التراجم الأوروبية إلى ترجمتها بكلمة (زوجته)، أسقطت بعض التراجم الأخرى كلمة (بيته).

      64- إن كاتب هذه الأناجيل لا يعرف جغرافية فلسطين بأى حال من الأحوال! إن هذا القول مناف للعقل والمنطق،ولا يكتبه إلا سيناريست فاشللا يحترم عقول القراء! لقد علمنا أن وحى لوقا قرر أنها ذهبت بعد أن تلقت البشارة إلى أليصابات، وغابت عندها ثلاثة أشهر. ومعنى ذلك أن يوسف قد علم بهذا الخبر بعد ستة أشهر من الحمل. فكيف علم وهو لم يرها وبينهما مسيرة سفر تستغرق ثلاثة أشهر؟

      وعلى ذلك فهى لم تسافر، أو على الأقل كانت مريم تسكن بالقرب من أليصابات، والدليل على ذلك قول لوقا أنها خرجت (بسرعة)، ومسيرة السفر التى تستغرق ثلاثة أشهر لا تتم بسرعة، بل بتأنى، لأنها ستدبر طعامها خلال هذه المدة، وطعام للحمار، وتدبر أمر من يسافر معها ليحميها فى الطريق، ويدفع عنها الأخطار.

      والدليل الآخر أنه لم توجد مدينة عرفت باسم الناصرة إلا فى القرن الرابع الميلادى. ولا توجد نبوءة تقول إنه سيُدعى ناصريًا. وذلك يُثبت تهافت كل كتب ما يسمونه بالعهد الجديد.

      65- ولو كانت مريم تسكن بالقرب من أليصابات وأدرك يوسف حملها، ورأى مظاهره واضحة عليها، لأدرك آخرون غيره هذا الحمل، وإلا فكيف يرى يوسف بمفرده ما يخفى على الناس كلهم؟ فإن قلتم بأنها قد تكون معجزة، لقلنا إن الرب بهذا الإعجاز أراد إذن أن يكتم سر الميلاد العذرى، فكيف عرفتموه أنتم؟ أليس هذا ضد إرادة الرب؟

      66- من المعلوم من قول متى 1: 19 (19فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارّاً وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً.) أن يوسف رأى مظاهر الحمل على مريم، ولم يرد أن يطلقها لأنه بار، فهل من ينفذ حكمًا من أحكام الله يكون غير بار؟ وهل من البر أن أعيق حكم الله عن التنفيذ وأتحايل على ذلك؟ بالطبع لا. إذن لا محل لقول متى.

      67- ولكى يطلق يوسف مريم كان لا بد أن يعطيها جواب طلاق موثق. يوجد به بجوار اسمى الخطيبين مكان وزمان الطلاق، وسبب الطلاق وتوقيع شاهدين. وكانت كلمة الطلاق المستخدمة وقتها: (إنك محللة لأى رجل يعقد عليك للزواج) راجع الملحق (Willam: Das Leben Marias der Mutter Jesu, S. 119;)، فلو كان يوسف قد أعطى مريم خطاب طلاق، لما أمكنه التراجع فيه. أما إذا كان يريد أن يطلقها علانية،فكان عليه أن يلجأ للمحكمة ويقاضيها.ولو ثبتت إدانتها لحكمت عليها المحكمة بالرجم. ولكن قبلها لا بد أن يأتى يوسف بشهود على الخيانة الزوجية، هذا لو كانا قد تزوجا بالفعل قبل أن تحمل من الروح القدس.

      وعلى ذلك فقد كانت نية يوسف أن يعطيها جواب طلاق، بعيدًا عن دهاليز المحاكم، لا يوقع عليه شهود، وبدون أن يذكر فيه سببًا مُحددًا للطلاق، ولا يحمل زمن لكتابة هذا الخطاب. وذلك حتى لا يتمكن إنسان ما أن يعرف سبب الطلاق الحقيقى. (Willam: Das Leben Marias der Mutter Jesu, S. 119-121;)، ويظل السؤال معلق الإجابة عليه: أليس لو حدث ذلك وأنجبت مريم طفلها بعيدًا عن رابطة الزواج، لكانت فضيحة مريم على كل لسان؟ (Lutz: Das Evangelium nach Matthäus, S. 104)

      68- ألم يفكر أن ما فى بطنها يدينه هو أولاً ويعرضهما للرجم؟ ألم يفكر أنه لو طلقها لتساءلت الناس لماذا طلقها سرًا فى بداية الزواج، وبذلك يعرض سمعتها للتلويث؟ ألم يكن لها أهل يلجأ إليهم ليناقشهم فى هذا الموضوع وفى مصير الطفل؟ وماذا عن زكريا وهو كاهن ومن كبار أسرتها دينًا وعلمًا وسنًا؟

      69- كيف يصفه متى أنه رجل بار، وهو يفكر فى تطليق خطيبته سرًا ويعطل الناموس؟ وهل يقع طلاق بعيدّا عن الناموس؟ وكيف يصفه بالبر والتشهير ليس من صفة المؤمنين الأبرار،بل الرحمة والستر على الفضائح وليس على الجرائم. ألم يقل يسوع إن الناموس يقول إن من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق (متى 5: 31)؟

      ألم يقل الرب (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26؟ فكيف يكون الملعون بار وصالح؟

      ألم يوح الرب فى كتابه (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11؟

      ألم يقل يسوع إنه لم يأت لنقض الناموس؟ (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.) متى 5: 17

      فما العيب الذى وجده يوسف فى ناموس الرب حتى يُفكر أن يُخالف النامس ويطلقها سرًا؟ ألم يقرأ أن (ناموس الرب بلا عيب) المزمور 18: 7 ؟

      ألم يقرأ أن (ناموس الرب كامل) المزمور 19: 7 ؟

      70- يقول متى 1: 19-20 (19فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارّاً وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً. 20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.)

      إن تأويل هذه الفقرة قد فسرته الكنيسة قديمًا على أربعة وجوه:
      تقول المجموعة الأولى من المفسرين إن يوسف شك فى عذرية مريم، فلو فقدت عذريتها لكان عليه أن يهددها بعقوبة الرجم، ولأنه كان بارًا، فقد استغنى عن حقه فى المطالبة برجمها. وأراد تطليقها سرًا. إلا أن التطليق سرًا يتنافى مع البر ولا يجتمعان.

      وهذا كله دليل على أنهما لم يجتمعا بعد تحت سقف غرفة واحدة. لأنه لو جامعها لكان بينه وبين الشك بُعد المشرقين، اللهم إلا إذا كان فى سلوكها ما أثار شكوكه فيها وحاشاها القديسة بنت القديسين أن يكون فى تصرفها ما يشينها.

      وتقول المجموعة الثانية إن يوسف لم يشك مطلقًا فى سلوك مريم لأنه كان يعلم طهارتها. لأن شكه فيها وتخليتها سرًا يتناقضان مع بره الذى وصفوه به.

      وتقول مجموعة ثالثة إن يوسف أراد تطليق مريم، لأنه اعتبر نفسه غير جدير بها، فلا يستحق شرف الحياة معها، والإقتران بها، وذلك بناءً على حملها من الروح القدس. (ارجع إلى Seitz: Die Verehrung des hl. Joseph, S. 49-52)

      أليس هذا الكلام قلبًا للواقع ولموازين الحق؟ فكيف علم يوسف بحملها من الروح القدس إلا بعد أن جاءه ملاك الرب يخبره بذلك؟

      أما اليوم فلا يوجد فرق فى تأويل هذه الفقرة إلا بين البروتستانت والكاثوليك: فهم ينطلقون فى تفسيرهم اعتمادًا على تأثير الروح القدس. ويتساءلون إن كان الروح القدس قد حل على يوسف قبل ظهور الملاك له ليخبره بحمل مريم. فالبروتستانت يقولون مثل المجموعة الأولى إن يوسف لم يعلم شيئًا عن طبيعة الحمل غير الطبيعى الذى اعترى مريم، وأراد تخليتها ظنًا منه أنها خانته.

      ويتبع المفسرون الكاثوليك المجموعة الثانية ويفسرون تصرف يوسف تجاه حمل مريم بقولهم إن يوسف خاف أن يمس مريم، وبالتالى أراد تطليقها. ويحتجون على ذلك بما جاء عند متى 1: 20 من قول ملاك الرب ليوسف: (... لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.). فربما أخبر الملاك يوسف بشىء يعرفه مسبقًا.(ارجع إلى Lutz: Das Evangelium nach Matthäus, S. 103-104)

      71- وعندما نقرأ وحى ملاك الرب ليوسف يتملكنا العجب، فقد أخبره أن مريم ستلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل تحقيقًا لنبوءة فى العهد القديم. إلا أنه خالف أوامر الرب وسمَّاه يسوع. وبالتالى فهو يبتعد عن البر ابتعاد الأرض عن الشمس. اللهم إلا إذا كانت مريم نفسها قد خالفتهذا الأمر،ونحن نثق ونبجل السيدة مريم،ولا نحتمل حتى مجرد الشك فيها. أضف إلى ذلك أنه لا يوجد ما يفيد أن يوسف تكلم مع مريم بهذا الشأن: (18أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هَكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 19فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارّاً وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً. 20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». 22وَهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: 23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا). 24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. 25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.) متى 1: 18-25

      لكن فى الحقيقة إن من يحذف الجملة رقم (22-23) سيجد استقامة فى الفهم والسياق، الأمر الذى يُشير إلى أن كل هذه النبوءات قد أضافها متى من تلقاء نفسه إلى النصوص.

      72- مرة أخرى: إن متى يصف يوسف بالبار! فما هو البر الذى فعله؟ إنه تكتَّم أمر حملها من الروح القدس، وطمس معجزة الله تعالى التى تُظهر قدرته، ومن شأنها إرجاع الكثيرين إلى حظيرة الإيمان، ونسب الولد له!! فهل هذا بر أم سوء ظن بالله؟ هل هذا تصديق لقدر الله ورؤياه أم تكذيب لها؟ فلماذا لم يدفعه بره إلى إظهار مجد الله وإعجازه وينشر هذا الخبر مع شهادته عليه، بما آتاه من الروح القدس؟ أعتقد أنه كان يعلم أن شهادته بمفرده غير كافية، ولذلك اضطر إلى تكتم الخبر. وهنا نعود مرة أخرى لنفس النقطة التى بدأنا بها، وهى أن إله المحبة ترك أمه دون أن يثبت براءتها، وبهذا يدين كتابكم أشرف وأطهر نساء العالمين! وبالتالى لم يعرف الناس طهرها وأنها أنجبت ابنها دون أن يمسسها بشر، بإعجاز من الله تعالى.

      وهذا هو الذى جعل كتبة الأناجيل من اليهود والكارهين ليسوع ولدعوته أن يشيعوا أن الناس كانت لا تعلمه إلا بابن يوسف، أو ابن داود الذى جاء يوسف من نسله! فقد ادعوا أنه معروفًا للعامة والخاصة بأنه ابن يوسف: لوقا 2: 24 (22وَكَانَ الْجَمِيعُ يَشْهَدُونَ لَهُ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ وَيَقُولُونَ: «أَلَيْسَ هَذَا ابْنَ يُوسُفَ؟»)

      وها هو أحد تلاميذ يسوع يلقبه بابن يوسف: يوحنا 1: 45 (45فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ: يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ».)

      وينقل يوحنا قول اليهود فى يسوع، فقد كانوا يعلمون أنه ابن يوسف، والغريب ألا يرد يسوع قولهم هذا واتهامهم له بأنه ابن سفاح، ولا يدافع عن شرف أمه: يوحنا 6: 42 (42وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هَذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ. فَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ؟»43فَأَجَابَ يَسُوعُ: «لاَ تَتَذَمَّرُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ.)

      ويقول متى: (55أَلَيْسَ هَذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ ...) متى 13: 55، فنسبه ليوسف على الحقيقة، على الرغم من أنه حرف ما أورده مرقس بهذا الشأن، فقد ذكرها مرقس بقوله: (3أَلَيْسَ هَذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ ...) مرقس 6: 3

      ألم أقل لكم إن متى يسىء فى كتاباته إلى يسوع وأمه، ولم يكن إلا عدوًا من أعداء دعوته؟

      73- إن مظاهر الحمل تظهر على المرأة الحامل بين أوائل الشهر الرابع ونهاية الشهر السادس وأوائل السابع. وعلى ذلك حتى لو أمسكها يوسف ولم يطلقها وأتى بها إلى بيته ليطمس معالم هذه المعجزة، لكانت الفضيحة قد تنامت بولادتها. الأمر الذى يُثبت حملها قبل الزواج وزناها. ونعود ونسأل كيف أثبتت مريم براءتها وطهرها، وبراءة يوسف النجار من هذا الحمل، حيث أقل فترة ولادة بعد ستة أشهر؟

      إلا أن مظاهر الحمل ظهرت على مريم بعد ثلاثة أشهر فقط، أى عند وصولها إلى بيت لحم ولقائها مع أليصابات، ونفهم هذا من قول أليصابات لمريم: (44فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي.) لوقا 1: 44، فكيف علمت أليصابات بحمل مريم إن لم يكن هذا ظاهرًا على جسدها؟

      على الرغم من معارضة البعض لهذه النظرية، حيث كان حمل مريم بيسوع كان الحمل الأول، وفى نهاية الشهر الثالث يكون انتفاخ البطن بسيط جدًا قد يظنه البعض انتفاخ طبيعى للبطن ناتج عن وجود غازات أو سوء هضم أو ورم. كما أنه لا يليق بقديسة مثل أليصابات أن تشك فى مريم أنها حامل أثناء خطوبتها، لعلمها أنها قديسة وبارة، وحتى لا تكون قد أساءت الظن بها، ورمتها بالزنى، دون أن تخبرها مريم نفسها بذلك.

      74- إن المتتبع لحكاية شك يوسف فى أمر مريم، ومجىء الوحى إليه فى رؤيا منامية، ليتأكد أن الولادة تمت بعد ثلاثة أشهر من زواجهما، لأن علامات الحمل تظهر على المرأة الحامل على أقصى تقدير فى الشهر السادس.وعلى ذلك فإن قصة مجىء المجوس للسجود للطفل، لهى إعلان عن مولد طفل، يعلم الكل أن أبويه تزوجا من ثلاثة أشهر مضت، وعلى هذا فقد فشل الرب فى إخفاء ما أراده عن الشيطان، وأعلنه الوثنيون مرة واحدة لكل العالم، وكانت هذه الفضيحة وحدها كافية لرجمهما، لأنه لا يوجد دليل على حملها من الروح القدس غير رؤيا يوسف فى المنام أو رؤيا مريم فى اليقظة. والغريب أن هيرودس لم يكن فى حاجة للبحث عن هذا الطفل أو أن يقتل بسببه أطفال المدينة؛ لأن ولادة هذا الطفل جاءت بعد ثلاثة أشهر من زواج، وهذا يثبت وقوع الزنى، وهو يعلم مثل باقى اليهود أن المسِّيَّا لن يكونمننسل زنى.فهذا دليل كبير لدى هيرودس على كذب عابدى النجوم الوثنيين، الأمر الذى كان يغنيه عن اقتراف هذه المذبحة المزعومة التى لا يعرف التاريخ أو المعاصرون عنها شيئًا! ولنا وقفة أخرى مع هذه الزيارة فى مكانها.

      75- من النقاط الهامة التى لا ينبغى التسليم بها هى ظهور ملاك الرب ليوسف. فمن ناحية لا يأتى ملاك الرب إلا للأنبياء، وما كان يوسف بنبى من الأنبياء. ومن ناحية أخرى لا يأتى ملاك الرب إلا لأمر هام، وقد علمنا من هذه القصة أن مريم لا تمثل أدنى أهمية للرب. فقد تجاهلها تمامًا أمام الناس، ولم يخرج لمحادثتها: (46وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. 47فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ». 48فَأَجَابَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتِي؟» 49ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي. 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».) متى 12: 46-50

      بل انتهرها أمام الناس فى عرس قانا، فأى إهانة أكبر من ذلك؟: (3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». 5قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ».) يوحنا 2: 3-4

      ويتضح ذلك أيضًا من أنه لم يُكلف نفسه جُملة فى كتابه يذكر فيها كيفية براءة أمه من تهمة الزنى، ولم يُعاملها مُعاملة طيبة تُشير إلى أنه كان يحترمها. وعذبها نفسيًا برؤيتها اليهود يُعذبونه، ثم ارتفع وتركها على الأرض تواصل آلام الحرمان من ابنها، ثم تركها (رضى الله عنها) تُدفن فى الأرض، مثل باقى البشر يأكلها الدود.

      76- ثم ما حكمة نزول ملاك الرب بعد افتضاح مريم أمام خطيبها وأمام الناس؟

      77- إن ملاك الرب نزل سرًا إلى يوسف فى حلم، فكيف أعلن الرب للملأ طهارة العذراء وعفافها؟

      78- ما الحكمة من الإسرار بعفاف مريم وطهرها، فى الوقت الذى أتى الرب بأمر علنى يُفتضح فيه أمر مريم، دون تقديم شاهدين كما أمر هو نفسه؟

      79- وسؤال يتكرر من كثيرين: هل كانت تعلم مريم أنها تحمل إله هذا الكون الذى لا تسعه السماوات فى رحمها؟ (27لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللَّهُ حَقّاً عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، …) ملوك الأول 8: 27

      80- لماذا اختار الرب أن يأتى إلى الدنيا بهذه الصورة التى تملأها الشكوك والآلام دون أن يبرر أطراف القضية الذين كانا السبب فى ميلاده وهما مريم بالحمل والولادة ويوسف بالتستر والرعاية وتحمل مسؤلية اتهامهما بالزنى؟ هل هذا من الحكمة؟ ألا ينفى هذا التصرف عن الرب الحكمة وبالتالى الألوهية؟

      81- قالت أليصابات: (43فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟) لوقا 1: 43

      إن اللفظة اليونانية هنا هى (كيريوس)وهى لقب، وتعنى سيد أو أستاذ، أو لقب للمسِّيَّا نفسه كما يقول قاموس Thayer،ولا تعنى الرب أو الإله المعبود بحق الذى هو الله. لأن اليهود لا يؤمنون بتجسد الإله، أو ولادته على هيئة طفل رضيع لا يفقه شيئًا فى الحياة ويتلقى تعليمه ومعارفه من المخلوقات.
      kurios
      Thayer Definition:
      1) he to whom a person or thing belongs, about which he has power of deciding; master, lord
      1a) the possessor and disposer of a thing
      1a1) the owner; one who has control of the person, the master
      1a2) in the state: the sovereign, prince, chief, the Roman emperor
      1b) is a title of honour expressive of respect and reverence, with which servants greet their master
      1c) this title is given to: God, the Messiah
      (12فَكَلمَكُمُ الرَّبُّ مِنْ وَسَطِ النَّارِ وَأَنْتُمْ سَامِعُونَ صَوْتَ كَلامٍ وَلكِنْ لمْ تَرُوا صُورَةً بَل صَوْتاً. ... .. 15فَاحْتَفِظُوا جِدّاً لأَنْفُسِكُمْ. فَإِنَّكُمْ لمْ تَرُوا صُورَةً مَا يَوْمَ كَلمَكُمُ الرَّبُّ فِي حُورِيبَ مِنْ وَسَطِ النَّارِ. ...) تثنية 4: 12 ، 15

      وعندما طلب موسى من الله أن يراه: (20وَقَالَ:«لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الْإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ») خروج 33: 20

      ويؤكد سفر إشعياء هذا قائلاً: (15حَقّاً أَنْتَ إِلَهٌ مُحْتَجِبٌ يَا إِلَهَ إِسْرَائِيلَ الْمُخَلِّصَ) إشعياء 45: 15

      ويؤكد ذلك يوحنا بقوله: (اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ) يوحنا1: 18

      الأمر الذى يؤكد ما ذهبنا إليه من أن عيسى u حرم على بنى إسرائيل الإدعاء أنه هو المسِّيَّا، وذلك بقوله: (22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!) متى 9: 22-23

      وأكَّدَ ذلك بسؤاله عن المسِّيَّا بصيغة الغائب، فقال: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46

      فمن الذى قال لأليصابات أن مريم أم يسوع ربها سواء على مفهوم الألوهية أم مفهوم أنه المسِّيَّ، إذا كان يسوع نفسه قد نفى عن نفسه هذه الصفة؟

      تعليق

      • abubakr_3
        مشرف عام
        • 15 يون, 2006
        • 849
        • مسلم

        #4
        82- يقول لوقا 2: 48 (48فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!»)

        تخيل معى حالة فتاة شريفة عفيفة أحصنت فرجها ونفسها من كل دنس، ثم تحمل بأمر الله، وتحمل همًّا ما بعده هم (كإنسانة) لتوضيح كيفية هذا الحمل، وهى تثق فى الله، وفى انقاذه لها ولسمعتها، ولكنها تضيق ذرعًا بنظرات الناس وشكوكهم فيما تقول، ثم يأتى إنقاذ الله تعالى لها بإعجاز نطق عيسى u فى المهد وشهادته شهادة حق أنه عبد الله آتاه الكتاب وجعله نبيًا. فهل مثل هذه المرأة تقول ولو على سبيل التفكه أو التشبيه إن يوسف أبو ابنها ولو بالتبنى؟

        إن المرأة التى تمر بمثل هذه الظروف لا يمكن إلا أن تكون حريصة فى انتقاء اللفظ الذى يخرج من فيها ولا يدينها. وعلى ذلك فمن المستبعد تمامًا أن تكون قد تلفظت بما قاله لوقا. إن كُتَّاب الأناجيل كانوا يؤمنون بكل بساطة أن يسوع هو ابن يوسف، ولم يرغبوا فى إعلان ميلاده الإعجازى، حتى لا تكون له أو لدعوته صفة رسمية أمام الناس. لذلك كتب لوقا فى النسب الذى وضعه له إنه على ما كان يُظن ابن يوسف (لوقا 3: 23).

        ألا تعيش مثل هذه المرأة بقية عمرها بهواجس تمنعها من القول إن يوسف أبٌ لابنها، حتى لا تكون قرينة ضدها تُثبت عليها تُهمة الزنى، وحتى لا تكون دليل على كذب الرب فى معجزته لخلق الإنسان من امرأة دون رجل.

        83- وما حكمتها أن تقول لابنها وسط الناس أو حتى بعيدًا عنهم إن له أب؟ فهل كانت تخشى أن يعرف أنه ولد بقدرة الله الإعجازية؟ أم تكتمت الأمر عنه وعن الجيران ولم تُظهر براءتها والمعجزة الإلهية لعدم قدرتها على تقديم دليل مادى ملموس يقتنع به الناس؟ أم كانت متضجرة من قدر الله وحكمته؟ ألم يكن اعتراف مثل هذا دليل يدينها، وعلى الأخص أن الأناجيل لا تقدم دليل براءتها إلا شهادتها لنفسها، أو ادعاء يوسف بحلم رأى فيه ملاك الرب؟ ولو أظهر الله براءتها أمام الناس، فهل مثل هذا الاعتراف يُعد بمثابة تكذيب لله؟

        84- لقد كان يسوع معروفًا بابن داود الذى جاء يوسف من نسله، كما كانوا ينادونه ويعرفونه بابن يوسف. فهل نفهم من ذلك أنهم لم يتمكنوا من تقديم دليل ولادة ابنها من الروح القدس؟ ولو كانوا قدموا الدليل، فما الحكمة من أن تملأ الأناجيل مثل هذه التعبيرات التى يُسب بها الإله (على اعتقادكم)؟ ألا يُثبت هذا عند العقلاء أن كتبة الأناجيل تريد أن تنال من يسوع بصورة غير مباشرة؟

        فها هى الجموع تعرفه أنه ابن يوسف: (وَكَانَ الْجَمِيعُ يَشْهَدُونَ لَهُ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ وَيَقُولُونَ: «أَلَيْسَ هَذَا ابْنَ يُوسُفَ؟») لوقا 2: 24

        وها هو أحد تلاميذ يسوع يلقبه بابن يوسف: (45فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ: يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ».) يوحنا 1: 45

        وينقل يوحنا قول اليهود فى يسوع، فقد يعلمون أنه ابن يوسف، والغريب ألا يرد يسوع قولهم هذا واتهامهم له بأنه ابن سفاح، ولا يدافع عن شرف أمه: (42وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هَذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ....)يوحنا 6: 42

        85- يؤمن الكاثوليك والأرثوذكس ببقاء مريم عذراء بعد الولادة، وأن يوسف لم يمسسها، أى لم يعاشرها معاشرة الزوج لزوجته، وبالتالى فإن اخوة يسوع من يوسف وليس من مريم. ألا تتساءل عزيزى القارىء: فلماذا تزوجها يوسف إذن؟ ألا يدل زواجه منها على التعتيم فقط على معجزة الله فى هذا الميلاد العذرى؟

        86- من المعروف أن مريم كانت نسيبة لأليصابات، ومن الثابت الذى لا خلاف فيه أن زكريا كان من فرقة أبيا، وهى احدى الفرق الهارونية اللاوية. (5كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ.) لوقا 1: 5

        وكان يكفينا أن يقول الكتاب إن زكريا كان كاهنًا، وظهر له ملاك الرب وهو بالقرب من المذبح (لوقا 1: 8-11) ليتأكد لنا أن زكريا هارونى من سبط لاوى الذين أفرزهم الله تعالى لخدمته فى المعبد ولتعليم الناس الناموس وأمور دينهم.

        تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (اللاويون) (فقد أخذهم الرب بدل كل بكر في بني إسرائيل (عد 3: 44). وقال لموسى: "قدم سبط لاوي وأوقفهم قدام هرون الكاهن وليخدموه، فيحفظون شعائره وشعائر كل الجماعة قدام خيمة الاجتماع. ويخدمون خدمة المسكن. فيحرسون كل أمتعة خيمة الاجتماع .. فيُعطَى اللاويون لهرون ولبنيه. إنهم موهوبون له هبة من بني إسرائيل. وتوكل هرون وبنيه فيحرسون كهنوتهم، والأجنبي الذي يقترب يقتل" (عد 3: 5-10)، انظر أيضاً عد 18: 21-24). وفي بركة موسى الأخيرة للأسباط، قال عن لاوي: "يعلمون يعقوب أحكامك، وإسرائيل ناموسك. يضعون بخوراً في أنفك، ومحرقات على مذبحك" (تث 33: 8-10، 2أخ 17: 7-9)، وكانوا يساعدون الكهنة في كل ما يتعلق بالعبادة في المسكن ، ولم يكن نصيب في أرض كنعان).

        ويؤكد قاموس الكتاب المقدس مادة (ابيا) أن أبيا هذا من نسل هارون، فيقول: ((3) رجل من نسل هرون عينه داود رئيس فرقة من فرق الكهنوت (1 أخبار 24: 10) انظر فرقة ابيا.

        فِرَقة أَبِيّا: ورد ذكر هذه الفرقة في لو 1: 5 وفي هذا إشارة إلى تنظيم الكهنة واللاويين وعملهم في أيام داود الملك. كما جاء في 1 أخبار ص 24 الذي يذكر أن داود قسم الكهنة إلى أربع وعشرين فرقة وكان على كل فرقة من هذه أن تقوم بالخدمة في الهيكل مدة أسبوع ما عدا ايام الأعياد الكبرى التي كانت تشترك فيها كل الفرق. ويظهر أنه لم يرجع من سبي بابل إلا أربع من هذه الفرق، ولكن فيما بعد أعيد تنظيم الكهنة وتقسيمهم إلى أربع وعشرين فرقة كما كانوا قبلاً.
        وقد كان زكريا أبو يوحنا المعمدان من فرقة ابيا التي كانت الفرقة الثامنة.)


        وبالتالى يكون قد ازداد يقيننا أن زكريا وأليصابات من نفس السبط اللاوى من نسل هارون. وهذا تطبيقًا لأمر الله تعالى لهم أن تتزوج كل امرأة من سبطها حفاظًا على الميراث بينهم: (7فَلا يَتَحَوَّلُ نَصِيبٌ لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ بَل يُلازِمُ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ سِبْطِ آبَائِهِ. 8وَكُلُّ بِنْتٍ وَرَثَتْ نَصِيباً مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيل تَكُونُ امْرَأَةً لِوَاحِدٍ مِنْ عَشِيرَةِ سِبْطِ أَبِيهَا لِيَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ آبَائِهِ 9فَلا يَتَحَوَّل نَصِيبٌ مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ آخَرَ بَل يُلازِمُ أَسْبَاطُ بَنِي إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ».) عدد 36: 7-9

        (ولما أن صار رجلاً اتخذ له امرأة من سبطه اسمها حنه) طوبيا 1: 9

        (ولعل من أجل ذلك ساقكما الله إلىّ حتى تتزوج هذه بذى قرابتها من عشيرة سبط أبيها) طوبيا 7: 14

        لكننا لن نغفل عما ذكره الكتاب المقدس من زيجات من خارج السباط، ومنها ميكال بنت شاول من سبط بنيامين تزوجت من داود وهو من سبط يهوذا (صموئيل الأول 18: 27)، وبنات القاضي يفتاح الثلاثون قد تزوجن جميعهن من رجال من غيرعشيرتهن (القضاة 12: 9)، وابنة شيشانبن يشعي تزوجت من عبد مصري كان عبدا عند أبيها (أخبار الأيام الأول 2: 35)، وبالطبع زيجات سليمان من أجنبيات وغيره.

        ولكن إن سلمنا بهذا فلماذا اقترن يوسف الداودى إذن بمريم العذراء؟ ألا يكفى أن تكون هى وأبوها من نسل داود ليكون ابنها داودى؟ فمن هنا نرى أنه لم يك هناك أدنى داعٍ إلى أن ينسب لوقا يسوع إلى أمه عن طريق يوسف هذا، وكان يكفى أن ينسبه إلى جده، كما فعل متى ونسب أشخاص إلى الجد وليس للأب.

        87- ولكن ماحكم الذين لا يتبعون الناموس فى شريعة موسى؟ إنه ملعون ومجرم: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26 ، (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11

        فهل نفهم من ذلك أن مريم (وحاشاها) كانت ملعونة ومجرمة مثل بنات القاضى يفتاح، لأنها تزوجت من داودى، على غير سبط أنسبائها الهارونيين؟

        ألم أقل لكم إن كتبة الأناجيل يلعنون يسوع وأمه دون أن تدروا؟

        فها هم قد ألحقوا الموت بيسوع، واختاروا له ميتة الملاعين المطرودين من رحمة الله، وقد كان فى إمكانهم أن يرجموه بدلا من الصلب، ولم يكتم بولس هذا بل صرح به، لتقرأوها فى كتابكم، ويتعدى اللعن منهم إلى ألسنتكم أنفسكم: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13

        88- ونرد على الذين يظنون أن هذا القانون خاص فقط بالبنت التى لها ميراث، ونؤكد أن ميراث النسب اللاوى والهارونى كان أهم من ميراث المال والممتلكات، لأنه بناءً على الميراث الهارونى النسب يتحدد كهنة الرب ومعلمى الشريعة.

        لكن هنا تعلو أصوات أخرى ترى أنه لم يكن شرطًا أن يتزوج الرجل من سبطه، والدليل الذى يقدمونه على ذلك هو زواج هارون نفسه من سبط آخر (الخروج 6: 23؛ وحكاها مرة أخرى أخبار الأيام الأول 2: 10)

        وقبل أن نجيب على هذا الطرح علينا أن نفكر: هل كان هذا قبل أمر الرب بقتل بنى هارون لعبدة العجل، وإفرازهم للتدريس فى الخيمة أم بعده؟ فى الحقيقة تزوج هارون من أليشابع بنت عمِّيناداب فى مصر قبل الخروج، وقبل تعيين الله تعالى سبط هارون لخدمته، وقبل توزيع الأراضى على الأسباط، وأمر الله لهم بأن يتزوج كل رجل من سبطه: (23وَأَخَذَ هَارُونُ أَلِيشَابَعَ بِنْتَ عَمِّينَادَابَ أُخْتَ نَحْشُونَ زَوْجَةً لَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ نَادَابَ وَأَبِيهُوَ وَأَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ.) الخروج 6: 23

        وبذلك نكون على يقين من أن زكريا وأليصابات من نفس السبط وهو سبط هارون اللاوى. وبما أن مريم نسيبتها فهى أيضًا من نفس السبط. ولكننا لن نكتفى بهذا الإثبات، وسنواصل تأكيد ذلك بعدة طرق، تقطع الشك باليقين.

        89- إن تدريس عيسى u فى المعبد، ودخوله لقدس الأقداس لدليل على أنه هارونى، حيث لا يسمح بممارسة هذه الوظيفة إلا للكاهن الهارونى.

        90- إن مناداة التلاميذ والمجدلية لعيسى u بلقب ربى أو ربونى لدليل على أنه هارونى، حيث كان هذا لقب الكاهن الهارونى: (38فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَنَظَرَهُمَا يَتْبَعَانِ فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا تَطْلُبَانِ؟» فَقَالاَ: «رَبِّي (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ) أَيْنَ تَمْكُثُ؟») يوحنا 1: 38 ، (16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ.) يوحنا 20: 16

        91- إن القميص المنسوج وغير المخاط الذى كان يرتديه يسوع، والذى اقترعوا عليه،لدليل على هارونيته،لأنه قميص الكهنة الهارونيين: (23ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْماً. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضاً. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ. 24فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ». ...) يوحنا 19: 23-24

        92- لقد كان يسوع منذورًا لله، لأنه أول مولود من أمه، أى بتعبير الكتاب أول فاتح رحم، لذلك تصورونه بشعر طويل، لأن المنذور ما كان له أن يمس الموس شعره، كما أنه لم يتزوج: (5كُل أَيَّامِ نَذْرِ افْتِرَازِهِ لا يَمُرُّ مُوسَى عَلى رَأْسِهِ. إِلى كَمَالِ الأَيَّامِ التِي انْتَذَرَ فِيهَا لِلرَّبِّ يَكُونُ مُقَدَّساً وَيُرَبِّي خُصَل شَعْرِ رَأْسِهِ)العدد 6: 5

        93- ويتبقى لنا من أحكام النذير شرب الخمر وأكل النجس. ولنراجع سويًا ما قاله الرب عند لوقا: (15لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ الرَّبِّ وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ يَشْرَبُ وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.) لوقا 1: 15

        فلو كان الرب هو يسوع، لكان يسب نفسه، ويعتبر أنه ليس بعظيم، وليس بمقدس، ولا يجب أن تُعقد حتى مقارنة بينه وبين يوحنا المعمدان. واختلفت الأناجيل فى مسألة شرب يسوع للخمر، فيقول مرقس: (23وَأَعْطَوْهُ خَمْراً مَمْزُوجَةً بِمُرٍّ لِيَشْرَبَ فَلَمْ يَقْبَلْ.) مرقس 15: 23

        ولم يذكر متى أن المشروب الذى ذاقه المصلوب كان به خمرًا: (34أَعْطَوْهُ خَلاًّ مَمْزُوجاً بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ. وَلَمَّا ذَاقَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْرَبَ.) متى 27: 34،

        واكتفى فقط بما وضعه على لسان يسوع من قبل: (19جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا».) متى 11: 19، وتابعه لوقا 7: 34 على ذلك، ولكنه خالفه أن المصلوب لم يطلب من الأساس ليشرب..

        ولم يذكر يوحنا أن يسوع طلب ليشرب، لأنه اكتفى بأن جعله يحوِّل الماء الطيب الطاهر إلى خمر نجس.

        وبالتالى فقد نسبوا ليسوع هذه الخمر حتى ينفوا عنه صفة القداسة، ويبعدوا عنه أى محاولة لأن يكون قديسًا، منذورًا لله مثل المعمدان، وعلى ذلك فهو ليس أهلاً لأن يدرس فى المعبد، ولا يليق بمؤمن عاقل أن يسمع له أو يتبع تعاليمه. وهى محاولة لقتل نبى من أنبياء الله بالطعن فيه وفى نسبه وفى أخلاقه وبالتالى فى دينه!

        94- ولو كان الرب غير يسوع، لكان قد حكم على يسوع بذلك بأنه ليس بمقدس، وليس بعظيم، وبأنه ماجن عربيد، مُهزَّأ. ولانتفت صفة المحبة عن الرب، حيث قال هو نفسه بأن الخمر لا تُعطى إلا لكل مهزأ: (1الخمرُ مُجونٌ والسُّكْرُ عَربَدَةٌ، ومَنْ يَهيمُ بِهِما فلا حِكمةَ لهُ.) أمثال 20: 1 الترجمة العربية المشتركة

        (1اَلْخَمْرُ مُسْتَهْزِئَةٌ. الْمُسْكِرُ عَجَّاجٌ وَمَنْ يَتَرَنَّحُ بِهِمَا فَلَيْسَ بِحَكِيمٍ) أمثال 20: 1

        (6أَعْطُوا مُسْكِراً لِهَالِكٍ وَخَمْراً لِمُرِّي النَّفْسِ. 7يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ وَلاَ يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ.) أمثال 31: 6-7

        وعلى ذلك فنحن نثبت صفة المحبة لله تعالى، ونقر بصفة القداسة والتقوى والورع لعيسى u، وننفى عنه كل ما يُشينه، وبالتالى فهو لم يأكل شيئًا نجسًا، ولم يشرب الخمر، أو يحول الماء خمرًا، لأنه كان هارونى النسب، من سبط لاوى، منذورًا لله تعالى طوال أيام حياته.

        95- لكن هذا لا يكفينا أيضًا، وسنواصل تأكيد هارونية عيسى u.

        يقول العميد مهند جمال الدين شرقاوى فى كتابه (هارونى أم داودى) الآتى بتصرف: اختلفت التراجم فى ترجمة كلمة نسيبتك هذه، فمنهم من قال إنها نسيبة (فاندايك والكاثوليكية اليسوعية، وكتاب الحياة وMurdock, YLT, LITV, ASV, Darby, RSV, NEB, JB)، وقد قامت بعض الترجمات الإنجليزية (مثل ترجمة NIV, NASB, TEV, ALT, CEV, ESV, GW, ISV, WNT, EMTV ) والعربية (الترجمة العربية المشتركة) بترجمتها إلى قريبتها، وقامت ترجمة (LV) بترجمتها بكلمة Aunt التى تعنى العمة أو الخالة، وقامت ترجمة (PME, Bishops, DRB, Geneva, KJV, KJV+, KJV-1611, KJVA, KJVR, MKJV, Webster) بترجمتها إلى Cousin التى تعنى ابنة العم أو ابنة الخال، وقامت ترجمة (BBE) بترجمتها إلى إليصابات أحد أفراد عائلتك. وذلك إمعانًا فى التتويه، وعدم الوصول إلى الحق. والتراجم متوفرة فى برنامج e-Sword

        وبالتالى فنحن نقف أمام عدة طرق، ولن تخرج صلة القرابة أو النسب عن كونها عصبية دم (صلة قرابة للأب)، أو عصبية رحم (صلة قرابة للأم)، أى:
        1- إما أن تكون أليصابات عمة مريم ، وفى هذه الحالة تكون مريم هارونية (لاوية) مثل أبيها وأخته أليصابات.

        2- وإما أن تكون أليصابات ابنة عم مريم، وفى هذه الحالة تكون مريم هارونية مثل عمها وابنته أليصابات.

        3- وإما أن تكون أليصابات زوجة عم مريم، وفى هذه الحالة ستكون مريم هارونية مثل عمها زكريا.

        4- وإما أن تكون أليصابات ابنة عمة مريم، وبما أن أليصابات هارونية (لاوية) فسيكون أبوها هارونى. وفى هذه الحالة ستكون عمة مريم هارونية، وتكون مريم هارونية مثل أبيها وعمتها، وبالتالى سيكون عيسى u هارونى مثل أمه، لأنه لا أب له يُنسب إليه.

        5- وإما أن تكون أليصابات نسيبة لمريم، أى تزوجت بأحد رجال عشيرة مريم، وفى هذه الحالة ستكون مريم هارونية نسبة للرجل الهارونى الذى تزوجته أليصابات. حيث النسب هو قرابة الدم من الأب.

        6- وإما أن تكون أليصابات خالة مريم، وفى هذه الحالة تكون أم مريم هارونية مثل أختها أليصابات. ولكانت مجهولة النسب من جهة الأب.

        7- وإما أن تكون أليصابات زوجة خال مريم. وفى هذه الحالة ستكون أم مريم هارونية مثل أخيها زكريا الهارونى، ولا يُعرف نسب لأبيها.

        8- وإما أن تكون أليصابات ابنة خال مريم وفى هذه الحالة ستكون أم مريم هارونية مثل أخيها زكريا الهارونى، ولا يُعرف نسب لأبيها.

        9- وإما أن تكون أليصابات ابنة خالة مريم، وفى هذه الحالة ستكون خالة مريم واختها (أم مريم) مجهولتى النسب، وتكون أليصابات هارونية من جهة أبيها.

        وفى الحالات (6 و7 و8 و9) يكون الرب قد طمس نسب أمه فى الكتاب، وليس هذا ببر الابن البار بأمه،ويكون ما كتبه كل من متى ولوقا من أنها داودية من الكذب الفاضح.

        96- والآن نرجع للكلمة اليونانية التى اختلف فيها المترجمون بين الإفصاح والتكتُّم والتعتيم. فيقول قاموس Thayer اليونانى الإنجليزى فى تعريفه للكلمة رقم (G4773) إن الكلمة اليونانية (συγγενής) وتُنطق suggenēs، وهى تعنى قرابة الدم (related by blood)، ووافقه قاموس Strongبقوله (a relative (by blood)). وعلى ذلك تسقط احتمالات قرابة مريم لأليصابات من جهة الأم، وتكون أليصابات قريبة لمريم من جهة الأب، وبأيهما أخذت تكون مريم هارونية لاوية، ويكون عيسى u هارونى، لاوى. وبالتالى كذب كل من ينسب يسوع لداود.

        97- أليس من الغريب أن يكون أنسباء يسوع لاويون دونه؟ اقرأ ما تقوله دائرة المعارف الكتابية مادة (لاوى): ((3)- لاوي بن ملكي أحد أسلاف الرب يسوع المسيح (لو 3: 24).، (4)- لاوي بن شمعون أحد أسلاف "الرب يسوع المسيح (لو 3: 29).)

        98- تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (متثات) إن ممتثات هذا ابن هالى زوج مريم، وهو لاوى. وبما أن شيوخ المعبد بحثوا لمريم عن زوج من نفس سبطها، فتكون مريم أيضًا لاوية السبط: ((1) متثات بن لاوي بن ملكي، وأبو هالي أبي يوسف النجار رجل مريم العذراء، وأحد أسلاف الرب يسوع حسب الجسد (لو 3: 24). )

        99- نعود مرة أخرى ليوسف ونسبه الداودى المزعوم. بما أن مريم من عائلة كهنة وهى هارونية لاوية، فكان لا بد أن يُعهد بها إلى رجل من سبطها، وحتى لو زوَّجوها فسوف يكون زوجها من نفس السبط، حتى لا تختلط أنساب العائلة المسئولة عن التدريس فى المعبد.فقد أحجمتدائرةالمعارفالكتابية وقاموس الكتاب المقدس مادة (يوسف) أن تذكر اسمًا لأبيه، فذكرته يوسف رجل مريم، ويوسف النجار. وذلك لأنها احتارت أن تتبع متى فتقول إنه ابن يعقوب، أو تتبع لوقا فيكون أبوه هالى.

        نعلم أن يسوع كان له أخوة، ولن ندخل فى تفاصيل هذه الأخوة، وهل كانوا من مريم ويوسف كما يقول البروتستانت، ويؤيدهم من آباء الكنيسة فى ذلك ترتليان وشرح ذلك أيضًا بلفيديوس من القرن الرابع. أم كانوا من يوسف فقط من زوجة سابقة حيث يقول البعض إنه كان أرملاً، ويؤيدهم فى ذلك أوريجانوس ويوسيبوس وجريجورى النيسي وأمبروزيوس وأبيفانيوس (أكبر المؤيدين). أم كانوا أبناءه بالتبنى بعد وفاة أخيه كلوباس، كما قالت بعض الأناجيل الأبوكريفا، والذى يُرفض جملة وتفصيلا. (راجع «أخوة المسيح» فى دائرة المعارف الكتابية)

        إن يعقوب أخى يسوع والمشهور باسم يعقوب أخو الرب، كان يتولى التعليم فى المعبد بعد صعود يسوع،وهوالذى حاكم بولس على هرطقته وإضلال الناس (أعمال الرسل 21: 17-31)، ولا يقوم بهذا العمل إلا الكاهن الهارونى. وعلى ذلك بأيما الرأين أخذت، سواء كان أخو يسوع من أمه وأبيه أم من أبيه فقط على وجه الحقيقة أم على وجه تربية أبناء أخيه، فسوف يكون هارونيًا مثل يوسف ومريم ويسوع.

        100- ذكرنا من قبل الهدف من تغيير اليهود لنسب يسوع، وجعلوه هو المسِّيَّا الذى بشر بهالأنبياء وكانتكل الأمم فى انتظاره،وانتظار شريعته السمحاء. وذكرنا أن اليهود كانوا يظنون أنه سيأتى من نسل داود. الأمر الذى دفع يسوع إلى محاربة هذه الأفكار، ولام من فهم ذلك وأنبه، وسألهم عن هذا المسِّيَّا بصيغة الغائب، وردَّ فهمهم وصححه قائلاً: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46

        تعليق

        • abubakr_3
          مشرف عام
          • 15 يون, 2006
          • 849
          • مسلم

          #5
          101- لكن ربما يتساءل مسيحى عاقل: لو فعل اليهود هذا فى كتابنا، لكانوا بالحرى فعلوه فى كتابهم. فكيف ترصدون تحريفهم فى أناجيلنا فقط؟

          وفى الحقيقة هذا سؤال ذكى من مفكر باحث عن الحق. ونرد عليه بسؤال بسيط للتفكير فقط: لماذا كان يقتل اليهود الأنبياء؟ بالطبع من أجل تعاليمهم الربانية التى لا تتوافق مع أهوائهم. فهل من العقل أن يقتلوا الأنبياء ويتركوا تعاليمهم؟ ألم تقرأوا فى أناجيلكم أسباب محاولات اليهود لقتل يسوع؟ إن السبب الرئيسى نلمسه عند متى فى اخبارهم بنزع الله تعالى للنبوة والشريعة من بنى إسرائيل واعطائها لأمة أخرى من خارج بنى إسرئيل. اقرأوا مثله عن بنى إسرائيل قتلة الأنبياء (الكرَّامين)، رافضين أحكام الله (صاحب الكرم)، وحكمهم على أنفسهم، وحكم الله فيهم: (33«اسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْماً وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً وَبَنَى بُرْجاً وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. 34وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. 35فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضاً وَقَتَلُوا بَعْضاً وَرَجَمُوا بَعْضاً. 36ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضاً عَبِيداً آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذَلِكَ. 37فَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! 38وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. 40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 33-46

          وفى الحقيقة يتلمس القارىء الواعى محاولتهم لطمس حقيقة المسِّيَّا من سفر التكوين إلى نهاية الكتاب. إن الحقيقة الواضحة التى نقرأها فى مخاطبة يسوع لليهود، والسبب الحقيقى للخلاف بينهم وبينه هو موضوع المسِّيَّا وانتقال الملكوت(شريعة الله)من بنى إسرائيل إلى بنى إسماعيل، الذى جعلهم يريدون قتله لإسكاته. فماذا فعل بنو إسرائيل فى سفر التكوين؟

          لقد أفهموا الناس أن إسماعيل الذى سيأتى من نسله المسِّيَّا هو ابن الجارية، وليس من حقه أن يرث مع إسحاق ابن الحرة. هكذا يقسمون رحمة الله وإرادته، لذلك قال لهم يسوع إنه لا يمكن أن يخطف أحد شيئًا من يد الله، فالنبوة أمر الله يعطيها من يشاء: (29أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي.) يوحنا 10: 29، وعلى الرغم من تسمية الله تعالى لهاجر امرأة إبراهيم، وعلى الرغم من قول الكتاب إن إبراهيم اتخذها زوجة، وعلى الرغم من نزول ملاك الرب مرات ليطمئن هاجر على ابنها، فقد ذكروا إسماعيل دائمًا بابن الجارية.

          ويعلم اليهود تمام العلم أن إسماعيل ليس ابنًا لهاجر وحدها بل هو أيضًا ابن لسارة، فمن ناحية تؤكد دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (إسماعيل) أن إسماعيل ابن سارة التى أنجبته هاجر: «كانت العادة عند الشعوب القديمة، أنه فى حالة عقم الزوجة، يمكن معالجة المشكلة بالزواج من جارية .. وفى حالة إبراهيم نرى الزوجة الشرعية تؤيد هذا على أساس أن النسل الناتج عن هذا الزواج يعتبر نسلا لها، "لعلى أزرق منها بنين".» الأمر الذى يعنى أن إسماعيل هو ابنًا لسارة أيضًا. فكيف تتخلى عنه، وهو ابنها، وهى التى ربته مع هاجر؟

          ومن ناحية أخرى تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (بكر - بكورية) حق إسماعيل فى الميراث والبركة والنبوة بقولها: «والكلمة تعني أساسًا الابن الأكبر (خر 6: 14، 11: 5)، وفي حالة تعدد الزوجات كان البكر هو أول من يولد للرجل سواء من زوجة أو جارية. وكان البكر يستمتع ببعض الامتيازات أكثر من سائر إخوته، فكان من نصيبه بركة ابيه (تك 27: 1-4، 35-37)، وله مكانة مفضلة (تك 43: 33)، كما كان له نصيب اثنين في الميراث (تث 21: 15-17)».

          والعجيب أن التوراة لم تقل أبدًا إن إسماعيل ابن غير شرعى لإبراهيم ، فهذه سارة امرأة إبراهيم أيقنت أنها لن تنجب لإبراهيم نسلاً فآثرت أن تزوجه بهاجر: (3فَأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ أَبْرَامَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ.) تكوين 16: 3

          فمعنى أنها (وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ) أى إن نسلها يجب أن يكون نسلاً شرعيًا، لأنها أصبحت زوجة له، ويؤكد ذلك قول الرب نفسه: (13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ») تكوين 21: 13

          فهل يُعقل أن يُسمى الله تعالى إسماعيل ابنًا لإبراهيم، وأنه من نسله، ثم يقول على هاجر جارية؟ فما الحكمة إذن من كلمة الجارية التى نجدها بين السطور؟ إنها مدسوسة بالتأكيد!

          كما سمَّاه ابنًا لإبراهيم: (23فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلَ ابْنَهُ وَجَمِيعَ وِلْدَانِ بَيْتِهِ وَجَمِيعَ الْمُبْتَاعِينَ بِفِضَّتِهِ كُلَّ ذَكَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ وَخَتَنَ لَحْمَ غُرْلَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ كَمَا كَلَّمَهُ اللهُ. .. .. .. .. 26فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ خُتِنَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُهُ.) تكوين 17: 23 و26

          كما سمَّاه أخًا لإسحاق ولباقى اخوته: (12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ».) تكوين 16: 12

          واعترف إبراهيم به ابنًا شرعيًا له: (15فَوَلَدَتْ هَاجَرُ لأَبْرَامَ ابْناً. وَدَعَا أَبْرَامُ اسْمَ ابْنِهِ الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ «إِسْمَاعِيلَ».) تكوين 16: 15 ، أى إن الله اعتبر إسماعيل من نسل إبراهيم. وعلى ذلك يكون إسماعيل هو البكر.

          وكان الله تعالى مع الغلام، على الرغم من كل ما قالوه عن غيرة سارة وتجبرها: (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدّاً فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 10-13

          وشدد ملاك الرب على يدى هاجر، وواساها بنبوءة تصبرها على ابتلائها، ولم نسمع أن نزل ملاك الرب مرة واحدة خصيصًا من أجل سارة: (17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ. وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا: «مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19وَفَتَحَ اللهُ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ فَذَهَبَتْ وَمَلَأَتِ الْقِرْبَةَ مَاءً وَسَقَتِ الْغُلاَمَ.) تكوين 21: 17-19

          نعم كانوا يتمنون ألا ينتقل الملكوت منهم ، فأشاعوا الشائعات من قديم الزمن: فتارة يجعلون الذبيح ـسبب البركة والنبوة فى إسماعيلـ هو إسحاق، وتارة يقولون ليس لإسماعيل الحق فى وراثة هذا الملكوت لأنه ابن الجارية ، على الرغم من وجود نص صريح يعارض أفكارهم وأقوالهم هذه: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ)تثنية 21: 15-17

          وذلك على الرغم من وجود أربعة أشخاص من الأسباط الاثنى عشر أبناء خادمتين، أى ثلث أسباطهم أبناء خادمتين، وهم: (دان) و(نفتالى) ابنا يعقوب من بلهة جارية راحيل، و(جاد) و(أشير) ابنا يعقوب من زلفة جارية ليئة كانوا من الأسباط الاثنى عشر ذرية يعقوب u: (تكوين 30: 1-13). إنهم لا يكيلون بنفس المكيال على أنفسهم! إنه التعصب المقيت ضد العرب والإسلام! إنه الكفر والعناد والصد عن سبيل الله!

          وقد أنبأ سفر التكوين عن إزالة ملكوت الله من بنى إسرائيل: (10لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ.) تكوين 49: 10

          نعم فإسماعيل هو الحجر الذى رفضه البناؤون، وطلبت سارة ألا يرث مع ابنها، هو قد صار رأس الزاوية: (10أَمَا قَرَأْتُمْ هَذَا الْمَكْتُوبَ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ11مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا!»12فَطَلَبُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ وَلَكِنَّهُمْ خَافُوا مِنَ الْجَمْعِ لأَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ قَالَ الْمَثَلَ عَلَيْهِمْ. فَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا.) مرقس 12: 10-12

          لذلك أراد اليهود قتل يسوع وإسكاته، لأنهم فهموا أنه تكلم عنهم، وبيَّن للناس الحقيقة التى تُخالف تقاليدهم: (45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 45-46

          لقد ادعوا أن المسِّيَّا سوف يأتى من نسل داود،وليس من نسل إسماعيل،وذلكمع علمهم أن داود ونسله قد حرمهم الله من وراثة كرسى الملك لقول الرب:(20[هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: إِنْ نَقَضْتُمْ عَهْدِي مَعَ النَّهَارِ وَعَهْدِي مَعَ اللَّيْلِ حَتَّى لاَ يَكُونَ نَهَارٌ وَلاَ لَيْلٌ فِي وَقْتِهِمَا 21فَإِنَّ عَهْدِي أَيْضاً مَعَ دَاوُدَ عَبْدِي يُنْقَضُ فَلاَ يَكُونُ لَهُ ابْنٌ مَالِكاً عَلَى كُرْسِيِّهِ وَمَعَ اللاَّوِيِّينَ الْكَهَنَةِ خَادِمِيَّ.) إرميا 33: 20-21

          كما أن أوامر الرب تقضى بألا يدخل موابى فى جماعته إلى الأبد. فلا يحق لداود الذى كانت جدته راعوث الموابية (راعوث 4: 13-17) أو أى شخص يأتى من نسله أن يدخل فى جماعة الرب. وإذا كان نسل داود مطرود من جماعة الرب فكيف يأتى منه مسِّيَّا؟ (3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 3

          وكرر الرب هذا الوعيد مرة أخرى مع ذرية يهوياقيم، لذلك حذفها متى من سلسلة نسبه: (30لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: لاَ يَكُونُ لَهُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَتَكُونُ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً لِلْحَرِّ نَهَاراً وَلِلْبَرْدِ لَيْلاً.) إرميا 36: 30

          ناهيك عن أن الكتاب يُحدد أن أولاد الزنى لا يدخلون فى جماعة الرب:
          وبما أن داود من نسل يهوذا عن طريق فارص ابن الزنى مع ثامار زوجة ابنه (راعوث 4: 18-22،وتكوين 38: 1-30)، فهو محروم من ميراث الملكوت لقول الرب: (2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) تثنية 23: 2

          ففارص (1) ابن زنى، وأتى بعده حصرون (2)، ثم رام (3)، ثم عميناداب(4)، ثم نحشون (5)، ثم سلمون (6)، ثم بووعز (7)، ثم عوبيد (8)، ثم يسى (9)، ثم داود (10). ومعنى ذلك أن داود محروم من وراثة العرش. وكلمة حتى الجيل العاشر تعنى للأبد، وقد أوضحت هذا الفقرة التى تلته: (3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 3

          وكما قال الكتاب المقدس عن يهوذا بن يعقوب الذى من نسله جاء داود إنه زنى بزوجة أبنائه ثامار: (تكوين الإصحاح 38)، قال أيضًا عن داود أنه زنى بامرأة جاره أوريا ، بل وتخلص منه بمؤامرة خسيسة ضاع فيها جزءًا من جنود جيشه (صموئيل الثانى صح 11).

          كما أنه من أسلاف يسوع زناة، ومطرودين من رحمة الله، وعلى ذلك فحكمهم القتل أو الرجم:
          (يهوذا ولد فارص وزارح من ثامار) متى 1: 3 ،
          وثامار هذه زوجة أبناء يهوذا التى زنى معها (تكوين 38)
          (وسلمون ولد بوعز من راحاب) متى 1: 5،
          (راحاب امرأة زانية) يشوع 2: 1-15،
          (وبوعز ولد عوبيد من راعوث) متى 1: 5،
          (وراعوث هى راعوث الموابية) راعوث 4: 5
          وجدة داود كانت راعوث موابية (راعوث 4: 13-17)
          (3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 3 ،

          (وداود الملك ولد سليمان من التى لأوريا) متى 1: 6 اقرأ قصة زنا داود بامرأة جاره (صموئيل الثانى 11)

          (2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) تثنية 23: 2

          (وسليمان ولد رحبعام) متى 1: 7 ، اسم أم رحبعام زوجة سليمان نعمة العمونية (ملوك الأول 14: 21 ، (لا يدخل عمونى ولا موابى فى جماعة الرب ، حتى الجيل العاشر لا يدخل منهم أحد فى جماعة الرب إلى الأبد) تثنية 23: 3

          سليمان كافر عابد للأوثان: (وكان فى زمان شيخوخة سليمان أن نساءَه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب) ملوك الأول 11: 4 وعقوبة المرتد الرجم حتى الموت (تثنية 13: 6-10)

          ورأوبين بن يعقوب يزنى بسرية أبيه التى هى فى حكم أمه: (لأنك صعدت على مضجع أبيك حينئذ ودنسته) تكوين 49: 4 وحكمهما هو: (وإذا اضطجع رجل مع امرأة أبيه فقد كشف عورة أبيه، إنهما يقتلان كلاهما، دمهما عليهما)لاويين 20: 11

          وعلى ذلك فقد تعرفت عزيزى القارىء على أن السبب الحقيقى وراء تحريف الكتاب الذى يقدسونه، بل والعقيدة نفسها جنوحهم، ورفضهم التسليم بقول عيسى u الذى أنبأهم بنزع الملكوت منهم، وأنه سوف يذهب لأمة تعمل أثماره.

          102- ليعلم القارىء أن الأناجيل لم تذكر شيئًا مُطلقًا عن حياة يسوع كطفل دون الثانية عشر أو بعدها،فلا نعلم من هم معلموه،ولا علاقته بجيرانه ولا أصدقاءه،وأقرباءه، ولا نعرف شيئًا تفصيليًا عن أمه ولا عن نشأتها وحياتها أثناء النذر أو بعده. وكل ما نعرفه عن يسوع أنه كان فى المعبد فى سن الثانية عشر يتناقش مع الكهنة وبُهتوا من علمه.

          لكن ألست معى فى أن هذا التعتيم مقصود؟ فهناك الكثير من الحكايات التى لا قيمة لها تملأ الأناجيل والرسائل، وكان من الممكن الاستغناء عنها وتعريف القارىء بشىء تفصيلى عن يسوع وأمه.

          ومن هذه الأشياء حكاية ركوب يسوع حمار ودخوله أورشليم، وسلسلة النسب الطويلة، وكان يكفى أن يُحدد الأب المباشر لمريم وجدها أو سبطها ومنها كنا عرفنا عن طريق العهد القديم باقى النسب.

          ومن هذه الأشياء إصحاحات السلامات التى كان يرسلها بولس إلى الكنائس (1أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا 2كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضاً. 3سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ 4اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ 5وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا. سَلِّمُوا عَلَى أَبَيْنِتُوسَ حَبِيبِي الَّذِي هُوَ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ لِلْمَسِيحِ. 6سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيراً. 7سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ نَسِيبَيَّ الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي اللَّذَيْنِ هُمَا مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي. 8سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. 9سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ الْعَامِلِ مَعَنَا فِي الْمَسِيحِ وَعَلَى إِسْتَاخِيسَ حَبِيبِي. 10سَلِّمُوا عَلَى أَبَلِّسَ الْمُزَكَّى فِي الْمَسِيحِ.) رومية 16: 1-10. وكان يمكنه أن يحكى شيئًا بالتفصيل عن كيفية تبرئة مريم أمام اليهود أو حتى شيئًا إيجابيًا عن التلاميذ، يجعلنا نثق فى فهمهم لرسالة معلمهم.

          ومنها أيضًا حديث بولس عن نيكوبوليس الذى ينوى أن يقضى فيه شتاءه: (12حِينَمَا أُرْسِلُ إِلَيْكَ أَرْتِيمَاسَ أَوْ تِيخِيكُسَ بَادِرْ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ إِلَى نِيكُوبُولِيسَ، لأَنِّي عَزَمْتُ أَنْ أُشَتِّيَ هُنَاكَ.) تيطس 3: 12

          ومنها أيضًا حديث بولس عن ردائه الذى نساه فى ترواس: (11لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ. 12أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ. 13اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضاً وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ.) ثيموثاوس الثانية 4: 11-13

          103- إن القارىء المحلل لإنجيلى متى ولوقا اللذان ذكرا نسب يسوع يجد أنهما لم يذكرا يسوع ولو مرة واحدة منسوبًا إلى أمه. وكذلك لا يعرف هذه الصيغة إنجيل يوحنا، ولا تعرفها كل الرسائل، بل لم تُذكر مريم بالمرة فى كل الرسائل. ولم تُذكر إلا بصيغة (أليس هذا هو النجار ابن مريم) عند مرقس 6: 3، على الرغم من أن متى ينفى عنه أنه كان نجَّارً، ويُنسب هذه الحرفة ليوسف، فيقول متى 13: 35 (أليس هذا ابن النجار). ولكنهم ذكروا أن اسم أمه مريم واسم أبيه يوسف. فهل هذه مصادفة؟

          104- تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (سالومة): (ويظن البعض – مما ذكره البشير يوحنا (19: 25) – أنها كانت أخت العذراء مريم، بينما يرى آخرون أن أخت أمه هى مريم زوجة كلوبا، ولكنه أمر مستبعد أن تسمى أختان باسم واحد.)

          ولن أدخل فى تفاصيل إمكانية مُخالفة ما يقوله أحد أناجيلهم التى يؤمنون أنها من عند الله، وأنهم لا يصدقونها تصديقًا تامًا. فلو صدقنا ما يقوله يوحنا لكانت سالومة هى مريم أخت العذراء، وهو الأمر الذى ستؤكده دائرة المعارف فيما بعد. لكن يكاد يُجمع الكل على أن مريم هذه زوجة كلوبا، ويرى تقليد (يرجع إلى هيجيسيبوس أحد آباء الكنيسة) أن كلوبا هذا كان أخو يوسف زوج مريم العذراء.

          وتقول نفس الدائرة مادة (كلوبا): (وعبارة "زوجة كلوبا "(وهي في اليونانية هي "تو")) تعني "التي لكلوبا" مما يترك المجال لاحتمال أنها كانت زوجته أو ابنته أو أمه، مع ترجيح الرأي الأول،)

          إن سالومة هذه هى أم كما تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (زبدى): (وهو اسم زوج سالومة (مت 27: 56، مرقس 15: 40) وأبي "يعقوب ويوحنا" تلميذي الرب (مت 4: 21)).

          وتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (مريم) إن مريم أم يعقوب ويوسى هى نفسها مريم زوجة كلوبا أخى يوسف النجار، وكلوبا هذا كان لاويًا، وبالتالى فإن يوسف كان لاويًا وليس بداودى: ((5) مريم أم يعقوب ويوسي: وتذكر مريم هذه بألقاب مختلفة، فهي أم يعقوب ويوسي (مت 27: 56)، كما يبدو أنها هي التي تسمى "مريم الأخرى" (مت 28: 1)، "مريم أم يوسي" (مرقس 15: 40). ومن الواضح أن كل هذه الألقاب تشير إلى نفس الشخص.

          ولكن المشكلة هي فيما يتعلق "بمريم زوجة كلوبا" (يو 19: 25)، ولكن إذا رجعنا إلى قوائم المريمات اللواتي وقفن عند الصليب في مختلف الأناجيل، نستطيع أن نرى أن "مريم زوجة كلوبا" هي نفسها "مريم أم يعقوب ويوسي" (مت 27: 59)، وأنها هي أيضاً "مريم أم يعقوب الصغير ويوسي" (مرقس 15: 40). ويذكر "يعقوب الصغير" هذا باسم "يعقوب بن حلفى" (مت 10: 3 ، مرقس 3: 18 ، لو 6: 15). وهناك من يرى أن "حلفى" (في العبرية) هو نفسه "كلوبا. (في اليونانية) (الرجا الرجوع إلى "حلفى" في موضعه من "حرف الحاء" في الجزء الثالث من "دائرة المعارف الكتابية").

          ويشير "هيجسيبوس" (Hegesippus) – أحد آباء الكنيسة – إلى كلوبا بأنه كان أخاً ليوسف النجار، وهو ما يذكره أيضاً يوسابيوس المؤرخ الكنسي، فلو صح هذا، لكانت مريم أم يسوع، سلفة لزوجة كلوبا هذا، حتى ليمكن القول عنها: "أخت أمه مريم زوجة كلوبا" (يو 19: 25)، ولكان أبناءها يعقوب بن حلفى أو "كلوبا" (مرقس 3: 18) ويوسي (مرقس 15: 40) ولاوي بن حلفي (مرقس 2: 14).)

          وتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (برنابا) إنه كان لاويًا، وتصحح ما جاء فى كولوسى، وتقول إن يوحنا مرقس كان ابن عمه، وهذا يعنى أن يوحنا كان لاويًا أيضًا: (ا- خلفيته اليهودية: كان اسمة الأصلي "يوسف" ولكن الرسل دعوه "برنابا " (أ ع 4: 36) فغلب عليه هذا الاسم. ويبدو أنهم دعوه "برنابا" لمقدرته الفذه على تعزية الآخرين وتشجيعهم أكثر مما على الوعظ والتعليم. وكان لاويا مولوداً في جزيرة قبرص، ولكن كان يوحنا مرقس ــ المقيم في أورشليم ــ "ابن عمه" (وليس "ابن اخته" كما جاء في كولوسي 4: 10 حيث ان الكلمة اليونانية "أنيبسيوس "(Anepsios) تستخدم في سفر العدد (36: 11) في السبعينية للدلالة على أولاد العم. ولايسجل لنا الكتاب شيئاً عن تاريخ تجديده، ولكنه كان عضواً بارزاً وعاملاً في الكنيسة الأولي في أورشليم. وقد أظهر كرمه وسخاءه في بيع حقل كان له (لعله كان في قبرص) لكى يعطى ثمنه للفقراء (أ ع 4: 37).)

          وتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (مريم): ((3) مريم أم يوحنا مرقس: ولم تذكر بهذا الاسم سوى مرة واحدة ( أع 12: 12). ولابد أنها كانت شخصية بارزة في الكنيسة في أورشليم ، وكانت من أقرباء برنابا،)

          ويوحنا مرقس هذا هو مرقس كاتب الإنجيل المنتسب إليه، وفى ذلك تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (يوحنا): (يوحنا مرقس: وقد ورد ذكره عشر مرات فى العهد الجديد، وكان ابن أخت برنابا (كو 4: 10)، وهو مرقس البشير وكاتب انجيل مرقس)

          وعلى ذلك فقد كانت مريم أم يوحنا مرقس لاوية النسب، وبما أن ابنها كان لاويًا مثل ابن عمه برنابا، فمعنى هذا أنها تزوجت من لاوى النسب، كما كانت عادة اليهود للحفاظ على النسب وعلى عملهم الذى أناطه بهم الله تعالى.

          ويرجح تقليد يرجع إلى يوحنا فمى الذهب أن حلفى أبى لاوى العشار هو كلوبا اللاوى المذكور من قبل. تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (حلفى): ((2)حلفى أبى لاوي العشار (مرقس 2: 14)، ولاوي هو نفسه الذي أصبح الرسول متى الإثنى عشر، كما نرى ذلك من المقارنة بين ما جاء عنه في إنجيل متى (9: 9) وما جاء في إنجيل مرقس (2: 14).

          ويرى بعض العلماء أن حلفى أبا لاوى هو نفسه حلفى أبو يعقوب، وأن لاوى (متى) ويعقوب كانا أخوين، وهو أمر بعيد الاحتمال،إذ لو كانا أخوين لذكرا معاً كما ذكر يعقوب و يوحنا، وبطرس وأندراوس. ويقول يوحنا فم الذهب إن يعقوب ولاوى كانا كلاهما عشارين قبل أن يصبحا من تلاميذ الرب، ولكن لا دليل في هذا على أنهما كانا أخوين.

          ويجمع كثيرون من العلماء بين حلفى أبى يعقوب وكلوبا المذكور في إنجيل يوحنا (19: 25)، وهو تقليد قديم كما أن يوحنا فم الذهب كان يعتقد أنهما شخص واحد،ويستندون في ذلك على أربعة افتراضات، جميعها تحتمل الشك.)

          فلو كان حلفى هو كلوبا لكان حلفى هو أيضًا لاوى السبط، ولو كان كلوبا هذا هو كليوباس أحد تلميذ يسوع، لكان كليوباس أيضًا لاوى السبط، ولو كان كلوبا هذا أخًا ليوسف زوج مريم، لتأكد لنا أكثر أن يوسف كان لاويًا.

          لكن من هى سالومة هذه؟ تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (يعقوب بن زبدى أو يعقوب الكبير) وهو أخو يوحنا: (وكانت امرأة زبدي هى سالومة (مرقس 15: 40، 16: 11) التى يُظن أنها كانت أخت مريم العذراء (ارجع إلى يوحنا 19: 25)، ولو صح هذا لكان معناه أن يعقوب ويوحنا كانا ابني خالة الرب يسوع، ولعل هذا هو ما جعلهما يظنان أنهما أفضل من سائر التلاميذ.)

          وإلى هنا نجد أن يسوع كان لاويًّا هارونيًّا مثل أمه، مثل يوسف النجار زوج أمه، مثل خالته مريم أو سالومة، مثل تلاميذه متى ومرقس ويوحنا ويعقوب.

          تعليق

          • abubakr_3
            مشرف عام
            • 15 يون, 2006
            • 849
            • مسلم

            #6
            105- يؤكد نسب مريم الهارونى نذر أبويها لو أعطاهما الله طفلا، أن يكون هذا الطفل خادمًا لله تعالى فى معبده. ونعرف من العهد القديم أن الخدمة فى المعبد كانت قاصرة فقط على الهارونيين من بنى لاوى: (21فِي خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ خَارِجَ الْحِجَابِ الَّذِي أَمَامَ الشَّهَادَةِ يُرَتِّبُهَا هَارُونُ وَبَنُوهُ مِنَ الْمَسَاءِ إِلَى الصَّبَاحِ أَمَامَ الرَّبِّ. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِهِمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.) خروج 27: 21

            وتؤكد دائرة المعارف الكتابية مادة (هارونيون) ما نذهب إليه: (وكان الكهنوت فى بنى إسرائيل مقصوراً على هارون وبنيه (خر 28: 1، لا 1: 5، عد 3: 3-10).) أضف إلى ذلك أيضًا (التثنية 21: 5)، والخاصة باختيار الرب للكهنة من بنى لاوى، و(التثنية 10: 8) والخاصة بحمل تابوت العهد.

            هذا وقد اتفق التقليد المسيحى على أن اسم أبى مريم هو يواقيم، وأن أمها كانت تُدعى حنة، وكانا عاقرين. ومكان سكناهما هو مدينة اليهودية ببيت لحم. وهذا يجعلنا ندرك أن أليصابات ومريم وأهلها كانوا فى بيت لحم. إلا أن موقع الأقباط الأحرار قد خالف التقليد وذهب إلى القول بأنهما كانا يعيشان فى الناصرة: (وُلدت هذه العذراء بمدينة الناصرة حيث كان والداها يقيمان، وكان والدها متوجع القلب لأنه عاقر. وكانت حنة أمها حزينة جدًا فنذرت لله نذرًا وصلَّت إليه بحرارة وانسحاق قلب قائلة: "إذاأعطيتني ثمرة فإني أقدمها نذرًا لهيكلك المقدس.")
            http://freecopts.net/forum/showthread.php?t=2988

            ويقول موقع القديس تكلا، ومواقع أخرى أيضًا: (يذكر التقليد انه كان فى بلاد اليهودية رجل اسمه يواقيم ( يهوه يقيم) وزوجته اسمها حَنَة ( الحنون) وقد كانا متقدمين فى السن ولم يرزقا بذرية. ولأن بنى إسرائيل كانوا يعيرون من لا ولد له لهذا كانا القديسان حزينيين ومداومين على الصلاة والطلب من الله نهاراَ وليلاً أن يعطيهما ابناً يخدمه فى بيته كصموئيل. فاستجاب الرب الدعاء فظهر ملاك الرب جبرائيل ليواقيم وبشره بان امرأته حَنَة ستحبل وتلد مولوداً يسر قلبه, كما ظهر جبرائيل الملاك لحَنَة وزف إليها البشرى بأنها ستلد ابنة مباركة تطوبها جميع الأجيال لان منها يكون خلاص آدم وذريته. وقضت حَنَة أيام حملها فى صلوات واصوام الى أن ولدت بنتاً وسمياها مريم (سيدة), وكان ذلك فى يوم أول بشنس. ولما بلغت مريم 3 سنوات قاما والداها بتقديمها للهيكل لتخدم الرب مع بقية العذارى, وظلت تخدم فى الهيكل حتى بلغت الثانية عشر من عمرها.)
            http://www.masi7i.com/index.pl/virgin_mary?wid=1848&func=viewSubmission&sid=2049
            http://st-takla.org/Feastes-&-Special-Events/Virgin-Mary-Fast/Saint-Mary-Fast_Virgin-Life-Hymns-mp3s-05-Fada2el-El-3adra-We-Imanaha_.html

            ويقول موقع الكنيسة القبطية تحت (بشارة يواقيم بميلاد العذراء): (في مثل هذا اليوم أرسل الله ملاكه الجليل جبرائيل وبشر القديس يواقيم (ولان بني إسرائيل كانوا يعيرون من لا ولد له. لهذا كان القديسان حزينين ومداومين علي الصلاة والطلبة إلى الله نهارا وليلا ونذرا أن الولد الذي يرزقانه يجعلانه خادما للهيكل)
            http://www.copticchurch.net/classes/synex.php?lang=ar&id=337

            لقد أجمع التقليد إذن على رغبة والدى مريم على أن يرزقهما الله بطفل، فيجعلانه يخدم فى المعبد، ونذرانه له. وهذا يدل على أنهما كانا من الهارونيين، اللذين يُسمح لهما بالخدمة فى المعبد. وبالتالى تكون مريم هارونية مثلهما. أضف إلى ذلك اللقب الهارونى (ربى أو ربونى) الذى كان يسوع يحمله يدل على أنه هارونى لاوى.

            106- يؤكد ما قلناه بشأن النسب وتتبع اليهود للأنساب والحفاظ عليها أنهم كانوا يمنعون أن يدخل المعبد إلا هارونى. وفى ذلك يقول وليم باركلى فى تفسيره لإنجيل متى ص24: (حرص اليهود على نقاوة يهوديته، وعضويته فى شعب الله. وكان على الكاهن أن يثبت أنه ينتسب إلى هرون. وإذا تزوج من إمرأة، كان عليه أن يحتفظ ببيان سلسلة نسبها إلى خمسة أجيال سابقة. وعندما أراد أن يعيد تنظيم عبادة الله بعد الرجوع من السبى، كان أهم عمل قام به هو تحقيق أنساب الناس. ويذكر سفر عزرا أن «من بنى الكهنة بنو حبايا بنو هقوص بنو برزلاى الذى أخذ إمرأة من بنات برزلاى الجلعادى وتسمى باسمهم. هؤلاء فتشوا على كتابة أنسابهم فلم توجد فرذلوا من الكهنوت» (عزرا 21: 61،62))

            107- عمدت فى كلامى عن نسب يسوع واتهامى لكتبة الأناجيل بسب يسوع، وإخراجه من طبقة الكهنوت، بمعنى أن كل تعاليمه لا قيمة لها، لأنه ليس بمخوَّل أن يقوم بهذا العمل. وقد يُثبت هذا أيضًا بعدة طرق أخرى منها أنه جعلوه سامرى، وليس يهودى من نسل داود أو يهوذا، وقد أوضح أحد اليهود أنه لا يمكن أن يأتى شىء صالح من السامرة. (46فَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟» قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «تَعَالَ وَانْظُرْ».) يوحنا 1: 46

            فها هم اليهود ينعتونه بأنه سامرى ممسوس بشيطان، ولا يرد إلا بنفى تُهمة المس الشيطانى عنه: (48فَقَالَ الْيَهُودُ: «أَلَسْنَا نَقُولُ حَسَناً إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ؟» 49أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنَا لَيْسَ بِي شَيْطَانٌ لَكِنِّي أُكْرِمُ أَبِي وَأَنْتُمْ تُهِينُونَنِي.) يوحنا 8: 48-49

            والأغرب من ذلك أن نفس هذا الإنجيل ينسب للمرأة السامرية أنها قالت ليسوع إنه يهودى وهى سامرية، ولم يردها أيضًا. إنه تتويه متعمد: (9فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ.) يوحنا 4: 9

            إلا أن متى يؤكد أنه كان معروفًا وسط الجموع بأنه سامرى من الجليل: (10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هَذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».) متى 21: 10-11

            كما أكدت الأناجيل ذلك بأن جعلت ناصرة الجليل هى مكان نشأته، حتى ادعى متى أنها نبوءة عن المسِّيَّا وردت فى كتب العهد القديم: (23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً».) متى 2: 23

            108- من المتعارف عليه أن اليهود كانوا يحفظون الأنساب، ليضبطوا معرفة مسيحهم الداودى المنتظر، وفى نفس الوقت ليضبطوا عباداتهم وقياداتهم الهارونيين، فلا يدخل غيرهم قدس الأقداس أو خيمة الإجتماع أو المعبد، ولا يُدرس سواهم. فلو كان يسوع داودى لما رفضه اليهود، فهم كانوا ينتظرون مسيحًا منهم من نسل داود، فلماذا رفضوا يسوع إذن لو كان من نسل داود؟

            وهذا يجعلنا نتعرض لنبوءة إشعياء عن العذراء الداودية التى ستلد ابنًا وتدعوا اسمه عمانوئيل: (22وَهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: 23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا).) متى 1: 22-23، ولن نتعرض لها بالتفسير والتحليل فى هذا الموضع، ولكننا نطرح سؤالاً يتبادر إلى ذهن كل قارىء أو باحث فى الكتاب المقدس: لو كانت هذه النبوءة تنطبق على مريم من كونها عذراء وداودية وولدت المسيح، فلماذا رفضه اليهود؟

            والإجابة ببساطة هى أنهم كانوا يعلمون أنها وابنها لاويين هارونيين، وإلا لما تركوهما فى خدمة المعبد، لذلك أيضًا لم يسمه أحد بعمانوئيل، لأن نبوءة عمانوئيل سوف تتحقق لرجل داودى: (13فَقَالَ: «اسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ. هَلْ هُوَ قَلِيلٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُضْجِرُوا النَّاسَ حَتَّى تُضْجِرُوا إِلَهِي أَيْضاً؟ 14وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ».) إشعياء 7: 13-14

            109- لم يقل يسوع مُطلقًا أنه هو المسيح الداودى الذى ينتظره اليهود، وحتى ما قيل على لسانه فى حكاية المرأة السامرية فهو كذب. نقرأ لنعرف لماذا: (16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى هَهُنَا» 17أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ: «لَيْسَ لِي زَوْجٌ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «حَسَناً قُلْتِ لَيْسَ لِي زَوْجٌ 18لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هَذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ». 19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! 20آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هَذَا الْجَبَلِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ». 21قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. 22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ - لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ. 23وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. 24اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا». 25قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ». 26قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ». 27وَعِنْدَ ذَلِكَ جَاءَ تلاَمِيذُهُ وَكَانُوا يَتَعَجَّبُونَ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ امْرَأَةٍ. وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: مَاذَا تَطْلُبُ أَوْ لِمَاذَا تَتَكَلَّمُ مَعَهَا. 28فَتَرَكَتِ الْمَرْأَةُ جَرَّتَهَا وَمَضَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَتْ لِلنَّاسِ: 29«هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟».) يوحنا 4: 16-29

            ونكذب ما قيل على لسانه من اعتراف بأنه المسِّيَّا للأسباب الآتية:
            1- إن يسوع أقر للمرأة السامرية أن اتجاه القبلة سوف يتغير. ولن يتم هذا التغيير إلا على يد المسِّيَّا. ولم يغيره يسوع، بل جاء تابعًا لناموس موسى عليهما السلام، وكان يصلى صلاة اليهود فى معبدهم، ويتبع تقاليدهم التى أقرها الله تعالى.

            2- قال يسوع عن هذا المسِّيَّا إنه سوف يأتى بعده: (13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 13-14

            (15«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ 16وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ 17رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ)يوحنا 14: 15-17

            (7لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. 8وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ. 9أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. 10وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضاً. 11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ) يوحنا 16: 7-10

            3- بل نفى أن يكون المسِّيَّا من الأساس من نسل داود: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46

            وهذا تصديقًا لقول الرب فى كتابه: (20[هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: إِنْ نَقَضْتُمْ عَهْدِي مَعَ النَّهَارِ وَعَهْدِي مَعَ اللَّيْلِ حَتَّى لاَ يَكُونَ نَهَارٌ وَلاَ لَيْلٌ فِي وَقْتِهِمَا 21فَإِنَّ عَهْدِي أَيْضاً مَعَ دَاوُدَ عَبْدِي يُنْقَضُ فَلاَ يَكُونُ لَهُ ابْنٌ مَالِكاً عَلَى كُرْسِيِّهِ وَمَعَ اللاَّوِيِّينَ الْكَهَنَةِ خَادِمِيَّ.) إرميا 33: 20-21

            وكرر الرب هذا الوعيد مرة أخرى مع ذرية يهوياقيم، لذلك حذفها متى من سلسلة نسبه: (30لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: لاَ يَكُونُ لَهُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَتَكُونُ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً لِلْحَرِّ نَهَاراً وَلِلْبَرْدِ لَيْلاً.) إرميا 36: 30

            4- لو كان يسوع قال هذا، وقد آمنت المرأة من قبل أنه نبى، لما كذبته أو شككت فى كلامه بإعلانها أنه ربما يكون هو المسِّيَّا: (28فَتَرَكَتِ الْمَرْأَةُ جَرَّتَهَا وَمَضَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَتْ لِلنَّاسِ: 29«هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟».) يوحنا 4: 28-29

            110- نقرأ فى كتب المفسرين المسيحيين عن علاقة يوسف هذا بنسل يسوع، فنراهم يتأرجحون بين النسب الطبيعى وبين النسب الشرعى، كما لو كان النسب الشرعى غير طبيعى، والطبيعى غير شرعى. على الرغم من كون يوسف لا علاقة له بنسل يسوع لا من جهة الطبيعة ولا من جهة الشرع، لأن الشرع يُحدد البنوة الحقيقية للشخص. وهم فى نفس الوقت ينفون زواج يسوع بمريم زواج حقيقى.

            إلا أن بولس يؤكدون أن يسوع من نطفة يوسف النجار الداودى عندهم: (1بُولُسُ عَبْدٌ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ الْمَدْعُوُّ رَسُولاً الْمُفْرَزُ لإِنْجِيلِ اللهِ 2الَّذِي سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ 3عَنِ ابْنِهِ. الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ) رومية 1: 1-3

            ولم تجرؤ ترجمة عربية على ترجمة الفقرة هكذا (الذى جاء من منى أو نُطفة داود) كما جاءت فى العديد من التراجم الأجنبية، وسوف أسرد بعض التراجم التى تؤكد هذه الترجمة وعلى الباحث أن يتتبع هذه التراجم فى برنامج e-Sword أو موقع www.diebibel.de أو موقع www.biblegateway.com:

            über seinen Sohn, (der aus dem Samen Davids gekommen (Eig. geworden) ist dem Fleische nach
            http://www.unboundbible.org/index.cfm?method=searchResults.doSearch&version=ge rman_elberfelder_1871_...
            http://www.unboundbible.org/index.cfm?method=searchResults.doSearch&version=ge rman_elberfelder_1905_...
            ونفس ترجمة Elberfelder الألمانية التى أبقت على هذه الترجمة الحرفية فى طبعاتها عام 1871 وعام 1905 ، ووافقته ترجمة Luther لعام 1945، وترجمة Schlachter لعام 1951 .
            http://www.biblegateway.com/passage/?search=ROM%201&interface=print&version=10
            http://www.unboundbible.org/index.cfm?method=searchResults.doSearch&version=ge rman_schlachter_1951_u...

            إلا أن ترجمة Elberfelder غيرتها فى طبعاتها الحديثة إلى (الذى جاء من نسل داود) بدلاً من (الذى جاء من منى أو نُطفة داود)، وطبعًا السبب معروف.
            über seinen Sohn, der aus der Nachkommenschaft Davids gekommen ist dem Fleische nach
            http://www.biblegateway.com/passage/?search=ROM%201&interface=print&version=54

            أما بالنسبة للتراجم الإنجليزية، فكان شأنها شأن التراجم الألمانية، وأقر معظمهم قول أصول نص الكتاب: (الذى جاء من منى أو نُطفة داود)، ومنهم:
            (KJV+, KJV-1611, KJVA, KJVR, LITV, MKJV, Webster, YLT, KJV, Geneva, EMTV, DRB, ASV, ALT, Bishops, Darby)
            Concerning4012 his848 Son5207 Jesus2424 Christ5547 our2257 Lord,2962 which3588 was made1096 of1537 the seed4690 of David1138 according2596 to the flesh;4561

            وحتى لا يشك إنسان أن السبب فى هذه اللخبطة هم المترجمون، فأنا أؤكد لهم أن السبب فى هذا التشويش هو أن اللفظة اليونانية هى كلمة (الحيوان المنوى)، لذلك تحايلوا على ترجمتها حتى لا يكون من يألهونه ابن زنى أو على الأقل ابنًا على الحقيقة والطبيعة والشرع لداود، ومنهم من آثر الحق، ولو على ما يؤمن به. وإليك النسخ اليونانية التى ورد فيها لفظة الحيوان المنوى:

            περιτουυιουαυτουτουγενομενουεκσπερματοςδαυιδκατασαρκα

            ConcerninghisSonJesusChristourLordwhichwas madeofthe seedof Davidaccordingto the flesh

            περι του υιου αυτου του γενομενου εκ σπερματος δαυιδ κατα σαρκα

            περι του υιου αυτου του γενομενου εκ σπερματος δαβιδ κατα σαρκα

            περι του υιου αυτου του γενομενου εκ σπερματος δαυειδ κατα σαρκα

            περι του υιου αυτου του γενομενου εκ σπερματος δαυιδ κατα σαρκα

            وهى تعنى أيضًا منى الرجل وزرعه ونسله الفعلى الذى يأتى من زواج الرجل بالمرأة ومعاشرتها معاشرة الأزواج ، ومثل هذا أتى فى متى 22: 24-25، ولقد جاءت 44 مرة فى العهد الجديد فى 41 آية ، وهى تحت رقم 4690:
            4690. sperma (sper'-mah) from speiro; something sown, i.e. seed (including the male "sperm"); by implication, offspring; specially, a remnant (figuratively, as if kept over for planting)
            وتجدها فى موقع: http://scripturetext.com/romans/1-3.htm

            ومن موقع آخر للمخطوطات اليونانية تجد الكلمة اليونانية والترجمة الإنجليزية بجوارها ، ونطقها اليونانى تحتها:
            http://www.scripture4all.org/OnlineInterlinear/NTpdf/rom1.pdf
            ويمكنك فى البحث فى معانيها فى هذا الموقع:
            http://www.blueletterbible.org/cgi-bin/words.pl?book=Rom&chapter=1&verse=3&strongs=4690&p age=

            111- تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (بيت لحم) أن هذه المدينة فقدت أهميتها بعد زمن داود. فلو كان النبى الذى ينتظرونه من نسل داود سيولد فى هذه المدينة، فهل كانوا سيهمشونها، حتى يأتى النبى ميخا ويتنبأ أنه سيخرج منها المسِّيَّا ابن داود (ميخا 5: 2) أم أن اليهود آمنوا أنه لن يخرج من نسل داود من يجلس على عرشه بناءً على وعد الله فأهملوها؟

            (21فَإِنَّ عَهْدِي أَيْضاً مَعَ دَاوُدَ عَبْدِي يُنْقَضُ فَلاَ يَكُونُ لَهُ ابْنٌ مَالِكاً عَلَى كُرْسِيِّهِ وَمَعَ اللاَّوِيِّينَ الْكَهَنَةِ خَادِمِيَّ.) إرميا 33: 21

            وكررها الرب مرة أخرى مع الجيل السابع عشر من نسل داود مع يهوياقيم: (30لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: لاَ يَكُونُ لَهُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَتَكُونُ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً لِلْحَرِّ نَهَاراً وَلِلْبَرْدِ لَيْلاً.) إرميا 36: 30

            وأكد عيسى uلبنى إسرائيل مرات ومرات أن المسِّيَّا لن يأتى من نسل داود، وتكلم عن المسِّيَّا بصيغة الغائب قائلاً: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46

            وتكلم عنه بصيغة الغائب مرة أخرى فقال: (23وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ.) متى 10: 23

            كما أن أوامر الرب تقضى بألا يدخل موابى فى جماعته إلى الأبد. فلا يحق لداود الذى كانت جدته راعوث الموابية (راعوث 4: 13-17) أو أى شخص يأتى من نسله أن يدخل فى جماعة الرب. وإذا كان نسل داود مطرود من جماعة الرب فكيف يأتى منه مسِّيَّا؟ (3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 3

            112- تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (أزمنة العهد الجديد):((1)الاكتتاب بأمر كرينيوس: يقول لوقا إن يسوع ولد بينما كان يوسف ومريم يكتتبان في بيت لحم حسب الأمر بأن يكتتب كل واحد في بلدته. ويقول لوقا إن "الأكتتاب الأول جري إذ كان كرينيوس والي سورية" (لو 2: 3). ويعترض بعض العلماء بأنه لا توجد أدلة-خارج الكتاب المقدس- علي إجراء اكتتاب في عهد كرينيوس والي سورية، بل ليس ثمة إشارة إلي أن كرينيوس قد حكم سورية، حيث أن ولاة سورية في خلال السنوات الأخيرة لحكم هيرودس كانوا: س. "سانتيوس ساتورنينوس" (Sentius Saturninus -9- 6 ق.م.)، ب. كونتلوس فاروس (Quintilus Varus -6-4 ق.م.).

            وتفتقر أحداث حكم أوغسطس قيصر- بصفة عامة- إلي التوثيق الدقيق، ولكن متي كان لوقا "قد تتبع كل شيء من الأول بتدقيق" (لو 1: 3)، فلابد أنه جدير بالثقة في تحديد اسم الوالي، ولابد أنه قد عرف تمامًا وقوع أحداث مثيرة لليهود مثل الاكتتاب الروماني (انظر أع 5: 37). ويقول لوقا أن الاكتتاب الذي بسببه ذهب يوسف ومريم إلي بيت لحم في وقت ولادة يسوع (لو 2: 2)، كان الاكتتاب "الأول" ضمن سلسلة من الاكتتابات التي فرضتها روما وشملت فلسطين.

            ومن المفهوم- في ضوء قلة الوثائق عن فترة حكم أوغسطس قيصر- أن من المحتمل أن كرينيوس تولي حكم سورية لبضعة اشهر فقط، هي التي جري في اثنائها الاكتتاب، وهو ما لا يتعارض مع حكم ساتورنينوس وفاروس.

            وقد تم مؤخرًا اكتشاف نقش أصابة بعض التلف، محفوظ في متحف "لاتيران"، جاء فيه ان شخصًا رومانيًا تولي حكم سورية مرتين. ويرجح "ممسن" (Mommsen) أن هذا الشخص المشار إليه هو كرينيوس، ويؤيده في ذلك غالبية العلماء. وينفي سير وليم رمزي احتمال وقوع لوقا في خطأ، ويقول فيما يختص بكيرينيوس إنه في بعض فترات زمنية كانت روما تعين حاكمين من نفس المرتبة "نائب قيصر" علي نفس الإقليم وفي نفس الوقت، يتولي أحدهما الشؤون السياسية، بينما يتولي الآخر قيادة الجيش، والأرجح أن كرينيوس كان شريكًا في حكم سورية ومختصًا بالأمور السياسية في فترة ولادة يسوع.)

            وعلى ذلك فإن التاريخ يؤكد عدم وجود هذه الشخصية المختلقة من لوقا، فلم يحكم سوريا حاكم بهذا الاسم، ولم يكن هناك اكتتاب، ولكن لأن كتاب لوقا كتابًا مقدسًا فى نظرهم فهو صاحب الرأى السديد رغم أنف التاريخ، وغصبًا عن الحقيقة. ومن هنا بدأ الكاتب يقوم بعملية ترقيع للتاريخ باحتمالات، وافتراضات حتى يخرج ثوبه ناصع البياض فى نظر من بعينيه خشبة، على الرغم من سواد الثوب الحالك!

            أليس غريبًا أن يأمر الإمبراطور بالقيام بعمل إحصاء لمدينة صغيرة أو قرية مثل بيت لحم، دون سائر إمبراطوريته؟ فهل لمثل هذا البلد اقتصاد يؤثر فى اقتصاد العالم وقتها؟

            والأغرب من ذلك أن الاكتتاب كان لسكان بيت لحم فقط، ولو كان لكل سكان الإمبراطورية لكان اكتتاب يسوع وأمه فى بيت لحم (متى) أو مدينة الناصرة (لوقا) التى يزعمون انحداره منها؟ لماذا يذهب إلى بيت لحم ليكتتب هناك؟ وهل كان الاكتتاب دون تحديد مكان السكن؟ فكيف قبلت السلطات تسجيل غرباء فى هذه المدينة؟ وما حاجة أن تسافر النساء والأطفال للإكتتاب؟ ألم يكف أن يذكر الرجل من يعولهم من ذرية وزوجات، دون الحاجة لذهاب الكل؟ وكيف تجرؤ مريم الحامل والتى قرب موعد ولادتها وخطيبها على الذهاب للإكتتاب دون أن يتزوجا؟

            ومعنى ذلك أن لوقا اختلق موضوع الاكتتاب هذا، والذى ليس له وجود فى التاريخ، ليجد مبررًا لترك مريم وخطيبها الناصرة، وكذلك يوجد لهما المبرر من التواجد وقت الولادة فى بيت لحم، وكل ذلك تحقيقًا لقول ظنه نبوءة. بمعنى أنهم هيأوا أحداث نبوءة معينة وفصلوها على يسوع لتنطبق عليه!

            113- كيف باتت مريم وطفلها وخطيبها فى زريبة للبهائم، ولم ينزلوا عند أحد أقربائهم من عشيرة داود، التى تسكن فى الأساس بيت لحم؟ فهل كانا يخشيان فضيحة الحمل والولادة دون إعلان زواجهما رسميًا؟

            تعليق

            • abubakr_3
              مشرف عام
              • 15 يون, 2006
              • 849
              • مسلم

              #7
              114- وعن سبب تأليف كتبة الأناجيل لقصة زواج مريم من يوسف يقول القديس القمص عبد المسيح بسيط فى الفصل الرابع من كتابه (التجسد الإلهى ودوام بتولية العذراء) تحت (2ـ لماذا خبطت مريم ليوسف؟) وسوف أحذف الصلبان التى استهل بها عناوينه، وأترك أرقام هوامشه، وهذا هو رابط الكتاب على النت:
              http://www.engeel.net/shobohat/3abd_..._30.htm#_ftn77


              يقول القمص: «بشر الملاك مريم انها ستحبل بقوة الروح القدس وبدون زرع بشر وإنها ستلد القدوس، فماذا يقول عنها الناس عندما يجدونها حامل وهى غير متزوجة؟ والأجابة هى إنها ستتهم بالزنا وترجم حتى الموت، حسب الشريعة(10). أو ان يقوم الجنين بإعلان حقيقة الوهيته بقوات وعجائب كما سجد له المعمدان وهو جنين فى بطن أمه(11)، ولكن السر الإلهى، سر التجسد كان لابد يخفى عن الشيطان الذى لو علم به وتيقن منه لكان، على الأقل، قد حاول ان يفسر عمل الفداء ومن ثم يحاول تعطيله. لكن الشيطان لم يعلم هذه الحقيقة، حقيقة الحبل الإلهى ـ إلا بعد القيامة وحلول الروح القدس.

              [أقاطع القمص عبد المسيح بسيط وأقول له لا يوجد نص يُشير إلى سجود المعمدان وهو جنين فى بطن أمه ليسوع، والنص الذى كتبته تحت هذا الرقم (11) يقول: (41فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا وَامْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ) لوقا 1: 41، وفعل ارتكض معناها قفز فرحًا، كما جاءت فى (لوقا 6: 23)، وراجع معناه تحت رقم G4640 فى قاموس Strong.]

              [ثم إذا كنت قد حددت أنه لا توجد إلا وسيلتان إما أن يجد الناس المرأة الحامل متزوجة، أو يُعلن الجنين، ولن أقول عن حقيقة ألوهيته، ولكن أقول يُعلن عن براءة أمه، وعن قدرة الله تعالى فى الخلق، ويبرِّىء الله تعالى من طرمخة هذه المعجزة واللعببأعراضالناس،ويُثبت قوة الله تعالىوقدرته فىحفظعبيدهمنالشيطان،مهما بلغت سطوة الشيطان على العباد. وهذا ما أعلنه عيسىuبكلامه فى المهد.]

              قال القديس اغناطيوس: "أما رئيس هذا العالم فقد جهل بتولية العذراء وايلاها وكذلك موت الرب"(12).

              ويرى العلامة اوريجانوس بأن وجود خطيب او رجل لمريم ينزع كل شك من جهتها عندما يظهر الحمل عليها"(13).

              قال القديس امبروسيوس عن خطبة العذراء ليوسف: "ربما لكى لا يظن إنها زانية. ولقد وصفها الكتاب بصفتين فى أن واحد، انها زوجة وعذراء. فهى عذراء لأنها لم تعرف رجلاً، وزوجة تحفظ مما قد يشوب سمعتها، فأنتفاخ بطنها يشير إلى فقدان بتوليتها (فى نظر الناس). هذا وقد اختار الرب ان يشك فى نسبه الحقيقى عن ان يشكوا فى طهارة أمه لم يجد داعياً للكشف عن شخصه على حساب سمعة والدته(14)".

              ويضيف "هناك سببآ أخر لا يمكن اغفاله وهو ان رئيس هذا العالم لم يكتشف بتولية العذراء فهو إذا رأها مع رجلها، لم يشك فى المولود منها، وقد شاء الرب ان ينزع عن رئيس هذا العالم معرفته"(15).

              وقد زكر القديس جيروم عدة اسباب لخطبة مريم ليوسف:

              اولاً: لكى ينسب (المسيح) للقديس يوسف قريب القديسة مريم، فيظهر إنه المسيا الموعود به من نسل داود من سبط يهوذا.

              ثانياً: لكى لا تُرجم القديسة مريم طبقاً للشريعة الموسوية كزانية، فقد سلمها الرب للقديس البار الذى عرف بر خطيبته وأكد له الملاك سر حبلها بالمسيا المخلص

              ثالثاً: لكى تجد القديسة معها من يعزيها خاصة اثناء هروبها من مصر.

              قال ذهبى الفم: "مع العلم ان عذراوية مريم كانت سرآ مخفيآ عن الشيطان مثل امر صلبه".

              قال الأنبا بولس البوشى: "ذكر انها خطبت ليوسف لكى ما يخفى الرب تدبير التجسد عن الشيطان. لأن النبوه تذكر بأن العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعوا اسمه عمانوئيل. ولهذا كانت البشارة بعد خروج السيدة العذراء من الهيكل إلى بيت يوسف ليخفى سر الحبل فى ذلك"(18).

              قال العلامة يوحنا الدمشقى: "ولما كان عدو خلاصنا يترصد العذارى لسبب نبؤة اشعياء القائل "ها العذراء " . ولكن لكى يصطاد الحكماء بخدعتهم"(19) ـ فلكى يخدع المتباهى دوماً بحكمته ـ دفع الكهنة بالصبية للزواج من يوسف، وكان ذلك "كتاب جديد مختوم لمن يعرف الكتابة"(20). فأصبح الزواج حصناً للعذراء وخدعه لمترصد العذارى"(21) .

              قال القديس أغريغوريوس الصانع العجائب: "أرسل جبرائيل إلى عذراء مخطوبة لكنها لم تتحد معه، إنها مخطوبة ولكنها لم تمس. لماذا كانت مخطوبة؟ حتى لا يدرك الشرير (الشيطان) السر قبل الأوان فقد كان عارفاً ان الملك سيأتى من عذراء إذ سمع ما جاء فى اشعياء وكان يهتم ان يعرف العذراء ويتهمها بالعار، لهذا جاء الرب من عذراء مخطوبة حتى يفسد حيل الشيطان لأن المخطوبة مرتبطة بمن سيكون رجلها"(22).» انتهى الاقتباس

              تناول القمص أسماء بعضًا من آباء الكنيسة واستشهد بكلامهم، ويجب أن يعرف القارىء أن الكنيسة قد كفرت بعضًا منهم وطردتهم وحرمت تعاليمهم، وأقصد أوريجانوس، ومنهم من اعترف بتحريف الكتاب المقدس بأمر من البابا داماسوس، وأقصد به جيروم.

              إلا أن القمص لم يخبرنا: ألم يعلم الشيطان من ظنون يوسف فى خطيبته أنها عذراء ولم يدخل بها ومع ذلك فهى حامل؟ ألم يعلم الشيطان من نظرات شك الجيران والأقرباء والمحيطين فى مريم، وتقوّل البعض عليها أنه عذراء وحامل؟

              ثم إذا كان الشيطان يعلم عن نبوءة تقول بولادة العذراء لإلهها، الذى سيسمونه عمانوئيل، فكيف علم الشيطان ذلك؟ هل عرف ذلك من الترجمة السبعينية التى ترجمت الكلمة الأصلية العبرية (علما) والتى تعنى الشابة، بصورة خاطئة إلى كلمة (بتولا) التى تعنى العذراء؟ وهل اعتماد الشيطان على الترجمة وليس الأصل ملزم لكم؟ ألا تدرك أيها القمص أنكم تقتفون أثر الشيطان فى اعتماده على الترجمة وترك الأصل؟

              لا تتعجب فأنتم تقتفون بالفعل أثر الشيطان وكتابكم شاهد على ذلك: اقرأ قول الشياطين ليسوع فى إنجيل لوقا الذى تتبع كل شىء بتدقيق: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضاً تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41، فماذا تقولون أنتم عن يسوع اليوم؟ إنكم تقولون نفس قول هذه الشياطين! مع الأخذ فى الاعتبار أن كلمة (عَرَفُوهُ) وهى تحت رقم فى قاموس Strong(G1492) تعنى (أخبروا، فهموا، اعتبروا، علموا). وهذا يعنى أن الكلمة لا بد أن تترجم (عرَّفوه)، والتى تبعها نهى من يسوع لهم وانتهارهم لينتهوا عن قول ذلك. وهو نفس ما قاله لتلاميذه وذكرناه عدة مرات: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 21: 41-46

              ثم ألا تدرك قوة الشيطان فى منع كتبة الأناجيل أن يسمى إنسان يسوع بعمانوئيل؟ ألا يدل هذا على تسلط الشيطان على هذه الكتب وكاتبيها؟

              ثم ماذا كان سيفعل الشيطان لو علم أن العذراء حامل؟ فهل كان سيقتل الجنين؟ وما الذى منعه من قتل كل أطفال البلد كما فعل هيرودس؟ وما الذى كان سيمنعه من قتله بعد الولادة مباشرة، فقد علم من زيارة المجوس وقتل هيرودس لأطفال بيت لحم أن يسوع ولد؟

              وما الذى سيمنعه من قتله بعد أن كبر؟ وما الذى كان سيمنعه من قتله وهو معه فى البرية؟ أم تعنى بذلك أن يسوع لم يعلن مطلقًا أنه المسِّيَّا حتى لا يكون واقعًا تحت براثن الشيطان وانتقامه منه؟ ألا تدرك أنه لو صح هذا الكلام لكانت قوة الشيطان تفوق قوة الرب الذى هو عندكم يسوع؟ ألا تدرك أن هذا ينفى الألوهية عن يسوع ويهدم عقيدتكم؟ فى تأليهه؟

              وإذا كان الشيطان يتربص بالمؤمنين والأبرار أمثال يسوع، فهل نفهم من هذا الكلام أن الشيطان لا يترك على الأرض من الأحياء إلا من هم أتباعه؟ فلماذا لا يقتل الشيطان اليوم القديسين والأبرار؟

              (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.)يوحنا 12: 31
              (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، ....) كورنثوس الثانية 4: 4

              وكيف تمكن الرب من إخفاء شيئًا على الأرض عن الشيطان فى مملكته الأرضية، وهو لم يستطع اخفاء موعد اجتماعه بملائكة السماء، ولا بموضوع المناقشة؟ (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22!

              كيف يخدع الرب الشيطان وهو خادعه وسجل فى كتاب نسبه للرب إن الشيطان أحكم من الرب وأعلم منه، كما رأينا من الفقرات أعلاه؟

              لقد وافق القمص عبد المسيح بسيط بعضًا من آباء الكنيسة إذن على أن قصة خطوبة مريم من المدعو يوسف غرضها عدم تشويه سمعة مريم، حتى ولو على حساب تشويه سمعة نسب ابنها، وللضحك على الشيطان (رئيس هذا العالم، وإله هذا الدهر)، حتى تلد العذراء ما فى بطنها. وبالتالى أثبتوا ضعف إله السماوات والأرض، وأخرجوا سطوته وحكمه على الأرض من بين يديه، ونسبوا هيمنة الشيطان على الأرض، الأمر الذى اضطر الإله إلى تشويه سمعة امرأة عذارء، وتلطيخ سمعة ابنها، ومغيرًا أحكامه الثابتة إلى الأبد، والتى تقضى بأن لا يدخل ابن زنى فى جماعة الرب إلى الأبد، مُخادعًا الشيطان، لأن الشيطان لو علم بهذا المخطط لأفسده، ولما تمكن الرب من حماية مخططه!! فأصبح هناك إلهين أحدهما فى السماء الذى يخشى الآخر الذى على الأرض! ثم اعتقل الذى على الأرض الذى فى السماء بعد أن نزل على الأرض متجسدًا! وهكذا فشل الرب فى حل هذه المعضلة التى وضع نفسه فيها، مع أن القمص اقترح أن الحل يكمن أيضًا فى أن يُعلن الطفل صراحة عن نفسه ويبرىء أمه.

              ولكنه أغفل أن الشيطان أسر هذا المولود لمدة أربعين يومًا فى الصحراء، وسيطر عليه سيطرة تامة، بحيث كان يجره إلى حيث أراد، دون أن يعترض المولود من العذراء. وفى هذه الحالة على القمص أن يُثبت أن الشيطان لم يقتل يسوع فى هذه الصحراء ويُطعمه للسباع، ثم تجسد هو أو أحد أتباعه فى شكل يسوع. وبالتالى يكون الشيطان قد نجح فى مخططه، وإحكام السيطرة على الأرض، ويكون الرب قد فشل على الرغم من مخططه فى التغطية على حدث الميلاد من عذراء. ولا يكون هناك ناتج من عمل الرب إلا خسارة تتبعها خسائر: فقد فشل فى تعمية الشيطان، ولوث سمعة امرأة عذراء، ولوثت سمعة رجل برىء، ومنع الرجل من ممارسة حقه الطبيعى فى معاشرة زوجته، وانتهت سمعة الرب للأبد. وأثبت الشيطان نجاح منقطع النظير على هذا الإله الفاشل: فنجح الشيطان فى استدراك الرب فى مخططه، وترك الأم تلوث سمعتها، لمن أدرك حملها مثل يوسف قبل أن يأتيه الوحى، ولوث سمعة الابن الذى يمهده الرب ليكون ابنه، ثم ضرب ضربته القاضية وأسر الرب المتجسد فى صورة هذا الغلام، وقتله فى الصحراء أو استدرج أتباعه من اليهود وقتلوه مصلوبًا غير مأسوف عليه. وبهذا نجح الشيطان فى إحكام قبضته على ملكوت السماوات والأرض. فماذا يريد الشيطان من إفهام الناس غير هذا الكفر؟

              فى الحقيقة هذه خطة ساذجة تدل على سذاجة الإله وخوفه من الشيطان. وهذا الأمر لا يفرق كثيرًا مع الشيطان، فما المشكلة أن يودى الشيطان بحياة هذا المسِّيَّا بعد ولادته أو حتى بعد ظهوره؟ هل يصعب على الشيطان هذا الأمر، وهو الذى اختطف الإله واعتقله أربعين يومًا فى الصحراء، يسحبه وراءه أينما ذهب؟ فهل لم يجد الإله وسيلة تشير إلى عزته وقوته وجبروته غير هذا الذل والخضوع؟

              (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً. ....... 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. ........ 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ ....... 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ.) لوقا 4: 1-13

              انظر إلى جبروت وكفر كاتب هذا الإنجيل: فلم يقبض على يسوع من الشيطان، ولم يسيطر الشيطان عليه إلا بعد أن تطهر من الروح القدس وامتلأ منه. كما لو كان الروح القدس دنسه ونجسه وجعله لقمة سهلة سائغة للشيطان. وحتى بعد أن فشل الشيطان أن يغويه، لم يتركه نهائيًا، بل تركه إلى حين أى مؤقتًا.

              وهل تعتقدون أن الرب يستطيع أن يُخفى شيئًا بالفعل عن الشيطان؟ فقد علم الشيطان بيوم ومكان وساعة اجتماع الرب بالملائكة، وعلى جدول أعمال الإجتماع، واقتحم المكان الذى تُعقد به الجلسة، وأملى على الرب الإقتراح الذى فشل هو وملائكته فى الوصول إليه: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22

              فهل تعتقد أن مثل هذا الشيطان لا يعرف ما دبره الرب؟ ولا يعرف نسل المسِّيَّا؟ فهل يحفظ اليهود الأنساب ويغفلها الشيطان، وعمله الرئيسى التخلص من المسِّيَّا؟ ثم ما علاقة يسوع بالمسِّيَّا؟ إن المسِّيَّا نبى بشر، ويسوع على قولكم إله متجسد. ثم لك أن تتخيل أن هذا الإله المتجسد ضعيف، فارقه اللاهوت، ولا يستطيع أن يدفع أى ضرر عن نفسه أو عن أمه؟ ألا يفقدكم مثل هذا الكلام صدق عقيدتكم فى تأليه يسوع؟

              وعجيب أن يعالج الرب دائما مشاكله بمصيبة أكبر منها. فلكى يغفر خطيئة آدم التى حمل البشرية تبعتها ظلمًا وزورًا، ارتكب جريمة قتل، وكان الضحية ابنه أو هو نفسه، على اختلاف المفاهيم. وقرر بعلمه الأزلى أن تحمل عذراء ثم خطبها لرجل آخر، وأمره ألا يُطلقها ليدلس على الشيطان. ومع ذلك فشل الرب فى تكتم هذا الأمر، وظهرت الحقيقة، وعلم الناس أن هذا الطفل ليس ابن يوسف ابن النجار، وطمس الرب معجزته، ولم تأت العذراء بشاهدين على صدق كلامها، فكانت الفاجعة أن الرب تجسد، وخرج للناس ابن سفاح، وفشل الرب أن يُثبت عكس ذلك بوجود شهود،أى بقانونه فى إثبات الحقائق،وضاعت سمعة العذراء وزوجها وابنها. فموضوع الشيطان هذا متهافت.

              أما نبوءة إشعياء عن العذراء التى تحمل وتلد ابنًا يدعونه عمانوئيل، ويتمحكون بها فقد نقلها متى من النص السبعينى، وهى الترجمة التى قامت فى القرن الثالث قبل الميلاد من النص العبرى، فلماذا يا ترى ترك متى الأصل ولجأ إلى الترجمة؟ لأن النص العبرى يتكلم عن امرأة شابة صغيرة السن متزوجة، وهى زوجة إشعياء، ولم يذكر النص العبرى كلما (بتولا) التى تعنى عذراء، ولكنه ذكر كلمة (علما) التى تعنى امرأة صغيرة السن. أما النص اليونانى فذكر كلمة parthenos وتعنى عذراء أو امرأة صغيرة السن، أو امرأة حديثة عهد بالزواج، اختارت السبعينية من ضمن معانى هذه الكلمة كلمة عذراء، على الرغم من أن اليهود يترجمونها بمعنى امرأة شابة. ولنا عودة بالتفصيل لهذه النبوءة فى موضعها.

              وبالتالى فليس هناك أدنى مبرر ليزوجوا العذراء مريم أو يخطبوها إلى رجل وينسبون الطفل له إلا عدم تصديقهم أو شكهم هم أنفسهم فى هذه الواقعة، أو تشويهًا لسمعة مريم العذراء ويسوع، أو على الأقل نقول إنهم كتبوا ما كان يتناقله اليهود على اختلاف مشاربهم.

              لكن هل وجود خطيب لها كان سيمنع الناس منالتقولعلىحملها؟ألا يعلم المدافع بهذا الكلام أن المرأة المخطوبة لو حملت من خطيبها لرجم الاثنان بتهمة الزنى تبعًا للشريعة اليهودية؟ إن المدافع بهذا الكلام يُثبت عليها تُهمة الزنى ويقرر أنها تستحق الرجم تبعًا لشريعة الرب: (23«إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُلٍ فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي المَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا 24فَأَخْرِجُوهُمَا كِليْهِمَا إِلى بَابِ تِلكَ المَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لمْ تَصْرُخْ فِي المَدِينَةِ وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَل امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.) تثنية 22: 23-24

              وهذا ما اعترفت به دائرة المعارف الكتابية مادة (مريم أم يسوع): «وكانت الخطبة في العادات اليهودية تكاد تعتبر زواجاً ، فكان يُعرض الأمر على الفتاة، ثم تقدم لها هدية صغيرة كمهر، وذلك في حضور شهود، وقد يسجل ذلك كتابه. ومنذ تلك اللحظة، تعتبر الفتاة "زوجة"، ولذلك يقول الملاك ليوسف في أثناء الخطبة: "يا يوسف بن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، لأن الذي حُبل به فيها من الروح القدس" (مت 1: 20). ونلاحظ أنه لم يقل له: "إياك أن تأخذها" ، نهياً له عن الزواج منها ، لو أن في زواجها ما يمس كرامتها.

              ولو مات خاطب المرأة في أثناء الخطبة،فإنها كانت تعتبر أرملة خاضعة لشريعة الزواج من أخي الزوج (تث 25: 5-10). ولم يكن في إمكان الفتاة المخطوبة أن تتخلص من خاطبها إلا بوثيقة طلاق. ومع ذلك كان أي اتصال جنسي بين المخطوبين (قبل أن يُشهر الزواج ويتم الزفاف) يعتبر زنا.»

              فوجود رجل فى حياتها سواء كان خطيبًا أو زوجًا سيوجِّه الأنظار إلى أن هذا الحمل قد جاء عن طريقه، وسوف تحتاج إلى شهود يؤكدون أنه من الروح القدس!! وهذا هو نفسه الذى جعل كتاب الأناجيل يُطلقون على يوسف رجلها أى زوجها، تبرئة له حتى لا يقول قائل لماذا لم تُرجم مريم، ويُرجم معها خطيبها طالما أنهما لم يقدما شاهدين على أن الحمل تم بقدرة الله، عن طريق الروح القدس؟"

              115- فى الحقيقة إن المفاهيم الأساسية لقوانين العهد القديم لتشير إلى السبب الذى ادعوا بشأنه خطوبة العذراء ثم زواجها. فلو كانت العذراء غير مخطوبة وظهر حملها لأجبرها الكهنة والمعتدى عليها على إتمام الزواج، وتصبح زوجته بالفعل أمام الناس، ولا يستطيع زوجها أن يُطلقها العمر كله: (28«إِذَا وَجَدَ رَجُلٌ فَتَاةً عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ فَأَمْسَكَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا فَوُجِدَا. 29يُعْطِي الرَّجُلُ الذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا لأَبِي الفَتَاةِ خَمْسِينَ مِنَ الفِضَّةِ وَتَكُونُ هِيَ لهُ زَوْجَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ أَذَلهَا. لا يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُل أَيَّامِهِ.) تثنية 22: 28-29

              أما إذا كانت مخطوبة وحملت من خطيبها فهذا إجرام، وكسر للناموس لأنه زنى، وعلى المجمع أن يرجم الاثنين: (23«إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُلٍ فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي المَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا 24فَأَخْرِجُوهُمَا كِليْهِمَا إِلى بَابِ تِلكَ المَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لمْ تَصْرُخْ فِي المَدِينَةِ وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَل امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.) تثنية 22: 23-24

              وبالتالى لو قالوا إنها كانت مخطوبة لثبتت تهمة الزنى عليها مع خطيبها على الأقل، ولعلم الناس أنها مجرمة زانية تستحق الرجم هى وخطيبها بتهمة الزنى، وبالتالى لا يستحق ابنها الوقوف فى المعبد ولا تعليم الناس. أرأيتم لماذا قالوا إنها كانت مخطوبة؟ ألم أقل لكم إن كتبة هذه الأناجيل أعداء يسوع ودعوته الحقة؟

              لكن فكر بالله عليك لو لم يكن هناك رجل فى حياة مريم، كيف سيكون الوضع؟ سيتساءل السنهدرين والكهنة والناس كيف حملت البارة بنت الأبرار؟ فلم نر عليها ما يسوء سمعتها، وكانت دائمًا فوق مستوى الشبهات، فيسألونها، فتشير إلى الصبى فينطق الله تعالى الصبى ببراءة أمه من هذه الهمة النكراء. فتسكت المدينة ويتهلل الناس ويستبشرون بمولد هذا القدوس من بطن أمه مثل أخيه المعمدان، ويصدق الناس هذا النبى عند مباشرة دعوته، وتكون له السطوة الأساسية فى تعليم الناس، ويفقد الكهنة تقاليدهم التى علموها الناس، والتى انتقدها يسوع فيما بعد!

              (6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13

              ففكرتهم إذن بأن يلحقوا بها زوج هى طمس الميلاد الإعجازى، ونفى النبوة عن يسوع، لاتهامه وأمه بالزنى، حيث لا يدخل ابن الزنى فى جماعة الرب إلى الأبد، وسلسة قتل الأنبياء ورفضهم وتشويه تعاليمهم بتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان معروفة عن اليهود: (2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) تثنية 23: 2

              116- يقول الأب بولس فيغالى بموقعه على النت: (إن روايات الطفولة تتسم بظاهرة التأليف المتأخر. ولهذا نجد أن هذه الفصول تختلف عن بقية الانجيل. والسبب هو أن الجماعات الاولى لم تكرز بها ولم تتناقلها. فأنّ المادة الرئيسية في تركيب بنية الانجيل، كما وردت في ذاكرة جميع الذين رافقوا يسوع في حياته العلنية، تتمحور حول موت يسوع وقيامته، وحول خدمته وأعماله والآيات التي عملها (اعمال 1/ 22؛ 10/ 41). كما ان الذين لم يكونوا شهود عيان ليسوع، تسلموا هذا التقليد الذي وصل اليهم. هذا ما سيؤكده بولس مرات عديدة (1قو 23/11 و 15/3) فالنصوص التي تتحدّث عن طفولة يسوع قد دُوّنت في وقت لاحق. فالانجيل بحسب مرقس، وهو اول انجيل دوّن، لا يتحدث عنِ طفولة يسوع. كما ان يوحنا الذي كُتب متأخراً، فقد ظل صامتاً حول أحداث الطفولة. ولكن متّى ولوقا يرويانها علينا، كل بحسب طريقته.فهنالك ما يقرب منثمانين سنة تفصل ما بين روايات الطفولة والحدث التاريخينفسه.)

              وهذا يعنى أن قصتى متى ولوقا تختلفان عن بعضهما البعض، وأنهما لم يكونا معروفتين فى الجيل الأول، ولم يكرز بهما التلاميذ، ولا الرعيل الأول، بل لم يعرفها مرقس صاحب أول إنجيل زمنيًا، ولا يوحنا صاحب آخر إنجيل. بل ويثبت تحريفهم للأناجيل، وعدم حفظ الله لها، كما يثبت تسلط الشيطان على أوليائه منهم.

              ويؤكد اختلاف رواية متى عن رواية لوقا قائلاً إنها مشكلة، وينصح بعدم محاولة إيجاد حل لها، وإلا ستزداد تعقيدًا، وينصح بتركها للعامة كل يفهم حسب ما يريد، حتى لو أضيف على الرواية روايات من الأناجيل الأبوكريفا، فيقول: (نستطيع ان نلخص المشكلة التاريخية الرئيسية على الشكل التالي: نحن امام روايتين تختلف الواحدة عن الاخرىوكل محاولة لتكوين نص ثالث يكون مزيجاً من الاثنين،سيشوِّه النصوص ويقدم عملية متناقضة للفكر الإِنجيلي. وغالباً ما يظن عامة الناس انهم يعرفون هذه الروايات معرفة جيدة، فيخلطون بينها ويبنون قصة متكاملة من تجميعالاناجيل، كما هو وارد في قصة الالام حيث تكوّنت قصة من "الانجيل المجمّع" (اونكيليون مخنشو). هذا بالاضافة الى الزيادات على روايات الانجيل والتي اتتنا منالاناجيل غير القانونية.)

              ويستطرد قائلاً: (وعن الشك القائم حول الولادة الغير الشرعية، يأتي التأكيد على الحبلالبتولي بمثابة تفسير لمثل هذه الولادة، وفي الوقت ذاته، يدافع عن الاتهاماتالموجهة الى الأم، مظهراً بذلك قداسة الطفل. ان كثيراً من هذه العناصر تحتوي على تأويل دفاعي،والقسم الاخر، يظل تأويلاً لاهوتياً، فيالتطور الذي سبق رواية متّى التي جعلت توازياً بين يوسف، الاب الشرعي ويوسف المربي الذي حلم حلماً قاده الى مصر. وفي النص الذي يصف انقاذ يسوع من يد الملك الظالم، الذي قتل كل الاطفال الذكور، نجاته هذه ليست اقل مأساة من رواية نجاة موسى من يد فرعون الشرير. كل هذهالتشابيهوالذكريات الواردة في العهد القديم،استُخدمت كدفاع ضد التيار اليهودي المعادي للمسيحية،ووسعت فهمالمسيحية من ان يسوع المسيح عاش من جديد تاريخ شعبه.)

              وهذا يعنى أنه كان هناك تيارًا من المارقين عن تعاليم يسوع واليهود يعتبر يسوع هو المسِّيَّا الذى كانت تنتظره الأمم، والذى كان عليه أن يخلصها من ربقة العبودية للرومان، والذى سيأتى حاكمًا لكل الأمم، كنبى عالمى، يحكم بشرع الله، ويحقق ملكوت الله. وكان اليهود يعارضون ذلك، فهم يعرفون المسِّيَّا خير المعرفة، ويعرفون اسمه وصفاته، التى لا تنطبق على يسوع بأى حال من الأحوال.

              الأمر الذى جعل متى بالذات يؤكد أن يسوع هو النبى الذى بشَّر به موسى u قومه، والذى قال عنه الله إنه سيكلِّم بنى إسرائيل عن نبى من وسط اخوتهم، أى من أبناء العمومة (تثنية 18: 15-18). ومن هنا اختلق متى هذه النبوءات لتنطيق على يسوع، فقد اخترع له السبب الذى سيجعله يهاجر إلى مصر، كما هاجر موسى إلى مدين، وهو قتل هيرودس الكبير للأطفال، كما كان يقتل فرعون الأطفال، ونجاة يسوع كما نجى الله موسى u. وجمع بين مسِّيَّا اليهود (الذى يعتبرونه من نسل داود) وبين ومسِّيَّا السامريين (الذى هو عندهم من نسل نبى الله يوسف)، فجعل المسِّيَّا بن داود يأتى عن طريق شخص اسمه يوسف، وأتى به إلى مصر بناءً على حلم، كما حدث مع نبى الله يوسف. لذلك اختلق متى ذهاب المسيح إلىمصرليجعل رجوعه منها تحقيقًا مزعومًا لنبوءة الرب فى هوشع (ومن مصر دعوت ابنى).

              117- وكما اختلفوا فى كل التفاصيل، اختلفوا أيضًا فى موعد ميلاده. فقد حكى لوقا قائلا: (1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. 2وَهَذَا الاِكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. 3فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. 4فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضاً مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ 5لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. 6وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. 7فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ.

              8وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ 9وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً. 10فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا. فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: 11أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. 12وَهَذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطاً مُضْجَعاً فِي مِذْوَدٍ». 13وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: 14«الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ». 15وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هَذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ». 16فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعاً فِي الْمِذْوَدِ.)

              ونفهم من هذا أنه ولد فى شهر من السنة يكون فيه حشائش على قمم الجبال لتأكل منها الأغنام والأبقار. وهذا الشهر فى فلسطين لا يكون مطلقًا شهر ديسمبر أو شهر يناير، لأن قمم الجبال يملأها الجليد فى ذلك الوقت.

              والقصة نفسها مفبركة بصورة لا منطق فيها، إذ كيف يذهب الخطيب ليكتتب مع خطيبته الحامل؟ هل كان يريد أن يسلم رقبته ورقبة خطيبته للرجم؟ هل كان يريد أن يقدم دليل إدانتهما للناس؟ والغريب أن ملائكة السماء تنزل بأعداد غفيرة لرعاة لا ناقة لهم فى الأمر ولا جمل، ويفوتها أن تخبر زكريا وهو ولى أمرها أو تخبر مجمع الكهنة أو رئيسهم على الأقل لإثبات عفتها وبراءتها!!

              118- من هم الرعاة الذين نزل إليهم الملائكة ليخبروهم بميلاد يسوع؟ وما هى مصداقيتهم فيما يرونه؟وما هى قدرتهم العقلية؟ ألا تعتقدون أن هؤلاء الرعاة كانوا شهود إثبات على مولد المسيح المخلص كما يعتقدون؟ فما كانت حاجة هيرودس للإنتظار حتى يستوثق على هذا من الكفار عبدة النجوم؟ وما الذى دفعه إلى قتل كل الأطفال بدلا من البحث عن المسيح الحقيقى؟ وإذا كان الطفل حديث الولادة وجاءت الملائكة وأخبرت الرعاة بهذا فلماذا يقتل هيرودس الأطفال دون الثانية, أى الذين سبقوا يسوع بسنتين فى الوجود؟

              119- غالبًا ما يكون الرعاة من الأميين الذين لا يقرأون ولا يكتبون. ونلاحظ أن الملائكة لا تأتى فيما يسمونه العهد الجديد خاصة إلا لجهلاء القوم! فقد وصف يسوع تلاميذه بالجهل والغباء، ووصفوا بولس ويوحنا من الأميين الجهلاء. ألا تشتموا رائحة المكر برموزكم فى هذا الكتاب الذى تقدسونه؟

              (27وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ.) يوحنا 8: 27

              (6هَذَا الْمَثَلُ قَالَهُ لَهُمْ يَسُوعُ وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا هُوَ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ.) يوحنا 10: 6

              وأقر بطرس أنه والتلاميذ لا يفهمونه: (15فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هَذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟) متى 15: 15-16

              (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52

              وتضجَّر منهم ووصفهم بالإلتواء وعدم الإيمان: (16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 16-21

              فلو كان عندهم أقل القليل من الإيمان لأخرجوا الشياطين. وإذا كان هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم ، ولم يتمكنوا من إخراجه ، فهم إذن لم يكونوا من المصليين الصائمين!! فعلى اى أساس اختارهم يسوع ليكونوا حملة لواء الدعوة وإفهام الناس وتعليمهم من بعده؟

              (13فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 4: 13

              فلك أن تتخيل أن الجهل والغباء هى الصفات الأساسية فى تلاميذ يسوع، لتفهم مراد كتبة هذه الأسفار!!

              120- والأمر من ذلك أن الرب يعلم بعلمه الأزلى مقدار بطش هيرودس،فأرسل ملائكته ليعلنوا الخبر على الملأ!! ألم يدرك الرب ما سيفعله هذا الحاكم فى باقى الأطفال الأبرياء؟ ونفهم من هذا أن مولد يسوع كان نقمة على كل اليهود وأطفالهم!!
              ألم أقل لكم إن متى يريد أن يقول لكم إن حمل يسوع كان نقمة على أمه! وكان مولده نقمة على أمه والشعب! وكانت الناصرة منشأه من أشأم البلاد، فلم يتخيل يهودى أنه من الممكن أن يأتى منه خير أو شىء صالح! وانحدر من عائلة تعتبر من أحط الناس أخلاقًا، فمن جدوده تجد الزناة، وتجد من زنى بابنتيه، أو بزوجة ابنه، أو بزوجات أبيه مثل أبشالوم بن داود مع زوجات داود، وتجد لصوص النبوة، وتجد عاهرات وقتلة. فمتَّى يريد أن يقول: الشجرة الفاسدة لا تنتج إلا ثمرًا فاسدًا!

              121- أليس من الغريب أن يسوع صاحب القضية نفسه لم يدعو نفسه بابن داود؟ ولم تقل له أمه إنه ابن داود الذى له الحق فى وراثة عرش أبيه داود؟ أليس من الغريب أن من سمَّاه ابن داود هم أقل طبقات المجتمع علمًا وثقافة، وهم العمى والشحاتين والأطفال وعوام الناس؟ فلم يقل أحد من الكهنة على يسوع إنه ابن داود، وكل ما قالوه إن المسِّيَّا سيأتى من نسل داود، ونفى عيسى u هذا القول وهذه الفكرة نهائيًا!!

              متى 9: 27 (27وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ تَبِعَهُ أَعْمَيَانِ يَصْرَخَانِ وَيَقُولاَنِ: «ارْحَمْنَا يَا ابْنَ دَاوُدَ».)

              متى 12: 22-23 (22حِينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ حَتَّى إِنَّ الأَعْمَى الأَخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ. 23فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوعِ وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟»)

              متى 15: 22 (22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدّاً».)

              متى 20: 30-31 (30وَإِذَا أَعْمَيَانِ جَالِسَانِ عَلَى الطَّرِيقِ. فَلَمَّا سَمِعَا أَنَّ يَسُوعَ مُجْتَازٌ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: «ارْحَمْنَا يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ». 31فَانْتَهَرَهُمَا الْجَمْعُ لِيَسْكُتَا فَكَانَا يَصْرَخَانِ أَكْثَرَ قَائِلَيْنِ: «ارْحَمْنَا يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ».)، وتكررت حكاية أعمى أريحا فى مرقس 10: 47

              متى 21: 9-11 (9وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ: «أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!». 10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هَذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».) وتكررت نفس الفكرة فى مرقس 11: 9-10

              متى 21: 14-15 (14وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ. 15فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: «أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ» غَضِبُوا)

              وكل ما كان لدى العامة من فكرة عن المسِّيَّا هى أنه سيكون ابن داود، ولما رأوا يسوع أو سمعوا عن معجزاته ظنوه المسِّيَّا ابن دود الذى كان يُخبر اليهود عنه. وظنه آخرون أنه النبى الذى سيسبق المسِّيَّا، لكن ردهم آخرون بقولهم إن المسِّيَّا لن يأتى من الجليل: (40فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكلاَمَ قَالُوا:«هَذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ». 41آخَرُونَ قَالُوا: «هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ». وَآخَرُونَ قَالُوا: «أَلَعَلَّ الْمَسِيحَ مِنَ الْجَلِيلِ يَأْتِي؟ 42أَلَمْ يَقُلِ الْكِتَابُ إِنَّهُ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ وَمِنْ بَيْتِ لَحْمٍ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَ دَاوُدُ فِيهَا يَأْتِي الْمَسِيحُ؟» 43فَحَدَثَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَمْعِ لِسَبَبِهِ.) يوحنا 7: 40-43

              وصحح يسوع علمهم عن المسِّيَّا، وأوضح لهم أنه لن يأتى من نسل داود، وبيَّن لهم ذلك من التوراة: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 21: 41-46

              وذكرها لوقا ومرقس بصورة أخرى تؤكد ما قلناه أعلاه: (41وَقَالَ لَهُمْ: «كَيْفَ يَقُولُونَ إِنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ دَاوُدَ 42وَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ الْمَزَامِيرِ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي 43حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ. 44فَإِذاً دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً. فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟».) لوقا 20: 41-44 وأيضًا مرقس 12: 35-37

              انتهت مؤقتا هذه النظرات وسوف تُضاف إلى تفسير إنجيل متى بعد الإصحاح الأول وسلسلة نسب يسوع المزعومة.
              وأعتذر عن عدم تلوين النصوص، فهذا يحتاج لوقت طويل لا يتوفر حاليًا
              ونقرأ نقدكم وتعليقاتكم وتعليقات وانتقادات الزملاء المسيحيين
              سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك

              تعليق

              • _الساجد_
                مشرف قسم النصرانية
                • 23 مار, 2008
                • 4599
                • مسلم

                #8
                الله أكبر الله أكبر الله أكبر
                هذه ليست نظرات هذه طلقات مصيبات قاتلات



                نتابع القراءة بارك الله فيكم وأعز بكم

                تعليق

                • صفي الدين
                  مشرف المنتدى
                  • 29 سبت, 2006
                  • 2596
                  • قانُوني
                  • مُسْلِم حُرٍ لله

                  #9
                  السَلام عَليكُم
                  بَعد قِراءة المُشارَكَة الأولى و الثانيَة........ مَوضوع رائِع لأستاذُنا الفاضِل عَلاء أبو بَكر
                  بارك الله فيكُم و حَفِظَكُم و حَفِظ لَكُم أبناءكُم و نَفَع الأمَة بِعِلمَكُم
                  *أنصَح بِقِراءة المَوضوع بتأني , و لو على عِدِة أيام , في كُل يَوم مُشارَكَة
                  مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ. كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ

                  تعليق

                  • abubakr_3
                    مشرف عام
                    • 15 يون, 2006
                    • 849
                    • مسلم

                    #10
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                    أشكر أخى الساجد وصفى الدين لمروركم، وأنتظر النقد

                    وأحب أن أضيف نقاط أخرى أضفتها داخل البحث وليس فى نهايته:

                    أضفت هذه النقاط للبحث مع تعديل موضعها داخله:
                    122- لماذا خصَّ الروح القدس يوسف بذكر أن الذى تحمل به مريم هو من الروح القدس دون باقى من رأوها من الجيران أو الأقرباء أو حتى كهنة المعبد وحراس العقيدة؟ ألم تكن مريم تحتاج لتبرئة إلا أمام خطيبها دون باقى البشر؟ أم لا تفرق مع الرب أن تتهم مريم بالزنى من باقى معارفها؟
                    123- وإذا كان يسوع قد قال: (24اَللَّهُ رُوحٌ.) يوحنا 3: 24، وقال: (6اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.) يوحنا 3: 6 ، وقال: (فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ) لوقا 24: 39، وكان يسوع له جسد ورآه معصروه، وأمسكوه وعذبوه ومسمروه على خشبة، وقتلوه، فهل أرد بذلك أن ينفى أنه من الروح القدس، وأنه جاء من جسد؟ راجع سوء علاقته بأمه، وما ينتج عن ذلك من استنتاج شيطانى تسبب فيه كاتب الإنجيل! أم أراد أن ينفى ألوهيته، وينسبها لله وحده الذى لم يره أحد، ولا يقدر أن يراه إنسان؟
                    124- إن اسم يسوع ليس مرادفًا للاسم العبرى يهوشع، وهذا واضح من اختلاف مواضع الحروف وعدم وجود حرف الهاء فى يسوع، ولكنه مرادفًا لاسم (يشوعا) كما يقول إينوك باول ص151، وهو اسم عائلة معروفة من سبط لاوى. وهذا يبرهن لماذا بدأ متى فى إنجيله بذكر نسب يسوع، على الرغم من أنه كتب هذا الإنجيل لليهود المتنصرين كما يقول تقليدهم. إنه أراد تغيير نسب يسوع من اللاوى إلى الداودى ثم يدعى أنه المسِّيَّا، وقد صُلب، وبذلك ليس عليهم انتظار مسِّيَّا آخر. وبما أنهم لا يعترفون بيسوع أنه المسِّيَّا الذى ينتظرونه، فعلى المضحوك عليهم من اليهود ومن تابعهم أن يطيلوا الأمد فى انتظارهم لهذا المسِّيَّا، بحيث يظل الملكوت بين أيديهم كما تمنوا وحاربوا يسوع عليه.
                    125- وهل يوجد طلاق سرى؟ أو يُعتد فى الناموس بمثل هذا الطلاق؟ إن الطلاق السرى باطل شرعيًا. لذلك فقد أخطأ متى بكتابة هذه العبارة عن الطلاق السرى، وربطها بالبر، الأمر الذى يدل أنه لم يكن من اليهود.
                    126- وهل لو طلق إنسان امرأته لحملها من غيره، أو حتى لشكه فى سلوكها المبنى على دليل، لن يكون بارًا؟
                    127- جاء الوحى الملائكى عند متى ليوسف فى المنام بعد أن حملت مريم فى الطفل، ولا تعرف مريم عنده شيئًا عن هذا الحمل. ومثل هذه الأمور لا تُحل بحلم، لأنه من الممكن أن يتخيله كابوس شيطانى يريد أن يتزوج يوسف البار بغير البارة؛ وذلك لإرهاق البار أو إغوائه. فهو لو كان يؤمن إيمانًا جازمًا بأن خطيبته بارة وقديسة لما شك فيها من الأصل! لذلك تدارك لوقا هذه القصة ورأى أنه من الأليق أن تُخبر مريم بالأمر، ويُزفُّ إليها الخبر قبل أن تحمل. الأمر الذى يعنى اختلافهما فى الشخص الموحى إليه أو الذى تراءى له ملاك الرب، واختلاف هذه الرسالة من الناحية الزمنية.

                    تعليق

                    • سامي فيتش02
                      0- عضو حديث
                      • 23 نوف, 2008
                      • 1
                      • مهندس صيانه
                      • مسلم

                      #11
                      السلام عليكم ورحمه الله وبركاته جزاك الله كل خير اخي الدكتور ادعوا الله ان يجعله في ميزان حسانتك وان يسقيني واياكم ومن يد الحبيب محمد شربه ماء لا نظما بعدها ابدا

                      تعليق

                      • abubakr_3
                        مشرف عام
                        • 15 يون, 2006
                        • 849
                        • مسلم

                        #12
                        جزانا وإياك أخى سامى فيتش، وربنا يتقبل منكم ومنى، ويجعلنى أفضل مما تظن

                        تعليق

                        • بورائد
                          مُشرِف شرف المنتدى
                          رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى
                          رحِمهُ اللهُ رحْمةً واسِعة
                          غفر له بها ما تقدّم من ذنبِهِ وما تأخر
                          وأفسحَ له في قبْرهِ
                          • 1 سبت, 2007
                          • 405

                          #13
                          موضوع رائع

                          السلام عليكم

                          موضوع رائع ومعلومات غزيرة

                          وأتمنى من سيادتكم توثيق بعض المعلومات حيث أن الموضوع يصلح كمرجع لهذه النقطة

                          حيث يمكن استعماله عند نقاش اصدقائنا النصارى حول هذه النقطة

                          مثل : المرجع أو المراجع التي تذكر أن
                          " أن مريم كانت على علاقة آثمة بجندى رومانى يُدعى بانديرا، "

                          فهذه أنا وقفت عليها في كتاب " الرجل الناصري ، طبعة دار الثقافة ، صفحة 13

                          ومثال آخر أن مريم تزوجت من يوسف النجار وهو ابن 92 سنة

                          فهناك مشاركة لأخونا معاذ ، تعتبر ارئعة في هذا الجانب أيضاً وهذا رابطها
                          https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=11445

                          أتمنى من أخونا علاء أبو بكر أن يلخص نقاط البحث في أول الموضوع حتى يتمكن القارئ من الذهاب افى أي نقطة يبحث عنها

                          رفع الله قدرك وجعله في ميزان حسناتك وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

                          ملحوظة :
                          هناك نقاط كثيرة أكثر من رائعة في البحث ، وكنت أتمنى الحصول على وثائق أكثر وأكثر وأكثر

                          نفع الله بكم

                          تعليق

                          • abubakr_3
                            مشرف عام
                            • 15 يون, 2006
                            • 849
                            • مسلم

                            #14
                            جزاك الله كل الخير أخى بورائد على المرور والتعليق البناء، وجارى تنفيذ مقترحك

                            تعليق

                            • جمعة شلبي
                              2- عضو مشارك
                              • 4 مار, 2008
                              • 100

                              #15
                              بارك الله فيك أستاذ أبو بكر علي هذا البحث الأكثر من رائع
                              فأنت بهذا البحث قد أصبت النصرانية في مقتل أكثر مما هي مصابة
                              وجزاك الله عنا خير الجزاء

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 14 يون, 2023, 04:22 م
                              ردود 0
                              203 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 14 يون, 2023, 10:00 ص
                              ردود 0
                              108 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 11 ماي, 2023, 02:59 م
                              ردود 0
                              38 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 15 أبر, 2023, 08:42 ص
                              ردود 0
                              86 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                              ابتدأ بواسطة محمد عادل, 3 أغس, 2022, 06:11 ص
                              ردود 0
                              161 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة محمد عادل
                              بواسطة محمد عادل
                              يعمل...