القدر ومراتبهما الفرق بين القضاء والقدر ؟
قال الجرجاني رحمه الله القضاء وجود جميع الموجودات في اللوح المحفوظ مجتمعة والقدر وجودها متفرقة في الأعيان بعد حصول شرائطها هل يجب علينا الإيمان بالقضاء والقدر وما هي الأدلة من الكتاب والسنة ؟
الإيمان بالقضاء والقدر شرط من شروط الإيمان قال تعالي (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2)
وقال تعالى (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21)إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22)فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ(23) وقال تعالى(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَانُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)
وقال تعالى (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنْ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَثُمَّجِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40)
وقال تعالى(مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُوَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38)
و قال تعالى(قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18)مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)
الأدلة من السنة ( كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني . فانطلقت أنا وحميد بن عبدالرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا : لو لقينا أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر . فوفق لنا عبدالله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد . فاكتنفته أنا وصاحبي . أحدنا عن يمينه والأخر عن شماله . فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي . فقلت : أبا عبدالرحمن ! إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم . وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر . وأن الأمر أنف . قال : فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم ، وأنهم برآء مني . والذي يحلف به عبدالله بن عمر ! لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ، ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر . ثم قال : حدثني أبي عمر بن الخطاب ، قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب . شديد سواد الشعر . لا يرى عليه أثر السفر . ولا يعرفه منا أحد . حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فاسند ركبتيه إلى ركبتيه . ووضع كفيه على فخذيه . وقال : يا محمد ! أخبرني عن الإسلام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وتقيم الصلاة . وتؤتي الزكاة . وتصوم رمضان . وتحج البيت ، إن استطعت إليه سبيلا " قال : صدقت . قال فعجبنا له . يسأله ويصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان . قال : " أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر . وتؤمن بالقدر خيره وشره " قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان . قال : " أن تعبد الله كأنك تراه . فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك " . قال : فأخبرني عن الساعة . قال : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل " قال : فأخبرني عن أمارتها . قال : " أن تلد الأمة ربتها . وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء ، يتطاولون في البنيان " . قال ثم انطلق . فلبثت مليا . ثم قال لي : " يا عمر ! أتدري من السائل ؟ " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) رواه مسلم
وجاء في الحديث (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت . قال : فما الإيمان ؟ قال أن تؤمن بالله ، وملائكته وكتبه ، ورسله ، والبعث بعد الموت ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ، قال : فما الإحسان ؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك )ابن تيمية مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 10/269:صحيح
وجاء في الحديث (من لم يؤمن بالقدر خيره وشره، فأنا منه بريء )السيوطي - الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 9017 صحيحوجاء في الحديث (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ؛ حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه)صحيح الترمذي صححه الألباني 2144صحيح
والأدلة في هذا الباب كثيرة ولا بد ان نعلم ان كل شيء في هذا الكون بقضاء الله وقدره ولربما يسأل سائل هل يعصى الله بقضائه وقدره ؟ الصحيح ان كل شيء فى الكون بقضاء الله وقدره حتي معصية من عصى هي بقضاء الله وقدره ولو ولو سلمنا بغير ذلك لكان المفهوم من الكلام ان العصاة يعصون الله رغما عن إرادته وهذا غير صحيح ونحن نعلم ان الله خلق ابليس ويعلم سبحانه وتعالى أن ابليس سيكون عاصيا قال تعالى(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)
والبلاء هو الإختبار فالله يختبر عبادة فمنهم من ينجح ومنهم من يعصى وعلم الله سابق لفعل العبد وقول المعتزلة بأن العبد هو الذي يخلق فعلة مردود علية بالنصوص الواردة فى الكتاب والسنة قال تعالى(وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (30)أثبت هذه الاية لله مشيئة وللعبد مشيئة ونضرب هذا المثل للتقريب لو أن احدا اراد ان يذهب الى مكان بيع الخمور ومعه المال وذهب الى مكان البيع فوجده مغلق فهو لم يشترى رغم توفر كافة الاسباب إلا ان مشيئة الله منعته من تنفيذ ما اراد مراتب القدر 1- العلم 2- الكتابة في اللوح المحفوظ3- ما شاءه الله4- الخلقأولا العلم : لابد أن نؤمن بعلم الله بكل شيء ولا نقيس علمه سبحانه على علم البشر المحدود فعلم الله سبحانه محيط بكل شيء قال تعلى(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (126)
فالله يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ويعلم الموجود والمعدوم وعلم بكل خلقة قبل خلقهم وبعد ما خلقهم يعلم غيبهم وشهادتهم قال تعالى(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73) وقال تعالى (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)
وجاء في الحديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا وفي يده عود ينكت به . فرفع رأسه فقال " ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار " . قالوا : يا رسول الله ! فلم نعمل ؟ أفلا نتكل ؟ قال " لا . اعملوا . فكل ميسر لما خلق له " . ثم قرأ { فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* إلى قوله فسنيسره للعسرى } ) صحيح مسلم
ثانيا : الكتابة في اللوح المحفوظ لابد من اليمان بأن الله كتب في علمه مقادير الخلائق كلهم قبل خلقهم في اللوح المحفوظ وقدر في اللوح المحفوظ اجلهم وارزاقهم وكل ما تعلق بهم من افعال واقوال قال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) وقال تعالى (لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)وجاء في الحديث (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة . قال وعرشه على الماء . وفي رواية : مثله . غير أنهما لم يذكرا : وعرشه على الماء ) صحيح مسلم .
ثالثا : مشيئة الله وتقتضي الايمان بأن ما شاءه الله كان وما لم يشا لم يكن جاء في الحديث (سبحانك يا رحمن ما شئت أن يكون كان وما لم يشأ لم يكن لا حول و لا قوة إلا بالله أعوذ بالله الذي يمسك السموات السبع ومن فيهن أن يقعن على الأرض إلا بإذنه ومن الشر كله في الدنيا والآخرة )-المحدث:ابن حجر العسقلاني - المصدر:الفتوحات الربانية - الصفحة أو الرقم: 4/3:موقوف على أبي قلابة صحيح الإسناد قال تعالى(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً (23) إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً (24)وقال تعلى وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأْ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)
رابعا : مرتبة الخلق وتقتضي الإيمان أن كل شيء عدا الله مخلوق وان الله خلقها من العدم وخلقت بقدرة الله من غير مادة ولا سبب وإنما المسبب سبحانه هو الذي خلق الأسباب كلها سبحانه قال تعالى (ذَلِكُمْا للَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)وجاء في الحديث (إن الله خالق كل صانع وصنعته . ) الوادعي - المصدر:الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 306صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه هل أفعال العباد تدخل في خلق الله نعم لان الله سبحانه قال بأنه خالق كل شيء وأفعال العباد شيء ولا حجة لقول المعتزل هان العب هو الذي يخلق فعله(والله أعلى وأعلم ) ( الباحث / رأفت المحمدي)