بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النص الإنجيليّ والنقد الكتابي
إنّ الأناجيل نفسها تشجّع عملية النقد. فالقارئ العادي يشعر بوجود اختلافات بين الإنجيليين في سرد الحادثة الواحدة . وعمل النقد هو تفسير تلك الاختلافات من جهة، وإدراك رؤية يسوع كما كان يراه معاصروه (مسيح التاريخ) من جهة أخرى. (صـ ٥)
*****
مراحل تكوين النص الإنجيلي
2 - مرحلة التقليد الشفهي: وهي المرحلة التي تلي القيامة مباشرة، أي ما نادت به الكنيسة مباشرة عن المسيح بعد القيامة، وهي شهادة إيمان أعلنتها الكنيسة الأولى.
3 - مرحلة كتابة محتملة : محتمل أن يكون قد كوّنت كتابات أوّليّة قبل الأناجيل الأربعة أي إنجيل قبل الأناجيل.
4- مرحلة بولس الرسول: عندما بدأت الجماعات الوثنيّة، التي يختلف تراثها عن تراث جماعة فلسطين تدخل الدين المسيحيّ؛ قام بولس الرسول بدور كبير لنقل الرسالة المسيحيّة إلى هذه الجماعات الجديدة.
5- المرحلة الكتابيّة: وهي المرحلة التي كتب فيها الإنجيليّون أناجيلهم مع الانتباه إلى:
أ- ما أخذوه من التقليد الشفهي الرسولي.
ب- ما أخذوه من المصادر الكتابيّة السابقة لكتاباتهم. (صـ ١٠)
*****
سبب الاختلاف بين النصوص
1 - السبب الجغرافي إنّ اختلاف البيئة الجغرافية يؤدّي إلى اختلاف طريقة سرد حديث يسوع او عمله .
متى (7: 24ــ25) "كمثل رجل عاقل بنى بيته على الصخر فنزل المطر وسالت الأودية وعصفت الرياح).
لوقا (6: 48) "يشبه رجلًا بنى بيتا فحفر وعمّق الحفر ثمّ وضع الأساس على الصخر، فلمّا فاضت المياه اندفع النهر".
فاختلاف المفردات في هاتين الآيتين يعود إلى الاختلاف في بيئة الإنجيليين الجغرافية.
3 - السبب التاريخي
إنّ الاختلاف في البيئة التاريخيّة يؤثّر في طريقة عرض أقوال يسوع أو أعماله. فالأناجيل الإزائية أكثر تشبعاً بالعقلية
السامية السائدة في النصف الأول من القرن الأول، في حين أنّ يوحنّاء صاغ إنجيله بلغة عصره (النصف الثاني) المتشبع بفلسفة العرفان «الغنوصيّة».
3 - إختلاف الجمهور
وكذلك اختلاف الجمهور الموجّه إليه الإنجيل يؤدّي إلى الاختلاف في المفردات المستعملة. فالجمهور الفلسطينيّ سليل تراث ألفي سنة من عقلية العهد القديم، والجمهور الوثنيّ سليل الثقافة اليونانية؛ فاختلاف السامعين يؤدّي إلى اختلاف طريقة العرض . (صـ ١٤، ١٥)
*****
ب- نقد النصوص : (إقرار النص الأصليّ)
يحاول العلماء عبر مختلف المخطوطات الوصول إلى نص أقرب ما يمكن إلى النص الأصلي بالاستعانة بكتابات الآباء وبترجمات العهد الجديد المختلفة.
2 - النقد الداخليّ
أ- نقد التأثيرات: معرفة ما أثرت به الثقافات الأخرى في مفردات صياغة العهد الجديد الأولى (وخاصة عند دخولالشعوب الوتنيه في الدين الجديد) .
ب - النقد الشكلي: محاولة تحديد دور الجماعة المسيحيّة الأولى في رواية الأحداث.
ج - نقد الإنشاء الأدبيّ: محاولة تحديد دور الإنجيليين في تدوين النصوص الإنجيليّة.
النقد المصدري: تحديد المصادر التي استقى منها الإنجيليّون في تدوين رواياتهم الإنجيليّة. (صـ ١٨)
*****
النقد الخارجيّ
المخطوطات وإقرار النص الإنجيليّ
أوَلَا - المخطوطات
بلغنا أن العهد الجديد بأسفاره السبعة والعشرين في عدد كبير من المخطوطات المحفوظة في مكتبات العالم، وهناك أكثر من خمسة آلاف مخطوط وكلها باللغة اليونانية أقدمها على أوراق البردي والآخر على الرقّ.
البرد (من ليف الشجر): لدينا أجزاء من العهد الجديد بعضها صغير.
- الرق (جلد خروف أو معز): راج منذ القرن الرابع، وأهم المخطوطات لدينا الفاتيكانيّ والسينائي وهما بشكل ملف أو مجلّدات.
كان الكتاب يُنسخ نُسخ اليد في بداية العصر المسيحيّ وكانوا ينسخون بأدوات كتابة بدائيّة، عن نُسخ منسوخة، ولقد أدخل النساخ الكثير من التبديل والتعديل على النصوص وتراكُمّ بعضه على بعضه الآخر ، فكان النص الذي وصل آخر الأمر مثقلا بألوان التبديل التي ظهرت في عدد كبير من القراءات؛ فما إن يصدر كتاب جديد حتى تنشر له نسخات مشحونة بالأغلاط .(صـ ٢٢، ٢٣)
*****
فالنصوص بخط أصحابها قد ضاعت، وليتقرّر النص الأوّل علينا الرجوع إلى نسخات عنه وصلت إلينا، فهي الشهود الباقية له، وأهم ما وصل من نسخ العهد الجديد:
1 - بردي من منتصف القرن الثاني: يحوي جزءا من رواية الآلام بحسب إنجيل يوحنّا ويُعَدّ أقدم مخطوط نعرفه يعود الى الأعوام 150 -130. وهذا المخطوط يوافق كل
الموافقة مخطوطات القرن الرابع والخامس الكاملة التي يعتمد عليها اليوم في الترجمة.
3 – برديّات من القرن الثالث: تحوي الفصلين 2 و 15 ليوحنّا والفصل 14 للوقا مع اختلافات طفيفة عن مخطوطات القرن الرابع والخامس.
4- مخطوطات القرن 4 و 5: بعد العام 313 كثرت المخطوطات الكاملة لنص العهد الجديد، وأهم هذه المخطوطات الكاملة والمعتمدة للترجمة (وهي ذات فنّ جيّد من الزخرفة) هي:
أ- المخطوط الفاتيكاني : سمي كذلك لأنّه محفوظ في مكتبة الفاتيكان، فيه بعض الأضرار ويحتوي على العهد الجديد (ما عدا الرسالة إلى العبرانيين 14 / 9 ــ 25 / 13 والرسالتين إلى تيموثاوس والرسائل إلى تيطس وفيلمون والرؤيا وهو يعود إلى منتصف القرن الرابع.(صـ ٢٤)
*****
ب- المخطوط السينائي: عثر عليه في دير القديسة كاترينا، والعهد الجديد فيه كامل لا بل مضاف إليه الرسالة إلى برنابا وجزء من الراعي، لهرماس، والمجلد في المتحف البريطاني بلندن وهو يعود إلى منتصف القرن الرابع، وعثر عليه في العام 1859.
ج - مخطوطات أخرى:
(مجلّد بيزا القرن الخامس): لا يحتوي إلا على الأناجيل وأعمال الرسل، ونص أعمال الرسل يختلف قليلًا عن النص العادي.
(مجلد فرير، القرن الخامس): وهو يحتوي على الأناجيل فقط.
وهناك المجلد الإسكندريّ، ق. 5) و(مجلّد أفرام ق. 5). في هذه المخطوطات طائفة من الفوارق والاختلافات لا يتناول بعضها سوى قواعد الصرف والنحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام، لكن هناك فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمّتها .
وهناك قراءات متعدّدة للآيات. ففي بعض مخطوطات أعمال الرسل قراءات يختلف بعضها عن بعض كثيرًا، فمنها مَنْ يطيل النص مضيفًا إليه جملاً عديدة تأتي في كلّ سطر منه بتفاصيل جديدة ومهمّة .(صـ ٢٥)
*****
ولدينا الأنواع التالية من الأخطاء :
1- أخطاء جسيمة وواضحة: مثلا في لوقا 8/15 "...لا توقد سراجا وتكنس البيت . ..).
الترجمة الدارجة جاءت Evertit domum أي قوّضت البيت .
والصواب Everit dommum أي كنست البيت.
2 - أخطاء محتملة الصواب: وأحيانًا تكون القراءات المتعارضة محتملة الصواب كلّها .
3- أخطاء سهو : متى 35/ 23 الخطأ «زكريا بن بكريا والصواب «زكريا (فقط) .
لوقا. 44/4 الخطأ "مجامع اليهودية"والصواب «مجامع الجليل».
ثانيًا – النقد الخارجي
إقرار النص الإنجيليّ
نحن لا نملك نصوص الأناجيل الأصليّة، فهذه النصوص نسخت وحصلت أخطاء فيها أثناء النسخ، وغالبا ما نقع على قراءات متعدّدة للآية الواحدة عبر مختلف المخطوطات التي وصلت إلينا. فأية قراءة نعتمد؟..(صـ ٢٦)
*****
لذلك يتحتّم علينا الركون إلى علم نقد النصوص للوصول عبر مختلف المخطوطات إلى النص الأصلي.
فعلم نقد النصوص يهدف إلى الوصول إلى أقرب ما يمكن من الأصل الأوّل، وأوّل عمل له هو النظر في جميع نسخ النص بحيث تحصى وترتب جميع الوثائق التي يرد فيها نص العهد الجديد كله أو بعضه، ولا يقتصر الأمر على مراجعة الكتب المخطوطة باليونانيّة، بل تُراجع جميع الكتب التي تحتوي على ترجمة العهد الجديد التي استعملها المسيحيون في القرون الأولى (اللاتينية - السريانية - القبطيَّة) فهي تشهد على حالة للنص أقدم ممّا يمكن الوصول إليه بمراجعة أقدم الأصول اليونانية.
وعرفت المسيحيّة ترجمات للكتاب (اللاتينيّة والسريانيّة والقبطية) في أثناء القرون الثلاثة الأولى بدءًا من نصف القرن الثاني (160 ــ 180 ).
ولكن «كلّ ترجمة خائنة ، لأنه من الصعب في الترجمة أن ننقل بدقة دقائق النص الأصليّ. ففي الكتاب المقدّس ثلاث لغات (العبريّة - الآرامية - اليونانيّة) والعهد الجديد كله وصل باليونانيّة العامّيّة ما عدا كتاب «لوقا»: (الإنجيل والأعمال) و(الرسالة إلى العبرانيين) التي كتبت بيونانية فصحى.(صـ ٢٧)
*****
بالإضافة إلى مراجعة الكتب المخطوطة باليونانية والترجمات القديمة، يحاول علماء نقد النصوص الإفادة من مؤلَّفات آباء الكنيسة في شواهد كثيرة جدًا, أخذت من العهد الجديد، وتمكن العلماء من التوصّل إلى النص كما كان قبل أقدم الترجمات.
ولكن من محاذير الاستعانة بشواهد الآباء، أنّهم كانوا يستشهدون بالكتاب المقدّس في أغلب الأحيان عن ظهر قلب ومن غير أن يراعوا الدقة العلميَّة مراعاة كبيرة.
ومما ورد في كتب الآباء من شواهد هناك ما هو للقدّيس يوستينوس في منتصف القرن الثاني، إذ استشهد بالإنجيل وقال على لسان يسوع «سأحاكمكم على النحو الذي أجدكم فيها. فهذا القول لا يرد في الأناجيل الأربعة ولذلك يغلب الظنّ على أنّه استقاه من التقليد الشفهي.
مثال: مثل العملة ( متى 1/ 20 ــ 16) يوجه يسوع كلامه إلى اليهود وبنوع خاص إلى الفريسيين وقد تعثروا بأنّه يرحب بالخاطئين. إنّهم يتحملون مشقة كبيرة في ممارسة الشريعة فيبدو لهم من الظلم أن لا تكون مكافأتهم أعظم من مكافأة سائر الناس نظرًا إلى استحقاقاتهم، فيجيبهم يسوع : «لا تقاس المكافأة باستحقاقات الإنسان بل بكرم الله».فى بعض المخطوطات ثمّة إضافة
في الآية 16 «الأنّ كثيرين يُذعَون وقليلين يُنتخبون » وهي تظهر بمظهر النتيجة .
فنحن أمام نتيجة غير منطقيّة لأنّها لا تتناسب مع مضمون النص، ولأنّ الجميع قد أتوا. وهذه الآية غير مذكورة في مخطوطات أخرى فهي على الأغلب مضافة في وقت لاحق.
فلذلك تم حذفها من بعض نسخ العهد الجديد المتداولة حاليًا.(صـ ٢٨، ٢٩)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النص الإنجيليّ والنقد الكتابي
إنّ الأناجيل نفسها تشجّع عملية النقد. فالقارئ العادي يشعر بوجود اختلافات بين الإنجيليين في سرد الحادثة الواحدة . وعمل النقد هو تفسير تلك الاختلافات من جهة، وإدراك رؤية يسوع كما كان يراه معاصروه (مسيح التاريخ) من جهة أخرى. (صـ ٥)
*****
مراحل تكوين النص الإنجيلي
2 - مرحلة التقليد الشفهي: وهي المرحلة التي تلي القيامة مباشرة، أي ما نادت به الكنيسة مباشرة عن المسيح بعد القيامة، وهي شهادة إيمان أعلنتها الكنيسة الأولى.
3 - مرحلة كتابة محتملة : محتمل أن يكون قد كوّنت كتابات أوّليّة قبل الأناجيل الأربعة أي إنجيل قبل الأناجيل.
4- مرحلة بولس الرسول: عندما بدأت الجماعات الوثنيّة، التي يختلف تراثها عن تراث جماعة فلسطين تدخل الدين المسيحيّ؛ قام بولس الرسول بدور كبير لنقل الرسالة المسيحيّة إلى هذه الجماعات الجديدة.
5- المرحلة الكتابيّة: وهي المرحلة التي كتب فيها الإنجيليّون أناجيلهم مع الانتباه إلى:
أ- ما أخذوه من التقليد الشفهي الرسولي.
ب- ما أخذوه من المصادر الكتابيّة السابقة لكتاباتهم. (صـ ١٠)
*****
سبب الاختلاف بين النصوص
1 - السبب الجغرافي إنّ اختلاف البيئة الجغرافية يؤدّي إلى اختلاف طريقة سرد حديث يسوع او عمله .
متى (7: 24ــ25) "كمثل رجل عاقل بنى بيته على الصخر فنزل المطر وسالت الأودية وعصفت الرياح).
لوقا (6: 48) "يشبه رجلًا بنى بيتا فحفر وعمّق الحفر ثمّ وضع الأساس على الصخر، فلمّا فاضت المياه اندفع النهر".
فاختلاف المفردات في هاتين الآيتين يعود إلى الاختلاف في بيئة الإنجيليين الجغرافية.
3 - السبب التاريخي
إنّ الاختلاف في البيئة التاريخيّة يؤثّر في طريقة عرض أقوال يسوع أو أعماله. فالأناجيل الإزائية أكثر تشبعاً بالعقلية
السامية السائدة في النصف الأول من القرن الأول، في حين أنّ يوحنّاء صاغ إنجيله بلغة عصره (النصف الثاني) المتشبع بفلسفة العرفان «الغنوصيّة».
3 - إختلاف الجمهور
وكذلك اختلاف الجمهور الموجّه إليه الإنجيل يؤدّي إلى الاختلاف في المفردات المستعملة. فالجمهور الفلسطينيّ سليل تراث ألفي سنة من عقلية العهد القديم، والجمهور الوثنيّ سليل الثقافة اليونانية؛ فاختلاف السامعين يؤدّي إلى اختلاف طريقة العرض . (صـ ١٤، ١٥)
*****
ب- نقد النصوص : (إقرار النص الأصليّ)
يحاول العلماء عبر مختلف المخطوطات الوصول إلى نص أقرب ما يمكن إلى النص الأصلي بالاستعانة بكتابات الآباء وبترجمات العهد الجديد المختلفة.
2 - النقد الداخليّ
أ- نقد التأثيرات: معرفة ما أثرت به الثقافات الأخرى في مفردات صياغة العهد الجديد الأولى (وخاصة عند دخولالشعوب الوتنيه في الدين الجديد) .
ب - النقد الشكلي: محاولة تحديد دور الجماعة المسيحيّة الأولى في رواية الأحداث.
ج - نقد الإنشاء الأدبيّ: محاولة تحديد دور الإنجيليين في تدوين النصوص الإنجيليّة.
النقد المصدري: تحديد المصادر التي استقى منها الإنجيليّون في تدوين رواياتهم الإنجيليّة. (صـ ١٨)
*****
النقد الخارجيّ
المخطوطات وإقرار النص الإنجيليّ
أوَلَا - المخطوطات
بلغنا أن العهد الجديد بأسفاره السبعة والعشرين في عدد كبير من المخطوطات المحفوظة في مكتبات العالم، وهناك أكثر من خمسة آلاف مخطوط وكلها باللغة اليونانية أقدمها على أوراق البردي والآخر على الرقّ.
البرد (من ليف الشجر): لدينا أجزاء من العهد الجديد بعضها صغير.
- الرق (جلد خروف أو معز): راج منذ القرن الرابع، وأهم المخطوطات لدينا الفاتيكانيّ والسينائي وهما بشكل ملف أو مجلّدات.
كان الكتاب يُنسخ نُسخ اليد في بداية العصر المسيحيّ وكانوا ينسخون بأدوات كتابة بدائيّة، عن نُسخ منسوخة، ولقد أدخل النساخ الكثير من التبديل والتعديل على النصوص وتراكُمّ بعضه على بعضه الآخر ، فكان النص الذي وصل آخر الأمر مثقلا بألوان التبديل التي ظهرت في عدد كبير من القراءات؛ فما إن يصدر كتاب جديد حتى تنشر له نسخات مشحونة بالأغلاط .(صـ ٢٢، ٢٣)
*****
فالنصوص بخط أصحابها قد ضاعت، وليتقرّر النص الأوّل علينا الرجوع إلى نسخات عنه وصلت إلينا، فهي الشهود الباقية له، وأهم ما وصل من نسخ العهد الجديد:
1 - بردي من منتصف القرن الثاني: يحوي جزءا من رواية الآلام بحسب إنجيل يوحنّا ويُعَدّ أقدم مخطوط نعرفه يعود الى الأعوام 150 -130. وهذا المخطوط يوافق كل
الموافقة مخطوطات القرن الرابع والخامس الكاملة التي يعتمد عليها اليوم في الترجمة.
3 – برديّات من القرن الثالث: تحوي الفصلين 2 و 15 ليوحنّا والفصل 14 للوقا مع اختلافات طفيفة عن مخطوطات القرن الرابع والخامس.
4- مخطوطات القرن 4 و 5: بعد العام 313 كثرت المخطوطات الكاملة لنص العهد الجديد، وأهم هذه المخطوطات الكاملة والمعتمدة للترجمة (وهي ذات فنّ جيّد من الزخرفة) هي:
أ- المخطوط الفاتيكاني : سمي كذلك لأنّه محفوظ في مكتبة الفاتيكان، فيه بعض الأضرار ويحتوي على العهد الجديد (ما عدا الرسالة إلى العبرانيين 14 / 9 ــ 25 / 13 والرسالتين إلى تيموثاوس والرسائل إلى تيطس وفيلمون والرؤيا وهو يعود إلى منتصف القرن الرابع.(صـ ٢٤)
*****
ب- المخطوط السينائي: عثر عليه في دير القديسة كاترينا، والعهد الجديد فيه كامل لا بل مضاف إليه الرسالة إلى برنابا وجزء من الراعي، لهرماس، والمجلد في المتحف البريطاني بلندن وهو يعود إلى منتصف القرن الرابع، وعثر عليه في العام 1859.
ج - مخطوطات أخرى:
(مجلّد بيزا القرن الخامس): لا يحتوي إلا على الأناجيل وأعمال الرسل، ونص أعمال الرسل يختلف قليلًا عن النص العادي.
(مجلد فرير، القرن الخامس): وهو يحتوي على الأناجيل فقط.
وهناك المجلد الإسكندريّ، ق. 5) و(مجلّد أفرام ق. 5). في هذه المخطوطات طائفة من الفوارق والاختلافات لا يتناول بعضها سوى قواعد الصرف والنحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام، لكن هناك فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمّتها .
وهناك قراءات متعدّدة للآيات. ففي بعض مخطوطات أعمال الرسل قراءات يختلف بعضها عن بعض كثيرًا، فمنها مَنْ يطيل النص مضيفًا إليه جملاً عديدة تأتي في كلّ سطر منه بتفاصيل جديدة ومهمّة .(صـ ٢٥)
*****
ولدينا الأنواع التالية من الأخطاء :
1- أخطاء جسيمة وواضحة: مثلا في لوقا 8/15 "...لا توقد سراجا وتكنس البيت . ..).
الترجمة الدارجة جاءت Evertit domum أي قوّضت البيت .
والصواب Everit dommum أي كنست البيت.
2 - أخطاء محتملة الصواب: وأحيانًا تكون القراءات المتعارضة محتملة الصواب كلّها .
3- أخطاء سهو : متى 35/ 23 الخطأ «زكريا بن بكريا والصواب «زكريا (فقط) .
لوقا. 44/4 الخطأ "مجامع اليهودية"والصواب «مجامع الجليل».
ثانيًا – النقد الخارجي
إقرار النص الإنجيليّ
نحن لا نملك نصوص الأناجيل الأصليّة، فهذه النصوص نسخت وحصلت أخطاء فيها أثناء النسخ، وغالبا ما نقع على قراءات متعدّدة للآية الواحدة عبر مختلف المخطوطات التي وصلت إلينا. فأية قراءة نعتمد؟..(صـ ٢٦)
*****
لذلك يتحتّم علينا الركون إلى علم نقد النصوص للوصول عبر مختلف المخطوطات إلى النص الأصلي.
فعلم نقد النصوص يهدف إلى الوصول إلى أقرب ما يمكن من الأصل الأوّل، وأوّل عمل له هو النظر في جميع نسخ النص بحيث تحصى وترتب جميع الوثائق التي يرد فيها نص العهد الجديد كله أو بعضه، ولا يقتصر الأمر على مراجعة الكتب المخطوطة باليونانيّة، بل تُراجع جميع الكتب التي تحتوي على ترجمة العهد الجديد التي استعملها المسيحيون في القرون الأولى (اللاتينية - السريانية - القبطيَّة) فهي تشهد على حالة للنص أقدم ممّا يمكن الوصول إليه بمراجعة أقدم الأصول اليونانية.
وعرفت المسيحيّة ترجمات للكتاب (اللاتينيّة والسريانيّة والقبطية) في أثناء القرون الثلاثة الأولى بدءًا من نصف القرن الثاني (160 ــ 180 ).
ولكن «كلّ ترجمة خائنة ، لأنه من الصعب في الترجمة أن ننقل بدقة دقائق النص الأصليّ. ففي الكتاب المقدّس ثلاث لغات (العبريّة - الآرامية - اليونانيّة) والعهد الجديد كله وصل باليونانيّة العامّيّة ما عدا كتاب «لوقا»: (الإنجيل والأعمال) و(الرسالة إلى العبرانيين) التي كتبت بيونانية فصحى.(صـ ٢٧)
*****
بالإضافة إلى مراجعة الكتب المخطوطة باليونانية والترجمات القديمة، يحاول علماء نقد النصوص الإفادة من مؤلَّفات آباء الكنيسة في شواهد كثيرة جدًا, أخذت من العهد الجديد، وتمكن العلماء من التوصّل إلى النص كما كان قبل أقدم الترجمات.
ولكن من محاذير الاستعانة بشواهد الآباء، أنّهم كانوا يستشهدون بالكتاب المقدّس في أغلب الأحيان عن ظهر قلب ومن غير أن يراعوا الدقة العلميَّة مراعاة كبيرة.
ومما ورد في كتب الآباء من شواهد هناك ما هو للقدّيس يوستينوس في منتصف القرن الثاني، إذ استشهد بالإنجيل وقال على لسان يسوع «سأحاكمكم على النحو الذي أجدكم فيها. فهذا القول لا يرد في الأناجيل الأربعة ولذلك يغلب الظنّ على أنّه استقاه من التقليد الشفهي.
مثال: مثل العملة ( متى 1/ 20 ــ 16) يوجه يسوع كلامه إلى اليهود وبنوع خاص إلى الفريسيين وقد تعثروا بأنّه يرحب بالخاطئين. إنّهم يتحملون مشقة كبيرة في ممارسة الشريعة فيبدو لهم من الظلم أن لا تكون مكافأتهم أعظم من مكافأة سائر الناس نظرًا إلى استحقاقاتهم، فيجيبهم يسوع : «لا تقاس المكافأة باستحقاقات الإنسان بل بكرم الله».فى بعض المخطوطات ثمّة إضافة
في الآية 16 «الأنّ كثيرين يُذعَون وقليلين يُنتخبون » وهي تظهر بمظهر النتيجة .
فنحن أمام نتيجة غير منطقيّة لأنّها لا تتناسب مع مضمون النص، ولأنّ الجميع قد أتوا. وهذه الآية غير مذكورة في مخطوطات أخرى فهي على الأغلب مضافة في وقت لاحق.
فلذلك تم حذفها من بعض نسخ العهد الجديد المتداولة حاليًا.(صـ ٢٨، ٢٩)