قصتان مختلفتان عن سبب سفر سيدنا يعقوب بعيدا عن أهله بسفر التكوين سببه تعدد المصادر

[أكرمنى ربى بالاسلام]

هل سافر سيدنا يعقوب إلى فدان آرام من أجل أن يجد زوجة أم بسبب هروبه من أخيه بعد أن سرق بركته

المقدمة :-
سبق وأن تحدثت عن نظريات تعدد مصادر العهد القديم وأن السفر الواحد كان يجمع أكثر من شكل للقصة ، والسبب فى ذلك هو ضياع الحقيقة من بنى اسرائيل فى الفترة الهلنستية فكان لكل طائفة شكل مختلف للقصة حيث عرفت تلك الفترة فى بنى اسرائيل بتعدد الطوائف المختلفة المذاهب والمعتقدات ، ولكن تم بعد ذلك تجميع تلك الأشكال ودمجها معا لارضاء كافة الأطراف ، فأين الحق ؟؟
لا أحد يمكن أن يعلم من خلال هذا الكتاب
كما سبق وأن عرضت كيف أن قصة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام بسفر التكوين ضمت أكثر من شكل تم دمجهم معا
وفى هذا الموضوع ان شاء الله سوف أوضح تعدد المصادر فى قصة سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام بسفر التكوين
وبالتحديد في قصة حصوله على البركة
فأحد المصادر جعلته يسرق البركة من أخيه الذي أراد قتله
وشكل آخر للقصة تجعله يحصل على البركة بشكل عادي و يسافر إلى آرام ليس هربا من أخيه ولكن للبحث عن زوجة

[أكرمنى ربى بالاسلام]

• 1- الشكل الأول للقصة فى سبب ذهاب سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام إلى فدان آرام هربا من أخيه عيسو بعد أن خدع والده و سرق بركة عيسو :-

فنقرأ من سفر التكوين :-
27 :6 و اما رفقة فكلمت يعقوب ابنها قائلة اني قد سمعت اباك يكلم عيسو اخاك قائلا
27 :7 ائتني بصيد و اصنع لي اطعمة لاكل و اباركك امام الرب قبل وفاتي
27 :8 فالان يا ابني اسمع لقولي في ما انا امرك به
27 :9 اذهب الى الغنم و خذ لي من هناك جديين جيدين من المعزى فاصنعهما اطعمة لابيك كما يحب
27 :10 فتحضرها الى ابيك لياكل حتى يباركك قبل وفاته

ثم نقرأ :-
27 :19 فقال يعقوب لابيه انا عيسو بكرك قد فعلت كما كلمتني قم اجلس و كل من صيدي لكي تباركني نفسك
27 :20 فقال اسحق لابنه ما هذا الذي اسرعت لتجد يا ابني فقال ان الرب الهك قد يسر لي

ثم نقرأ :-
27 :26 فقال له اسحق ابوه تقدم و قبلني يا ابني
27 :27 فتقدم و قبله فشم رائحة ثيابه و باركه و قال انظر رائحة ابني كرائحة حقل قد باركه الرب
27 :28 فليعطك الله من ندى السماء و من دسم الارض و كثرة حنطة و خمر
27 :29 ليستعبد لك شعوب و تسجد لك قبائل كن سيدا لاخوتك و ليسجد لك بنو امك ليكن لاعنوك ملعونين و مباركوك مباركين

ثم نقرأ :-
27 :41 فحقد عيسو على يعقوب من اجل البركة التي باركه بها ابوه و قال عيسو في قلبه قربت ايام مناحة ابي فاقتل يعقوب اخي
27 :42 فاخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الاكبر فارسلت و دعت يعقوب ابنها الاصغر و قالت له هوذا عيسو اخوك متسل من جهتك بانه يقتلك
27 :43 فالان يا ابني اسمع لقولي و قم اهرب الى اخي لابان الى حاران
27 :44 و اقم عنده اياما قليلة حتى يرتد سخط اخيك
27 :45 حتى يرتد غضب اخيك عنك و ينسى ما صنعت به ثم ارسل فاخذك من هناك لماذا اعدم اثنيكما في يوم واحد


يعني من المفروض أن سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام ذهب من أجل أن يهدأ غضب أخيه وألا يقتله ولكن الإشكالية في النصوص بعد ذلك أننا لا نرى مواجهة سيدنا اسحاق لابنه سيدنا يعقوب لخداعه له ، وكأن قصة الخداع وسرقة البركة لم تحدث

[أكرمنى ربى بالاسلام]

• 2- شكل آخر للقصة يقول لنا أن سبب ذهاب سيدنا يعقوب إلى فدان آرام ليتزوج من هناك ويرضى والديه :-

لا نرى في هذا الشكل من القصة أي شئ يتعلق بالشكل السابق وهو سرقة نعمة عيسو

حيث لا نرى فى حديث رفقة مع زوجها (سيدنا اسحاق عليه الصلاة والسلام) أي شئ عن رغبة عيسو أن يقتل أخيه يعقوب بسبب سرقة بركته ولكنها لا تفكر إلا في مسألة تزويج سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام و أن يذهب إلى آرام ليتزوج من فتاة ترضى عنها ولا تكون زيجته مثل زيجة أخيه عيسو

فنقرأ من سفر التكوين :-
27 :46 و قالت رفقة لاسحق مللت حياتي من اجل بنات حث ان كان يعقوب ياخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الارض فلماذا لي حياة
28 :1 فدعا اسحق يعقوب و باركه و اوصاه و قال له لا تاخذ زوجة من بنات كنعان
28 :2 قم اذهب الى فدان ارام الى بيت بتوئيل ابي امك و خذ لنفسك زوجة من هناك من بنات لابان اخي امك
28 :3 و الله القدير يباركك و يجعلك مثمرا و يكثرك فتكون جمهورا من الشعوب
28 :4 و يعطيك بركة ابراهيم لك و لنسلك معك لترث ارض غربتك التي اعطاها الله لابراهيم
28 :5 فصرف اسحق يعقوب فذهب الى فدان ارام الى لابان بن بتوئيل الارامي اخي رفقة ام يعقوب و عيسو

[أكرمنى ربى بالاسلام]

• 3- الدليل أنها شكل آخر للقصة هو أننا نجد سيدنا اسحاق يبارك سيدنا يعقوب وكأنه لم يباركه قبل ذلك :-

أحد الأدلة على أنه شكل آخر لقصة ذهاب سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام إلى آرام هو المباركة الثانية
فنجد في الأعداد (تكوين 28: 1 - 3-4) أن سيدنا اسحاق يبارك ابنه سيدنا يعقوب وهو يعي جيدا أنه يعقوب وليس عيسو ، وهذا غريب !!

ألم يباركه قبل ذلك ، فلماذا يباركه مرة أخرى ؟؟!!!!

كان من المفروض أن يكون غاضب منه لخداعه له واستغلاله لظروفه المرضية وسرقة أخيه الأكبر
ولكن بدلا من ذلك نجده راضى عنه و يباركه ، بل انه حتى لا يقول له (غفرت لك يا ابنى ما فعلته ...الخ)

فأين مغفرته ؟؟!!!!
لا يوجد
السبب في ذلك لأن تلك الأعداد كانت شكل آخر لقصة ذهاب سيدنا يعقوب لفدان آرام

[أكرمنى ربى بالاسلام]

• 4- دليل آخر يثبت أنه شكل آخر للقصة نجده عندما نرى أن عيسو عندما عرف أن أخيه يعقوب أخذ بركة من أبيه بسبب طاعته لوالديه في اختيار الزوجة فأراد أن يرضيهم هو أيضا :-

نقرأ من سفر التكوين :-
28 :6 فلما راى عيسو ان اسحق بارك يعقوب و ارسله الى فدان ارام لياخذ لنفسه من هناك زوجة اذ باركه و اوصاه قائلا لا تاخذ زوجة من بنات كنعان
28 :7 و ان يعقوب سمع لابيه و امه و ذهب الى فدان ارام
28 :8 راى عيسو ان بنات كنعان شريرات في عيني اسحق ابيه
28 :9 فذهب عيسو الى اسماعيل و اخذ محلة بنت اسماعيل بن ابراهيم اخت نبايوت زوجة له على نسائه

هذا غريب
ألم تكن البركة التي حصل عليها سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام بسبب السرقة وليس بسبب طاعته لوالديه !!!
ثم إذا كان سيدنا يعقوب حصل على البركة و انتهى الأمر لماذا يسعى عيسو لإرضاء والديه فيتزوج من ابنة عمه اسماعيل ؟؟!!!

أليس هذا معناه أن هذا شكل مختلف للقصة لم يكن فيها سرقة بركة ولكن كان فيها إرضاء الوالدين سبب الحصول على البركة لذلك أراد عيسو إرضاء والديه باختيار زوجة صالحة حتى يحصل هو أيضا على رضا وبركة والده مثل أخيه يعقوب

[أكرمنى ربى بالاسلام]

• 5 - لماذا قصة زواج عيسو ثم تقطعها قصة سرقة سيدنا يعقوب للنعمة ثم نعود مرة أخرى لقصة الزواج ، فإذا حذفنا النصوص والقصص الدخيلة سنجد القصة أكثر تماسكا :-

ما يثبت أن قصة قيام سيدنا يعقوب بسرقة نعمة عيسو هي قصة تم اقحامها على النص هو أن تلك القصة تقطع تسلسل قصة الزواج
حيث نرى في البداية قيام عيسو بالزواج من امرأتين حيثيتين بما يسبب مرارة لوالديه (تكوين 26: 34 - 35)

المفروض بعد ذلك أن يتم استكمال القصة بقيام الوالدين بإرسال سيدنا يعقوب ليتزوج من فتاة من عائلة يعرفونها حتى لا يتكرر ما حدث مع عيسو و هذا يدفع عيسو للزواج من ابنة سيدنا اسماعيل

ولكن هذا التسلسل المفروض لا يبدأ إلا في العدد (تكوين 27: 46) حيث يتم قطعه بقصة سرقة النعمة و التي إذا حذفناها سنجد النصوص أكثر سلاسة و تماسك


سنقرأ النص بعد حذف قصة سرقة النعمة الدخيلة على النص:-
26 :34 و لما كان عيسو ابن اربعين سنة اتخذ زوجة يهوديت ابنة بيري الحثي و بسمة ابنة ايلون الحثي
26 :35 فكانتا مرارة نفس لاسحق و رفقة
27 :46 و قالت رفقة لاسحق مللت حياتي من اجل بنات حث ان كان يعقوب ياخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الارض فلماذا لي حياة
28 :1 فدعا اسحق يعقوب و باركه و اوصاه و قال له لا تاخذ زوجة من بنات كنعان
28 :2 قم اذهب الى فدان ارام الى بيت بتوئيل ابي امك و خذ لنفسك زوجة من هناك من بنات لابان اخي امك
28 :3 و الله القدير يباركك و يجعلك مثمرا و يكثرك فتكون جمهورا من الشعوب
28 :4 و يعطيك بركة ابراهيم لك و لنسلك معك لترث ارض غربتك التي اعطاها الله لابراهيم
28 :5 فصرف اسحق يعقوب فذهب الى فدان ارام الى لابان بن بتوئيل الارامي اخي رفقة ام يعقوب و عيسو
28 :6 فلما راى عيسو ان اسحق بارك يعقوب و ارسله الى فدان ارام لياخذ لنفسه من هناك زوجة اذ باركه و اوصاه قائلا لا تاخذ زوجة من بنات كنعان
28 :7 و ان يعقوب سمع لابيه و امه و ذهب الى فدان ارام
28 :8 راى عيسو ان بنات كنعان شريرات في عيني اسحق ابيه
28 :9 فذهب عيسو الى اسماعيل و اخذ محلة بنت اسماعيل بن ابراهيم اخت نبايوت زوجة له على نسائه