بين السيد بلال .. والهالك أمية !

تقليص

عن الكاتب

تقليص

دكتورعزالدين مسلم اكتشف المزيد حول دكتورعزالدين
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دكتورعزالدين
    1- عضو جديد

    • 4 أبر, 2010
    • 58
    • طبيب
    • مسلم

    بين السيد بلال .. والهالك أمية !

    بين السيد بلال .. والهالك أمية !





    في بطحاء مكة الحارة كان جسد "بلال الأول" مدفونا تحت الحجارة تلهبه الحرارة ويلهبه سوط أمية بن خلف
    أرادوه أن يكفر بدين محمد , ويسب محمدا صلى الله عليه وسلم ويذكر آلهتهم بالخير .. ولكن بلال صبر وأي صبر
    صبر بلال على الحر والجوع والعطش والعذاب والحجر والسوط لم ينطق إلا بكلمة واحدة .. أحد أحد
    كانت أغيظ كلمة لأمثال أمية ممن أعماهم الكبر وتمادوا في الظلم

    "وبلال اليوم" حبسه "أمية اليوم" .. علقه من رجليه .. وصعقه بأسلاك الكهرباء في جبهته .. وضربه بعنف في عانته .. لو كان هذا في زمان أمية القرشي لصفق له أمية إعجابا وانبهارا !

    كان أمية القرشي فاشلا هو وكل زبانية قريش .. فشلوا في رد هؤلاء المسلمين عن دينهم و فشلوا وقف انتشار الدعوة .. فأراد أمية أن يحقق انتصارا وهميا لنفسه ولقادة قريش .. أراد أن يرد أحد هؤلاء عن دينه ولو ظاهريا .. ولو بالعسف والقهر والإرغام .. أراد أن يسمع اعترافا من بلال أن الأصنام حق وأن محمدا على باطل.
    كان أمية يعلم أنه لو اعترف بلال بذلك فلن يكون اعترافا ناتجا عن اقتناع .. وانما عن قهر وغصب .. ولكن أمية أصر أن يسمعها ليرضي نزعة الكبر والاستعلاء في نفسه .. فهو لا يقبل أن يعصيه عبد عنده .. وأمام كل سوط وكل حجر يزداد غيظ أمية على صبر بلال وكلمته أحد أحد .. فلقد اعتاد أمية أن يأمر فيطاع ويقول فيصدق !

    أما أمية الجديد فهو كذلك فاشل على خطى أمية الأول
    لم يكن ينجز عمله إلا بالعسف والقهر والكبر والسلطة . وبغير سلطانه لم يكن لشخصه أي احترام أو حب .. كان يفشل الفشل تلو الفشل بإصراره على معاداة أهل الدين الملتزمين .. بينما يترك أعداء الأمة يسرحون ويمرحون ينفذون مخططاتهم في البلاد !
    لقد أراد أمية الجديد أن يغطي فشله بانتزاع اعتراف من بلال أنه مجرم قاتل منحرف العقيدة والمنهج .. صبر بلال اليوم كما صبر بلال الأمس .. كان بلال يرفض الاعتراف ويقول أنا مسلم موحد لم أرتكب جرما
    لا أدري لماذا اغتاظ أمية الجديد من قول بلال إنه مسلم موحد !
    كانت أغيظ كلمة على مسامع أمية وكلما سمعها كان يصرخ في بلال غاضبا : يعني انت اللي مسلم واحنا كفرة يا ابن ال***

    أمية الجديد كان له سادة من أمثاله .. وكان سادته ينعتونه بالفاشل الخائب .. وكانت هذه الأوصاف تزيده إصرارا على إجبار بلال على الاعتراف لينال الحظوة عند سادته ويتوقفوا عن نعته بتلك الأوصاف .. ولكنه في قرارة نفسه كان يعلم أنه فاشل خائب مجرم مستكبر !

    هذا الكبر نفسه كان سمة مميزة في أمية الأول .. الذي جلس في نفر من قريش يستمعون وقد بهرتهم تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لسورة النجم حتى بلغ النبي آخر السورة فخروا سجدا جميعا .. إلا أمية !

    هذا الكبر نفسه هو الذي جعل أمية ومن معه من سادة قريش يطلبون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرد بلالا ومن معه من الضعفاء إذا جاء سادة قريش إلى مجلسه !
    فنزل الرد الإلهي فورا "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين * وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين"
    فسبحان من جعل إيمان هؤلاء الضعفاء فتنة للطغاة المستكبرين الذين استكبرت أنفسهم أن يتركوا باطلهم ليتبعوا الحق الذي سبقهم إليه الضعفاء !

    وعلى نفس المنوال ها هو أمية الجديد .. لا يمر يوم إلا ويقع تحت يديه أحد من أهل الصلاح والتقوى كبلال .. فيراهم أفضل الناس دينا وخلقا ويقينا وثباتا وأكثرهم سعادة ورضا في الحياة .. ولكن أمية اليوم كأمية الأمس .. يأبى عليه كبره أن يذعن للحق ويترك السلطة التي تخول له ظلم الناس والاستعلاء عليهم
    قال النبي صلى الله عليه وسلّم "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قيل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ، و نعله حسنة ، قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق ، و غمط الناس"




    في زمان بلال الأول كان قائد الأمة هو محمد صلى الله عليه وسلم .. الذي كان يرق لحال أصحابه ويسعى لاستنقاذهم ويشد من أزرهم بذكر قصص صبر المؤمنين السابقين التي ذكرها الله في القرآن و يعدهم بالجنة جزاء لصبرهم
    كان المسلمون في حال من الضعف والفقر جعل رسول الله يقول في أسى "لوكان عندنا شيء ابتعنا بلالا"
    وهنا برز الصديق أبو بكر .. الذي لم يسبقه أحد إلى خير يوما .. فاشترى بلالا وأعتقه على الفور لوجه الله.
    علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر قد اشترى بلالا .. فأراد أن يشاركه أجر اعتاقه فيدفع جزءا من ثمنه فما إن رآه النبي حتى قال له "الشركة يا أبا بكر" , أجابه الصديق : قد أعتقته يا رسول الله

    ورغم أن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه لا تزال باقية .. إلا أن "بلال اليوم" لم يجد في زماننا أبابكر لينقذه وكانت إرادة الله خير له ليفوز بالحسنى -نحسبه والله حسيبه.

    بلال الأول الذي كان عبدا حبشيا مهانا .. جعله صبره وإيمانه سيدا فصار "السيد بلال" حتى قال الفاروق عمر عن أبي بكر وبلال : هذا سيدنا أعتق سيدنا.
    وفي زماننا ولد "السيد بلال" وأراد له الله عز وجل أن يكون له من اسمه نصيبا فيسير على درب سلفه في حسن الخلق والصلاح وفي الثبات والصبر وكان كبلال الأول عاملا بسيطا يكسب قوته بعمل يده .. ولكنه صار سيدا بصبره وثباته

    رغم جسده الضخم و سيادته لقومه فإن أمية الأول كان جبانا .. إذ تذكر السير أن عقبة بن أبي معيط جاء يوم بدر بمجمرة من البخور ليبخر ثياب أمية , فاستغرب أمية فعله , فقال عقبة : انما قعدت عن القتال فأردنا أن نبخرك كالنساء, فاغتاظ أمية وخرج يوم بدر مكرها والخوف يملأ قلبه

    أمية الجديد أيضا في نفسه جبان رعديد رغم سلطانه و هيبته الظاهرة .. فهو يسير في طريقه كل يوم مذعورا أن يلقى حتفه في حادث بشع كما حصل لكثير من أقرانه الظالمين المستكبرين .. وحين ينام ليلا لا يستطيع أن يطفئ الأنوار ويكاد يقفز قلبه رعبا إذا سمع أي صوت بعيد ويجافي النوم عينيه .. وإذا غلبه النوم للحظات يرى من ظلمهم واحدا واحدا يفعلون به كما فعل بهم , وتارة يراهم مجتمعين حوله يقطعون أوصاله أو يرمونه من فوق جبل وما أفظع تلك الليلة التي يرى نفسه فيها يسقط في نار ملتهبة متأججة فيستيقظ فزعا وكأن جلده قد لسع حقا ويبقى طوال يومه يتذكر ذلك المشهد أمامه ويرتعد من ذكره جسده

    لقد مكن الله بلالا الأول من أخذ حقه .. حين رأى المجرم أمية بن خلف ذليلا مهزوما يوم بدر .. فهتف بلال وقد تذكر مرارة الظلم والعذاب : رأس الكفر أمية بن خلف , لا نجوت إن نجا , لا نجوت إن نجا . وثأر بلال لنفسه ودينه من رأس الكفر والظلم والإجرام !
    ولا نشك لحظة أن عقاب الله لأمية الجديد آت لا محالة وأن نهايته السوداء محتومة مؤكدة - إن لم يتب - ورغم أن بلال الجديد لم يعش ليقتص من ظالميه فإن رب بلال حي شاهد منتقم جبار قد يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته , وقد يؤخر الله العذاب للظالمين مضاعفا أبديا يوم القيامة .. واقرأوا في ذلك سورة البروج .. اقرأوا وابكوا .. فرحا بعدل الله وانتقامه للمؤمنين المظلومين المستضعفين

    بلال الأول الذي بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه قد سمع قرع نعاله في الجنة لم يكتف بذلك بل سمت نفسه حتى ذروة سنام الإسلام وتاقت روحه للجهاد والغزوات ولكن الصديق الأسيف أبا بكر لم يكن يطيق فراق أخيه بلال فكان كلما طلب بلال الخروج يسأله الصديق بحقه عليه ألا يذهب .. حتى أفضى أبوبكر إلى ربه وجاء عمر .. وأراد الصحابة أن يتذكروا أيام النبي فقام بلال ليؤذن .. فلم يتمالك نفسه حين تذكر أيام رسول الله فبكى وأبكى الجميع حوله .. وكأنه كان وداع بلال لمدينة رسول الله , فخرج رضي الله عنه إلى الشام مجاهدا وكان بلال يسأل الله الشهادة بصدق و"من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" .. وفشى الطاعون في الشام فالتزم بلال وصية رسول الله ولم يفر من الطاعون وتوفي بلال رضي الله عنه في طاعون عمواس الذي راح فيه عدد من خيرة الصحابة "ومن مات بالطاعون فهو شهيد"

    وبلال الجديد نحسب أنه قد سأل الله الشهادة بصدق .. فالواحد منا قد لا يتصور أن يموت شهيدا في بلد ليس فيها حرب أو جهاد أو قصف .. ولكن الشهادة هي التي أتته - نحسبه كذلك والله حسيبه ولانزكي على الله أحدا - وأهل العلم من السلف والخلف متفقون على أن من قتل ظلما فهو شهيد ومن حبس ظلما فقتل أو مات في سجنه فهو شهيد


    فسبحان من جعل في زماننا هذا سيدا بلالا يذكرنا بسيدنا بلال الأول , ويكون حجة علينا في زماننا أنه قد يكون بيننا من يقتدي بالصحابة في يقينهم وإيمانهم وثباتهم

    وأننا إذا كانت درجة الصحبة مع رسول الله قد فاتتنا .. فإن درجة الأخوة باقية
    قال صلى الله عليه وسلّم "وددت أني لقيت إخواني ، فقال أصحابه : أوليس نحن أخوانك ؟ قال : أنتم أصحابي ، و لكن إخواني الذين آمنوا بي و لم يروني"

    وقال صلى الله عليه وسلّم لأصحابه "أي الخلق أعجب إيمانا ؟ قالوا : الملائكة . قال : الملائكة كيف لا يؤمنون ؟ ! قالوا : النبيون . قال : النبيون يوحى إليهم فكيف لا يؤمنون ؟ ! قالوا : الصحابة . قال : الصحابة مع الأنبياء فكيف لا يؤمنون ؟ ! ولكن أعجب الناس إيمانا : قوم يجيئون من بعدكم فيجدون كتابا من الوحي ؛ فيؤمنون به ويتبعونه ، فهم أعجب الناس إيمانا – أو الخلق إيمانا - "


    .. وليس عجيبا أن نرى في زماننا من يحيون لنا نماذج بلال وياسر وسميّة وصهيب ومصعب وخبّاب .. طالما وجد أمثال أمية وأبي جهل وابن سلول


    فنسأل الله بفضله وكرمه أن يجعل السيد بلال مع سيدنا بلال الذي سمع رسول الله قرع نعاله في الجنة
    وأن يحشر أمية اليوم - إن لم يقدر له الهداية - مع أمية الأمس .. الذي كان يهمز ويلمز ويؤذي في رسول الله والمؤمنين الصالحين .. حتى أخبرنا ربنا عز وجل بمصيره المشئوم وعاقبة ظلمه وكبره "وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)"


    ونسأله سبحانه أن يجعلنا على درب الإيمان والثبات الذي كان عليه رسول الله وأصحابه وإخوانه التابعون له بإحسان وأن يكفينا شر أمية وأتباعه وأن يرزقنا الثبات والصبر على أذاهم.

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 20 ينا, 2023, 12:34 ص
ردود 0
45 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:43 ص
ردود 0
47 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:38 ص
ردود 0
71 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 1 فبر, 2022, 04:13 ص
ردود 0
78 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة صلاح عامر
بواسطة صلاح عامر
ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 22 يول, 2021, 02:08 م
ردود 0
73 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة صلاح عامر
بواسطة صلاح عامر
يعمل...