هل يمكن أن تكون البوذية ديـنا حقا تم تحريفه
رغم أننا حتى الآن قد بحثنا البوذية باعتبارها وهما وزيفا، علينا القول بأنها تتضمن بعض المبادىء الأخلاقية الأيجابية، فكتب البوذية تحذر الناس من السرقة وتشجعهم على مساعدة بعضهم البعض وتطهير أنفسهم من الأنانية والطموحات الهابطة. وكل ذلك يوحي بأن البوذية بدأت دينا سماويا قائما على الوحي وفسدت بمرور الزمن.
يقول تعالى في القرآن الكريم أنه قد بعث لكل أمة رسـولا ليبلغهم الدين الحق:
(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) (سورة النحل: 36).وفى مكان آخر من القرآن يقول تعالى :( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)
( سورة يونس: 10)
(وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (سورة الجاثية: 28)
إنّ هذه الآيات تبين لنا أنّ الله تعالى قد يكون أرسل رسولا للهنود؛ وقد يكون سـيدارسـا قـوتامـا واحدًا منهم, فالبوذية تشبه الأديان السّماوية في بعض أركانها، ثم إنّ الرسل جاؤوا عبر التاريخ لكشف الحقيقة نفسها للبشرية، ولكن بعد رحيلهم عمد أتباعهم إلى تحريف هذه الحقائق. وفي الحقيقة فإن تعاليم قـوتاما قد فقدت جذورها بعد وفاته، وصـارت محرفة بالطريقة التى هي عليها اليوم مزيجا من أديان وثقافات البلاد التي انتشرت فيها، وحوت داخلها الأساطير المحلية المختلفة والخرافات.
وفى تلك الحالة، بدون شك، تصبح السيرة الشخصية لسيدارسا قـوتاما مختلفة تماما عن القصص الأسطورية التى نعرفها عنه اليوم. وتوجد نسخ متضاربة عن قصة حياته، مما يعطى دلالة واضحة أن الحقيقة ربما تكون مختلفة كثيرًا عن "التاريخ " الذى ألفناه اليوم. إنّ أحد مبادىء الأخلاق الصحيحة التي روجت لها البوذية تقود للاعتقـاد بأن البوذية ربما تطورت من دين توحيدي. ويوضح الباحث الغربي ج. م. روبرتسـون العقيدة البوذية فيما يسميه "سلسلة الأنبياء" بقـوله:
"... البوذية لا تزعم أنها دين جـديد، فالتقاليد المتوارثة تؤيد كونها انتشرت عدة مرات من قبل، وقوتاما واحد فقط مـن سلسـلة طـويـلة من البوذيين الذين ظهروا على فترات وتناقلوا الدين نفسه. ويوجد تسجيل لأسـماء أربعة وعشرين من هؤلاء البوذيين الذين ظهروا قبل قوتاما. ويقال إنه، وبعد وفاة كل بـوذا منهم تنتعش ديانته لبعض الوقت ثمّ تنتهى. وبعد نسيانها، يظهر بوذا آخر ليبشر بما يسمى الدّارمـا، أي الحقيقة ".
كلّ ذلك ينبىء بأنّ البوذية ربما تكون واحدة من الاعتقادات المنحرفة التى جاءت للتخلص من أثر الأنبياء. ومن ناحية أخرى، فإن البوذية تضعبناء محافظا يذكر بأحد التحريفات التقليدية التى يمكن أن تحدث خلال فترة انحلال الدّين الحق.
في القرآن الكريم يقول الله سبحانه وتعالى إنّ المسيحيين واليهود قد وقعوا فى الفخ نفسه، وأغرقوا دينهم بتفاصيل ومحرمات لا طائل منهـا،وكمثال لذلك فإنّ الأفكار الخاطئة في البوذية حول الانزواء عن المجتمع وإخضاع النفس للتعذيب قد ظهرت أيضا في المسيحية بعد تحريفها عـبرالسنين، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك في القرآن الكريم:
قـد تكون البوذية ديانة حقيقية حرّفت بعد انتشار الرهبانية. وبالتأكيد تكون قد شوّهت أكثر من اليهودية و المسيحية. لكن بالرغم من التحريف الذي دخل على هاتين الديانتين إلا أنهما ما يزالان يؤمنان به. وحتى لو جاء جوهر البوذية من مصدر إلهي، فقد ابتعدت هذه الديانة بشكل كامل عن ذلك الجوهر وأصبحت غارقة في طقوس وهمية مع بقاء مبادىء أخلاقية قليلة جدًّا.
ومن جانب آخر فالبوذية تشبه المعتقدات التوحيدية مثل اليهودية والمسيحية والإسلام؛ فهي أيضا تؤمن بنهاية العالم، وتؤمن بمخلّص للبشرية – مثل المسيح عند اليهود والمسيحيين؛ والمهدي عند المسلمين.
آخر الزمان هو الفترة التى تسبق قيام الساعة، وفي القرآن الكريم وأحاديث الرّسول صلى الله عليه وسلم عدد من الإشارات بأنّ الاسلام سوف ينتشر فى كل العالم. ويخبر القرآن الكريم بأن عيسى عليه السلام لم يمت، وأنه لم يقتل بل رُفع إلى السّماء وهو ما يزال حيا، وأنه سوف يعود إلى الأرض مرّة أخرى. وقد أخبرنا النبيّ صلى الله عليه وسلم أيضا بأنّ المسيح عليه السلام سوف يعود إلى الدنيا مرة ثانية. وعند عودته، و أثناء وجوده على الأرض سوف تملأ الأرض عدلاً وسلامًا وخيرًا. وبينت أحاديث النبي عليه الصلاة والسلاة أنّ المهديّ سوف يساعد المسيح عليه السلام في رسالته المباركة ( لمزيد من التفاصيل انظر كتاب هارون يحيى "المسيح سوف يعود".).
وتبين أحاديث الرّسول صلى الله عليه وسلم أنّ آخر الزّمان يتميز بمرحلتين اثنتين؛ في المرحلة الأولى يُنكر وجود الله تعالى جهرًا، ويقلّ الناس المؤمنون الذين يلتزمون بقيم الدين، وتصبح الحياة أكثر صعوبة ومشقة، ويشيع القلق بسبب قلة الخيرات، وتكون في الأرض مجاعات وكوارث طبيعية، وينتشر الظلم، وتكثر الحروب والنزاعات، وتسيطر القسوة على القلوب وتقل المحبة والرّحمة. ثم بعد ذلك تتعافى البشرية من الكفر والفلسفات اللادينية التى هي المصدر الحقيقي لآلامهم، ويرجع الناس إلى الدين. وتنتهي النزاعات، وينهزم الظلم ووتتبدّد القسوة. ويشع نور الأمن والسلام، وينعم الناس بالطمأنينة والرفاهية بعد عانوا من القلق والظلم. وسوف ينعم العالم كله بالرّخاء والخير.
وفي الإسلام، كما هو الأمر في اليهودية والمسيحية، هنالك إيمان بالمهدي وبعودة المسيح وبآخـر الزمان. وفي الإنجيل الذى يتكون من العهد القديم (التّوراة وكتب اليهود الأخرى) والعهد الجديد ( الأناجيل الأربعة وكتب أخرى ورسائل) هناك عدة أوصاف لآخر الزّمان. والأناجيل بصفة خاصة تشير إلى عودة المسيح عليه السلام.
إنّ اسم عيسى لم يرد فى التوراة، غير أن التوراة نفسها تخبر بمجيء بمجيء مسيح مخلص من نسل داوود عليه السلام. وفى بعض المواضع من التوراة هناك إشارات إلى ما سوف يحدث فى آخر الزمان. والمسيح الذى تمّ التبشير بمقدمه وورد الحديث عن أعماله فى التوراة هو- كما ذكر القرآن الكريم- عيسى عليه السلام. وبالإضافة إلى اسم "المسيح" تطلق عليه صفات أخرى مثل "الملك" و "الرب" (بمعنى السيّد المربّي) و"كثير الخيرات".
وتتحدث التوراة عن مجيء المسيح، وقد قيل الكثير عن المملكة التى سوف يقيمها على الأرض. ومما ورد أنه سوف جميع الأمم تحت راية واحدة، وأنّه من نسل داوود عليه السلام، وأنه يشبهه ( حكم داوود عليه السلام في زمانه بلادًا واسعة). وقد جاء في بعض فقرات التوراة ما يلي:
"سوف يشتّت أعداء الرّب، وتُرسل عليهم الصواعق من السّماء، وسوف يسود حكمه أنحاء الأرض، ويهب القوة لمليكه، و يعلي من قوّة المسيح". (صاموئيل الأول 2: 10)
"وفى أيام هؤلاء الملوك، سوف يقيم رب السماوات مملكة لن تنهار، ولن يُترك حكمها للآخرين، وهذه الممالك كلها سوف يدمرها هو وينهيها، وسوف يبقى هو خالدا إلى الأبد". ( دانيال 2: 44)
"هذا هو عبدى الذي أيدته، اخترته وداخل نفسه تسري روحي، وأسبغت عليه من روحي، سوف يجلب العدل للأمم؛ لن يصرخ فى وجه أحد، ولن يرفع صـوته ليسمع من فى الطرقات. لن يكسر مزمارًا مخدوشا ولن يطفىء فتيلا منيرًا، سوف يبلغُ بالعدل الحقيقة، لن يفشل ولن ينكسر عزمه حتى يؤسس للعدل فى الأرض مقاما، وسوف ينتظر الناس شريعته ... أنا الربّ ناديتك بحق، وسوف أشدّ على يديك، سوف أحفظك وأعطيك ميثاقا لكي تُفتح العيون العمياء، وينطلق أحرارا كلّ السجناء، وسوف أمنحك نورًا تهدي به الأمم" ( أشعيا 42: 1 -7 ).
"... وبالحق سوف يحكمُ الفقراء، وسوف يحكم البلاد بالعدل رحمة بالبؤساء، سوف يضرب الأرض بعصاه، وبأنفاس شفتيه سوف يقتل الأشرار، وسوف تكون الحقيقة لخاصرته حزامًا" (أشعيا11: 1- 10).
وتقدم التوراة معلومات كثيرة جدا عن عودة عيسى عليه السلام إلى الأرض:
"لأنني ذاهب لكي أعد لك مكانًا، وإذا ذهبت وأعددت لك مكانا، سوف أحضر وآخذك، وتكون معي حيثما كنتُ" ( يوحنا 14: 2-3).
"إنّ يسوع سوف يعود مرة أخرى تماما مثلما رأيتموه يسير نحو السّماء" (قوانين1: 11).
"لذا إذا قيل لكم، إن يسوع في الصّحراء فلا تذهبوا، أو قيل لكم انظروا هو في داخل الغرف فلا تصدّقوا ذلك، فابن آدم سوف يكون مثل البرق الذي يلمع من الشرق فيضيء أركان الغرب". (متا 24: 26- 27).
"إن الخالق تبارك وتقدس، ملك الملوك وربّ الأرباب، والذي هو وحده له الخلود، الحيّ، الذي لم يره أي إنسان ولن يراه أي إنسان سوف يظهر المسيح في الزمان المحدد، فله المجد والقوة إلى الأبد (تيموتوسا الرّسالة الأولى 6: 15-16).
عند عودة عيسى عليه السلام سوف يكون الأمر والحكم بيده، وفترة حكمه هذه سوف تتميز بالعدل والثراء والأخلاق الطيبة. وقد وردت في الإنجيل بعض المعلومات عن هذا الموضوع:
"بورك فى ذوي الأحلام، لأنهم سوف يرثون الأرض" ( متا 5:5).
"لهذا السبب صلوا على هذا النحو ... ليأتِ الملكُ..." ( ماثيو6 :9 -10).
"سوف يكون هنالك بكاء وصرير للأسنان، عندما ترون إبراهيم وإسحاق و يعقوب وجميع الأنبياء في مملكة الرّب، وأنتم مطرودون، سوف يأتون من الشرق ومن الغرب، من الشمال ومن الجنوب، ويجلسون فى جنة الربّ. وحقا سوف يتقدّم متأخرون ويتأخر أوائل" (لوقا 13: 28- 30).
كما ذكرنا سابقا، فإنّ البوذية أيضا تتنبأ بقدوم مسيح مخلّص. وقد قال بوذا إنه بعد مرور ألف عام من بعده سوف يجيء الميتيا (أو ميتريا) ويُتم دينه ورحمته على العالم. وحول هذا الموضوع نورد بعض ما جاء في مصادر بوذية من دولتين مختلفتين.
أولا من مصادر بورما:
"يقول بوذا لصاريبوتا: إنّ عهدنا عهد سعيد، عاش فيها ثلاثة زعماء: كاكوساندا و كانوكاما و كاسابا. بوذا العظيم هو أنا، ولكن بعدي يجيء ميتريا. ومع استمرار هذا العهد السعيد، وقبل أن تنقضي سنواته سوف يكون بوذا العظيم هذا، الذي يقال له ميتريا زعيم كل البشرية".
المثال الثانى من مصادر سايلان:
"أنا لست أول بوذا جاء إلى الأرض، ولن أكون آخرهم. بعد وقت ما سوف يجيء بوذا آخر إلى الدنيا، ويكون مستنيرًا بالأنوار المقدسة، سلوكه يعبقُ بالحكمة، خيّرٌ، ولا يشبهه أحدٌ ... وسوف يكشف لكم الحقائق التي علمتكم إياها، وسوف يبلّغ دينه ... سوف يبلغ الدّين الحق الذي أعلنته لكم. إن أتباعه سوف يعدون بالآلاف بينما لا يتجاوز أتباعي بضع مئات. وهو يُدعى ميتريـا".
رغم أننا حتى الآن قد بحثنا البوذية باعتبارها وهما وزيفا، علينا القول بأنها تتضمن بعض المبادىء الأخلاقية الأيجابية، فكتب البوذية تحذر الناس من السرقة وتشجعهم على مساعدة بعضهم البعض وتطهير أنفسهم من الأنانية والطموحات الهابطة. وكل ذلك يوحي بأن البوذية بدأت دينا سماويا قائما على الوحي وفسدت بمرور الزمن.
يقول تعالى في القرآن الكريم أنه قد بعث لكل أمة رسـولا ليبلغهم الدين الحق:
(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلاَ فِيهَا نَذِيرٌ ) (سورة فاطر: 24).
(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) (سورة النحل: 36).وفى مكان آخر من القرآن يقول تعالى :( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)
( سورة يونس: 10)
(وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (سورة الجاثية: 28)
إنّ هذه الآيات تبين لنا أنّ الله تعالى قد يكون أرسل رسولا للهنود؛ وقد يكون سـيدارسـا قـوتامـا واحدًا منهم, فالبوذية تشبه الأديان السّماوية في بعض أركانها، ثم إنّ الرسل جاؤوا عبر التاريخ لكشف الحقيقة نفسها للبشرية، ولكن بعد رحيلهم عمد أتباعهم إلى تحريف هذه الحقائق. وفي الحقيقة فإن تعاليم قـوتاما قد فقدت جذورها بعد وفاته، وصـارت محرفة بالطريقة التى هي عليها اليوم مزيجا من أديان وثقافات البلاد التي انتشرت فيها، وحوت داخلها الأساطير المحلية المختلفة والخرافات.
وفى تلك الحالة، بدون شك، تصبح السيرة الشخصية لسيدارسا قـوتاما مختلفة تماما عن القصص الأسطورية التى نعرفها عنه اليوم. وتوجد نسخ متضاربة عن قصة حياته، مما يعطى دلالة واضحة أن الحقيقة ربما تكون مختلفة كثيرًا عن "التاريخ " الذى ألفناه اليوم. إنّ أحد مبادىء الأخلاق الصحيحة التي روجت لها البوذية تقود للاعتقـاد بأن البوذية ربما تطورت من دين توحيدي. ويوضح الباحث الغربي ج. م. روبرتسـون العقيدة البوذية فيما يسميه "سلسلة الأنبياء" بقـوله:
"... البوذية لا تزعم أنها دين جـديد، فالتقاليد المتوارثة تؤيد كونها انتشرت عدة مرات من قبل، وقوتاما واحد فقط مـن سلسـلة طـويـلة من البوذيين الذين ظهروا على فترات وتناقلوا الدين نفسه. ويوجد تسجيل لأسـماء أربعة وعشرين من هؤلاء البوذيين الذين ظهروا قبل قوتاما. ويقال إنه، وبعد وفاة كل بـوذا منهم تنتعش ديانته لبعض الوقت ثمّ تنتهى. وبعد نسيانها، يظهر بوذا آخر ليبشر بما يسمى الدّارمـا، أي الحقيقة ".
كلّ ذلك ينبىء بأنّ البوذية ربما تكون واحدة من الاعتقادات المنحرفة التى جاءت للتخلص من أثر الأنبياء. ومن ناحية أخرى، فإن البوذية تضعبناء محافظا يذكر بأحد التحريفات التقليدية التى يمكن أن تحدث خلال فترة انحلال الدّين الحق.
في القرآن الكريم يقول الله سبحانه وتعالى إنّ المسيحيين واليهود قد وقعوا فى الفخ نفسه، وأغرقوا دينهم بتفاصيل ومحرمات لا طائل منهـا،وكمثال لذلك فإنّ الأفكار الخاطئة في البوذية حول الانزواء عن المجتمع وإخضاع النفس للتعذيب قد ظهرت أيضا في المسيحية بعد تحريفها عـبرالسنين، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك في القرآن الكريم:
(ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ) (سورة الحديد : 27)
قـد تكون البوذية ديانة حقيقية حرّفت بعد انتشار الرهبانية. وبالتأكيد تكون قد شوّهت أكثر من اليهودية و المسيحية. لكن بالرغم من التحريف الذي دخل على هاتين الديانتين إلا أنهما ما يزالان يؤمنان به. وحتى لو جاء جوهر البوذية من مصدر إلهي، فقد ابتعدت هذه الديانة بشكل كامل عن ذلك الجوهر وأصبحت غارقة في طقوس وهمية مع بقاء مبادىء أخلاقية قليلة جدًّا.
ومن جانب آخر فالبوذية تشبه المعتقدات التوحيدية مثل اليهودية والمسيحية والإسلام؛ فهي أيضا تؤمن بنهاية العالم، وتؤمن بمخلّص للبشرية – مثل المسيح عند اليهود والمسيحيين؛ والمهدي عند المسلمين.
آخر الزمان هو الفترة التى تسبق قيام الساعة، وفي القرآن الكريم وأحاديث الرّسول صلى الله عليه وسلم عدد من الإشارات بأنّ الاسلام سوف ينتشر فى كل العالم. ويخبر القرآن الكريم بأن عيسى عليه السلام لم يمت، وأنه لم يقتل بل رُفع إلى السّماء وهو ما يزال حيا، وأنه سوف يعود إلى الأرض مرّة أخرى. وقد أخبرنا النبيّ صلى الله عليه وسلم أيضا بأنّ المسيح عليه السلام سوف يعود إلى الدنيا مرة ثانية. وعند عودته، و أثناء وجوده على الأرض سوف تملأ الأرض عدلاً وسلامًا وخيرًا. وبينت أحاديث النبي عليه الصلاة والسلاة أنّ المهديّ سوف يساعد المسيح عليه السلام في رسالته المباركة ( لمزيد من التفاصيل انظر كتاب هارون يحيى "المسيح سوف يعود".).
وتبين أحاديث الرّسول صلى الله عليه وسلم أنّ آخر الزّمان يتميز بمرحلتين اثنتين؛ في المرحلة الأولى يُنكر وجود الله تعالى جهرًا، ويقلّ الناس المؤمنون الذين يلتزمون بقيم الدين، وتصبح الحياة أكثر صعوبة ومشقة، ويشيع القلق بسبب قلة الخيرات، وتكون في الأرض مجاعات وكوارث طبيعية، وينتشر الظلم، وتكثر الحروب والنزاعات، وتسيطر القسوة على القلوب وتقل المحبة والرّحمة. ثم بعد ذلك تتعافى البشرية من الكفر والفلسفات اللادينية التى هي المصدر الحقيقي لآلامهم، ويرجع الناس إلى الدين. وتنتهي النزاعات، وينهزم الظلم ووتتبدّد القسوة. ويشع نور الأمن والسلام، وينعم الناس بالطمأنينة والرفاهية بعد عانوا من القلق والظلم. وسوف ينعم العالم كله بالرّخاء والخير.
وفي الإسلام، كما هو الأمر في اليهودية والمسيحية، هنالك إيمان بالمهدي وبعودة المسيح وبآخـر الزمان. وفي الإنجيل الذى يتكون من العهد القديم (التّوراة وكتب اليهود الأخرى) والعهد الجديد ( الأناجيل الأربعة وكتب أخرى ورسائل) هناك عدة أوصاف لآخر الزّمان. والأناجيل بصفة خاصة تشير إلى عودة المسيح عليه السلام.
إنّ اسم عيسى لم يرد فى التوراة، غير أن التوراة نفسها تخبر بمجيء بمجيء مسيح مخلص من نسل داوود عليه السلام. وفى بعض المواضع من التوراة هناك إشارات إلى ما سوف يحدث فى آخر الزمان. والمسيح الذى تمّ التبشير بمقدمه وورد الحديث عن أعماله فى التوراة هو- كما ذكر القرآن الكريم- عيسى عليه السلام. وبالإضافة إلى اسم "المسيح" تطلق عليه صفات أخرى مثل "الملك" و "الرب" (بمعنى السيّد المربّي) و"كثير الخيرات".
وتتحدث التوراة عن مجيء المسيح، وقد قيل الكثير عن المملكة التى سوف يقيمها على الأرض. ومما ورد أنه سوف جميع الأمم تحت راية واحدة، وأنّه من نسل داوود عليه السلام، وأنه يشبهه ( حكم داوود عليه السلام في زمانه بلادًا واسعة). وقد جاء في بعض فقرات التوراة ما يلي:
"سوف يشتّت أعداء الرّب، وتُرسل عليهم الصواعق من السّماء، وسوف يسود حكمه أنحاء الأرض، ويهب القوة لمليكه، و يعلي من قوّة المسيح". (صاموئيل الأول 2: 10)
"وفى أيام هؤلاء الملوك، سوف يقيم رب السماوات مملكة لن تنهار، ولن يُترك حكمها للآخرين، وهذه الممالك كلها سوف يدمرها هو وينهيها، وسوف يبقى هو خالدا إلى الأبد". ( دانيال 2: 44)
"هذا هو عبدى الذي أيدته، اخترته وداخل نفسه تسري روحي، وأسبغت عليه من روحي، سوف يجلب العدل للأمم؛ لن يصرخ فى وجه أحد، ولن يرفع صـوته ليسمع من فى الطرقات. لن يكسر مزمارًا مخدوشا ولن يطفىء فتيلا منيرًا، سوف يبلغُ بالعدل الحقيقة، لن يفشل ولن ينكسر عزمه حتى يؤسس للعدل فى الأرض مقاما، وسوف ينتظر الناس شريعته ... أنا الربّ ناديتك بحق، وسوف أشدّ على يديك، سوف أحفظك وأعطيك ميثاقا لكي تُفتح العيون العمياء، وينطلق أحرارا كلّ السجناء، وسوف أمنحك نورًا تهدي به الأمم" ( أشعيا 42: 1 -7 ).
"... وبالحق سوف يحكمُ الفقراء، وسوف يحكم البلاد بالعدل رحمة بالبؤساء، سوف يضرب الأرض بعصاه، وبأنفاس شفتيه سوف يقتل الأشرار، وسوف تكون الحقيقة لخاصرته حزامًا" (أشعيا11: 1- 10).
وتقدم التوراة معلومات كثيرة جدا عن عودة عيسى عليه السلام إلى الأرض:
"لأنني ذاهب لكي أعد لك مكانًا، وإذا ذهبت وأعددت لك مكانا، سوف أحضر وآخذك، وتكون معي حيثما كنتُ" ( يوحنا 14: 2-3).
"إنّ يسوع سوف يعود مرة أخرى تماما مثلما رأيتموه يسير نحو السّماء" (قوانين1: 11).
"لذا إذا قيل لكم، إن يسوع في الصّحراء فلا تذهبوا، أو قيل لكم انظروا هو في داخل الغرف فلا تصدّقوا ذلك، فابن آدم سوف يكون مثل البرق الذي يلمع من الشرق فيضيء أركان الغرب". (متا 24: 26- 27).
"إن الخالق تبارك وتقدس، ملك الملوك وربّ الأرباب، والذي هو وحده له الخلود، الحيّ، الذي لم يره أي إنسان ولن يراه أي إنسان سوف يظهر المسيح في الزمان المحدد، فله المجد والقوة إلى الأبد (تيموتوسا الرّسالة الأولى 6: 15-16).
عند عودة عيسى عليه السلام سوف يكون الأمر والحكم بيده، وفترة حكمه هذه سوف تتميز بالعدل والثراء والأخلاق الطيبة. وقد وردت في الإنجيل بعض المعلومات عن هذا الموضوع:
"بورك فى ذوي الأحلام، لأنهم سوف يرثون الأرض" ( متا 5:5).
"لهذا السبب صلوا على هذا النحو ... ليأتِ الملكُ..." ( ماثيو6 :9 -10).
"سوف يكون هنالك بكاء وصرير للأسنان، عندما ترون إبراهيم وإسحاق و يعقوب وجميع الأنبياء في مملكة الرّب، وأنتم مطرودون، سوف يأتون من الشرق ومن الغرب، من الشمال ومن الجنوب، ويجلسون فى جنة الربّ. وحقا سوف يتقدّم متأخرون ويتأخر أوائل" (لوقا 13: 28- 30).
كما ذكرنا سابقا، فإنّ البوذية أيضا تتنبأ بقدوم مسيح مخلّص. وقد قال بوذا إنه بعد مرور ألف عام من بعده سوف يجيء الميتيا (أو ميتريا) ويُتم دينه ورحمته على العالم. وحول هذا الموضوع نورد بعض ما جاء في مصادر بوذية من دولتين مختلفتين.
أولا من مصادر بورما:
"يقول بوذا لصاريبوتا: إنّ عهدنا عهد سعيد، عاش فيها ثلاثة زعماء: كاكوساندا و كانوكاما و كاسابا. بوذا العظيم هو أنا، ولكن بعدي يجيء ميتريا. ومع استمرار هذا العهد السعيد، وقبل أن تنقضي سنواته سوف يكون بوذا العظيم هذا، الذي يقال له ميتريا زعيم كل البشرية".
المثال الثانى من مصادر سايلان:
"أنا لست أول بوذا جاء إلى الأرض، ولن أكون آخرهم. بعد وقت ما سوف يجيء بوذا آخر إلى الدنيا، ويكون مستنيرًا بالأنوار المقدسة، سلوكه يعبقُ بالحكمة، خيّرٌ، ولا يشبهه أحدٌ ... وسوف يكشف لكم الحقائق التي علمتكم إياها، وسوف يبلّغ دينه ... سوف يبلغ الدّين الحق الذي أعلنته لكم. إن أتباعه سوف يعدون بالآلاف بينما لا يتجاوز أتباعي بضع مئات. وهو يُدعى ميتريـا".
تعليق