الصليب في منطق العقل
إن عقيدة الفداء، أي موت المسيح على الصليب من أجل الجنس البشري، هي عقيدة جوهرية في صلب الديانة المسيحية. فمبدأ الخلاص قائم في أصله على هذا العمل الفدائي، وهو عمل لم يخطط له البشر، او يرسم معالمه الناس، إنما هو من صنع الله، وليس للإنسان أيّ فضل فيه.
ولكن قضية الصلب والقيامة قضية اختلف عليها المسيحيون وبعض الفئات الدينية الأخرى إذ أنكر هؤلاء إنكاراً قاطعاً أن المسيح قد مات مصلوباً من أجل فداء الإنسان الخاطىء.
يستهدف إنكار حدوث صلب المسيح إنكار مبدأ الفداء بل حاجة الإنسان إلى مُخلّص. فبينما يرى المسيحيون أنه: “بدون سفك دم لا تحصل مغفرة” (الرسالة إلى العبرانيين 9: 22). يستنكر المعارضون هذه العقيدة أشد استنكار، اعتقاداً منهم أن التوبة والأعمال الصالحة كافية لخلاص الإنسان من خطاياه، وأن الغفران يرتبط ارتباطاً وثيقاً برحمة الله وإرادته ولا علاقة له بعمل المسيح الفدائي على الصليب. كذلك لا يؤمن هؤلاء بضرورة وجود وسيط بين الله والناس لأن الإنسان، كما يدّعون يولد بريئاً وأن ما يرتكبه من آثام هي أخطاء متولدة عن ضعف الطبيعة البشرية ونقصانها وليس بفعل الطبيعة الساقطة التي ورثها عن آدم.
أولاً للأسباب المنطقية الداعمة للقناعة المسيحية بموت المسيح على الصليب وقيامته في اليوم الثالث.
أولاً: لو كنت قاضياً منصفاً وعُرضَت عليك قضية مماثلة لقضية موت المسيح على الصليب مدعومة بالوثائق التاريخية التي تكتظ بنصوص المحاكمة والحوار الذي جرى ما بين المسيح وبيلاطس البنطي الحاكم الروماني، وكذلك نصوص الحوار الذي دار بين المسيح ورؤساء اليهود في مجلس السنهدريم، ثم عُرضت عليك أقوال شهود العيان وأسماؤهم، مع أسماء الذين حضروا المحاكمة، وتفاصيل الأحداث التي وقعت قبل عملية الصلب، وفي أثنائها والوقائع التي أعقبتها، وكلها مؤيدة بالشواهد التي لا تدع مجالاً للشك. ثم جاء شخص ما، بعد ما يزيد عن ستة قرون، ممن لم يشهدوا حادثة الصلب، وبنصٍّ واحد لا تسنده أية وثيقة تاريخية أو أثرية وادّعى أن موت المسيح على الصليب لم يحدث، وأن ما نقرأه في الأناجيل عن هذه القصة هو من أوهام مسيحيّي القرن الأول، فهل تقبل كقاضٍ عادل هذا الادّعاء.
يشير وارنر كيلر في كتابه “الكتاب المقدس كتاريخ” إلى أن “تفاصيل المحاكمة وصدور الحكم والصلب (الواردة) في الأناجيل الأربعة قد تفحّصها عدد من الباحثين بدقّة علمية فتمّ التأكد من مصداقية وقائعها تاريخياً بكل حذافيرها، كما أن شهود الاتهام الرئيسيين ضد يسوع قد تعرضوا للتحقيق بصورة غير مباشرة. كذلك فإن الأحداث المختلفة في سياق المحاكمة يمكن التحقق منها من المصادر والبحوث”.
ثانياً: لو كان موت المسيح أسطورة من أساطير الأولين، فلماذا ضحّى جميع حواري المسيح تقريباً بحياتهم من أجل أسطورة؟ قد يضحّي الإنسان بحياته من أجل أسطورة؟ قد يصحّي الإنسان بحياته من أجل غرض نبيل، أو اقتناعاً منه بصدق ما يؤمن به، أما أن يضحّي بحياته من أجل أكذوبة أو أسطورة، فهذا يتعذّر حدوثه، ولا سيما إن صدر ذلك عن قومٍ صالحين كمثل حواريّي المسيح.
ثالثاً: كرز الحواريون أو تلاميذ المسيح، منذ موت المسيح وقيامته وحتى آخر لحظة من حياتهم بإنجيل الخلاص، وكانت كرازتهم ولا سيما في السنوات الأولى من خدمتهم بين الأوساط اليهودية التي شهدت مأساة الصلب، وعرفت قيامته، ولم يجرؤ واحد من اليهود أن ينكر على الحواريين بشارتهم أو يتّهمهم بالكذب. فالحواري بطرس يقف في أورشليم ولم يكن قد مضى على صعود المسيح إلى السماء إلاّ عشرة أيام، وعلى بُعد أمتار قليلة من مكان صلب المسيح، ويجابه اليهود بقوة وإصرار قائلاً لهم: “ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار… ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات، ونحن شهود لذلك” (أعمال الرسل 3: 14و15).
وفي مكان آخر يقول الحواري بطرس في يوم الخمسين مخاطباً اليهود: “هذا (أي المسيح) أخذتموه مسلماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه” (أعمال الرسل 2: 23).
والحقيقة أن العهد الجديد مفعمٌ بكثير من مثل هذه الشواهد التي تؤكد على موت المسيح وأن اليهود المعاصرين للحواريين قد قتلوه حقاً بالاتفاق مع النظام الروماني.
ولقد تناول الباحث البريطاني فرانك موريسون في كتابه من “دحرج الحجر؟” قصة صلب المسيح وقيامته بعقلية القانوني المتضلّع الذي استهدف أن يدحض مزامع المسيحية، ولكن دراسته أسفرت عن نتائج لم يكن موريسون نفسه يتوقّعها. فبدلاً من أن يكون الكتاب تفنيداً لأسطورة الصلب كما كان يرغب أن يكون، جاء بحثه ليكون وثيقة إثبات صارخة في وجه الرافضين الساخرين.
رابعاً: تشير الوثائق الدينية وغير الدينية المتوافرة لدينا أن محاكمة المسيح استغرقت ليلة بكاملها وشطراً من النهار التالي، وكانت تلك المحاكمة في محضر رؤساء اليهود ومجلس السنهدريم وهو أعلى سلطة دينية في زمن المسيح، فكان في وسع المقبوض عليه أن ينكر أنه المسيح إن كان حقاً شخصاً بديلاً أو شبيهاً كما يدّعي البعض، أو كما ظنّ آخرون أنه يهوذا الإسخريوطي. ألم يكن في إمكان المصلوب الشبيه أو البديل في أثناء محاكمته أن يحتجّ ولو احتجاج الضعيف نافياً أنه المسيح؟ إن الوثائق التي بين أيدينا لم تسجلّ لنا احتجاجاً واحداً أو شبه احتجاج صدر عن هذا الشبيه. ولست أعتقد أن يهوذا الإسخريوطي – إن كان حقاً هو الشبيه المصلوب _ يهمل مثل هذه الفرصة الذهبية المتاحة لانقاذ نفسه من هذه الميتة الشنيعة.
خامساً: يسجل لنا الإنجيل موقفاً إنسانياً لا يمكن أن يصدر عن شخص غير المسيح بالذات. ففي الساعات الأخيرة من حياته وهو ما برح معلقاً على الصليب، نراه بكل محبة يصفح عن قاتليه وأعدائه، فهل من المعقول لو كان المصلوب هو يهوذا الاسخريوطي الخائن الذي سلّم سيده إلى أيدي أعدائه أن يصفح عن صالبيه؟
سادساً: علينا أيضاً أن لا ننسىدور مريم أم المسيح التي ظلّت إلى جوار الصليب مع نساء أخريات ورد ذكرهنّ في الإنجيل، وكذلك شاهد العيان الحواري يوحنا الحبيب. هؤلاء شهدوا أحداث الصلب وخاطبهم المسيح في غمرة آلامه قائلاً لأمه مشيراً ليوحنا: “يا امرأة هوذا ابنك. ثم قال ليوحنا: هوذا أمك. ألم يكن في وسع مريم أن تميّز صوت ابنها من صوت الشبيه؟
يزعم بعض منكري صلب المسيح أن الشبه قد وقع على وجه المسيح ولم يقع على جسده فإن صحَّ هذا الكلام فكيف أخفقت مريم أم المسيح في اكتشاف الفارق بين جسد ابنها وجسد الشبيه؟
سابعاً: وأخيراً، ورد في قصة صلب المسيح أن يوسف الرامي ونيقوديموس عضوي السنهدريم اللذين كان قد آمنا سراً بالمسيح قد استحصلا على إذن رسمي من الحاكم الروماني بدفن المسيح في قبر قد أعدّه يوسف الرامي لنفسه.
واستطاعا معاً – ربما بمساعدة خدمهما – أن يقوما بجميع مراسيم الدفن كما نصّت ليها الشريعة اليهودية. فلو كان المصلوب هو الشبيه وليس المسيح، كيف لم يستطيعا أن يميّزا بين جسد المسيح وبين جسد الشبيه وهما اللذان قاما بغسله وتطييبه وتكفينه؟ كان هذا الشبيه مماثلاً للمسيح في طوله وحجمه ولون بشرته وما قد يتميّز به من علامات جسدية شخصية فارقة؟ والحقيقة أن ما أقدم عليه يوسف الرامي كان إتماماً للنبوءة الواردة في سفر إشعياء عن المسيح “وجُعِل مع الأشرار قبره ومع غنيّ عند موته” (إشعياء 53: 9).
هذه هي بعض الأدلة المنطقية التي تُثبت أن المصلوب لا يُمكن بحالٍ من الأحوال إلاّ أن يكون المسيح ذاته لأنه باختياره الشخصي قد جاء إلى العالم لهدف واحد هو خلاص الجبلة البشرية بفضل محبته وتنفيذاً للعدالة الإلهية، وهكذا التقى العدل والمحبة على الصليب وتعانقا، وتمّ بذلك أكبر عملية انقاذ في تاريخ الانسانية.
إن عقيدة الفداء، أي موت المسيح على الصليب من أجل الجنس البشري، هي عقيدة جوهرية في صلب الديانة المسيحية. فمبدأ الخلاص قائم في أصله على هذا العمل الفدائي، وهو عمل لم يخطط له البشر، او يرسم معالمه الناس، إنما هو من صنع الله، وليس للإنسان أيّ فضل فيه.
ولكن قضية الصلب والقيامة قضية اختلف عليها المسيحيون وبعض الفئات الدينية الأخرى إذ أنكر هؤلاء إنكاراً قاطعاً أن المسيح قد مات مصلوباً من أجل فداء الإنسان الخاطىء.
يستهدف إنكار حدوث صلب المسيح إنكار مبدأ الفداء بل حاجة الإنسان إلى مُخلّص. فبينما يرى المسيحيون أنه: “بدون سفك دم لا تحصل مغفرة” (الرسالة إلى العبرانيين 9: 22). يستنكر المعارضون هذه العقيدة أشد استنكار، اعتقاداً منهم أن التوبة والأعمال الصالحة كافية لخلاص الإنسان من خطاياه، وأن الغفران يرتبط ارتباطاً وثيقاً برحمة الله وإرادته ولا علاقة له بعمل المسيح الفدائي على الصليب. كذلك لا يؤمن هؤلاء بضرورة وجود وسيط بين الله والناس لأن الإنسان، كما يدّعون يولد بريئاً وأن ما يرتكبه من آثام هي أخطاء متولدة عن ضعف الطبيعة البشرية ونقصانها وليس بفعل الطبيعة الساقطة التي ورثها عن آدم.
أولاً للأسباب المنطقية الداعمة للقناعة المسيحية بموت المسيح على الصليب وقيامته في اليوم الثالث.
أولاً: لو كنت قاضياً منصفاً وعُرضَت عليك قضية مماثلة لقضية موت المسيح على الصليب مدعومة بالوثائق التاريخية التي تكتظ بنصوص المحاكمة والحوار الذي جرى ما بين المسيح وبيلاطس البنطي الحاكم الروماني، وكذلك نصوص الحوار الذي دار بين المسيح ورؤساء اليهود في مجلس السنهدريم، ثم عُرضت عليك أقوال شهود العيان وأسماؤهم، مع أسماء الذين حضروا المحاكمة، وتفاصيل الأحداث التي وقعت قبل عملية الصلب، وفي أثنائها والوقائع التي أعقبتها، وكلها مؤيدة بالشواهد التي لا تدع مجالاً للشك. ثم جاء شخص ما، بعد ما يزيد عن ستة قرون، ممن لم يشهدوا حادثة الصلب، وبنصٍّ واحد لا تسنده أية وثيقة تاريخية أو أثرية وادّعى أن موت المسيح على الصليب لم يحدث، وأن ما نقرأه في الأناجيل عن هذه القصة هو من أوهام مسيحيّي القرن الأول، فهل تقبل كقاضٍ عادل هذا الادّعاء.
يشير وارنر كيلر في كتابه “الكتاب المقدس كتاريخ” إلى أن “تفاصيل المحاكمة وصدور الحكم والصلب (الواردة) في الأناجيل الأربعة قد تفحّصها عدد من الباحثين بدقّة علمية فتمّ التأكد من مصداقية وقائعها تاريخياً بكل حذافيرها، كما أن شهود الاتهام الرئيسيين ضد يسوع قد تعرضوا للتحقيق بصورة غير مباشرة. كذلك فإن الأحداث المختلفة في سياق المحاكمة يمكن التحقق منها من المصادر والبحوث”.
ثانياً: لو كان موت المسيح أسطورة من أساطير الأولين، فلماذا ضحّى جميع حواري المسيح تقريباً بحياتهم من أجل أسطورة؟ قد يضحّي الإنسان بحياته من أجل أسطورة؟ قد يصحّي الإنسان بحياته من أجل غرض نبيل، أو اقتناعاً منه بصدق ما يؤمن به، أما أن يضحّي بحياته من أجل أكذوبة أو أسطورة، فهذا يتعذّر حدوثه، ولا سيما إن صدر ذلك عن قومٍ صالحين كمثل حواريّي المسيح.
ثالثاً: كرز الحواريون أو تلاميذ المسيح، منذ موت المسيح وقيامته وحتى آخر لحظة من حياتهم بإنجيل الخلاص، وكانت كرازتهم ولا سيما في السنوات الأولى من خدمتهم بين الأوساط اليهودية التي شهدت مأساة الصلب، وعرفت قيامته، ولم يجرؤ واحد من اليهود أن ينكر على الحواريين بشارتهم أو يتّهمهم بالكذب. فالحواري بطرس يقف في أورشليم ولم يكن قد مضى على صعود المسيح إلى السماء إلاّ عشرة أيام، وعلى بُعد أمتار قليلة من مكان صلب المسيح، ويجابه اليهود بقوة وإصرار قائلاً لهم: “ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار… ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات، ونحن شهود لذلك” (أعمال الرسل 3: 14و15).
وفي مكان آخر يقول الحواري بطرس في يوم الخمسين مخاطباً اليهود: “هذا (أي المسيح) أخذتموه مسلماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه” (أعمال الرسل 2: 23).
والحقيقة أن العهد الجديد مفعمٌ بكثير من مثل هذه الشواهد التي تؤكد على موت المسيح وأن اليهود المعاصرين للحواريين قد قتلوه حقاً بالاتفاق مع النظام الروماني.
ولقد تناول الباحث البريطاني فرانك موريسون في كتابه من “دحرج الحجر؟” قصة صلب المسيح وقيامته بعقلية القانوني المتضلّع الذي استهدف أن يدحض مزامع المسيحية، ولكن دراسته أسفرت عن نتائج لم يكن موريسون نفسه يتوقّعها. فبدلاً من أن يكون الكتاب تفنيداً لأسطورة الصلب كما كان يرغب أن يكون، جاء بحثه ليكون وثيقة إثبات صارخة في وجه الرافضين الساخرين.
رابعاً: تشير الوثائق الدينية وغير الدينية المتوافرة لدينا أن محاكمة المسيح استغرقت ليلة بكاملها وشطراً من النهار التالي، وكانت تلك المحاكمة في محضر رؤساء اليهود ومجلس السنهدريم وهو أعلى سلطة دينية في زمن المسيح، فكان في وسع المقبوض عليه أن ينكر أنه المسيح إن كان حقاً شخصاً بديلاً أو شبيهاً كما يدّعي البعض، أو كما ظنّ آخرون أنه يهوذا الإسخريوطي. ألم يكن في إمكان المصلوب الشبيه أو البديل في أثناء محاكمته أن يحتجّ ولو احتجاج الضعيف نافياً أنه المسيح؟ إن الوثائق التي بين أيدينا لم تسجلّ لنا احتجاجاً واحداً أو شبه احتجاج صدر عن هذا الشبيه. ولست أعتقد أن يهوذا الإسخريوطي – إن كان حقاً هو الشبيه المصلوب _ يهمل مثل هذه الفرصة الذهبية المتاحة لانقاذ نفسه من هذه الميتة الشنيعة.
خامساً: يسجل لنا الإنجيل موقفاً إنسانياً لا يمكن أن يصدر عن شخص غير المسيح بالذات. ففي الساعات الأخيرة من حياته وهو ما برح معلقاً على الصليب، نراه بكل محبة يصفح عن قاتليه وأعدائه، فهل من المعقول لو كان المصلوب هو يهوذا الاسخريوطي الخائن الذي سلّم سيده إلى أيدي أعدائه أن يصفح عن صالبيه؟
سادساً: علينا أيضاً أن لا ننسىدور مريم أم المسيح التي ظلّت إلى جوار الصليب مع نساء أخريات ورد ذكرهنّ في الإنجيل، وكذلك شاهد العيان الحواري يوحنا الحبيب. هؤلاء شهدوا أحداث الصلب وخاطبهم المسيح في غمرة آلامه قائلاً لأمه مشيراً ليوحنا: “يا امرأة هوذا ابنك. ثم قال ليوحنا: هوذا أمك. ألم يكن في وسع مريم أن تميّز صوت ابنها من صوت الشبيه؟
يزعم بعض منكري صلب المسيح أن الشبه قد وقع على وجه المسيح ولم يقع على جسده فإن صحَّ هذا الكلام فكيف أخفقت مريم أم المسيح في اكتشاف الفارق بين جسد ابنها وجسد الشبيه؟
سابعاً: وأخيراً، ورد في قصة صلب المسيح أن يوسف الرامي ونيقوديموس عضوي السنهدريم اللذين كان قد آمنا سراً بالمسيح قد استحصلا على إذن رسمي من الحاكم الروماني بدفن المسيح في قبر قد أعدّه يوسف الرامي لنفسه.
واستطاعا معاً – ربما بمساعدة خدمهما – أن يقوما بجميع مراسيم الدفن كما نصّت ليها الشريعة اليهودية. فلو كان المصلوب هو الشبيه وليس المسيح، كيف لم يستطيعا أن يميّزا بين جسد المسيح وبين جسد الشبيه وهما اللذان قاما بغسله وتطييبه وتكفينه؟ كان هذا الشبيه مماثلاً للمسيح في طوله وحجمه ولون بشرته وما قد يتميّز به من علامات جسدية شخصية فارقة؟ والحقيقة أن ما أقدم عليه يوسف الرامي كان إتماماً للنبوءة الواردة في سفر إشعياء عن المسيح “وجُعِل مع الأشرار قبره ومع غنيّ عند موته” (إشعياء 53: 9).
هذه هي بعض الأدلة المنطقية التي تُثبت أن المصلوب لا يُمكن بحالٍ من الأحوال إلاّ أن يكون المسيح ذاته لأنه باختياره الشخصي قد جاء إلى العالم لهدف واحد هو خلاص الجبلة البشرية بفضل محبته وتنفيذاً للعدالة الإلهية، وهكذا التقى العدل والمحبة على الصليب وتعانقا، وتمّ بذلك أكبر عملية انقاذ في تاريخ الانسانية.
تعليق