مخطوطة ليننجراد هي أهم مخطوطات الكتاب المقدس اليهودي “التناخ أو العهد القديم”، هي أقدم مخطوطة كاملة لأسفار العهد القديم، وأدق ممثل للنص الماسوري، اعتمدت عليها أهم نسخة نقدية للعهد القديم وهي نسخة BHS بداية من الطبعة الثالثة سنة 1937م.
يفاجأ القارئ بعد هذا الكلام بأن تاريخ المخطوطة هو 1008م، أي بعد كتابة أول أسفار العهد القديم بحوالي 2500 عام؛ فإن موسى حسب التواريخ التقليدية عاش سنة 1400 ق.م، ولا شك فإن هذه الفترة الطويلة بين كتابة النص ووصله إلينا تسمح بوقوع كافة أنواع الأخطاء في نص العهد القديم، بل ونظرياً تسمح باستبدال النص بنص آخر يختلف تماماً عن النص الأول.
وهنا سؤال بديهي: هل كان لدى اليهود كتاب مقدس عبري كامل قبل مخطوطة ليننجراد؟! بالتأكيد نعم، لكن أين ذهبت هذه المخطوطات؟!
يجيب الدكتور القس صموئيل يوسف في كتابه المدخل إلى العهد القديم ص47 حيث يقول (الأخطاء الإملائية منه وليست مني؛ فأنا نقلت الكلام بحرفه وشكله):
“وعندما اكتملت المازورا (النص المازوري) للكتب المقدسة خلال القرن العاشر الميلادي تخلصوا من كل المخطوطات القديمة، واعتبروها غير جيدة للاستعمال، لذا فقد صارت بالية، واختفت مع مرور الزمن.
بالإضافة إلى ذلك فإن المخطوطات القديمة كما يرى علماء الكتاب والآثار، كان قد تم إعدامها خلال إضطهاد اليهود في حروبهم بواسطة مضايقيهم وأحياناً كثيرة بواسطة اليهود أنفسهم حتى لا تقع أسفارهم المقدسة في أيدي أناس منجسين”.
كما يقول عنهم قديس الكنيسة يوحنا ذهبي الفم تعليقاً على متى 2: 23:
فبسبب إهمالهم وسقوطهم الدائم في الآثام، بعضها (بعض الكتب) أُفسد، والبعض الآخر أحرقوه ومزقوه إرباً بأنفسهم … فإنهم حتى قد خانوا كتبهم في الوقت الذي لم يكن عندهم أي أجانب متوحشين، خانوها أكثر مما لو كانوا تحت حكم الأجانب المتوحشين”.
وقال العلامة أوريجانوس رداً على أفريكانوس متهماً مشايخ اليهود بتحريف الكتاب:
“إنهم أخفوا، حسب استطاعتهم، عن علم الشعب نصوصاً كثيرة تتضمن أي فضيحة لمشايخهم، وحكامهم، وقضاتهم. بعض هذه الأشياء ما زالت محفوظة في الكتابات غير القانونية … لذلك لا أعتقد أن هناك اقتراحاً أرجح من أن هؤلاء المعروفين بالحكمة، والحكام، والمشايخ أزالوا عن الشعب كل فقرة قد تجعلهم في محل شك أمامهم. لذلك يجب ألا نستغرب من كون حيلة الشيخين الفاسقين الشيطانية ضد سوسنة حقيقية، لكنها حُجبت وأُزيلت من الكتاب المقدس بواسطة الرجال أنفسهم، ليس بعيداً أنها أُزيلت بمشورة هؤلاء الشيوخ”.
أي إن اليهود أنفسهم تخلصوا من المخطوطات القديمة واعتبروها غير صالحة؛ وحرفوها، وخانوها، ولم يكونوا عليها أمناء، فكيف يمكن بعد ذلك أن يزعم أحد بأن اليهود حافظوا على كتبهم؟!