البحْثُ عن اليقين
أحبتنا في الله .. كثُر التساؤل عن البحث عن اليقين بين كثيرٍ من الإخوة والاخوات .. الذين تعرضوا في لحظة من حياتِهِم لشبهةٍ أو شكٍ أو فتور .. فيظُن أنه قد عُدِمَ اليقين .. فيبحثُ عنه وهو أقربُ ما يكونُ منه.
وقد يصِل اليقين إلى الإنسان .. ولا يُدرِك أنه قد وصَلَ إليهِ .. هل يُمكِن أن يحْدُث ذلِك؟!
الجواب: نعم .. يُمكِن أن يصلك اليقين ألف مرة .. وفي كل مرةٍ لن تجده لأنك استخْدَمت مقياساً مغلوطاً لقياس اليقين .. وبالتالي غالطْتَ نفسَك .. واصطنعت مقياسًا لليقين غير صحيح .. وطالما المقياس غير صحيح .. فلن نصِل حتْمًا إلى هذا اليقين المطلوب ..
مثالُ ذلِك :
لو جلسْت عُمْرَك كُلَّهُ تبحث عن درجة الحرارةِ (اليقين) , فلن تصِل إليها .. لأنكِ اسْتخدمت المسطرة (مقياس مغلوط) في غيرِ محلّه.. ولم تتعرف على الترمومتر(المقياس الصحيح).
وهذا هو لُبُّ المشكِلَةِ عِنْدَ أحبتنا هؤلاء.
المقياس الصحيح لليقين
لكي نتعرف على المقياسِ الصحيحِ لليقين .. فلابُد أن نحدد أولًا .. اليقين من ماذا؟َ!
اليقينُ من شيء مادي أم من شيء معنوي؟!
المادي : كل مالهُ كُتْلَة وله حجْم .. وهو ما يُمكِنُ أن نُمسِكَهُ باليد .. او نُخْضِعَهُ للتجربةِ المعْمَلِيّة .. أو نتحسسهُ أو ما يدًل عليْهِ بالحواسِ الخمْسَة .. مِثْلَ : كوب الماء .. او الكُرْسي .. المسمار .. الغازات .. المياه… الخ.
المعنوي: كل ما ليْسَ له كتلة وليْس له حجْم ولا يُمكِن رؤْيَتُه .. وغاب عني كُنْهُهُ وحقيقتُه .. مثل الذكاء، العلم ، الجهل، الحق، الباطل، الصدق، الكذب، الروح … الخ.
كيْف نتيقّنُ من المادي؟! : أراه بعيْنيّ .. امسِكُهُ بيديّ .. له كُتْلَة ولهُ حجْم .. اتيقنُ منه إن أمسكتُهُ بيديّ .. أو نظرتُ إليْهِ بعيْنَيّ .. أو شممتُ ما يدُل عليْهِ بأنْفي …. الخ. النتيجةُ: أني تيقنتُ منه.
كيْف نتيقّنُ من المعنوي؟!
ما هي المعايير التي بها أتيقَنُ من وجود ما لا أراه مثل الذكاء ؟!..
كيْف أتيقنُ من علم فلان والعلمُ لا نراه ؟!
إذًا فالماديات يكفيك امساكها واختبارها بحواسِكِ الخمْسَة .. بيْنما المعنويات فالمقياسُ فيهِ هو الدليلُ العقلي : تحتاج إلى معايير ودليل أو أدلة عقلية تُثبِت صحة ما لا نراه أو وجودَه .. ولِذا .. الذي يدُلُّ عليْهِ .. الآيات التي تدُلُّ عليْهِ .. القرائِنُ التي تدُل عليْه .. وهنا نصِلُ إلى درجةِ اليقين ..
دليلٌ واحِدٌ عقلي ومنطقي صحيحٌ خالٍ من الغلط والمغالطة يكفي لنحْكُم بالشيء وجودًا او عدمًا.. أما لو تضافرت مجموعة أدلة فقد زاد اليقين وثبُت ورسَخ.. ولِذا تختلِفُ درجة اليقين من شخْصٍ إلى آخر , بمقدارِ ما وقف عليْهِ من أدلةٍ وآياتٍ وتدبر فيها.
أخي الكريم/ أختنا الكريمة .. إن مكمن الغلط .. أنكِ تريد قياس المعنوي بنفس مقاييس المادي:
فقبل أن توغِلَ في البحْثِ .. ابحَث أولًا عن مكمنِ هذه الأغلوطة الفكرية التي قد تحجِبُ عنكِ اليقين ..
نقطة تفكير كبيرة جدًا لابُد أن تنضبِط وهو أنّك تُريد قياس المعنوي بنفْس الطريقةِ التي تقيس بهما المادي .. والتيقُن من الماديات يخْتلِفُ عن التيقُن من المعنويات كما بيّناه أعلاه..
ما بيْن اليقينِ والسفْسَطة
أخي الكريم/ أختنا الكريمة : صحةُ الوحيِ، الإسْلام، المسيحيّة، الحق، الصدق، الباطِل، توحيد الله .. ليْست مسامير ولا كرسي ولا مادة يُمكِن امساكها في اليد .. فإن ظننتِ أن اليقين هو أن تستشعر الإسْلام او أي فكر صحيح كما تستشعر كرسي أو كوب في يدِك، فهذه مغالطة كُبرى للعقل والمنطِق .. وعندها ستظلُ عمرَك كله تبحث عن هذا اليقين المغلوط والمزعوم..
أخي الكريم/ أختنا الكريمة : ما دلّ عليْهِ الحِسُّ، أو ما صدّقَهُ العقْلُ السليمُ بالدليل والمنهجِ الصحيحِ في الإستدلالِ هو اليقين .. وكل محاولة ارتيابٍ او تشكيكٍ في اليقين هو ضرْبٌ من الجنونِ والمرض وهو ما يسمى السفسطة ..
والسفسطة أنواع منها :
- إنكار الحق مع وجود الدليل عليه .. واسمُهُ العناد.
- وقد تكون بانكار الحق لمجرد التشكيك في كل شيء وأي شيء حتى ولو ثبُتَ بالدليل , وهذا جزْءٌ من مرض معلوم في الطب باسم الوسواس القهري , جعله بعض المختلين نظرية فلسفية وهي مغالطة وسفسطة.
- ومنها قلب الحقائِق بجعل الشكّ حقيقة أؤمن بها , فكل ما شككت فيه أؤمن به.
ولو كانت السفسطةُ حقًا لسقطت كل العلوم , ولسقطت شهادات المتعلمين ودكتوراة العلماء ونظرياتهم الطبية أو العلمية أو العملية التي اعتقدوا صحتها.. فكل علمٍ يجِبُ أن يبنى على حسٍ وعقل وأدلة على صحّتِه. وما بُني على غيْر ذلِك فهو تشكيكٌ وجهالة.
هل يُمكِن الحكم بيقين على المادي عن طريق الحواس ؟
والجواب نعم .. فاليقين من الماديات .. لا يُمكِن الوصول إليه بأي طريقٍ كان إلا بالحواس والتواتر.. لا يوجد أي طريقٍ آخر .. فالحس مصدر رئيسي من مصادر المعرفة والبرهان ولكِن يتطلب الإستقراء والتحليل الصحيح.
ولكِن يشْتَرَطُ في استخدام الحواسِ للوصول إلى اليقين السليم الخالِ من الخداع والمغالطاتِ أمور:
1- الشرط الأول: سلامةُ الحواس من المرض أو الخلل.
2- الشرط الثاني: سلامةُ العقل من مرضٍ أو جنونٍ أو كل ما يغيبه أو يؤثر على حكمه.
3- الشرط الثالث: العلم والإستقراء والتحليل الصحيح.
ولنضرِب المثل بما قد نسميه خداع الحواس .. فهذا الخداع ليْس خداعًا في حقيقتِه .. وإنما هو فقدان الشرط الثالث أعلاه .. أي قلة علم ممن ظن أن الحواس قد خدَعَتْه.. وغاب عنه الإسْتقراء والتحليل الصحيح.
الحس مصدر رئيسي من مصادر المعرفة والبرهان
ولكي ندرك اهمية الحس كمصدر من مصادر المعرفة، والبرهنة، فإننا سنتطرق اولا الى نظرية “خداع الحواس” .. لنرى هل خدعتنا الحواسُ فعلًا أم أنها نقلت نقلًا صادِقًا لمن لم يحسِن قراءَتَه؟
تساؤلات حول المثال اعلاه:
- هل خداع الحواسٍ هذا ينبغي أن لا يصدق، ويلزمُ عنهُ عدم تصديق الحواسِ ؟..
- أم أنه نقل صادِق من الحواس لحقائِق يجِب قراءتُها صحيحة؟
- هل عكست الحواس لنا شيء موجود فعلاً أم خلعت على الأشياء صفات غير صفاتها الحقيقية؟!
- أم يمكِن أن نقول أن الحواس خالفت القوانين الفيزيائِية وأضلتنا ؟
- هل نتهِم الحواس ام نتهِم أنفُسَنا ؟؟
الجواب:
الحواس لم تكن على ضلالة بل إنها في الحقيقة قد نقلت نقلا صادقا لقانون فيزيائِي صحيح مائة بالمائة .. في حين ظننا نحنُ أن الحواس قد أضلتنا .. وخالفت القانون الفيزيائي.
حينما وضعنا يدًا في الماء البارد .. ويدًا في الماء الحار .. ثم وضعنا اليدين معا في ماء عادي … فإن الحواس لم تخدعنا قط .. بل امتثلت تمام الإمتثال لحقيقة فيزيائِية علمية مفادها أن الحرار تتنقل من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسْم الأقل حرارة .. ولِذا .. نقلت لنا الحواس بالفعل وبكل صدق .. قانون فيزيائِي غفلنا عنه ولم ندرِكه الا في القرون المتأخرة… مجرد أن تتعادل الحرارة بين الأعلى والأقل وتعدو الحرارة إلى طبيعتها في كلتا اليديْنِ .. فإن الحس ينقل لنا طبيعة الحرارة على حقيقتها من جديد .. مما يعني أن الحس في ذاتِه سليم وينقل الحقيقة والقانون الفيزيائِي بكل دقة .. تتفاوت معرفتنا بها أو احاطتنا بكنهها ..
إذًا فالحس نقل لنا صورة حقيقية من صوَر الواقِع .. ولم نكتشِف هذه الصورة أو حقيقتها العلمية إلا متأخرًا .. إذًا المطلوب قراءة ما تنقله الحواس بشكل صحيح ..
وبعد معرفةِ هذه الحقيقةِ الفيزيائِية .. يكون الرد على موللر وفورباح .. بضرورة القراءة الصحيحة والعلم والإحاطة لما قد نظُنه خداعًا وهو في حقيقتِهِ قانون فيزيائِي صحيح ..
الفائِدة المنطقية : الحس مصدر رئيسي من مصادر المعرفة والبرهان
ولكِن يتطلب الإستقراء والتحليل الصحيح.
مراتِبُ اليقينِ:
إن لليقين ثلاثة مراتب، وقد استنبطها العلماءُ من كتاب الله:
- علم اليقين
- عين اليقين
- حق اليقين.
وأدلة الأول والثاني من سورة التكاثُر، قول الله تعالى: “كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ“. ودليلًُ الثالث هو قوله تعالى ” إن هذا لهو حق اليقين، فسبِّح باسمِ ربِّك العظيم”
فاليقين هو العلم بحقيقة الشيء عقلًا (علم اليقين)، ثم الطمأنينة القلبية أو رؤْيته رؤْيا العين (عين اليقين)، ثم أداءُ حقِّه عملًا وتعبدًا وتسبيحًا (حق اليقين).
مراتب اليقين في الدنيا:
وبالتالي فيُمكِنُنا تقسيمُ اليقينِ في الدُنيا إلى مراتِب ثلاثة:
1- مرتبة العلم : وهي الإستدلال واقامة الحجة .. أي العلم القائِم على التفكُر والتدبر وطرُق الإستدلال .. ويكفي للعلمِ باليقين دليل واحد لا شبهةَ فيه .. وهذا حجة على العقل.. ولو كان ممتلئًا بالهواجِس والشكوك والشبهات.. ولو كان أميًا مفرغًا من كل علم .. وبه تقوم الحجة على النفسِ وعلى غيرها المسلِمِ والكافر.
2- مرتبةُ المعاينة (بالطمأنينة أو الرؤية): وهي استقرار اليقين في القلب . وقد تكون بلا علمٍ يرق له القلب مباشرةً كقذف الإيمانِ في القلوب. وقد تكون بالعلم والإستزادةِ من الأدلة المتوافقة المتطابقة في الأمر المعنوي.. أو تكون بالرؤيةِ في الأمر المادي .. ونتاجُهُ يكون التصديق الجازم الذي يزول معهُ كل هاجس وهذا حجة على القلب .. فيكون سببًا لإسلام كافر .. أومزيلاً لشبهات مسلمٍ عاصٍ .. أو طمأنينةً للمؤْمنين كما مع ابراهيم عليه السلام ” أَرِنِي كَيفَ تحْيِ الْمَوْتى, قال أو لم تؤمن؟, قال بلى , ولكن ليطمئِن قلبي” .
3- ثم مرتبة الحق (حق اليقين): وهو بعد العلم والعمل والمباشرة لهذا اليقين.. يأتي أداءُ حقه فيكون المستيقِنُ في كنفِ الله، عبدا ربانيًا سائِرًا على ارض الله بالطاعة والعمل والعبادة. “إن هذا لهو حق اليقين , فسبح باسم ربك العظيم“.
وموضوعنا هذا يركِّزُ على المرتبةِ الأولى أي مرتبةُ العلم باليقين .. فالباحث عن اليقين يبحث عن أدلة اليقين .. أي عن علم اليقين.. وأما عين اليقين وحق اليقين .. فهذا خارج عن موضوعِنا .. لأنه يتعلق بالإتباع والعبادة والمداومةِ على الطاعات.
كيفية الوصول الى اليقين:
وبالتالي فلكي نصِل الى اليقين ..
– إن كنت تقصِد به مرتبتَهُ الأولى وهو ما يتحدث عنه هذا المنشور .. أي العلم باليقين .. فهذا يكفيه دليل واحد صحيح خال من الشبهة والغلط ..
– وإن كنت تقصِدُ بهِ مرتبته الثانية أي المعاينةُ والطمأنينةِ بعد الإيمان .. فهذا يكون بجعل هذا اليقين نصْبَ عينيْك ومراعاتِهِ بالعمل والعبادة .. والإستزادة من الأدلة والعلم .. وإذا كثرت الدلائل وتوافقت وتطابقت صارت سببا لحصول اليقين القلبي، إذ يحصل بكل واحد منها نوع تأثير وقوة فتتزايد حتى يجزم بها قلبه… ويغذي هذا الجزْمَ باتباع العلماءِ والصالحين.
– وإن كنت تريد به حق اليقين .. فهذا يعني ان تكون عبدا ربانيًا سائِرًا على ارض الله بالطاعة والعمل والعبادة بما استيقنتَ صحّتَه ووصلَ إليْكَ علمُه.
وعليْهِ فإن الوصول الى اليقين يتطلب:
1- دليل صحيح .. ( يؤْخَذُ عن عالمٍ أو يخرُج من عقل قادر على الإسْتدلال).
2- وعالم يؤْخَذ عنه العلم أو الدليل ..
3- وقلب يسعى للطاعة والعمل بما استيقنَ منه.
الشك متعلق بالطمأنينة لا باليقين:
أما عن الشكوكِ والهواجِس .. فهي تؤثر على الطمأنينةِ لا على علم اليقين: فمن يطلُبُ علمَ اليقين، يكفي لثبوت اليقين عنده دليل واحد صحيح لا شبهةَ فيه .. ولو كان قلبه ممتلِئًا بالشكوك .. لأن الأصل المتيقَنُ لا يُزيله شك طرأ عليه (الإحتمال لا يؤثر في المقطوع بصحته).
بمعنى وصلك دليل صحيح قاطع على صحةِ الشيء .. ثم شككتَ فيه باحتمال او شبهة مجردةٍ أو غيرِه .. فهل زال اليقين؟!.. الجوابُ : لا ..
فلا عبرة بالإحتمال الذي لم ينشأ عن دليل .. ويظل اليقين عليه دليلُه مهما شككت فيه بشكٍ لا دليل عليه إلا الإحتمال والخاطر والإضطراب .. ولزوال الإضطراب والخاطر يلزَمُ الإنسان أن يقوي يقينه بالأدلة المتضافرة مع العبادة والإتباع.
والشك بلا بينةٍ لا يعدو كونه تقلب نفسي إن كان المشكوك فيه علم دنيوي. وقد يكون كذلك تخبط شيطاني في لحظة يأس أو لحظة خلو قلب أو لحظة بعد عن الرب المعبود إن كان المشكوك فيه اعتقاد وإيمان جزم القلب بصحته وعرف قطعية أدلته.
وعلم اليقين وحدَهُ دون طاعةٍ او في نفسٍ مضطربةٍ ممتلِئةٍ بالشهوات أو الشبهات هو ما يوحي بأنه لا يوجد علم اليقين .. والحقيقة أن علم اليقين موجود ولكن اكتفى الإنسان منا بأن يختزله في عقلِهِ .. ولم يسْكِنه بعدُ في قلبِه .. وبالتالي فلا يوجد طمأنينة النفس وسكينتها ورضاها عن أدائِها لحق هذا اليقين ..
ولِذا فالعلاج الصحيح للشبهات والشهوات بعد علم اليقين هو الإتباع والتعبد والطاعة والإستقامة بمجرد العلم والإيمان باليقين .. قال تعالى “ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا , تتنزل عليهم الملائِكةُ ألا تخافوا ولا تحزنوا” .. قال صلى الله عليه وسلم ” قل آمنت باللهِ ثم استقم” .. فلابد من الإستقامة الفورية بعد الإيمان واليقين العقلي .. حتى تسكُن الطمأنينة في القلوب وتستقر وتذوب الشبهات والشكوك.
ولذا فمهم جدًا أن نفرق بين التيقن من صحة الشيء .. وبين اطمئنان الإنسان إلى يقينِه .. فالتيقن يكفيه دليل واحد تقوم به الحُجة .. اما الإطمئنان فيكون بالعلم و “العمل والعبادة” .. العلم : أي كلما زادت الأدلة كلما زادت طمأنينةُ الإنسان .. والعمل : أي كلما أتبع يقينَهُ بالعبادة والإستقامة تسكُن نفسِه عند الشبهات وتزول .. وإلا فلن يفيد المضطرب ألف دليل عقلي صحيح لو أنه لا يعمل ولا يتعبد بما علِمَ صحتَه.
أمثلة على علم اليقين الذي لا يزول بالشك
مثال (1): علم اليقين: الواحد نصف الإثنين ..
فلو أن احدًا شكك في هذه .. فشكه لا ينفي يقينية وصحة هذه الحقيقة .. ويكون شكه في ذلِك لا يعدو كونه خاطر او سفسطة أو اضطراب نفسي.. ولكي يطمئِن لهذه الحقيقة .. فإنه يمكِن أن يثبتها بكثيرٍ من الأدلة المتضافرة المتفقة.
مثال (2): علم اليقين: الكعبة في مكة.
الْعِلْمُ بِوُجُودِ الْكَعْبَةِ وَالتَّوَجُّهُ إِلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ هو علم اليقين. فلو أن احدًا شكك في هذه فشكه لا ينفي يقينية وصحة هذه الحقيقة. ومع ذلك لكي يطمئِن إلى وجودها فإن هذا يكونُ برُؤْيَتُهَا وهذا عيْنَ اليقينِ كما في العمرة والحج. ثمَّ بِالدُّخُولِ فِيهَا والتعلُق بأستارها يَكُونُ حَقَّ الْيَقِين.
مثال (3): علم اليقين: الله واحِد ..
فالعلم بأن الله واحد، بدليل صحيح على ذلِك.. هو علم اليقين. ثانيا، ياتي الوقوف على عدد كبيرٍ من الأدلة والتي تصُب وتتضافر كلها في معنى واحد وهو أن الله واحد، فهذا هو عين اليقين. وأخيرًا أن يكون العبد ربانيًا متبعًا مؤمنًا مطمئِنًا بالوحدانيةِ مهديًا إلى كتاب الله وسنةِ نبيه المرسَل وهذا هو حق اليقين.
مثال (4): علم اليقين : حفظ الله للقرآن الكريم من التحريف ..
فالعلم بحفظ الله للقرآن : “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” يكفيه دليل واحد يثبِتُه وهو علم اليقين. بعد ذلك ياتي الوقوف على أدلة كثيرٍ متضافرةٍ كلها تثْبِتُ الحفظَ وهذا هو عين اليقين. وأخيرا يأتي العمل بما في هذا الكتاب الخاتمِ بإيمانٍ ويقين جازمٍ وهو حق هذا اليقين.
أصل الموضوع من مقالات الدكتور أمير عبدالله بمنتديات حراس العقيدة