مقدمة المترجمين:-يعتقد أصدقاؤنا من المسيحيين الطيبين أن العقيدة التي يدينون بها الآن وخاصة فيما يتعلق بشخص السيد المسيح عليه الصلاة والسلام (وتسمى الكريستولوجيا) أنها هي هي نفس العقيدة التي كان عليها المسيح وتلاميذه وأتباعهم خلال القرون الخمسة الأولى من تاريخ المسيحية والكنيسة. والسبب في هذا الاعتقاد عندهم أنهم لا يقرءون عن تاريخ تطور ديانتهم عموما وتطور نظرة المسيحيين لشخص وطبيعة المسيح على وجه الخصوص.
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا يوضح مسار التغيير التدريجي الذي سلكه منظور ورؤية المسيحيين الأوائل لمعلمهم وسيدهم المسيح. ويعبر هذا الكاتب الأمريكي المشهور والمتخصص في تاريخ المسيحية بارت إيرمان عن ذلك التطور التسلسلي في هذه الفقرة ننقلها لكم من صفحة 185 و194 في هذا الكتاب حيث يقول ما نصه:
” أصبحت رؤية المسيح “أعلى وأعلى” مع مرور الوقت، وحيث أصبح يُعرف بشكل متزايد على أنه إله. انتقل يسوع من كونه مسيًا محتملاً (بشريًا) إلى كونه ابن الله المعظم، إلى منزلة إلهية عند قيامته؛ إلى كونه كائنًا ملائكيًا موجودًا مسبقًا جاء إلى الأرض متجسدًا كإنسان؛ إلى كونه تجسيدًا لكلمة الله الذي كان موجودًا قبل كل العصور والذي من خلاله خُلق العالم؛ إلى كونه الله نفسه، متساوٍ مع الله الآب ووجوده دائمًا معه
لكن القفزة الكبرى حدثت في تلك السنوات العشرين الأولى بعد وفاة المسيح: من رؤية يسوع كما رآها تلاميذه أثناء خدمته، كرجل يهودي يحمل رسالة نهاية العالم للدمار الآتي في القريب العاجل، إلى رؤيته كشيء أعظم بكثير، كائنا إلهيا موجودا مسبقًا وأصبح إنسانًا مؤقتًا فقط قبل أن يصبح رب الكون. ولم يمض وقت طويل بعد أن أعلن آباء الكنيسة أن يسوع هو كلمة الله المتجسد، الذي كان مع الله في الخلق والذي من خلاله صنع الله كل الأشياء. في نهاية المطاف، حتى أصبح يُنظر إلى يسوع على أنه الله من جميع النواحي، أبديًا مع الآب، من نفس جوهر الآب، مساوٍ للآب في الثالوث الأقدس لثلاثة أقانيم، لكن إله واحد. قد لا يكون هذا الإله المسيح هو يسوع التاريخي. لكنه كان مسيح العقيدة المسيحية الأرثوذكسية، الذي هو موضوع الإيمان والتبجيل على مر القرون. ولا يزال هو الله الذي يوقره ويعبده المسيحيون في جميع أنحاء عالمنا اليوم.”