قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }فصلت30
الإستقامة / تلك الكلمة العظيمة في ميزان الشريعة الإسلامية الغراء ...
الإستقامة / هي السير على منهاج الكتاب والسنة والإلتزام به في معاملاتنا الدينية والدنيوية ...
عن أبي عمرو - وقيل أبي عمرة - سفيان ابن عبد الله رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسال عنه أحداً غيرك قال : قل آمنت بالله ثم استقم ] رواه مسلم
ولله سبحانه وتعالى أناس اصطفاهم لسلوك طريق الإستقامة والسير عليه حتى يلقوا ربهم فينعموا بجناتٍ ونهر في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر ـ اللهم اجعلنا منهم ـ
ولله سبحانه وتعالى حِكماً جرت على عباده من بني البشر ـ جهلها من جهلها وعلمها من علمها ـ ...
قال صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم" ...
فالذنب والخطأ أمر ملازم للنفس البشرية وطبيعتها وقد جبلت عليه مهما بلغت النفس من درجات التقى والصلاح ...
ولكن كثير منا ـ إلا من رحم الله سبحانه ـ لا يقدر ذلك ...
مستقيم تحت المجهر
المستقيم محط أنظار العوام من البشر , فخطئه ليس كغيره في ناظر البشر
والناس ينقسمون ـ من خلال خبرتي المتواضعة ـ إلى قسمين في هذا المجال :
مستقيم تحت المجهر
المستقيم محط أنظار العوام من البشر , فخطئه ليس كغيره في ناظر البشر
والناس ينقسمون ـ من خلال خبرتي المتواضعة ـ إلى قسمين في هذا المجال :
القسم الأول /
قسم جعل المستقيم تحت المجهر , يرقُب حركاته وسكناته فلا هم له سوى المستقيم , يترصد أخطائه ويتصيد عثراته ...
فلو أخطأ المستقيم في أمر ما لقامت الدنيا ولم تقعد وفي المقابل لو صدر نفس الخطأ من شخص عادي لكان الأمر عادياً بالنسبة له بل من المحزن أن يرى البعض المنكر منكراً إذا فعله المستقيم بينما لو فعله شخص عادي لم يشنع عليه البتة .. وقد لا يكون في ناظرهم منكراً ..
هذه أخت أعرفها عندما تتضايق من أحد الإخوة تقول :: (( المشكلة أنه ملتزم )) .... فقد ربطت خطئه بالدين ـ
ولو حصل أمر ما تقول ما رأيك يا فلانة وأنت الملتزمة !! ـ رغم تحفظي على لفظ ملتزم ـ لأن الصحيح لفظ / مستقيم ,,,
... تربط الأفعال والآراء بالشخص ذاته ولا تربطها بالدين ....
وهذه ابنة أحد المشائخ لدينا قالت لي أخت ثقة / أنها محط أنظار الفتيات يرقبنها في انتظار خطأ واحد يصدر منها ... بالتأكيد حتى ينسبوا الخطأ لوالدها المستقيم وكيف أنها ابنة شيخ ويصدر منها هذا الفعل ـ الذي قد يكون عادياً ـ لكنه غير مستساغ في أعراف المستقيمين ....
وهذه أخت قامت بتدريس بعض بنات المشائخ في أحد المدارس الحكومية وقد فعلت إحداهن حركة طفولية تناسب سنها فقالت لي تلك الأخت / والله ما توقعتها منها !!! .... سبحان الله وقد كنا في مثل سنها نفعل أكثر منها لكن المحك هنا أنها ابنة الشيخ ....
القسم الثاني /
وهو قسم غالى في المستقيم وخطئه وجانب الصواب والحق ....
وقد انغمس في تقليد المستقيم تقليداً تاماً .. فكل فعل يصدر من المستقيم ـ في نظره ـ هو الحق والصواب ...
ودائماً ما نسمع الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله يردد في أشرطته يعلم تلاميذه فيقول :
( الرجال يعرفون بالدين وليس الدين يعرف بالرجال )
فالمستقيم بشر يخطئ ويصيب نعرض عمله على الكتاب والسنة فإن وافقهما قبلناه وإن كان غير ذلك رددناه فكل إنسان يؤخذ منه ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم ... ولا يحقر ولا يعاب عليه خطئه لأنه مستقيم بل يعاب عليه فعله لأنه خطأ في منظور الشرع فقط ...
ويناصح في الله عز وجل ويُبين له الحق ,,, وهو أحرى وأجدر من غيره لقبول الحق ـ بحول الله ـ
وقد كنت ذات يوم استمع لأحد الأشرطة لعالم دعوي بارز في بلادنا الحبيبة وإذا به يسخر من أحدهم ـ وقد عينه وذكر اسمه ـ فلا مجال لأن نقول " لا غيبة لمجهول " ,,, وليس هناك سبب لفعله وقوله ...
لكن ولله الحمد والمنة ما اتبعته وظنيت أن الأمر عادياً ... بل قلت في نفسي " بشر يخطئ ويصيب "
وفي بداية دراستي الجامعية ـ قبل الإستقامة ـ تعرفت على أخت تظهر عليها علامات الصلاح من لبس حجاب ساتر وصلاة ... لكن للأسف الشديد كانت كثيرة الغيبة .... ومن جهلي وقلة علمي الشرعي ظننت أنها قدوة وقلت في نفسي : إذا كانت بهذه المواصفات وتفعل كذا فأظن أن الأمر لا بأس به ... وكلما تذكرت ذلك الأمر اعتصرني الألم وحمدت الله أن علمني من جهل ....
ومن أروع المشاهد في هذا الباب ما رأيته من أخت قالت وهي ترفع كتاب الله بيدها : لماذا أجعل إمام المسجد قدوتي أنا عندي الكتاب والسنة ...
ونحن نقتدي بالصالحين بما وافق شرع الله فقط .....
حتى الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا معصومين من الخطأ ـ فما عصم الله أحداً سوى الأنبياء ـ والقصص في السير كثيرة في هذا المجال .... لكن رغم كل ذلك ما زالت مكانتهم رضوان الله عليهم محفوظة في الصدور ..وقبلها هم التوابون الأوابون العائدون إلى الله عز وجل مهما صغر ذنبهم رضوان الله عليهم ...
وفي نظري أنه في هذا الزمان ليس هناك إنسان ـ بعد النبي صلى الله عليه وسلم ـ قدوة بشكل كامل .... فكل إنسان يؤخذ منه ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم .... فنمرر فعل الصالحين المستقيمين على الكتاب والسنة فما وافقها أخذنا به وما خالفها رددناه ...
ونحن هنا لا نسوغ للمستقيم الخطأ ولا نبيحه له بل ونبرأ إلى الله من ذلك القول والفعل ...
لكن نطالب بالعدل والإنصاف والإتزان وعدم الإفراط أوالتفريط من قبل المستقيم والمجتمع
نقلا عن صيد الفوائد *بتصرف*
تعليق