تويت
من المعروف أن الشاعر روحه الطبيعة ، و أنها تشكل منه الكثير في تجاربه فيتناولها في تعبيراته و استشهادته ، لكنه و رغم هذا الحب بين الشاعر و الطبيعة كثيرا ما يخطيء الشعراء و يظلموا أجناسها سواءً في النبات أو الحيوان أو الجماد عندما يستشهدون منها ليقولوا حكمة أو فكرة ، أو لصياغة موضوع ما ، و حين قرأت قصيدة " التينة الحمقاء " للشاعر ـ إيليا أبو ماضي ـ وجدت في قصيدته هذه قمة المظالم التي ينتهجها الشعراء تجاه ما في البيئة لسبب ديني أو سياسي أو نفسي ، و قد تسلط الشاعر على هذه الشجرة " التين " و وصفها بالحمقاء ، و بين أنها شجرة أنانية لا تحب الطيور و أنها جنت على نفسها عندما أرادت ان تبخل بأورقها و ثمارها فصارت خشبا فقطعها أبن الإنسان جزاءً لفعلها هذا ، و إختيار الشاعر لهذه الشجر دون غيرها كان لدافع ديني بحت ، حيثت يروي لنا مرقس في إنجيله 11 : 13 ما حدث للرب حين جاع فيقول " فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق و جاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء إليها لم يجد شيئا إلا ورقا لأنه لم يكن وقت التين بعد " و هذا حقيقة يعد ظلم مبين لهذه الشجرة الطيبة الفقيرة ، فهي تشبه الفقراء أو العمَّال الفقراء فطول السنة تعاني عارية لتحافظ على نفسها حتى يأتي موسمها في صنع الثمار ليستفيد منها الأخر و بعد هذا العمل المضني لا توفر لنفسها ثوبا يحميها ، فهي شجرة صبورة تحتمل البرد الشديد لدرجة 12 ْ تحت الصفر و هو ما لم يحتمله من الشجر الضخمُ ، فتنبت بين الثلوج و أيضا تنبت في الصحراء القاحلة شديدة الحرارة و قد أقسم بها المولى عز وجل " و التين و الزيتون " ، و الله لا يقسم إلا بكل عظيم ، و قد قال الرسول " ص " لو أن ثمرا نزل من الجنة لكانت هذه الثمرة فتكاد تنفرد بأنها الثمرة الأولى التي لا تحتوي على ما يعيق في تناولها من بذور بداخلها ، و هي تتمع بالذكاء النباتي بصورة تستحق الإندهاش والتعجب ، فحين يأكل منها الواحد و تأخذه الرغبة في أكل المزيد لطعمها الجيد ، عند المنسوب الكافي للجسم ينتج عنها سخونة شديدة في اللسان والشفتين فيمتنع الشخص عند هذا الحد ، و كذلك إذا ما تم قطف ثمارها قبل النضوج تفرز مادة بيضاء تلسع و تحرق الجسد ، ناهيك أنها تحافظ على جنسها دون رعاية بشرية ، فإذا سقط منها فرع يابسا على الأرض يصبح جزاءً من الشجرة فيما بعد ، و من ذكاء هذه الشجرة أيضا هو أن ثمرتها تتأثر بسرعة حين تنضج فتعمل طوال السنة على مخصامة الطيور بأن تسقط عنها ما يغريها من أفنان و غصون حتى لا تألفها و تبني بها أوكارها فتفسد ثمرها ، و قبل الإزهار تعمل على صناعة أوراق عريضة و كثيفة تخبيء تحتها الثمر ، كل هذا الذكاء في هذه الشجرة حتى تعطي ثمراتها لأبن الإنسان و تحفظه له ، و سبحان الله جزائها كان العكس من الشاعر تماما ، و من مميزاتها أنها من الشجر الداني القطوف فاكثر فصائلها لا تجد عناء في قطف ثمارها أو جمعها بل تأكل منها و أنت واقف و جالس أيضا فلا تحتاج أن تتسلقها و بهزة خفيفة تساقط عليك أطيب أطيابها ، و العجيب في هذه الشجرة الطيبة أنك حين تأتي إليها لتأكل منها إذا ما راحت كفك تجاه ثمرة لم تنضج بعد تجدها متمسكة بفرعها بشدة أما إذا ما وقعت كفك على ثمرة ناضجة فبمجرد لمسها تبقى بين أصابعك ومن مميزاتها أيضا أنها تسقط أورقها فوق جذورها لتتحلل و تختلط بتربتها فتتغذى عليها ، كل هذه المميزات تجاهلها الشاعر متأثرا بحادثة الرب يسوع المسيح حين ذهب إليها في معاد لم يكن موعد إثمارها فلم يجد فيها ثمر فدعى عليها بألاَّ تثمر بعد أبدا ، لذا صاغ الشاعر كرم و ذكاء و طيب شجرة التين بصورة مغايرة مُبديا أنانيتها و حبها لنفسها و غرورها ليقول حكمته البالغة " كل شجرة لا تأتي بثمر تقطع وتلقى في النار " متى 3: 10.
اكتشف المزيد حول نافع سلامة
-
-
موضوع متميز جدا ... جزاكم الله خيرا أخى العزيز ...
خالص تحياتى ...الحمد لله الذى جعل فى كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى .. الإمام أحمد .. -
شكرا موضوع جميل وعظيمإستوقفتنى آية ( ليشارك الجميع ) -- أستوقفنى حديث رسول الله ... متجدد
من كلمات الإمام الشافعى رحمة الله عليه
إن كنت تغدو في الذنوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيــدا
فلقـد أتاك من المهيمن عـفـوه ... وأفاض من نعم عليك مزيــدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا ... في بطن أمك مضغة ووليــدا
لو شـاء أن تصلى جهنم خالـدا ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيـدا
●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●تعليق
| المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
|---|---|---|---|---|
|
ردود 2
22 مشاهدات
0 معجبون
|
بواسطة الفقير لله 3
|
||
|
ردود 4
22 مشاهدات
0 معجبون
|
بواسطة *اسلامي عزي*
|
||
|
|
ردود 0
13 مشاهدات
0 معجبون
|
بواسطة الفقير لله 3
|
||
|
ردود 0
27 مشاهدات
0 معجبون
|
بواسطة زين الراكعين
|
||
|
|
ردود 0
61 مشاهدات
0 معجبون
|
بواسطة *اسلامي عزي*
|
تعليق